كيف يغير المناخ تفكيرنا في الاقتصاد؟
2022-11-14

د. هناء عبيد
* خبيرة - مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية / رئيس تحرير مجلة الديمقراطية السابق

 

مقدمة

المناخ هو أحد المحاور الأساسية لقضايا البيئة، والذى أصبح مؤخراً الرمز الأبرز للاهتمام بقضايا البيئة في علاقتها بالنشاط البشرى عموماً وبالاقتصاد والتنمية على وجه الخصوص. فقد تصاعد الاهتمام بتأثير النشاط الاقتصادى على البيئة تحت وطأة تصاعد ظواهر التغير المناخى بشكل يصعب تجاهله على مدار العقود الماضية، بحيث تزايد الاهتمام الأممى بقضايا البيئة من ناحية، وبقضايا التغير المناخى بداخل المحور البيئي من ناحية أخرى. على وقع هذه التطورات، تحولت قضايا المناخ من مسائل هامشية تهم المختصين، وتحذر من سيناريوهات متشائمة إلى واقع يومى يملى أولوياته على الأجنده البحثية والسياسية، ويعيد التفكير في أولويات النشاط الاقتصادى وفلسفته وأدواته.

ففي ظل تصاعد التهديدات المناخية وتواتر الكوارث الطبيعية بشكل لم يسبق له مثيل في أي مرحلة تاريخية، ومع الإقرار بالعلاقة المباشرة بين طبيعة النشاط الاقتصادى الذى يتعامل مع البيئة بشكل جائر وبين هذه المشكلات، أصبحت الاعتبارات البيئية والمناخية في صلب التفكير التنموى.

وفى هذا الإطار، فإن الاستدامة نفسها كإطار جامع يحكم التفكير التنموى منذ تقرير برونتلاند الصادر عام 1987 (تقرير المفوضية العالمية حول البيئة والتنمية: مستقبلنا المشترك) هي وليدة تصاعد قضايا البيئة، والإقرار بعدم قابلية النشاط الاقتصادى بشكله الحالي على الاستدامة دون تضحيات.

ولتوضيح محورية تأثير النشاط الاقتصادى على مشكلات التغير المناخى، تشير إحدى وثائق الاتحاد الأوروبى إلى أن أكثر من نصف حجم الانبعاثات، و90٪ من فقدان التنوع البيئي مصدرها كثافة استغلال الموارد الطبيعية أو ما أصبح يطلق عليه بالاستنزاف الجائر للطبيعة، وكذلك الطريقة التي يدار بها النشاط الاقتصادى.[1]

وقد أصبح يطلق على النمط السائد للنشاط الاقتصادى، والذى يستنزف البيئة بمعدلات أسرع مئات المرات من قدرتها على التجدد، الاقتصاد البنى أو التنمية السوداء، وهو ذلك النمط من النشاط الاقتصادى الذى يغلب عليه الإنتاج الجائر والاستهلاك المفرط، ويعزى إليه تصاعد مشكلات الانبعاثات الكربونية، والاحتباس الحرارى، والتلوث البيئى. هذا النوع من النشاط، يهتم بالنمو كمقياس أوحد للنجاح الاقتصادى، ويركز على الجوانب المادية للتنمية دون مراعاة تكلفتها البيئية، والصحية، والاجتماعية.

ومع المظاهر المتزايدة لخطورة هذا النسق الاقتصادى، ومع ضرورات العدالة بين الأجيال والتفكير في مستقبل آمن للأجيال القائمة، تزايدت تدريجياً مساحة التوافق العالمى حول خطورة استمرار أنماط النشاط الاقتصادى السائدة، والحاجة لتغيرات في فكر التنمية، ما أدى إلى تبلور مفهوم الاستدامة، كمنظور تنموى حاكم.

تطور المفاهيم: التنمية المستدامة والاقتصاد الأخضر

كان استدعاء منظور التنمية المستدامة والأهمية التي حظيت بها قضايا البيئة والتغير المناخى وليداً لعملية متدرجة اتخذت زخماً منذ أواسط الثمانينيات، وأخذت دفعة أساسية بانعقاد قمة الأرض في ريو دي جانيرو مطلع التسعينيات. فقبل انعقاد قمة الأرض الشهيرة في ريو دى جانيرو 1992بحوالي عقد، كان الأمين العام للأمم المتحدة قد كلف السياسية النرويجية جرو هارلم برونتلاند التي شغلت منصبى وزيرة البيئة ورئيسة الوزراء في بلادها، بتشكيل لجنة حملت اسمها عام 1983كانت مهمتها هي تقييم التحديات البيئية ووضع أجندة سياسات من أجل التعاون الدولى لمواجهتها، وأصدرت اللجنة تقريرها عام 1987وكانت الإجابة هي التنمية المستدامة.[2]

كان المفهوم الوليد وهو التنمية المستدامة يتنافس مع مفهوم آخر كإطار للتنمية وهو مفهوم التنمية البشرية الذى ظهر عام 1990، ومنذ أواسط التسعينيات ظهر مفهوم هجين هو التنمية البشرية المستدامة، حتى تم استبداله نهائياً بمصطلح التنمية المستدامة، التي برزت كإطار حاكم للتفكير في المستقبل.[3]

وبشكل متزامن، عكس إعلان ريو وأجنده 21 التوافق الدولى حول تصاعد أهمية التعاون في قضايا البيئة والتنمية، وركز الفصل التاسع من أجنده 21 على نقاط التلاقى بين التنمية المستدامة، وقضايا الطاقة والإنتاج والاستهلاك والنقل والتنمية الصناعية، في علاقاتها بقضايا ثقب الأوزون وتلوث الهواء.[4]

ويرصد أديب نعمة كيف تأثر التحضير لأجندة 2030 بالدور الذى لعبته المجموعة البيئية داخل المنظمة الأممية، حيث تزامن الإعداد لأجندة التنمية لما بعد 2015، مع مسار التحضير لقمة التنمية المستدامة، أو ريو + 20 التي انعقدت في 2012، حيث شرعت المجموعة البيئية بعدها، بتفويض دولى، فى إعداد أهداف التنمية المستدامة، والتى تم تبنيها في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر 2015.[5] ومن ثم مثلت نتائج قمة ريو 2012 المرجع الأساسى في صوغ أجندة 2030 وأهداف التنمية المستدامة. وقد عكس تكريس مفهوم التنمية المستدامة كإطار حاكم للتفكير المستقبلي في التنمية، وتبنى المنظمة الأممية لها، الدور القيادى للمجموعة البيئية في عمليات التحضير،[6] وعملياً تصاعد أهمية القضايا البيئية على الأجنده الدولية بشكل جاء بها من الهامش إلى المحور.

ويقوم مفهوم التنمية المستدامة، بأبعاده الـ17 ومقاصده الـ169 على فكرة التنمية الشاملة التي تقوم على ثلاثة مرتكزات هي الركيزة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية. وعلى الصعيد الاقتصادى، يعكس المفهوم مكتسبات قمم الأرض التي شهدت نقداً حاداً لأنماط الإنتاج والاستهلاك المستنزفة للموارد والملوثة للبيئة، باعتبارها في لب المخاطر البيئية والمناخية، ومن ثم فتحت الباب لتغيير التفكير في أنماط النشاط الاقتصادى، وهو ما تطور فيما بعد في إطار مجموعة من المفاهيم ومنها التحول الأخضر، والنمو الأخضر والاقتصاد الدائرى.

وبالتزامن مع مفهوم التنمية المستدامة، أو تحت مظلتها، تطور ما يعرف بالاقتصاد الأخضر، والذى يعد نموذجاً إنمائياً يستخدم نهجاً متكاملاً تجاه الاقتصاد والمجتمع والبيئة، حيث يسعى إلى الحفاظ على رأس المال البيئي من خلال الاستهلاك الرشيد، وخفض التلوث والانبعاثات. في هذا السياق، فإن مفهوم الاقتصاد الأخضر يعد مظلة واسعة لمفاهيم حول أنماط النشاط الاقتصادى التي تدخل الحفاظ على البيئة في الاعتبار. ففي حين اعتبرت السياسات البيئية عبئاً على التنمية وفقاً للاتجاهات التقليدية للنمو الاقتصادى، يضع الاقتصاد الأخضر البيئة في صلب التفكير في التنمية، والاستدامة. ويعرفه برنامج الأمم المتحدة للبيئة بأنه الاقتصاد الذى يؤدى إلى تحسين حالة البشر والمساواة الاجتماعية مع تقليل المخاطر والتضحيات البيئية.[7]

ومن هنا بدأت إضافة كلمة الأخضر كرمز لإدخال عنصر البيئة في التوصيف الاقتصادى، فظهرت مفاهيم مثل النمو الأخضر، والوظائف الخضراء، والاستثمار الأخضر، والسندات الخضراء، والابتكار الأخضر وغيرها، بخير أصبحت الاعتبارات البيئية تعيد تشكيل معظم المفاهيم والعمليات الاقتصادية بشكل أكثر استدامة.

وحظى مفهوم النمو الأخضر باهتمام كبير، وجهود لتحويله لمؤشرات إجرائية قابلة للقياس. ومن ضمن تلك الجهود، إصدار المعهد العالمى للنمو الأخضر مؤشراً مركباً من أربعة عناصر لقياس ما تحزره الدول من تقدم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة والنمو الأخضر. ويتكون المؤشر المذكور من أربعة عناصر فرعية هى: الاستخدام الكفء والمستدام للموارد، وحماية رأس المال الطبيعى natural capital، والتوظيف الأخضر أو الفرص الاقتصادية "خضراء"، وأخيراً الإدماج الاجتماعى Social Inclusion. ومن اللافت أن أوروبا هي أفضل مناطق العالم في إحراز التقدم وفقاً لهذا المؤشر المركب بينما تأتى دول أفريقيا في نهاية القائمة، تسبقها دول آسيا، وفقاً للتقرير الصادر بنهاية عام 2020، كما يتضح من الشكل التالى.

 Source: Green Growth Index 2020: Measuring Performance in Achieving SDG Targets, Dec. 2020, 28.

ومن أكثر المفاهيم التي تطورت في إطار مفاهيم الاستدامة والاقتصاد الأخضر، من حيث التفصيل وبرامج التنفيذ، وإن غلب عليها الطابع الفني وافتقدت بعض العناصر الشاملة والأبعاد الاجتماعية للاقتصاد الأخضر هو مفهوم الاقتصاد الدائرى Circular Economy. ينصب المفهوم على تغيير أنماط إدارة الموارد والقيام بالأعمال بشكل مراعٍ للبيئة، وذلك على النقيض من الاقتصاد الحدى Linear Economy القائم على صيغة الاستخراج-التصنيع-الإهدار.

ويحاكى الاقتصاد الدائرى فكرة دورة الحياة من البيئة ويطبقها على العمليات الإنتاجية، فيستهدف دورات مغلقة Closed Loops يتم فيها إعادة توظيف الموارد بين عملية إنتاجية وأخرى بحيث تكون مخرجات عملية ما هي مدخلات عملية جديدة. والمقصود من الاقتصاد الدائرى على جانب الإنتاج هو إطالة عمر المنتج، وإعادة استخدامه أو بعض أجزائه في نهاية عمره الإنتاجى ليتم توظيفه في عملية إنتاجية جديدة. أما على جانب الاستهلاك، فتركز اقترابات الاقتصاد الدائرى على الأنماط الجديدة من الاستهلاك الرشيد التي تستهدف الاستهلاك التشاركى من خلال اقتصاد المنصات وتقديم المنتج كخدمة وغيرها من أشكال استبدال التملك بالانتفاع.[8] ويعد المبدأ النهائي الحاكم للفكر الدائرى هو تقليل الهدر، أو الاستفادة وترشيد استخدام الموارد الطبيعية، وتذهب بعض إسهامات الاقتصاد الدائرى إلى تعظيم الاستفادة من النفايات باعتبارها مورد اقتصادى، وتجاوز أفكار تصفير الهدر إلى تحويل النفايات إلى قيمة اقتصادية مضافة.[9]

فعلى خلاف نمط الإهلاك المتسارع للموارد الطبيعية الذى يحكم النشاط الاقتصادى في طوره الحالي، يستهدف منطق الاقتصاد الدائرى إطالة عمر المنتجات والاستخدام الأمثل لها طيلة فترة عمرها الإنتاجى، وتعزيز وظائف الإصلاح والترميم، مع إمكانية توظيفها أو بعض عناصرها في نهاية استخدامها من خلال إعادة التدوير أو إعادة الاستخدام في عملية إنتاجية جديدة. كذلك يقوم هذا النمط من الإنتاج على تقليل المنتجات ذات الاستخدام الواحد أو ما يطلق عليها بالمستهلكات، ويهتم بتعزيز مصادر الطاقة المتجددة، وغيرها من المواد القابلة لإعادة الإنتاج سواء الطبيعية أو المصنعة لذلك الهدف باستخدام التكنولوجيا الخضراء. ومن ثم تغلب على أفكار الاقتصاد الدائرى الحلول التكنولوجية والهندسية، وتعديل نماذج القيام بالأعمال، واستهداف تعديل السلوك الاستهلاكى ليصبح أكثر تشاركية.

وتعد أهداف الاستهلاك والإنتاج المستدام (الهدف الـ12 من أهداف التنمية المستدامة) وثيقة الصلة بالاقتصاد الدائرى، ومنها الأهداف والمقاصد الفرعية المحددة ضمن أهداف التنمية المستدامة مثل هدف تحقيق الاستخدام والإدارة الكفء للموارد الطبيعية، وتقليل توليد النفايات وإعادة استخدامها وتدويرها.

اتجاهات نقدية

هناك طائفة من الاتجاهات النقدية التي تتناول الاقتصاد الأخضر والأبعاد البيئية للتنمية المستدامة منها ما يعتبر أن تسيد أنصار البيئة في صياغة أطر التنمية يعكس فرض رؤية ومصالح وأولويات دول الشمال على حساب دول الجنوب، ويهمش من القضايا الاجتماعية والإنسانية في التنمية لحساب الأجندة البيئية.[10] يدعم من هذه الفرضية أن معظم الانبعاثات مصدرها التراكمى الدول الصناعية المتقدمة، والتي ما زالت تشكل حتى الآن إلى جانب الصين المصدر الأساسى للانبعاثات، بينما تتجنب الأطر الدولية تحديد التزامات واضحة للدول الملوثة في هذا الإطار.

من ناحية أخرى، فالأفكار التي تجد طريقها إلى البلورة العملية والتنفيذ هي في الغالب تلك التي تنطوى على الحد الأدنى من التغيير، أو تنصب في التغييرات ذات الطابع التقنى. ويرصد أديب نعمة أن الخطاب البيئي منذ قمة الأرض الأولى، قد انتكس عن مطالبه في التغيير الراديكالى إلى شروط ومعايير ذات طابع تقنى مثل تقليل الانبعاثات، والتي برغم أهميتها تهمش فكرة التحول إلى أنماط إنتاج واستهلاك مستدامة التي بدأت في مؤتمر الأرض الأول عام 1992.[11] كذلك يتضح من المبادرات المرتبطة بالاقتصاد الدائرى، أنها مع أهميتها الكبيرة، تصب في الجانب الفني والتقنى، وتغيير نماذج الأعمال المرتبطة بالشركات الصغيرة والناشئة، والاستثمار في إعادة استغلال النفايات، بينما لا تهتم كثيراً بالجوانب الاجتماعية والأبعاد الأشمل للاقتصاد الأخضر.

من ناحية أخرى، فإنه نظراً لعدم وجود معايير محددة وتعدد المفاهيم والمؤشرات التي ما زالت في مرحلة سيولة، فإن الكثير من أنماط النشاط الاقتصادى التي لا تتوافق مع مبادئ الاقتصاد الأخضر يمكنها أن تضفى جانباً بيئياً رمزياً على أعمالها المعتادة لإكسابه مشروعية أخلاقية أو تنموية بإضافة بعض الرمزيات البيئية إلى نشاطها وطبيعة عملها دون أن تتحقق التغيرات الجوهرية المنوطة بتحقيق الاستدامة.

كذلك فإن الرهان التكنولوجى في حد ذاته والذى يفترض دوراً رائداً للتكنولوجيا الحيوية وغيرها من صنوف الابتكار الأخضر في تحقيق الاستدامة والتحول نحو أنماط اقتصاد خضراء هو قضية مركبة. ويتجاذب التفكير في تأثير التكنولوجيا على البيئة اتجاهان. فبينما يركز الخطاب السائد على دور التكنولوجيا والابتكار في التخلص من الاقتصاد الكربونى، تحذر بعض الاتجاهات في الدراسات البيئية بأن التكنولوجيا كمصدر لخلق القيمة تقع في صلب الاقتصاد الحدى القائم وما زالت هي إحدى أدواته الرئيسية. ووفقاً لما يسمى بتأثير أو معضلة جيفونز، فإن تحسين كفاءة استخدام المورد قد يزيد من الضغط على استخدامه، ومن ثم يحيد تأثير التكنولوجيا على ترشيد الموارد.[12] ومن الناحية العملية، فإنه في عالم اليوم، تقع معظم قدرات طاقات الابتكار في أيدى الشركات متعددة الجنسية الكبرى، ذات المصالح المرتبطة بالاقتصاد الحدى، والتي ترصد الأدبيات بطء تحولها إلى أنماط الاقتصاد الأخضر. وأخيراً فهناك اعتبار أخلاقى خاص بحقوق الملكية الفكرية الخاصة بالابتكار الأخضر، منبعه تفاوت القدرة على الابتكار فيما بين الدول الصناعية والدول النامية. فنظراً لمسئولية الدول الصناعية تاريخياً عن التغير المناخى والانبعاثات، فهناك دعاوى إلى عدم الاستغلال الاقتصادى لبراءات الاختراع والابتكارات الخضراء لكى يستفيد منها العالم ولا تتحول إلى مصدر للتربح تحرم منه الدول النامية، وتظل مستوردة له أو عاجزة عن الاستفادة منه، وهى دعوة ما زالت في بداياتها وإن ظهرت بعض المبادرات الأولية للبناء عليها.[13]

أخيراً، فإن النقد الأبرز لمقولات الاقتصاد الأخضر، يرد من اتجاه صاعد في الفكر الاقتصادى ويحظى بتأثير متزايد وهو كبح النمو Degrowth. وفى هذا الإطار، ترى طائفة من الدراسات الاقتصادية المنادية بكبح النمو أن ما أنتج من أفكار ومبادرات تحت مظلة الاستدامة ما زال عاجزاً عن تحقيق الأهداف التي ظهر من أجلها، وأن مبادئ الاقتصاد الأخضر هي مجرد نزعة تلفيقية تحاول المزج بين أنماط النشاط الاقتصادى النيوليبرالى كثيف الاستهلاك للبيئة، وبين مقولات الاستدامة، ومن ثم فهى محاولة للحل باستخدام نفس الأساليب التي أنتجت المشكلة.

على هذا الأساس، بدأ طرح اقترابات تتجاوز تركيز الخطاب السائد على موضوعات الانبعاثات، والأنشطة الاستخراجية، وإزالة الغابات، وقطاعات مثل الطاقة النظيفة أو منخفضة الكربون، إلى إعادة النظر في إمكانية تحقيق الاستدامة في ظل استمرار النمو الاقتصادى كمبدأ حاكم للنشاط الاقتصادى، وما يرتبط به من استهلاك مفرط، وإهلاك جائر للموارد الطبيعية، إلى حد اعتبار أن إعادة النظر في النمو كأساس حاكم للنشاط الاقتصادى هو المدخل الملائم للحفاظ على البيئة وتحقيق أهداف الاستدامة. ورغم تصاعد الاهتمام بهذا المدخل في الأوساط الأكاديمية، فإن منظور الاستدامة واقترابات الاقتصاد الأخضر ما زالت هي السائدة فى الخطاب والممارسة التنموية.


[1] European Community, Circular Economy Action Plan: For A Cleaner and More Competitive Europe, P. 4

https://ec.europa.eu/environment/circular-economy/pdf/new_circular_economy_action_plan.pdf

[2] https://sustainabledevelopment.un.org/content/documents/5987our-common-future.pdf

[3] أديب نعمه، التنمية والفقر: مراجعة نقدية للمفاهيم وأدوات القياس, مركز دراسات الوحدة العربية، ٢٠٢١، ص ٤٣.

[4] https://www.un.org/en/chronicle/article/stockholm-kyoto-brief-history-climate-change

[5] المرجع السابق، ص ٤٤

[6] نفس المرجع، نفس الصفحة

[7] UNEP, 2011, Towards A Green Economy: Pathways to Sustainable Development and Poverty Eradication, A Synthesis for Policy Makers.

[8] Ranjula Bali Swain & Suzanne Sweet, Sustainable Consumption and Production Volume II: Circular Economy and Beyond, Palgrave MacMillan, 2021, P. 1-4.

[9]Peter Lacy & Jakob Rutqvist, Waste to Wealth: The Circular Economy Advantage, Palgrave Macmillan, 2015.

[10] أديب نعمه، مرجع سابق، ص ص ٤٣-٤٩.

[11] المرجع السابق

[12] Roberta De Angelis, Business Models in the Circular Economy: Concepts, Examples and Theory, Palgrave Macmillan, 2018, P. 32.

https://doi.org/10.1007/978-3-319-75127-6

[13] Brownwyn H. Hall & Christian Helmers, Innovation and Diffusion of Clean/green technology: Can Patent Commons Help?, Journal of Environmental Economics and Management, Vol, 66, Issue 1, July 2013, P. 33-51.


رابط دائم: