الفساد هو ظاهرة عالمية تعانى منها العديد من المجتمعات، سواء المتقدمة أو النامية على حد سواء، وفى جميع القطاعات العامة والخاصة، وبالتالى له آثاره السلبية على مختلف جوانب الحياة مما يعيق عملية الاستثمار والتنمية. وإذا كانت العوامل الاقتصادية والاجتماعية هى التى تؤدى إلى ظهور الفساد، فلعل ضعف الجانب الأخلاقى هو الأول فى انتشاره.
وفى ظل نمو التوافق الدولى على ضرورة التكاتف من أجل مواجهة هذه الظاهرة العابرة للحدود، بدأت دول العالم، المتقدمة منها والنامية بالعمل الجاد من أجل تعزيز قدراتها لمكافحة الفساد من خلال إصلاح التشريعات والتنظيمات، وبناء المؤسسات، وتدريب الكوادر البشرية، وتعزيز التعاون الدولى، والعمل على زيادة الوعى فى مختلف شرائح المجتمع.
وضمن هذا الإطار تم توقيع معاهدة تعنى بمكافحة الفساد عام 2003، وهى «اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد» لتشكل بذلك أول صك قانونى عالمى لمكافحة الفساد وإطاراً جامعاً يمكن من خلاله تطوير مقاربة دولية موحدة وشاملة لمواجهة الفساد، وبناء الاستراتيجيات المناسبة لمنع ومحاربة مختلف تجلياته.
وتختلف آليات مكافحة الفساد بين البلدان وفقاً لدرجة التخصص والمركزية، وحسب سياقات الحكم المحلى، وكذلك الظروف الخاصة التى أدت إلى إنشاء أجهزة مكافحة الفساد.
فقد أنشأت بعض البلدان مؤسسة مستقلة ومركزية للتعامل حصراً مع قضايا الفساد، فى حين أن البعض الآخر اختار بناء القدرات الخاصة فى المعركة ضد فساد المؤسسات القائمة. بينما البعض من الدول اختار الجمع بين النهجين معاً، بيد أن أغلب الدول تعتمد أكثر على هيئات متخصصة تضم منظمات إضافية قد تتداخل مهامها فى بعض الأحيان. ولا يوجد نموذج معيارى أكثر فعالية لمكافحة الفساد.
وبالتالى فإن تحديد أسباب الفساد يدعو إلى البحث عن السبل الكفيلة للقضاء على هذه الظاهرة فى المجتمع وعلاجها، وهو مما يتطلب تضافر الجهود للحد من ظاهرة الفساد.
رابط دائم: