الاتجاهات العامة للنشاط الإرهابي في مصر خلال العام 2017
2018-1-15

محمد جمعة
* باحث بوحدة الدراسات العربية والإقليمية - مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية

هناك العديد من الشواهد على أن التغيير على صعيد التكتيكات المتبعة في العمليات الإرهابية، وكذلك على صعيد خريطة التنظيمات على الأرض في مصر خلال العام 2017، ارتبط إلى حد كبير بتطورات المشهد الإقليمي؛ فمع تراجع وأفول نجم "داعش– الدولة" في سوريا والعراق، والصعود الملحوظ لتنظيم القاعدة مرة أخرى، سعت التنظيمات الجهادية إلى البحث عن وجهات جديدة، كان من بينها مصر.

في هذه الآونه تواجه مصر نشاطا إرهابيا يرتكز إلى ثلاثة أذرع: الأول، هو داعش وخلاياها وفروعها، والتي لا تزال تمثل الذراع الأنشط والأخطر والأشد دموية. الثاني، هو الجماعات الأقرب إلى تنظيم القاعدة، والتي نشطت في مصر خلال العام 2017. والثالث، هو مجموعات العنف التي انبثقت عن تنظيم الإخوان المسلمين الإرهابي في طبعته الثالثة (حسم، ولواء الثورة).

والملاحظ، أن هذه الأذرع الثلاثة الرئيسية للإرهاب في مصر تتبنى أيديولوجيات، وتوظف تكتيكات تجعل عملية القضاء عليها عملية معقدة وتتطلب جهودًا متكاملة.  

ونناقش فيما يلي أهم الاتجاهات الرئيسية للعمليات الإرهابية التي شهدتها مصر طوال العام 2017.

أولا: تراجع عدد العمليات الإرهابية بالمقارنة مع العام 2016

شهد العام 2017 تراجعا كبيرا في عدد الهجمات الإرهابية، لتصل إلى أقل من نصف عدد الهجمات التي وقعت خلال العام 2016. فخلال الفترة من يناير وحتى 29 ديسمبر 2017 وقع ما يقرب من 338 هجوما إرهابيا في مصر، مقارنة بـ 807 هجوما إرهابيا وقع خلال العام 2016.[1]

مع ذلك، فإن العام 2017، شهد أيضا حوادث إرهابية هي الأعنف في تاريخ مصر الحديث على الإطلاق، كان أبرزها الهجوم على مسجد الروضة الذي وقع في السابع والعشرين من نوفمبر 2017 ، والذي أودى بحياة 311 مواطنا. ويعد هذا الهجوم الإرهابي هو أعنف حادث إرهابي وقع في مصر، متجاوزا حادث التفجير الإرهابي للطائرة الروسية رقم 9268 التي تحطمت بعد مغادرتها مطار شرم الشيخ الدولي في 31 أكتوبر 2015، والذي أودى بحياة 224 شخصا كانوا على متنها.

أما على المستوى الدولي، فالحادث هو ثاني أكبر هجوم إرهابي، من حيث عدد الضحايا، على مستوى العالم خلال عام 2017. ويسبقه فقط التفجير الانتحاري الذي قامت به حركة الشباب، في أكتوبر 2017، في مقديشيو بالصومال، والذي أودى بحياة أكثر من 358 شخصا[2].


المقصد أن العام 2017 ربما شهد عمليات أكثر فتكا بالمقارنة مع العام 2016. والشاهد هنا أن العمليات الإرهابية في محافظة شمال سيناء وحدها قد أسفرت (منذ بداية العام وحتى 29 ديسمبر 2017) عن استشهاد ما لا يقل عن 693 (من المدنيين وقوات الجيش والشرطة). في حين بلغ عدد الشهداء في شمال سيناء خلال العام 2016،  446 شهيدا فقط، أي أن العام 2017 سجل زيادة في عدد ضحايا الهجمات الإرهابية بلغت حوالي 34% مقارنة بعام 2016.


Source:SPECIAL BRIEFING: Attack at Rawda Mosque, The Tahrir Institute for Middle East Policy, Washington D.C, 7/12/2017). Available at: https://timep.org/commentary/special-report-attack-at-rawda-mosque/

 

ثانيا: تصاعد الهجمات الانتحارية كتكتيك إرهابي

احتلت مصر في العام 2017 المركز الرابع بين دول الشرق الأوسط الأكثر عرضة للهجمات الانتحارية الإرهابية. ولم يسبقها سوى العراق وسوريا واليمن. في حين كانت تحتل المركز السادس بين دول الإقليم في العام 2016. هذا التطور ربما ينطوي على دلالات مهمة، تتطلب التوضيح من خلال الإشارة إلى ما يلي:

1- معروف أن الهجمات الانتحارية (كإحدى تكتيكات الهجمات الإرهابية) لاتزال من أكثر الأدوات فعالية وفتكا لدى التنظيمات الإرهابية؛ فخلال العام 2017، وقع 348 هجوما انتحاريا في 23 بلدا حول العالم، نفذها 623 إرهابيا. وقد أودت هذه الهجمات بحياة حوالي 4310 شخصا، وإصابة نحو 6700 آخرين. مع ذلك، فإن هذا العدد من الهجمات الانتحارية يعد أقل رقم تم تسجيله منذ العام 2013.

2- كان مسرح الشرق الأوسط (مثلما كان في السنوات السابقة) هو الساحة الرئيسية لمعظم هذه الهجمات. ومع ذلك، هناك انخفاض كبير يُقدَر بنسبة 54.5% في عدد الهجمات الانتحارية في الإقليم خلال العام 2017، مقارنة بالعام 2016، ليكون إجمالي الهجمات الانتحارية التي وقعت في الشرق الأوسط خلال العام 2017، 135 هجوما، مقارنة بــ 298 هجوما خلال العام 2016.

3- لكن المفارقة هنا أن عدد الهجمات الانتحارية في مصر خلال العام 2017 تضاعف عددها تقريبا، مقارنة بالعام 2016. ففي العام 2016 تم تسجيل أعلى عدد للخسائر البشرية – جراء الهجمات الانتحارية- خلال أكثر من ثلاثة عقود. لكن في مصر وقعت 4 هجمات فقط، هجوم واحد منها وقع في العمق المصري، تمثل في التفجير الانتحاري داخل الكنيسة البطرسية بالقاهرة في ديسمبر من ذلك العام. فيما وقعت الهجمات الثلاث الأخرى في مركز العريش بشمال سيناء. وكانت داعش هي من وقف وراء الهجمات الأربعة. ومن ثم احتلت مصر المركز السادس- كما سبقت الإشارة - بين دول الشرق الأوسط التي تعرضت لهذا النوع من الهجمات، حيث جاءت بعد كل من: العراق (146 هجوما)، وسوريا ( 55 هجوما)، واليمن (34 هجوما)، وليبيا (28 هجوما)، وتركيا (21 هجوما). وتساوت مصر مع المملكة العربية السعودية في المركز السادس (4 هجمات في كل منهما).

4- أما خلال العام 2017، وبينما تراجعت العمليات في الإقليم، فقد زاد عددها في مصر إلى 10 هجمات؛ اثنتان فقط وقعتا داخل العمق المصرى، وهما تفجيرا "أحد السعف" في كنيستي طنطا والأسكندرية في 9 إبريل2017. في حين وقعت الهجمات الثمانية الأخرى جميعها في منطقة شمال سيناء: أربعة في مركز العريش، وثلاثة في رفح وحولها، وواحدة فقط في مركز الحسنة. أيضا العمليات العشرة كلها وقف وراءها تنظيم داعش بجميع خلاياه وفروعه في مصر، سواء ما يسمى "ولاية سيناء" أو "داعش- مصر".

المقصد من هذا التوضيح أن ارتفاع عدد العمليات الانتحارية في مصر خلال العام 2017 (رغم تراجعها في الإقليم) ربما تعزز وجهة النظر التي تقول بأن التكتيكات المستخدمة في النشاط الإرهابي في مصر باتت أكثر ارتباطا بتطورات المشهد الإقليمي، بعد تراجع وأفول نجم "داعش – الدولة" في العراق وسوريا.

ولمزيد من التوضيح يمكننا الإشارة إلى ما يلي:

1- ركز "داعش" من عملياته الانتحارية في المركز (في العراق وسوريا) خلال العام 2016 لأن التنظيم جُوبه هناك –آنذاك- بتزايد جهود التحالف الدولي، وبكثافة الحملة العسكرية التي سعت إلى طرده من الأراضي التي يسيطر عليها ويبني عليها دولته. إذ يبدو أن الإرهاب الانتحاري كان الأداة الرئيسية في يد "داعش" لتعزيز صورته كـــ"دولة" أو كـ"تنظيم لا يُقهَر"، ولردع أعدائه، وأيضا للثأر والانتقام ضد النشاط الدولي الموجه ضده. ولهذا شهدت العراق ارتفاعا ملحوظا في عدد التفجيرات الانتحارية لداعش خلال العام 2016، مقارنة بالعام 2015 (146 تفجيرا في 2016، مقارنة بـــ 115 في 2015). أيضا شهدت سوريا تصعيدا بنسبة 38% (55 تفجيرا في 2016، مقارنة بــــ 40 تفجيرا في 2015).

2- وفي السياق ذاته تسبب الصراع بين داعش في ليبيا وحملة "البنيان المرصوص" في سرت وحولها، في ارتفاع عدد التفجيرات الانتحارية (28 تفجيرا خلال العام 2016، مقارنة بــ13 تفجيرا فقط خلال العام 2015).

3- كذلك لوحظ أيضا تصاعد ضخم في عدد التفجيرات الانتحارية في تركيا خلال العام نفسه (21 تفجيرا انتحاريا في 2016، مقارنة بـــ 5 فقط في 2015). ويبدو أن انخراط تركيا في القتال في سوريا، ممزوجا بالصراع الداخلي مع الأقلية الكردية في البلاد، جعل من تركيا هدفا لتفجيرات انتحارية من قِبَل داعش (9 تفجيرات انتحارية) وتنظيمات كردية سرية (12 تفجيرا).

4- الأمر ذاته في اليمن، (34 تفجيرا انتحاريا في 2016، مقارنة بـــ 13 في 2015). ويمكن أن نعزو التصعيد في اليمن جزئيا إلى التنافس على الهيمنة بين داعش، المسئولة عن 13 تفجيرا انتحاريا وقعت في اليمن خلال العام 2016، والقاعدة في شبه الجزيرة العربية، والتي نفذت 14 تفجيرا انتحاريا خلال العام ذاته.

5- لكن في العام 2017 تغيرت معالم الصورة كثيرا. صحيح أن العدد الأكبر من الهجمات الانتحارية وقعت في العراق وسوريا (حوالي 64 هجوما في العراق، 40 هجوما في سوريا)، إلا أنه في كلتا البلدين، بالإضافة إلى ليبيا، هناك انخفاض كبير بنسبة تصل أحيانا إلى 50% في عدد الهجمات الانتحارية في 2017 بالمقارنة بعام 2016، وهو اتجاه ربما يكون مؤشرا على ضعف داعش في تلك المناطق منذ أواخر عام 2016.

أيضا، مع الهزائم العسكرية التي تكبدتها داعش في العراق وسوريا، وفقدانها قاعدة خلافتها، تحركت الكتل الرئيسية للمقاتلين الأجانب إلى ساحات بعينها، في وسط وجنوب شرق آسيا، وإلى أفغانستان وباكستان والفلبين وبنجلاديش. كما شكلت سيناء وليبيا وأفغانستان وجهات مهمة أيضا على أجندة التنظيم. وهنا يتعين الإشارة إلى أن تراجع الهجمات الانتحارية في ليبيا رغم استقبالها للمقاتلين الأجانب يعود إلى سببين. أولهما، زيادة نفوذ القاعدة هناك واحتوائها للكثير من العناصر التي كانت تدين بالولاء لداعش. وثانيهما، ربما يرتبط  بتغير نظرة داعش نفسها لليبيا، بعد أن فقدت ولاياتها هناك، حيث أصبحت تعتبرها ساحة إعداد ونقطة انطلاق إلى ساحات أخرى مجاورة، لا سيما إلى أوروبا، أكثر من كونها ساحة عمليات.

وتشير خريطة الهجمات الانتحارية خلال العام 2017 إلى أن "داعش" أظهر قدرة على تنفيذ هجمات في عدد من الدول الأخرى مثل أفغانستان، وباكستان، وبنجلاديش، والصومال، وإيران، وكينيا، والفلبين....إلخ. وأن بعض هذه الهجمات نفذتها عناصر من العائدين من سوريا والعراق.

خلاصة القول إن زيادة الهجمات الانتحارية في مصر خلال العام 2017 ربما يعكس رغبة بعض فروع داعش وولاياتها (ومن أبرزها "ولاية سيناء") في نشر المزيد من الانتحاريين، بعد أفول نجم داعش في المركز، من أجل تعزيز مكانتها داخل "سوق الإرهاب" العالمية. ولهذا سنرى خلال العام 2018 إلى أي مدى ستتمكن "ولاية سيناء" من تعزيز مستوى هذا النشاط (حتى من دون المساعدة التي منحها التنظيم الأم)، وذلك بالنظر إلى مزايا هذا الأسلوب (وفقا لحسابات التنظيم) في العمل على خلق صورة للقوة وقدرة ردع لدى التنظيم.

لكن مع ذلك لابد من الأخذ في الاعتبار ملاحظتين مهمتين. أولاهما: أن تكتيك استخدام النساء في الهجمات الانتحارية لم يظهر بعد في مصر، رغم زيادة انخراط النساء (من بينهن أطفال ومراهقات) في هجمات انتحارية. ففي عام 2017، شاركت 137 انتحارية في 61 هجوما انتحاريا في 6 دول، مقارنة بــــ 77 إمرأة في العام 2016، 118 امرأة في العام 2015. أيضا ذُكِرَ أنه أثناء معارك تحرير الموصل في العراق زادت داعش من استخدامها للانتحاريات، ونشرت حوالي 7 انتحاريات في العراق. ثانيتهما: طبيعة الهجمات الانتحارية ذاتها، بمعنى أنه يبدو صحيحا أن تلك الهجمات – كتكتيك - تخلق شعورا ضخما بالعجز وقلة الحيلة بين الجماهير المتأثرة بالحوادث، بالنظر إلى أنه لا سبيل لردع شخص يجهز كي يقتل نفسه ليؤذي الأعداء. وبالتالي، تساعد الهجمات الانتحارية التنظيمات على أن تضخم من صورتها وقوتها بما يفوق حجمها الحقيقي. من ناحية أخرى، فإن الإكثار من استخدام هذا التكتيك قبل تنظيم ما، لا يعكس بالضرورة قوة هذا التنظيم، بل العكس، بمعنى أنه يعكس ضعفه ونفاد الخيارات لديه. ويمثل حال تنظيم داعش نفسه في الموصل مثالا مهما في هذا الإطار، إذ حشد أكثر من 200 انتحاريا كحل أخير للدفاع عن أكبر معاقله الأخيرة.

ثالثا: ارتفاع معدل استهداف المدنيين

عكس الهجوم على مسجد الروضة –السابق الإشارة إليه- عدة تحولات في الاتجاهات العامة للهجمات الإرهابية في مصر، منها أن استهداف المدنيين بات سمة شائعة للهجمات الإرهابية، خلافا لما كان عليه الحال لسنوات. والشاهد هنا أن إجمالي عدد المدنيين الذين سقطوا جراء العمليات الإرهابية التي وقعت خلال ثلاث سنوات (ديسمبر 2013 – 2016) بلغ 588 شخصا، يشمل ذلك 224 شخصا الذين كانوا على متن الطائرة الروسية التي أُسقطت فوق سيناء في أواخر أكتوبر2015[3]. بينما بلغ عدد المدنيين الذين سقطوا جراء العمليات الإرهابية خلال الفترة من ديسمبر 2016  وحتى 29 ديسمبر 2017 - أي خلال عام واحد  تقريبا-  516 مدنيا.



Source: SPECIAL BRIEFING: Attack at Rawda Mosque,The Tahrir Institute For Middle East Policy, Washington D.C, 7/12/2017. Available at: https://timep.org/commentary/special-report-attack-at-rawda-mosque/

 

لكن رغم الزيادة الملحوظة في عدد الهجمات الإرهابية التي استهدفت المدنيين، إلا أن الغالبية العظمى من تلك الهجمات لا زالت تستهدف قوات الجيش والشرطة: 76% من الهجمات في محافظة شمال سيناء خلال العام 2017 استهدفت قوات الشرطة والجيش. وقد أسفرت العمليات الإرهابية في محافظة شمال سيناء وحدها خلال الفترة من يناير وحتى 29  ديسمبر 2017، عن استشهاد ما لا يقل عن 297 من قوات الشرطة والجيش.

رابعا: استهداف دور العبادة

شهد العام 2017 خمسة حوادث إرهابية استهدفت دور عبادة، شملت:

- تفجيرات "أحد السعف" التي تمت بالتزامن في الإسكندرية وطنطا، واستهدفت كنيستين قبطيتين، وأسفرت عن استشهاد 47 شخصا.

- محاولة الهجوم على دير سانت كاترين في إبريل 2017، أسفرت عن استشهاد عنصريْ أمن أثناء محاولة منع الهجوم.

- الهجوم الذي وقع في مايو 2017 واستهدف حافلة كانت تقل مواطنين مسيحيين أثناء توجههم -في رحلة دينية- لزيارة دير الأنبا صموئيل غربي محافظة المنيا والذي أسفر عن استشهاد 28 شخصا.

- الهجوم الضخم على مسجد الروضة في نوفمبر 2017 والذي أودى بحياة 311 شخصا.

- محاولة الهجوم على كنيسة مارمينا في 29 ديسمبر 2017، بمنطقة حلوان بمحافظة القاهرة، والتي أسفرت عن استشهاد أحد أفراد الأمن، وحوالى ثمانية أفراد من المدنيين.

ويؤكد حادث قرية الروضة على وجه الخصوص أن الإرهاب – في ظل تصدر داعش لسوق الإرهاب الدولي – لم يعد أكثر دموية وفقط، بل باتت المساجد أيضا وبشكل متزايد هدفا لهجمات تنظيم داعش، شهدنا ذلك من قبل في اليمن ونيجيريا وباكستان والعراق وسوريا. وقد يصح القول إن استهداف المساجد يمثل استراتيجية جديدة للإرهابيين في سيناء. وبهذا المعنى يريد تنظيم داعش، الذي تورط في تلك الجريمة الإرهابية، القول إنه من الآن فصاعدا بإمكانه الضرب في أي مكان، بما في ذلك استهداف المصلين بل وأثناء وقت صلاة الجمعة!!

خامسا: زيادة انحسار العمليات في الدلتا والوادي

بالنظر إلى جغرافيا الهجمات الإرهابية في مصر خلال العام 2017، مقارنة بالعامين ( 2015، 2016) نستطيع أن نخلص إلى نتيجة مهمة مفادها زيادة انحسار العمليات الإرهابية في داخل الدلتا والوادي، واستمرار تركزها أكثر داخل مسرح عمليات شبه جزيرة سيناء.  ففي العام 2015 بلغت نسبة العمليات الإرهابية التي وقعت في خارج سيناء حوالىي 61,4% من جملة العمليات التي وقعت في مصر. في حين بلغت نسبة العمليات التي وقعت في سيناء 38,6% فقط. هذه الصورة الإجمالية لجغرافيا النشاط الإرهابي في مصر، بدت شبه معكوسة تماما في العام التالي مباشرة، أي عام 2016، حيث وقعت معظم الهجمات الإرهابية في منطقة شمال سيناء (بنسبة 83,8%)، في حين لم تتخط العمليات في داخل المدن المصرية في الوادي والدلتا، نسبة 16,2%[4]. بمعنى آخر، فإن العمليات الإرهابية في داخل العمق المصري انحسرت بدرجة كبيرة جدا. هذا الاتجاه لم يستمر في العام 2017 وفقط، بل تعمق واتسع مداه بدرجة أكبر، بحيث زادة درجة تركز الهجمات في منطقة شمال سيناء عما كان عليه الوضع في العام 2016. والشاهد هنا أن الدلتا والوادي لم تشهدا سوى 30 هجوما فقط طوال العام 2017. في حين وقعت في منطقة شمال سيناء 307 هجمات، وهجوم واحد فقط في منطقة سانت كاترين بجنوب سيناء. وعليه كانت نسبة توزيع العمليات كالتالي: 91,5% في سيناء. و8,5% فقط في العمق المصري.

سادسا: داعش وفروعها... "إرهاب حضري" وحرب عصابات

تمارس داعش وفروعها في مصر عمليات تشير إلى مستوى أعلى من العنف والتنظيم، بالمقارنة بموجة الإرهاب التي عرفتها مصر خلال الفترة (1992- 1997). وتوظف "ولاية سيناء" بشكل رئيسي نمطين من تكتيكات العنف: الأول، هو تكتيك "الإرهاب الحضري" ويشمل هجمات على المدن والقرى عبر مزيج من السيارات المفخخة، والهجمات الانتحارية، والاغتيالات المستهدفة. النمط الثاني، هو حرب العصابات؛ بمعنى قيام وحدات صغيرة متحركة على نمط "اضرب واجري" تستهدف أهدافا أمنية وعسكرية. وغالبا ما تكون هذه الوحدات مسلحة تسليحا خفيفا بما يوائم فكرة تجنب الانخراط في مواجهة مباشرة ممتدة مع قوات الجيش.

وتتواجد عناصر "ولاية سيناء" في عدة قرى تمتد حتى أراض جنوب الشيخ زويد ورفح، وجنوب مدينة العريش. كما تتعزز تكتيكات حرب العصابات بسبب التسليح والتدريب الذي تلقاه هؤلاء المسلحون في ليبيا، وغزة، وسوريا والعراق. وربما يكون حادث استهداف مطار العريش في التاسع عشر من ديسمبر 2017 هو الأخطر.

1- ركائز ثلاث لنشاط الجماعة

بالنظر إلى موارد خلايا داعش، وتسليحهم، ومستوى تدريب عناصرها، هناك ثلاث ركائز مهمة عززت الأنشطة الإرهابية لــ"ولاية سيناء". الأولى، هي ليبيا وغزة اللتان مثلتا المصدرين الرئيسيين لإمدادات السلاح. الثانية، تركيا وقطر(في وقت سابق على الأقل) اللتان مثلتا الظيهر السياسي لإرهابيي داعش. الركيزة الثالثة هي اكتساب "ولاية سيناء" بعضا من كفاءتها العسكرية من خلال عناصر عسكرية سابقة، ومن الإرهابيين المخضرمين ممن تدربوا في ساحات قتال خارجية، شملت غزة وسوريا والعراق. فبحسب ما قاله أحد الإرهابيين في فيديو "صولة الأنصار 2" فقد جاء هؤلاء من المشرق". وأخيرا، العناصر المحلية التي كانت قد نشطت خلال الموجة الإرهابية السابقة التي استمرت خلال الفترة من 2004 وحتى 2012، حيث راكم هؤلاء خبرة كبيرة على امتداد العقد الماضي، في مكافحة القوات النظامية وبناء شبكات دعم لوجستي محلية.

2- تحولات على صعيد القيادة وتدفق المقاتلين الأجانب

عملت الحملة العسكرية والأمنية المكثفة التي تشنها عناصر القوات المسلحة المصرية في سيناء على تصفية عدد كبير من أبرز قيادات تنظيم "أنصار بيت المقدس سابقا" و"ولاية سيناء" حاليا، وأكثرها شهرة على الصعيد الإعلامي. وكان آخرهم أبو دعاء الأنصاري، الذي أعلن المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة المصرية عن نجاح الجيش في استهدافه، مع 45 عنصرا آخر من عناصر التنظيم في أغسطس 2016. وبحسب ما أشارت إليه مصادر إعلامية فإن "الأنصاري" والقيادات الجديدة لتنظيم أنصار بيت المقدس، يتواجدون في سيناء منذ بِدء العمليات الإرهابية، وينتقلون بين الحين والآخر إلى ليبيا. الاسم الحقيقي للأنصاري غير معلوم، على الرغم من إشارة بعض المصادر الإعلامية -غير المؤكدة- إلى أن أبو دعاء الأنصاري هو الاسم الحركي لـــ"محمد محمد فريج زيادة"، شقيق مؤسس التنظيم والقائد الأول له "توفيق محمد فريج زيادة"، من قبيلة السواركة شمال شرق سيناء.

ومع ذلك، فقد دشن مقتل "الأنصاري" تحولا نوعيا كبيرا في طبيعة قيادة الجماعة، إذ انتقلت القيادة -وللمرة الأولى منذ نشأة التنظيم- إلى قائد غير مصري، مُعين بالأمر المباشر من قيادة تنظيم داعش المركز. فبحسب ما ذكرت مصادر إعلامية عديدة، قام زعيم تنظيم الدولة أبو بكر البغدادي، بتنصيب "أبو هاجر الهاشمي"، مسئولا عن التنظيم في سيناء عقب تصفية أبو دعاء الأنصاري على يد الجيش المصري في أغسطس 2016، إلا أن بعض المصادر تشير إلى أن الهاشمي يحتل موقع أمير الحسبة داخل التنظيم، وليس إمارة التنظيم ككل. و"أبوهاجر" هو ضابط سابق بالجيش العراقي، انضم إلى تنظيم الدولة، مع بدايات عمله في العراق، مع جماعة أبو مصعب الزرقاوي في العراق. وأضافت المصادر، أن "أبو بكر البغدادي، رفع من شأن الضباط السابقين في الجيش العراقي، وأعطاهم فرصة للقيادة العسكرية والتكتيكية داخل التنظيم، وجعل منهم مستشارين عسكريين له، وأرسل بأحدهم وأكثرهم ثقة ليقود العمليات العسكرية في سيناء".

ونقلت صحيفة النبأ – إحدى الأذرع الإعلامية لتنظيم داعش عن أبوهاجر الهاشمي، قوله، إن، "سيناء تشهد حصارا وتضييقا من قبل الجيش، وارتكازاته تزيد على 170 ارتكازا". وأضاف "زرع الناسفات من أبرز أساليب القتال التي تلائم المرحلة، فالناسفة ضبطت موازين القوى، وحولت اتجاه كثير من المعارك لصالح التنظيم"، على حد قوله. وتوعد الهاشمي، بملاحقة من أسمهم "صحوات سيناء" بالقتل، في إشارة إلى العناصر السيناوية التي قالت إنها شكلت عناصر مسلحة للدفاع عن شيوخ وعوائل سيناء ضد التنظيم، مشيرا أن تلك العناصر بمنزلة استنساخ لتجربة الجيش الأمريكي لـ"صحوات العراق". ولفت إلى أن إسقاط التنظيم للطائرة الروسية كان نصرا وفتحا عظيما، داعيا الشباب إلى الهجرة إلى سيناء.  

المهم أن هذه النقلة النوعية على صعيد هيكل التنظيم تشير إلى أمرين:

الأول، أن موقع "ولاية سيناء" على خارطة ولايات داعش يبدو أنه اكتسب مزيدا من الأهمية، بالتزامن مع الأزمة الوجودية التي يعاني منها التنظيم (أى داعش المركز) دخل طور التراجع والانتكاس. وربما كان وضع قيادة غير مصرية على رأس التنظيم، وتدين بالولاء المطلق لخليفة داعش، كان أمرا مطلوبا في هذا التوقيت، إذ توازن داعش بين خياراتها، وربما تعد مسرحا أو مسارح جديدة لاستقبال عناصرها وخليفتها بعد انهيار عواصم داعش في الموصل والرقة. هنا تجدر الإشارة إلى ما ذكرته بعض التقارير الإعلامية نقلا عن شاهد عيان لحادث مسجد الروضة أنه سمع أحد المسلحين يتحدث بلهجة أقرب إلى السورية أو العراقية.

من جهة أخرى، أشارت الصحفية المهتمة بشئون المقاتلين الأجانب الروس، Joanna Paraszczuk، عبر صفحات مدونتها، وفي مقال نُشِر على موقع Jane's 360 الاستخباراتي، إلى أن لديها دلائل على أن مقاتلين أجانب يتحدثون الروسية فروا من الرقة إلى سيناء، وأنها رصدت استخدامهم لألعاب إلكترونية عبر الهواتف الخلوية من مصر. كما أعلن اثنان منهم أنهم يقاتلون في صفوف ولاية سيناء الآن[5].

الثاني، أن وضع قيادة تمتلك خبرة طويلة في الحرب النظامية (كونه أحد ضباط الجيش العراقي سابقا)، واللامتماثلة أيضا (كونه عنصرا فاعلا في التنظيمات الإرهابية منذ أيام الزرقاوي)، استهدف تعزيز كفاءة تنظيم "ولاية سيناء" القتالية بدرجة كبيرة.

3- طغيان البعد الطائفي على عمليات داعش

بدأ تنظيم داعش في تنفيذ عمليات ذات بعد طائفي واضح ومعلن في مرحلة التمدد والانتشار، إلا أن هذا الملمح صار هو الملمح الأبرز بداية من نهاية العام 2016 وخلال العام 2017. والأرجح أن هذا التحول نحو التركيز على الهجمات ذات البعد الطائفي هو انعكاس مباشر للتغيير في طبيعة قيادة الجماعة، وانتقالها إلى قيادة عراقية أكثر ولاء لتنظيم داعش المركز، والذي من المتوقع أنه يتعاون اليوم مع عناصر التنظيم من مصريين ومقاتلين أجانب لتعزيز أجندة داعش في مصر. وربما ترى قيادة جماعة "ولاية سيناء" أن توظيف البعد الطائفي بكثافة، على غرار ما حدث في سوريا والعراق، هو السبيل الأنجع لضمان هيمنة التنظيم. وأنه إذا لم تكن في مصر صراعات طائفية يمكن للجماعة أن تستثمرها وتزدهر وسط فوضاها، فعلى الجماعة أن تعمل هي على خلقها بنفسها. وفي هذا السياق ينبغى الالتفات إلى أن العام 2017 شهد جملة حوادث إرهابية تنطوي على عنف طائفي.

- ففي 20 فبراير 2017، نشر التنظيم فيديو يطالب بقتال كافة المسيحيين في مصر، مستشهدا بالآية القرآنية "وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة"، ومتخذا منها عنوانا للفيديو. وقد حرض الفيديو على قتل "المسيحيين المهيمنين" -على حد زعمه- على قطاعات الاقتصاد، القضاء، والإعلام، ومهددا بغزو القاهرة لتحرير المدينة وإخراج السجناء من عناصر الإرهابيين والمتطرفين.

والملاحظ هنا أن معدل الهجمات التي استهدفت المسيحيين في سيناء، ارتفع بعد نشر الفيديو، حيث استشهد أربعة مسيحيين في الأسبوع التالي على نشر الفيديو، ليصل عدد ضحايا الإرهاب الطائفي في فبراير2017 وحده إلى سبعة مسيحيين[6].

- في شهور إبريل ومايو ونوفمبر وديسمبر 2017، جرى استهداف خمسة من دور العبادة، على النحو الذي سبقت الإشارة إليه.

4- نقل مسرح العمليات داخل سيناء من مثلث رفح – الشيخ زويد إلى محيط مدينة العريش

تمركز نشاط "ولاية سيناء" خلال المرحلة الثانية من تاريخها في المناطق الشمالية الشرقية لمحافظة شمال سيناء، تحديدا في القرى الواقعة بين الشيخ زويد ورفح، خاصة قريتي "المقاطعة" والمهدية. ولكن مؤخرا، على ضوء نجاح الحملات الأمنية في قتل عدد كبير من العناصر الإرهابية، والهجرة الجماعية لسكان هذه المناطق، حركت "ولاية سيناء" عناصرها غربا لتتواجد في المناطق الآهلة بالسكان في العريش وما حولها.

ربما يكون لنقل مسرح العمليات الرئيسي أثرا مزدوجا: فمن ناحية ابتعدت "ولاية سيناء" عن المناطق الجبلية، ذات الطبيعة الوعرة، التي تمثل لها ملاذا آمنا، ودرع حماية في مواجهة الضربات الأمنية. وأيضا، ابتعدت عن منطقة الحدود التي كانت توفر لها فرص التنقل بين سيناء وقطاع غزة لتلافي الضربات الأمنية، ونقل الأسلحة والمقاتلين. الأمر الذي قد يكون فرصة لاستهداف عناصر الجماعة، والإيقاع بهم بسهولة. إلا أن عملهم داخل مناطق ذات كثافة سكانية مرتفعة نسبيا، يجعل من تعقبهم من ناحية أخرى، أمرا أصعب ومكلف للغاية.

سابعا: صعود ملحوظ لجماعات القاعدة

شهد العام 2017، صعودا ملحوظا لعناصر وخلايا القاعدة في مصر. فبعد نحو أربعة سنوات من الكمون، عادت جماعة "جند الإسلام" الموالية لتنظيم القاعدة إلى النشاط في سيناء. وأيضا، ظهور تنظيم يدعى "أنصار الإسلام" من المرجح أنه أقرب إلى تنظيم القاعدة، وتبنيه عملية الواحات البحرية في أكتوبر 2017.

1- جماعة جند الإسلام

بعد أكثر من أربع سنوات من الغياب، عادت "جند الإسلام" من جديد في سيناء، لتبدأ فصلا جديدا من الصراع العنيف بين القاعدة وداعش. ونشرت الجماعة تسجيلا صوتيا أعلنت فيه مسئوليتها عن هجوم استهدف عناصر لتنظيم "ولاية سيناء" الموالي لداعش، واعتبرتهم خوارج، أو منشقون على الجماعة، وطالبت قادة "ولاية سيناء" بالتوبة!! وكانت "جند الإسلام" قد تشكلت بعد الإطاحة بالرئيس الأسبق حسني مبارك في 11 فبراير 2011. فبعد سقوط نظام القذافي، استغلت "جند الإسلام" غياب الأمن في ليبيا كي تدرب أنصارها، وتجند عناصرها، وتراكم أسلحة هناك. وخلافا لتنظيم "أنصار بين المقدس"، التي اندمجت وأصبحت فيما بعد "ولاية سيناء"، والتي نفذت هجمات ضد أنابيب الغاز المصرية مرات عديدة، لم تعلن جماعة "جند الإسلام" عن نفسها بشكل دعائي. وبالتحديد، ظهرت "جند الإسلام" للمرة الأولى في 12 سبتمبر 2013، عندما أعلنت عن مسئوليتها عن تفجير مبنى الاستخبارات العسكرية في رفح، ووعدت بنشر تفاصيل الهجوم في رسالة مصورة تالية. وبعد عملية وحيدة سُجِلَت باسمها، غابت جماعة "جند الإسلام" عن الساحة بسبب استهداف "أنصار بيت المقدس" لمقاتليها ومصادرتهم أسلحتها.

وبعد تحكيم إجباري بواسطة "محكمة شرعية" موالية لداعش، أُجبِرَت جماعة "جند الإسلام" على تفكيك نفسها بعد أن حكمت المحكمة بضرورة حل الجماعة بسبب رفضها بيعة أبو بكر البغدادي والقتال تحت راية داعش السوداء. بسبب هذه الأوضاع، لم تنشر جند الإسلام الشريط المصور الخاص بالهجوم الذي استهدف مبنى الاستخبارات العسكرية في رفح إلا في 12 أغسطس 2015!!

لكن بعد ذلك أتاح نشر هذا الفيديو لـ"جند الإسلام" فرصة كي تسلط الضوء على "التمايز" بينها وبين "ولاية سيناء"، التي بايعت داعش في 2014، وأيضا الاختلافات الأيديولوجية بينهما. وتضمن الفيديو، مقاطع مصورة لأيمن الظواهري، في إشارة واضحة إلى ولائها للقاعدة، وهي الإشارة التي تعززت أكثر بعد الهجوم الثاني للجماعة. ففي 29 أكتوبر 2015، بثت "جند الإسلام" فيديو ثاني أكدت فيه تماهيها مع القاعدة، عبر توظيفها اقتباسات من تسجيل صوتي لضابط الجيش المصري السابق وأمير "جماعة المرابطين" الحالي، هشام عشماوي، أيقونة القاعدة في مصر. هنا، من المهم الإشارة إلى أن الصلات الأيديولوجية بين "جند الإسلام" والقاعدة لم يثبُت بدليل قوي أنها امتدت إلى المستوى التنظيمي، ولا تزال محدودة بإشادات صادرة من شخصيات تابعة للقاعدة.

ثم تراجعت "جند الإسلام" إلى الخلف واختبأت لعامين قبل أن تعود مرة أخرى إلى دائرة الضوء في 29 أكتوبر 2017، ببيان داعم لمبادرة بعض المفكرين السلفيين المطالبين بالمصالحة بين جماعات سلفية محددة في سوريا (سُميت بمبادرة أهل العلم).

بعد ذلك، وبالتحديد في 11 نوفمبر2017 ، نشرت جماعة "جند الإسلام" تسجيلا صوتيا بعنوان: "تبني عملية أمنية ضد صيال خوارج البغدادي في سيناء"، أعلنت فيه استهدافها عناصر من "ولاية سيناء". وكان البيان مختصرا ولم يحدد بوضوح استراتيجية "جند الإسلام" في التعامل مع الجيش المصري أو داعش. ولكن، من المتوقع أن تصدر جماعة "جند الإسلام" بيان متابعة في المستقبل القريب، تحدد فيه استراتيجيتها وحدود منهجها.

لكن الملاحظ هنا، أن جماعة "جند الإسلام" وصفت الجيش المصري بـــــ "جيش الكفر"، مؤكدة على نيتها تنفيذ هجمات ضد الجيش في سيناء، أو أنها تنفذ هجمات بالفعل من دون الإعلان كي تتجنب الأعمال الانتقامية التي قد ترتكبها بحقها "ولاية سيناء" .

أما النقطة الثالثة الجديرة بالذكر فتتمثل في "الخطاب العاطفي" المستخدم عندما تتحدث عن أهالي سيناء، واصفة إياهم بـ"الأسرة"، في محاولة لكسب تعاطف المدنيين، وأيضا في محاولة لتجنب تكرار أخطاء "ولاية سيناء"، والتي حرمتها من تعاطف السكان المحليين في سيناء. هذا الخطاب يبدو أنه يهدف إلى بناء مجتمع حاضن للجماعة، وهو الشيء الذي افتقدته "ولاية سيناء" بسبب هجماتها ضد المدنيين. في هذا الإطار، ذكرت "جند الإسلام" في تسجيلها الانتهاكات التي ارتكبتها داعش ضد الأبرياء، وما اعتبرته "حصارها المسلمين في غزة" كي تجذب تأييد الحركة السلفية الجهادية في غزة.

ويمكن أن نعزو ظهور جند الإسلام في هذا التوقيت مرة أخرى إلى تغير ميزان القوى الناجم عن تراجع داعش في سوريا والعراق وخسارتها معظم أراضيها هناك، والذي أثر على القدرات اللوجستية والتمويل القادم إلى "ولاية داعش" في سيناء.  وبناء على ما سبق، كان هذا هو التوقيت المناسب - بحسابات القاعدة- كي تظهر "جند الإسلام" مرة أخرى في المشهد السيناوي، وهو الشيء الذي لم تكن الجماعة لتجرؤ عليه قبل عامين بسبب قوة "ولاية سيناء".

ويأتي هذا بعد عودة القاعدة القوية في أفريقيا في الثاني من مارس 2017 في منطقة الساحل والصحراء الغربية، بعد تمكنها من توحيد كل من: تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي، والمرابطون، وأنصار الدين، وجبهة تحرير ماسينا، في تحالف واحد باسم "جماعة نصر الإسلام والمسلمين"، بقيادة إياد غالي، في خطوة توحي بعودة تنظيم القاعدة الأم، وإنما داخل جماعات استراتيجية منفصلة. ويمكن أيضا أن ننظر إلى هذه الخطوة في إطار المنافسة المستمرة بين القاعدة وداعش، التي تتطلع إلى أفريقيا كبديل مؤقت على ضوء خسائر الجماعة في الشرق الأوسط.

ويبدو أيضا أن استراتيجية القاعدة تتمحور حول تعزيز فروعها المحلية وتسليحها، وضم شركاء جدد، وملء الفراغ الناشئ عن تراجع داعش. وهنا تجدر الإشارة (بحسب بيان أبو هشام أبو أكرم، عضو مجلس شورى القاعدة في المغرب الإسلامي، في يناير 2017) إلى أن داعش في الجزائر انتهت، اسما وتشكيلا. ويبدو أن القاعدة حققت نجاحا ملحوظا في هذا الشأن.

ويبدو أن جماعة "جند الإسلام" تسعى إلى الاستفادة من أخطاء "ولاية سيناء"، خاصة فيما يتعلق بارتفاع عدد الضحايا المدنيين. في الوقت ذاته، تقدم تنظيمات قريبة من القاعدة نفسها كحاكم أو كسلطة مؤقته. بمعنى آخر، تحاول "جند الإسلام" جذب تأييد أكبر ومقاتلين أكثر بخطاب أقل تشددا إلى حد ما من خطاب داعش؛ خطابا لا يتهم الآخرين بالكفر، وإظهار تسامح أكبر تجاه الإسلام السياسي. ولكن لا تزال قدرة "جند الإسلام" على إحداث تغييرات في المجال العام في سيناء، تعتمد على مدى نجاح استراتيجيتها الإعلامية، والتي حاولت من خلالها الحشد والتجنيد عبر اتخاذ موقف عدائي تجاه الجيش وداعش كلاهما معا.

بالإضافة إلى هذا، فإن عدد عناصرها وتسليحها لا يزال محدودا، خاصة بعد الممارسات العقابية التي اتخذتها "ولاية سيناء" ضدها، بعد رفضها بيعة أبو بكر البغدادي.

2- جماعة "أنصار الإسلام"

في الثالث من نوفمبر2017، زعمت جماعة لم تكن معروفة من قبل، وهي جماعة "أنصار الإسلام"، مسئوليتها عن الهجوم الذي وقع في العشرين من أكتوبر في الواحات البحرية غرب مصر. وفي خطاب إعلانها للمسئولية، قدمت الجماعة نفسها بوصفها إحدى جماعات المعارضة التي تتهم النظام بسوء معاملته للشعب، بل وزادت بأن وصفت "القيادة المصرية" بأنها "عدوة للإسلام"!!! وذكرت الجماعة أن هجوم العشرين من أكتوبر، والذي وصفته بالتفاصيل، يمثل بداية "جهادها" ضد الحكومة والسلطات في مصر. وزعمت الجماعة أنها "صبرت صبرا جميلا حتى حين". ونعت في بيانها أحد قادتها ويدعى "عماد الدين أحمد" والذي قُتِلَ في عملية مكافحة للإرهاب في 31 أكتوبر، شملت غارات برية وضربات جوية في منطقة جبلية بالقرب من طريق الواحات، غرب الفيوم. وذُكِرَ أن عماد الدين أحمد كان نائبا لهشام عشماوي، عضو القاعدة الذي يُقال أنه يعمل في مدينة درنة شرق ليبيا، والذي طُرِدَ مع عماد الدين أحمد من صفوف الجيش المصري بسبب إعرابهما عن معتقدات متطرفة. ووجهت الجماعة نداء إلى الشعب المصري لدعمها بكافة أشكال الدعم، حاثة إياه على الانضمام إلى صفوف الجماعة، إلى جانب رعاية الجماعة ماليا.

ويقال على نطاق واسع أن جماعة "أنصار الإسلام" مرتبطة بالقاعدة، وهناك مؤشرات عديدة تؤيد هذا الانتماء. فبعد حادث الواحات البحرية، نشرت العديد من الحسابات الإلكترونية التابعة للقاعدة وعبر قنوات جهادية أنباء الحادث وحيت مرتكبيه. أيضا، فإن ما ذُكِرَ عن صلات قائدها المتوفي بـــ"هشام عشماوي" الموالي للقاعدة يؤكد الانتماء للقاعدة. من جهة أخرى، فإن شكل البيان وعباراته تحاكي تلك الصادرة عن فروع القاعدة.

 والملفت هنا أن ظهور جماعة موالية للقاعدة في مصر هو أمر جدير بالملاحظة في حد ذاته، إذ لم يكن للجماعة الجهادية تواجد نشط في البلاد خلال السنوات الأخيرة. وعلى الأرجح اختارت جماعة "أنصار الإسلام" الكشف عن تواجدها في هذا التوقيت المحدد، كي تطرح نفسها كبديل جذاب لمقاتلي داعش الفارين من سوريا والعراق. وربما يعود الوقت الطويل الذي مر قبل أن تزعم الجماعة مسئوليتها عن الحادث وتكشف عن نفسها (إذ أعلنت الجماعة عن تبنيها للحادث بعد 14 يوما من وقوعه) يعود على الأرجح إلى صعوبة الاتصال بالقاعدة المركز. أيضا، ولأن "أنصار الإسلام" لا تزال جماعة جديدة فإنها على الأرجح لا تزال في المراحل الأولى من بناء قدراتها المرتبطة بالجانب الدعائي. ومع ذلك، قد يكون هذا مقصودا، إذ انتظرت الجماعة كي تعلن عن نفسها حتى تتجنب جذب انتباه السلطات وبالتالي تسمح لمسلحيها بتجميع أنفسهم مرة أخرى بعد الحادث وما تلاه من رد فعل قوي من جانب السلطات المصرية.

الأكثر من ذلك، أنه على الرغم من أن الجماعة لم تستكمل حجمها من العناصر المسلحة اللازمة بعد، فقد استعرضت قدراتها المرتفعة أثناء هجوم الواحات البحرية. وتجلت هذه القدرات في اختيار الجماعة للمواقع الاستراتيجية أثناء الكمين، والذي اشتمل على توجيه مدافع أر بي جي وأسلحة ثقيلة من مواقع مرتفعة من أمام ومن خلف القافلة الأمنية، إلى جانب تفجير العبوة الناسفة الذي تبع هذه الكمين. المقصد أن هذا الهجوم المعقد متعدد المراحل (ومن بينها استخدام متفجرات) يستعرض قدرات متقدمة سواء من حيث الأسلوب أو من حيث الخبرة التكنيكية، وعلى الأرجح لا يزال من تبقى من الجماعة يمتلكون هذه المعارف والقدرات.

وبالنظر إلى انتماء جماعة أنصار الإسلام إلى القاعدة، إلى جانب عملياتها في الصحراء الغربية المصرية، فإنها على الأرجح ترتبط بصلات بتنظيم "مجلس شورى المجاهدين في درنة" والمتمركز في درنة بليبيا. يُذكَر أن أكبر فصيل داخل مجلس شورى مجاهدي درنة (ألا وهو كتيبة شهداء أبو سالم) متحالف مع القاعدة. وعلى الأرجح، ستتعاون جماعة أنصار الإسلام مع مجلس شورى مجاهدي درنة للنيل من "أعدائهم المشتركين" وهم الجيش المصري، إلى جانب حليف القاهرة الليبي، الجيش الوطني الليبي، الممتدة هيمنته على كثير من شرق ليبيا. وعلى الأرجح سيشمل هذا التعاون تبادل للأسلحة والإمدادات عبر الحدود، إلى جانب العناصر أيضا في بعض الأحيان.

كذلك، من المتوقع أن يمنح بيان الجماعة دفعة للمنافسة بين التنظيمات الإرهابية النشطة في مصر على (القوة البشرية، الوجاهة، والشرعية). إذ من المؤكد، وفي سياق الرد على إعلان جماعة أنصار الإسلام، فإن داعش والجماعات المسلحة التابعة للإخوان ربما بات لديها الآن دوافع أكبر لشن هجمات أقوى وأعنف (وهو ما تجلى في حادث مسجد الروضة بعد حادث الواحات البحرية بشهر واحد، وأيضا استهداف مطار العريش بقذائف صاروخية، ناهيك عن محاولة الهجوم على كنيسة مارمينا في ديسمبر 2017) كي تستمر في إقناع عناصر السلفية الجهادية بالانضمام ودعمهم بدلا من الانشقاق لصالح التنظيم الجديد.

أيضا، ربما تتمكن الجماعة الجديدة من تعزيز نفسها بعناصر من داعش ومن الجماعات الإخوانية؛ إذ بينما سيتردد صدى دعوة جماعة أنصار الإسلام لتنفيذ هجمات جهادية ضد السلطات المصرية داخل أذهان أولئك الأقرب لعقيدة داعش، سيجذب زعم الجماعة أنها تستهدف القيادة المصرية لسوء معاملتها المصريين أولئك الأقرب إلى أيديولوجية الإخوان، ومن بينهم العناصر الأكثر راديكالية مثل حركتي حسم ولواء الثورة.  

ثامنا: المرحلة الثالثة من العنف الإخواني

تشهد مصر حاليا المرحلة الثالثة من موجة العنف والإرهاب الإخواني، التي بدأت مع عزل محمد مرسي في الثالث من يوليو 2013 وتستمر حتى وقتنا هذا.

المرحلة الأول،من أواخر العام 2013 وحتى منتصف العام 2014: في هذه المرحلة كانت الجماعات والخلايا الإخوانية المسلحة تعمل بأسلوب الهواة إلى حد كبير، وتركز على أعمال عنف منخفضة الحدة مثل الحرق والتخريب، وإن لم تخلو هذه الفترة من تفجيرات واغتيالات ولكن بدرجة أقل.

المرحلة الثانية،من أواخر العام 2014 وحتى أوائل العام 2016: وشهدت هذه الفترة صعود جماعات مسلحة أكثر تماسكا، مثل "حركة المقاومة الشعبية"، ومجموعات "العقاب الثوري". وقد نفذت هاتان الجماعتان عمليات أكثر تطورا من حيث التكتيك. كما ظهرت آنذاك بدايات التقارب بين هذه الجماعات والجماعات السلفية الجهادية النشطة في مصر، إذ نفذت حركة المقاومة الشعبية عمليتين مشتركتين مع خلايا داعش في مصر.

المرحلة الثالثة، من منتصف العام 2016 وحتى الآن: وتمثل هذه الفترة مرحلة نضوج هذه الجماعات، وتحولها إلى فواعل أخطر وأكثر خبرة. وتجسد حركتا "حسم"، و"لواء الثورة" أبرز ملامح هذه المرحلة.

إطار رقم (1): مراحل تطور الإرهاب الإخواني

المرحلة الفترة الزمنية

سمات الجماعة

الأسلحة المستخدمة

كثافة العنف المستخدم

الجماعات المسلحة ذات الصلة

المرحلة الأولى

أواخر 2013 – منتصف 2014

مستويات منخفضة من التدريب والتنظيم السيطرة.

المولوتوف والأسلحة النارية الخفيفة.

منخفض

جماعات صغيرة عديدة مثل كتيبة الإعدام.

المرحلة الثانية

أواخر 2014 – أوائل 2016

أكثر تنظيما، بداية الاهتمام بنشر وتوثيق العمليات، تعاون مع جماعات سلفية جهادية مثل داعش مصر.

أسلحة خفيفة وعبوات ناسفة بدائية.

متوسط إلى مرتفع

العقاب الثوري، وحركة المقاومة الشعبية

المرحلة الثالثة

منتصف 2016 وحتى وقتنا هذا

نظم قيادة وسيطرة أفضل؛ تدريب أعلى؛ تركيز على خطابات أيديولوجية وسياسية، وبيانات مفصلة عن العمليات وموثقة بتسجيلات فيديو أحيانا.

بنادق آلية، عبوات ناسفة، سيارات مفخخة

مرتفع

حسم ولواء الثورة

 

1- تراجع النشاط الإرهابي لحركتي حسم ولواء الثورة خلال العام 2017  

خلال العام 2017، نفذت حركة حسم 4 عمليات إرهابية، ليصبح إجمالي عدد العمليات التي نفذتها منذ إعلانها عن نفسها في يوليو 2016 وحتى الآن إلى 16 عملية إرهابية. ففي الثاني من مايو2017، هاجمت "حسم" دورية أمنية عند تقاطع طريقي الواحات والدائري مما أسفر عن استشهاد ثلاثة أفراد. وفي السابع من يوليو 2017 اغتالت عناصر الحركة النقيب إبراهيم عزازي، أحد عناصر جهاز الأمن الوطني، أمام منزله بمنطقة الخانكة بمحافظة القليوبية. وفي العشرين من يوليو2017 هاجمت الحركة موكب مركبات عسكرية تابعة لمديرية أمن الفيوم على الطريق الدائري بالفيوم مما أسفر عن استشهاد فرد شرطة وإصابة ثلاثة آخرين بجروح.

وجاء الحادث الرابع في 30 سبتمبر ، ليمثل أول حادث تستهدف فيه الحركة هدفا أجنبيا، من خلال قيامها بوضع عبوة ناسفة بالقرب من سفارة ميانمار في القاهرة. قالت الحركة في بيان صادر عنها أن هذا الحادث هو رسالة تحذيرية لسفارة "السفاحين قتلة النساء والأطفال في أراكان المسلمة وتضامنا مع أبناء هذا الشعب المسلم المستضعف". من ناحية أخرى، نفذت "حركة لواء الثورة" خلال العام 2017 حادث تفجير إرهابي واحد وقع في الأول من إبريل 2017، واستهدف مركز تدريب تابع للشرطة في محافظة الغربية، وأسفر عن إصابة 12، من بينهم ثلاث مدنيين. 

2- حسم تنافس جماعات السلفية الجهادية على اجتذاب العائدين

يبدو أن حركة "حسم" دخلت هي الأخرى، حلبة السباق على عناصر المقاتلين العائدين والأجانب القادمين من سوريا والعراق. وفي هذا الإطار، يمكن تفسير التحول في أهداف واستراتيجية الحركة، التي كانت ولا تزال تعلن أنها حركة "مقاومة شعبية" تستهدف "الانقلاب ورجاله في مصر" على حد تعبيرها. إذ باستهدافها سفارة ميانمار بدا أنها تحاول إدخال عناصر أجندة قضايا العالم الإسلامي على أجندتها، بما يمكنها من أن تكون موضع جذب لبعض عناصر المقاتلين العائدين والأجانب، ممن سيستنكفون عن الانضمام إلى خلايا داعش في مصر، ويبحثون ربما عن "جماعة جهادية" أقل وحشية. وفي هذا الإطار أيضا، يمكن جزئيا تفسير البيان الذي أصدرته حركة حسم ولواء الثورة بعد حادث مسجد الروضة، والذي تستنكر فيه الحادث وتقدم التعازي للشعب المصري.



المصدر: الخريطة مترجمة مع إضافة البيانات الخاصة بالعمليات الإرهابية في 2017 من:

Mokhtar Awad, A Challenging State Emerging Armed Groups in Egypt, (Small Arms Survey website, July 2017), available at: http://www.smallarmssurvey.org/fileadmin/docs/T-Briefing-Papers/SAS-SANA-BP-Egypt-armed-groups.pdf

 


[1]TIMEP Condemns Attack on North Sinai Mosque, The Tahrir Institute For Middle East Policy, 25/11/2017), available at: https://timep.org/press-releases/timep-condemns-attack-on-north-sinai-mosque/

List of Killings in the Name of Islam: 2017, The Religion of Peace Website. available at: https://www.thereligionofpeace.com/attacks/attacks.aspx?Yr=2017

[2]Deadliest terrorist strikes worldwide, Johnston's archive website, available at: http://www.johnstonsarchive.net/terrorism/wrjp255i.html

[3]SPECIAL BRIEFING: Attack at Rawda Mosque, The Tahrir Institute For Middle East Policy, Washington D.C, 7/12/2017. Available at: https://timep.org/commentary/special-report-attack-at-rawda-mosque/

[4]Security Watch Quarterly Report October-December 2016,The Tahrir Institute For Middle East Policy, Washington D.C. available at: https://timep.org/wp-content/uploads/2017/04/ESW-Report_Q42016_web.pdf

[5]Joanna Paraszczuk, Is Sinai the new Syria? Evidence Russian – speaking fighters left Raqqa & went to Egypt, (From Chechnya to Syria blog, 14/12/2017). Available at: http://www.chechensinsyria.com/?p=25591#more-25591

[6]SPECIAL BRIEFING; Killings in Arish: Rising Sectarianism in Sinai, The Tahrir Institute For Middle East Policy, Washington D.C, 1/3/2017. Available at: https://timep.org/commentary/special-briefing-killings-in-arish-rising-sectarianism-in-sinai/



رابط دائم: