اختيار نعيم قاسم أميناً عاماً: إلى أين يذهب حزب الله؟
2024-11-1

رابحة سيف علام
* خبيرة - مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية

 

جاء اختيار أمين عام جديد لحزب الله مفاجئاً لمتابعي نشاط الحزب منذ اغتيال أمينه العام السابق حسن نصر الله بغارة صاروخية خارقة للتحصينات بالضاحية الجنوبية في 27 سبتمبر 2024. إذ راهن البعض على أن حزب الله ربما سيمضي في نهج القيادة الجماعية خلال مرحلة الحرب الراهنة، تجنباً لترقية قيادي جديد ليصبح مستهدفاً من جانب إسرائيل كما كانت النخبة القيادية مستهدفة بالاغتيالات المتوالية خلال الفترة السابقة. كما اعتبر آخرون أن حزب الله ليس معنياً بتصعيد قيادات جديدة لقمة الهرم بقدر اهتمامه بترميم خط القيادة الوسيطة والميدانية التي تمارس النشاط العسكري اليومي. بينما توقع قسم آخر بأن تشييع الأمين العام السابق سيكون أسبق على تسمية أمين عام جديد على سبيل إعطاء التقدير اللازم لنصرالله قبل اختيار خليفة له يقود الحزب في المرحلة المقبلة.

ولكن في الحقيقة كان المحدد الأساسي الذي كان حاكماً لتأجيل اختيار أمين عام جديد هو غموض مصير هاشم صفي الدين الذي اغتيل في غارة مكثفة على الضاحية الجنوبية في مطلع أكتوبر ولم يُكشف عن مصيره إلا بعد مرور نحو ثلاثة أسابيع على تنفيذ الاغتيال. وهكذا يبدو أن حزب الله قد أجرى تعديلات جوهرية على خطة خلافة القيادة داخل الحزب بعد أن كان هاشم صفي الدين هو المرشح الأول وربما الأوحد لخلافة نصرالله طوال سنوات.

دلالات الاختيار

تتعدد الرسائل التي يحملها اختيار نعيم قاسم كأمين عام جديد لحزب الله. فهو من جهة كان نائباً للأمين العام منذ كان عباس الموسوي يشغل هذا المنصب قبل عام 1992، وظل في موقعه بعد اغتيال الموسوي وتولي نصر الله طوال ثلاثة عقود. فهو إذن يمثل عنصر ثبات واستمرارية داخل التركيبة القيادية لحزب الله على نحو يعني أنه ليس تصعيداً مفاجئاً بقدر ما يعني استمرار بُعد الاستقرار القيادي داخل بنية حزب الله الهرمية.

ومن جهة ثانية، فهو ذا خلفية دعوية وسياسية طاغية، ولكنه لم يكن قريباً من مجريات العمل العسكري أو ملماً بتفاصيله ولم يكن أيضاً عضواً بالمجلس الجهادي الذي يضم قادة العمل العسكري داخل حزب الله.

ويعني ذلك أكثر من اتجاه، فمن جهة قد يكون حزب الله بهذا الاختيار يريد أن يجنب قيادات العمل العسكري الانشغال بتفاصيل القيادة السياسية للحزب وفتح المجال لهم لتركيز الاهتمام على تفاصيل المقاومة العسكرية دون غيرها. ومن جهة ثانية قد يكون حزب الله قد فقد بالفعل أبرز وجوه المجلس الجهادي خلال سلسلة الاغتيالات السابقة، وقام بترقية القيادات الوسيطة للصف الأول ولكنه لا يريد الإفصاح عن أسمائهم أو تصديرهم للظهور العلني الذي يتطلبه موقع الأمين العام. أي أن حزب الله يريد أن يبرز وجهه السياسي للعلن ويُبقي على الغموض فيما يتعلق بوجه العسكري طلباً للتخفي والتمويه خلال المعارك العسكرية القائمة في الوقت الراهن. ويتكامل مع ذلك أن التفاوض على تفاصيل الهدنة المرتقبة يتطلب وجهاً سياسياً قريباً من جمهور الحزب ومعروفاً أيضاً لدى الشركاء والحلفاء كما الخصوم السياسيين.

ومن المعروف أن نعيم قاسم قد أطل في ثلاثة إطلالات متلفزة بعد اغتيال نصرالله، باعتباره كان نائباً للأمين العام. وكان قاسم من أعلن اغتيال نصرالله ورثاه وأخذ على عاتقه نعيه ومشاطرة الحزن مع جمهور حزب الله وهي مهمة ثقيلة بالنظر للظرف الاستثنائي والخسائر المتتالية التي شهدها منذ نحو ستة أسابيع. وقد نجح قاسم نسبياً في هذه المهمة الثقيلة بالتحفيز ورفع المعنويات، برغم الاعتراف بالفارق الهائل في الكاريزما والتأثير الخطابي في الجمهور بينه وبين نصرالله.  ولكن نعيم قاسم الذي عمل لسنوات طويلة معلماً للكيمياء بالمدارس الثانوية العامة، يجيد فن التوجيه الهادئ دون إشعال الحماسة أو إحداث صخب خطابي، وهو لم ينس الإشارة المتكررة لميراث نصرالله وخطبه السابقة أو التأصيل الديني والمذهبي لأغلب إحالاته الخطابية. وهي ربما ستكون مهارة رئيسية له خلال الفترة المقبلة، حيث قد يضطر حزب الله لاتخاذ قرارات قاسية فيما يتعلق بالتفاوض على الهدنة وإمكانية فصل مسار لبنان عن مسار غزة واتخاذ إجراءات عسكرية تضمن تراجعه إلى ما خلف نهر الليطاني. ولكن ملء الموقع الشاغر للأمين العام ليس نهاية المطاف من حيث استكمال المواقع القيادية في حزب الله وضمان استمرارية أدائه، بل إن الأمر المُلِّح حالياً هو أيضاً ملء الفراغ في موقع رئيس المجلس التنفيذي الذي كان يشغله هاشم صفي الدين، وهو الموقع الأهم بالنسبة لتنسيق الأنشطة اليومية لحزب الله سواء العسكرية منها أو السياسية أو الدعوية أو الإغاثية الإنسانية، وذلك لضمان انتظام أدائه خلال الحرب واستبدال ما فقده من موارد خلال مرحلة الخسائر المتلاحقة.  

رسائل نعيم قاسم

أطل نعيم قاسم في خطاب متلفز للمرة الأولى بعد اختياره أميناً عاماً وفق الآلية المعتمدة لانتخاب الأمين العام في شورى حزب الله، فتحدث خلال ما يقارب الساعة عن برنامجه في المرحلة المقبلة. اهتم قاسم بالتأكيد على الاستمرارية، فالحزب مستمر بتركيبته التنظيمية المعقدة وهو مؤسسة يستمر عملها رغم رحيل قادتها، لأن المواقع والمهام الإدارية لا تتوقف على وجود أشخاص. أعاد قاسم التذكير بأهمية قرار الحزب بالدخول في الحرب لمساندة غزة ليس باعتباره خطأً استراتيجياً وقع فيه الحزب وأعطى لإسرائيل الذريعة للهجوم على لبنان كما يدعّي الخصوم، بل باعتباره قراراً صائباً اتخذ بـ"نية طيبة" لمساندة المقاومة الفلسطينية، مشيراً إلى أن إسرائيل كانت قد خرقت القرار 1701 طوال 17 عاماً بنحو 39 ألف خرقاً جوياً وبرياً وبحرياً ولم تكن تنتظر ذريعة من حزب الله كي تهاجم لبنان.

اهتم أيضاً قاسم بتوضيح طبيعة العلاقة بين حزب الله وإيران، نافياً أن يكون الأول يعمل لتنفيذ مصالح الثانية، بل اعتبر أن إيران تؤيد حزب الله في هدفه بحماية لبنان وتحرير أرضه والدفاع عن استقلاله. أعاد قاسم التذكير بدور إيران في دعم "محور المقاومة" في المنطقة للتأكيد على أن لا شيء سيتغير في هذه المعادلة ضمن فترة أمانته العامة لحزب الله. إذ اعترف لإيران ومُرشديّها الخميني ومن بعده خامنئي وقادة حرسها الثوري مثل قاسم سليماني بتأثيرهم على تعزيز أهداف المقاومة في لبنان والمنطقة وإطلاق ورعاية مشروع ما أسماه "إزالة إسرائيل من الوجود". بهذه المقدمة المتشددة لخطابه، رسم نعيم قاسم استمرار مسار حزب الله بسياسته الإقليمية التي لن تنفصل عن مسار طهران في المنطقة، وهو بذلك يرد على من توقع أن اختياره على قمة حزب الله ربما يعني قدراً من التباعد عن إيران والتأكيد على لبنانية مسار حزب الله بعيداً عن سياسته الإقليمية.

من جهة ثانية، عدد نعيم قاسم الخسائر التي أصابت حزب الله منذ نحو ستة أسابيع ليبرهن على أنه رغم قسوة الضربات وإيلامها على حزب الله وجمهوره، إلا أنه استطاع أن يستعيد التوازن سريعاً بعد الاهتزاز الذي أصابه في غضون أحد عشر يوماً فقط وباشر منذ 8 أكتوبر مجموعة من العمليات التي آلمت العدو في المقابل. أشاد قاسم بمدى صواريخ حزب الله الذي أدخل حيفا في مرمى الرشق الصاروخي اليومي بشكل شبه اعتيادي، وأدخل سكان تل أبيب مع ثلاثة ملايين آخرين إلى الملاجئ كلما حلّقت صواريخ حزب الله. كما اهتم بذكر الميزة النسبية التي تتمتع بها مسيّرات حزب الله وما حققته من خروقات نوعية في الدفاعات الإسرائيلية عبر عملية بينيامينا واستهداف منزل رئيس الحكومة الإسرائيلية. اعتبر قاسم أن هذه العمليات قد "أرعبت العدو" وعززت من خسائره فصار يبحث في إيقاف الحرب وأصبح يرى أن أهدافه قد تحققت منها وما تبقى من أهداف يمكن بحثه عبر السياسة والدبلوماسية.

أشار نعيم قاسم إلى الخسائر التي تكبدتها إسرائيل خلال نحو شهر من القتال، حيث قتل حزب الله 90 جندياً وأصاب 750، ودمر 38 دبابة، وأسقط 5 مسيّرات، وماتزال القوات الإسرائيلية تجد صعوبة في التقدم في قرى الحافة الأمامية، بل تخشى أن تتقدم كي لا تقع في مصائد حزب الله. وقد اعتبر أن المعدل اليومي لهذه العمليات- الذي وصل إلى ثلاثة قتلى ونحو 25 جريحاً- يكبد تل أبيب خسائر كبيرة لا تستطيع تحملها على المدى الطويل، مما يجعل من صمود المقاومة "أسطورياً" على حد وصفه.

اهتم قاسم بتفصيل القدرات العلمية والعسكرية والتدريبية لكوادر المقاومة العسكرية في الجنوب ليدلل على كثرة العناصر المدربة والمؤهلة لقيادة المقاومة في الحافة الأمامية والتي يمكن استبدالها سريعاً في حال فُقدت في المعارك. وهو بذلك يؤكد على جهوزية الحزب لخوض معركة طويلة، كي لا يبدو وكأنه يائس في انتظار وقف لإطلاق النار. بل على العكس صرّح بأن الحزب قادر على خوض المعركة لـ"أيام وأسابيع وشهور" دون أن يحتاج إلى دعم إضافي لمقاتليه على الجبهة، وبأن القتال يسير وفق خطط مدروسة أعدت مسبقاً وتستهدف "إيلام العدو بشكل تصاعدي" كي يرتب عليه خسائر تتناسب مع طول فترة الحرب. وأضاف أن حزب الله أصبح يسمي عملياته تلك باسم "معركة أولي البأس" بالإشارة إلى مقاتليه على الجبهة الجنوبية، وأنه لن يستجدي وقفاً لإطلاق النار، ولكنه سيتجاوب مع طلب وقف إطلاق النار إذا كان مناسباً للشروط التي وضعها الحزب، وهو في ذلك ترك مسألة فك مسار غزة عن مسار لبنان ضبابية، ولكنه رحب بهدنة مؤقتة لوقف إطلاق النار يحين من بعدها أوان التفاوض على التفاصيل المتعلقة بمرحلة ما بعد الحرب، ولكن لا تفاوض خلال الحرب.

وأضاف قاسم أن حزب الله "يقاتل بشرف" لأنه يستهدف قواعد عسكرية وثكنات وجنود مدججين بالسلاح ولكن أسلوب إسرائيل في القتال "جبان" لأنها تستهدف المدنيين والمرافق المدنية كي تزرع الفتنة بين حزب الله والجمهور بتدمير المدن والقرى واستهداف الأبرياء. لم ينف قاسم حجم الألم الذي يعود على لبنان من جراء الحرب القائمة، ولكنه اعتبر أن المقاومة لها أثمان لابد أن تُدفع ليس فقط لحماية لبنان اليوم، بل أيضاً في المستقبل، وحمايته من اتخاذ قرار مذل على حساب استقلاله أو تحرير أرضه. شكر قاسم المؤسسات والهيئات المجتمعية من مختلف الطوائف التي تحتضن النازحين ووعد بإعادة الإعمار ودعم المتضررين تماماً كما كان الأمر خلال حرب 2006 ولكنه دعا مناصريه للصبر والصمود كي يتحقق النصر.

أكد قاسم مرة أخرى على تفويض نبيه بري بالتفاوض بشكل غير مباشر من أجل وقف الحرب، واعتبر أن رئيس مجلس النواب ورئيس الحكومة يتخيرون أفضل الوسائل للاتفاق على الحل الدبلوماسي الأمثل، ولكنه شدد أن لا تفاوض حول التفاصيل إلا بعد وقف الحرب، دون أن يحدد مدى التلازم بين مساريّ لبنان وغزة. وأشار قاسم إلى مفصلية الانتخابات الأمريكية وأهميتها في تغيير المعادلة القائمة وإظهار التمايز بين الموقفين الأمريكي والإسرائيلي بما قد يفضي إلى إجبار إسرائيل على وقف الحرب. واعتبر أن حزب الله يركز على تعطيل أهداف إسرائيل من حربها، وهو ما يتحقق بالفعل مع تزايد خسائرها في جبهة لبنان، فالأهداف المعلنة للحرب ما فتئت تتراجع وينخفض سقفها. ورأى أن ما استهدفته إسرائيل من فصل الناس عن حزب الله وإثارة الفتنة الداخلية قد فشل بفعل احتضان المجتمع الأهلي من كل الطوائف للنازحين.  

لم يفت نعيم قاسم استخدام بعض العبارات المفتاحية التي اشتهر بها نصرالله في خطبه الحماسية مثل "ولى زمن الهزائم وجاء زمن الانتصارات" أو "كما كنت أعدكم بالنصر سابقاً أعدكم بالنصر مجدداً" والإشارة للمقاومين وجمهور المقاومة بـ"أشرف الناس وأنبل الناس وأشجع الناس". لا يبدو أن قاسم يطمح إلى إحداث أي تغيير جوهري على برنامج حزب الله أو لغة الخطاب المستخدمة من جانب قيادته أو حتى ترك بصمة استثنائية لفترة ولايته على قمة الهرم الإداري. بل أكبر طموحه حالياً هو التأكيد على أن حزب الله يقوم بعملياته كما المعتاد ويوكل المفاوضات لبري كما المعتاد وشروطه حول وقف الحرب لم تتغير عن ذي قبل ليعطي انطباعاً بأن حزب الله لم يتأثر كثيراً بالضربات التي أصابته بل قد تعافى واستأنف عمله على الجبهة بشكل اعتيادي. بل إنه أطل ومن خلفه صورة نصرالله وكل إحالته وإشارته تعود لخطابات سابقة للأخير، وهو في ذلك يريد ضمان استقرار حزب الله خلال هذه الحرب واستبعاد كل التغييرات التي كانت متوقعة على أداء وبنية الحزب - سواء لجهة انتقال جيلي على مستوى القيادة أو رسم دور سياسي جديد في الداخل- وإرجاء البحث فيها وتنفيذها لمرحلة ما بعد انتهاء الحرب.  

هدنة في الأفق؟

تزامن الإعلان عن انتخاب نعيم قاسم كأمين عام جديد لحزب الله مع زيادة التكهنات بقرب عقد هدنة على جبهة لبنان، حيث يعود للمنطقة المبعوث الأمريكي آموس هوكشتاين مصطحباً معه مبعوث جديد هو بريت ماكجورك. وقد عبّر نجيب ميقاتي رئيس الحكومة اللبنانية عن تفائله بقرب عقد هدنة فيما يخص لبنان، مع تأكيدات إضافية من هوكشتاين بأن صفقة ما تلوح في الأفق[1]. يزور المبعوثان الأمريكيان تل أبيب في البداية قبل أن يتم عرض تفاصيل الصفقة الجديدة على بيروت، ولكن ما تسرب منها حتى الآن للإعلام يفترض وقفاً لإطلاق النار لمدة 60 يوماً كمرحلة انتقالية لاختبار مدى صلابة الهدنة قبل أن يتم تثبيتها. وهي صيغة تشبه، نسبياً، ما يطلبه حزب الله من حيث وقف لإطلاق النار من أجل بحث تفاصيل الاتفاق النهائي، وهو ما يتطلبه أيضاً الجيش اللبناني من أجل تنفيذ انتشار واسع لقواته في الجنوب على النقاط الحدودية من أجل زيادة عديده في الجنوب من خمسة إلى عشرة آلاف.

ولكن الصفقة تفترض انسحاباً اسرائيلياً تدريجياً من الجنوب خلال مدة 60 يوماً وهو ما يعني أن تداخلاً في مناطق عمليات الجيش اللبناني والجيش الإسرائيلي من المحتمل أن يحدث، وهنا من غير المعروف كيف سيتم تنسيق ذلك عبر قوات اليونيفل. تفترض الصفقة، بحسب ما تسرب من معلومات عنها، أن يتم مد قوات اليونيفل بمعدات وقوات أكبر تتضمن قوات فرنسية وبريطانية وألمانية من أجل القيام بمهام مراقبة وقف إطلاق النار وحصر والتبليغ عن الخروقات المحتملة. وكانت قوات اليونيفل قد تعرضت خلال الشهر الأخير لنحو 30 هجوماً أصاب قواتها وأعطب أو دمر معداتها وآلياتها، كان نحو 20 منهم على الأقل من الجانب الإسرائيلي بينما لم يتبين مصدر 10 هجمات أخرى. وكان آخر هذه الهجمات قد أصاب الكتيبة النمساوية في مقر اليونيفل في الناقورة، وكان بواسطة إطلاق صاروخ من شمال الموقع وهو ما يرجح أن يكون مصدره حزب الله[2]

من غير المعروف بعد إذا ما كانت الصفقة المرتقبة تعطي لإسرائيل حرية العمل العسكري البري والجوي في لبنان للاضطلاع بدور فعال في تنفيذ القرار 1701 أم أن قوات اليونيفل وقوات الجيش اللبناني ستكون هي المخولة بهذه المهمة. ويُذكر أن الطرح الأول للهدنة السابقة خلال زيارة هوكشتاين الأخيرة لبيروت تضمنت رغبة إسرائيل في استئناف قصفها الجوي أو إجراء أي عمليات برية لازمة داخل الحدود اللبنانية كلما تطلبت الحاجة، دون أن يسجل ذلك كخرق للهدنة[3]. بل إنها طلبت فرض رقابة دقيقة على منافذ لبنان برياً وبحرياً وجوياً لضمان عدم تزويد حزب الله بأي سلاح جديد، وهو الطرح الذي رُفض من جانب فريق المفاوضين برئاسة نبيه بري. وكان على أثر ذلك أن وسعت إسرائيل من قصفها العقابي لأهداف مدنية متعددة في صور والضاحية الجنوبية وصولاً إلى القصف الموسع على بعلبك والهرمل في الأيام الأخيرة في محاولة للضغط على نبيه بري عبر التصعيد ضد الأهداف المدنية الواقعة في مناطق مناصريه، الأمر الذي خلّف موجة نزوح جديدة ورفع حصيلة الضحايا من المدنيين إلى أكثر من 2822 شهيداً و12937 جريحاً.

وفي المقابل، هناك من يقلل من شأن جولة هوكشتاين وماكجورك في المنطقة، معتبرين أنها لا تعدو أن تكون مناورة انتخابية لإقناع الجالية العربية الأمريكية ببذل الجهد لوقف الحرب من أجل ترجيح التصويت لكامالا هاريس، ولكنها لن تثمر بالفعل اتفاقاً للهدنة قبل الانتخابات الأمريكية، بل إن الحرب مستمرة كما يخطط لها نتنياهو لأسابيع أخرى قادمة.


[1] Maayan LubellMaya Gebeily and Timour Azhari, “Lebanon, Israel could agree to ceasefire within days, Lebanese prime minister says”, Reuters, October 31, 2024, https://www.reuters.com/world/senior-biden-advisers-visit-israel-try-end-war-lebanon-axios-reports-2024-10-30/

[2] AlJazeera, “UN peacekeeping mission in south Lebanon targeted 30 times in October”, 31 October 2024, https://www.aljazeera.com/news/2024/10/31/un-peacekeeping-mission-in-south-lebanon-targeted-30-times-in-october

[3]  جريدة الأخبار، 31-10-2024، t.ly/gy9Ed


رابط دائم: