التقرير الاستراتيجي العربي 2020
2021-4-14

د. محمد عز العرب
* رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية - مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية

صدر عن مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام التقرير الاستراتيجي العربي في أبريل الجاري (2021)، وهو الإصدار الأم الذي يشارك فيه معظم خبراء وباحثي المركز منذ العدد الأول في عام 1985 وحتى العدد الرابع والثلاثين في عام 2021. وضم هذا التقرير ثلاثة محاور رئيسية، التفاعلات الدولية، والتفاعلات الإقليمية والعربية، وتفاعلات النظام السياسي المصري. وقد اعتادت أسرة تحرير التقرير أن يكون هناك خيط ناظم رابط بين أجزاء التقرير، يعبر عن الفكرة الرئيسية خلال عام، وتمثل التحول الرئيسي، في عام 2020، في انتشار جائحة كوفيد-19 كوباء عالمي، وفقاً لتصنيف منظمة الصحة العالمية، والتي امتدت تأثيراتها محلياً وإقليمياً.

ويشير معدو التقرير إلى أن جائحة كوفيد– 19 كان لها تداعيات على مستوى النظام الدولي وقواه الدولية والإقليمية. فمع صحة القول بأن النظام الدولي يمر منذ ما قبل الجائحة بمرحلة تغير عميق وسريع نحو التعددية، تفاعلت لتشكيلها قوى ظهرت لتبقى وتمارس أثرها تدريجياً، وعلى المدى الطويل، وقوى أخرى يمكن اعتبارها قصيرة المدى سريعة التغير، إلا أن ذلك لا ينفى وجود تأثير مستقل للجائحة العالمية على النظام الدولي، حيث سيشهد العالم نزوعاً نحو السياسات الصناعية، والحماية التجارية من أجل معالجة واستيعاب صدمات الجائحة، وذلك لا يعنى القضاء على العولمة والتجارة الدولية بقدر ما يعنى إعادة تشكيلها، خاصة في ظل الاضطراب الذي لحق بسلاسل التوريد وشلل الصناعات بعد قرارات الإغلاق، ومعاناة دول من نقص المخزون والواردات. كما ستزداد القيود وعمليات فك الارتباط بين الاقتصادين الأمريكي والصيني بما لذلك من تداعيات عالمية بحسبانهما أكبر اقتصادين في العالم.

التهديد الصيني

عززت الجائحة من التفاعلات الصراعية بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين، بل إن الجائحة نفسها كانت أحد محاور الصراع بين واشنطن وبكين، حيث حمّلت الأولى الثانية مسئولية ظهور الفيروس، ثم مسئولية انتشاره عالمياً، وذلك بخلاف اتهامات "تخليق" الفيروس. وقد عكس هذا الجدل عدم وجود استعداد للتعاون بينهما، وتزايد فرص صعود نظرية "التهديد الصيني"، بالإضافة إلى تهديدات وتداعيات الجائحة على الصين ومشروعها كقوة صاعدة في النظام العالمي، في الوقت نفسه الذي حققت فيه بعض المكاسب المهمة في إطار الجدل الذي دار حول دروس الجائحة. ولا يكفي تغير الإدارة الأمريكية لحدوث تحولات هيكلية في التوجهات الأمريكية إزاء الصين، بالنظر إلى تراكم مجموعة من التطورات الهيكلية التي تمثل مصادر مهمة لاستمرار التفاعلات الصراعية بين الجانبين، تتجاوز تداعيات كوفيد-19.

وعلى الجانب الآخر، اختبرت جائحة كوفيد-19 طبيعة العلاقات الأمريكية- الروسية، خلال عام 2020، واستمرار التنافس بينهما، الذي كان التوصل إلى لقاح للفيروس أحد محاوره، بالإضافة إلى التنافس بشأن قضايا التسلح الاستراتيجي، والتنافس فيما يخص مسارات القضايا الإقليمية والنفوذ في الدول الأخرى والذي تراجعت حدته. وبالنظر إلى تغير الإدارة الحاكمة في الولايات المتحدة الأمريكية وما يطرحه من تداعيات على مسار العلاقات الثنائية، فمن المرجح أن يضع جو بايدن حداً للازدواج النسبي الذي لوحظ بين الخطاب الرئاسى والسياسة الفعلية تجاه روسيا، أو بين الشخصي والموضوعي في فترة إدارة دونالد ترامب، وأنه سيمضي باتجاه سياسة أقوى مما اتبعته إدارة دونالد ترامب، بل ومن سياسة الاحتواء التي انتهجتها إدارة باراك أوباما أيضاً.

كما فرضت جائحة "كوفيد-19" تأثيرات سلبية عميقة في دول الاتحاد الأوروبي، على مستوى الأنظمة الصحية، وعلى المستوى الاقتصادي، ومثّلت أحد المخاطر الكبرى التي مر بها الاتحاد الأوروبي منذ نشأته، حيث تركت الجائحة تأثيرات كبيرة على العلاقات الأوروبية- الأوروبية، ومثلت تحدياً لمبدأ التضامن الأوروبي الجماعي، كما مثلت أيضاً فرصة لنشاط التيار الشعبوى والنزعات القومية.

صراع اللقاحات

لم تطرح جائحة كوفيد–19 إشكالية التعاون الدولي على الصعيد الأوروبي فحسب، بل طرحته كإشكالية عالمية، عدّت الإشكاليات المتعلقة باللقاح أحد مظاهرها، مثل التنافس والصراع في إنتاج اللقاح، وإعلان الشراكات بين شركات للأدوية وحكومات، بعضها ينتج والآخر يشارك بإجراء التجارب، وكذلك اتهامات القرصنة للحصول غير المشروع على بيانات ومعلومات مهمة تخص إنتاج اللقاحات. فضلاً عن إشكالية عدم العدالة في توزيع اللقاح.

وفيما يخص الصراعات المسلحة يمكن تحديد ثلاث خصائص عامة ميزتها خلال عام 2020، وهى استمرار الصراعات الداخلية، واتجاه معظم الصراعات العابرة للحدود للتهدئة بصورة مرحلية، وتزايد أهمية دور ونفوذ الفاعلين المسلحين "العنيفين" من غير الدول في تحديد مستقبل الصراعات الدولية في ظل انشغال الحكومات بمواجهة الوباء، بالإضافة إلى ما ستطرحه الجائحة على طبيعة وأشكال الصراعات، مثل احتمال تنامى أهمية السيطرة على الصناعات الطبية كإحدى قضايا الصراع الدولي، وتزايد أهمية الأسلحة البيولوجية في إدارة الصراعات الدولية، فضلاً عن احتمالية نشوب صراعات مسلحة بفضل التأثيرات الاقتصادية للأزمة.

وقد أثر انتشار الفيروس – من جهة أخرى– في نشاط الدول المكونة للتحالف الدولي لمكافحة الإرهاب، في ظل سحب بعض الدول لقواتها الأمنية والعسكرية خشية انتشار الوباء بين الجنود من ناحية، ولتعزيز قواتها الداخلية التي تقوم ببعض المهام المدنية والاقتصادية بجانب الإجراءات الأمنية الداخلية من ناحية أخرى، وهو ما منح الفرصة لتنظيمى "داعش" و"القاعدة" لإعادة ترتيب الأوضاع الداخلية، بجانب توظيفهما للفيروس لاستقطاب عناصر جدد. أما انعكاسات الفيروس على بنية تنظيم "داعش"، فقد تباينت باختلاف الأفرع. ففيما تزايدت حالات إصابة عناصره في سوريا والعراق واليمن وشرق آسيا، قلت احتمالات الإصابة في الساحل والصحراء، وغرب ووسط أفريقيا بفضل تمركز عناصر التنظيم في مناطق صحراوية بعيدة عن الوجود السكاني الكثيف.

تعايش أفريقي

فى ظل هذه الأوضاع، ومواجهة الجائحة عالمياً، شهدت منطقة غرب أفريقيا انتخابات رئاسية تنافسية في خمسٍ من دولها في توقيتات مختلفة من عام 2020، سواء قبل أو بعد انتشار كوفيد-19، وذلك في ظل ما تعانيه تلك الدول بالأساس من مشكلات التنمية والشرعية والتكامل القومي والهوية والتوزيع، بالإضافة إلى أزمة مدى قدرة الدولة على إنفاذ القانون. ورغم تمرير الاستحقاقات الانتخابية، عقب تعديل الدستور في توجو وساحل العاج وغينيا، فمن المرجح أن تشهد تلك البلاد موجات واسعة من عدم الاستقرار بسبب أزمات الشرعية المتوقعة، وانسداد أفق المشاركة فيها، وملاحقة المعارضة.

وفى السياق القاري العام، فإن جائحة كوفيد–19 كانت لها تداعيات سياسية واقتصادية عميقة على الدول الأفريقية، مثل وفاء بعضها بالاستحقاقات الانتخابية، أو تجميد حراكات شعبية، أو استغلال الجائحة في تمرير تعديلات دستورية سمحت لرؤساء بتمديد فترة ولاياتهم الرئاسية، بالإضافة إلى تباطؤ النمو الإجمالي، وتدهور معدلات المديونيات الخارجية في غالبية الدول الأفريقية، وذلك في ظل بنية تحتية ومنظومة صحية هشة واجهت بها دول القارة هذا الفيروس.

تراجع العولمة

شهد العالم، خلال عام 2020، الانكماش الأكبر في الاقتصاد العالمي، منذ فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، بسبب الأزمة الاقتصادية الناجمة عن إجراءات الإغلاق التي طبقتها معظم دول العالم للحيلولة دون انتشار الوباء، بالإضافة إلى التداعيات الاجتماعية للأزمة التي شملتفقدان وظائف أو ساعات عمل، وتزايد عدم المساواة بين الشرائح المختلفة عبر الإضرار بالشرائح الفقيرة والهشة حول العالم، فضلاً عن تأثيرات الأزمة في العمالة الوافدة والمهاجرين. وبشكل عام، من المحتمل ألا تعود الأمور كما كانت عليه قبل الأزمة، حيث أحدثت الجائحة تغيرات دائمة في شكل وأداء الاقتصاد العالمي، مما يمثل خطوة جديدة وكبيرة للخلف في مسار التكامل الاقتصادي العالمي.

وقد فرضت هذه الأزمة الاقتصادية تأثيرات في دور الدولة الاقتصادي في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا، حيث استدعت – كغيرها من الأزمات الاقتصادية - تدخلاً سريعاً وقوياً للدولة في الاقتصاد، وهو الدور الذي من غير المرجح أن يتراجعفور التعافي بعد انحسار الوباء، بل على العكس من ذلك، قد تكون الأزمة الراهنة نقطة تحول نحو استعادة دور الدولة في الاقتصاد، وتدخلها لكبح جماح عدم المساواة والفقر، وضبط أسواق العمل، وتوجيه الاقتصاد نحو الداخل بصورة أكبر.

كما أثرت أزمة كوفيد-19 في أسواق الطاقة العالمية بشكل ملحوظ، خلال عام 2020، وتعرضت لصدمة حادة على خلفية الإجراءات الاحترازية لمواجهة تأثيرات الجائحة. ثم بدأت الأسواق في التعافي التدريجي، خلال النصف الثاني من عام 2020، خاصة في الصين والدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية، قبل أن تسيطر عليها حالة من الغموض مع نهاية عام 2020 بسبب احتمالات اللجوء إلى إجراءات عزل وإغلاق جديدة. ومن المرجح أن تلعب جائحة كوفيد-19 دوراً مؤثراً، خلال الأعوام القادمة، في تحفيز "الانتعاش الاقتصادي الأخضر"، وتسريع وتيرة التحول الطاقوى المتوقع في العالم، والانتقال من عصر الوقود الأحفورى إلى عصر الطاقة المتجددة.

عودة الدولة

على المستوى العربي والإقليمي، كان التحدى الذى فرضه كوفيد-19 على المنظومة الصحية والأوضاع الاقتصادية والأزمات السياسية والصراعات المسلحة فى الأقليم العربى هو الاتجاه الرئيسى الذى حدد مسار التفاعلات الداخلية والبينية على مدار عام 2020. فقد برز تصاعد الطلب على دور الدولة الوطنية العربية باعتبارها الفاعل الرئيسى القادر على التصدى للجائحة، مع تفاوت نسبى من حالة إلى أخرى، إذ اضطلعت الدول بتخصيص المستشفيات للوقوف على حالات الإصابة، وتوفير أماكن الحجر الصحي، وإعلان حالة الطوارئ الصحية، وتطبيق حظر التجوال، وتقليص ووقف أنشطة الاقتصاد، وإجلاء الرعايا من الخارج فيما عرف بأزمة العالقين.

غير أن أزمة انتشار كوفيد- 19 كشفت عن حزمة من المشكلات لتلك الدول، منها تباين الالتزام بمعايير الشفافية، وإثارة الخلافات بين القوى والأحزاب السياسية، على خلفية سياسات المواجهة، وديكتاتورية القرب الجغرافى من بؤرة الانتشار، وزيادة حدة جغرافيا الانكشاف لعدة فئات مجتمعية، مثل المحبوسين فى السجون العقابية، والعالقين بالمطارات والمنافذ الحدودية، والمقيمين فى مخيمات اللاجئين، والنازحين من بؤر الصراعات المسلحة، وقاطنى المناطق العشوائية. وفى الوقت نفسه، وفرت تلك الأزمة فرصاً لبعض الدول، مثل تعزيز العلامة الوطنية، واختبار جاهزية البنى التحتية والتقنية، وتبيان فعالية نظم الإنذار المبكر.

تسييس الوباء

وقد اكتسب انتشار كوفيد-19 طابعاً سياسياً فى دول الجوار الإقليمى، إذ حرصت السلطات الإيرانية على التهوين من خطر انتشار الفيروس فى بدايته، لأنه تزامن مع انتخابات مجلس الشورى فى 21 فبراير 2020، علاوة على استحضار تأثير العقوبات الأمريكية فى انتشار الفيروس داخل إيران، نظراً للتداعيات السلبية، والتى قلصت من قدرة طهران على استيراد المستلزمات الطبية الخاصة بمواجهة الفيروس، فضلاً عن محاولة الحرس الثورى توظيف الجائحة لتعزيز دوره بعد إطلاقه حملة "الصحة والعلاج" التى هدفت إلى مكافحة انتشار الفيروس فى سبع محافظات.

كذلك الحال بالنسبة لتركيا، إذ كرس تفشى جائحة كوفيد-19 حالة الانقسام السياسي، لاسيما فى ظل سوء إدارة الأزمة، ومحاولة توظيف الأزمة لتشويه صورة المعارضة، وتباطؤ الوضع الاقتصادي، وتفاقم الأوضاع جنوب شرق تركيا، حيث يسود ضعف المنظومة الصحية، وانصراف الدولة عن تنمية المناطق الكردية، الأمر الذى يفسر تزايد حدة انتشار الفيروس بين الأكراد. كما كشفت أزمة كوفيد-19 عن أزمة النظام السياسى فى إسرائيل، وهو ما عكسته حزمة مؤشرات، مثل فجوة مستوى الخدمات الصحية بين مركز الدولة ومحيطها، وتعزيز "أمننة" القطاع الطبى، وتأثير الشلل السياسى فى فعالية الخطط الاقتصادية للتكيف مع الوباء.

تسكين ميداني

أما فيما يخص تأثير كوفيد-19 فى الأزمات الحكومية والحراك الشعبى فى السودان والجزائر ولبنان والعراق، فقد أشار معدو التقرير إلى أنه ضاعف من تأثير تلك الأزمات، وقلص من منسوب ذلك الحراك فى الحالات العربية المذكورة، فى ظل ضعف الخدمات الصحية، وتأزم الأوضاع الاقتصادية، وتعقيدات المراحل الانتقالية، والتلويح بخطر اختطاف التيارات الإسلامية ثمار الاحتجاجات الشعبية. كما أن الصراعات المسلحة فى كل من سوريا واليمن وليبيا هدأت وتيرتها، ليس بسبب أزمة كوفيد-19، وإنما لحسابات تتعلق بأطراف الصراعات والقوى الإقليمية الداعمة لها، حيث ساد نوع من "التسكين الميدانى"، خاصة فى ظل قطاعات صحية متهالكة.

وفيما يتعلق بمصر، ورغم أن جائحة كوفيد-19 كانت محور تفاعلات ونقاشات المجال العام في مصر – كما في العالم بأسره – خلال عام 2020، فإن ذلك العام كان حافلاً أيضاً، بتفاعلات سياسية ومجتمعية أخرى فرضت نفسها على المجال العام المصري. من ذلك إجراء انتخابات غرفتي البرلمان المصري، وإصدار قانون التصالح ومخالفات البناء، وما صاحب تنفيذه من جدل وتفاعل، وكذلك الجدل حول عمليات تنفيذ خطط التطوير العمراني. كما ظهرت القضايا ذات البعد القيمي، مثل أغاني المهرجانات وفتيات التيك توك، بالإضافة إلى الدور البارز الذي لعبته وسائل التواصل الاجتماعي في كشف ومواجهة العنف الجنسي.

ورغم محورية قضية التحرش والعنف الجنسي في تفاعلات وسائل التواصل الاجتماعي، خلال العام الماضي، خاصة في الربع الثالث منه، فإن جائحة كوفيد-19، بوصفها الحدث الأبرز، فرضت نفسها بقوة على وسائل التواصل الاجتماعي طوال العام. وقد تصاعد دور شبكات الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، في ضوء التحول الرقمي والإجراءات الاحترازية، التي اتخذت لمواجهة فيروس كوفيد-19 المستجد. وبطبيعة الحال، فقد كانت سياسات مواجهة وباء كوفيد-19 إحدى نقاط الجدل المثارة على مواقع التواصل الاجتماعي.

مركزية الدولة

اتخذت الدولة المصرية عدداً من الإجراءات لمواجهة فيروس كوفيد-19، حيث عملت على تفعيل السياسات الوقائية، واتخاذ قرارات اقتصادية واجتماعية تعالج آثار الأزمة وما صاحبها من إغلاق وركود. وقد اتسمت سياسات الدولة بالتكامل، فمع الدور المركزي لوزارة الصحة في الأزمة، لعبت مؤسسات الدولة الأخرى أدواراً، في إطار خطة الدولة المصرية لمواجهة الوباء، ومن ذلك أدوار القوات المسلحة والمؤسسات الإعلامية، وعدد من الوزارات، مثل التربية والتعليم، والتعليم العالي، والأوقاف، والسياحة، والتضامن الاجتماعي.

ولم يكن الاقتصاد المصري استثناءاً من التأثيرات السلبية لجائحة كوفيد-19 في الاقتصاد العالمي. إلا أن اندلاع الأزمة بعد أشهر قليلة من انتهاء مدة برنامج الإصلاح الاقتصادي وتبعاته الاجتماعية قد عمق من المصاعب الاجتماعية والاقتصادية التي تعانيها الأسرة المصرية، وهو ما يدعو إلى تفعيل سياسات أكثر جذرية لمعالجة الزيادة في الفقر، والعمل غير الرسمي، وعدم المساواة، وتراجع التشغيل، خاصة تشغيل الإناث، وهي المخاطر التي عززها برنامج الإصلاح، وفاقمتها أزمة كوفيد-19.

إلى جانب الأدوار المدنية غير التقليدية التي لعبتها القوات المسلحة، في إطار خطة الدولة لمواجهة فيروس كوفيد-19 المستجد، وتخفيف آثار أزمة السيول، لم تتأثر فعالية الأدوار التقليدية العسكرية في تأمين الحدود ومكافحة الإرهاب، كما استمرت القوات المسلحة في تنفيذ التدريبات والمناورات العسكرية بصورة طبيعية، إلى جانب جهود التعاون الدولي في المجال العسكري.

الاستقرار الإقليمي

على المستوى الخارجي، شهد عام 2020، تحركات مصرية عديدة على المستوى العربي والإقليمي والدولي، بما يتناسب مع أهداف السياسة الخارجية في دعم الاستقرار الإقليمي وسياسات حسن الجوار. واستطاعت مصر أن تحقق نجاحاً ملموساً في سياستها الخارجية في دوائرها المختلفة العربية والأفريقية، مما أدى إلى تفهم ودعم المجتمع الدولي لجهودها في تحقيق الاستقرار والتنمية والتقدم، وأعاد شبكة علاقات مصر الإقليمية والدولية إلى المستوى المأمول من التوازن والاحترام المتبادل، وساعد في تحقيق أهداف الأمن القومي المصري، ودعم قدرات مصر العسكرية والاقتصادية والأمنية والسياسية.

وظهر ذلك في لقاءات وخطابات الرئيس عبدالفتاح السيسى المختلفة، والتي جسدت الأولويات المصرية خارجياً على المستويين العربي والأفريقي؛ لاسيما التعامل مع الإرهاب والفكر المتطرف، وعلاقتهما المباشرة بالأزمات التي تمر بها بعض دول المنطقة، مثل سوريا وليبيا، والقضايا العربية متعددة الأطراف، وقضايا الاقتصاد والتعاون الدولي، وعلاقات مصر الخارجية على المستويين الثنائي والجماعي.

أيضًا، ظهر ذلك في تعدد مستويات الحركة المصرية الخارجية في تعاملها مع القضايا والأزمات العربية، حيث شملت أبعاداً عسكرية وسياسية واقتصادية وإنسانية، مما يجسد القدرة المصرية على الحركة الخارجية الفاعلة لحماية الأمن القومي، ودعم الاستقرار في المنطقة العربية. كما ظهر من خلال التعامل المصري مع الأزمة الليبية، والتمسك بموقف ثابت تجاه القضية الفلسطينية إزاء التسوية السلمية وإقامة دولة مستقلة على حدود 1967، ودعم وتطوير العلاقات المصرية-السودانية في شتى المجالات، خاصة المجالين السياسي والعسكري، فضلاً عن ترقية القدرات العسكرية المصرية والعربية، من خلال إجراء العديد من التدريبات المشتركة براً وبحراً وجواً.

دبلوماسية الصحة

كما استمرت مصر في تدعيم علاقاتها مع دول مجلس التعاون الخليجي في شتى المجالات، والتوجه نحو إقامة شراكة متعددة الأطراف ومتميزة مع الأردن والعراق، تهدف إلى تحقيق مصالح استراتيجية للدول الثلاث، خاصة على المستوى الاقتصادي، فضلاً عن قيام مصر بدور قوى في إدارة الأزمات الإقليمية، سواء في سوريا أو اليمن أو لبنان، إلى جانب تعزيز علاقاتها مع دول المغرب العربي. علاوة على ذلك، تبلورت دبلوماسية الإغاثة أو المساعدات الإنسانية التي وجهتها مصر للولايات المتحدة الأمريكية والصين وإيطاليا والعراق ولبنان وفلسطين واليمن والسودان وجنوب السودان والكونغو الديمقراطية وزامبيا وكينيا، لمساعدتها وإظهار التضامن معها، خاصة في أوقات الأزمات.

 


للحصول على إصدارات المركز
الإدارة العامة للتوزيع: مؤسسة الاهرام، شارع الجلاء، القاهرة- جمهورية مصر العربية
ولمعرفة نقاط التوزيع، اضغط على التالي:
 https://ahramstore.ahram.org.eg/CallMe.aspx
Tel: +202- 27703331 / +202- 27703930 / +202- 27703898 / +202- 27705127
Email: [email protected]
وللشراء والاشتراك الإليكتروني اضغط على الرابط التالي:
 https://ahramstore.ahram.org.eg/Index.aspx
أو الأتصال بالمركز مباشرة - مؤسسة الاهرام، شارع الجلاء، القاهرة- جمهورية مصر العربية
Tel: +202- 27705129 / +202- 27705552  - Mobile: +20- 1140999443


رابط دائم: