صدر مؤخرا كتاب بعنوان " حماس وحزب الله: تأثير الهوية والمصلحة على الفاعلين العنيفين من غير الدول في الشرق الأوسط " للدكتورة إيمان رجب الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، ويعد من أحدث اصدارات المركز خلال العام الجاري.
تقوم الفكرة الرئيسية لهذا الكتاب، على أن الدول لم تعد وحدها هي المؤثرة في العلاقات الدولية، وإنما ظهرت كيانات أخرى اصطلح على تسميتها الفاعلين من غير الدول والتي بدأت تشاركها هذا التأثير.
ويعرض الكتاب للأنواع المختلفة من الفاعلين من غير الدول، ولكنه يهتم بصورة أصيلة بنوع محدد وهو الفاعلين العنيفين من غير الدول الذين يمارسون تأثيرا خارج حدود الدولة التي يعملون فيها، ويمتلكون هوية مركبة تتألف من مكونات فكرية تعبر عنها الأفكار والمعتقدات التي تحدد رؤيتهم للعدو والحليف ومكونات مادية ممثلة في السلاح وموارد اقتصادية وسياسة خارجية مستقلة عن تلك التي للدولة التي يعملون فيها.
ويهتم هذا الكتاب ببيان الطبيعة المتغيرة للهوية العنيفة لهذا النوع من الفاعلين والتي تأثير بالتفاعلات التي يدخلون فيها، وهذا التغير كان كفيلا بأن يجعل الفاعل يتخلى عن بعض استقلاله عن الدولة ويشارك في مؤسساتها على نحو يجعل منها فاعل مختلط Hybrid Actor، والتداعيات المترتبة على ذلك فيما يتعلق بتوجهاته الرسمية وبالسياسات الفعلية الداخلية أو الخارجية التي يتبناها.
وفي هذا السياق، يحلل هذا الكتاب بصورة مقارنة تأثير الهوية والمصلحة في سلوك حزب الله وحركة حماس، تجاه قضيتي الصراع مع إسرائيل بالتطبيق على حرب 2006 بالنسبة لحزب الله وحرب 2008-2009 بالنسبة لحماس ، والتغيير السياسي الداخلي بالتطبيق على أزمة مايو 2005 بالنسبة لحزب الله وأزمة 2007 بالنسبة لحماس.
وهذا الموضوع يعد من المواضيع الحديثة في مجال العلاقات الدولية، خاصة في ظل سيطرة الاهتمام بالدولة لفترة طويلة من الزمن، كما أن الأدبيات الخاصة بالفاعلين الدوليين من غير الدول، اهتمت بصورة رئيسية بتعريفهم وتطوير معايير لتصنيفهم، وللتمييز بينهم وبين الدولة، دون الاهتمام بتقديم إطار تحليلي يسمح بتحديد المتغيرات التي تؤثر على سياساتهم الداخلية والخارجية.
وحول أهمية هذا الموضوع، يشير الأستاذ الدكتور أحمد يوسف أحمد، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، في التقديم الخاص بالكتاب إلى أنه " يمثل إضافة إلى التراكم العلمى فى تحليل سلوك الفاعلين الدوليين من غير الدول نظرياً، سواء بالمساهمة فى تطوير الأدبيات النظرية لهذا التحليل أو بإتاحة نتائج تحليلها حالتى حزب الله وحركة حماس لدارسى الموضوع بحيث تفيدهم فى تطوير مزيد من فهمه".
حيث أصبح الفاعل من غير الدولة طرفًا رئيسيًّا في السياسات الإقليمية في المنطقة، حتى أنه لم يعد من الممكن تحليل السياسات في المنطقة بالتركيز على الدول فقط، وهذا الوضع جعل تجاهل تأثيرهم لايتفق مع السياسة الواقعية realpolitik.
ولذا أصبحت إحدى القضايا الرئيسية التي تواجه الدول، هي كيف يمكن تطوير استراتيجيات مختلفة للتعامل معهم، أو للتأثير في سلوكهم.
وتشير المؤلفة إلى أن هناك أهمية عملية لهذا الموضوع، وتتعلق بالتأثير "السياسي" لما توصلت إليه من نتائج خاصة بحزب الله وحماس ، لاسيما من حيث محاولة الإجابة على تساؤلات من قبيل كيف يمكن للدول، التي تظل فاعل مهم ، أن تؤثر في سلوكهم وسياساتهم، تجاه قضايا محددة؟، سواء بصورة مباشرة أو بصورة غير مباشرة، أو على الأقل كيف يمكن لها أن تتجنب اتباعهم سياسات تضر بمصالحها الإستراتيجية، وبأمنها الوطني؟.
ويرجع اهتمام المؤلفة بهذا البعد، إلى إدراكها أن التحليل الأكاديمي بصورة عامة، يهدف لدعم صانع القرار، بخيارات، وبأطر عامة تقود تفكيره، أو تؤطره framing، حين يفكر في اتباع سياسات محددة، لاسيما حين يتعلق الأمر بقضايا يتزايد فيها تأثير الفاعلين العنيفين، وتهدد مصالح الدول، مثل حزب الله في حالة سوريا، وحركة حماس فيما يتعلق بالأمن الوطني لمصر بعد سقوط حكم الأخوان في 3 يوليو 2013.
أولا: لماذا حزب الله وحماس؟
يهتم الكتاب بحزب الله وحركة حماس نظرا لكونهما "من الحالات المؤثرة في الإقليم"، ويدعم ذلك مؤشران، يتمثل المؤشر الأول في إنهاء كل منهما احتكار الحكومات المركزية السيطرة على إقليم الدولة وعلى موارده، وإنهائه احتكارها استخدام العنف، فعلى سبيل المثال أصبح حزب الله يمتلك من المقدرات المادية والمعنوية ما يجعله يمثل كيانا موازيا للدولة اللبنانية، حيث يسيطر على جزء من إقليم الدولة اللبنانية، ويمتلك شبكة من الموارد الاقتصادية المستقلة عن موارد الدولة كما أنه يمتلك السلاح، فضلا عن امتلاكه سياسة خارجية مستقلة عن سياسة الدولة اللبنانية تجاه العديد من القضايا، ويتمتع بشرعية ما في سياساته وسلوكه.
كما لعبت حركة حماس دورا مهما في "أسلمة" الصراع بين الفلسطينيين وإسرائيل، على نحو أضفى أبعادا دينية له، بعد أن كان صراعاً بين إسرائيل والحركة الوطنية الفلسطينية منذ نهاية الثلاثينات من القرن العشرين، ثم ضد الحركات القومية العربية.
ويرتبط الطابع الإسلامي للصراع الذي أضفته حماس بفكرتي "الجهاد" و"إنشاء الدولة الإسلامية".
إلى جانب ذلك، لعبت حماس دورا مهما في عمليات إعادة البناء في فترات ما بعد الصراعات المسلحة، وتحولت إلى شريك للأمم المتحدة من أجل إعادة بناء المناطق التي تخضع لسيطرتها، فأصبحت شريكا مهمًّا في بناء السلام، مما منحها قدرًا من الشرعية الدولية.
كما أن هذا التحول طرح تحديا أمام الأدبيات والدراسات الغربية التي تعاملت مع حركة حماس وحزب الله كذلك، على أنهما مفجران للصراعات، وعائق دون حلحلة الصراع مع إسرائيل، حيث استدعى هذا التحول في دورهما إعادة النظر في طبيعة الدور الذي يمكن أن يلعبه هذا النمط من الفاعلين في عمليات إعادة البناء في فترة ما بعد الصراع.
ويتمثل المؤشر الثاني في تأثير هاتين الحالتين على الأمن والاستقرار في المنطقة العربية، حيث شهدت المنطقة خلال العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، انتشار نمط الحروب غير المتماثلة Asymmetric War ، والتي أحدثت تغيراً في طبيعة الحرب في المنطقة من كونها حربًا بين دول كما السابق، إلى حرب غير متماثلة أحد أطرافها فاعل من غير الدولة، وهو ما تعبر عنه حرب يوليو 2006 بين حزب الله وإسرائيل التي تضررت منها الدولة اللبنانية رغم أنها لم تخطط لها، وحرب العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في 27 ديسمبر 2008 التي كان الطرف الثاني فيها حركات المقاومة الفلسطينية وأهمها حركتا حماس والجهاد الإسلامي.
إلى جانب ذلك، أحدث هذا النمط من الفاعلين تحولاً في طبيعة الحروب بالوكالة، حيث أصبحت ذات طابع إقليمي، بعدما كانت تستخدم من قبل كل من الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي أثناء الحرب الباردة، وهو ما يكشف عنه الصراع المسلح في سوريا منذ مارس 2011، حيث أن هناك اتجاه متزايد لأقلمه الحرب بالوكالة regionalization of proxy war التي تشهدها سوريا، سواء من حيث القوى المحركة لأطراف الصراع، أو أطراف الصراع أنفسهم، وتحديداً حزب الله.
ثانيا: "إطار تحليلي" جديد:
يمثل الاسهام الرئيسي لهذا الكتاب في أنه يقدم إطار تحليلي جديد يجمع بين مقولات مستقاة من المدرسة البنائية والمدرسة الواقعية يساهم في تحليل تأثير الهوية والمصلحة على سلوك الفاعلين العنيفين من غير الدول.
تتمثل المقولة الأولى في أن أهمية الهوية والمصلحة كمتغيرين يؤثران في سلوك الفاعل العنيف من غير الدولة المتعدي للحدود مرتبط بعاملين، الأول بقاء الفاعل وتمايزه عن الآخرين مرتبط بهذه الهوية، والعامل الثاني إلى أن هذه الهوية تحدد مصالح الفاعل التي يسعى لتحقيقها من خلال الدخول في تفاعلات خاصة بقضايا محددة، ولكن في قضايا محددة قد تفرض المصلحة على الفاعل اتباع سلوك معين يتعارض مع معانى الهوية الخاصة به لذا يهتم هذا الكتاب بتحليل الاتساق وعدم الاتساق بين تأثير الهوية والمصلحة.
وتتعلق المقولة الثانية بأن الفاعل العنيف من غير الدولة هو فاعل رشيد، يقيم حسابات المكسب والخسارة على نحو يعطي أهمية لمتغيرات أخرى نابعة من الظروف السياسية والأمنية والاقتصادية التي يعمل فيها، والتي قد تكون مسئولة عن تعزيز تأثير الهوية أو المصلحة على سلوكه أو الحد منه، وهي ما يمكن تسميته بشروط "التأثير"، أي التي تسمح بأن تمارس الهوية أو المصلحة تأثيرها على سلوك الفاعل من غير الدولة، وهي بمثابة المتغيرات الوسيطة.
وتنصرف المقولة الثالثة إلى أن هناك "شروط" لتغير هوية الفاعل ومصلحته، وتغير الهوية قد يعني تغير أحد المكونات المادية أو غير المادية للهوية، أو تغير أحد الأدوار الخاصة بالهوية وهذا التغير في هوية الفاعل، قد يغير من طبيعة الفاعل من حيث كونه فاعل من غير الدولة بحيث يصبح فاعل مهجن أو مختلط Hybrid Actor يجمع بين صفاته كفاعل من غير الدولة وبين كونه ممثل في مؤسسات الدولة المختلفة، وهو وضع قد يجعل المصلحة الاستراتيجية الخاصة بالفاعل مرتبطة باستمرار طبيعته المختلطة هذه.
ثالثا: سياسات حزب الله وحماس تحركها المصلحة:
يشير الكتاب إلى إن ما يحدد تأثير الهوية والمصلحة في سلوك حزب الله وحركة حماس تجاه قضية الصراع مع إسرائيل التي هي قضية خارجية، أو قضية التغيير السياسي التي هي قضية داخلية، هي "شروط التأثير"، وتعد أولوية القضية بالنسبة للفاعل متغير مهم.
فإذا كانت القضية تمثل أولوية للفاعل أي أن تكون وفق "تصورات" perceptions القيادات مهددةً لبقاء الفاعل أو لشرعيته أو لأحد مكونات الهوية، يكون تأثير الهوية عادة واسع النطاق، ويشمل التوجهات المعلنة للفاعل والسياسات الفعلية له، ويكون تأثير المصلحة قاصرًا على وضع "سقف" لهذا التأثير.
ففي حالة حزب الله أثناء أزمة مايو 2008، كان تصور القيادة أن هذه الأزمة تهدد بقاءه، وكان لهويته المركبة تأثير واضح على التوجهات المعلنة له وفي السياسات الفعلية له سواء فيما يتعلق بإدارته للأزمة، أو موقفه من القضية الطائفية، أو علاقته مع الدولة.
وفي حالة حركة حماس، كان تأثير الهوية على سلوك الحركة أثناء أزمة 2007 محدودا وذلك في مقابل تزايد تأثير المصلحة على سلوكها، سواء فيما يتعلق بإدارة الأزمة أو في إدارة العلاقة مع السلطة، حيث اتسقت سياساتها الفعلية تجاه هاتين القضيتين مع معاني المصلحة الخاصة بها، وتعارضت مع معاني الهوية، خاصة ما يتعلق بكونها "شريكًا" مع فتح في السلطة الوطنية الفلسطينية، وبأن سلاحها يحرم استخدامه في الداخل.
أما إذا كانت القضية لا تمثل أولوية للفاعل، نتيجة كونها تؤثر على سلوكه فقط وليس على شرعيته أو بقائه، مثل الحرب الإسرائيلية على لبنان 2006 والحرب الإسرائيلية على قطاع غزة 2008-2009، والتي كانت تدور حول مستوى العنف الذي سيستخدمه كل من حزب الله وحركة حماس في مواجهة إسرائيل، وكذلك توقيته ونطاقه، وما إذا كان أي منهما سيبادر به أو سيكون رد فعل، فإنه في هذه الحالة يكون تأثير المصلحة واضحا في السياسات الفعلية، وعادة ما يكون الفاعل مستعدًا لتغيير هويته وتغيير الأدوار التي يمارسها في إدارة هذه القضية، خاصة إذا كان عدم تغييرها يهدد المصلحة الخاصة به.
ورغم ذلك يظل حزب الله وحركة حماس يستخدمان معاني الهوية خاصة تلك المتعلقة بالمقاومة في التعبير عن توجهاتهما المعلنة وعن تصوراتهما للقضية Framing، وعن دورهما في إدارتها، وأحيانا يكون الحفاظ على عدم الاتساق بين التوجهات المعلنة والسياسات الفعلية مقصود، حيث يكون هو الطريق الذي يتم من خلاله علاج التناقض بين معاني الهوية ومعاني المصلحة، وفي هذه الحالة يكون الفاعل أقل براجماتية، وذلك مقارنة بحالة الاتساق بين توجهاته وسياساته.
رابعا: التحول إلى "فاعل مهجن":
يشير الكتاب إلى أن تحليل مجمل التفاعلات الخاصة بالصراع مع إسرائيل وتلك المتعلقة بالتغيير السياسي سواء في حالة حزب الله أو في حالة حركة حماس، تكشف عن أن هناك تغير في الهوية المركبة الخاصة بكل منهما، وكذلك في المصلحة الاستراتيجية التي يسعيان لتحقيقها، ففي حالة حزب الله، نتج عن التفاعلات الخاصة بحرب 2006 وبأزمة 2008 تحوله إلى فاعل مهجن Hybrid Actor ، يجمع بين خصائص استقلاله عن الدولة فيما يتعلق بموارده وسلاحه وسياساته الخارجية، وبين الاحتفاظ بتمثيل في مؤسسات الدولة والتنسيق معها فيما يتعلق بقضية الصراع مع إسرائيل، حيث لم يندمج الحزب في الدولة كلية ليتخلى عن هويته كفاعل من غير الدولة بصورة كاملة، كما أنه لم يحافظ على استقلاله التام عنها (الانعزال)، وأصبحت المصلحة الاستراتيجية للحزب مرتبطة بالحفاظ على هذه الطبيعة المختلطة.
وفي حالة حركة حماس أصبحت هويتها المركبة نتيجة تفاعلات أزمة 2007 وحرب 2008-2009 تجمع بين كونها فاعلاً دينياً مسلحاً، وله سلطة موازية مستقلة عن السلطة الفلسطينية فيما يتعلق بإدارة العلاقة مع إسرائيل، وبكيفية تسوية الصراع معها في قطاع غزة.
كما أكد الكتاب على أن التعامل مع الهوية والمصلحة كمحدد لسلوك حزب الله وحركة حماس، باعتبارهما أحد الصور المؤثرة للفاعلين من غير الدول المستندين لهوية، والذي هو أحد أنماط الفاعلين العنيفين من غير الدول في الشرق الأوسط، لم يعن إغفال أهمية الظروف الموضوعية المحيطة بكل منهما، فرغم أهمية الهوية لهذا النوع من الفاعلين، إلا أن ذلك لا يعني أن سلوكه سيتسق بالضرورة مع معاني الهوية الخاصة به، فكون حزب الله حركة مقاومة مسلحة، كما يعبر عن ذلك العلم الخاص به، وتوجهاته المعلنة، لم يترتب عليه أن يظل في مواجهات مسلحة بصورة مستمرة مع إسرائيل، كما أن تعريف حماس لنفسها على أنها حركة مقاومة مسلحة، لم يترتب عليه أن تظل في صراع مسلح مستمر مع إسرائيل.
خامسا: كيف تتعامل معهم الدول؟
يثير الكتاب تساؤلات خاصة بكيف يمكن للدولة التأثير في سلوك حزب الله وحماس؟، خاصة من قبل الدول التي تتأثر بسياساتهم، ويمكن القول، بأن هذه المسألة في الدوائر الأكاديمية والسياسية تعد محل جدل، ويمكن التمييز بين اتجاهين، الاتجاه الأول هو إعلاء أهمية الدمج الديمقراطي لهذا النوع من الفاعلين في الداخل، وذلك بافتراض أن هذا الدمج يحدث نوعا من الاعتدال moderation في توجهاته فتصبح اقل راديكالية، وان أي دولة تريد أن تؤثر في سلوكهم يمكنها أن تفعل ذلك من خلال استهداف الحكومة الممثل فيها الفاعل بسياسات عقابية.
وتكمن مشكلة هذا المدخل في انه يؤدى إلى إضعاف الدولة في المدى المتوسط.
وينصرف الاتجاه الثاني إلى عزل الفاعل، ووضعة على قوائم الإرهاب وتوجيه ضربات عسكرية لبنيته التحتية ولمناطق السكان الموالين له، وقد اتبعت هذه السياسات إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش، خلال خريف العام 2001، ولم تكن سياسة فاعلة، كما أن شن إسرائيل حرب يوليو 2006 لم يضعف حزب الله، بل أضعف الدولة اللبنانية.
وفى هذا السياق، يطرح الكتاب ثلاثة مداخل للتأثير في سلوك هذا النوع من الفاعلين، يتمثل الأول في السماح باستمرار انخراط الفاعل في النظام السياسي وفق سقف محدد لا يسمح له بالسيطرة على السلطة التنفيذية، ويجعل الانخراط والتعامل معه سهلا، حيث يضمن هذا الانخراط انكشاف مفاصل التنظيم وشبكة موارده.
وينصرف المدخل الثاني، لاسيما في حالة الفاعل المهجن Hybrid Actor إلى التأثير على نصيبه في السلطة، وتمثيله في مؤسسات الدولة، بهدف التأثير على سلوكه تجاه القضايا الخارجية، التي لا تمثل مصدر تهديد حقيقي له، كما يعد التهديد باستبعاده من الحياة السياسية دافعا له ليكون مرنا تجاه قضايا التغيير الداخلي، ويتعلق المدخل الثالث، بتعزيز أزمة بقاء الفاعل، فالتأثير في سلوكه في هذه الحالة يكون هدفه أن يقبل بتوازن القوى الجديد، من خلال تعميق أزمة البقاء له، من خلال اتباع سياسات تهدد مكونات الهوية التي يرتكز عليها، سواء المادية، أو غير المادية.
وفي الختام، تؤكد مؤلفة الكتاب أن النتائج التي تم توصل لها هي خطوط عامة Guidelines تفيد في التعامل مع هذا النوع من الفاعلين الدوليين من غير الدول، وذلك مع مراعاة الظروف الخاصة بكل حالة، حيث يظل ما تم التوصل إليه من نتائج خاصة بحالتي حزب الله وحركة حماس لا يمكن تعميمها على حالات أخرى لا تنتمي لذات النوع من الفاعلين، أو على حالات أخرى تنتمي لذات النوع، أو على قضايا خارجية أخرى بخلاف الصراع مع إسرائيل، أو داخلية بخلاف التغيير السياسي الداخلي، فكل حالة تعمل في ظروف موضوعية مختلفة قد تجعل تأثير الهوية والمصلحة على سلوك الفاعل مختلف في نطاقه.