ائتلاف شباب الثورة.. الأزمة البنيوية وحتمية الحل
2012-8-22

أحمد كامل البحيري
* باحث متخصص في شئون الإرهاب - مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية

مدخل تشهد الخريطة السياسية المصرية تحولات جذرية بعد فوز الدكتور محمد مرسي مرشح حزب الحرية والعدالة الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين، ولم تقتصر تلك التحولات علي الأحزاب السياسية سواء بالاندماج أو بظهور أحزاب وتيارات سياسية جديدة فقط، بل شملت الحركات الشبابية التي كانت قد أشعلت شرارة الثورة المصرية؛ شملت تلك التحولات اختفاء حركات وائتلافات شبابية وهي الحركات والائتلافات التي كان قد وصل عددها في مرحلة ما بعد الثورة لأكثر من مائة وثمانين ائتلاف شبابي، سواء كان الاختفاء نتيجة لضعف التركيبة البنيوية لتلك الائتلافات أو لارتباط نشأة الائتلاف بمواقف وأزمات سياسية معينة لينتهي دورها بانتهاء الموقف أو الأزمة السياسية. وكانت المفاجئة الحقيقة في هذا السياق قيام أعضاء ائتلاف شباب الثورة بإعلان حل الائتلاف، والذي أثار العديد من التساؤلات ليس فقط لارتباط الحل بواحدة من أهم الحركات الشبابية الثورية التي ظهرت في أعقاب اندلاع ثورة 25 يناير والتي لعبت أدواراً ثورية وسياسية هامه شكلت المشهد السياسي خلال العام ونصف المنصرم، بل بالاندهاش والتساؤل حول توقيت حل الائتلاف والأسباب التي دفعت أعضائه لاتخاذ تلك الخطوة. ومن هنا تأتي أهمية تناول أسباب حل الائتلاف بالنظر في الأبعاد التنظيمية والسياسية المرتبطة بقرار الحل. وقد تم الاعتماد بشكل رئيسي على مقابلة أعضاء الائتلاف لاستخلاص الأسباب الكامنة وراء قرارهم بحل الائتلاف. النشأة والتكوين نشأ ائتلاف شباب الثورة كأول كيان شبابي تنسيقي يولد من رحم الثورة المصرية ليكون محاولة لخلق منبر للتعبير السياسي عن مطالب وأهداف ثورة الخامس والعشرين من يناير التي لخصتها الجماهير الثائرة في شعار " حرية عدالة اجتماعية كرامة إنسانية " . فقد نشأ الائتلاف كتعبير حقيقي عن ثورة شابه للإطاحة بدولة شابت، فما كان للشباب إلا العمل علي إعادة شبابها من جديد من خلال المطالبة بالإصلاح والتغيير، فقد جاءت الدعوة لثورة الخامس والعشرين من قبل هؤلاء الشباب المطالبين بالتغيير والحرية والعدالة الاجتماعية رغم اختلاف هؤلاء الشباب من حيث التوجهات الفكرية والأيديولوجية، فكان من الضروري توحد هؤلاء الشباب في كيان واحد، وإزاء تلك الضرورة تكون خلال الأيام الأولي من الثورة ائتلاف شباب الثورة الذي وحد الشباب وليعبروا من خلاله عن أرائهم وأفكارهم وطموحاتهم، ويتكوّن ائتلاف شباب الثورة من خمسة مجموعات شبابية رئيسية كانت تمثل العمود الفقري لأهم الحركات السياسية الشبابية الموجودة في مصر قبل اندلاع الثورة وهي: - حركة شباب 6 ابريل . - حركة شباب من أجل العدالة والحرية. - شباب الحملة المستقلة لدعم البرادعي ومطالب التغيير. - شباب جماعة الإخوان المسلمين الذين تحولوا فيما بعد بسبب فصلهم من الجماعة لشباب "حزب التيار المصري" تحت التأسيس. - منظمة الشباب الحر ( منظمة شباب حزب الجبهة الديمقراطية ). بالإضافة إلي عدد من المدونين والمستقلين، وبعد انقضاء فترة من عمر الائتلاف وفي محاولاته الرامية لتوسيع نفسه ليضم اكبر عدد من القوى الشبابية التي طرحتها الثورة كقوى فاعلة في المشهد السياسي المصري تمت إضافة كل من - شباب حزب الكرامة . - اتحاد الشباب التقدمي ( منظمة شباب حزب التجمع ) ورغم الاختلاف الفكري والتباين الإيديولوجي بين هؤلاء الشباب ما بين إسلاميين وليبراليين وقوميين وناصريين ويساريين وماركسيين وشباب مستقل، إلا أن هؤلاء الشباب تجاوزوا هذه الاختلافات ليضعوا مصلحة البلاد العليا صوب أعينهم وكان هدفهم كما عبروا عنه هو " تحديد ملامح عقد اجتماعي جديد يتناسب مع المرحلة الانتقالية ومتطلباتها بما يضمن تحقيق كافة مطالب الثورة ويحقق الإرادة الشعبية " كذالك فقد اتفقوا علي مجموعة من المطالب أعلنوا عنها في بيانهم الأول وقد تضمنت هذه المطالب : 1 – إلغاء الدستور القديم ووضع دستور جديد للبلاد عقب تشكيل مجلس الشعب الجديد علي أن يكون طابع هذا الدستور ديمقراطيا شعبيا ويمهد لجمهورية برلمانية بما يتضمنه ذلك من تقليص صلاحيات رئيس الجمهورية والفصل بين السلطات وقواعد محددة للعملية الانتخابية. 2 – إلغاء حالة الطوارئ والمحاكم الاستثنائية والأحكام العرفية. 3- إعادة تشكيل الحكومة وبحيث تكون حكومة تكنوقراط انتقالية يترأسها شخصية وطنية مدنية متوافق عليها ولها ثقة ومصداقية لدي الجمهور خلال مدة لا تتجاوز الشهر. تخفيض سن الترشح للانتخابات البرلمانية إلى 25 سنة ، والرئاسية إلى 35 سنة. 4- إطلاق حق تكوين الجمعيات والنقابات وإصدار الصحف وإنشاء وسائل الإعلام الأخرى بلا قيود عدا الإخطار لجهة قضائية مختصة. 5- إجراء انتخابات النقابات المهنية والعمالية والاتحادات الطلابية وفقا لقانون كل منها. 6- الإفراج عن كافة المعتقلين السياسيين قبل وبعد 25 يناير. 7- حل الحزب الوطني الحاكم وتسليم جميع أمواله ومقراته للدولة. 8- إلغاء جهاز مباحث امن الدولة، وإلغاء توجيه المجندين لقطاع الأمن المركزي. 9- تنفيذ كافة الإحكام القضائية النهائية التي صدرت في الفترة السابقة مثل.. طرد الحرس الجامعي – ووقف تصدير الغاز – وإلغاء قانون 100 المنظم لانتخابات النقابات العمالية 10- إلغاء قانون الأحزاب في غضون عشرة أيام، ووضع قانون جديد لمباشرة الحقوق السياسية خلال شهر. 11- حل كافة المجالس المحلية مع ضرورة منح الأجهزة المحلية سلطات مضاعفة وان تصبح سلطة حقيقية في مجالاتها. استطاع ائتلاف شباب الثورة طيلة الشهور الأولى من عمر الثورة المصرية أن يعبر بشكل كبير عن طموحات الجماهير الثائرة، وكان انعكاسا سياسيا حقيقا لما رفعته جماهير الثورة من مطالب وأهداف، بداية برفضه التفاوض مع ممثلي نظام مبارك ( عمر سليمان ) قبل التنحي وتبنيه لشعار "لا تفاوض قبل الرحيل" الشعار الذي رفعته من بعده كافة الجماهير الثائرة بميادين التحرير في محافظات مصر المختلفة، مرورا بالدعوة لمظاهرات مليونية استجابت لها ملايين الشعب المصري لإسقاط حكومة الفريق أحمد شفيق، ثم دعوات إسقاط جهاز القمع البوليسي المسمى بجهاز امن الدولة وغيرها الكثير ... المشاكل والعقبات كانت رؤية الائتلاف رؤية مرحلية واضحة تتمحور حول تحقيق الأهداف المعلنة للثورة المصرية، ولذلك تعهد ائتلاف شباب الثورة منذ يومه الأول أمام جماهيره إن دوره ينتهي بانتهاء المرحلة الانتقالية وانتخاب أول رئيس مدني للبلاد. وقد خاض ائتلاف شباب الثورة معارك عديدة أخفق في كثير من تقديراته ومواقفه بشأنها وأصاب في الكثير، فقد تجلت صور الاختلاف بين الشباب المكون للائتلاف في كل الانتخابات سواء البرلمانية أو الرئاسية أو خلال استفتاء مارس علي الإعلان الدستوري، ويمكن حصر المشاكل التي أدت إلي اتخاذ قرار بحل الائتلاف في الآتي: • الاستفتاء على التعديلات الدستورية (استفتاء مارس ) قرر الائتلاف المشاركة في الاستفتاء ورفض التعديلات الدستورية وذالك بعد إن تم إجراء انتخابات داخلية لأعضاء الائتلاف والتي جاءت برفض اغلب القوي السياسية داخل الائتلاف للتعديلات باستثناء التيار الديني "المنشقين عن جماعة الإخوان المسلمين" الذين قرروا المشاركة والموافقة علي التعديلات، وهذه كانت بداية الخلاف بين أعضاء الائتلاف مما انعكس علي مستوي الأداء. • حكومة الدكتور/ عصام شرف كانت واحدة من أهم المطالب المستمرة لائتلاف شباب الثورة منذ تخلي مبارك عن الحكم هي إقالة آخر رئيس وزراء لنظام مبارك وهو "أحمد شفيق" وعليه فقد تحقق مطلبهم وتم تعيين رئيس جديد للوزراء هو الدكتور "عصام شرف"؛ وكان الدكتور شرف من اختيار أعضاء الائتلاف وبموافقة من أغلب القوي السياسية، إلا أن تدني أداء الدكتور شرف وعدم قدرته على تلبية مطالب القوي الثورية وعدم قدرته كذلك علي إحداث توازن في مواجهة صلاحيات المجلس العسكري بجانب ضعف الأداء السياسي والاقتصادي والأمني أدي إلي عقد لقاء جمع بعض أعضاء الائتلاف بالدكتور عصام شرف وطالبوه بتقديم استقالته وهو ما لم يستجيب له، ولذالك قرر الائتلاف دعوة الشعب للنزول إلى ميدان التحرير يوم 8 يوليو لإقالة حكومة الدكتور عصام شرف وتكوين حكومة ذات صلاحيات حقيقية، وبالرغم من حالة الإجماع بين أعضاء الائتلاف حول تقيم أداء حكومة الدكتور عصام شرف إلا أنه حدث خلاف بين أعضاء الائتلاف حول المطالبة بتقديم الاستقالة، وما هو البديل المطروح لحكومة شرف، هذا الخلاف تفجر بين تيارين داخل الائتلاف " أحدهما يمثل بعض اعضاء الاحزاب المنضمين للائتلاف، واغلب الاعضاء الحركات الشبابية الاحتجاجية كشباب حركة العدالة والحرية ويمثلها خالد السيد وحركة 6 ابريل بتمثيل طارق الخولي" فالتيار الثاني يري اقصاء الدكتور شرف بغض النظر عن عدم الاتفاق علي اسم آخر يتولي منصب رئيس الوزراء، والتيار الثاني يري أهمية الربط بين الضغط علي استقالة الدكتور شرف وطرح اسم بديل لتولي منصب رئيس الوزراء، وقد تبني عضو الائتلاف ناصر عبد الحميد اسم الدكتور حسام عيسي لتولي منصب رئيس الوزراء كمخرج بين التيارين وهو الأمر الذي لم يجد دعما كافيا من أعضاء الائتلاف في الوقت الذي تحفظ المجلس العسكري علي فكرة فبول اسماء تطرح من القوي الثورية وتعمده طرح اسم الدكتور الجنزوري بديلا لحكومة الدكتور شرف. • جهاز المخابرات العامة المصرية أدى اللقاء الذي جمع بين أعضاء من ائتلاف شباب الثورة واللواء مراد موافي رئيس المخابرات العامة إلى حالة من السخط بين أعضاء الائتلاف وخاصة ممثلي "حركة العدالة والحرية" داخل الائتلاف وأدى ذلك لمقاطعتهم ممثلي الحركة لبعض اجتماعات الائتلاف، وجاء رد فعل اغلب اعضاء الائتلاف علي هذا اللقاء نتيجة تكرار نفس الموقف من بعض شباب الثورة اثناء احداث ثورة 25 يناير بعقد لقاء مع اللواء عمر سليمان نائب رئيس الجمهورية، بجانب اتخاذ المكتب التفيذي للائتلاف قراراً بعدم اجراء أي جلسات ولقاءات مع الأجهزة الأمنية وأن يقتصر دور الائتلاف عن التعبير السياسي لمطالب ثورة 25 يناير، وبالرغم من أن الأعضاء الذين التقوا مع اللواء مراد موافي رئيس جهاز المخابرات أعلنوا ان الدعوة كانت شخصية ولم يشاركوا كممثلين لائتلاف شباب الثورة، إلا أن اللقاء اعتبر من وجهة نظر أغلب أعضاء الائتلاف باعتباره أمر مخالف لقرار المكتب التفيذي وخاصة أن اللقاء جاء بعد القرار الذي اتخذه المكتب التنفيذي للائتلاف بعدم عقد اي لقاء مع المجلس الأعلي للقوات المسلحة لحين تحقيق تحديد موعد لتسليم السلطة لرئيس مدني، فكاد هذا الاجتماع الذي جمع أعضاء من ائتلاف شباب الثورة مع رئيس جهاز المخابرات اللواء مراد موافي إن يشق صف الائتلاف ويطيح بكل ما حققه من إنجازات خلال الأشهر الأولي للثورة. • انتخابات مجلس الشعب حدث خلاف بين أعضاء الائتلاف بين مؤيد للمشاركة فيها تحت قائمة باسم ائتلاف شباب الثورة بعيدة عن قوائم الأحزاب السياسية وبين من قرر الدخول في تحالف مع أحزاب وقوى ثورية أخرى مثل "تحالف الثورة مستمرة " الذي جمع اغلب قوي اليسار، أو الدخول في تحالف الكتلة المصرية وخاصة الأعضاء المنتمين لحزبي المصرين الأحرار والحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، وبين مجموعة أخرى من أعضاء الائتلاف كانت تري ضرورة مقاطعة الانتخابات والعمل علي استمرار الحالة الثورية الشعبية في ميادين التحرير المختلفة لحين إسقاط النظام واستكمال أهداف الثورة. • الانتخابات الرئاسية قد تكون هذه النقطة هي الفارقة حقيقة في اتخاذ قرار بحتمية حل ائتلاف شباب الثورة، فقد شهدت الانتخابات الرئاسية تعدد مرشحي الرئاسة المحسوبين علي الثورة، كما أن مرشحي الرئاسة تنوعوا من حيث منابعهم الفكرية والإيديولوجية وبشكل مماثل للتنوع بين أعضاء الائتلاف فكان هناك المرشح القومي والمرشح الإسلامي والمرشح اليساري، هذا التنوع أدى إلي عدم قدرة أعضاء الائتلاف على الوقوف وراء مرشح بعينه. فقد صرح بعض الأعضاء بتأييد الائتلاف للمرشح الناصري "حمدين صباحي" كذالك خرج من يؤيد المرشح اليساري "خالد علي" وجاءت الصفحة الرسمية لتعلن تأييد المرشح المحسوب علي التيار الإسلامي "عبدا لمنعم أبو الفتوح " مما أدي إلى خروج بعض أعضاء الائتلاف للتصريح بأن المسئولين عن الصفحة قد استغلوها بشكل سيئ لدعم مرشح بعينه وهو الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح (حيث كان أغلب القائمين علي أدمن صفحة الائتلاف من أعضاء حزب التيار المصري، المنشقين عن جماعة الإخوان المسلمين) وبدا واضحا عدم الاتفاق بين أعضاء الائتلاف، وجاءت الجولة الثانية من الاستحقاق الرئاسي لتكمل سلسة الانقسامات بين أعضاء الائتلاف حيث قرر غالبية أعضاء الائتلاف مقاطعة الانتخابات، فيما قرر أعضاء حزب التيار المصري و حركة 6 ابريل دعم الدكتور محمد مرسى. • حل الائتلاف في الثامن من يوليو 2012 عقد ائتلاف شباب الثورة مؤتمر صحفي للإعلان فيه عن حل الائتلاف وسط مجموعة من الاعتراضات من داخل أعضاء بالائتلاف يصرون علي استمرار عمل ائتلاف الثورة كجهة موحدة لشباب الثورة، وخاصة بعض الأعضاء المنتمين للتيار الإسلام السياسي أو بالأحرى بعض الشباب المنشق عن جماعة الإخوان المسلمين، بينما كانت الكتلة الأكثر إصرارا علي حل الائتلاف هي الكتلة المنتمية للتيار المدني سواء الليبرالي أو اليساري. وعلية فقد عقد مؤتمر صحفي قدم فيه أعضاء الائتلاف بيان بأهم انجازاتهم وإخفاقاتهم خلال فترة عمل الائتلاف أو كما أطلقوا عليه " كشف حساب بأعمال ائتلاف شباب الثورة " كان أهمها العلاقة مع المجلس العسكري، وأهم إنجازات الائتلاف خلال المرحلة السابقة. • الائتلاف والمجلس العسكري لم تكن العلاقة بين المجلس العسكري وائتلاف شباب الثورة علاقة حميمة، فالائتلاف كان رافضا لاستمرار المجلس العسكري في إدارة شؤون البلاد خلال الفترة الانتقالية ولذلك فلم يلتق أعضاء الائتلاف بالمجلس طوال مدة عمل الائتلاف سوى مرتين وليطالبوا أثناء هاتين المرتين بمجموعه من القرارات عبر ورقتين كان قد تم إعدادهما مسبقاً مع مجموعه من الشخصيات الوطنية وقد تضمن اللقاء الأول تقديم الائتلاف للورقتين اللتين تضمنتا مجموعة من المطالب هي: الورقة الأولى إقالة حكومة الفريق أحمد شفيق، وإلغاء قانون الطوارئ، وحل جهاز مباحث امن الدولة، ومطالب متعلقة بالتحول الديمقراطي. الورقة الثانية اقتصادية واجتماعية كانت تتضمن خطة بجدول زمني لتنفيذ الإجراءات الخاصة بتحديد الحدين الأدنى والأقصى للأجور وغيرها من مطالب جماهير العمال والفلاحين والفقراء في مصر. وكان اللقاء الثاني للائتلاف بوجود اتحاد شباب الثورة والتقى الائتلاف والاتحاد باللواء/ محمود حجازي وكان ذلك في شهر مارس ولم يثمر هذا اللقاء عن شيء جديد حيث طالب الائتلاف في هذا اللقاء بمراجعة الورقتين التي كان قدمهما في اللقاء الأول. • أهم إنجازات الائتلاف قام الائتلاف منذ تكوينه بمجموعه من المبادرات الهامة فعلي سبيل المثال: شارك الائتلاف في مبادرة الدبلوماسية الشعبية التي عملت على قضية مياه النيل و سافر عدد من أعضاء الإتلاف ضمن وفد من شخصيات عامة إلى أوغندا ثم أثيوبيا، كما شارك في الدعوة لبعض المليونيات الهامة بداية من مليونية التطهير السياسي التي جاءت بعد الثورة مباشرة كذلك شارك بعض أفراده في بعض الحملات مثل حملة كاذبون. • أخطاء الائتلاف ارتكب الائتلاف مجموعه من الأخطاء ومن أبرز هذه الأخطاء: 1- محاولة احتكار الحديث باسم الثورة كثيرا ما حاول أعضاء الائتلاف احتكار الحديث باسم الثورة وشبابها، وهو حديث لم يلاق إعجاب فئة كبيرة من جموع الشباب التي شاركت في الثورة وغير الممثلة داخل الائتلاف والتي كانت لها اجتهادات مخالفة لاجتهادات الائتلاف. 2- الانغلاق علي المؤسسين كان الائتلاف يتكون في معظمه من مجموعة مسيسة من قبل الثورة من أعضاء الأحزاب السياسية والتيارات الفكرية وقامت هذه المجموعة بإغلاق باب الائتلاف عليها فقط، وقد برر البعض منهم الخطأ بالتخوف من اندساس أعضاء محسوبين علي النظام التي قامت الثورة ضده. وقد أثرت تلك الأخطاء علي عمل الائتلاف بشكل مباشر وأثرت علي صورته في أوساط الشباب، ولذلك نجد أنه أثناء إعلان قرار الحل تقدم أعضاء الائتلاف بمجموعة من الرسائل إلى الشعب المصري وشباب الثورة ومرشحي الرئاسة السابقين وقد تضمنت هذه الرسائل ما يلي: 1. رسالة إلى شباب الثورة قدم فيها الائتلاف اعتذاره إلى الشباب علي ما بدر منه من أخطاء في حق هؤلاء الشباب. 2. رسالة إلى الشعب المصري: حيث طلب أعضاء الائتلاف من الشعب المصري أن يغفروا لهم الأخطاء التي بدرت منهم وان يتقبلوا ما قاموا به قبولا حسنا. 3. رسالة إلى مرشحي الرئاسة السابقين " حمدين صباحي و الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح و الدكتور البرادعي": حيث قدم الائتلاف شكره لهم علي ما قدموه لهم وعلي ما قاموا به في سبيل نجاح الثورة. الخاتمة: يعتبر الائتلاف ورغم كافة المثالب التي يمكن الحديث عنها حركة وطنية بحق ظهرت في وقت تشتت المعارضة الوطنية وارتفاع حدة الاستقطاب والخلاف بين أطراف هذه المعارضة فكان ائتلاف شباب الثورة بمثابة الضمير الحي للوطنية المصرية في محاولة لتجميع شباب المعارضة الوطنية في كيان يعبر عن أحلام وطموحات الشباب والشعب المصري وذلك على الرغم من اختلاف هؤلاء الشباب فكريا واختلاف انتماءاتهم السياسية من أقصي اليمين لأقصي اليسار، وقد واجه الائتلاف محاولات مستميتة من قبل المجلس العسكري وتيارات الإسلام السياسي لتشويه صورة شباب الثورة في المجمل من خلال خطط إعلامية ودعائية ممنهجة، وما خاضه هؤلاء من معارك ضروس لإسقاط الائتلاف كأبرز كيان شبابي استطاع أن يخلق حالة سياسية التفت حولها مئات الآلاف من الجماهير. إلا أنه ينبغي أيضا الاعتراف بأن أداء أعضاء الائتلاف في شهوره الأخيرة قد وصل لمرحلة مزرية من العمل الجماعي المنظم، ومع كثرة التطورات والأزمات التي حملتها المرحلة الانتقالية والتي استطاعت أن تشق الصف الثوري أكثر من مرة تكرست حالة من الخلافات الحادة والجوهرية بين ممثلي المجموعات المختلفة داخل المكتب التنفيذي للائتلاف، وهو أمر كان طبيعيا وضعه في الاعتبار لاختلاف المنابع الأيديولوجية والفكرية القادم منها مجموعات الائتلاف المختلفة، لذلك حاول الائتلاف أن يقدم تجربة جديدة علي الساحة السياسية في مصر عند حله كما كان قد قدمها عند نشأته. فهناك كيانات سياسية عديدة في مصر ظهرت واستطاعت أن تكتسب الكثير من الزخم الشعبي، والتفت حولها الجماهير ووثقت بها، ولكنها بعد فترة زمنية ما طالت أو قصرت، وفي ظل ظروف موضوعية متغيرة فقدت ما تملكه من زخم وقدرة علي التأثير في الواقع المصري كحركة كفاية والجمعية الوطنية للتغيير وغيرها، ولكن في النهاية لم يقدم مؤسسوها على اتخاذ قرار جريء بحلها، لنراها اليوم كيانات ضعيفة لا تمتلك سوى اسم إعلامي وسمعة تاريخية لما قدمته في السابق . ولم يرد الائتلاف تكرار هذه التجارب فقرر أن يقوم أعضاء مكتبه التنفيذي ممثلين عن حركاتهم ومجموعاتهم بحل نفسه، مع تقديم " كشف حساب " لجمهوره بمسيرته خلال العام والنصف المنصرم، ليحمل كشف الحساب ما اقترفه الائتلاف من خطايا ومساوئ يعتذر عنها للجميع ليقول هذا اجتهادنا فيما كان واجبا علينا، ويُذكر أيضاً بما استطاع أن يحققه من إنجازات، مؤكدا في نهاية الأمر أن الثورة مازالت مستمرة وحتى تحقيق باقي أهدافها ومطالبها، وأنها باتت اليوم في حاجة ماسة وشديدة لجبهات وطنية مدنية أكثر اتساعا وقدرة على التأثير لاستكمال مسيرة النضال الثوري، وهذا يعني أن حل الائتلاف لا يعني انتهاء دور أعضاءه ولكنه بداية لإعادة تشكيل القوي الوطنية المصرية فهؤلاء الشباب كانوا أعمدة الأحزاب والحركات السياسية التي جاءوا منها، وليعود هؤلاء الشباب إلى أحزابهم وتياراتهم السياسية وهم يحملون من الخبرة ما يكفي لإعادة صياغة هذه الأحزاب والتيارات للتأثير الأكثر فعالية في الحياة السياسية المصرية بوجه عام.


رابط دائم: