إذا كانت أية محاولة لبلورة خيارات الدولة المصرية في مواجهة " نظام حماس" في قطاع غزة، تتطلب حسابات دقيقة لعوامل كثيرة، بعضها ما تزال رهن التطورات ولم تستقر بعد (بما يحتم إعادة التقييم بشكل متواصل).

إلا أن هذا بحد ذاته لا يصادرعلى إمكانية الجزم من الآن بأن العلاقات المصرية – الحمساوية ستزداد سوءا في القادم من الأيام، ويصعب الاعتقاد بأنها يمكن أن تتحسن.

ذلك أن "نظام حماس" انتقل في علاقته مع الدولة المصرية من خانة "الكيان غير الحليف" إلى "الكيان شبه المعادي".

ويعنى هذا أن الأزمات ستكون أكثر سخونة، والتفاهمات (التي تدور بالأساس حول إجراءات فتح المعبر، وضبط الحدود، وتلك المرتبطة بالتهدئة مع إسرائيل) أصبحت أقل قدرة على الصمود، لكن دون أن يستثير ذلك عوامل المواجهة المباشرة أو الشاملة.

أولا: بين انقلاب حماس والإطاحة بحكم الإخوان واقع الأمر أن التردي الحاصل، على هذا النحو المتسارع، في العلاقات المصرية – الحمساوية في المرحلة الراهنة، يذكرنا (مع الفارق) بتلك الأيام التالية مباشرة لإحكام حركة حماس سيطرتها على قطاع غزة، خلال الأحداث الدامية التي وقعت في يونيو 2007.

آنذاك، أعطى تخوف النظام المصري من وجود قوة سياسية لديها جناح عسكري على حدودها، ذات صلة وثيقة بجماعة الإخوان المسلمين في مصر (وما يمكن أن يؤدى إليه ذلك من إمكانية تلاقى الطرفين على أجندة مشتركة تتعلق بالشئون الداخلية المصرية) وزنا نسبيا أعلى للمحددات الأمنية للعلاقة.

ولهذا ظل الموقف المصري-لبعض الوقت-غير محسوم بشكل قاطع إزاء سيطرة حماس على قطاع غزة في يونيو2007، بحيث بدا آنذاك أن ثمة منهجين رئيسيين داخل الإدارة المصرية، في تقدير الأخطار الناجمة عن هذا الوضع.

ركز الاتجاه الأول على خطر هيمنة " حماس الإخوانية" على قطاع غزة في لحظة كان يتصاعد فيها الصدام بين النظام المصري و(الجماعة الأم) في القاهرة.

ومؤدى هذا المنهج هو إنهاء تلك الهيمنة في أسرع وقت عبر إفشال حكم حماس.

في حين ركز المنهج الثاني على الخطر الذي يمكن أن يترتب على فرض الحصار بغرض إفشال حكم حماس، وحدوث فوضى تدفع بالآلاف من أبناء القطاع إلى التدفق نحو المدن المصرية.

ومؤدي هذا المنهج هو تجنب الحصار الشامل وكل ما يؤدي إلى فوضى في القطاع.

وبمضي الوقت اختارت مصر أن تصوغ سياستها بطريقة تجمع بين الاعتبارين معاً، من خلال السعي إلى تغيير الوضع القائم في القطاع، ولكن بطريقة استئناف الحوار، وليس من خلال السعي لإفشال حكم حماس عبر الحصار.

وبناء على ذلك تبنت مصر في تلك المرحلة خيار أو تكتيك " الحدود اللينة " الذي يتشكل نطاقه بين حدين، يمثل الأول التزام القاهرة سياسة إغلاق معبر رفح، ويمثل الثاني حالة التسامح التي تبديها مصر بين الفنية والأخرى مع تدفق أهالي القطاع عبر حدودها، لدواعي إنسانية بهدف الإغاثة وسد الرمق.

وبما أن هدف الحصار هو إسقاط حماس، وبما أن علة التسامح هو عدم حصول كارثة إنسانية، وبما أن القاهرة كررت فتح معبر رفح للسبب نفسه، فإن هذا يعنى في التحليل الأخير التجاوب مع سيناريو الاستمرار في إنهاك حماس لإسقاطها، أو لإجبارها على تقديم تنازلات بشأن الحوار الداخلي.

ولعب معبر رفح في هذا الإطار دورا مركزيا، تارة في التنفيس الذي يمنع الانفجار، وتارة أخرى في الضغط "لإنضاج الطبخة".

والآن، وفي ظل توجيه اتهامات لحركة حماس من قبل دوائر رسمية مصرية، بالتورط ميدانيا في استهداف الجيش ومساندة إخوان مصر، وتدريب وتسليح "عناصر جهادية"، بالإضافة إلى التورط السياسي والإعلامي للحركة في الشؤون المصرية الداخلية.

ولا يحتاج كل ذلك إلى دليل لإثباته في ظل إصرار "حماس" على تبنى" الرواية الإخوانية" بحذافيرها لما جرى ويجرى في مصر، من خلال منابر إعلامية وصحفية تابعة لها، ما تزال مصرة على الاستمرار في هجومها العنيف على الحكومة المصرية.

ناهيك عن "الاستعراضات العسكرية" المدججة بإشارات "رابعة" وصور مرسي، وشعارات الجماعة في مصر، مع توافر مؤشرات مقلقة للغاية تتعلق بآليات اتخاذ القرار في "حماس"، بعد أن غابت أسماء كبيرة عن "السمع" و"البصر" منذ عدة أشهر، وصعدت أسماء ووجوه أخرى محسوبة على التيار الأكثر راديكالية في الحركة.

وتبدو كذلك حالة من عدم انصياع الحركة لمساعي بذلتها بعض الأطراف الحريصة على العلاقات المصرية-الفلسطينية، طالبت الحركة بضرورة ضبط الأداء الإعلامي حيال الأحداث في مصر، واعتماد سياسة النأي بالنفس (أقله سياسيا وإعلاميا) وإبقاء العواطف الخاصة التي تحتفظ بها الحركة حيال "الجماعة الأم" في الصدور.

وذلك انطلاقاً من قاعدة تغليب مصلحة الجماعة الوطنية الفلسطينية على مصلحة "الجماعة الإخوانية"، أو من منطلق براجماتي يستهدف الحرص على مصلحة حماس حكومة وحركة في المقام الأول والأخير.

في ظل كل تلك المعطيات، يمكن الزعم بأن التفكير بشأن مستقبل نظام حماس في قطاع غزة وإمكانية وضع نهاية له، أصبح حاضرا وضاغطا (ربما بأكثر من أي وقت مضى) على أعصاب ومراكز استشعار دوائر صنع القرار في مصر.

كذلك ما يرتبط بهذا من جدل بشأن الخيار الأنجع على هذا الصعيد، والأقل كلفة للنظام المصري، سواء أمنيا أو سياسيا وإعلاميا.

ثانيا: الخيارات المصرية في إدارة الأزمة مع حماس وتأسيسا على ما سبق يمكن الإشارة إلى خيارين (أو وجهتي نظر) نرجح أن الجدل يدور حولهما داخل الدوائر المصرية المعنية بإدارة الأزمة مع حركة حماس: الأول: يتمثل في العودة مرة أخرى إلى ذات الخيار القديم أي " الحدود اللينة " على اعتبار أن هذا السيناريو وإن كان لم ينجح في تحقيق المرجو منه فيما مضى، إلا أن المعطيات الراهنة التي أفرزتها أحداث ومستجدات ما بعد 25 يناير 2011 وحتى الآن، أصبحت توفر له الكثير من أسباب النجاح هذه المرة ، وعليه فإن إعادة إنتاجه مرة أخرى، دون التورط المباشر، كاف جدا لتحقيق الهدف المرجو.

ويعزز من وجهة النظر تلك أن "حماس" الآن أمام مأزق إستراتيجي وتاريخي ربما لم تعايشه من قبل.

فقيادة الحركة ومنذ ثورة الثلاثين من يونيو 2013 وحتى اللحظة لم تتمكن من: أولا، بلورة رؤية مشتركة للمأزق الخطير الذي تعيشه.

ثانيا، ما زال التناقض قائما بين تياراتها المختلفة.

ثالثا، عدم قدرتها على وصل خطوط التواصل بين بعض مراكزها.

رابعا، انسداد الأفق على المستويات كافة، حتى في تأمين مكان لائق لرئيس مكتبها السياسي خالد مشعل.

خامسا، سقوط التحالفات السياسية الأساسية، وانكشاف ظهرها كليا بعد أن أصبحت أمام مشهد عربي وإقليمي متعارض مع مراهناتها وحساباتها السياسية والاستراتيجية.

سادسا اشتداد الأزمة المالية، التي تكاد تطبق الخناق على التفاصيل الثانوية لعمل الحركة (نتيجة التراجع الكبير في الدعم الخارجي، بالتزامن مع القضاء على أكثر من 85% من الأنفاق).

وفوق هذا وذاك، تآكل شرعية "حماس" الدستورية والشعبية بعد أكثر من ست سنوات من التفرد المطلق بالسلطة.

والثاني: يتمثل في المبادرة بالهجوم أو"طرق الحديد وهو ساخن" استنادا إلى تقدير بأن مصر تستطيع أن تخنق حماس في قطاع غزة، وسط تفهم الأغلبية الساحقة من الشعب المصري، وبأقل قدر من الاعتراض العربي الرسمي والشعبي، بل وربما بدعم عربي رسمي واسع، وتفهم من قبل قطاعات واسعة أيضا من الرأي العام العربي، لم تعد تُكنُ لحماس "الود" و"العطف" اللذين كانت تكنهما لها قبل التحولات الكبرى في مواقف حماس ومواقعها وتحالفاتها.

ومؤدى ذلك أنه لا يكفي انتظار ما ستسفر عنه تطورات الأحداث في غزة نتيجة للاختناق الذي يعاني منه أهل القطاع، بل لا بد من المساهمة في صنع تلك الأحداث والتواصل مع بعض النشطاء من خصوم "حماس" بغرض تشجيع حركة معارضة شعبية محلية أصيلة عناصرها من الفلسطينيين الذي يعيشون في قطاع غزة، كي تطيح بالفرع المحلى من الإخوان المسلمين هناك.

وما يمكن ملاحظته في هذا السياق: 1- أن الخيار الأول بدء الشروع في تنفيذه منذ الأيام الأخيرة لحكم " محمد مرسي"، وأولى خطواته تمثلت في تصعيد الجيش المصري لحملته على الأنفاق، وكان ذلك ضروريا في سياق الحملة العسكرية التي يقوم بها الجيش ضد عناصر" السلفية الجهادية " في سيناء.

وقد أفضى ذلك إلى أن كمية الوقود التي دخلت غزة عبر الأنفاق في الأسبوع الأخير من يونية 2013 لم تتجاوز، وفقا لبعض التقديرات، حوالي 10% من تلك التي دخلت أوائل الشهر نفسه.

وثاني خطواته تمثلت في منع قيادات الحركة من الخروج من غزة.

2- إن استضافة القاهرة لأعضاء "حركة تمرد الفلسطينية" خلال شهر يناير الماضي (حيث تلقوا ترحيبا من ممثلين رسميين) لا يعد دليلا قاطعا-كما يتصور البعض-على تبنى الحكومة المصرية للخيار الثاني، وذلك لأنه من المشكوك فيه أن يكون بإمكان هؤلاء النشطاء الفلسطينيين العودة إلى القطاع من دون أن تعتقلهم حماس، ناهيك عن أن تبنى القاهرة للخيار الثاني يقتضي عمليا عدم الاعتماد على نشطاء حركة فتح في قطاع غزة، الذين يخضعون لمتابعة عن كثب من قبل الأجهزة الأمنية التابعة لحركة حماس.

3- من المهم الالتفات إلى أنه لا أحد يتحدث في سياق الخيار الثاني عن أي عمليات عسكرية مصرية داخل غزة، فهذا -في اعتقادنا-غير وارد على الإطلاق ولا حتى بشكل محدود.

4- أن ثمة ديناميكيات أكثر تعقيدا على الأرض (هي بالضرورة محل نظر وتأمل من قبل صانع القرار في القاهرة) تؤكد أهمية النظر إلى كلا الخيارين ضمن سياق من التكامل وليس بالضرورة التفاضل فيما بينهما.

من ثم فالشروع في أولى خطوات الخيار الأول ليس معناه حسم المسألة أو الانصراف عن الخيار الثاني، فالأول يمكن عند درجة معينة وبحسابات دقيقة أن يكون بمثابة التمهيد للثاني.

خاصة وأن المعطيات على الأرض بتشابكاتها وأبعادها المتعددة، وحساباتها المعقدة، تحول عمليا دون تحقيق هدف إسقاط حكم حماس في غزة، في عدة أسابيع أو شهور قليلة، حتى في حال تبنى الخيار الثاني، وإنما يحتاج الأمر إلى عامين أو ثلاثة على أقل تقدير.

5- الثابت يقينا أن سلوك الدولة المصرية حتى هذه اللحظة يعد بدرجة أو بأخرى ترجمة للخيار الأول، لكن هذا لا ينفي احتمالية أن تتدحرج الأمور فيما بعد لتصل بصانع القرار المصري إلى تبنى الخيار الثاني.

وفي كل الأحوال يتوقف ذلك على عوامل ثلاثة ينبغي النظر بشأنها قبل الإسراع بتبني وجهة نظر معينة.

هذه العوامل مرتبطة أولا، بالموقف الإسرائيلي.

وثانيا، بتطورات العملية العسكرية والأمنية التي ينفذها الجيش المصري في سيناء.

وثالثا بمعطيات الساحة الفلسطينية وتطوراتها، لا سيما تلك المتعلقة باستراتيجيات السلطة الفلسطينية بقيادة الرئيس محمود عباس، وكذلك بحدود ودرجة الاستعصاء المتصور في علاقة "حماس" بالمكونات الاجتماعية والسياسية في قطاع غزة.

وفي هذا السياق يتعين الانتباه إلى أن دفع " حماس" إلى حافة الهاوية عملية ليست من السهولة بمكان (ليس لصعوبتها بحد ذاتها، وإنما للتداعيات المرتبطة بها) وتتطلب قبلها الإجابة بشكل دقيق على أسئلة غاية في الصعوبة، من قبيل: من سيحل محل حماس إذا ما انهار النظام عبر احتجاجات جماهيرية (بافتراض إمكانية ذلك)؟ وما هي احتمالات عودة القطاع مرة أخرى إلى السلطة الفلسطينية؟ وما هي احتمالات سقوطه في أيدي من هم أكثر تطرفا من حماس؟ والأهم، ما هي احتمالات أن تعم الفوضى؟! وهل احتمالات سقوط القطاع في يد السلفية الجهادية أقل من احتمالات عودته للسلطة؟! ثم إلى أي حد تعبر تصريحات القائد الجديد لقيادة الكتيبة الإسرائيلية الجنوبية (التي تغطي الحدود مع غزة ومصر) عن حقيقة الأوضاع على الأرض؟ حيث صرح للقناة الثانية الإسرائيلية، في سبتمبر الماضي، بأنه لا يوجد بديل غير حماس لتعزيز الهدوء والأمن في قطاع غزة!! وفوق كل ما سبق، هل زيارة وفد "حماس" من أعضاء المجلس التشريعي، لـــــــــ " محمد دحلان " في مقر إقامته بدولة الإمارات، قبل عدة شهور، معناه أن الحركة باتت تدرك أن " دحلان" من خلال علاقاته المتميزة مع الإمارات ومصر وواشنطن، يمكنه أن يمد لهم حبل الإنقاذ من مأزقهم الاستراتيجي الراهن ؟! وهل عودة عناصر الأمن الوقائي المقربين لدحلان (بمبادرة من إسماعيل هنية أطلقها منتصف يناير الماضي) مؤخرا إلى قطاع غزة، والتي صاحبتها " بهرجة" إعلامية كبيرة من قبل "إعلام حماس"، ستمهد لعودة "دحلان " مرة أخرى إلى غزة؟ وهل ستكون هذه العودة المفترضة تمهيدا لسيطرته الكاملة على الحكم والسلطة في القطاع، بمباركة عربية؟ أم أن دحلان سيفشل في ذلك ...

وبدلا من أن ينجح هو في رد الصفعة التي تلقاها من حماس خلال أحداث يونيو 2007 الدامية، ستنجح الحركة مرة أخرى في تحقيق الأهداف المبتغاة من مناورتها الأخيرة؟! حيث تعتقد "حماس" أن تقوية جماعة دحلان في غزة ستزيد من فرص المواجهة بين تياري حركة فتح (أي تياري أبو مازن ودحلان) مما سيضعف " فتح " في مواجهتها.

ومن ناحية أخرى، ثمة من يعتقد بأن صياغة إستراتيجية مشتركة بين مصر وإسرائيل تجاه نظام حماس في غزة، مسألة في متناول اليد ولا تحتاج إلى جهود معقدة من قبل المعنيين في كلا البلدين.

ويبدو أن أصحاب وجهة النظر هذه يعتقدون بإمكانية القياس على ما حدث مؤخرا من تعاون وتنسيق أمنى بين مصر وإسرائيل بشأن نشاط عناصر “السلفية الجهادية" في سيناء وعلى الشريط الحدودي بين مصر وقطاع غزة وإسرائيل.

وواقع الأمر أن ثمة اختلاف جوهري بين الحالتين، نتيجة أن الأهداف والمنطلقات المصرية في التعاطي مع حماس، يستحيل أن تنسجم أو تتطابق مع المنطلقات الإسرائيلية.

ففي الحالة الأولى، تحققت المخاوف من انتشار عمليات أنصار بيت المقدس وفصائل أخرى خلف قناة السويس (بعد أن أعلنت هذه الجماعات بالفعل مسؤوليتها عن التفجير الذي وقع في الرابع والعشرين من ديسمبر أمام مديرية أمن الدقهلية)، ومن ثم أثارت هذه المخاوف فزع الإسرائيليين من احتمالات استهداف ذات العناصر لمسارهم الملاحي في خليج العقبة، وربما ميناء إيلات ومراكز حضرية عديدة على امتداد 250 كم على خط الحدود مع مصر.

أما في الحالة الثانية فالأمر لا يبدو على هذا النحو مطلقا، وتكفي الإشارة هنا إلى أن المقاربة الإسرائيلية بشأن مستقبل غزة تتأسس على إهدار المصالح المصرية.

بل إن كلا من إسرائيل وحماس راغبتان في تحميل مصر المزيد من المسؤولية عن غزة، وهو الأمر الذي ترفضه مصر منذ أيام مبارك.

وبينما تعتقد مصر أن إنهاء الانقسام هو أمر ضروري تفرضه اعتبارات قطع الطريق على المقاربة الإسرائيلية بشأن مستقبل القطاع، والتسوية بشكل عام، فإن إسرائيل بالمقابل لا تبدو " تواقة" لإسقاط نظام حماس في غزة، بل وقد لا تكون معنية بالانخراط في أي جهد على هذا الصعيد، وإنما هي معنية فقط بضرب القدرات العسكرية للحركة بغية الوصول بسقف التحديات الأمنية إلى المستوى الذي يمكن التعايش معه.

وفي مطلق الأحوال، سيظل لإسرائيل حساباتها النابعة من صميم مصالحها وحسابات أمنها، والتي لا تتوقف طويلاً عند من يحكم القطاع أو الضفة، بل تتوقف طويلاً وملياً عند من يوفر " البضاعة" التي تحتاجها، بصرف النظر عن الغلاف الديني والسياسي والإيديولوجي الذي سيحيطها به.