فى الوقت الذى تصدرت فيه دول الساحل (وخاصة مالى وبوركينافاسو والنيجر) المراكز الأولى فى مؤشر الإرهاب الدولى لعام 2022 سواء ما يتعلق بالهجمات أو معدل القتلى، تأتى الخطوة التى أقدمت عليها حكومة مالى في 16 مايو 2022 بالانسحاب من جميع هيئات مجموعة دول الساحل الخمس (G5) ومنها القوة المشتركة لمكافحة الإرهاب، لتزيد من ارتباك المشهد الأمنى ومن المخاوف المرتبطة بالتهديدات فى منطقة الساحل والصحراء، فى ظل التطورات الخطيرة التى تشهدها ظاهرة الإرهاب فى الأقاليم الأفريقية جنوب الصحراء وخاصة هذه المنطقة، ومستقبل الاستقرار فى الدولة التى يحكمها مجلس عسكرى تشكل عقب انقلابين عسكريين متتاليين خلال عامى 2020 و2021، هذا فضلاً عن مسار العلاقات بين دول الساحل والصحراء فى أعقاب القرارات التى تبنتها الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (الإيكواس) والحصار الذى فرضته على مالي رداً على الانقلاب العسكرى الأخير.
فاعلية القوة المشتركة (G5)
يمكن القول إن ثمة مجموعة متغيرات تفرض تأثيرات مباشرة على فاعلية القوة المشتركة لمجموعة دول الساحل، يتمثل أبرزها في:
1- تصاعد التهديدات: تحولت منطقة الساحل والصحراء خلال السنوات الأخيرة إلى مركز رئيسى للتنظيمات الإرهابية، وخاصة فى أعقاب هزيمة تنظيم داعش فى سوريا والعراق، وانتقال العديد من العناصر الإرهابية إلى أقاليم القارة الأفريقية. وفى هذا الإطار، برزت العديد من التنظيمات الإرهابية كان فى مقدمتهما جماعة نصرة الإسلام والمسلمين التى تنتمى إلى تنظيم القاعدة (GSIM) وتكونت عام 2017 من أربع تنظيمات، وتنظيم الدولة الإسلامية فى الصحراء الكبرى (ISGS) الذى تكون فى عام 2015 بعد أن انشق عن جماعة المرابطون وبايع تنظيم داعش، حيث ارتكب التنظيمان انتهاكات لا مثيل لها ضد السكان سواء فى إطار مواجهتهما للقوات العسكرية والأمنية فى المنطقة أو فى سياق محاربتهما لبعضهما البعض، وخلال العامين الأخيرين تحمل المدنيون العبء الأكبر للنزاع المسلح المستمر في منطقتى موبتي وسيغو فى مالى[1].
2- مشكلات (G5): إزاء التصاعد الكبير للتهديدات الإرهابية، اتجهت خمس دول فى الساحل الأفريقى، فى يوليو 2017، إلى تكوين قوة الساحل برعاية فرنسية لتضم قوات متعددة الجنسيات قوامها 5 آلالاف جندى من موريتانيا وتشاد ومالى والنيجر وبوركينافاسو، وهدفت هذه القوة إلى التنسيق العسكرى بين الدول الخمس لمواجهة التنظيمات الإرهابية وتهريب المخدرات وتدعيم العمليات الإنسانية وعودة النازحين واللاجئين واستعادة سلطة الدولة وتنفيذ استراتيجيات التنمية، وتمكنت من تنفيذ 26 عملية منذ عام 2019. إلا أن هذه المجموعة تعثرت بسبب العديد من المشكلات الهيكلية أهمها، نقص التمويل، فلم يخصص مجلس الأمن الدولى الدعم اللازم للمجموعة وجاءت المساهمة الأوروبية ضئيلة جداً فى الوقت الذى كان المجلس يشير الى وجود عمليتين أخريين فى المنطقة، هما بعثة الأمم المتحدة المتكاملة متعددة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في مالي (مينوسما)، وعملية برخان الفرنسية، فلم تمنح هذه المجموعة التفويض الكافى لمحاربة الإرهاب[2].
وعلى المستوى الإقليمى، تعانى مجموعة دول الساحل الخمس (G5) من نقص الموارد البشرية، وضعف الدعم اللوجستي، والتنسيق بين الدول الأعضاء، وتتعرض القوات التابعة للمجموعة لاتهامات بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان في المنطقة، بما في ذلك القتل خارج نطاق القضاء، والاعتقالات التعسفية، والاحتجاز، والمعاملة السيئة، وذلك وفقاً لتقارير المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان. وفى الوقت الذى يعد الجيش التشادى ونظيره المالى أقوى الجيوش فى المجموعة، إلا أن الاضطرابات السياسية التي تعيشها دول المجموعة أدت فى بعض الأحيان إلى تركيز كل دولة على التهديدات الداخلية التى تعانى منها أكثر من التهديدات المشتركة، إذ أعلنت تشاد في أغسطس2021 سحب 600 جندي، يمثلون تقريباً نصف عدد قواتها في المجموعة، وذلك للتركيز على مخاطر المجموعات التشادية المتمردة، ومع قرار الحكومة المالية بالانسحاب من مجموعة دول الساحل الخمس (G5) تزداد هذه المجموعة ضعفاً، وهو ما عبر عنه رئيس النيجر محمد بازوم بتأكيده، في تصريحات لصحيفة لاكروا الفرنسية، أن المجموعة "ماتت".
3- الأزمة السياسية فى مالى: تعرضت مالى- التى تعيش منذ عام 2012 فى توترات وأزمات سياسية وأمنية وإنسانية- لانقلابين عسكريين فى أقل من ثمانية أشهر بين أغسطس 2020 ومايو 2021، وعلى إثر هذين الانقلابين تتكبد الدولة مزيداً من الخسائر والعقوبات ويحاول المجلس العسكرى الانتقالى الحاكم الصمود أمام العديد من التحديات الداخلية والمنافسات الخارجية التى فرضتها مصالح العديد من الدول وفى مقدمتها فرنسا. كما أعلن المجلس العسكري الحاكم في مالي أنه أحبط محاولة انقلابية نفذها ضباط في الجيش خلال يومى 11 و12 مايو 2022 بدعم من دولة غربية لم يسمها[3].
اللوبى الفرنسى وحصار باماكو
قدمت التطورات التى شهدتها العلاقات المالية - الفرنسية وكذلك علاقات مالى الأفريقية ولا سيما مع دول غرب أفريقيا المجاورة لها خلال الأشهر الأخير، مبررات لإقدام الحكومة المالية على الانسحاب من مجموعة دول الساحل الخمس، وهو ما يمكن تناوله في التالي:
1- الانسحاب الفرنسى من مالى: توترت العلاقات بين مالى من جانب وفرنسا وشركائها الأوروبيين من جانب آخر على خلفية رفض باريس استمرار العسكريين فى السلطة فى مالى، واستعداد القوات الفرنسية للانسحاب بعد تسع سنوات من مكافحة الإرهاب فى الساحل لم تسفر عن نتائج ملموسة فى الحد من الظاهرة، حيث جاء هذا الانسحاب تلبية للمطالب الداخلية فى فرنسا وبعد تزايد أعداد القتلى فى صفوف عملية برخان، هذا فضلاً عن حالة الرفض الشعبى فى دول الساحل للوجود الفرنسى، وقد زاد التصعيد بين الجانبين المالى والفرنسى فى أعقاب الانقلاب العسكرى الأخير، ولجوء المجلس الحاكم فى مالى إلى الاستعانة بشركة الأمن الروسية "فاجنر" بعد إعلان فرنسا فى عام 2021 عن نيتها سحب قوتها من مالى، وتأكيد هذا التوجه فى فبراير 2022 مع سحب قوات شركائها الأوروبيين رسمياً من مالى وإنهاء العمليتين العسكريتين "برخان" و"تاكوبا". وبدأت القوات الفرنسية الانسحاب وإغلاق القواعد العسكرية الفرنسية في جوسي وميناكا وجاو، فى مالى فيما أطلقت عليه إعادة انتشار لقوة برخان[4].
ومنذ 2 مايو الجارى، أعلن المجلس العسكرى فى مالى انتهاء أى انشطة لفرنسا على الأراضى المالية، بإنهاء اتفاق دفاعي مع فرنسا أبرم عام 2014 واتفاقين آخرين أبرما عامي 2013 و2020 يحددان الإطار القانوني لحضور قوة "برخان" الفرنسية و"تاكوبا" المؤلفة من قوات خاصة من دول أوروبية عدة[5] ومن المتوقع أن يكون للانسحاب الفرنسى تداعيات على عمل بعثة الأمم المتحدة المكلفة تحقيق الاستقرار في مالي (مينوسما) والتى يبلغ قوامها 14 ألف جندى، ويسمح تفويض مجلس الأمن الدولي لقوة "برخان" بتقديم الدعم لـ"مينوسما"، إذا طلبت الأخيرة ذلك "في حال وجود تهديد خطير ووشيك"، حيث تعتمد القوات الأممية على الدعم الاستراتيجي واللوجيستى الفرنسى في حالة تعرضها لهجمات أو قيامها بتنفيذ مهام. علاوة على ذلك، تم ارتكاب عدد كبير من انتهاكات حقوق الإنسان في مالي من قبل قوات الأمن المحلية والإرهابيين، ومن المفترض المرتزقة الروس، في مناخ سياسي وصفته منظمة هيومن رايتس ووتش بأنه "إفلات شبه كامل من العقاب"[6].
2- استبدال الحلفاء: فور اتجاه فرنسا إلى الانسحاب التدريجى من مالى فيما أطلقت عليه إعادة انتشار لعملية برخان، برزت للواجهة النيجر لتصبح مركزاً تدير من خلاله فرنسا مصالحها الحيوية فى المنطقة وكبديل عن مالى، حيث قال الرئيس ايمانويل ماكرون على هامش قمة الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي في فبراير 2022: "لن يكون قلب عملية برخان العسكرية في مالي، بل في النيجر ... وربما بطريقة أكثر توازناً في جميع دول المنطقة التي تريد هذه المساعدة الأمنية"، إذ تقل التهديدات الإرهابية فى النيجر عن جارتها مالى، كما أصبحت النيجر الدولة الوحيدة التي يقودها رئيس منتخب ديمقراطياً، حيث وصل محمد بازوم إلى السلطة عبر انتخابات رئاسية في فبراير 2021 بعد تنحي سلفه محمدو إيسافو والذى حكم البلاد فترتين بموجب الدستور، إذ شهدت النيجر أول انتقال ديمقراطى منذ استقلالها عن فرنسا فى 1960 بين رئيسين منتخبين، إلا أن النيجر من ناحية أخرى تعد دولة ضعيفة فى ظل أزمات الفقر والتوترات الداخلية ونقص القدرات التشغيلية فيما يتعلق بمحاربة الإرهاب، هذا فضلاً عن انتشار المشاعر المعادية لفرنسا بين مواطنيها[7].
3- عقوبات الإيكواس: بعد الانقلاب الأخير الذى شهدته مالى فى مايو 2021 والذى عبر عن رفض المجلس العسكرى تسليم السلطة إلى المدنيين وإجراء الانتخابات، اتجه قادة الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (الإيكواس) إلى فرض مجموعة من العقوبات القاسية جداً على مالى، واتخذ القادة قراراً بإغلاق الحدود مع مالي داخل المنطقة دون الإقليمية وتعليق التجارة باستثناء المنتجات الأساسية، وقطع المساعدات المالية وتجميد أصول مالي في البنك المركزي لدول غرب أفريقيا واستدعاء سفراء الدول الأعضاء لدى مالى، حيث فرضت هذه العقوبات ضغوطاً اقتصادية على مالى، مما زاد من الأعباء التى يتحملها المواطن وكذلك حد من قدرة الدولة على تقديم الخدمات والسلع بدلاً من التنظيمات الإرهابية.
4- رفض رئاسة مالى لـG5: جاء قرار المجلس العسكرى الحاكم لمالى بالانسحاب من المجموعة احتجاجاً على رفض تولى بلاده رئاسة المجموعة، حيث تأخرت استضافة باماكو لمؤتمر قادة دول المجموعة الذى كان من المفترض عقده فى فبراير 2022 وكان من المفترض أن تبدأ منه رئاسة مالى للمجموعة، إلا أن إحدى دول المجموعة رفضت عقد هذا الاجتماع فى باماكو نظراً للوضع السياسى الداخلى غير المستقر.
مداخل مختلفة لمواجهة الإرهاب
يطرح انسحاب مالى من مجموعة دول الساحل الخمس- بما يزيد من عزلتها الدولية والاقليمية ويشدد من الأزمات التى يتعرض لها مواطنوها، وبما يفرضه من آثار خطيرة على الوضع الأمنى والانسانى فيها وفى دول منطقة الساحل والصحراء بأسرها- تساؤلات متعددة حول مدى جدوى الاستراتيجيات الوطنية والخارجية لمكافحة الإرهاب فى هذه المنطقة، وهل هناك جهود لإعادة صياغة هذه الاستراتيجيات بحيث تشمل أبعاداً عملية لمعالجة أسباب تصاعد ظاهرة الارهاب فى منطقة الساحل والصحراء، وبما يحد منها ويفقدها قدرتها الانتشارية، ويعمل على إعادة اندماج المغرر بهم فى مجتمعاتهم مرة أخرى. وفي هذا السياق، تجدر الإشارة إلى النقاط التالية:
1- حماية الفئات الأكثر ضعفاً: خلال تعليقها على انسحاب مالى من مجموعة G5 فى جلسة لمجلس الأمن الدولى عقدت فى 18 مايو الجارى، أكدت مارثا آما أكيا بوبي الأمين العام المساعد لأفريقيا في إدارات الشئون السياسية وبناء السلام وعمليات السلام، على أهمية حماية الفئات الأكثر ضعفاً فى المنطقة من الانتهاكات، وأشارت إلى أنه على مدى السنوات الخمس الماضية، كافح المجتمع الدولي والمانحون والشركاء للتوصل إلى توافق في الآراء بشأن آلية الدعم الأكثر فعالية للاستجابة الأمنية الجماعية في منطقة الساحل، إلا أن التوافق في الآراء ما زال غائباً، على الرغم من اعتراف الجميع بأن الهجمات الإرهابية في منطقة الساحل تشكل تهديداً بطيئاً ومميتاً للسلم والأمن الدوليين[8]. فمع تحول أراضى الساحل الأفريقى إلى مركز لاستقرار ونمو التنظيمات الإرهابية وخاصة فى مالى منذ عام 2012، تركزت جهود مواجهة التنظيمات الإرهابية سواء على المستوى المحلى أو عبر التدخلات الإقليمية والدولية، على الأداة العسكرية والأمنية وارتكبت القوات المختلفة أنماطاً مختلفة من الأعمال الوحشية ضد المدنيين، فعلى سبيل المثال، وجدت منظمة هيومن رايتس ووتش أن قوات الأمن متورطة في أكثر من 250 عملية قتل غير قانوني لمشتبه بهم ومدنيين بين ديسمبر 2019 وأغسطس 2020، كما أعدمت القوات المسلحة المالية وبمساعدة مرتزقة روس 300 مدني يشتبه فى انتماءهم إلى التنظيمات الإرهابية فى بلدة مورا بوسط مالى فى أواخر شهر مارس 2022، حيث جاءت هذه الأفعال بالمخالفة للقانون الإنساني الدولي أو قوانين الحرب، ومن بينها المادة المشتركة 3 لاتفاقيات جنيف لعام 1949 والقانون الدولي العرفي، إذ تحظر هذه المادة الانتهاكات ضد "الأشخاص الذين لا يشاركون بشكل فعال في الأعمال العدائية"، بما في ذلك الأسرى من المقاتلين والمدنيين المحتجزين، وتعتبر هذه الانتهاكات جرائم حرب [9].
2- أزمة شرعية الدولة: ينقلنا الاهتمام بالفئات الأكثر ضعفاً إلى أزمة الشرعية التى تعانى منها العديد من دول الساحل وعلى رأسها مالى، فأمام التزايد الكبير فى العمليات الأمنية ضد التنيظمات الإرهابية، تجاهل مختلف الفاعلين الأسباب الجذرية لنمو التنظيمات الإرهابية فى هذه المنطقة وخاصة فى ظل انتشار الفساد وتراجع قدرة الدولة على الوفاء بالتزاماتها وعدم سيطرتها على كامل إقليمها. ووفقاً لبعض التقديرات، فإن قسماً من المواطنين الماليين أصبح مرهقاً جداً بسبب عدم الاستقرار والكسب غير المشروع، وهو على استعداد لمنح القادة العسكريين فرصة لمواجهة التحديات طويلة الأمد في البلاد. هذه التقديرات لا تهتم بها القوى الخارجية فى ظل سعيها لتحقيق مصالحها فى المنطقة، فمن بين 79 مليون دولار من مساعدات التنمية الخارجية الأمريكية التي تلقتها مالي في عام 2020، ذهب 1٪ فقط إلى تعزيز الديمقراطية والحقوق والحكم. ويشير المبعوث الأمريكي الخاص السابق لمنطقة الساحل بيتر فام فى كلمة له في معهد الولايات المتحدة للسلام، إلى أن "انتخابات مالى التى عقدت فى مارس 2020 المعيبة بشدة - والتي شهدت انخفاضاً تاريخياً في إقبال الناخبين بنسبة 7.5% - لم تكن سوى السبب المباشر لانقلاب أغسطس 2020. فالأزمة في منطقة الساحل ليست أزمة عنف فحسب، رغم أن العنف هو مظهر من مظاهرها، وليست أزمة اقتصادية، على الرغم من أن الاقتصاد الضعيف يؤدي بالتأكيد إلى تفاقم الوضع. في النهاية، إنها أزمة شرعية الدولة"[10].
3- التفاوض مع الإرهابيين: فى ظل تراجع الدعم الدولى والإقليمى لمالى، طرحت أفكار حول الآليات التى يمكن أن تلجأ إليها المجتمعات المحلية لحماية المواطنين من تهديدات التنظيمات الإرهابية، وبالفعل اتجهت بعض المجتمعات إلى عقد اتفاقات مع الإرهابيين. ففي مارس 2021، أثار اتفاق وُقع بين تنظيمات إرهابية ومجتمعات محلية عديدة في بلدة نينو وسط مالي جدلاً إعلامياً وسياسياً كبيراً. ونص هذا الاتفاق على أن "الإرهابيين يقبلون بإطلاق سراح السجناء ويسمحون للصيادين بالتنقل مع أسلحتهم مقابل ارتداء النساء الحجاب والقيام بحملات دعوية في القرى"[11]. لكن هذا الاتفاق لم يدم فترة طويلة حسب الإذاعة الفرنسية الدولية التي أشارت إلى انتشار قوات عسكرية مالية في منطقة نينو بهدف فرض الأمن فيها فضلاً عن إيصال مساعدات غذائية لسكانها.
4- التكيف مع التغيرات المناخية: من الأبعاد المهمة التى تطرح فى إطار استراتيجيات مكافحة الإرهاب، معالجة الضعف الذى تعانى منه دول الساحل الأفريقى فى مواجهة التغيرات المناخية، خاصة أنها تعد أضعف المناطق فى القارة فى التعامل مع هذه التغيرات التى تفرض العديد من التهديدات، حيث يؤدى افتقاد دول المنطقة للمرونة والتكيف مع التغيرات المناخية إلى تهيئة مجال يسمح للتنظيمات الإرهابية بزيادة معدلات التجنيد واستقطاب الشباب.
وأخيرا، يمكن القول إن القرار الأخير الذى أقدمت عليه حكومة مالى بالانسحاب من مجموعة دول الساحل الخمس، وعلى الرغم من المشكلات التى تعانى منها المجموعة، يصب فى دعم التنظيمات الإرهابية فى منطقة الساحل والصحراء، حيث يفترض تراجع الاهتمام والحضور الدولى لمكافحة الإرهاب فى المنطقة، زيادة فى الاهتمام من جانب القادة والمنظمات الإقليمية والإقليمية الفرعية بدعم الجيش والدولة في مالي، مما يؤكد على ضرورة أن يعمل رؤساء الدول والحكومات والقادة الإقليميون والجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (الإيكواس) وكذلك الاتحاد الأفريقى على إعادة التفكير فى الآليات التى يمكن من خلالها إدارة العلاقة مع القادة العسكريين فى مالى، والوصول إلى حلول لعملية الانتقال السياسى، للحد من التدخلات الخارجية فى المنطقة، ولمنع جرها نحو الصراعات الدولية والإقليمية، ولحماية شعوب هذه المنطقة، ومعالجة أزماتها حتى لا تظل مركزاً دولياً لانتشار الكوارث الطبيعية والإنسانية.
[1] Mali, ://www.amnesty.org/en/location/africa/west-and-central-africa/mali/report-mali/
[2] Challenges and opportunities for the G5 Sahel force, published7 Jul 2017, https://reliefweb.int/report/mali/challenges-and-opportunities-g5-sahel-force
[4] "Mali not alone" following European withdrawal, armed forces say, 18/02/2022, https://www.africanews.com/2022/02/18/mali-not-alone-following-european-withdrawal-armed-forces-say/
[5] المجلس العسكري الحاكم في مالي يلغي الاتفاقيات الدفاعية مع فرنسا ، 2/5/2022، cutt.ly/aHNtCQL
[6] Nina Wilén and Paul D. Williams, What are the international military options for the Sahel?, 12 Apr 2022, https://reliefweb.int/report/mali/what-are-international-military-options-sahel
[7] Niger becomes France’s partner of last resort after Mali withdrawal , 18/02/2022, https://www.france24.com/en/africa/20220218-niger-becomes-france-s-partner-of-last-resort-after-mali-withdrawal
[8] Mali’s withdrawal from G5 Sahel, Joint Force ‘a setback’ for the region, 18 May 2022, https://news.un.org/en/story/2022/05/1118582
[11] مالي: إنهاء فرنسا لمهمة "برخان" العسكرية يعيد طرح خيار تفاوض باماكو مع الجهاديين، 17/2/2022، https://cutt.ly/hHNtUCf