المشروعات العملاقة في مصر: انتقادات في الحاضر واحتفاء عندما تصبح تاريخاً
2021-2-18

سعيد عكاشة
* خبير مشارك - مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية

على وقع المشروعات الثلاثة التي أطلقتها مصر في السنوات الخمس الماضية، ونعني بها مشروع قناة السويس الجديدة، والعاصمة الإدارية، والقطار السريع الذي سيربط العين السخنة بالعلمين، مروراً بعدد من المدن الحالية وتلك المزمع إنشاؤها بموازاة خط القطار، على وقع هذه المشروعات، وما صاحبها من جدل وما واجهته من محاولات التشويه والتشكيك والمستمرة حتى اليوم، يبرهن تاريخ المشروعات الكبرى أو العملاقة أو القومية في مصر منذ القرن التاسع عشر على أن مثل هذه المشروعات التي تنقل البلاد خطوات واسعة نحو التقدم والتنمية الاقتصادية- الاجتماعيةً الشاملة، عادة ما تتعرض للهجوم والنقد الموضوعي وغير الموضوعي في لحظة طرحها وأثناء مراحل تنفيذها، ولكنها تتحول إلى أيقونات قومية بعد أن تصبح تاريخاً، وبعد أن تدرك الأجيال اللاحقة الأثر الذي تركته مثل هذه المشروعات على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية خاصة والحضارية عامة. وقد يتساءل البعض عما كانت ستؤول إليه هذه الأوضاع كلها لو كانت الانتقادات التي طالت هذه المشروعات عند طرحها وأثناء تنفيذها قد نجحت في وقف هذه المشروعات أو إلغائها، أو تأخير عملية بناءها؟ ويتفرع عن ذلك سؤال آخر مهم حول الدوافع التي تقود البعض للاعتراض على مثل هذه المشروعات والكيفية التي يعمل بها لحشد الرأى العام من حوله.

تحاول هذه الدراسة إثبات أن الحجج التي أُثيرت ضد المشروعات الكبرى في تاريخ مصر منذ القرن التاسع عشر وحتى اليوم لم تتغير رغم تغير الظروف والأوضاع التي تم فيها إنشاء هذه المشروعات زمنياً، وأن من يعارضون المشروعات الكبرى في مصر حالياً لم يستفيدوا من دروس التاريخ التي تبرهن أن مشروعات مثل قناة السويس وسكك حديد مصر والترام التي عرفتها مصر في القرن التاسع عشر، وبناء ضاحية مصر الجديدة وإنشاء كورنيش الإسكندرية وتشييد السد العالي في القرن العشرين، والتي باتت أيقونات قومية وعلامات فارقة في تاريخ التطور الحضاري لمصر بعد سنوات طويلة من إنشائها، كل هذه المشروعات كانت قد تعرضت للهجوم والانتقاد ومحاولة العرقلة منذ لحظة طرحها. وبالتالي، فإن ما تتعرض له المشروعات الكبرى الحالية (قناة السويس الجديدة، العاصمة الإدارية، القطار السريع)من هجوم وتشويه ليس بالأمر الجديد، وهو  يعبر عن نمط من التفكير السلبي المزمن، له أسبابه النفسية بقدر ما يشتبك أحياناً مع نمط من المكايدة السياسية المعبرة عن عجز عن التفريق بين معارضة نظام الحكم من منظور سياسي، وبين الحرص على المصلحة القومية من منظور استراتيجي.

تاريخ الصراع حول مشروعات القرن التاسع عشر

نتناول هنا المشروعات الثلاثة التي تمت في القرن التاسع عشر، وهي على الترتيب مشروع إدخال السكك الحديدية إلى مصر والذي بدأت عملية إنشائه عام 1854، ومشروع حفر قناة السويس عام 1859، ثم مشروع إدخال خطوط الترام للنقل في القاهرة والإسكندرية عام 1896.

وتجدر الإشارة هنا إلى أن نمط الحكم الذي ساد خلال هذه المشروعات جعل الأصوات التي عارضتها تأتي بشكل أساسي من داخل نظام الحكم وليس من خارجه من جهة، ومن القوى الأوروبية الاستعمارية المتنافسة على تعظيم مصالحها في الشرق، وخاصة مصر، من جهة أخرى، وهو أمر طبيعي حيث لم تدخل مصر عصر النظم شبه البرلمانية والمشاركة الشعبية النسبية في صناعة القرار إلا في أواخر عهد الخديوي إسماعيل (1863- 1879)، والتي اضطلعت فيها هذه النظم ببعض مهام مناقشة مشروعات القوانين ومراقبة أعمال الحكومة([1]).

كما أن التدخل الكثيف في الشأن المصري من جانب القوى الاستعمارية مثل فرنسا وبريطانيا والنمسا وروسيا كان قد بدأ في التأثير على قرارات محمد علي وخلفائه، وهو ما جعل مصير المشروعات الكبرى في مصر محصوراً في تلك المنافسات، سواء منافسات الدول الكبرى بين بعضها البعض أو بين أعضاء المجالس الاستشارية وشبه النيابية لولاة البلاد.

وفى هذا السياق، ارتبط مشروعا إنشاء السكك الحديدية وحفر قناة السويس بالتنافس البريطانى- الفرنسى، فحاولت الدولتان الحصول على حق امتياز إنشاء السكك الحديدية منذ عهد محمد علي. وقد تعطل فعلياً هذا المشروع بسبب هذا التنافس بعد أن كادت بريطانيا تفوز بهذا الحق عام 1834لولا اعتراض فرنسا عليه. كما ارتبط مشروع حفر قناة السويس، الذي ظل معروضاً على محمد علي حتى وفاته عام 1849، بالصراع البريطاني- الفرنسي حول مصر، حيث عارضت بريطانيا إنشاء القناة التي كانت فرنسا وإيطاليا والنمسا تسعى لإنشائها، وطرحت مشروع بناء السكة الحديد لوصل البحرين الأبيض والأحمر بديلاً لمشروع القناة. ولم يكن محمد علي يرفض المشروعين بسبب عدم جدواهما، ولكنه كان يخشى طموحات بريطانيا وإمكانية أن تشكل خطراً على استقلال مصر النسبي عن الدولة العثمانية، وطالب الدول الكبرى بأن تكون ضامنة لحياد القناة إذا ما تم إنشاءها، كما رفض تلقي تمويل أجنبي من هذه الدول لإقامة أى مشروع ضخم([2]).

ورغم أن عباس الأول- الذي خلف محمد علي بعد وفاته- عاد ووافق لبريطانيا على إنشاء خط السكك الحديدية، إلا أنه ظل يماطل في منح امتياز قناة السويس إلى الفرنسيين. وعلى عكس المزاعم التي أشارت إلى أن  خلفاء محمد علي قبلوا تنفيذ مشروعى القناة والسكك الحديدية بدون دراسات جدوى ودون استشارة، سواء من المقربين منهم من معاونيهم أو من الفنيين الأجانب، فإن الوثائق المصرية تشير إلى العكس، حيث لم يمنح الخديوي سعيد- الذي خلف عباس الأول عام 1854- امتياز حفر القناة النهائي لديليسبس إلا بعد خمسة سنوات كاملة من المداولات مع مستشاريه المصريين والأجانب. وقضى ديليسبس عشر سنوات ما بين عام 1849  وعام البدء في الحفر (1859) للتغلب على تحفظات الخديوي من جهة والسلطان العثماني والإنجليز من جهة أخرى، وإذا كان صحيحاً أن الشروط التي تم حفر القناة بمقتضاها وخاصة فيما يتعلق بالتزامات مصر في منح الأراضي الموازية للقناة للشركة المنفذة مجاناً، وأيضاً فيما يتعلق بحجم العمالة المصرية التي ستلتزم بتقديمها، كانت شروطاً مجحفة بالحقوق المصرية في بعض الجوانب، إلا أن الخديوي سعيد كان يدرك فيما يبدو أهمية عامل الوقت لأن تأخير إنشاء المشروع كان سيزيد مستقبلاً من تكاليفه. كما أن أطماع بريطانيا في مصر بعد أن منحها عباس الأول امتياز إنشاء السكك الحديدية قد أضحت تهديداً ماثلاً على أرض الواقع، ومن ثم كان من الضروري موازنة التهديد البريطانى بالسماح لفرنسا بإنشاء القناة، على أساس أن يحول التنافس بينهما -للانفراد بمصر- دون تهديد استقلالها. وعلى أية حال تمكن الخديوي إسماعيل لاحقاً وبعد توليه المنصب عام 1863من تعديل بعض الالتزامات واسترداد جزء من الحقوق المصرية المسلوبة([3]).

والجدير بالذكر أن الخلاف حول المشروع كان قد وقع أيضاً بين النخب المثقفة والتكنوقراطية بعد افتتاح قناة السويس بين مؤيد ومعارض. على سبيل المثال كان رفاعة الطهطاوي منحازاً بالكامل لمشروع القناة، من وجهة نظر حضارية تتعلق بأهمية المشروع في تسهيل تفاعل البشر عبر العالم بعد أن تتقارب المسافات كنتيجة لسهولة المواصلات بين القارات، ورأى أن هذا التفاعل سيأتي بالخير لمصر، لكن في مقابل هذه الرؤية المتفائلة بالمشروع، كان هناك موقف مغاير لاثنين من رجال النخبة البيروقراطية والعسكرية، عاشا نفس الفترة المبكرة المعاصرة لمشروع القناة كذلك، وإن كانا ينتميان إلى الجيلين التاليين للطهطاوي؛ وهما علي باشا مباركوالأميرالاي إسماعيل سرهنك، حيث اعتبر كلاهما أن المشروع أضر بمصر([4]).

ما يهمنا هنا هو الأثر بعيد المدى الذي تركه مشروعا قناة السويس ومد خطوط السكك الحديدية على مصر اقتصادياً واجتماعياً؛ فقد كان المشروعان بداية عصر التحديث بحق، ويكفي أن نشير إلى كم المشروعات الكبرى التي تم تنفيذها بالتوازي مع هذين المشروعين وبسببهما، مثل إنشاء مصلحة البريد عام 1866 والذي كان إنشاءها مستحيلاً بدون تسهيل وسائل النقل وعلى رأسها السكك الحديدية. كما شهدت البلاد طفرة كبيرة في إنشاء الكباري والقناطر لوصل أحياء القاهرة ببعضها البعض وتسهيل الوصول إلى القرى والأرياف لنقل السكان والبضائع. وقد بلغ عدد الكباري والقناطر التي أنشئت آنذاك ما يزيد على 400 جسر وقنطرة حتى عام1872 ، ووصلت شبكة الخطوط التلغرافية إلى عشرة أضعاف ما كانت عليه في أواخر عهد سعيد، وغطت الشبكة نحو 5582 كيلو متر. وبلغ عدد ما تم حفره في عهد الخديوي إسماعيل وحده نحو112  ترعة، وأهمها الإبراهيمية والإسماعيلية. وعلى ترعة الإبراهيمية تم إنشاء قناطر التقسيم الخاصة بعدد من الأقاليم بالدلتا والصعيد، بالتوازي مع إنشاء المعامل الكبرى للسكر (17معملاً في الوجه القبلى- المنيا وأسيوط وقنا والفيوم(، إضافة إلى معامل النسيج والزجاج والدباغة والورق([5]).

ولولا إنشاء المشروعين في هذه الفترة لظلت مصر بعيدة عن عصر التحديث والحداثة بمعناهما الحقيقي، إذ ترتب على إنشاء المشروعين ظهور مدن جديدة وتسهيل عملية انتقال السلع والخدمات والأفراد داخل القطر المصري ومع الدول الأخرى، وازدهرت العديد من الصناعات والمشروعات الاقتصادية والتجارية. والأهم من ذلك هو ما أحدثته هذه التطورات من تغير في العقلية المصرية التي تقبلت القرارات ذات الأثر الاجتماعي والثقافي مثل إلغاء نظام الذمة وإلغاء الرّق، والانفتاح على الثقافة الغربية التي خلقت جيلاً جديداً من النخب الفكرية قاطعت الثقافة التقليدية التي كانت سبباً رئيسياً في ركود وتدهور العقلية المصرية على مدى قرون طويلة.

وكانت الآثار الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لنقل التقنيات الحديثة إلى مصر أكثر وضوحاً عندما تبنت الدولة المصرية في عهد الخديوي عباس الثاني إدخال الترام إلى مصر عام 1895، ويصف أحد الكتاب هذا التأثير بقوله:" يعتبر يوم 13  أغسطس 1896، وهو اليوم الذي سارت فيه قطارات الترام تشق شوارع العاصمة، حداً فاصلاً في تاريخ المجتمع القاهري، إذ انتقل من دور البداوة والتأخر الذي يتمثل في استخدام الحمير والخيل وسيلة للانتقال إلى طور الحضارة والمدنية الذي يتمثل في استخدام القوة الكهربائية"([6]).  

الجدل حول المشروعات الكبرى في القرن العشرين

خلال القرن العشرين، شهدت مصر ثلاثة مشروعات كبرى غيرت بشكل جذري الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية بها. وكما شهدت المشروعات الثلاث السابقة في القرن التاسع عشر جدلاً حاداً عند طرحها وأثناء تنفيذ مراحلها المتعددة، شهدت المشروعات الثلاث خلال القرن العشرين بدورها جدلاً مشابهاً وربما أكثر حدة، وهي على الترتيب إنشاء ضاحية مصر الجديدة كأول نموذج لمشروع إسكاني خارج وادي النيل وداخل الصحراء، ثم مشروع بناء كورنيش الإسكندرية، وأخيراً مشروع السد العالي.

وقبل استعراض المعارك التي دارت حول المشروعات الثلاثة، يجب التنويه إلى كيفية تحول قناة السويس ومشروع السكك الحديدية إلى "أيقونات" قومية بالنسبة لعموم المصريين بعد ما يقرب من خمسين عاماً على إنشائها، حيث ظهر التكاتف الوطني من أجل منع تمديد عقد الامتياز والذي أراد الإنجليز تحقيقه عام 1908  مقابل مبلغ مالي ونسبة من الأرباح، إلا أن الحركة الوطنية المصرية تصدت للمشروع وتمكنت من رفضه داخل الجمعية التشريعية عام 1809 . وتصف بعض الدراسات كيف خرج أكثر من خمسة عشر ألف مصري للاحتفال برفض مشروع تمديد الامتياز واعتبار ذلك انتصاراً للإرادة الوطنية المصرية. وعلى الرغم من أن هذه المعركة صاحبتها دفوع كثيرة حول أن القناة كانت سبباً في احتلال مصر (وفقاً لما يعرف بـ"خداع" ديليسبس لعرابي وعدم منع الأول الإنجليز من مرور قواتهم في القناة كما وعد)، إلا أن المطامع في مصر من قبل الدول الأوروبية منذ حملة نابليون عام 1798، كانت واضحة وسواء تم إنشاء القناة في تاريخها المعلوم أم لا، لم تكن الدول الأوروبية وعلى رأسها بريطانيا وفرنسا ستتراجع عن مطامعها لاحتلال مصر، وكانت مشروعات السكك الحديدية وحفر القناة ستنفذ في ظل فقدان كامل للإرادة المصرية، بما يعني أن تحديث مصر منذ خمسينات القرن التاسع عشر، ورغم التحفظ على بعض شروط إنشاء المشروعين، لم يكن ليحدث أو ربما تأخر لسنوات أطول ([7]).

لقد وعى المصريون أهمية المشروعات الكبرى التي أُنجزت في القرن التاسع عشر، وتقبلوا حقيقة إيجابياتها بالنسبة للمصالح المصرية لاحقاً وبعد سنوات طويلة من تشغيلها، ولم يعد ينظرون إليها كسبب من أسباب فقدانهم استقلالهم، بل إن معركة تأميم القناة والتي دارت عام1956  دفعت بشعور الفخر القومي بالقناة إلى أعلى مستوياته، بعد أن تسبب صمود مصر في حرب 1956، ونتيجة أيضاً لتغير النظام الدولي، في إخراج الاحتلال الإنجليزي من مصر بشكل كامل ونهائي، والأهم هو استغلال عائدات القناة بعد تأميمها في تدبير جزء كبير من الموارد المطلوبة لبناء السد العالي.

وننتقل الآن إلى مناقشة ثلاثة مشروعات جرت خلال القرن العشرين.

1- مشروع بناء ضاحية مصر الجديدة

هناك مجموعة من الاعتبارات التي حكمت اختيار إنشاء حى مصر الجديدة كمشروع من المشروعات الكبرى في تاريخ مصر، من أهمها:

أ- كان هذا المشروع أول مشروع رائد للخروج بأهل مصر من السكن حول نهر النيل إلى السكن في الصحراء، وهو تحول اجتماعي كبير بقدر ما يعتبر تحولاً في ثقافة المصريين منذ التاريخ الفرعوني، حيث كان العيش حول النيل وبالقرب منه ليس فقط لدواعي اقتصادية وأمنية، بل كان شبه عقيدة دينية شُيدت على أساس كراهية "التيه"، أى المناطق الصحراوية البعيدة عن ضفاف النيل، واعتبارها مصدراً لكل الشرور.

ب- إن من تولى إنشاء المشروع البارون امبيبان، كان هو نفسه من نفذ مشروع الترام الذي بدأ تشغيله عام 1894، مما يعني أنه كان من المؤمنين بالأبعاد المتعددة لأي مشروع كبير، وكيف يمكن أن يقود إنشاء مشروع من هذا النوع إلى مشروع أضخم في مجال آخر.

ج- كانت الأوضاع الراكدة منذ الاحتلال الإنجليزي لمصر عام 1882، تحتاج إلى مشروعات كبيرة مثل الترام وإنشاء ضواحي جديدة، لكي تستعيد روح التحديث التي توارت إلى حد كبير في تلك الفترة.

د- استهدف المشروع استيعاب تطلعات الطبقة العليا والطبقات الوسطى الصاعدة لإدماجها في مشروع التحديث بكافة أوجهه.

وتُبين بعض الدراسات أن البارون امبيبان كان يضع كل هذه الاعتبارات في حسبانه لكى يحقق مشروعه الطموح الذي بدأ تنفيذه عام 1905، فقد كان يسعى لإثبات أن التنمية في الصحراء مربحة مثلها مثل السكن على ضفاف النيل. وكان من المقرر أن ترتبط المدينة الجديدة بالقاهرة وأحيائها القائمة. كما كان الهدف أيضاً هو جذب كافة السكان القادرين، سواء من الوطنيين المصريين أو من المستثمرين الأوروبيين، للسكن في المدينة.([8])

لكن كما كان متوقعاً، كانت هناك بعض المقاومة لإنشاء المشروع؛ فالمسئولون الحكوميون المصريون والنخب من رجال الأعمال داخل وخارج مصر على حد سواء كانت في البداية مترددة حول فكرة المدينة الصحراوية الجديدة "مصر الجديدة"، وذلك بسبب التحديات والمخاطر التي كانت تحيط بالمشروع، ومع ذلك استطاع  البارون امبيبان إقناع الحكومة المصرية من خلال بيان الفوائد التي ستعود عليها بما في ذلك السكن لموظفيها و10٪ من مبيعات الشركة([9]).

وكما لعبت المنافسات السياسية بين الدول الكبرى دوراً في ظهور مشروعى مد السكك الحديدية، وحفر قناة السويس، لعبت أيضاً هذه المنافسات دوراً في تمرير مشروع بناء مصر الجديدة، فبالرغم من تردد الممولين الأوروبيين في أول الأمر للمساهمة مع البارون، إلا أنه تمكن من الحصول على مساعدة من رجال الأعمال الفرنسيين، نتيجة مخاوف الفرنسيين من احتمال إشراك المساهمين الألمان، وما قد يترتب على ذلك من زيادة نفوذ ألمانيا عبر مساهمتها في مشروع " مصر الجديدة"، وبالتالي في الاقتصاد المصري. وهكذا، وبسبب التنافس السياسي والاقتصادي الفرنسي- الألماني في ذلك الوقت، قرر رجال الأعمال الفرنسيون دعم البارون امبيبان في مشروعه، وهو ما ساعده على تخطي بعض التحديات المالية التي واجهته حينها([10]).

ولم تكن أهمية إنشاء حي أو ضاحية "مصر الجديدة" تتوقف فقط على كونه اختراقاً تاريخياً لتعمير الصحراء بحى سكني، بل كانت سبباً في تنفيذ مشروعات تأخرت كثيراً مثل مشروع الصرف الصحي للقاهرة والذي تم إنجازه عام 1914، كما كان الحى الجديد سبباً في نمو شبكة الترام والمترو في القاهرة([11]). وتؤكد إحدى الدراسات الأهمية الكبيرة لإنشاء حى مصر الجديدة ومن قبله مشروع الترام الذي كان البارون امبيبان الذي بنى هذ الحى هو نفسه من أدخل مشروع الترام عام 1896، إذ تصف الدراسة القاهرة في أواخر القرن التاسع عشر على النحو التالي: "كانت القاهرة حتي بداية القرن التاسع عشر لا تزيد مساحتها عن خمسة أميال مربعة تمتد من القلعة شرقاً حتى العتبة الخضراء غرباً، بالإضافة إلى مينائى بولاق ومصر القديمة، وكان قلب المدينة يبعد أربعة أميال عن نهر النيل، وكانت هذه الأميال الأربعة خليطاً من المستنقعات والتلال الطينية والمقابر، ولم يكن السكن بها آمناً بسبب مواسم الفيضان". وترى الدراسة نفسها أن "القاهرة الحديثة تعود أولاً إلى الخديوي إسماعيل، ولكن توسعها الثاني الكبير وربما الأكبر بدأ بمشروعات عمرانية كبرى بين عامى 1895و1907، وهو ما يعني أن مشروعات الترام وإنشاء مصر الجديدة التي تمت في هذه الفترة كانت سبباً مباشراً في اتساع العمران ونمو التجارة وإنشاء الخدمات التي يحتاجها السكان والزائرون الأجانب، من أماكن ترفيه وفنادق ومنتزهات ومحلات تجارية وغيرها([12]).

بمعنى أكثر وضوحاً، كان إنشاء حى مصر الجديدة سبباً مباشراً في تعميق التحولات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي كانت قد بدأت في عهد محمد علي وخلفائه قبل أن تتوقف لفترة بعد الاحتلال البريطاني لمصر عام 1882، وهو ما يمنح هذا المشروع صفة المشروعات العملاقة بلا أدنى مبالغة.

2- مشروع إنشاء كورنيش الإسكندرية

أُنشِئ كورنيش الإسكندرية على عدة مراحل بدأت عام 1901 وانتهت عام 1932 في عهد الملك فؤاد ورئيس الحكومة إسماعيل صدقي باشا. وقد استغل النائب محمد فرغلي استقالة حكومة صدقي ليتقدم ببلاغ إلى البرلمان عن وجود شبهة فساد في تنفيذ المشروع في ديسمبر عام 1933، أي بعد استقالة صدقي بعدة شهور. وقبل استعراض هذه القضية التي طالت واحداً من أهم المشروعات الكبرى في تاريخ مصر، يمكن إلقاء نظرة على أوضاع مدينة الإسكندرية في أواخر القرن التاسع عشر لمقارنته بما أصبحت عليه بعد الشروع في بناء الكورنيش وحتى الانتهاء منه.

فقد ظلت مدينة الإسكندرية في حالة إهمال كامل عبر نحو ألف عام، ولم يبدأ ازدهارها الحقيقي إلا مع مجئ محمد علي. ويورد أحد الباحثين تاريخ المدينة بقوله: "نمت المدينة من مجرد بلدة يقطنها حوالي 8000 نسمة في مطلع القرن التاسع عشر لتصبح مدينة كبرى يبلغ تعدادها 100000 نسمة عند وفاة محمد علي عام 1849نتيجة لعدة عوامل على رأسها سياسة التسامح التي اتبعها الباشا تجاه الأوروبيين([13]).

غير أن ضرب المدينة على يد الأسطول البريطاني عام 1882، تسبب في دمارها وإدخالها في حالة كمون اقتصادي أثر على مكانتها حتى بداية القرن العشرين، ولكنها بدأت في العودة للحياة مع إنشاء المرحلة الأولى لمشروع الكورنيش عام 1901، وشكلت الإسكندرية منطقة جاذبة للسائحين المصريين والأجانب خاصة في فترة الثلاثينات، عقب انتهاء آخر مراحل المشروع، وهو ما انعكس على أنماط النشاط الاقتصادي بحيث ارتفع معدل العاملين في قطاع الخدمات وفي القلب منه الخدمات الترفيهية بشكل كبير، منذ نهاية الحرب العالمية الأولى، وهو ما لم يكن ليتحقق إلا مع إنشاء كورنيش الإسكندرية الذي عزز من ظهور الفنادق والبنسيونات والمسارح والسينمات، وخدمات النقل وتجارة الأغذية وغيرها. ويذكر الدكتور جلال أمين ما أصبحت عليه مدينة الإسكندرية بالنسبة للمصريين بأن معنى "التصييف" كان منذ الثلاثينات يعني الذهاب إلى الإسكندرية سواء للأسر المنتمية للطبقة العليا أو الوسطى، ولم تحتل مدينة من المدن المصرية مثل هذه المكانة في قلوب المصريين، خاصة الفنانين والمثقفين وحتى السياسيين([14]).

غنى عن القول إذن أن الإسكندرية لم تزدهر إلا بعد أن شرعت الحكومات المصرية المتعاقبة منذ عام1901  في إنشاء الكورنيش بمراحل خمسة متعاقبة، كان أطولها هو ما تحقق في ظل وزارة إسماعيل صدقي باشا التي استقالت عام 1933، وهو العام الذي شهد توجيه الاتهام لصدقي بوجود شبهات فساد في تنفيذ المشروع، وهو الجزء الظاهر فقط من المعوقات التي واجهها منذ بواكيره الأولى، وكان على رأس هذه المعوقات رفض القوات البريطانية إخلاء ثكناتها في منطقة مصطفى كامل لاستكمال بعض مراحله إلا بعد أن حصلت على تعويضات كبيرة.([15])

وتضمنت الاتهامات التي طالت صدقي ادعاءات بأنه ضغط على المجلس البلدي (عندما كان يشغل منصب سكرتيره بين عامى 1900و1910) لكى يتم تنفيذ المشروع دون دراسات جدوى، كما أنه أعطى موافقته، بعد أن أصبح رئيساً للوزراء، على بناء مرحلة الكورنيش الأخيرة، بشكل سريع وغير مألوف!. ورد صدقي على هذه الادعاءات وأهمها ما يتعلق بالاتهام الأخير- سرعة الموافقة- قائلاً: "لقد كانت المهلة الممنوحة لوزير الداخلية لإبداء رأيه في المشروع ثلاثة أيام وقد أقررته في يومين لأني أعرف المشروع ومزاياه ونواحيه ومداه والوسائل التي بها تدفع نفقاته، وقد كنت وزيراً للداخلية والمالية، مما جعلني أعرف المشروع معرفة تامة بغير إضاعة وقت طويل"([16]).

وهنا، يمكن القول إن مشروع كورنيش الإسكندرية واجه الاتهامات والعراقيل نفسها التي واجهتها المشروعات الكبرى من قبله. وبطبيعة الحال أُغلق ملف الاتهامات التي وُجهت لصدقي باشا دون توجيه أى لوم له. وكان من الواضح أن القضية لم تُفتح أساساً إلا للانتقام منه، خاصة أنه بعد انشقاقه عن حزب الوفد في العشرينات، ظل مستقلاً في مواجهة الجميع، وكانت آراؤه حول دستور23  ومفاوضاته مع الإنجليز وصدامه مع القوى اليسارية سبباً في حملة كراهية ضده استمرت حتى وفاته عام 1950. ولكن مشروع الكورنيش الذي كان له الفضل الأول في إحياء الإسكندرية بعد دمارها وإهمالها في أواخر القرن التاسع عشر ظل شاهداً على إنجازاته التي لا يمكن التقليل منها.

3- مشروع السد العالي

يحتل مشروع السد العالي مكانة متميزة بين المشروعات الكبرى التي أنجزتها مصر في القرن العشرين، ليس فقط لتأثيراته الاقتصادية والاجتماعية الهائلة منذ إنشائه وحتى اليوم، بل أيضاً لأنه أكثر مشروعات ذلك القرن الذي واجه عراقيل سياسية هائلة خاصة من الدول الغربية منذ لحظة طرحه. كما أنه تعرض لحملة شعواء في سبعينات القرن الماضي اتهمته بتخريب البلاد وتهديد أمنها الاقتصادي، وحتى الوجودي، من جانب جماعة الإخوان المسلمين، كما سيتضح لاحقاً.

وقد اعتبرت ثورة يوليو1952  مشروع السد العالي تحدياً قومياً، فالدولة التي كان اقتصادها يقوم على الزراعة كانت تفتقر للقدرة على زيادة المساحات المنزرعة، كما كانت تواجه على الدوام أخطار الفيضانات العالية أو المنخفضة والتي قد تتسبب في كارثة اقتصادية واجتماعية لا قبل للبلاد بمواجهتها. ولم يكن تخزين المياه وراء سد عملاق أمراً ضرورياً لتحسين اقتصاديات الزراعة وتأمين البلاد من الفيضانات أو سنوات الجفاف فقط، بل كان يشمل أيضاً إنتاج الكهرباء الضرورية لمد السكان بما يحتاجونه منها ولاستغلالها أيضاً في إقامة بنية صناعية ضخمة تنقل اقتصاد البلاد من الاعتماد الحصري على الزراعة إلى اقتصاد متنوع تشغل فيه الصناعات المتطورة حيزاً كبيراً لسد احتياجات الاستهلاك المحلي. 

وكما ترافق إدخال السكك الحديدية مع حفر قناة السويس في القرن التاسع عشر، ترافق طموح مصر لبناء السد العالي مع معركة أخرى حول قناة السويس، فكما هو معروف أدى رفض البنك الدولي منح مصر قرضاً لبناء السد، بإيعاز من الولايات المتحدة وبريطانيا، إلى اتخاذ الرئيس جمال عبد الناصر قراراً بتأميم القناة عام 1956، والذي تبعه العدوان الثلاثي على مصر في العام نفسه، والذي أدى إلى خروج الاحتلال البريطاني من مصر بشكل نهائي، والشروع في تنفيذ مشروع السد عام 1960([17]). والواقع أن معارضة إقامة السد في ذلك الوقت، سواء من بعض المهندسين المصريين أو من السياسيين، كانت هامشية قياساً إلى المحاولات المحمومة من جانب الدول الغربية لوقف المشروع. ومع فشل الأخيرة في منع إقامته، ومع بدء العمل فيه، تحول المشروع إلى معركة قومية تمت تعبئة كل الطاقات الحكومية والشعبية فيها، رغم أن بعض الدراسات تشير إلى أن بعض المعادين للمشروع كانوا يبثون الشائعات بين العمال الذين أرادوا الذهاب للعمل في المشروع، وادعوا أنه سيقام بالسُخرة كما حدث في مشروع القناة في القرن التاسع عشر([18]).

وانتهى العمل في المرحلة الأخيرة من السد وتم افتتاح المشروع بكامل طاقته في بداية عام 1971، بعد وفاة الرئيس عبد الناصر بوقت قصير، لتبدأ بعد ذلك بسنوات قليلة، وبالتحديد في عام 1977، حملة تشكيك هائلة في مشروع السد لم تقتصر على التشكيك في جدواه، أو التقليل من فوائده فحسب، بل طالبت بهدمه لحماية البلاد من أخطاره. وكما كان متوقعاً، قادت جماعة الإخوان المسلمين هذه الحملة في محاولة للانتقام من عبد الناصر الذي كان قد صفى معظم تنظيمها خلال عامى 1954و1966قبل أن تعود للحياة مجدداً في السبعينات.

ولسنا في معرض إعادة سرد ما كتبه الإخوان في هذه الفترة عن السد والذي طالب مرشدهم عمر التلمساني بهدمه، وقد قام الكاتب فيليب جلاب بإصدار كتاب للرد على هذه الهجمات من جانب الإخوان وغيرهم([19]). ولكن الرد الأقوى جاء عملياً عندما تعرضت مصر لما سمى في حينها بـ"سنوات الجمر"، خلال الفترة (1979-1987)، حيث انخفض تدفق النيل الأزرق في تلك الفترة إلى مستوى تدفق السنوات العجاف والذي يقدر بنحو 20إلى 25 مليار متر مكعب، وهو ما انعكس على تدفق المياه لنهر النيل، إلا أن السد العالي حدَّ من تعرض مصر لأزمة كبيرة إثر انخفاض تدفق المياه من النيل الأزرق.

في تلك الفترة كان مخزون بحيرة ناصر 133 مليار متر مكعب عند مستوى177.75  متراً عام 1979، انخفضت إلى 125 مليار متر مكعب عام 1980/1981 ثم واصل المخزون انخفاضه مع السحب حتى بلغ نحو 37 مليار متر مكعب عند منسوب149.4  متر فوق مستوى البحر عام 1988 قبل بدء الفيضان في يوليو من هذا العام. والمعروف أن التخزين حتى منسوب 147 متراً يوازي نحو 31.6 مليار متر مكعب، وهو ما يعتبر "تخزيناً ميتاً" مخصصاً لاستيعاب ترسيب الطمى في البحيرة على مدى 500 عام.

ووصل المخزون الحى للبحيرة إلى نحو 5.4 مليار متر مكعب، قبل أن يأتي الفيضان العالي الذي حدث في صيف عام 1988، ومعه رفع منسوب بحيرة ناصر إلى نحو168  متراً يوازي مخزوناً قدره89.2  مليار متر مكعب منها 31 مليار متر مكعب "مخزون ميت" ليبقى نحو 58.2 مليار متر مكعب "مخزون حى"، أى يمكن استخدامه في الأغراض المختلفة([20]).

وتوضح هذه البيانات كيف كانت الانتقادات التي وُجهت إلى مشروع بناء السد العالي- والتي وصلت إلى حد المطالبة بهدمه بعد نحو عشرين عاماً من إطلاق العمل فيه- إحدى السمات المشتركة لكل المشروعات العملاقة في تاريخ مصر، حيث تتعرض للهجوم والتشويه عند طرحها وأثناء تنفيذها، ولكن عندما تغدو تاريخاً وعندما تكشف المرحلة المعاشة في فترة طويلة تالية عن مدى فائدتها، يظهر مدى بُعد الرؤية لدى القيادة السياسية التي اتخذت قرار تشييدها رغم كل الاعتراضات التي أثيرت من حولها في لحظتها، وهو ما يمكن أن ينطبق على المشروعات الثلاثة العملاقة التي أطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسي في السنوات القليلة الماضية، كما سنبين لاحقاً.

مشروعات القرن الواحد والعشرين

إذا كان القرنان التاسع عشر والعشرون قد شهدا تنفيذ ستة مشروعات عملاقة ورائدة، فإن مصر في خلال السنوات القليلة الممتدة من عام 2014 وحتى اليوم قد أطلقت مئات المشروعات الضخمة التي تستهدف الاستعداد للمستقبل البعيد، ولكننا نستعرض هنا ثلاثة مشروعات تستحق أن يُطلق عليها مسمى "المشروعات العملاقة"، تلك التي بفضلها تتغير كل أوجه الحياة الاقتصادية والاجتماعية بل والعقلية أيضاً (التغير الثقافي).

المشروعات الثلاثة التي نلقي الضوء عليها هنا بعضها تم تنفيذه بالفعل مثل قناة السويس الجديدة، وأخرى أوشكت على الاكتمال على غرار العاصمة الجديدة، وثالثة تم تدشينها هذا العام كمشروع بناء خط القطار السريع متعدد المراحل الذي يستهدف وصل جنوب مصر بشمالها في قلب الصحراء بعيداً عن الخط القديم الذي ربط جنوب البلاد بشمالها بمحاذاة النيل. وسوف نبدأ بالمعلومات المتاحة عن المشروعات الثلاثة، لنناقش بعدها أهم الاعتراضات التي أثيرت ضدها.

1- مشروع قناة السويس الجديدة

شمل المشروع إنشاء قناة موازية بطول 72 كيلو متر، منها 35 كيلومتر حفراً جافاً و37 كيلومتر توسعة وتعميق للقناة الأصلية (القديمة) والبالغ طولها 190 كيلو متر. وتضمن مشروع القناة الجديدةمشروعات فرعية عددها 42 مشروعاً، منها:

- تطوير طرق (القاهرة- السويس)  و(الإسماعيلية - بورسعيد).

- إنشاء نفق الإسماعيلية الذي يمر بمحور السويس للربط بين ضفتى القناة (شرق وغرب).

- إنشاء نفق جنوب بورسعيد أسفل قناة السويس لسهولة الربط والاتصال بين القطاعين الشرقي والغربي لإقليم قناة السويس.

- تطوير ميناء نويبع كمنطقة حرة.

- تطوير مطار شرم الشيخ.

- إنشاء وصلات مياه جديدة على ترعة الإسماعيلية حتى موقع محطة تنقية شرق القناة لدعم مناطق التنمية الجديدة. وكذلك إقامة مطارين، وثلاثة موانئ لخدمة السفن، ومحطات لخدمة السفن العملاقة من تموين وشحن وإصلاح وتفريغ البضائع، وإعادة التصدير، وإقامة وادي السيليكون للصناعات التكنولوجية المتقدمة، ومنتجعات سياحية على طول القناة، إلى جانب منطقة ترانزيت للسفن ومخرج للسفن الجديدة، مما سيؤدي إلى تأسيس مجتمعات سكنية وزراعية وصناعية جديدة ستوفر ما يزيد عن مليون فرصة عمل للشباب المصري. وكان من المقرر أن تدوم فترة تنفيذ المشروع ثلاث سنوات لكن الرئيس عبد الفتاح السيسي طلب من المسئولين عن تنفيذ المشروع تقصير هذه الفترة إلى عام واحد فقط.

2- مشروع العاصمة الجديدة

يستهدف المشروع إنشاء عاصمة جديدة تكون بمثابة مركز سياسي وثقافي واقتصادي رائد لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من خلال بيئة اقتصادية مزدهرة تدعمها الأنشطة الاقتصادية المتنوعة، وتحقيق التنمية المستدامة لضمان الحفاظ على الأصول التاريخية والطبيعية المميزة التي تمتلكها القاهرة، وتسهيل المعيشة فيها من خلال بنية تحتية متطورة.

3- مشروع القطار السريع

يستهدف المشروع تنفيذ منظومة متكاملة للقطار الكهربائي السريع في مصر بإجمالى أطوال حوالي 1000 كيلو متر على مستوى الجمهورية، وبتكلفة إجمالية قدرها 360 مليار جنيه مع البدء الفورى لتنفيذ الخط الذي سيربط مدينة العين السخنة بمدينة العلمين الجديدةمروراً بالعاصمة الإدارية الجديدة.

منذ لحظة الإعلان عنها وأثناء مراحل تنفيذها، واجهت المشروعات الثلاثة المذكورة العديد من الاعتراضات التي تعلقت بالادعاءات التالية:

1- أنه لم تُجر دراسات جدوى على الإطلاق.

2- أن المشروعات قديمة ولم تنفذ من قبل لعدم جدواها وفقاً لدراسات الجدوى التي أُجريت عليها بالفعل.

3- أن هذه المشروعات ليست أولوية في ظل الظروف المعيشية التي يعاني منها المصريون، وكان من الأفضل تأجيلها وتوجيه ميزانياتها لتحسين التعليم والخدمات الصحية والاستثمار في المشروعات الإنتاجية.

4- غياب المعلومات التفصيلية والافتقار إلى الشفافية في التنفيذ.

5- أن هذه المشروعات ستؤدي إلى زيادة الديون الخارجية مما يُعرِّض اقتصاد البلاد لمخاطر جمة مستقبلاً.

6- أن الدولة تحتكر قطاع الإنشاءات وتٌقصي القطاع الخاص من المشاركة في هذه المشروعات.([21])

 وإذا ما قمنا بتحليل هذه الادعاءات، سنجد أن مصدرها الرئيسي هو الحس "الشعبوي" الذي بات يُغلِّف كل المناقشات في المجال العام ليس في مصر وحدها بل في العالم أجمع، خاصة مع انتشار الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، التي تتناول أعقد الموضوعات وأخطرها بنوع من التبسيط الشديد، كما لا تخلو من نشر المعلومات الكاذبة، أو المبتورة، التي يسهل من خلالها تشويه أي قضية أو أي مشروع وتفسيرهما على نحو تآمري. ويكفي أن نشير إلى ما حذرت منه المستشارة الألمانية أنجيلا ميركيل وهى تتحدث إلى الرأي العام في بلادها على خلفية الصعوبات التي تواجهها أوروبا لإقناع المواطنين بالتعامل بشكل علمي وبثقة في الدولة عند تناول جائحة كورونا، حيث قالت: "إن ما يجري -تقصد التشكيك في المعلومات الرسمية عن كورونا وسبل مواجهتها- يُعد هجوماً على أسلوب حياتنا العام". وأضافت أنه و"منذ عصر التنوير، سارت أوروبا في طريق تشكيل نظرة للعالم، على أساس حقائق. وإذا تفككت النظرة للعالم فجأة أو صارت غير واقعية، سيكون حينئذٍ من الصعب للغاية التوفيق بين ذلك، وبين أسلوب حياتنا بشكل عام"([22]).

ومن سمات الثقافة الشعبوية المنتشرة بقوة حالياً، أنها تنطلق من مزاعم غير واقعية تطالب بنشر كافة المعلومات عن أية مشروعات تقوم الحكومات بتنفيذها تحت حجة حق الشعب في محاسبة حكامه!، وهى حجة تتناقض مع مطلب الدولة الديمقراطية التي يدعي الشعبويون ظاهرياً أنهم يسعون إلى تحقيقها، فالدولة الديمقراطية هى الدولة التي يحكمها ممثلون للأمة يتم انتخابهم لكى يتولوا هم والمؤسسات التي ينتمون إليها (الرئاسة، البرلمان، الحكومة) تحقيق مصالحها، وهى عكس الديمقراطية المباشرة التي لا يمكن تطبيقها في الأغلبية الساحقة من المجتمعات الحديثة، والتي تقوم على إجراء استفتاء شعبي على كافة القرارات التي تتخذها الحكومة. وحتى النموذج الأبرز للديمقراطية المباشرة والموجود بسويسرا يعاني من مشكلات عديدة أهمها أن نسبة كبيرة من المواطنين ربما لا تشارك في العملية السياسية والتشريعية، لأن هناك قضايا معقدة من الناحية الفنية والعلمية قد تفوق إدراكهم، وبالتالي يصعب عليهم الإدلاء برأى فيها([23]).

وسواء في النظم التمثيلية أو نظم الديمقراطية المباشرة، وأيضاً بسبب المنافسات والصراعات بين الدول على المصالح الاقتصادية والأمنية، لا يمكن السماح بنشر كافة المعلومات التي تمتلكها الدولة أو الإفصاح عن التوجهات التي تستهدفها من وراء تنفيذ بعض المشروعات، والمكان الطبيعي لتداول هذه المعلومات يكون داخل مؤسسات الدولة، مثل الحكومة والبرلمان ولجانه المتخصصة.

ومن أجل عدم الاستفاضة في هذا الجانب النظري، يمكن إبداء عدة ملاحظات على الاعتراضات الستة السابقة، وذلك على النحو التالي:

1- تتناقض هذه الاعتراضات مع بعضها البعض، فمثلاً تتحدث المواقع التابعة لجماعة الإخوان عن أن مشروع قناة السويس الجديدة كان سيتم تنفيذه في عهد حكم الجماعة في حالة استمراره!، كما تشير كتابات لبعض المنتمين لتيارات اليسار المتطرف إلى أن المشروع يعود- إلى جانب الدراسات حول جدواه- إلى حقبة السبعينات من القرن الماضي، فإذا ما تم التسليم بصحة هذه الادعاءات جدلاً، فإن كلا التيارين يكون قد وقع في تناقض مع نفسه حينما يزعم أن هذه المشروعات أو بعضها لم تجر عليه دراسات جدوى من أى نوع!، أو أن دراسات الجدوى التي أجريت أظهرت أنها مشروعات خاسرة!.

2- تستخدم هذه الاعتراضات حجة "الأولويات" بشكل مُشوَّه، حيث ادعت معظم الأصوات الرافضة للمشروعات الثلاثة أنها ليست أولوية، وكان من الأجدى إنفاق ميزانياتها على تحسين التعليم والخدمات الصحية أو إنفاقها في مشروعات إنتاجية. ولكن هذه الأصوات نفسها تجاهلت أمرين: الأول، أن الاستثمار في البنية الأساسية هو الشرط الأهم لجذب الاستثمارات سواء الأجنبية أو من القطاع الخاص الوطني في كل أوجه الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية، وبدون المشروعات الثلاثة العملاقة في القرن العشرين لا يمكن تحقيق هذا الهدف. والثاني، أن هذه الأصوات تجاهلت الارتفاع الكبير في مخصصات الصحة والتعليم في السنوات الأخيرة حتى بلغت نسبة الإنفاق من الناتج المحلي على القطاعين 3%، و6%على التوالي عام2020 ، فضلاً عن إطلاق مشروع "100مليون صحة" والذي رسم خريطة شبه دقيقة للأوضاع الصحية لأغلب المواطنين كما قدم العلاج المجاني للحالات الأكثر احتياجاً([24]).

إن التلاعب بحجة الأولويات شكل على الدوام نوعاً من التحريض المتعمد ضد الدولة، ومحاولة إثارة الشارع ضدها استغلالاً لعدم فهم البسطاء لأهمية الاستثمار في البنية الأساسية بهدف الحد من البطالة وجذب الاستثمارات والتنمية الاجتماعية والاقتصادية الشاملة، وهى الحجة نفسها التي أُطلِقت ضد مشروع الصرف الصحي للقاهرة عام 1896، والتي تسببت في تأخير تنفيذ هذا المشروع المهم عشرين عاماً كاملة (تم تنفيذه عام 1913)، تحت ذريعة أن تخفيف الضرائب على المزارعين أهم، رغم أن الأوضاع الصحية السيئة ووباء الكوليرا المتجدد بشكل شبه دوري كان يستلزم إعطاء هذا المشروع الأولوية([25]).

3- رداً على الادعاء الخاص بأن الدولة احتكرت تنفيذ المشروعات الثلاث العملاقة، تشير البيانات المنشورة إلى أن84  شركة من القطاع الخاص عملت في مشروع قناة السويس الجديدة، ونحو400  شركة مقاولات تعمل في مشروع إنشاء العاصمة الجديدة منذ عام 2017وحتى الآن([26]).

4- فيما يتعلق بحجة أن تنفيذ هذه المشروعات قد زاد من ديون مصر الخارجية، وأنه سبق للبلاد أن فقدت استقلالها في القرن التاسع عشر لهذا السبب، فمردود عليها بأن الديون تُحسب خطورتها من عدمه بعنصرين: الأول، آجال الدين أو موعد استحقاقه. والثاني، نسبة الدين إلى الناتج المحلي، وحسب بيانات عام 2020، فإن العنصرين في صالح مصر، حيث أن الديون طويلة الأجل تشكل%89.8 والباقي هي ديون قصيرة الأجل (وهي التي يمكن أن تفرض مشكلة إذا كانت نسبتها مرتفعة). أيضاً لا تزال نسبة الدين إلى الناتج المحلي لا تتعدي حاجز الـ36%، وهى نسبة آمنة تماماً حسب آراء الاقتصاديين([27]). وغنى عن القول إن إسقاط ما حدث في الماضي على الحاضر دون مراعاة اختلاف معطيات كل مرحلة تاريخية عن الأخرى هو خطأ منهجي صارخ، إن لم يكن سيئ النية تماماً.

خاتمة

عبر هذه الدراسة التي استعرضت تسعة من المشروعات العملاقة، التي بنتها مصر منذ القرن التاسع عشر وحتى اليوم، يتضح أن ستة من هذه المشروعات واجهت، خلال ما يقرب من قرن ونصف، اعتراضات ومحاولات مستميتة لعرقلتها، وهو ما تواجهه المشروعات العملاقة الثلاثة التي أطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسي في غضون ثلاث سنوات فقط من فترة حكمه. ولكن ما أن تدور عجلة التاريخ وما أن تمضي سنوات ليست بالكثيرة، ينقلب الوضع تماماً، حيث تتحول هذه المشروعات إلى أيقونات قومية تتغنى بها الأجيال اللاحقة، كما تتم إعادة الاعتبار للزعماء الذين كانوا أبعد نظراً في التخطيط لمستقبل البلاد، فينصفهم التاريخ والرأى العام الذي يلمس مدى ما تحقق للبلاد من إنجازات على أيديهم. تلك الإنجازات التي لم تكن لتتم لولا الجسارة التي اتسم بها هؤلاء الزعماء والتي جعلتهم يتحملون الهجمات من جانب البعض، البريئة أحياناً، والمغرضة في أغلب الأحيان، تارة من القوى الأجنبية صاحبة المصلحة في إعاقة تقدم مصر، وتارة أخرى من مصريين خلطوا بين مفهوم المعارضة للنظام وبين هدم الدولة، فصاروا يسعون للأخير غير مبالين بحقيقة أنهم يخدمون مصالح أطراف أخرى.

ومن المؤسف حقاً أن الدور الذي كانت قوى الاحتلال الأجنبي تقوم به إما لمنع تشييد المشروعات العملاقة، أو لاحتكار هذه المشروعات لصالحها وعبر شروط قاسية يتم فرضها على مصر، أصبح بعض المصريين هم من يمارسونه، مثل جماعات الإسلام السياسي أو الجماعات اليسارية المتطرفة، وكلاهما لا يخفي دوافعه للانتقام من النظام السياسي حتى لو كان الثمن هو إسقاط الدولة نفسها وتدمير المجتمع برمته، عبر تشويه أى قرارات وإنجازات للدولة، وقد اعترف أحد قادة اليسار الراحلين في أواخر التسعينات من القرن الماضي بوجود هذا التوجه بقوله: "توجد جرثومة خبيئة في الفكر السياسي لكل الفصائل المناضلة أو المجاهدة للطبقة المتوسطة (لاحظ استخدامه التعبيرين حسبما هما سائدين في خطاب اليسار والإسلاميين). هذه الجرثومة هى التي تزين لقيادات هذه الفصائل قناعة بأن الطريق إلى السلطة يمر بالجحيم، بمعنى أن نترك الظروف الحياتية الاجتماعية النفسية لجمهور المواطنين تتدهور نحو الحضيض المادي والدمار المعنوي، بما يساعد على إثبات عجز السلطة الحاكمة لكى تصبح مهمة المنقذين سهلة والطريق أمامهم مفتوحاً"(28).


 1- انظر: محمد خليل صبحي، الحياة النيابية في مصر من عهد ساكن الجنان محمد علي باشا، الجزء الرابع (القاهرة: مطبعة دار الكتب المصرية، 1947)، ص ص 20 -33.

[2]- لمزيد من التفاصيل انظر: أنجلو ساماركو، قناة السويس.. تاريخها ومشكلاتها، وفقاً للوثائق المصرية والأوروبية غير المنشورة، ترجمة ولاء عفيفي عبد الصمد وآخرون  (القاهرة: المركز القومي للترجمة، الطبعة الأولى، 2015)، ص93.

انظر أيضاً: الياس الأيوبي، تاريخ مصر في عهد الخديوي إسماعيل (القاهرة: مؤسسة هنداوي، 2013)، ص104.

انظر أيضاً: أنجلو ساماركو، مرجع سابق، ص 91.

[3]- الياس الأيوبي، مرجع سابق، ص164.

[4]- عماد أبو غازي، "رؤى النخب المصرية لمشروع قناة السويس: من فرمان الامتياز إلى قرار التأميم"، ورقة منشورة على الرابط التالي:

https://www.academia.edu/

[5]- للاطلاع على تفاصيل المشروعات التي أنشأها خلفاء محمد علي وخاصة الخديوي اسماعيل كنتيجة مباشرة للاستثمار في مشروعي حفر القناة وبناء خط السكك الحديدية بمراحله المختلفة، انظر: أعمال الخديوي اسماعيل، موقع المعرفة، على الرابط التالي:

https://m.marefa.org/أعمال_الخديوي_إسماعيل.

[6]- محمد كيلاني، ترام القاهرة (القاهرة: دار الفرجاني، 1968)، ص3.

[7]- عماد ابو غازي، مرجع سابق.

[8]- ميار قطب، "لمحة تاريخية عن مصر الجديدة: التغييرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في المناطق الحضرية، 1905 –1967"، القاهرة، جريدة طارق والى للعمارة والتراث، أكتوبر 2013، على الرابط التالي:

https://cutt.us/LHn8m

[9]- المرجع السابق.

[10]- المرجع السابق.

[11]- خالد ضياء الدين، ذكريات مصورة عن مصر، ترجمة سامية محمد جلال (القاهرة: المركز القومي للترجمة، 2006)، ص186.

[12]- ماجدة بركة، الطبقة العليا بين ثورتين (1919-1952)، ترجمة محمود ماجد (القاهرة: المركز القومي للترجمة، الطبعة الثانية، 2009)، ص ص138-138.

[13]- خالد فهمي، روح الإسكندرية وروائحها، ترجمة سمية عبد الوهاب منشورة على مدونة الكاتب، على الرابط التالي:

https://khaledfahmy.org/ar/2016/12/10/روح-الإسكندرية-وروائحها/

14- د. فتحي أبو عيانه، جغرافية سكان الإسكندرية، دراسة ديموغرافية منهجية (الإسكندرية: مؤسسة الثقافة الجامعية، 1980)، ص242.

انظر أيضاً: جلال أمين، ماذا حدث للمصريين (القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب، مكتبة الأسرة، 1999)، ص205.

[15]- هناك تفاصيل عديدة حول المشاكل التي واجهت المشروع منذ عام 1901، وردت في كتاب محمد الجوادي عن إسماعيل صدقي، وهو يدعي أنه نقل ما أورده في كتابه عن مذكرات الرجل، ولكن بالعودة إلى هذه المذكرات لا يوجد أي حديث عن القضية الخاصة بكورنيش الإسكندرية، والأرجح أن الجوادي قام بنقل فصل كامل من كتاب صادر عام 1952 لسنية قراعه، دون أن يشير إلى ذلك، ربما لأن كتاب قراعه ليس به توثيق على الإطلاق لما كانت تنقله عن الصحف، كما أن اسمها طالته الشائعات فيما يتعلق بأصالة كتاباتها، لذلك لم يرد الجوادي الإشارة إلى الفصل الذي أخذه عنها مدعياً أنه منقول من مذكرات إسماعيل صدقي، ورغم ذلك ونظراً لصعوبة الوصول إلى أعداد الصحف التي نقلت عنها قراعه تفاصيل ما دار حول المشروع، فإننا اعتمدنا على روايتها وعلى التعديلات التي أجراها الجوادي عليها في كتابه.

انظر: محمد محمد الجوادي، إسماعيل صدقي (القاهرة: سلسلة تاريخ المصرين، الكتاب رقم 112، 1998). الجزء بعنوان كورنيش الإسكندرية، ص89. وانظر أيضاً: سنية قراعه، نمر السياسة المصرية (مكتب الصحافة الدولية، د.ت)، فصل بعنوان الكورنيش ص368 وما بعدها.

[16]- محمد الجوادي، مرجع سابق، ص94.

[17]- هناك مئات الكتب التي تناولت هذه الفترة والصراع من أجل السد، ولكن يمكن الرجوع إلى التفاصيل بشكل مختصر في الشهادة التي أوردها عبد اللطيف البغدادي في مذكراته، الجزء الأول (القاهرة: المكتب المصري الحديث، د.ت)، ص370 وما بعدها.

[18]- يوسف فاخوري، التاريخ الإنساني للسد العالي (القاهرة: الهيئة العامة لقصور الثقافة، الطبعة الأولى، 2016)، ص ص 19- 20.

17- عمر التلمساني، قال الناس ولم أقل في حكم عبد الناصر، منشور على موقع إخوان ويكي، على الرابط التالي:

https://cutt.us/sKkUZ

انظر في تفاصيل الرد على كافة الادعاءات: فيليب جلاب، هل نهدم السد العالي؟ (القاهرة: كتاب الهلال، 1985).

[20]- سنوات الجمر... السيناريو الذي تخشى مصر تكراره مع بداية ملء سد النهضة، 21 اغسطس 2019، على الرابط التالي:

https://cutt.us/bHud7

[21]- لمعرفة المزيد عن تفاصيل هذه الاعتراضات يمكن الرجوع إلى المصادر التالية:

- خالد فهمي، "الخلاف حول العاصمة الإدارية الجديدة"، 16/3/2016، على الرابطالتالي:

https://cutt.us/SaieG

- حسين عمارة، "مشروع قناة السويس الجديدة يثير الجدل في مصر"، France 24، 8/8/2014، على الرابط التالي:

https://cutt.us/qHLFQ

- ماريان سيدهم، "السياسات غير الشفافة في مشروع العاصمة الإدارية"، موقع حرية الفكر والتعبير، 25 يونيو 2019. على الرابط التالي:

https://afteegypt.org/publications_org/2019/06/25/17909-afteegypt.html%5d

- أيمن صالح، "نجيب ساويرس لـ"العين الإخبارية": هذا سبب رفضي لمسار القطار السريع بمصر"، العين الإخبارية، 17/1/2021. على الرابط التالي:

https://al-ain.com/article/naguib-sawiris-reason-rejection-train-route-egypt

[22]- "ميركل تحذر من مخاطر نظريات المؤامرة على السلم الاجتماعي"، موقع دويش فيله الإخباري، 15/12/2020، على الرابط التالي:

https://cutt.us/ALShm

[23]- ساندرو لوشر، "الديمقراطية المباشرة في سويسرا أو حقوق الشعب كـ ميزة جيّدة"، 4/9/ 2019 على الرابط التالي:

https://cutt.us/1ulaZ

[24]- انظر: تصريحات وزير المالية محمد معيط: ننفق على التعليم 6% من الناتج المحلى و16.3 مليار جنيه لمبادرات الصحة، اليوم السابع، 14/9/2020.

[25]- محمد كيلاني، ترام القاهرة، مرجع سابق، ص13.

[26]- "القائمة الكاملة لشركات حفر قناة السويس الجديدة"، اليوم السابع، 5/2/2015. انظر أيضاً: شريط مصور للمعلومات عن الشركات العاملة على الرابط التالي:

 https://m.youtube.com/watch?v=0TY6no4jx0U

[27]- خالد حسني، "في هذه الحالة ستكون الديون الخارجية لمصر مقلقة"، موقع قناة العربية، 20/5/2020، على الرابط التالي:

https://cutt.us/pEk3P

28- سعد زهران، مصر 1946.. النهوض الوطني الثوري تحت قيادات مدنية من الطبقة المتوسطة، كراسة منشورة، د.م، 1999، ص 26.



رابط دائم: