دعم المشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر في مصر: عرض العدد 17 من دورية بدائل (يوليو 2016)
2016-8-23

مصطفى كمال
* باحث مساعد - مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية

تتزايد اهميه مشاريع صغيره والمتناهيه صغر في تنشيط اقتصاد خاصه خلال مراحل انتقاليه، لاسيما وان هذه قضيه اصبحت تكتسب اهتماما من حكومه مصريه، فعلي سبيل مثال اطلق رئيس عبدالفتاح سيسي مبادره تمويل شبابي من اجل تقديم تمويل للشباب راغب في حصول علي دعم للمشاريع صغيره، كما دعا رئيس الي ضروره اعتماد دوله في مشاريعها عملاقه علي صناعات صغيره والمتوسطه، وادماجها في خطه تنميه اقتصاديه.

في هذا سياق، تم تخصيص عدد جديد من دوريه "بدائل "لمناقشه قضيه منظومه مشاريع صغيره والمتناهيه صغر في مصر، من خلال تقييم منظومه حاليه خاصه بهذه مشاريع واقتراح عدد من توصيات لتطويرها. ولا تقتصر اهميه هذه مشاريع وفق ما تشير اليه دكتوره ايمان رجب خبير في مركز اهرام، ورئيس تحرير دوريه "بدائل" في مقدمه العدد التي تحمل عنوان: "محركات نمو: تزايد اهميه مشاريع صغيره والمتناهيه صغر في تحقيق تنميه مستدامه"، علي قدرتها علي توفير فرص عمل، حيث تعد مولدا لدخل مختلف وقادره علي احداث حركه في نشاط اقتصادي، فضلًا عن قدرتها علي اعاده توزيع عوائد اقتصاديه بين قطاعات مختلفه في مجتمع.

وتشير دكتوره ايمان رجب الي ان اقتصاد مصري يحوي قصص نجاح متعدده فيما يتعلق مشاريع صغيره والمتناهيه صغر، خاصه في قطاع تكنولوجيا معلومات، حيث يعج مشاريع ناشئه startups، والتي تكون في حجم مشاريع صغيره واستطاعت ان تحقق نجاحات سريعه وتتحول الي مشاريع اكبر، او تطلق مشاريع اخري، ورغم ذلك ظل قطاع مشاريع صغيره والمتناهيه صغر لسنوات طويله لا يحظي بدعم كاف. كما تثير مقدمه تساؤلات حول ما تحتاجه هذه مشاريع حتي تنمو هل تمويل؟ وما اذا كان هناك حاجه لدعم "غير مالي" ممثلا في خبره فنيه والتدريب والعماله متخصصه لازمه لتنفيذ هذه مشاريع ومن ثم تسويق منتجاتها. وقد اعد دراسه رئيسيه في هذا عدد استاذ ابراهيم غيطاني، رئيس وحده الدراسات الاقتصاديه المركزالاقليمي للدراسات الاستراتيجيه، وتحمل عنوان " Micro & Small Enterprises MSEs: اعاده تقييم منظومه مشاريع صغيره والمتناهيه صغر في مصر " ويقدم فيها تشخيصًا لوضع مشاريع صغيره والمتناهيه صغر، كما يقيم سياسات تي تتبعها حكومه حاليًّا من اجل دعم هذا نوع من مشاريع. وكذلك يقدم مقترحات محدده في ضوء خبرات دوليه حول كيفيه تطوير منظومه مشاريع صغيره والمتناهيه صغر.

اولًا: تشخيص وضع حالي للمشاريع صغيره ومتناهيه صغر تتبني دراسه تعريف جهاز مركزي للتعبئه عامه والاحصاء، ذي يصنف مشروعات صغيره ومتناهيه صغر والمتوسطه بناء علي معيار عماله مستخدمه، حيث صنف منشات متناهيه صغر، تي يتراوح عدد عمال فيها ما بين 1-4 عامل، بينما منشات صغيره يتراوح عدد عمال فيها ما بين 4و 49 عامل، والمنشات متوسطه يتراوح عدد عمال فيها بين 49و99عامل. كما تبنت دراسه تشخيصًا لوضع مشاريع صغيره ومتناهيه صغر من حيث اطر تشريعيه منظمه لها فمن حيث توزيعها قطاعي والجغرافي اشارت دراسه بان منشات صغيره ومتناهيه صغر تكون 98% من منشات قطاع خاص غير زراعيه، كما تشكل 81% من قوي عامله خارج قطاع عام، ومن حيث نمط ملكيه تبين ان 18.3% من اسر مصريه تملك مشروعات صغيره ومتناهيه صغر.

اما من حيث مستوي مشاركه اناث والذكور في اطلاق هذا نوع من مشاريع فتشير دراسه بان شباب يمثلون 37%، بينما تمثل نساء 11.4% من عاملين او موظفين في هذه مشاريع، بينما من حيث مستوي رسميه هذه مشاريع فان نسبتها ازدادت بما يقرب من 17% بين عامي 1998 و2006، وانخفضت خلال عام 2012 بنحو 7 %، اما من حيث قدرتها علي تصدير منتجاتها الي خارج فان حوالي 90% من مبيعات هذه منشات تتجه للاسر، بينما 8% تباع لشركات اخري و2% للحكومه.

ثانيًا: تقييم منظومه حاليه:توضح دراسه ان بدايه اهتمام منشات صغيره ومتناهيه صغر من قبل حكومه مصريه يرجع الي تسعينات قرن ماضي، عندما اسس صندوق اجتماعي للتنميه كشبكه امان اجتماعي في اطار خطه اصلاح اقتصادي تي مضت بها مصر في اعقاب برنامج تكيف هيكلي.وتشير دراسه الي ان حكومه مصريه لا تتبني سياسات خاصه مشاريع صغيره والمتناهيه صغر فقط، وانما يتم تعامل معها كنوع واحد شانها شان مشاريع صغيره والمتوسطه، وفي اغلب احوال يتم تبني سياسات عامه تشمل هذه انواع كلها.

في اطار هذا توجه عام لسياسات دوله، تقدم دراسه تقييم شامل للسياسات تي تتبعها حكومه حاليًّا من اجل دعم مشاريع صغيره والمتناهيه صغر، سواء من حيث مؤسسات معنيه بهذه مشاريع مثل صندوق اجتماعي للتنميه او وزاره صناعه والتجاره او وزاره ماليه، اضافه الي تقييم ما تقدمه حكومه من انماط تمويليه او دعم فني، او من حيث منظومه اجرائيه حاكمه لهذا نوع من مشاريع.

ثالثًا: تحديات متعدده مستويات: تعرض دراسه في جزء ثالث منها تحديات تي تواجه مشاريع صغيره ومتناهيه صغر، ومن هذه تحديات ما يتعلق بمجال رياده اعمال، حيث يلاحظ عدم تفضيل شباب اقامه مشاريعهم خاصه مقارنه بتفضيل عمل باجر، اضافه الي افتقار للمشوره والنصح من قبل رجال اعمال واصحاب مشاريع ناجحه، وضعف خدمات ماليه لازمه لاقامه مشاريع خاصه.

وذلك الي جانب تحدي عمل خارج اطار رسمي، حيث يصعب امتثال للمتطلبات قانونيه لتاسيس شركات، كالتراخيص لازمه والتسجيل والبطاقه ضريبيه، والامساك بدفاتر حسابيه.كما اشارت دراسه الي بعض عوامل اخري تي تحد من قدره وديناميكيه هذه مشاريع، منها عنصر بشري، حيث يفقد اصحاب مشاريع مهارات لازمه لتوسع مشروع وفي غالب اغلبهم ليس لديهم استعداد كافي لتحمل مخاطر، اضافه الي مشكله ندره موارد لازمه للاستثمار في بدائل لتوفير بنيه تحتيه. كما يواجه هذا قطاع عديد من تحديات ذات صله تمويل، وهو ما يدفع مشاريع غير قادره علي وصول للخدمات مصرفيه الي ان تلجا الي شبكات شخصيه للحصول علي قروض غير رسميه، كما تفتقر هذه مشاريع الي قنوات تسويق لمنتجاتها.

رابعًا: توصيات مقترحه في ضوء خبرات دوليه: تقدم دراسه مقترحات محدده في ضوء خبرات دوليه حول كيفيه تطوير منظومه مشاريع صغيره والمتناهيه صغر، وتشمل هذه مقترحات اطلاق استراتيجيه خاصه بهذه مشاريع تقوم علي اساس شراكه بين كافه جهات معنيه، وتوحيد جهه معنيه اشراف علي هذا قطاع، وتبسيط اجراءات حصول علي تراخيص والسجل تجاري وغيرها من اجل تشجيع هذه مشاريع علي عمل في اطار رسمي، وتعزيز تعاون مع منظمات مجتمع مدني في مجال توسيع شبكات تمويليه خاصه بهذه مشاريع.


رابط دائم: