الخطاب العالمي واحتمالات الحرب النووية
2024-9-29

السيد صدقي عابدين
* باحث في العلوم السياسية - متخصص في الشئون الآسيوية

 

بات الحديث عن إمكانية استخدام الأسلحة النووية كثيفاً ومتوالياً. كما أن الأمر لم يعد قاصراً على تلك الدول التي تمتلك الأسلحة النووية طبقاً لمعاهدة منع الانتشار النووي، ولكنه توسع ليضم تلك التي امتلكته بالمخالفة للمعاهدة المذكورة.

يترافق ذلك مع صراعات بعضها طويل وممتد يشتعل من آن إلى آخر، وبعضها مشتعل بالفعل. كما يتوازى مع الحديث الكثيف عن إمكانية استخدام الأسلحة النووية تأكيد على تطوير الترسانات النووية، وتحديث للعقائد النووية بما يسهل من فرص استخدام الأسلحة النووية في حالات لم تكن مطروحة من قبل.

والغريب في الأمر أنه حتى تلك الدول التي يتكثف فيها الحديث عن استخدام الأسلحة النووية، تتحدث عن التصرف بمسؤولية. فعن أي مسؤولية تتحدث تلك الدول؟، وما هي تداعيات التناقض في الخطاب النووي؟. وحتى في الدول النووية التي لا يوجد بها حديث زاعق عن إمكانية استخدام الأسلحة النووية، فإنها ماضية في تطوير ترساناتها النووية، كما أن عقائدها النووية لا تستبعد استخدام تلك الأسلحة، حتى لو كان بعضها يتجنب المبادئة بالاستخدام. في هذا الخضم، هل يمكن أن تُقدِم المزيد من الدول النووية على تعديل عقائدها النووية جاعلة من المبادئة بالاستخدام خياراً أول؟.

لم يعد الحديث عن الحرب النووية وسيناريوهاتها وما يمكن أن تسببه من دمار للبشرية قاصراً على مراكز البحث، ولا حتى مراكز صنع القرار في أجهزة الاستخبارات، وإنما بات الأمر مطروحاً على ألسنة كبار المسئولين في دول منخرطة في حروب وصراعات. هل هذه الأحاديث للردع أكثر منها تعبير عن نوايا حقيقية للاستخدام الفعلي لهذا النوع من الأسلحة؟، وفي حال وصلت دولة ما لقرار فعلي بالإقدام على استخدام هذه الأسلحة، فأي أنواعها يمكن أن يستخدم؟، وهل سيكون استخداماً من طرف واحد كما حدث في نهاية الحرب العالمية الثانية؟، وما الذي يمكن القيام به حتى يتلاشى احتمال نشوب حرب نووية؟

سمات الخطاب

الخطاب النووي العالمي يقصد به هنا كل ما يصدر من تصريحات ووثائق فيما يتعلق بالسلاح النووي، سواء كان ذلك باتجاه العمل على منع انتشاره وصولاً إلى التخلي عنه أو كان في الاتجاه المعاكس المكرس للوضع القائم أو حتى الداعي إلى المزيد من التسلح النووي وصولاً إلى الحديث عن الاستخدام الفعلي للسلاح النووي.

مبدئياً، فإن هذا المقال معني بالشق الثاني من الخطاب النووي، الذي يهدد أكثر مما يهدأ، مما يجعله أكثر حدة. كما أن هناك كثافة في اللجوء إليه. أضف إلى ذلك أن نطاقه قد اتسع، وهو خطاب امتزجت فيه الكلمات بالإجراءات.

بالنسبة للنزعة التهديدية في هذا النوع من الخطاب، فإنه يمكن رصدها في حالات روسيا وكوريا الشمالية وإسرائيل. في الحالة الأولى، ومنذ بدأت الحرب في أوكرانيا، والتي ما زالت روسيا تطلق عليها مسمى العملية العسكرية الخاصة، دأب مسئولون روس على التحذير من تدخل الغرب ودعمه لأوكرانيا، ومدها بالسلاح، بما في ذلك السلاح الذي يمكن أن تضرب به الأراضي الروسية، ناهيك عن السعي لضمها لحلف الناتو. وفي كثير من الأحيان، كان يرفق هذا التحذير ببيان أن من خطورته على الأمن القومي الروسي أنه قد يكون مدعاة لتفكير روسي في استخدام فعلي للأسلحة النووية. وقد كان عرّاب هذا الخطاب هو الرئيس الروسي السابق نائب رئيس مجلس الأمن القومي الروسي ديمتري ميدفيديف، والذي تحدث صراحة بعد دخول القوات الأوكرانية إلى الأراضي الروسية في مقاطعة كورسك، عن أن صبر بلاده على التصعيد النووي لن يدوم.

وقد ترافق مع هذا التطور في الحرب الروسية-الأوكرانية سعي روسي لتعديل في العقيدة النووية، حيث اجتمع الرئيس فيلاديمير بوتين مع اللجنة الدائمة للردع النووي في مجلس الأمن القومي الروسي في 25 سبتمبر 2024. وقد حدد بوتين ثلاث حالات يمكن أن تجعل روسيا تستخدم خلالها الأسلحة النووية: الحالة الأولى، تتمثل في وجود عدوان من دولة غير نووية على روسيا تدعمها دول نووية. والحالة الثانية، تنصرف إلى وجود هجوم جوي واسع النطاق تستخدم فيه "الطائرات الاستراتيجية أو التكتيكية وصواريخ كروز والطائرات المسيرة والأسلحة الفرط صوتية وغيرها من المجسمات الطائرة". أما الحالة الثالثة، فتتعلق بوجود عدوان على بيلاروس،  حتى لو كان هذا العدوان بالأسلحة التقليدية أيضاً.

هنا، فإن ثمة ملاحظتين على ما تمخض عنه هذا الاجتماع: أولاهما، أن الحالات الثلاثة المذكورة هي حالات ترتبط باستخدام الأسلحة التقليدية، وليس الأسلحة غير التقليدية بما فيها النووية، بحكم أن الأمر الثاني بمثابة مسلَّمة ليس فقط بالنسبة لروسيا، وإنما بالنسبة لباقي القوى النووية. فتلك القوى لن تقف متفرجة بعدما تضرب بالأسلحة النووية، طالما أنها تمتلك القدرة على الرد. وهذه الصيغة هى التي أنتجت معادلة الردع النووي، أو ما أطلق عليه توازن الرعب النووي. لكن روسيا تتحدث هنا عن حالات لعدوان بأسلحة تقليدية، وهو حديث يأتي في ظل الانخراط في عمليات عسكرية على الأراضي الأوكرانية، وفي ظل تمدد لتلك العمليات داخل الأراضي الروسية. وكما هو معلوم، فإن أوكرانيا تسعى للحصول على موافقات بالمزيد من استخدام الأسلحة الغربية لضرب العمق الروسي.

وثانيتهما، أن الأمر لم يعد قاصراً على أراضي جمهورية روسيا الاتحادية في حال التعرض إلى عدوان بأسلحة تقليدية، وإنما بات يضم كذلك جمهورية بيلاروس. وهنا ثلاثة أمور: أولها، أن روسيا قد بادرت باتخاذ قرار بنقل أسلحة نووية تكتيكية إلى أراضي بيلاروس بعد  حوالي شهر من بدء الحرب في أوكرانيا، وهو ما نفذ بالفعل، حيث باتت هناك أسلحة نووية تكتيكية روسية على أراضي بيلاروس. وثانيها، أن بيلاروس ليست بعيدة عما يحدث بين روسيا وأوكرانيا. ومن آن إلى آخر يثار الحديث عن استعدادات بسبب ما يتهدد الأمن القومي لبيلاروس من قبل أوكرانيا. وثالثها، أن هناك صيغة اتحادية بين روسيا وبيلاروس. وقد كان بوتين واضحاً في التأكيد عليها عندما تحدث عن حالات استخدام الأسلحة النووية الروسية، علماً بأنه عندما اتخذ قرار نقل الأسلحة النووية التكتيكية الروسية إلى بيلاروس أكدت موسكو أن السيطرة على تلك الأسلحة ستبقى لروسيا وحدها. والأكثر من ذلك القول بأن القرار "لن يخرق اتفاقات منع انتشار السلاح النووي".

لا يقف الأمر عند روسيا، وإنما تجده وربما بصورة أكثر حدة عند كوريا الشمالية، التي لم تكتف بالتخلي تماماً عن فكرة نزع سلاحها النووي، وإقرار دستورها بأنها دولة نووية، ولا بالإعلان المتواصل عن سعيها الدائم لزيادة ترسانتها النووية كماً ونوعاً وتطوير آليات نقلها. وقد كان من آخر تجليات ذلك الكشف عن صور لمنشأة خاصة بأجهزة الطرد النووي المعنية بتخصيب اليورانيوم اللازم لتصنيع الأسلحة النووية. وهناك إجماع بين الخبراء والدول المعنية بأن بيونج يانج يمكنها القيام بتفجير نووي جديد في أي وقت يضاف إلى تفجيراتها النووية الست السابقة والتي أعقبت كل منها قرارات بفرض عقوبات مغلظة من قبل مجلس الأمن الدولي.

إضافة إلى كل ذلك، تتحدث بيونج يانج صراحة عن إمكانية الاستخدام الفعلي لترسانتها النووية طالما استمر التربص بها وبنظامها وطالما كانت سيادتها ووجودها موضع تهديد. والمعضلة أنها ترى في كل التصرفات الأمريكية في المنطقة المحيطة بها سواء أكانت منفردة أو بالتعاون مع دول أخرى في المنطقة بما فيها كوريا الجنوبية واليابان استهدافاً لها.

يأتي ذلك في ظل فشل كل محاولات الحوار والتهدئة في شبه الجزيرة الكورية. إذ تراجع الوضع إلى درجة عالية من التوتر في ظل انقطاع التواصل، وإلغاء الاتفاقيات التي كان من شأنها خفض درجات التوتر. وقد عادت الأجواء العدائية قولاً وفعلاً، والتي وصلت إلى حد إطلاق بالونات محملة بالقمامة من الشمال إلى الجنوب رداً على استئناف الجنوب إرسال المنشورات واستمرار الدعاية عبر الحدود.

ليس بعيداً عن ذلك تصريحات بعض المسئولين الإسرائيليين بخصوص استخدام السلاح النووي في غزة، وهي تصريحات تكررت في ظل استمرار الحرب واقتراب إكمالها العام الأول من ناحية أولى، وفي ظل توسع امتدادات هذه الحرب من ناحية ثانية. تأتي هذه التصريحات الإسرائيلية رغم أن إسرائيل تحاول بكل الطرق وعبر عقود العمل على ما يمكن تسميته تحصين الحديث عن قدراتها النووية في المحافل الدولية المعنية وعلى رأسها الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

وبينما تساعد الولايات المتحدة إسرائيل في عملية التحصين لقدراتها النووية على الصعيد الدولي، توجه واشنطن دائماً الاتهامات وتثير التساؤلات حول القدرات النووية الصينية، والتي تذهب إلى أنها تسير في اتجاه الزيادة والتحديث والتطوير في جو من الغموض. وكأن الولايات المتحدة لا تطور هي الأخرى من ترسانتها النووية ولا تحدثها.

وفي ظل ما يمكن اعتباره أحد أوجه المناكفات الاستراتيجية بين واشنطن وبكين، تبرز المسألة النووية، ليس فقط من حيث الاتهامات المتبادلة بخصوص القدرات النووية لكل منهما، وإنما أيضاً على صعيد قضية الانتشار النووي بصفة عامة. إذ تذهب بكين إلى أن ما تقوم به واشنطن ولندن من عملية نقل للوقود النووي اللازم لتشغيل الغواصات النووية الاسترالية في ظل شراكة أوكوس بين الأطراف الثلاثة مخالف للنظام الدولي لمنع الانتشار النووي، ومن شأنه زيادة الانتشار النووي. ومنطقي جداً أن تشارك موسكو بكين فيما تذهب إليه على هذا الصعيد. وبالفعل فهما من يثيرا هذه القضية في المحافل الدولية.

من الواضح أن الخطاب النووي التهديدي يتسع مجاله وتزداد كثافته وتزيد حدته وتمتزج فيه الكلمات بالإجراءات. كما يمكن القول إنه خطاب مراوغ، ويتميز بالانتقائية أيضاً. فبينما تتحدث كل القوى الخمس النووية عن ضرورة احترام معاهدة منع الانتشار النووي وما تفرضه من التزامات، يأتي خطابها وإجراءاتها على النحو المشار إليه.

هل تقترب الحرب النووية أم تبتعد في ظل هذا الخطاب النووي؟

لعل السؤال الأول الذي يطرح هنا هو: هل يمكن وصف الخطاب النووي المشار إليه بأنه منفلت؟. الأمر هنا لا يؤخذ مجرداً، وإنما لابد من النظر إليه في سياق تاريخي من ناحية أولى وفي سياق استراتيجي من ناحية ثانية. أي كيف كان الأمر في سنوات ما بعد الحرب الباردة إلى خمس أو عشر سنوات مضت؟، وكيف تغيرت السياقات الاستراتيجية إقليمياً ودولياً؟

الأمور اختلفت كثيراً والشقة زادت بين القوى النووية. وتم التخلي عن اتفاقات وترتيبات تخص ضبط التسلح على الصعيد النووي. ولم يتم التوصل إلى بدائل لها، بل إنه لا يبدو أن الأجواء الراهنة تشجع على الدخول في مفاوضات جادة على هذا الصعيد. كما أن حالة التوتر آخذة في التزايد في أقاليم كان يظن أن قضاياها في سبيل التسوية بعدما حدثت اختراقات دبلوماسية بشأنها. هل هذا هو ما جعل الخطاب النووي العالمي يأخذ منحى الإنفلات قياساً بما كان عليه من قبل؟. قد يكون الأمر كذلك، لكن المسألة لم تعد تتعلق بما إذا كان هناك انفلات في الخطاب النووي من عدمه أو درجة هذا الانفلات، ولا حتى كيفية لجمه، وإنما بات الأمر يتصل بمخاوف حقيقية بخصوص استخدام فعلي لهذا النوع من الأسلحة حتى في مواجهة دول غير نووية.

قد يقال إن هذا الخطاب الموصوف أعلاه ما هو إلا نوع من الابتزاز أو الردع لأطراف أخرى حتى لا تسير في شوط استهدافها للأطراف صاحبة هذا الخطاب إلى منتهاه. وهنا قد يقال إن الخطاب النووي الروسي كان من أهم عناصر عدم ضم أوكرانيا إلى الناتو حتى الآن، وأنه قد حال دون مسايرة الدول الغربية لأوكرانيا في كل ما تطلبه بخصوص ضرب العمق الروسي. والأكثر من ذلك أن مثل هذا الخطاب قد يعجل بإنهاء القتال.

لكن وبغض النظر عما تقوله روسيا بأن أوكرانيا ما هي إلا رأس حربة غربية لاستهدافها، فإن ما لاقته أوكرانيا في هذه الحرب قد جعل أصواتاً ترتفع وتتحسر على التخلي عما كان لديها من ترسانة نووية بعد انهيار الاتحاد السوفيتي. وللمفارقة، فإن روسيا كانت من بين الدول الضامنة لسيادة واستقلال ووحدة أراضي أوكرانيا مقابل تخليها عما لديها من أسلحة نووية.

قد لا يقف الأمر عند التحسر. وقد تظهر أصوات تطالب بسعي أوكرانيا مجدداً لامتلاك الأسلحة النووية. وقد تتحول هذه الأصوات إلى برامج وخطط مستقبلية. والأمر لا يقف عند أوكرانيا. فعندما تنظر الدول المُعرَّضة للتهديد إلى الحالة الكورية الشمالية، وكيف أن امتلاكها السلاح النووي قد جعلها في مأمن من العدوان الخارجي، فإن دولاً أخرى قد تسير في الطريق نفسه. وهنا، قد يدخل العالم في مرحلة الفوضى النووية، وعندما لا تجدي النداءات ولا الاتفاقات القائمة وقد يكون من المتعذر الوصول إلى اتفاقات جديدة.

حتى قبل الوصول إلى أجواء الفوضى النووية تلك، تتعالى التحذيرات من إمكانية وقوع حرب نووية. فأي حرب نووية يمكن أن تنشب؟، وهل ثمة حرب نووية محدودة وحرب نووية غير محدودة؟

 إن أي استخدام للسلاح النووي سيكون بمثابة كارثة. هذه الكارثة لا يضمن أحد إمكانية السيطرة عليها، وتمددها حتى تصل إلى فناء العالم كله. فالأمر ليس كما كان في العام 1945، عندما استخدم السلاح النووي في هيروشيما ونجازاكي. وعلى الرغم من أن تحليلات كثيرة ذهبت إلى أن الحرب فعلياً كانت قد انتهت وأنه لم يكن ثمة مبرر لاستخدامها، فهل كان الاحتكار النووي الأمريكي هو المبرر الأكبر لهذا الاستخدام؟. لا يجب إغفال أن سيناريو استخدام آخر من قبل الولايات المتحدة قد طرح من قبل بعض القادة العسكريين في الحرب الكورية بداية خمسينيات القرن العشرين، لكنه استبعد في النهاية. وبالتأكيد، فإن زوال حالة الاحتكار النووي كان أحد الأسباب الرئيسية لاستبعاد هذا الخيار.

هل يعود الخطاب النووي العالمي إلى رشده في حال تخلت واشنطن وحلفائها عن هدف إلحاق هزيمة استراتيجية بروسيا؟، وهل إذا عادت عملية المصالحة في شبه الجزيرة الكورية تخف حدة الخطاب النووي الكوري؟، وهل إذا تحسنت العلاقات الأمريكية-الصينية تختفي أو تقل المناكفات حول القدرات النووية؟.

 قد يكون الرد بالإيجاب على تلك الأسئلة. والأكثر من ذلك قد يشهد العالم خطاباً مغايراً حول خطورة الأسلحة النووية وضرورة السعي للتخلص منها لتجنيب البشرية ويلاتها. لكن الأمر لا يرتبط بخطاب مهما كان معسولاً، وإنما بإجراءات محددة وجداول زمنية واضحة وبإشراف كيان دولي مستقل ومحايد حتى يخلو العالم كله من الأسلحة النووية بما في ذلك القوى الخمس النووية طبقاً لمعاهدة منع الانتشار النووي. والأهم من كل ذلك، ضمان أن لا يكون هناك عودة لامتلاك هذا السلاح. فلا يكفي أن تطالب تلك القوى الخمس الدول النووية خارج نطاق معاهدة منع الانتشار بضرورة الامتثال لأحكام المعاهدة بالتخلي عما لديها من سلاح نووي وبأن لا تعود إلى امتلاكه، وإنما عليها رفقة ذلك أن تبادر بتطبيق التزامتها طبقاً للمعاهدة ومن بينها تخليها هي ذاتها عما في جعبتها من أسلحة نووية.

إذن، فالمطلوب هو القضاء على الاستثنائية في امتلاك السلاح النووي سواء بشكل قانوني أو غير قانوني. وبدون القضاء على هذه الاستثنائية، فالأمر مفتوح على احتمالات المزيد من الانتشار النووي. ومزيد من الانتشار النووي قد لا يعني بالضرورة مزيداً من الردع النووي، بل قد يعني فرصاً أكبر لحرب قد تكون نووية ولو من باب الخطأ أو سوء التقدير. المسئولية إذن ليست مطلوبة في الخطاب النووي فقط، وإنما في السياسات والإجراءات والاستراتيجيات. فمن المهم أن يصل العالم إلى حالة عدم وجود استراتيجيات وعقائد نووية. وهذا لن يحدث إلا عندما يخلو العالم من هذا النوع من السلاح. وكل ما عدا ذلك هو تكريس لوضع نووي مختل حتى وإن ادعت الدول النووية غير ذلك.


رابط دائم: