خلال زيارته الرسمية للقاهرة استقبلت وحدة دراسات السودان و حوض النيل بمركز الاهرام الدكتور أمين حسن عمر الوزير برئاسة الجمهورية السودانية فى ندوة تحت عنوان " الحرب فى جنوب كردفان وابعاد العلاقة مع جنوب السودان .
وقد تناول اللقاء العديد من القضايا الاساسية على الساحة السودانية سواء فى جنوب كردفاناو قضايا النفط وابيى والعلاقة مع الجنوب وكذلك ازمة دارفور والاوضاع فى مصر .
أولاد ابيى وأولاد قرنق
فيما يتعلق بالعلاقة مع جنوب السودان اشار أمين الى أن انفصال جنوب السودان لم يكن مفاجئا بل كان خيارا راجحا طبقا لتوجهات الحركة الشعبية لتحرير السودان فى ذلك الوقت ، ومن ثم كانت هناك حوارات مبكرة تحت رعاية الوساطة الافريقية منذ ما قبل الانفصال، وكانت هناك مذكرة تفاهم ان يعمل الطرفان معا فى حالة الانفصال من اجل ان تكون هناك دولتين قابلتين للحياة ومتعايشتان معا.
وان فكرة حق تقرير المصير نفسها كانت تعنى السعى الى بداية جديدة سواء فى اطار الوحدة او الانفصال.
أشار الى أن الحوارات فى اثيوبيا التى وصفها الدكتور أمين بأنها وسيط محايد وحريص على الوصول الى حلول بين الطرفين بسبب المصالح المشتركة له مع الجانبين ، كانت جيدة وايجابية وكنا نظن ان هذا يتم بإخلاص.
ولكن الأجندات الجزئية هى التى أدت الى تخريب هذا المناخ، وحدد هذه المجموعات بانها مجموعة اولاد ابيى وعلى راسها دينق الور ولوكا بيونق وادوارد لينو واخرين ومجموعة اولاد قرنق ذات التوجهات الايدلوجية والتى يقودها باقان اموم.
فيما يتعلق باولاد ابيى فهذه قضية جوهرية بالنسبة لوجودهم السياسى فى الجنوب حيث ان ابيى منطقة شمالية وذلك طبقا لنص لبيروتوكول الخاص بالمنطقة فى اتفاقية نيفاشا، وذلك حتى يتم الاستفتاء الخاص بالمنطقة، ومن ثم فان اولاد ابيى فى قيادة دولة الجنوب هم ينتمون جغرافيا الى منطقة شمالية وهذا الامر يتم استخدامه ضدهم من خصومهم السياسيين فى الجنوب ولذا فهذه قضية وجودية وقضية شرعية سياسية بالنسبة لهم .
وتعميقا للتحليل اشار أمين الى أنه فى احدى المراحل قامت بعض الجهات الامريكية باقناع اولاد ابيى لنه من الممكن جمع اموال ضخمة لتنمية ابيى ومن ثم اغراء المسيرية بترك ابيى او عدم المشاركة فى الاستفتاء، وان هذا الحل كان خيارا غير عملى بشكل واضح وقد رفضته الحكومة السودانية كما رفضه ابناء المسيرية ايضا وقال امين ان الطرفان الشمالى والجنوبى اتفقا " دون الاعلان او التعبير عن ذلك " على تجميد القضية لسنوات حتى تهدأ النفوس وتنشأ مصالح مشتركة بحيث يتم النظر الى القضية فى اطار كلى للمصالح الايجابية.
وقال ان هذا ما يفسر محاولة الربط بين قضايا البترول وبين قضايا رسم الحدود وعلى راسها ابيى.
واشار الدكتور أمين الى هذه المجموعة متحالفة مع مجموعة اولاد قرنق لاغراض سياسية، وشرح ذلك بان منطقة بحر الغزال لم تكن مصطفة مع قرنق اثناء الحرب الاهلية باعتباره منتميا الى منطقة بور التى تقع فى نطاق اعالى النيل ولذلك لجا قرنق الى بناء تحالفات مع مجموعات هامشيةمثل ياى دينق وباقان اموم من الشلك ومجموعة اولاد ابيى، وبمرور الوقت اصبحت هذهه المجموعات فى واجهة العلاقات الخارجية للحركة مع المجمتع الدولى والقوى الداعمة وهذا امر كان ومازال مهما فالحركة الشعبية لم تكن سوى قوات قتالية وعلاقات خارجية، ولذا فهؤلاء يستمدون نفوذهم فى الجنوب من سيطرتهم على هذه العلاقلات الخارجية حيث يجد سلفا كير نفسة مصظرا للتعامل معهم .
اشار الى ان هاتين المجموعتين يشعرون بانوضعهم السياسى والايدلوجى غير مريح .
قضايا البترول
فيما يتعلق بقضية البترول اشار أمين حسن عمر الى ان قصة البترول فى السودان مختلفة عن تشاد والكاميرون، حيث ان تشاد هى التى أنشأت الخطوط وبعد ذلك تدفع رسوم العبور اما السودان فهو الذى أنشأ الخطوط وله حقوق ملكية، كما ان كل بنيات الصناعة بالنسبة لبترول السودان موجودة فى الشمال، وهذا ما يفسر الاصرار على الهجوم على هجليج حيث توجد مراكز التجميع فى هجليج والجبلين ومن ثم فالهدف هو ضرب المنشآت النفطية فى الشمال .
بالنسبة لقضية الخلاف على رسوم عبور النفط اوضح امين حسن عمر انه كان هناك خيارين اما ان يتم احتساب الرسوم على أساس الموقع الجغرافى او طبقا لاتفاق مسبق، وقال بانه تم الاتفاق منذ البداية على ان تكون الرسوم حسب الموقع الجغرافى مع تعليق قضايا الديون حيث ان الطرفان يطالبان بشطبها.
ومن ثم فرسوم العبور تتضمن ايضا كل العمليات التقنية: التجميع والترشيح والنقل والتامين والتصدير .
واشار الى ان النفط يختلط بكثير من الشوائب بنسبة 80% وهو أيضا ذا خواص شمعية ويحتاج الى عمليات تسخين حتى يستمر فى التدفق، واكد ان اى حديث عن التصدير عبر كيني هو امر مستحيل والحديث عن مذكرات تفاهم او غيرها مقصود به تقوية الموقف التفاوضى عبر الايحاء بان هناك بدائل اخرى، ولكنه حديث غير صحيح فحتى فى اثناء التفاوض فى نيفاشا اشار " موريسون " الى ان شمال كينيا لو كان لديه بترول فلن يستطيع تصديره الا عبر شمال السودان .
أخطاء جنوبية
وعن الاوضاع الحالية قال امين ان هناك احتمالا للحل لان جنوب السودان ظل يرفض كل مقترحات الوساطة الافريقية فى حين ان السودان قبل هذه المقترحات ، واشار الى ان اغلاق الحقول اضر كثيرا بالجنوب لانه يعرضهم لخسائر لامعنى لها كما ادى الى ايقاف كل عمليات الاستثمار فى الجنوب وازدياد عدم الاستقرار الامنى بسبب النزاعات بين المجموعات المختلفة بالاضافة الى ان استئناف الضخ سوف يقتضى خمسة شهور على الاقل ، وأشار الى ان الامريكان نصحوا الجنوبيين بعدم المضى قدما فى هذا الطريق لانه يضر ببناء وتاسيس دولة الجنوب .
وفى هذا الاطار فان المجموعات الجنوبية ذات الاجندات الخاصة تلجا الى التصعيد الميدانى كلما لاحت فى الافق الحلول التفاوضية، ولكن هذا الطريق مسدود لانهم يعتمدون على الدعم الخارجى، ولكن اقرب حلفائهم مثل الامريكان والمتعاطفين معهم مثل النرويجيين ضد المواقف الحالية للجنوب واشار امين الى ان المبعوث الامريكى ليمان بذل جهدا كبيرا فى الجولة الاخيرة وهو صاحب المقترح الذى تبنته الوساطة الافريقية ورفضه الجنوبيون .
جنوب كردفان
عن قضية جنوب كردفان قال امين انه لم تكن هناك مشكلة من الاساس وان هذه القضية اثارتها مجموعة ابيى بالاضافة الى تعبان دينق ومجموعة باقان ، وقال ان الانتخابات فى جنوب كردفان كانت مراقبة دوليا وهناك شهادات موثقة انها تمت بنزاهة وان رفض نتائج الانتخابات جرى لان الحركة الشعبية كانت تريد جنوب كردفان كورقة ضغط من اجل المساومةالكبرى حول ابيى والنفط .
كما استخدمت النيل الازرق " كمهماز " لمحاولة اضعاف الحكومة .
واشار الى انه لا يوجد ما يسمى قطاع الشمال بل انه جزء عضوى من الحركة الشعبية وان الفرقتين التاسعة والعاشرة جزء من الجيش الشعبى لجنوب السودان تسليحا واعاشة ومن كافة الجهات وان هذا معروف للكافة وتم الزج بهم باعتبارهم شماليين .
واكد ان القول بان هناك قضية لجنوب كردفان بشكل مستقل لا يصمد لاى نقاش موضوعى لانه مخالف للواقع فالتسريح واعداة الدمج قضية تخص 1500 جندى فى جنوب كردفان ومثلهم فى النيل ارزق وهؤلاء لم يكن فى تسليحهم دبابات والقول بان اسلحتهم تاتى من الغنائم من القوات الحكومية، قول طفولى لان انواع ومصادر الدبابات المستخدمة فى الشمال والجنوب معروفة وهى مختلفة اما المشورة الشعبية المستحقة فى البروتوكولين فهذه مناطة بالبرلمانات التىاجهضتها اواوقفتها الحركة الشعبية .
عن الاغاثة قال اامين بان الحكومة السودانية لن تقبل سوى التعامل مع الامم المتحدة وبمشاركة اطراف سودانية لان المنظمات غير الحكومية الغربية ذات اجندات سياسية ونحن نعرفها وجربناها من قبل .
شدد المتحدث ايضا على ان توجه الحكومة هو نحو التسوية وهذا خيار استراتيجى منذ توقيع اتفاق ماشاكوس ولكننا لا نستطيع ان نكون العقلاء وحدنا اذا لم يكن الطرف الاخر قابلا للتعقل ، وحول ما اذا كان هناك فرصة للحل قال نعم لان راسمال المتطرفين هو علاقاتهم الخارجية بالغرب والموقف الغربى لا يتفق الان مع توجهات هذه المجموعة المتطرفة .
دارفور والعدل والمساواة
حول دارفور قال امين بان الاستقرار والتنمية تتقدم فى الاقليم وان العدل والمساواة بعد ان فقدت المساندة الليبية والتشادية ذهبت للجنوب بحثا عن قاعدة لحصول على الامدادات ولكنها اخرجت نفسها من قضية دارفور سياسيا وجغرافيا.
وقال بن العدل والمساواة لها طروحات او مطالب قومية وهذه محلها الحوار فى مفوضية الدستور او الحوار الدستورى او المؤسسات التى يمكن لها المساهمة فى هذه القضايا المتصلة ببناء الجمهورية الثانية والتفاهم فى قضايا الاصلاح السياسى وتعزيز الديمقراطية وكلها قضايا مفتوحة للحوار الدستورى او الحوار الداخلى ، ولكننا لن نعطى شرعية لمثل هذه المطالبات انطلاقا من ازمة دارفور .
وان حركة العدل والمساواة فصيل صغير ويجب ان يكون لديها نظرة واقعية ونحن مستعدون للحوار مع الحركة على اساس الاتفاق الاطارى واتفاق الدوحة رغم انتهاء كل المهل التى منحت لهم .
الاصلاح السياسى والديمقراطية
وشدد الدكتور أمين حسن عمر على ان الحفاظ على السودان يعتمد على بناء قاعدة واسعة للتراضى بين القوى السياسية والاجتماعية المختلفة وهذا ما يجب ان يقوم علية دستور الجمهورية الثانية .
وقال بان حزب المؤتمر قوة رئيسية ولكن هذا غير كاف لصنع الاستقرار السياسى وان التشتت السياسى سوف يؤدى الى حالة استنزاف يضر بالاستقرار ، وان الحكومة منفتحة ولكن الحركالت هى التى تتعالى وبالرغم من ذلك نحن نصبر على هذا الواقع لان القوى السياسية الاكبر تقع عليها مسئوليات اكبر .
الأوضاع فى مصر
حول الاوضاع فى مص قال ان السودان يهتم بما يجرى فى مصر لانه اذا تفتت مصر سياسيا فسوف يؤدى ذلك الى تشرذم العالم العربى، وقال بان القوى السياسية فى مصر لايجب ان تتصرف طبقا لاوزانها الانتخابية ، ولايجب التركيزعلى اللافتات او الشعارات، فهذا امر َمضر للغاية، والأهم هو المضمون، ومن الملاحظ أن ما يتفق علية المصريون اكثر بكثير مما يختلفون عليه ، ومن المهم اداراك ان الاغلبية تسمح بالقيادة ولكن ليس بالهيمنة.
وإذا لم تتوافر الثقة لبناء الدستور فلن تكون هناك فرصة لبناء نظام سياسى
وكان قد شارك فى اللقاء الذى أداره هانى رسلان رئيس وحدة دراسات السودان وحوض النيل، كل من السفير محمد مرسى عوض مساعد وزير الخارجية المصرى لشئون السودان والدكتور محمد البطران نائب رئيس المجلس المصرى للشئون الافريقية وجابى فايز الامين العام لاسرة وادى النيل والدكتور جزيف رامز رئيس تحرير مجلة شئون افريقية وعدد من الاعلاميين المصريين وبعض الناشطين السودانيين حيث تحدث كل من خالد ابوريش من العدل والمساواة وحماد صابون والدكتور عبدالباقى على ليلة من الحركة الشعبية حيث ادلى كل منهم بتعقيب مطول تناوله الضيف بردود وتوضيحات تفصيلية .