أهتم الاتحاد الأفريقي خلال الفترة الماضية بقضايا الديمقراطية والمحكومية، ومحاربة الفساد، والتنمية الزراعية، والصحة، وحقوق المرأة، والطفل، والشباب، وغيرها من المجالات المهمة، وقد أنعكس هذا الاهتمام في تدشين عدد من المعاهدات والبروتوكولات التي تم توقيعها من قبل دول الاتحاد في هذه المجالات.

ورغم هذه المجهودات فإنه من الملاحظ أن العديد من هذه الاتفاقات والبروتوكولات لم يتم التصديق عليها حتى الآن، أو أنه لا توجد علاقة سببية واضحة بين السياسات والإصلاحات التشريعية والمؤسسية في الدول الإفريقية من ناحية، ومواثيق ومعاهدات وبروتوكولات الاتحاد الأفريقي من ناحية أخرى، بمعنى أنه يصعب القول بأن السياسات التي تم تطبيقها في إفريقيا خلال السنوات الأخيرة تأتي نتيجة مباشرة لهذه المواثيق والمعاهدات أو أن هذه المواثيق والمعاهدات مثلت المحدد المباشر لتلك السياسات المؤسسية والتشريعية. 
وطبقا لذلك، نجد أن مواثيق الاتحاد الأفريقي تأتي في ترتيب تالي بالنسبة لمثيلاتها الدولية، خاصة تلك الموقعة في إطار الأمم المتحدة والمنظمات والوكالات الدولية المتخصصة التابعة لها، أو تلك التي تم توقيعها في إطار عمليات أخرى مثل الشراكة الأوروبية المتوسطية.

كما أنه عندما يتم المقارنة بين اتفاقات الاتحاد الأفريقي الخاصة بآليات الحكم الرشيد والمواثيق المتعلقة بالطفل والمرأة والشباب فإن التأثير الأكبر يكون للمعاهدات والمواثيق الأممية الموازية.

ويمكن القول إن هناك عوامل عديدة تقف وراء الأهمية الثانوية التي تحظى بها سياسات ومعاهدات وبروتوكولات الاتحاد الأفريقي، وضعف مشاركة كل من المواطن المصري والإفريقي في تطوير وتطبيق ومراقبة السياسات ذات الصلة بالاتحاد الأفريقي.

ونكتفي هنا بالإشارة إلى عاملين أساسيين. 
العامل الأول: هو ضعف الوعي العام لدى المواطنين بسياسات الاتحاد الأفريقي، ومعاهدات وبروتوكولات الاتحاد، بما في ذلك السياسات والمعاهدات ذات الصلة بالمواطن نفسه، بل وضعف الوعي العام بالسياسات الجارية على مستوى الاتحاد الأفريقي –رغم أهميتها- بالمقارنة بالسياسات الجارية على مستوى النظام الدولي، والاتحاد الأوروبي، والشرق الأوسط.

ويعود ذلك إلى عدة أسباب منها الاهتمام المحدود الذي توليه وسائل الإعلام- المرئية والمكتوبة والإليكترونية- بالقارة الأفريقية بشكل عام وبسياسات الاتحاد الأفريقي بشكل خاص، والأهمية الثانوية التي تحظى بها القارة الأفريقية والاتحاد الأفريقي داخل المؤسسات التعليمية، الجامعية وقبل الجامعية فى مصر على سبيل المثال، وذلك بالمقارنة بالأهمية التي تحظى بها السياسات الدولية والأوروبية والشرق أوسطية من جانب وسائل الإعلام والمؤسسات التعليمية. 
العامل الثاني، هو محدودية الجماعة العلمية المعنية بالاتحاد الأفريقي، إذ لازالت "الدراسات الأفريقية" بشكل عام، بما في ذلك المهتمة بالاتحاد الأفريقي، تأتي في ترتيب متأخر نسبيا بالمقارنة بالدراسات الأمريكية والأوروبية والشرق أوسطية، سواء على مستوى الدراسات الجامعية أو الدراسات العليا، وهو ما أدى بدوره إلى محدودية الجماعة العلمية المعنية بالدراسات الأفريقية وبدراسات الاتحاد الأفريقي. 
العامل الثالث، وهو نتيجة طبيعية للعاملين السابقين، ويتمثل في غياب جماعة مصلحة فاعلة على الساحة المصرية تدافع عن المصالح المصرية في أفريقيا، أو تشجيع تطبيق المعاهدات وبروتوكولات الاتحاد الأفريقي، فضلا عن تنمية الوعي العام بسياسات الاتحاد.

ولا يقتصر ذلك على المنظمات غير الحكومية، ولكنه يمتد أيضا إلى مجتمع الأعمال وهو نتيجة طبيعية لضعف روابط رجال الأعمال المصريين بدول وسوق الاتحاد الأفريقي، بالمقارنة بالأولوية التي تحظى بها السوق الأمريكية والأوروبية والشرق أوسطية. 
انطلاقا من المقدمة السابقة، يهدف هذا المشروع إلى تحقيق الأهداف التالية: 
1- محاولة تنمية الوعي العام لدى المواطنين المصريين خصوصا والأفارقة عموما حول سياسات الاتحاد الأفريقي، مع التركيز بشكل خاص على التفاعلات الجارية على مستوى الاتحاد، والتفاعلات البينية بين دول الاتحاد ذات الصلة بأداء وفاعلية الاتحاد، بالإضافة إلى التركيز على معاهدات وبروتوكولات. 
2 - تطوير جماعة علمية معنية بدراسات الاتحاد الأفريقي.

فعلى الرغم من وجود عدد من الخبراء والباحثين المعنيين بالدراسات الأفريقية، إلا أن الأجندة البحثية للنسبة الأكبر من هذه الجماعة لازالت تركز على عدد من القضايا التقليدية مثل أزمة الدولة الأفريقية، الصراعات والحروب الإقليمية الأفريقية، الحروب الأهلية، مشكلات المياه ..الخ، بينما لازالت دراسات الاتحاد الأفريقي تحظى باهتمام محدود.

ومن ثم، فإن تطوير جماعة علمية معنية بدراسات الاتحاد الأفريقي ستمثل أولوية لهذا المشروع. 
3 - محاولة تطوير المشروع كنقطة ارتكاز Benchmark أو منصة Platform يتفاعل من خلالها المسئولين الرسميين وصانعي السياسات المصرية تجاه القارة الأفريقية والاتحاد الأفريقي، جنبا إلى جنب مع الأكاديميين والباحثين المعنيين بالقارة الأفريقية والاتحاد الأفريقي، بهدف ردم الفجوة القائمة بين الجانبين. 
مخرجات المشروع :
ستكون مخرجات هذا المشروع الذي يقوم على تنفيذه وحدة الدراسات الإفريقية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية بدعم من مؤسسة أوكسفام ثلاثة عشرة دراسة بواقع دراستين كل شهر تنشر على موقع المركز باللغتين العربية والإنجليزية، على أن يعاد نشرها في عدد من المواقع الأخرى طبقا لبرتوكولات تعاون مع هذه المواقع.

ويستغرق المشروع ستة شهور ونصف اعتبارا من 15 نوفمبر 2010 إلى 31 مايو 2012.