تعود مجلة أحوال مصرية للصدور فى ثوب جديد..
وفى لحظة تاريخية مهمة لتشارك من خلال إسهامات الباحثين والمفكرين المهتمين بالشأن المصرى فى رصد وتحليل التطورات والتغيرات التى يشهدها الواقع المصرى.
وفى هذه اللحظة الحرجة من عمر الدولة المصرية، التى تبدو فيها أقرب ما تكون حاجتها لعودة الروح لهويتها الوسطية، جاء العدد الجديد من المجلة (رقم 50) ليتناول الحدث الأهم فى العالم لعام 2013، وهو الموجة الثانية لثورة 25 يناير، وتداعياتها الداخلية على القوى السياسية المشاركة فيها، أو حتى تلك التى وقفت ضدها.
الرؤى والمواجهات الفكرية
وقد تناول المحور الأول عدداً من الموضوعات المهمة منها، توصيف للمشهد الصراعى فى مصر بعد 30 يونيو بين الجماهير التى خرجت استجابة لحركة تمرد والقيادات الوطنية للقوات المسلحة من ناحية والإخوان المسلمين وأتباعها من ناحية أخرى.
وتناول أيضاً مستقبل جماعة الإخوان المسلمين بعد 30 يونيو، وهل سقطت شعاراتهم الأخلاقية وتصدع تنظيمهم؟ أم سيجبرون على المراجعة للأفكار والأدوار فى محاولة للانتقال من السجن الذى يعيشون فيه؟ أم ستسبق الدولة فرصة المراجعة وتمضى فى مسار التصعيد ضدهم لتدخل الجماعة فى مرحلة عمل تحت الأرض من جديد للحفاظ على وضعها كما كانت من قبل؟.
نظرية الثورات ووسائل التواصل الاجتماعى
تضمنت المجلة دراستين الأولى بعنوان: "التفسير النظرى للثورات: تطور المفاهيم وتنوع الأسئلة"، فرغم تعدد النظريات التى تحاول تقديم تفسيرات لظاهرة الثورات والانتفاضات، إلا أن هذه الدراسة تناولت بشكل مبسط المفاهيم النظرية التى تحاول تفسير قيام الثورة فى توقيت محدد وبشكل محدد، وكذلك التوجهات الرئيسية فى المجال النظرى لعلم الثورة.
أما الدراسة الثانية "الشبكات الاجتماعية وصناعة الثورات المصرية دراسة مقارنة بين ثورتى 25 يناير و30 يونيو" تقدم تحليلاً لدور شبكات التواصل الاجتماعى فى كل من ثورتى 25 يناير و30 يونيو، وأسباب تقلص دور الشبكات الاجتماعية فى الثورة الثانية مقارنة بالأولى رغم زيادة عدد مستخدمى الإنترنت فى مصر بعد 25 يناير 2011 من 21 مليون مستخدم إلى 33 مليون مستخدم فى عام 2013، وكذلك زيادة عدد مستخدمى الفيس بوك.
وتسعى الدراسة إلى تفسير نجاح آليات الحشد الجديدة عبر هذه الشبكات التى فككت الخبرات السابقة للثورات رغم حملات التشويه التى تتعرض لها.
كما تقدم الدراسة تحليلاً لروح السخرية والدعابة المصرية على شبكات التواصل الاجتماعى.
30 يونيو وتصحيح المسار
تضمن ملف العدد مقدمات ثورة 30 يونيو، فكانت بمثابة حالة فريدة وكان مصدر فرادتها هو أداء السلطة، فبعد مرور عام على وجود جماعة الإخوان المسلمين فى سدة الحكم أهدرت الكثير من الفرص التى وفرتها لها القوى الوطنية بعد جولة الإعادة فى الانتخابات الرئاسية، إلا أن محاولات الجماعة فى الهيمنة والاحتكار والتمكين وإهمالها مبادرات لتصحح المسار، كانت سبباً فى استجابة المصريين الخائفين على الدولة الوسطية للخروج فى مشهد أشبه بثورة 1919 ضد الاحتلال البريطانى أملاً فى استعادة روح مصر فى مواجهة من يهددونها.
كما تناول الملف التجليات الاجتماعية للخروج الثورى الثانى الذى مثل امتعاضاً وغضباً من نوع جديد، فى محاولة لكشف الخصائص والسمات العامة التى تميز السلوك الثورى فى 30 يونيو والدلالات والمعانى لهذا المشهد.
فضلاً عن تناوله أسباب التغير فى خريطة تحالفات القوى الثورية من 25 يناير 2011 حتى 30 يونيو 2013 بعد انفصال تيار الإسلام السياسى عن تيار القوى الثورية عقب وصوله إلى السلطة، وأن الشباب هم القوى الفاعلة التى مثلت المحرك الأساسى فى 25 يناير وواصلوا دورهم فى 30 يونيو.
أما موقف تيار الإسلام السياسى من ثورة 30 يونيو، فتمثل موقف جماعة الإخوان المسلمين والتحالف الوطنى لدعم الشرعية فى الرفض للإرادة الشعبية واعتبار أن ما حدث انقلاباً على الشرعية والحاكم المنتخب، واستمرارها فى مطالبة المجتمع الدولى لرفض ما حدث فى 30 يونيو، والاستعانة بالقوى الخارجية فى محاولة للإنقلاب على الثورة، بينما جاء موقف حزب النور أكثر عقلانية من غيره من تيارات الإسلام السياسى فقد شارك فى خارطة الطريق رغم احتمالات مواجهة ضعف أو فقدان لكوادره فى المستقبل، إلا أنه برر ذلك بتغليب مصلحة الوطن على المصالح الشخصية.
ومن الموضوعات الأكثر أهمية فى الملف هو دور المؤسسات الدينية فى ثورة 30 يونيو، حيث برز هذا الدور بشكل قوى الحضور المؤسسى لكل من الأزهر الشريف والكنيسة المصرية، وكذلك اتفاق الإرادات فى نظرة المؤسستين على ضرورة أن يكون لهما دور فى التغيير السياسى الشامل والمشاركة فى خارطة الطريق، ومن ثم جاء دور المؤسستين مختلف عما كانت عليه عشية ثورة 25 يناير فكان الأزهر يعانى من مشاكل جمة، وكانت الكنيسة فى ولاية بطريريك يعانى من شيخوخة عمرية.
كما يرصد الملف دور المرأة المصرية فى الثورة متناولاً التحولات الحقيقية التى حدثت بعد الحلقات الثورية الثلاثة 25 يناير 2011، و30 يونيو و26 يوليو 2013، فى محاولة للاستفادة منها لرسم السياسات التى تساعد على تحرير المرأة المصرية بكل شرائحها وطبقاتها.
كما يرصد أيضًا التطور والتحول فى الريف المصرى، حيث شكلت حالة التهميش وحدة الفقر وسوء توزيع الدخل بين الأوساط الريفية عنصراً مهماً فى تغيرات الريف منذ ثورة 25 يناير وموجتها الثانية فى 30 يونيو.
وأخيرًا، تناول الملف التحولات التى طرأت على القوى الثورية بعد 30 يونيو، وانفراد القوى المدنية بثورة 30 يونيو لكون القوى الثورية ذات المرجعية الدينية انحازت لما وصفته بالشرعية السياسية.
دور الفن فى الثورة
لا تخلوا الثورات المصرية من الفن والإبداع وعندما تخرج الجماهير إلى الشارع لاتجد سوى هتافات الغضب والتنديد، فجاء الجزء الأول من هذا المحور متناولاً سيل الإبداعات المصرية بداية من ثورة 25 يناير حتى 30 يونيو، ولعل أهمها فن الجرافيتى، وفن البوستر السياسى، والصور الفوتوغرافية التى تناولت مراحل الثورة المختلفة.
وتناول الجزء الثانى هتافات وغنائيات الثورة، والتغير الذى طرأ عليها فى الثورة الثانية مقارنة بالأولى.
الجديد فى شخصية البابا تواضروس الثانى
تحاول المجلة الكشف عن جوانب جديدة فى شخصية وعقل البابا تواضروس الذى لا يقل وطنية عن سالفه.
وما هى المميزات والسمات التى يتصف بها.
فهو القائل: "إن حياة كل مصرى ثمينة ودمه غال ولا نقبل إراقة دم المصريين بأيديهم، نصلى من أجل الذين سقطوا والذين أصيبوا..يارب ارحم شعبك وأرضك مصر" قالها بعد اندلاع مواجهات واعتداءات عقب ثورة 30 يونيو، "أرواح المواطنين أهم والكنائس تبنى فى القلوب" قالها عقب الاعتداء على الكنائس.
التشاور السياسى
نشرت المجلة فى هذا العدد عرضاً لأطروحة دكتوراه بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بعنوان "التشاور السياسى فى المرحلة الانتقالية" لإلقاء الضوء على طبيعة التشاور السياسى فى مصر بعد ثورة 25 يناير بين السلطة والتيارات السياسية المختلفة، محاولة للإجابة عن تساؤلات عدة منها، هل يعد الإخفاق فى الوصول لاتفاق حول قضايا المرحلة الانتقالية منذ 2011 من أسباب خروج الجموع الغفيرة للمطالبة بإسقاط النظام فى 30 يونيو.
كما نُشر عرض لمؤتمر علمى حول المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية، والذى عقد بمركز بن خلدون للدراسات الإنمائية لاستعراض نتائج المشروع البحثى الذى أعده المركز حول هذا الموضوع لبناء نموذج تطبيقى للمصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية فى المجتمع المصرى.
وللقدرة على استشراف مستقبل الإخوان المسلمين بعد ثورة 30 يونيو، جاء عرض كتاب "قلب الإخوان: محاكم تفتيش الجماعة" للقيادى السابق بجماعة الإخوان المسلمين المحامى ثروت الخرباوى الذى تناول كيفية اتخاذ القرار داخل الجماعة ومدى سيطرة الجناح القطبى المؤيد للعنف على سلوكها، خاصة فى أوقات الأزمات.