خطوات متسارعه تتخذها حكومه تركيه بقياده رئيس رجب طيب اردوغان من اجل احداث توازن جديد بين سلطات مدنيه والعسكريه، علي نحو ذي يُخضع اخيره للاولي كليا، ويحول دون تكرار محاوله انقلاب علي حكمه ذي يخطط لان يتجاوز عام 2023، علي ان يكون ذلك بصلاحيات رئاسيه كامله.
وتشير بيئه تركيه وتحولاتها دراماتيكيه اخيره الي ان رجل تركيا قوي سيعمل علي استثمار لحظه راهنه للاستمرار في اقتحام اخر حصون اتاتوركيه، لاخضاع قلاعها شاهقه لسلطان خليفتها جديد.
ومع ذلك، فثمه مؤشرات تشي بان هذا بلد ذي تجسد جل معاركه سياسيه معاني صراع والاستقطاب حول هويه والحكم والنفوذ بين "الكماليين" و"الاردغانين"، قد يشهد تقلبات سياسيه وتحولات امنيه قد تجعل من محاوله خامس عشر من يوليو مجرد مؤشر علي قرب حدوث تدخلات عسكريه اكثر قوه وتماسكا، ولكنها في غالب قد تكون في ظروف مغايره وسياقات مختلفه.
لماذا انقلاب علي حكم اردوغان؟
ثمه عديد من اسباب شكلت في جملتها دوافع اساسيه لتحرك بعض وحدات وعناصر جيش تركي ضد حكم رئيس تركي، رجب طيب اردوغان، وهي دوافع لا يبدو انها ستنتفي وفق سياسات حكومه حاليه واتجاهاتها واضحه بشان اعاده صوغ نمط واطر علاقات مدنيه عسكريه في تركيا، ويمكن تعرض لابرز هذه دوافع علي نحو اتي:
ليست خطيئه اولي:
شهدت تركيا علي مدار تاريخها عديد من محاولات انقلاب عسكريه علي عديد من حكومات منتخبه، تكلل بعض منها نجاح، والبعض اخر تم تعامل معه امنيا وقانونيا في مراحل مهد والتخطيط، بيد ان فشل محاولات انقلابات عسكريه ومحاسبه متورطين فيها لم يردع غيرهم عن تكرار محاوله.
فقد تعرضت حكومه اردوغان لمحاولتي انقلاب، كُشِف عنهما في اعوام 2007 و2009.
وقد انتهي امر الي افراج عن جميع قاده هذه محاولات بدعوي ان جماعه فتح له كولن، او ما يسميه اردوغان "التنظيم موازي"، هي مسئوله عن توريط جيش في هذه قضايا "المزيفه".
بيد ان بعض قاده جيش وعناصره، وباعداد ليست قليله، حاولت انقلاب مره اخري علي اردوغان.
ورغم فشل محاوله اخيره، فان معطي ادراك قطاعات واسعه من جيش لعمليه "اعاده هندسه مجتمع"، وتغيير وجه تركيا عبر محاوله اتباع مقاربه جديده حيال هويه تركيا والمساس مسلمات فوق دستوريه، كالمبادئ سته للجمهوريه تركيه، وعلي راسها مبدا علمانيه، يمثل مؤشرا علي انه ليس هناك ايه ضمانات بشان عدم تكرار تدخلات عسكريه لاسقاط حكم اردوغان ذي يستغل حساسيه لحظه راهنه، وفق سياق مصطنع خطابه، لتوجيه ادواته لاخضاع جيش من خلال تكتيكات سريعه تستهدف نزع "مخالبه" بانهاء منسوب تفوذه عالي ذي استقوي به وتجذر عبره وجوده كصانع للسياسات علي ساحه محليه في دوله تركيه، وموجها لتحركاتها خارجيه.
الحط من "الشرف عسكري": قد لا تغيب عن محركات محاوله انقلاب علي اردوغان سعيه للسيطره علي مؤسسه عسكريه خلال سنوات ماضيه، عبر اجراءات متراكمه ببطء ومن خلال عمليات منظمه تتعلق باغواء وترهيب لقادتها، وصداقات وعلاقات متشابكه ومعقده، لم تحل دون سجن مئات من قاده جيش لسنوات، بدعوي تورط في تخطيط لعمليات انقلابيه، كان هدف منها اضعاف تيار كمالي داخل جيش، وايجاد "قيادات عازله" تلعب "ادوار تجسسيه" علي رفاقها، وتدين ولاء لا لمنظومه افكار اتاتورك علمانيه، وانما لمنظومه منافع اردوغان ماليه والسياسيه.
ورغم هامشيه ادوارها الا انها شكلت رافدا مهما في تنفيذ وتمرير سياسات اردوغان خاصه باضعاف قدره جيش علي تحرك ككتله واحده ضد سياساته.
وقد كان من مقرر في اغسطس مقبل تصفيه مئات من عناصر جيش رافضه لسياسات حكومه تركيه، خلال اجتماع مجلس شوري عسكري، وقد يفسر ذلك توقيت تحركات عناصر من جيش لاستباق عمليات اقصاء تي كانت مقرره مسبقا من قِبل حكومه تركيه.
بيد ان انقلابات عسكريه في تركيا ليست ذات نمط واحد فهي قد تاتي من قمه او من قاعده.
وبينما ارتبطت محركات محاولات انقلابات علي حكم اردوغان حط من منظومه قيم وافكار اتاتورك -خصوصا بعد تصريحات رئيس برلمان، اسماعيل كهرمان، بعدم ملاءمه دستور تركيا علماني لتركيا- فان ايه تحركات للجيش محتمله قد ترتبط بما تشهده مؤسسه عسكريه من عمليه نيل منظمه من "الشرف عسكري" للجيش تركي، عبر اذلال جنود والقاده باعتقالهم وعزلهم وسحلهم وضربهم في اقسام شرطه ومراكز مخابرات، دون تحقيق دقيق يكشف وجه حقيقه في قضيه لا تزال حيثيتها ملتبسه وتخفي اسرار اكثر مما تكشف وتبوح.
ان هذه احداث لن تغدو نقطه عابره في حكم اردوغان او في تاريخ جيش ذي "صنع" تركيا وصاغ جغرافيتها ورسم حدودها، سيما ان فشل اسقاط هذه حكومه تركيه لا يرتبط باخفاق جيش بقدر تعلقه بكون قرار اسقاطها لم يكن قرارا يجسد اراده جيش موحده، كما انه ارتبط بعلم حكومه مسبق بتحركات عناصر انقلابيه، وتبني قرار توظيفها لا وادها في مهدها.بيد ان اختلاف حول تدخل في مسار سياسي لاسقاط حكومه منتخبه قد يكون عامل ضاغط علي تماسك مؤسسه بسبب انقسام حول رجاحه قرار، او توقيته، او جدواه، غير ان عمليات تصفيه ممنهجه للتيار كمالي داخل جيش تركي بدعوي استئصال تيار كولاني (نسبه لفتح له كولن) قد يجعل من قرار انقلاب علي حكومات منتخبه قرارا لا يعبر عن انقسام داخل جيش بقدر حسبانه ضمانه لوحده وتماسك مؤسسه عسكريه، سيما في ظل سياسات اردوغان تي تستهدف اعاده هيكله جيش، عبر وحدات مستقله متواجهه يسيطر رئيس علي نقاط اتصال بينها عمليا ووظيفيا.
كما يخطط لتوسيع صلاحيات وزير دفاع (السياسي) علي حساب رئاسه اركان (المهني)، وصلاحيات مؤسسه امنيه علي حساب مؤسسات عسكريه، بما يمثل انقلابا علي ما يمكن تسميته "توازن اختصاصات"، وهي عمليه تي كانت قد ازدادت وتيرتها، خصوصا منذ يوليو 2013، حينما عدلت ماده 35 من دستور تركي تي تحدد اختصاصات جيش وادواره.
عدم استقرار امني: جاءت اغلب انقلابات عسكريه في تركيا علي خلفيه اهتزازات امنيه واستقطابات مجتمعيه، وصراعات سياسيه، ويبدو ان رؤيه قيادات عسكريه تي شاركت في تخطيط لهذا انقلاب لم تؤسس تحركها علي وضع قائم، وانما علي استباق وضع مقبله عليه تركيا في ظل تطورات راهنه فيما يخص ملف امني، وذلك بسبب ما باتت تواجهه انقره من تحديات امنيه متصاعده حده، وعلي نحو غير مسبوق بعد ان طالت عمليات ارهابيه قلب تمركزات والمنشات خاصه جيش تركي، ووسائل تنقله، ومناطق تمركز قياداته في قلب مدن تركيا رئيسيه وليس في عمق مناطق نائيه ريفيه، خصوصا في جنوب شرق بلاد.
لقد شهدت تركيا خلال فتره ماضيه ارتفاع منحني عمليات ارهابيه تي وقفت وراءها عناصر ترتبط بحزب عمال كردستاني (PKK)، من جانب، وجبهه تحرير ثوري يساريه (c)، من جانب ثان، وتنظيم "داعش" ISIS، من جانب ثالث، كما برزت من جانب رابع، ادوار منظمه صقور حريه كردستان (TAK)، والتي استطاعت ان تقوم باختراقات امنيه ضخمه في مدن رئيسيه، وفي مواقع تتصف ب"السياديه"، حيث قلب مدينتي انقره واسطنبول.
هذا فيما تصاعدت ظاهره "الاكراد دواعش"، بما خلق ما يمكن ان يطلق عليه "التهديدات مركبه".وقد ارتبطت هذه تهديدات بتزايد هجمات قطعان "الذئاب منفرده" تي باتت تتحرك علي نحو فردي داخل تركيا، وعبر خلايا متناهيه صغر لاستهداف ايه رموز امنيه ثابته كانت او متحركه، فضلا عن عديد من مؤسسات محليه والاجنبيه والمقرات حزبيه، بما يشكل تهديدات متصاعده حده لاجهزه امن تركيه، تي اضحت تواجه هجمات امنيه بادوات غير تقليديه، وذلك بفعل توالي عمليات حزب عمال كردستاني نوعيه، والتي افضت في مايو ماضي عن اسقاط طائره هليكوبتر تتبع جيش تركي.
هذا اضافه الي تصاعد هجمات تنظيم داعش عبر حدود سوريه من خلال قصف بلدت تركيه مجاوره، واستهداف مدن تركيا كبري، خصوصا ميادين رئيسيه، والمؤسسات امنيه والاماكن سياحيه.
ففي 19 اغسطس ماضي، ادي هجوم مسلح عبر قنبله صوتيه واطلاق نار كثيف خارج قصر دولما بهجه Dolmabahçe بساحه مسجد سلطان احمد، الي مقتل نحو احد عشر سائحا المانيا.
كما شهد مطار اتاتورك باسطنبول، في 28 يونيو ماضي، هجوما ارهابيا افضي الي مقتل نحو 44 شخصا واصابه زهاء 200 اخرين، وهو هجوم عاشر لتنظيم داعش علي اراضي تركيه، علي نحو ذي افضي الي مقتل نحو 233 شخصا، منذ يناير 2015.
مستقبل الانقلابات العسكريه
ان اعاده صياغه ادوار مؤسسه عسكريه تركيه وادوارها تقليديه في حياه سياسيه تركيه، عبر اجراءات متواليه تستهدف تهميش والاقصاء والاخضاع علي نحو كامل للسلطات مدنيه، لا يشكل تحدي حقيقي، وانما اعاده انتاج هذه مؤسسه وهيكلتها علي نحو يفقدها قدره علي تحرك علي نحو متماسك، ويخلق شبكه من ولاءات تتجاوز قياده جيش الي قياده سياسيه هو ما يمثل تحدي ذي تواجهه تركيا وليس مؤسسه عسكريه تركيه.وان كانت استراتيجيه استغلال لحظه راهنه، وسياق ضعف ذي يعاني منه جيش يخدمان حكم تركي، غير ان قدره علي توظيف ذلك لتغيير منظومه فكريه والعقائديه للجيش تركي، امر يصعب تصوره ويشكل تهديدا محتملا سيدفع بعض الي اتخاذ مبادره بدافع مختلط ما بين انتقام للشرف عسكري ذي اسقطته سياسات اردوغان وانصاره، من ناحيه، ومن ناحيه اخري سعيا الي حفاظ علي دوله اتاتوركيه بمبادئها وحدودها جغرافيه وهويتها سياسيه والثقافيه ووضعها اجتماعي، ويتاسس ذلك علي عدد من عناصر:
الشعب ضد شعب:
ان حديث عن شعب تركي ذي يرفض مساس بحكم اردوغان، يعتمد في واقع علي تقديرات والكتابات تي تاتي من مصادر ذات اتجاه واحد يرتبط بحزب عداله والتنميه، وليس هناك لاي حزب سياسي او جماعه معارضه ان تبدي اي اعتراض علي سياسات اردوغان ذي يصنف كل معارض لحكمه باعتباره ينتمي "للكيان موازي"، بما يجعل سياسات "التصفيه" لقطاعات واسعه من معارضين في مختلف مؤسسات دوله وفي غياب اي قواعد قانونيه او حقوقيه، قاعده سائده.
وبينما يحاول بعض تاكيد ان هذه قرارات ثوريه او انقلابيه مدعومه من شعب تركي، فان محاوله اضفاء اي طبيعه دستوريه علي قرارات فوق دستوريه تي يتخذها اردوغان ستعني قدره كتله عريضه من تيارات اسلاميه مرتبطه بفتح له كولن، والتيارات ليبراليه واليساريه معارضه ان تعبر عن رفضها بشكل اوضح لهذه سياسات اقصائيه، وهو امر قد يغير من طبيعه صراع، بحيث لا تتمحور حول سعي حكومه لمواجهه اي انقلابات عسكريه محتمله، وانما علي ارضيه حقوق والحريات، وهي مساله قد توفر بيئه خصبه لاعاده تموضع جيش والحصول علي تنازلات من حكومه كرها او طوعا.
قد يرتبط ذلك بان استراتيجيه اردوغان للقضاء علي نفوذ كمالي داخل جيش تقوم علي تخفي وراء شعب، بما يفسٌر كعنصر ضعف لدي قياده سياسيه، ومؤشر علي تخوف من احتمال ما، فالمطالبه بان يبقي شعب في شارع لفتره طويله تعني ان هناك خشيه من اي رد فعل انتقامي من قبل جيش، وان هدف سياسي من وراء ذلك يتعلق برفع تكلفه هذا رد ايا كان نوعه، غير ان ايجاد سياق ذي دعم مخططات اردوغان للانقلاب علي جيش، وفق اجراءات متبعه حاليا ضد جمله قياداته، قد لا يعني عدم قدره علي ايجاد سياق مضاد لانقلاب جيش علي اردوغان وحكمه، خصوصا ان محض محاوله انقلاب فاشله، انما تمثل مؤشرا واضحا علي تململ قيادات جيش من اتجاهات وتحركات نخبه سياسيه، وموقفها منها.
التحدي يخلق استجابه: عملت حكومه تركيه رغم ادراكها لاتساع نطاق حركه انقلابيه ضد حكومه تركيه علي توظيفها سياسيا توازي مع تحويل بعض قيادات عسكريه تي لم تطلها عمليات عزل والاعتقال الي "حواجز" حاجبه لحجم تنكيل ذي يتعرض له مئات من قيادات جيش، وللتاكيد علي ان دوله لا تخلط بين من ايد وعارض انقلاب، بما يوفر لها ثقه اكبر علي تحرك وينزع قدره علي مبادره لدي خصومها.بيد ان توظيف ذلك للنيل من جيش تركي وتحويله الي مؤسسه منزوعه اختصاصات ومحض اداه في يد رئيس عديم صلاحيات جوهريه بمقتضي نصوص دستور، قد يجعل من قيادات عسكريه لمختلف افرع قوات مسلحه تركيه تي لم تمسه سياسات تصفيه والاقاله والاعتقال، لا يمثل ضمانه لعدم تحرك مستقبلي للجيش، ذي "يسكن" الاف من عناصره "روح اتاتورك" وسياساته ومغامراته لانقاذ وطن تركي، ومن ثم قد تكون هناك قياده عسكريه يصنعها تحدي ويصقل زعاماتها لمواجهه محاوله تهميش اختصاصات مؤسسه عسكريه تركيه، سيما ان منظومه قيم والافكار والعقيده عسكريه للجيش لا يمكن تغييرها او تحويلها لصالح عقيده اخري، عبر اجراءات ايا كانت طبيعتها سياسيه، او دستوريه او غطاؤها شعبي، ويعد صمت مؤقت علي ذلك محض استراتيجيه لكسب وقت، وامتصاص صدمه واستيعاب حيثيات موقف، واليات تحرك مستقبليه.صعود مارد كردي: تدرك عديد من تقديرات امنيه ان عمليه اعاده هندسه شرق اوسط وصوغ خرائطه سياسيه والجغرافيه لا تحمل استثناءات كبيره نسبه للجانب تركي، وان درجه حصانته تعتمد علي ترتيبه في سياق تغير وعملياته دائره وليس منه، وهو تصور، علي ما يبدو، راسخ لدي قيادات عسكريه تي تحركت ضد حكم اردوغان محاوله اسقاطه، ارتباطا بانه ورٌط تركيا في مستنقعات شرق اوسط وساهم في صعود حضور تنظيمات رديكاليه اسلاميه تي باتت تفجيراتها وحاضنتها شعبيه تتصاعد في داخل تركي ذاته، كما افضت برجماتيته "الرخيصه"، عبر عمليه سلام مع اكراد، ثم انهائها، بعد ما تردد عن مراكمه حزب عمال كردستاني سلاح في مدن تركيا رئيسيه، الي صعود تحدي تركي، وباتت تركيا جزءا من عمليه دوليه تستهدف دعم اكراد اقليميا، وهو صعود قد لا تكون جغرافيه جنوب شرق تركيا بعيده عن ارتداداته او بمعزل عنه.هذا وضع يخلق تحديات امنيه مركبه تزيد من اعباء ملقاه علي مؤسسه عسكريه وتجعلها تخوض حرب ضد عمال كردستاني بمعنويات منخفضه، ولعل تراجع عمليات كردستاني في داخل تركي مؤشر دال علي عدم رغبه في تفويت فرصه ترك خصومه يصفٌون بعضهم بعضا، وهو وضع قد يفرض انتفاضه عسكريه متعدده جبهات تتعلق بحسم معركه داخل قبل رفع شعارات معارك تحرير -التي خاضها اتاتورك- مره اخري حفاظا علي دوله عسكر حول مرتفعات اناضول.
الاستراتيجيه غربيه طارئه: تعتبر بعض قوي غربيه ان شريك حقيقي لها في تركيا لم يعد اردوغان وحكمه، وانما خصومه.
فمن ناحيه، يمثل اسلام اجتماعي ذو جذور صوفيه (حركه فتح له كولن) بديلا اكثر قبولا واعتدالا من اسلام سياسي ذي قدمه حزب عداله والتنميه، سيما بعد ان فشل اخير في اداء ادواره وظيفيه علي مسرح عمليات شرق اوسط، بما يجعل تيار فتح له كولن اكثر قبولا، من قبل عديد من قوي غربيه تي باتت تعتبره اقرب الي ما يمكن تسميته "الاسلام اندونيسي".
وعلي جانب اخر، تعتبر قوي غربيه ان جيش تركي يمكن توافق معه والتوصل الي صفقات محليه واقليميه، مقارنه باردوغان صانع ازمات غرب، بسبب سياساته حيال قضيه لاجئين والتيارات جهاديه تي باتت تضرب عمق اوروبي، بما ساهم في صعود تيارات يمين متطرف علي اكثر من ساحه اوروبيه، ومن ثم ستنبني استراتيجيه غربيه حيال تركيا علي تاكيد اهميه تركيا نسبه للقوي غربيه، مع اتباع تكتيك يوازن بين انتقاد دائم لسياسات تركيا فيما يخص ملفات حريات وحقوق انسان، وبين عمل مع جيش تركي من اجل رفع معنوياته، والتاكيد "للقيادات مختاره" ان قوي غربيه اذا ما خيٌرت بين جيش وايه قوي تركيه اخري،، فانها ستنحاز الي اول، حفاظا علي شراكه تاريخيه تمتد جذورها لعقود.
ان مشهد تركي لا يحمل مسارا واحد محتملا، ولكنه يحتمل سيناريوهات عديده يبدو، وفق مشاهدات راهنه والقراءه للخبرات متراكمه لدي مؤسسه عسكريه تركيه، انه ليس من بينها ان تغدو اداه في يد سلطه سياسيه ذات رداء ديني تنزع انيابها وتحولها الي مؤسسه طيعه في يدها.
وبصرف نظر عن وقت والسياق والمحركات، فمعادله علاقات عسكريه تركيه لم ولن تحسم سريعا، وهي علي ايه حال لن تكون كما يبتغيها اردوغان وحده، فللطرف اخر ادواته ومطالبه وامبراطوريته تي تتهاوي، لن تكون دافعا للسكون، وانما قد تكون -بعد وقت مستقطع- سببا للتمرد والانتقام.