مستقبل "محور المقاومة" بعد الحرب الإسرائيلية-الإيرانية
2025-7-1

صافيناز محمد أحمد
* خبيرة متخصصة فى الشئون السياسية العربية ورئيس تحرير دورية بدائل - مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية

 

فى 13 يونيو 2025، قررت الحكومة الإسرائيلية مهاجمة إيران عسكرياً داخل أراضيها عبر استباحة أجوائها، ومن خلال عمليات عسكرية نوعية قام بها عملاء لجهاز الاستخبارات الإسرائيلى "الموساد" إلى جانب عدد من أفراد القوات الخاصة الإسرائيلية "كوماندز". بدأت إسرائيل هجومها بحالة اختراق استخباراتى غير مسبوقة استهدفت اغتيال قادة الصفين الأول والثانى فى الحرس الثورى والجيش الإيرانى، إلى جانب عدد كبير من العلماء النوويين وآخرين يعملون فى مجال التكنولوجيا العسكرية، كما أعلنت أن عملية "الأسد الصاعد" تسعى إلى تحقيق هدفين هما: تدمير القدرات النووية لدى إيران من ناحية، وإسقاط النظام السياسى القائم من ناحية ثانية.

ومثّل التدخل الأمريكى فى مسار الحرب باستهداف مواقع المفاعلات النووية الإيرانية فى ناتانز وأصفهان وفوردو يوم 22 يونيو الفائت، أى قبل إيقاف الحرب بيومين بقرار من الرئيس الأمريكى دونالد ترامب نفسه، تحولاً استراتيجياً فى مسار معالجة السياسة الخارجية الأمريكية لتفاعلاتها مع إيران التى كانت محدداتها تقوم على استبعاد فكرة الانخراط فى مواجهة عسكرية مباشرة مع إيران، وإدارة ملف البرنامج النووى الإيرانى وفقاً لمسار دبلوماسى يعتمد المفاوضات كآلية أساسية فى هذا الشأن.

جدلية النصر والهزيمة

بغض النظر عن نتائج حرب الــــ (12) يوماً التى انتهت بقرار وقف اطلاق النار بإيعاز من الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، ورغم الخسائر المادية والعسكرية والبشرية التى لحقت بإيران، إلا أن الأخيرة أبدت قدرة لافتة على الصمود أمام الاستهدافات الإسرائيلية، رغم حالة الاختراق الاستخباراتى الواسعة، كما انتقلت من مرحلة الصمود إلى مرحلة الردع المتبادل واكتساب القدرة على استهداف البنية الداخلية فى إسرائيل من مراكز عسكرية وموانئ ومحطات للطاقة - غاز وكهرباء - ومراكز بحثية عسكرية مهمة. هذا بخلاف حالة الصدمة المعنوية التى أحدثتها صواريخ إيران الباليستية لدى المجتمع الاسرائيلى، وانكشاف نظام القباب الحديدية المتنوعة كأداة حماية أمنية عسكرية ضد الاستهدافات الصاروخية والمسيرات المناوئة، الأمر الذى يفتح المجال أمام عدة تساؤلات حول حسابات الربح والخسارة لأطراف تلك المواجهة من ناحية، ويضع نتائج النصر والهزيمة لكلا الطرفين موضع جدل كبير من ناحية ثانية.

ورغم حالة الجدل حول حسابات النصر أو الهزيمة لكلا الطرفين، فإن ثمة تطوراً يقول بأن إيران استطاعت – رغم قسوة الخسائر- أن تفرض معادلة ردع متبادل مع إسرائيل، وأن إسرائيل لم تستطيع تحقيق أهداف النصر الذى ترغبه فى إيران؛ فلم تستطع القضاء الكلى على البرنامج النووى الإيرانى فضلاً عن احتفاظ إيران بمخزون اليورانيوم المخصب - وإن كانت الضربات الأمريكية لمنشآته ستؤدى حتماً إلى تأخير مساره لسنوات مقبلة تتراوح ما بين 5 إلى 10 سنوات - كما أنها لم تستطع إحداث تحول داخلى قوى على الساحة الإيرانية ينتج عنه تغيير النظام السياسى القائم، وأن هذا التطور بعينه هو ما دفع الرئيس الأمريكى إلى اتخاذ قرار وقف هذه الحرب، وهو القرار نفسه الذى وفر لإيران أيضاً فرصة تمنع انزلاقها لحرب استنزاف واسعة وطويلة المدى، بما يعنى أن قرار وقف الحرب يحقق للجانبين الإيرانى والإسرائيلى فرصاً لالتقاط الانفاس وإعادة ترتيب الأوراق والأدوات لكل منهما، مع ملاحظة أن عدم وجود اتفاق مكتوب - على غرار اتفاق وقف اطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل – قد يشير إلى احتمالية تجدد المواجهات العسكرية بين الطرفين مستقبلاً، ما يجعل من عملية وقف الحرب بقرار أمريكى هدفاً "مرحلياً" دافعه الرئيسى هو رغبة واشنطن في إتاحة الفرصة أمام إسرائيل لمراجعة منظومتها الدفاعية بعد فشلها وعجزها عن التصدى للصواريخ الإيرانية.

تساؤلات حول موقف "محور المقاومة"

فى هذا السياق، يبدو مشهد المشروع الإيرانى فى المنطقة وكأنه مقبل على تطورات ومتغيرات جديدة نابعة من نتائج الحرب الإسرائيلية-الإيرانية، ما يفرض عدة تساؤلات مهمة حول أسباب عدم مساندة محور إيران الإقليمى - حزب الله اللبنانى والمليشيات العراقية وجماعة أنصار الله الحوثية اليمنية - لها فى حرب الـ 12 يوماً من ناحية، ومستقبل هذا المحور من ناحية ثانية، وهل ستعيد إيران بناؤه مجدداً؟ أم أنها ستكتفى بالحفاظ على ما تبقى منه - المليشيات العراقية وجماعة أنصار الله الحوثية – انتظاراً لما ستسفر عنه جولة التهدئة الحالية بينها وبين إسرائيل والولايات المتحدة من ناحية ثالثة؟

أولاً: أسباب امتناع أذرع إيران فى الإقليم عن مساندتها

ثمة عدة أسباب قد تفسر انتهاج "محور المقاومة" الإقليمى سياسة "النأى بالنفس" بعيداً عن المواجهة العسكرية بين إسرائيل وإيران منها:

1- حالة الانكشاف الاستخباراتى والأمنى التى بدت عليها إيران فى تلك الحرب؛ حيث وجد حلفاء إيران فى انكشاف داعمهم الإقليمى بهذا المستوى من الخرق سبباً دافعاً للحفاظ على مصالحهم الداخلية فى دولهم بالدرجة الأولى، لاسيما وأن لكل من المليشيات العراقية وحزب الله اللبنانى حساباته الداخلية شديدة الخصوصية فى دولته.

2- الخوف من التدخل بما قد يؤدى إلى توسيع نطاق الحرب، الأمر الذى قد يدفع إسرائيل إلى استهداف البنية التحتية والمدنية والاقتصادية ليس لهذه الجماعات فقط، وإنما للدول التى ينتمون إليها، وهو ما تعتبره تلك الجماعات (وتحديداً المليشيات العراقية وحزب الله) عاملاً سيؤدى إلى إضعافهم داخل بنية المعادلة السياسية الداخلية لدولهم، ففى الحالة العراقية على سبيل المثال هناك قيود كبحت من اتخاذ المليشيات موقفاً مسانداً لإيران فى مواجهتها للعدوان الإسرائيلى عليها منها: الاستحقاقات الداخلية القادمة كالانتخابات التشريعية خلال نوفمبر المقبل، فضلاً عن الخلافات الحادة بين التيار الشيعى الواحد والذى أعلن بعضه بصورة مباشرة ضرورة النأى بالعراق عن تلك الحرب، وهو ما عبر عنه موقف التيار الصدرى، كما عبر "الصمت الاختيارى" الذى أبدته الأطراف الشيعية الأخرى من قوى وأحزاب سياسية وفصائل مسلحة لطالما تمتعت بدعم إيرانى مباشر عن الموقف الحيادى نفسه.

هذا فضلاً عما أشيع بشأن دور حاسم لعبته المرجعية الشيعية العراقية بزعامة على السيستانى (مرجعية النجف) بممارسة ضغوط قوية على المليشيات العراقية من أجل منعها عن الدخول فى مسار الحرب الإسرائيلية-الإيرانية، فى الوقت الذى قامت فيه بالدعوة إلى وقف الصراع وحل أزمة البرنامج النووى الإيرانى دبلوماسياً باعتبارها السبب الرئيسى لقيام إسرائيل بعدوانها على إيران.

3- إيثار بعض هذه الفصائل، لاسيما حزب الله اللبنانى، لخيار "الترقب" ليس لمسار مواجهات الحرب، وإنما لنتائج تلك المواجهات، وما سيترتب عليها من ترتيبات سواء على وضع إيران الإقليمى من ناحية، أو على مفاوضاتها المحتملة التى ستجريها مع الولايات المتحدة بشأن برنامجها النووى من ناحية ثانية. وتجدر الإشارة هنا إلى أن كلا المتغيرين: البرنامج النووى والدور الإقليمى لإيران سيكونان محل مناقشة ومساومة فى تلك هذه المفاوضات. هذا بالإضافة إلى رغبة حزب الله في التفرغ لمهمة إعادة بناء قدراته العسكرية التى دمرتها إسرائيل.

4- مخاوف جماعة أنصار الله الحوثية اليمنية من تعرض قادتها العسكريين لمحاولات اغتيال واسعة النطاق على غرار ما حدث فى إيران نتيجة اختراقها استخباراتياً، لاسيما بعد محاولة إسرائيل اغتيال رئيس أركان الجماعة أثناء اجتماع سرى فى صنعاء يوم 14 يونيو، وهى مؤشر على تحول استراتيجى بشأن "بنك الأهداف" الإسرائيلى فى اليمن، والذى عادة ما كان يستهدف ضرب البنية العسكرية والاقتصادية للجماعة. ورغم أن الجماعة أبدت نوعاً من التفاعل العسكرى مع الحرب دعماً لإيران باطلاق صواريخ نحو الداخل الإسرائيلى يوم 15 يونيو الفائت، إلا أنها لم تكرر هذا الدعم مرة أخرى، وتجدر الإشارة هنا إلى رغبة الجماعة الحوثية فى الحفاظ على كيانها كقوة فى معادلة الداخل اليمنية، والتى تتطلب منها استثمار حالة القوة العسكرية (أو ما تبقى منها بعد الضربات الأمريكية المركزة ضد الجماعة فى شهرى مارس وأبريل الماضيين) كمكسب سياسى فى مواجهة الداخل. ومن ثم فإن الانخراط فى حرب الـ 12 يوماً دعماً لإيران فى مواجهة إسرائيل كان كفيلاً بإخراج الجماعة الحوثية عسكرياً وسياسياً من معادلة العملية السياسية الداخلية فى اليمن، وجديراً كذلك بإضعاف موقفها التفاوضى مع خصومها السياسيين فى أى تسوية سياسية مستقبلية.

ثانياً: هل ستسعى إيران إلى إعادة إحياء دور المحور مجدداً؟

ثمة رؤى مختلفة حول موقف إيران- وبعد المواجهة المباشرة مع إسرائيل- من فكرة إعادة إحياءها لـ"محور المقاومة" الإقليمى من عدمها. فثمة آراء تقول بأن موقف النأى بالنفس الذى اتخذته أذرع إيران فى الإقليم بشأن المواجهات بين الأخيرة وبين إسرائيل يعود ليس فقط إلى جملة الأسباب السابق عرضها، وإنما يعود أيضاً إلى وجهة نظر إيرانية هدفها عدم انزلاق تلك الأذراع وتحديداً (المليشيات العراقية وجماعة أنصار الله الحوثية) ضمن حرب قد تؤدى إلى "إنهاء" تلك الأذرع بصورة كاملة؛ بمعنى أن إيران لا ترغب فى أن تتعرض المليشيات العراقية ولا الجماعة الحوثية للسيناريو الذى تعرض له حزب الله اللبنانى، ويدلل أنصار هذا الرأى على تلك الاحتمالية بنمط التفاعل الإيرانى نفسه مع مسار الحرب خلال مدة الـ (12) يوماً؛ حيث لم تنفذ إيران تهديدها بشأن غلق مضيق هرمز أو الإيعاز للحوثيين بإغلاق باب المندب، وهو ما اعتبره المحللون نمطاً للرد المحسوب والمدروس من قبل إيران، بحيث لا يؤدى إلى الإجهاز على نظامها الداخلى ولا على برنامجها النووى من ناحية، ولا يؤدى كذلك إلى إشعال حرب إقليمية واسعة تتطلب دخول أذرعها الإقليمية على خط المواجهة من ناحية ثانية، وهذا التفسير يعنى أن إيران لاتزال ترغب فى الحفاظ على محورها باقياً، حتى وإن لم يقدم لها دعماً واضحاً فى حربها مع إسرائيل.

وهناك رؤية مقابلة تقول بأن إيران لم تعد تمتلك خيارات واسعة بشأن إعادة إحياء "محور المقاومة" الإقليمى من منطلق أنها نفسها قد تعرضت لهجوم مباشر على أراضيها، وأن ما تعرضت له من خسائر سيؤخر دورها فى دعم هذا المحور ومن ثم ستتراجع قدرتها العسكرية والمادية (وليس رغبتها) على إحياء هذا المحور مجدداً، فضلاً عن أن حسابات الداخل بالنسبة للجماعات المنضوية فى المحور باتت تفرض نفسها بقوة على طموحات تفاعلاتها الخارجية.

ومن المرجح القول بأن إيران باتت غير قادرة حالياً على إعادة الزخم لمحورها الإقليمى - وإن كان بصورة مؤقتة – حيث ستنشغل لفترة بترميم خسائرها الداخلية لاسيما حالة الاختراق الأمنى والاستخباراتى التى تعرضت لها من قبل إسرائيل، فضلاً عن انشغالها بمسارات التفاوض حول برنامجها النووى، هذا بخلاف فقدان أدوات التنسيق بينها وبين أذرعها نتيجة لحجم الاغتيالات التى وقعت فى صفوف الحرس الثورى الإيرانى الذى كان مسئولاً بشكل مباشر عن التنسيق الإقليمى بين جماعات وفصائل المحور. لكن فى الوقت نفسه لن تتخلى بصورة كاملة عن محورها الإقليمى لأسباب تتعلق بمصالحها مع كل جماعة من الجماعات المتبقية ضمن هذا المحور على حدة لاسيما (المليشيات العراقية وجماعة أنصار الله الحوثية)، وأن خسارتها الساحة السورية وتقلص قدرة الردع الخاصة بحزب الله خارجياً وإشكاليات علاقاته الداخلية على الساحة اللبنانية ستكون معطيات مهمة تدفع إيران إلى ضرورة التمسك بمن بقى ضمن هذا المحور لخدمة مصالحها الإقليمية سواء فى العراق، أو فيما يتعلق باليمن وقدرة الحوثيين على تهديد الملاحة والتحكم فى المضايق البحرية. وبالتالى ستكون إيران مضطرة لقبول خيار "التهدئة" مؤقتاً بما يشمل إدخال محورها الإقليمى ضمن حالة من "الجمود" فى الوقت الراهن، وهذا يعنى استمرار بقاء المحور وإن تراجعت فاعليته بصورة مؤقتة.

نتائج الحرب بالنسبة لساحات "محور المقاومة"

ثمة عدة نتائج قد تترتب على الحرب الإسرائيلية-الإيرانية فيما يتعلق بـ"محور المقاومة" يمكن تفصيلها كالتالى:

1-بالنسبة للمليشيات العراقية: عكس موقف المليشيات العراقية - العاملة ضمن "محور المقاومة" - من الحرب الإسرائيلية على إيران، والذى التزامت فيه الصمت واتبعت سياسة النأى بالنفس عدة مستجدات أهمها:

- وضع النفوذ الإيرانى فى العراق موضع تقييم مستقبلى، بغض النظر عن كون المليشيات المسلحة قد انتهجت سياسة النأى بالنفس عن تلك الحرب وفقاً لأسباب تتعلق بها، أو بإيعاز من الداعم الإيرانى نفسه من أجل تجنيبها مصير حزب الله اللبنانى. وفى كلتا الحالتين، فإن ثمة اختباراً فعلياً للنفوذ الإيرانى ستبدو ملامحه على مشهد التفاعلات السياسية العراقية خلال المرحلة القادمة، لكن دون أن يعنى ذلك إنهاء كامل لهذا النفوذ أو حتى تراجعه بصورة كبيرة، لأن العراق بصفة عامة يعد نافذة إيران الرئيسية التى تمكنها من الالتفاف على العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها. ويعد كذلك ساحة نفوذها الرئيسية فى الإقليم بعد خروجها من سوريا، وخروج حزب الله من معادلة "محور المقاومة" حالياً.

- تأجيل إيران استخدام العراق، ودور المليشيات الموالية لها فيه، كورقة ضغط فى مسار مفاوضاتها المحتملة مع الولايات المتحدة المتعلقة ببرنامجها النووى، على الأقل فى الظرف الراهن، خاصة وأن متغير الوجود العسكرى الأمريكى فى العراق يشكل عامل ضغط على إيران وعلى المليشيات العراقية الرافضة لهذا الوجود فى آن واحد.

- إتاحة فرصة ثمينة أمام الحكومة العراقية لفرض وتعزيز دورها فى إدارة موقف العراق من الحرب الإسرائيلية على إيران دون أن تشاركها الفصائل المسلحة هذا الدور، ما يعنى إضافة ميزة نسبية لحكومة شياع السودانى فى سياسة احتوائها لتفاعلات المليشيات العراقية الموالية لإيران خلال المرحلة الراهنة، بما يجنب العراق سيناريو الفوضى وعدم الاستقرار. بل ثمة رأى يقول أن أولى نتائج عدم مشاركة المليشيات العراقية فى دعم إيران خلال حرب الأخيرة مع إسرائيل ستنعكس على قدرة إيران في التحكم فى شخصية رئيس الوزراء القادم بعد الانتخابات التشريعية فى نوفمبر المقبل.

- عدم وضوح مدى قدرة الحكومة العراقية على استغلال موقف المليشيات المسلحة، التى نأت بنفسها عن الصراع بين إيران وإسرائيل، فى تجديد الدعوة الخاصة بحصر السلاح المنفلت (السلاح الذى تحوزه المليشيات نفسها) وتسليمه للمؤسسة الأمنية الرسمية.

2- بالنسبة لحزب الله اللبنانى

- استمر حزب الله فى انتهاج سياسة التهدئة مع إسرائيل وفقاً لمقتضيات اتفاق وقف اطلاق النار الموقع بين الطرفين فى نوفمبر 2024؛ نظراً لحالة بنيته التحتية العسكرية التى تدمر معظمها من قبل إسرائيل خلال حرب إسناد الحزب للمقاومة الفلسطينية بعد طوفان الأقصى فى أكتوبر 2023. ونظراً لانكشافه الأمنى الواسع أمام الاستخبارات الإسرائيلية.

- لدى القاعدة السياسية الشيعية فى لبنان، وفقاً لمصادر، رغبة في عدم الانجرار لحرب مواجهة بين إسرائيل وإيران بأى حال من الأحوال بعد حالة التراجع العسكرى التى بات عليها كل من حزب الله وحركة أمل، وبعد فقدان العمق الاستراتيجى لهما بسقوط نظام الأسد فى ديسمبر 2024، وخروج سوريا من المحور الإقليمى.

3-بالنسبة لجماعة أنصار الله الحوثية اليمنية

- ستظل الجماعة قادرة على خلط الأوراق أمام إسرائيل والولايات المتحدة إذا ما استمرت التهديدات الإسرائيلية لإيران، أو دخلت نوعاً مختلفاً من المواجهات، لاسيما قدرتها على تهديد ممرات الملاحة والتجارة العالمية من ناحية، وقدرتها كذلك على استهداف المصالح الأمريكية فى المنطقة من قوات ومعدات وأصول بحرية من ناحية أخرى.

فى النهاية، يمكن القول إن إسرائيل من خلال حربها على إيران لم تنجح فى إحداث التحول الاستراتيجى الكبير الذى كانت تسعى إليه، وهو تغيير النظام فى إيران بما ينعكس على كافة الجماعات والفصائل المسلحة الموالية لها فى الإقليم، وإن كانت قد نجحت فى تقليل وتحجيم مستوى تفاعلات تلك الجماعات - كفصائل داعمة لإيران – حيث دفعت حالة الاختراق الاستخباراتى الواسعة والاغتيالات الكبيرة لقيادات الحرس الثورى الإيرانى من قبل إسرائيل إلى تفضيل تلك الفصائل انتهاج سياسة النأى بالنفس بعيداً عن أتون المواجهة المسلحة طوال 12 يوماً كاملة كانت هى عمر الحرب الإسرائيلية-الإيرانية.


رابط دائم: