لبنان: استثنائية الانتخابات وطموح التغيير
2022-5-15

رابحة سيف علام
* خبيرة - مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية

 

تنعقد انتخابات مجلس النواب اللبناني هذه المرة في ظروف استثنائية. فهى الانتخابات اللبنانية الأولى منذ اندلاع الحراك الشعبي الغاضب في أكتوبر 2019، كما أن أنها الانتخابات الأولى منذ تدهور الوضع الاقتصادي والمعيشي اللبناني. ولذا تبدو هذه الانتخابات وكأنها طال انتظارها رغم أنها تنعقد في موعدها الدستوري المعتاد، وذلك بسبب المطالبات الشعبية الكثيرة بعقد انتخابات نيابية مبكرة كي يتمكن الشعب من قول كلمته حتى قبل الاستحقاق الدستوري.

 إذ كان القاسم المشترك بين الجموع الشعبية الغاضبة التي خرجت كل أسبوع في شوارع لبنان في مختلف المناطق منذ 17 أكتوبر 2019 ولعدة شهور متتالية، هو سحب الثقة والشرعية من النخبة السياسية اللبنانية سواء تلك الممثلة في البرلمان أو في الحكومة أو حتى في القصر الرئاسي. ولذا تبدو هذه الانتخابات وكأنها الفرصة الحقيقية لاختبار مدى قوة هذا الحراك الشعبي بعد مرور نحو ثلاث سنوات على اندلاعه، وأيضاً مدى قدرة النخبة الحاكمة على ترميم شرعيتها وإعادة التموضع في كرسي صنع القرار للأعوام الأربعة القادمة.

طبيعة المواجهة الانتخابية

ثارت الكثير من الشكوك حول عقد هذه الانتخابات، حيث كان البعض يحذر من رغبة النخبة الحاكمة في الاستمرار في الحكم وهي المتيقنة برغبة الشعب في معاقبتها انتخابياً وبالتالي لن تصل بلبنان إلى لحظة الانتخابات بسلام وستخترع كل المعوقات الممكنة لتأجيل الانتخابات أو حتى تمديد شرعية المجلس النيابي لعدة سنوات بشكل مؤقت. ولعل السوابق التاريخية كانت تعزز من هذه المخاوف رغم تعارضها مع الاستحقاقات الدستورية، فسبق وقام مجلس النواب اللبناني بالتمديد لولايته مرتين مما جعل مجلس النواب المنتخب في عام 2009 يستمر في عمله حتى عام 2018 بعد أن تم التمديد له على مرتين، مرة في عام 2013 لمدة سنة وخمسة أشهر ثم في عام 2014 حتى عام 2017[1].

من جهة ثانية، يُعول على المجلس المنتخب الكثير لتقرير مستقبل البلاد على أكثر من مستوى، فمن المعروف أن مجلس نواب لبنان ينتخب الرئيس، وإذ شارفت ولاية الرئيس الحالي على الانتهاء، سيتعين على المجلس الجديد انتخاب رئيس جديد في غضون أربعة أشهر على الأكثر. وتوضح لنا السوابق التاريخية كذلك أن انتخاب الرئيس اللبناني يعتبر من أهم محطات الأزمات في تاريخ لبنان السياسي، فعند كل استحقاق رئاسي كانت البلاد تشتعل بأزمة سياسية على أفضل تقدير، أو تنجر إلى فتنة طائفية أو سلسلة من الأحداث الأمنية المتلاحقة التي تهدد استقرار مؤسسات الدولة والسلم الأهلي في المجتمع.

 سبق الأمر أن حدث مع أزمة انتخاب ميشال عون نفسه، إذ سبقته حالة من الفراغ الرئاسي زادت عن العامين بين مايو 2014 وأكتوبر2016، ومن قبله انتخاب الرئيس ميشال سليمان، إذ سبقه فرغ رئاسي أيضاً  لعدة أشهر بين نوفمبر 2007 حتى مايو 2008 قبل أن تقع أحداث 7 مايو 2008 ويؤدي اتفاق الدوحة اللاحق لها إلى التوافق على انتخاب سليمان رئيساً[2].

 ومن قبل ذلك التمديد للرئيس إميل لحود نشبت بشأنه أزمة سياسية كبيرة وثورة عارمة على النفوذ السوري في لبنان آنذاك وكانت أهم محطاتها اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري في فبراير 2005. وإذا عدنا أكثر للوراء في التاريخ اللبناني سنجد سوابق مشابهة من انتخاب رئيس ثم اغتياله بعد ذلك بأيام أو انتخاب رئيس ثم اندلاع حرب أهلية بعد ذلك بعدة شهور أو أن حدث الانتخاب نفسه يدور حوله اشتباكات بين فريقين متنازعين. كان هذا الأمر يتم في سياق تاريخي مختلف عن السياق الراهن، ولكن السياق الراهن لا يقل خطورة من حيث عدم الاستقرار السياسي وتدهور الوضع المعيشي والاقتصادي.

ومع ذلك يُعول على المجلس الجديد أن يتخذ قرارات اقتصادية قاسية ولكنها ضرورية من أجل إنقاذ اقتصاد لبنان المتردي وإعادة الثقة في نظامه المصرفي والاحتياطي الدولاري وأيضاً في قدرة البلاد على توفير السلع الأساسية للمواطنين. فقبل الانتخابات بأسابيع قليلة، تمكنت حكومة ميقاتي من عقد اتفاق مبدئي على مستوى الخبراء مع صدنوق النقد الدولي من أجل توفير الدعم المالي والاقتصادي اللازم للبنان بشرط إقرار مجموعة من القوانين الإصلاحية في مجال إصلاح هيكل الموازنة وإصلاح الأدوات المالية وأيضاً إصلاح قطاعات الطاقة والحماية الاجتماعية والبنية التحتية[3]. ورغم أهمية هذا الاتفاق المبدئي ولكنه بمثابة وعود معلقة على جدية البرلمان الجديد والحكومة الجديدة المنبثقة منه في إصدار قوانين بهذه الإصلاحات وتنفيذها بالفعل، وهو ما يتوقف بشكل كبير على التشكيلة الجديدة في البرلمان والقوى التي ستتمثل فيه.

توزيع الدوائر وأهم القوى المتنافسة

تجري الانتخابات أيضاً في أجواء تنافسية للغاية وفق قانون عام 2018 والذي يخضع لمنطق النسبية ويزاوج بين مزايا نظام القائمة والفردي. فالناخب اللبناني يحق له انتخاب قائمة على مستوى الدائرة ولكنه يقوم بإعطاء صوت تفضيلي لنائب بعينه على مستوى القضاء. وتجري الانتخابات في 15 دائرة انتخابية تتنوع بين ثلاثة دوائر في الجنوب (صيدا وجزين- صور وقرى صيدا- النبطية وبنت جبيل وحاصبيا مرجعيون) بواقع 23 مقعداً، ثلاثة دوائر في الشمال (عكار- طرابلس والمينة والضنية- زغرتا وبشري والبترون والكورة) بواقع 28 مقعداً، وثلاثة دوائر في البقاع (زحلة- البقاع الغربي وراشيا- بعلبك الهرمل) بواقع 23 مقعداً، وأربعة دوائر في الجبل (كسروان جبيل- المتن – بعبدا – الشوف عاليه) بواقع 35 مقعداً، ودائرتين فقط في بيروت بواقع 19 مقعداً[4]. وتتوزع مقاعد مجلس النواب المائة وثمانية وعشرون مناصفة بين المسلمين والمسيحيين ليُعاد تقسيمها طائفياً مرة أخرى بحيث تكون 27 للشيعة و27 للسُنة و8 مقاعد للدروز ومقعدان للعلوين، بينما تتوزع المقاعد المسيحية إلى 34 للموارنة و14 للروم الارثوذوكس و8 للروم الكاثوليك و5 للأرمن الأرثوذوكس ومقعد واحد فقط لكل من الأرمن الكاثوليك والإنجيليين والأقليات المسيحية الأخرى. ويبلغ عدد المرشحين خلال الانتخابات 1043 مرشحاً بينهم نساء بنسبة تقترب من 15٪ وقد انتظموا في 103 لوائح في كافة الدوائر الانتخابية[5]، ثم انخفض العدد قليلاً ليلامس 1000 مرشح اذ عادة ما يتم الانسحاب في اللحظات الأخيرة قبل الانتخابات نتيجة لفشل بعض المرشحين في الانتظام ضمن لوائح التحالفات المختلفة. فيما يبلغ عدد الناخبين اللبنانيين نحو 3.967.507 ناخباً بينهم نحو 221 ألفاً ينتخبون لأول مرة بعد أن بلغوا سن الانتخاب وهو 21 عاماً[6].

احتدمت المنافسة على المقاعد الانتخابية بين عدة جبهات، فمن جهة الأحزاب التقليدية، هناك جبهة حزب الله وحلفائه وجبهة من يعارضون سلاح حزب الله وهم غير موحدين بل يتنافسون فيما بينهم وأبرزهم القوات اللبنانية و الكتائب اللبنانية وقوائم يدعمها فؤاد السنيورة وذلك بعد انسحاب سعد الحريري ودعوته للمقاطعة. أما من جهة قوى التغيير فهى غير موحدة أيضاً بل وتتنافس فيما بينها في أكثر من دائرة وتتسم بالتشرذم وعدم الانتظام في قوائم موحدة في مختلف الدوائر على امتداد الرقعة اللبنانية على عكس ما كان متوقعاً منهم.

 نجح حزب الله في إعادة توفيق التحالف بين حركة أمل من جهة وبين التيار الوطني الحر من جهة أخرى ليقوم بشد عصب تحالف يدعم المقاومة ويدعم تمسكه بسلاحه. فبعد سلسلة من التلاسن بين رموز التيار الوطني الحر وحركة أمل في مطلع العام الجاري، هدأت الأوضاع واضطر الطرفان للعودة للتحالف خوفاً من فقدان المقاعد النيابية على خلفية هذه الخصومة. وقد ساعد على ذلك بروز القوات اللبنانية كخصم مشترك للطرفين وأيضاً لحزب الله، حيث بنت القوات اللبنانية حملتها الانتخابية بالكامل على مقاومة "الاحتلال الإيراني" المتمثل في رأيها بحزب الله وحلفائه، فضلاً عن "تصحيح التمثيل المسيحي" وهي بذلك تعني استرداد الأغلبية البرلمانية للتمثيل الماروني من التيار الوطني الحر الذي كان قد حازها في انتخابات عام 2018.

 وتحت شعار "باقون نحمي ونبني" أعلن حزب الله عن قوائمه التي زاوج فيها بين الوجوه التقليدية التي كانت تمثله وبين الوجوه الجديدة التي تتميز بخبرة مالية أو مصرفية، في إشارة من حزب الله إلى اهتمامه بالجانب المالي والاقتصادي من الأزمة اللبنانية الراهنة. ويؤكد حزب الله أنه يخوض "حرب تموز سياسية" في إشارة إلى من يعارضون سلاحه من المنافسين السياسيين، إذ يعتبرهم مناصرين لإسرائيل في محاولة لحشد حماس جمهوره المناصر للمقاومة[7].

 أما القوات اللبنانية فقد طرحت مرشحين من نوابها الحاليين بالإضافة إلى مرشحين جدد من صفوفها ومن المتحالفين المحليين معها في عدة دوائر وهي في ذلك تحاول جنى ثمار فشل التيار الوطني الحر وجذب الجمهور الذي يريد معاقبته انتخابياً. أما الكتائب اللبنانية فلها قوائم بها رموزها التقليديين بالإضافة إلى مجموعة من الوجوه الشابة، بينما انشقت مجموعة من الكتائبيين القدامي وكونوا قوائم أخرى منافسة تحت عنوان التغيير وتحدي الطبقة السياسية التقليدية. وإذ يشترك كل من القوات والكتائب في شعارات مناهضة لسلاح حزب الله وهيمنته على السلطة، إلا أن الكتائب تتميز عن القوات بمحاولتها نفى "تهمة المشاركة في السلطة" عن نفسها وبالتالي تعتبر نفسها أنها كانت تحتل مقعد المعارضة وليست شريكة للنخبة السياسية في ما اقترفته من أخطاء سياسية واقتصادية أفضت إلى التدهور الراهن.

وإذ يؤثر انسحاب الحريري بشدة على المشهد السني في الانتخابات، حاول رئيس الوزراء الأسبق فؤاد السنيورة تجميع أصوات تيار المستقبل في بيروت حول قائمة "بيروت تواجه" التي ساهم في تشكيلها ورعايتها دون أن يترشح بها، ولكن انصرف قسم من جمهور المستقبل أيضاً لدعم قائمة منافسة تُسمى "هيدي بيروت" تحت رعاية رئيس نادي الأنصار لكرة القدم بالتعاون مع الجماعة الإسلامية وهي الفرع اللبناني للإخوان المسلمين. ورغم استمرار دعوات المقاطعة من قبل بعض مناصري الحريري، فلا يبدو أن المقاطعة ستكون سيدة الموقف في المشهد السُني بل التشرذم هو الأقرب للواقع، خاصة مع تكوين حلفاء حزب الله قوائم أخرى تنافس القوى السُنية التقليدية وأيضاً تنافس قوائم المجتمع المدني على المقاعد ذاتها التي كان يشغلها تيار المستقبل  فيما سبق[8].

أما في طرابلس، الثقل السُني الثاني بعد بيروت، فتتصدر المشهد قائمة "الإرادة الشعبية" برعاية فيصل كرامي وجهاد الصمد، بالإضافة إلى قائمة "لبنان لنا" التي كونها نواب المستقبل السابقون مثل مصطفى علوش وسامي فتفت، بينما يحاول أشرف ريفي العودة الي المشهد مرة أخرى من خلال قائمة "إنقاذ وطن" وذلك عبر تعاونه الوثيق مع القوات اللبنانية. وقد انتعشت دعوات المقاطعة في طرابلس عقب حادث غرق قارب الهجرة غير النظامية الذي وقع قبل ثلاثة أسابيع من الانتخابات وهدد حينها الطرابلسيون الغاضبون بمقاطعة الإنتخابات وعرقلة إقامتها في المدينة.

على الجانب الآخر، تخوض قوى التغيير معركتها مع النخبة السياسية التقليدية في كل الدوائر بلا استثناء ولكن يحدث أيضاً أن تتنافس قوى التغيير ضمن قوائم متضادة في عدة دوائر، بما يعني أن قوى التغيير التي مثلت المجتمع المدني في الانتخابات النيابية والبلدية السابقة أو تلك التي انبثقت من حراك 17 أكتوبر عام 2019 سقطت سريعاً هى الأخرى في فخ التناحر السياسي ولم تتوحد فيما بينها من أجل تفويت الفرصة على النخبة الراهنة في العودة إلى مقاعد مجلس النواب برصيد كبير من الأصوات مرة أخرى.

ومن أبرز القوائم التي تعبر عن قوى التغيير وتتنافس في بينها هي قوائم "بيروت مدينتي" و"قادرين" التي تتنافسان في دائرتي بيروت الأولى والثانية. كما تتمثل قائمة قادرين[9] أيضاً في أكثر من دائرة أخرى، ففي دائرة الشمال الأولى تحت مسمى "نحو المواطنة" وفي الشمال الثانية تحت مسمى "قادرين" وفي الشمال الثالثة تحت مسمى "قادرين نغير". أما في البقاع الأولى والثانية والثالثة وفي الجبل الأولى والثالثة والرابعة تحت مسمى "قادرين" أيضاً، أما في دائرة الجبل الثانية فتسمى "نحو الدولة".

وقد امتدت هذه القائمة لتنافس أيضاً في دوائر الجنوب على مقاعد ربما يتوقع البعض أن تكون محسومة لصالح الثنائي الشيعي، ولكن تبرز أيضاً قائمة "قادرين" في الجنوب الأولى، وقائمة "معاً للتغيير" في الجنوب الثانية و"قائمة معاً نحو التغيير" في الجنوب الثالثة. ورغم أن قوائم التغيير في دوائر الجنوب تضم عدداً من رموز العمل المدني والوطني ومنهم أسرى سابقين في سجون الاحتلال الاسرائيلي، إلا أنها واجهت دعايات العمالة والتشكيك في الوطنية والمحاباة لإسرائيل من جانب مناصري حزب الله في معرض الحملة الانتخابية السلبية ضدها للانتقاص منها وتشويهها.  

هل ستُغيِّر الانتخابات وجه لبنان السياسي؟

يشكك البعض في قدرة الانتخابات النيابية في تغيير وجه لبنان السياسي، فالبعض يشير إلى تأثير دعوات المقاطعة في دفع اللبنانيين إلى الإحجام عن التصويت واعتبارها تحصيل حاصل. فيما يحذر البعض الآخر من تشتيت وشرذمة الأصوات وخاصة الأصوات الداعمة لقوى التغيير في ظل تعدد قوائمها وتنافسها فيما بينها، مما يعني فشلها في حصد الحاصل الانتخابي الذي يمكنها من الدخول إلى مجلس النواب، خاصة أن الحاصل الانتخابي متغير من دائرة لأخرى ومرتبط بنسب المشاركة فيها ويتم حسابه بعدد الأصوات الكلية مقسوماً على عدد المقاعد المخصصة لكل دائرة.

بينما يعتبر آخرون أن اشتداد المعركة على أساس طائفي وتحريضي بين الأحزاب التقليدية قد يؤثر على التنافس ويرتد بلبنان إلى زمن انتخابات ما قبل الحراك الشعبي، حيث يخفت مطلب تغيير النخبة السياسية الحالية في مقابل صعود المنطق الطائفي والمال الانتخابي. ولا شك أن هذه الانتخابات هي الأصعب على الإطلاق في التنبؤ بنتائجها في ظل تغير المزاج الشعبي وتغير أوضاع المعاقل الأساسية لأغلب الاحزاب التقليدية، فضلاً عن تأرجح الصوت السُني عقب انسحاب الحريري زعيم السنة الأبرز.

ولكن على صعيد آخر، بددت انتخابات المغتربين المخاوف من المقاطعة، حيث عُقدت انتخابات الاغتراب على مرحلتين يومي الجمعة والأحد 6 و8 مايو الجاري في إيران و9 دول عربية و48 دولة أجنبية وشارك فيها بحسب المؤشرات الأولى 63% من أصل 225 ألفاً من المسجلين في جداول الانتخاب الاغترابي، حيث سُجلت أعلى مشاركة للبنانيين في أبوظبي بواقع 77% وأقل مشاركة للبنانيين في توجو بواقع 23%[10].  بينما بلغت نسبة المشاركة في جولة الاقتراع المبكر للموظفين والمدرسين المنتدبين لتسيير العملية الانتخابية والتي عُقدت يوم الخميس 12 مايو الجاري نحو 84%[11]، مما يعني أن مخاوف المقاطعة وانخفاض نسب المشاركة ربما تكون مبالغ فيها وغير حقيقية، ولكن مخاوف حدوث مشكلات أمنية أو تجاوزات ورشاوى انتخابية ربما تظل قائمة ويُعول على الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي للتصدي لها أولاً بأول لمنع انتشارها.

ومع ذلك يعتبر البعض أن الانتخابات وحدها لا تكفي رغم أهمية إجرائها، فإفراز الانتخابات لكيان غير متجانس هجين بين قوى تغيير وأحزاب تقلدية من شأنه أن يُشكل عائقاً أمام خطوات تشكيل الحكومة سريعاً وربما يعطل من تقدم لبنان في خطته الاقتصادية الإصلاحية التي اشترطها صندوق النقد الدولي لتسليمه حزمة المساعدات الموعودة.

فعادةً ما تستغرق الحكومات اللبنانية مدة طويلة للتشكيل وفي أحيان كثيرة يتنازع الفرقاء في تقاسم حصصها. ومن جهة ثانية يُخشى أن يسعى الخاسرون إلى الدحض في شرعية الانتخابات ويرفضونها أو يحاولون عرقلة تقدم تشكيل المجلس النيابي أو تشكيل الحكومة فيما بعد، وهي مخاوف حقيقية وتنسحب على الخاسرين المتوقعين سواء كانوا من الأحزاب التقليدية أو قوى التغيير، فدعايات التشكيك في شرعية الانتخابات تكاد تكون جائزة قبل حتى انعقادها وربما يستخدمها الخاسرون حينذاك لتسخين الوضع السياسي ومنع خطوات الإصلاح من التقدم.

لكن في كل الأحوال، تمثل الانتخابات النيابية هذه المرة فرصة حقيقية للتغيير في بنية وهيكل النخبة الحاكمة ولعلها تكون الانتخابات الأولى منذ الحرب الأهلية اللبنانية التي يصعب توقع نتائجها وستحمل مفاجآت كثيرة للناخبين والمرشحين والنخبة الحاكمة على حد سواء.  


[1]  ليلى بسام، البرلمان اللبناني يمدد ولايته حتى 2017، رويترز، 5-11-2014، https://cutt.ly/HHkkugf

[2] بين تصريف الحكومة وشغور الرئاسة كم مرة حكم الفراغ لبنان؟، سكاي نيوز عربية، 16 ديسمبر 2019، https://cutt.ly/nHkkyp9

[3]  الاتفاق البمدئي مع صندوق النقد خارطة طريق للنهوض الاقتصادي في لبنان، ليبانون 24، 9 أبريل 2022، https://cutt.ly/oHkktyD

[4]  الموقع الرسمي للانتخابات اللبنانية، الدوائر الانتخابية وتوزيع المقاعد لعام 2022، https://cutt.ly/eHkkeo5

[5] إكرام صعب، قوائم المرشحين تعج بالإعلاميين، سكاي نيوز عربية، 9 أبريل 2022، https://cutt.ly/XHkkqCc

[6]  خريطة تفصيلية لتوزع الناخبين في لبنان، الرأى، 4 مايو 2022، https://cutt.ly/pHkj6e5

[7]  السيد حسن نصرالله يعلن عن مرشحي حزب الله للانتخابات النيابية، الميادين، 2 مارس 2022، https://cutt.ly/FHkj8aj  

[8] محمد شقير، القائمة المدعومة من السنيورة تراهن على خلط الأوراق اقتراعاً، الشرق الاوسط، 4 أبريل 2022، https://cutt.ly/nHkj2Ww

[9] الصفحة الرسمية لتحالف "قادرين نخلي الأزمة فرصة" على موقع فيسبوك، https://cutt.ly/RHkkodW

[10] L’Orient le Jour, Législatives libanaises à l'étranger : voici les taux de participation à 21h, 8 Mai 2022,

https://www.lorientlejour.com/article/1298798/legislatives-libanaises-a-letranger-voici-les-taux-de-participation-a-21h.html

[11] الأهرام، "الداخلية اللبنانية": نسبة التصويت في مرحلة "اقتراع الموظفين" بلغت 84% ومستعدون للانتخابات الأحد، 13 مايو 2022، https://gate.ahram.org.eg/News/3512444.aspx

 


رابط دائم: