كورونا يضرب في كوريا الشمالية
2022-5-17

السيد صدقي عابدين
* باحث في العلوم السياسية - متخصص في الشئون الآسيوية

 

في الوقت الذي تتجه فيه الغالبية العظمى من دول العالم إلى تخفيف الإجراءات الاحترازية في التعامل مع فيروس كورونا بمتحوراته المختلفة، فإن كوريا الشمالية تعلن أقصى درجات الطوارئ على هذا الصعيد. ليست هذه هي المفارقة الوحيدة، فهناك مفارقة أخرى موازية تتمثل في إعلان كوريا الشمالية عن أول حالة إصابة بالفيروس رغم مرور أكثر من عامين ونصف على الإعلان عن اكتشاف أول إصابة في العالم، والتي كانت في الصين المجاورة لكوريا الشمالية. وهنا تبرز مفارقة ثالثة مرتبطة بذلك البعد وهي استمرار الصين في اتباع أقصى درجات التشدد في التعامل مع بؤر الإصابة التي يتم اكتشافها. فكيف تعاملت بيونج يانج مع جائحة كورونا منذ اكتشافها؟، وكيف تجاوزت كل المراحل الصعبة التي مرت بها دول العالم صغيرها وكبيرها غنيها وفقيرها متقدمها ومتأخرها قويها وضعيفها؟ ،وما الذي جد في هذه الفترة؟، وكيف سيكون التعامل مع الظروف المستجدة من قبل سلطات كوريا الشمالية؟، ناهيك عن التعامل الإقليمي والدولي مع تلك الظروف في ظل ما هو معروف من عقوبات دولية وأحادية تتعرض لها بيونج يانج منذ سنوات على خلفية تجاربها النووية والصاروخية؟، وهل يمكن أن تترك تلك الظروف المتعلقة بفيروس كورونا أثراً على سلوك كل من بيونج يانج والعواصم الفاعلة فيما يجري في كوريا وكذلك المنظمات الدولية المعنية؟

وصول متأخر للفيروس أم إعلان متأخر عنه

طوال الفترة الماضية، كانت بيونج يانج تؤكد على خلو البلاد من أي إصابات بكورونا. وكذلك بعد الإعلان عن أول حالة وفاة توالى الإعلان الرسمي عن الوفيات والتي وصلت حتى يوم السادس عشر من مايو 2022 إلى 56 حالة وفاة. كما ارتفع عدد الإصابات بما أطلقت عليه كوريا الشمالية حمى إلى حوالي 1.5 مليون مصاب منذ أوخر شهر أبريل. كما أعلن عن علاج حوالي 819 ألف مصاب، واستمرار حوالي 664 ألف حالة في تلقي العلاج. وخلال يوم واحد فقط تم اكتشاف إصابة حوالي 270 ألف حالة، وشفاء حوالي 170 ألف حالة، ووفاة 6 حالات.

هذا الوضع وصف من قبل الزعيم كيم جونج أون في اجتماع للمكتب السياسي للجنة المركزية لحزب العمال الكوري الشمالي بالاضطراب الخطير. كيم- الذي كان يظهر في الاجتماعات والجولات الميدانية منذ تفشي كورونا في شتى أرجاء العالم دون أن يرتدي الكمامة حتى لو ارتداها كل المحيطين به، والذي كان إلى وقت قريب يحرص على التقاط الصور مع المئات من الجنود أو العمال أو الطلاب أو العلماء في أماكن مفتوحة ودون أن يرتدي أى منهم الكمامات- ظهر لأول مرة مرتدياً الكمامة هو وكل من معه في الاجتماعات رفيعة المستوى التي عقدها تباعاً مع كبار المسئولين، وذلك في حد ذاته دلالة على خطورة الوضع. أضف إلى ذلك نوعية الإجراءات القاسية التي اتخذت للتعامل مع الوضع المستجد. وفي هذا السياق، تكفي فقط الإشارة إلى أن "جميع الأقاليم والمدن والبلديات في البلاد مغلقة تماماً ووحدات العمل والوحدات الإنتاجية والوحدات السكنية منفصلة عن بعضها البعض منذ صباح يوم 12  مايو الجاري ويجري فحص دقيق ومكثف لجميع المواطنين". كما حرص كيم على زيارة مقر الجهاز المعني بالوقاية من الأوبئة في حالات الطوارئ في العاصمة بيونج يانج، بعدما كان قد أعلن عن الانتقال إلى أقصى حالات الطوارئ. ولم يكتف كيم بذلك بل حرص على بث الثقة حين اعتبر أن الأكثر خطورة من الفيروس ما أسماه بالخوف غير العلمي، وتراحع الثقة، وضعف الإرادة، ومن ثم التأكيد على الثقة في القدرة على التغلب على ما اعتبره وضعاً مفاجئاً، داعياً إلى ضرورة المشاركة بتكثيف عمليات الاختبار والعلاج على أسس علمية سليمة، مع تأكيده على أن الحزب والحكومة قد قررا العمل على توظيف كل الاحتياطات الطبية المعدة لحالات الطوارئ.

كوريا الشمالية منذ بداية ظهور الفيروس في العالم اتخذت إجراءات مشددة على الصعيد الداخلي. ومن وقت لآخر كانت تقوم بحملات تعقيم. ودائماً ما تحث وسائل الإعلام المواطنين على الالتزام بالإجراءات. وفي ظل السيطرة الكاملة للدولة على المجتمع والأفراد سواء عبر المنظمات الحزبية أو غيرها، إضافة إلى كثافة التوجيه الإعلامي واعتبار كل ما يصدر عن الحزب من توجيهات بمثابة أمور لا يمكن مناقشتها طالما أقرت واعتمدت. ويصل الحال إلى درجة التقديس إذا ما اقترن ذلك باسم الزعيم. إذن فهناك درجة عالية من الانضباط من أجل منع انتشار الفيروس. وترافق مع كل هذه الإجراءات والحملات الداخلية إغلاق تام لحدود البلاد مع كل من الصين وروسيا الجارتين المتلاصقتين، واللتين تتم معهما معظم إن لم يكن كل تفاعلات كوريا الشمالية الخارجية. كما أن حدودها مع كوريا الجنوبية مغلقة بالأساس بحكم حالة الجمود بينهما والتي أدت إلى توقف كل المشاريع التعاونية بينهما مثل مجمع كايسونج الصناعي والذي كانت تستثمر فيه شركات كورية جنوبية ومعظم العاملين فيه من كوريا الشمالية. كما أن المشاريع السياحية متوقفة تماماً منذ سنوات والأكثر من ذلك أن كوريا الشمالية قد شرعت في تفكيك بعضها رغم أن ملكيتها تعود لجهات كورية جنوبية في ظل امتعاضها من السلوك الكوري الجنوبي حيالها. والأكثر من ذلك أن آلية الاتصال المشتركة بين الجانبين والتي كانت تتضمن وجود ممثلين من البلدين في مكان واحد توقفت.

إذن فكوريا الشمالية كان قد أقامت استحكامات قوية ضد الفيروس وفي بداية ظهوره كانت هناك صور تشير إلى إجراءات وترتيبات صارمة بخصوص بعض القطارات القادمة من الصين. يضاف إلى كل ما سبق حالة العزلة التي تعيش فيها كوريا الشمالية عن العالم سواء كان ذلك بقرارات وطنية أو لاعتبارات العقوبات الدولية الكثيفة والواسعة والقاسية المفروضة عليها من قبل مجلس الأمن الدولي أو من قبل الدول فرادى وعلى رأسها الولايات المتحدة. وتكفي فقط إشارة إلى بند واحد من بنود العقوبات له دلالة فيما يتعلق بفرص انتقال كورونا عبر السفر من الدولة وإليها. هذا البند يتعلق بضرورة إعادة الدول للعمال الكوريين الشماليين لديهم إلى بلادهم بحجة أن النظام يستخدم تحويلات هؤلاء العمال النقدية في تمويل برامجه التسليحية. ومن ثم فإنه حتى لو كان قد بقي بعض العمال الكوريين الشماليين في بعض الدول  فإنه عدد قليل يكاد لا يذكر. ولا شك أن ظروف الإغلاق لم تسمح بعودتهم. وحتى بافتراض عودة البعض منهم فلا شك أنهم قد خضعوا لعزل لفترة كافية ناهيك عن تبين ما إذا كانوا مصابين أم لا.

ويبقى السؤال: هل هذه الظروف بما فيها الاستحكامات الكورية الشمالية كافية للحيلولة دون دخول الفيروس إلى البلاد؟.

هنا تبرز مسألة تتعلق بالفترة الماضية منذ تفشي كورنا في العالم، حيث كان هناك من يشكك في صدق الرواية الكورية الشمالية المتكررة حول خلوها من كورونا. لكن لم يكن لدى المشككين أدلة موثوقة على ما يقولون بحكم الظروف التي تم سردها سابقاً. كما أن منظمة الصحة العالمية لم تعلن عكس ما أعلنته السلطات الرسمية الكورية الشمالية، ومن ثم، فإن الإعلان الكوري الشمالي الأخير عن وصول الفيروس إلى البلاد قد يدحض كل التكهنات السابقة. وإن كان البعض سيرى فيه دعماً لما كان يطرحه في السابق، عبر القول بأن بيونج لم تعلن عن وجود إصابات إلا بعدما أصبح الوضح خارج السيطرة، وأنه كانت هناك إصابات فيما مضى لكن كانت محدودة ومن ثم كان بالإمكان التعامل معها.

الوضع الجديد في واقع معقد

بعيداً عن هذا الجدل الذي هو في معظمه سياسي وأقرب إلى المناكفات والمكايدات، فإن كوريا الشمالية باتت أمام وضع بالغ الصعوبة كما تصفه هي، مع العلم بأن هذا الجدل قد تواصل حتى بعد أن أعلنت بيونج يانج عن وجود إصابات لديها، حيث شكك البعض في الأعداد التي تعلن عنها، مدعياً أنها أكثر بكثير مما تقول، ناهيك عن القول بأنها قد تأخرت كثيراً في الإعلان. وبعيداً عن الاعتبارات الفنية المتعلقة بكيفية وصول الفيروس إلى البلاد إذا كان لم يصلها من قبل، أو بتعبير أدق اكتشاف الفيروس، فقد يكون موجوداً منذ فترة لكنه لم يكتشف. الأهم من ذلك هو كيفية التعامل مع الوضع الجديد. فداخلياً توالى الإعلان عن الإجراءات وكأن البلاد في حالة حرب. لكن كيف سيكون التعامل الخارجي؟.

مرد طرح السؤال الأخير الطبيعة الخاصة لعلاقات كوريا الشمالية بالعالم الخارجي والتي تحكمها اعتبارات الشك وعدم الثقة ومن ثم نظم العقوبات، والتي لم تلق لها بيونج يانج بالاً واستمرت في تجاربها الصاروخية، وهناك تكهنات بأنها ستجري تجربة نووية قريباً. في هكذا أوضاع ملتبسة ومعقدة، هل من الممكن الشروع في تقديم مساعدات طبية عاجلة لبيونج يانج سواء ارتبط ذلك بأجهزة اختبار كورونا أو بالأدوية المستخدمة للتعامل مع الحالات المصابة وكذا الأجهزة ومنها أجهزة التنفس الصناعي أو باللقاحات المضادة للفيروس أو أي مساعدات أخرى يحتاجها القطاع الطبي؟.

جاء الإعلان الكوري الشمالي عن تدهور الأوضاع فيما يتعلق بكورونا في وقت كانت تجري فيه المفاوضات في مجلس الأمن لأجل استصدار قرار إدانة جديد حيال ما تقوم به كوريا الشمالية على صعيد برامج التسلح غير التقليدية، والذي سيكون مشفوعاً بالتأكيد على التنفيذ الصارم للعقوبات المفروضات بالفعل ناهيك عن احتمالية فرض عقوبات جديدة، وهو القرار الذي تصر واشنطن على الدفع به للتصويت. وإن كان على الأغلب لن يقر على ضوء الاحتمالية العالية لاعتراض أي من موسكو وبكين عليه أو كليهما معاً. وتزيد هذه الاحتمالية في ضوء عناصر أربعة: أولها، الظرف الراهن للعلاقات بين كل من واشنطن من ناحية وموسكو وبكين من ناحية أخرى. وثانيها، الموقف الكوري الشمالي المنحاز تماماً إلى موسكو والمعارض لكل ما تقوم به واشنطن. وتكفي هنا الإشارة إلى أن كوريا الشمالية من بين دول قليلة عارضت بشكل صريح ودون مواربة كل القرارات الدولية التي حاولت إدانة روسيا أو معاقبتها على خلفية الملف الأوكراني. وثالثها، ما كانت تطرحه كل من موسكو وبكين منذ سنوات من ضرورة العمل على تخفيف العقوبات الدولية عن كوريا الشمالية إذا أريد لمسار المفاوضات الذي كان قد بدأ أن يستمر. بالطبع فإن كلتا الدولتين ترفضان رفضاً قاطعاً ومن حيث المبدأ العقوبات التي تفرض بشكل أحادي. ورابعها، أن موسكو تحديداً كانت قد أشارت إلى ضرورة إعادة النظر في العقوبات الدولية في ظل الظروف الصعبة التي فرضها انتشار كورونا في العالم كله علماً بأن ذلك لا يرتبط بكوريا الشمالية فقط.

في هذا السياق، يمكن توقع مسارين للمساعدات التي قد تتلقاها كوريا الشمالية: أولهما، عبر المنظمات الدولية. وثانيهما، عبر مساعدات مباشرة من دول بعينها هما بالأساس الصين وروسيا. ويمكن تصور مسار ثالث خاص بما يمكن أن تقدمه منظمات غير حكومية كورية جنوبية.

ومرة أخرى ليست مسألة وجود الفيروس من عدمه وحدها الخاضعة للتسييس والمناكفات والمكايدات وإنما مسألة تقديم المساعدات حتى في هذه الظروف. والأمر لا يقتصر على الطرف الذي قد يقدم المساعدات أو يشرع في مناقشة الأمر، وإنما مرتبط أيضاً بالطرف الذي يتلقى المساعدات. فمثلاً قد تقر كوريا الجنوبية لبعض الجهات الداخلية تقديم مساعدات وعلى الأغلب سيكون ذلك بعد الحصول على استثناءات من لجنة الجزاءات المعنية بكوريا الشمالية في مجلس الأمن الدولي ومع ذلك ترفض كوريا الشمالية تلقي تلك المساعدات نظراً لما تعتبره نهجاً سياسياً معادياً لها من قبل الإدارة الحاكمة الجديدة في سول. وللعلم، فقد بدرت عن تلك الإدارة تصريحات تفيد بالاستعداد لتقديم لقاحات إلى بيونج يانج. لكن حتى الآن لم يصدر رد فعل كوري شمالي حيالها، كما لم تعلن الإدارة الكورية الجنوبية عن آليات تقديم تلك اللقاحات. ليس التسييس فقط ما يمكنه إعاقة أو تعطيل وصول المساعدات إلى كوريا الشمالية وإنما الاعتبارات الإدارية والمالية واالوجستية هي الأخرى قد تؤخر من وصول المساعدات هذا في حال أقرت وقبلت.

يبدو أن ما يحدث في كوريا الشمالية على صعيد كورونا يصب في طريق وصول مساعدات صينية وروسية بالأساس. ففضلاً عن الاعتبارات الخاصة بطبيعة علاقات البلدين مع بيونج يانج، فإن كلاهما لديه لقاحات ينتجها وتوزع في الكثير من دول العالم. وكلاهما لديه خبرة في التعامل مع الفيروس ليس طبياً فقط وإنما سياسياً قبل العالم الخارجي، وهما مجاورتان لبيونج يانج، وكلاهما -على الأخص بكين- قدما مساعدات كبيرة لدول كثيرة في العالم، ومن ثم فمن باب أولى تقديم تلك المساعدات إلى كوريا الشمالية.

هل يمكن أن تؤدي الظروف المستجدة في كوريا الشمالية إلى التاثير على مساعيها الخاصة بالتسلح غير التقليدي؟، وبصيغة أكثر تحديداً: هل يمكن أن يؤدي ذلك إلى توقف التجارب الصاروخية؟، وهل يمكن أن يؤدي إلى تأخر إجراء التجربة النووية التي توقع الكثيرون من صناع القرار خاصة في واشنطن إجراءها قريباً؟.

كوريا الشمالية ورغم كل ما تعانيه من صعوبات على مدار عقود تولى القوة العسكرية عموماً التقليدية منها وغير التقليدية اهتماماً خاصاً وتضعها على رأس الأولويات، حيث يوجد لديها مبدأ قديم مفاده أنه لو انهار كل شيء وبقيت القوة العسكرية فإنه يمكن استعادة ما انهار لكن إذا ما انهارت القوة العسكرية فقد انهار كل شيء. كما أن البلاد قد قامت بتجارب صاروخية ونووية في ظل ظروف صعبة ولم تردعها العقوبات ولا الفيضانات ولا الجفاف ونقص المحاصيل الزراعية ولا حتى الجوع عن السير قدما فيما عزمت عليه. إذن فعلى الأرجح، لن يكون الظرف الراهن دافعاً لتغير في هذا التفكير الاستراتيجي وقد كان كيم جونج أون واضحاً في عدم السماح للظرف الراهن بأن يخلق ما أسماه بالفراغ الأمني، ومن ثم ضرورة اليقظة التامة في كل ما يتعلق بشئون الدفاع الوطني على كافة المستويات. لكن ربما لو استمرت الأوضاع في السوء وحدث نوع من الاختلاف في لهجة الخارج، وقبلت كوريا الشمالية بتنسيق أكثر مع الجهات الدولية المعنية وعلى رأسها منظمة الصحة العالمية وتدفقت إليها المساعدات الدولية ربما تؤجل ولو إلى حين القيام بتجارب تعد من قبل الخارج استفزازاً حتى لا تسبب حرجاً خاصة للصين. أما في حال تعقد الأمور أكثر وتوترها ومن ثم عدم حدوث زحزحة في موقف مجلس الأمن تجاه استثناءات العقوبات فلربما تعجل كوريا الشمالية بما كان في الإمكان تأجيله، وطبعاً إن حدث ذلك فستستمر المعزوفة الغربية حول كون النظام لا يقيم اعتباراً لصحة الشعب وأنه مصر على توجيه موارده الشحيحة أصلاً إلى برامج التسلح. كما أن الجانب الكوري الشمالي سيرد بلحنه المعتاد حول ما تقوم به تلك الأسلحة من ردع تجاه الخطط العدوانية تجاهه.

ويبقى تساؤل أخير: أليس من الوارد أن تخرج كوريا الشمالية على العالم باكتشاف نوع آخر من الفيروسات؟.

 


رابط دائم: