من نخب القوة إلى نخب التأثير: دور النخبة الأكاديمية في صنع قرار السياسة الخارجية
2020-12-8

تشكل النخبة الأكاديمية أحد أهم الفواعل المؤثرة في صنع وتوجيه السياسات داخل الدولة وخارجها. ورغم أن الحديث عنها عادة ما يأتي مقترنا بانضمامها إلى النخبة السياسية الحاكمة دون التطرق إليها بوصفها نخبة فاعلة وقائمة بذاتها تحظى بمكانة في المجتمع تؤهلها للقيام بدور مؤثر وحيوي داخل الدولة وخارجها، إلا أن ذلك لا يعني أنها مجرد نخبة ثانوية تابعة للنخب المركزية، حيث بات دورها المتنامي مؤشرا على أن النخب الناعمة تلعب دورا لا يقل أهمية عن أدوار النخب الأخرى. هذا الدور يأتي من قدرتها على إنتاج العلم والمعرفة والفكر، وقدرتها على مد صناع القرار بخلفية معرفية وفكرية تؤثر في قراراتهم وسياساتهم على المستويين الداخلي والخارجي.

في هذا السياق، تأتي هذه الدراسة كمحاولة لسبر أغوار العلاقة بين النخبة الأكاديمية ودائرة صنع القرار الخارجي، وذلك من خلال تناول المنظومة الحاكمة لدور النخبة الأكاديمية في صنع قرار السياسة الخارجية، ومحددات دورها وأساليب تأثيرها، فضلا عن وظائفها وأهم المعضلات التي تواجهها. وقد انتهت الدراسة إلى أن النخبة الأكاديمية قادرة -على المستوى النظري- على المشاركة الفعالة في عملية صنع القرار وترشيده، وكذلك المساهمة في رسم السياسات الخارجية للدول وصناعة الأفكار وتقديم المشورة للسياسيين، إلا أنها على المستوى الواقعي لا تزال تواجه صعوبات تحول دون تفعيل العلاقة بينهما. إذ لا تزال هذه العلاقة تتأرجح نسبيا بين التجاهل تارة، والمشاركة المحدودة تارة أخرى، ما يشير إلى أن هناك إشكالية عامة في جوهر هذه العلاقة تختلف درجتها وكيفيتها باختلاف الدول وخلفيتها الثقافية والسياسية والاقتصادية والحضارية، وإن كانت الشروخ في العلاقة أعمق بكثير في الدول النامية وغير الديمقراطية. ويستدعي ذلك تكاتف كلا الطرفين لإعادة إحياء العلاقة بينهما من خلال فتح قنوات حوار متبادلة وتقريب وجهات النظر بينهما فضلا عن إعادة ترتيب أولويات كل طرف والتركيز على نقاط القوة في العلاقة وتفعيلها، والنظر إليها باعتبارها علاقة تكاملية لا تنافسية.


رابط دائم: