عرض العدد 81 من دورية "قضايا برلمانية"
2019-2-12

نــورا فخـري أنور
* باحث مساعد - مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية

يتضمن هذا العدد من مجلة "قضايا برلمانية" عدة موضوعات متنوعة. يتناول الموضوع الأول مشروع تعديل قانون البناء الموحد، وهو القانون الذى وصلت مشكلاته إلى أروقة المحكمة الدستورية العليا. ويعالج المشروع مشكلات البناء على الأراضى الزراعية، والتجاوزات داخل الأحوزة العمرانية، فضلًا عن عشوائيات البناء؛ حيث يوضح د. طارق عباس، الباحث في علم الاجتماع، أنهمن المفترض أن تتم عملية إقرار قانون البناء الموحد وتعديلاته، وكذلك قانون التصالح فى الأبنية المخالفة خلال دورة الانعقاد الحالية، وكلا القانونين كافٍ لإحداث نقلة نوعية فى مواجهة التعديات على الأراضى الزراعية وأراضى الدولة، كلاهما كافٍ لكبح جماح المخالفين وردعهم وإعادة الضبط والنظام إلى سوق العقارات. لكن يبقى السؤال المهم: هل ستكون هناك جدية فى تفعيل هذين القانونين على جميع شرائح المجتمع، حفاظا على ما تبقى من جمال وجه مصر العمرانى؟ هل ستتحرك الدولة نحو إجراء انتخابات المجالس المحلية للرقابة على الأجهزة المحلية، ومكافحة الفساد المستشرى بها؟.

ويناقش الموضوع الثانى الآثار الاقتصادية والاجتماعية لتعديل قانون الضرائب العقارية الجديد، وهو التعديل الذى يفترض أن ييسر قليلا على المواطنين من غير القادرين وطأة ما يتحملونه من ضرائب، ويشير الأستاذ حسانى شحاته، المدرس المساعد بمعاهد المدينة العليا، إلى أنالقطاع العقارى يظل أحد القطاعات القائدة للنمو الاقتصادى، ويشكل نحو 10% من حجم الناتج المحلى الإجمالى، ويسهم بأكثر من ثلث الصناعات التحويلية. ولم تنجح هيئة الضرائب العقارية فى حصر جميع العقارات المبنية التى يستهدفها القانون، الأمر الذى دفع إلى تعديل القانون، ومد مدة الحصر حتى ديسمبر 2021. وللقانون آثار اقتصادية؛ أهمها زيادة العبء على المشروعات التجارية والصناعية التى تستأجر مقارا تفوق صافى القيمة الإيجارية المحددة سنويا بنحو 1200 جنيه.

أما الموضوع الثالث، فيتصل بالأشخاص ذوى الإعاقة. فبعد سن القانون الذى يحمى تلك الفئة فى الدورة السابقة، بات السؤال هو كيف نقوم فى الفترة القادمة بمتابعة ودعم تنفيذ القانون، وكذلك النظر بعين الاعتبار فى بنود الاستراتيجية الخاصة بالأشخاص ذوى الإعاقة، وما ينبثق عن ذلك من خطط، وبرامج، وأنشطة.وأوضح الأستاذ محمد أبو طالب، الباحث القانونى بالجمعية العمومية للفتوى والتشريع بمجلس الدولة، أنه لا بد أن تكون إيرادات المجلس القومى لذوى الإعاقة من الموازنة العامة للدولة، والمنح والهبات والتبرعات من داخل الدولة وخارجها، والغرامات التى تحصل نتيجة عدم الالتزام بقانون ذوى الإعاقة، وغيرها من الرسوم. كما يجب أن يتضمن تنظيم الهيكل الإدارى الذى يعمل فىالهيئةعدًدا منالمديرياتالعامةوالأقسامالتىتعمللخدمةوتيسير الأمور التى يحتاج إليها الأشخاص ذوى الإعاقة.

وينصرف الموضوع الرابع إلى تناول حصاد ربع عام من أداء البرلمان، حيث يلقى الأستاذ محمد المصرى، الباحث في الشئون البرلمانية، الضوء علىأعمال مجلس النواب فى بدايات دور الانعقاد الرابع العادى، وأنشطة اللجان النوعية ومشروعات القوانين، ونشاط الشعبة البرلمانية للمجلس، كما يشير إلى السوابق والتقاليد البرلمانية التى أرساها الأخير لأول مرة، ثم حديث النواب عن اللائحة الداخلية التى تنظم عمله، بالإضافة لشئون العضوية، وذلك اعتبارا من جلسات 2 أكتوبر وحتى 24 ديسمبر 2018.

وتركز الموضوعات من الخامس إلى السابع على تناول شئون خارجية ذات تأثير غير مباشر على مصر. فيتناول العدد بدايةً –ونحن على أعتاب تعديل قانون الجامعات فى مصر- مقارنة بين عديد الأنظمة الدولية للقبول فى مؤسسات التعليم العالى، حيث يوضح السيد أدم سيجان، الأستاذ بجامعة ليستر، في موضوع بعنوان ”إجراءات القبول فى التعليم العالي“ أن نظام اختيار الطلاب الذين يلتحقون بالتعليم العالى يُسمى بـ"نظام القبول أو الالتحاق"، وأن الإجراءات المحددة لذلك النظام تختلف كليًا من دولة إلى أخرى. ولكن عند تحديد نظام القبول الأفضل لسياق معين، يجب مراعاة المساواة من مختلف الزوايا. ويجب أن يتسم النظام بالإنصاف، ويُعامل كل المتقدمين بشكل عادل، وأن يخضعوا لمعيار محدد، كما يجب تسهيل المساواة بالمعنى الأوسع عن طريق مراعاة الظروف التى تتعدى حدود تحكم المتقدم. وقد تضع تلك الظروف، على سبيل المثال، المتقدم فى وضع سيئ، وبالتالى تقيَد بشكل غير عادل وصوله إلى التعليم الجامعى.

كما يتناول هذا العدد موقف البرلمان وغيره من المؤسسات التونسية من تعديل قانون الأحوال الشخصية، خاصة ما يتعلق بمسألة الميراث.فتشير الأستاذة بسمة سعد، الباحث المساعد بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، إلى مااعتادته المرأة التونسية،وهو إحراز تقدم فى ملف الحقوق والحريات تتفرد به عن نظيرتها العربية. فعلى مدى عقدين من الزمن، سعت المنظمات الحقوقية لدفع القيادة السياسية لفتح حوار حول مسألة إقرار المساواة بين الجنسين فى الميراث، وتنقية مجلة الأحوال الشخصية لرفع التمييز عن المرأة، لكن قوبل جميعها بـ"الصمت السياسي"، إلى أن جاءت القيادة السياسية الحالية لتعرب عن سعيها لاتخاذ خطوات جادة يمكن من خلالها تحسين وضع المرأة داخل المجتمع التونسى، وهو الأمر الذى يلقى بظلاله على اقتصاد الدولة.

وأخيرا، يطرح العدد الخلاف المتصاعد بين الحكومة والبرلمان فى إيران، على خلفية الاستجابة لمطالب أوروبية لمنع اتهام إيران بتشجيع الإرهاب. حيث توضح الأستاذة شروق صابر، الباحث المساعد بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، أنالخلاف بين حكومة روحانى إلى جانب تيار المعتدلين من جهة، والتيار الأصولى المحافظ من جهة أخرى، سوف يستمر طوال الفترة المتبقية لحكم روحانى قبل الانتخابات الرئاسية عام 2021، بل وقد يمتد إلى ما بعد ذلك، نتيجة لعدم تمكن تيار المعتدلين من التوصل إلى شخصية محورية تكون محل توافق بين قواه الأساسية، وتتمكن من الحفاظ على نفوذه داخل مؤسسات الدولة خلال المرحلة القادمة. وتشيرالتحركات الأخيرة إلى أن الظروف التى تواجهها إيران حاليًا سوف تلعب دورًا بارزًا فى تغيير خريطة التوازنات السياسية الإيرانية، وهو ما سوف يتضح خلال الأيام القليلة المقبلة.


رابط دائم: