عقدت الندوة بتاريخ 28-9-2014
عقد برنامج الدراسات الأفريقية بالمركز ندوة تحت عنوان " التطورات السياسية فى السودان وتداعياتها الداخلية، والإقليمية والدولية " استضاف خلالها رئيس حزب الأمة السودانى ورئيس الوزراء الأسبق " الصادق المهدى "، بالإضافة إلى نخبة من المثقفين والمتخصصين فى الشأن السودانى والأفريقى فى مصر والسودان، وقد بدأت فاعليات الندوة بكلمة للأمام الصادق المهدى تناول خلالها تطورات الدور السياسى لحزب الأمة منذ انقلاب عام 1989 وحتى صدور إعلان باريس فى أغسطس 2014، وخاصة فيما يتعلق بتوحيد صفوف المعارضة السودانية وفتح حوار بناء مع النظام فى ظل دعم إقليمى ودولى لهذا الحوار وما تم التوصل إليه من خريطة الطريق للخلاص الوطنى والسلام العادل الشامل، وخلاصة هذه الخريطة : اعتراف بالجبهة الثورية شريكا مقبولا، واتخاذ النظام لإجراءات بناء الثقة، واجتماع مع القوى المتقاتلة للاتفاق على وقف العدائيات، والسماح بحرية أنشطة الإغاثات الإنسانية، وتبادل حرية الأسرى.
ثم الدعوة لمؤتمر قومى دستورى داخل السودان لإبرام اتفاقية السلام العادل الشامل، والاتفاق على مستقبل الحكم ودستوره وإدارة الفترة الانتقالية .
كما أكد زعيم حزب الأمة ، أن المعارضة السودانية سوف يكون موقفها الموحد مع خريطة الطريق هذه وأمام النظام إما قبولها استصحابا لتجربة جنوب أفريقيا (الكوديسا) ، أو رفضها والمضى فى ترتيبات العناد والانفراد وبالتالى مواجهة عزلة داخلية، وإقليمية، ودولية وبما يطرح مناخ مناسب لانتفاضة شعبية حاسمة ضد النظام .
وإذا تمسك النظام السودانى بالانفراد والعناد وهو صاحب مرجعية إخوانية فسوف يصير جزءاً من معسكر الدفاع عن الإخوان وتشكيل تحالفاته الإقليمية على هذا الأساس.
أما إذا اتجه السودان نحو نظام جديد فسوف يتخذ الموقف الذى رسمه (نداء استنهاض الأمة) وهو نداء فى إطار الوسطية العالمية لمواجهة الصراعات الممزقة للأمة، وحتى من وجهة النظر الإخوانية فإن التأسيس على التجربة السودانية (1989-2014)، والتجربة المصرية الأخيرة خطة انتحارية لا ينقذهم منها إلا اجراء نقد ذاتى للتجربتين واستصحاب التجربة التونسية والمغربية، والاندونيسية الإخوانية للتصالح مع الدولة المدنية والمجتمع التعددى .
أما عن ما يرجوه الأشقاء فى السودان من مصر، فأكد زعيم حزب الأمة أن الأمن القومى المصرى مرتبط بجيرانه ومصلحة مصر فى سودان ينعم بالسلام والاستقرار والديمقراطية بما يتطلب المتابعة اللصيقة لما يجرى فى السودان ودعم التوجه نحو السلام العادل الشامل والتحول الديمقراطى أسوة بموقف مجلس السلم والأمن الأفريقى .
ومن الناحية الدولية فإن النظام يواجه (61) قرار دولى أغلبها بموجب الفصل السابع، إذا تجاوب النظام مع الأجندة الوطنية فإن حل مشكلات السودان مع الأسرة الدولية وارد وأما إذا تخندق فى الانفراد والعناد ورفض متطلبات الأجندة الوطنية فالمصير أن يواجه الحصار المضروب عليه حاليا وزيادة وسوف يخضع لتوجيهات معسكره .
وسوف تتخذ سياسات قوى التغيير الشعبية فى السودان الخطوات الآتية : - الدعوة لمؤتمر أمن إقليمى يضم السودان وجيرانه لابرام اتفاقية أمن إقليمى - الدعوة لعلاقة توامة مع دولة جنوب السودان - الدعوة لعلاقة تكامل مع مصر يمكن أن تتطور فى اتجاه ثلاثى عندما تستقر الأوضاع فى ليبيا فى ظل الشرعية الديمقراطية فيها - إنهاء الخلافات حول مبادرة حوض النيل لتوثيق علاقات دول حوض النيل على أساس الاتفاقية الإطارية - تطوير العلاقات الثقافية والاقتصادية والتجارية مع دول حوض النيل ، كذلك العلاقات بين شعوبها فى إطار منظمة شعبية لبلدان حوض النيل باسم أسرة حوض النيل .
- تطبيع علاقات السودان مع الأسرة الدولية .
كما شهدت فاعليات الندوة مجموعة من المناقشات والأسئلة التى طرحها الحضور على زعيم حزب الامة الصادق المهدى والتى دارت فى مجملها حول مدى فاعلية التحركات التى تبنتها المعارضة فى الشهور الأخيرة والتى تم التعبير عنها فيما اطلق عليه " إعلان باريس " ، فهل ستنجح المعارضة فى اقناع النظام الحاكم فى السودان على الدخول فى حواربناء وفرض تصوراتها حول مستقبل السودان ؟، وما هى طبيعة الدعم الإقليمى والدولى لتحركات المعارضة السودانية ؟ وهل تملك القوى الاقليمية والدولية اوراق للضغط على النظام الحاكم فى السودان للسير فى طريق المصالحة ؟.خاصة فى ظل الازمات الداخلية التى يعيشها هذا النظام فضلا عن الأزمات الخارجية وأهمها الملاحقة الدولية للرئيس البشير، واحتمالات تحول الحراك الشعبى إلى انتفاضة لاسقاط النظام على غرار ما شهدته دول عربية مختلفة ومنها مصر، وتزايد الدور السياسى للقوى الشبابية .
وخلال تقديمه لرؤيته حول عدد من القضايا واجابته على عدد من الاسئلة المطروحة ، أكد زعيم حزب الامة ، على ضرورة الحوار مع النظام الحاكم فى السودان كهدف مرحلى، فإذا فشل هذا الحوار سوف تتبنى المعارضة أساليب أخرى للتعبير عن أهدافها، فالقوى المعارضة لها وجود كبير على الساحة السودانية وهى تعتمد على مجموعة من الآليات للضغط ، أهمها توحيد الكلمة ، والعمل التعبوى لاستقطاب القوى المطالبة بالتغيير اولا ثم أنشطة قوى التغيير ، والاتصال مع قوى الجوار والقوى الإقليمية الأخرى وكذلك الاتصال بالقوى الدولية لتقف بجانب قوى التغيير التى تقدم بدورها أجندة تتفق مع الأجندة الدولية فى بعض عناصرها كتحقيق السلام والاستقرار .
أما عن حدود الدور الذى يمكن أن تلعبه القوى الإقليمية والدولية للتأثير على النظام الحاكم فى السودان ، وانجاح المصالحة الوطنية، فينطلق من تصورات هذه القوى للوضع فى السودان ، حيث يشير زعيم حزب الأمة أن معظم هذه القوى تُجمع على أن الوضع فى السودان وضع مأزوم ومنكوب سواء اقتصاديا او أمنيا حيث تغيب الدولة فى مناطق كثيرة ، فهناك غياب للأمن وغياب للشرعية الدولية، ولا تستطيع القوى الإقليمية ان تقوم بالضغط على النظام الحاكم كل ما تسطيعه هو التأييد المعنوى حيث تفتقد التنظيمات الاقليمية للكثير من مقومات ادارة وتسوية الصراعات الداخلية، أما الاهتمام الدولى بمشكلات السودان فيرتبط بالمصالح فهو دور "مدفوع الثمن " فعدم توافر ارادة عربية تحمى المصالح العربية يسمح بالتمدد الدولى .
اما عن قوى التغيير الداخلية فمن بينها من ينتمون إلى المؤتمر الوطنى ، حيث راجع الكثيرون مواقفهم سواء فيما يتعلق بانقلاب 1989، او الحزب الواحد او حتى اتفاقية السلام مع الجبهة الشعبية ، حيث يختلف اعلان باريس عن هذه الاتفاقية حيث تؤكد قوى المعارضة المشاركة فيه على وحدة التراب السودانى وان اى منطقة سواء دارفور او جنوب كردفان او جنوب النيل الأزرق هى جزء من النسيج السودانى .
كما تشهد الساحة السياسية فى السودان اعتراف متزايد بالدور الشبابى فهناك عشر حركات شبابية لعبت دور فى انتفاضة سبتمبر الماضى وتستمر فى الاعلان عن وجودها عبر الفيس بوك وداخل الاحزاب ومنها الحزب الحاكم وتطالب هذه القوى بالاصلاح والتغيير، وهذه القوى إلى جانب التنظيمات المعارضة تخلق توازن جديد للقوى داخل السودان فى ظل تهالك النظام الحاكم الذى لم يستطع ان يحتوى المعارضة أو يقمعها ، لذلك يغالى هذا النظام فى استخدام القوة لمنع اندلاع انتفاضة .
واختتم زعيم حزب الأمة حواره بالتأكيد على ان المشكلة الحقيقية هى ان من يصلون إلى السلطة يتناسون مواقفهم ووعودهم السابقة ، وعلى الرغم من كون الديمقراطية قد تكون هى الحل فهى طريق التواصل بين القيادة والقاعدة، إلا أن الديمقراطية قد تأتى بأشخاص غير ديمقراطيين، فالديمقراطية شفاء ولكن من الضرورى أن يلحقها العامل الاجتماعى، والمشكلة فى السودان هى انتشار الجماعات المسلحة ، فمهما كان ما تقوله الخرطوم إذا لم يحدث حل عادل فستفرض جهات قبلية ارادتها بالسلاح .