مقدمة

يصعب علي أي شخص إنكار الدور الذي لعبته تجاوزات جهاز الشرطة وتدهور أداءه الوظيفي خلال السنوات الأخيرة من حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك في تفجير أحداث يناير 2011.

وهو أمر يؤكده ويثبت صحته اختيار يوم الاحتفال بعيد الشرطة (25 يناير) موعداً لخروج التظاهرات التي سرعان ما تحولت إلي انتفاضة شعبية عجزت الشرطة عن التصدي لها، خاصة مع استخدام بعض الجماعات والقوى السياسية لتكتيكات لم تعتاد أجهزة الأمن علي مواجهتها من قبل.

ولعله كان من الطبيعي بعد نجاح هذه الأحداث في إزاحة نظام مبارك أن تتعالى الأصوات المطالبة بإصلاح وإعادة هيكلة جهاز الشرطة، والذي كان ينظر له من قبل بعض القوى الوطنية على أنه العدو الأول لها والعقبة الكبرى في طريق تحقيق الديمقراطية وإقامة الدولة الحديثة.

وقد تجسدت بعض هذه الأصوات في صور مبادرات وأوراق بحثية دارت حول هذا المطلب، إلي أن جاء 30 يونيه وما تلاه من أحداث، حيث تراجعت وخفتت هذه الأصوات، خاصة بعد الدور الذي لعبته ــ ومازالت تلعبه ــ المؤسسات الأمنية للدولة ومن بينها جهاز الشرطة في مواجهة جماعة الأخوان المسلمين ومناصريها.

إلا أن هذا التراجع لم يكن يعني بحال من الأحوال رضا أصحاب هذه الأصوات عن الجهاز الذي ظل يمتلك صورة ذهنية سيئة لدى السواد الأعظم من المصريين.

ومن ثم لم يكن يعني هذا تراجعهم أو عدولهم عن مطالباتهم بإصلاح جهاز الشرطة، خاصة أن غالبيتهم يؤمنون بحتمية تحقيق هذا المطلب خلال فترات التحول الديمقراطي.

وتحاول هذه الورقة تحديد أهم المشكلات التي يعاني منها جهاز الشرطة.

كما ستحاول البحث في أسباب عدم الأخذ بالتوصيات والمقترحات التي تضمنتها أبرز المبادرات والأوراق البحثية في هذا الإطار، وذلك بإجراء قراءة نقدية لأهم هذه المبادرات وتلك الأوراق، تمهيداً لوضع توصيات قابلة للتنفيذ تستهدف تحسين أداء هذه المؤسسة خلال الفترة المقبلة.

أولاً : جهاز الشرطة ..

محاولة لتحديد المشكلات يعاني جهاز الشرطة في مصر عدد من المشكلات أدت إلي تدهور أداءه وتراجعه عن القيام بدوره المنوط به كما حدده القانون ومن قبله الدستور..

ونحاول في السطور التالية تحديد أهم هذه المشكلات، سواء كانت هذه المشكلات مؤسسية داخلية يعاني منها هذا الجهاز الأمني والعاملين فيه، أو وظيفية تتعلق بأداء الجهاز، وهو ما سنتعرف عليه من خلال رصد أهم الانتقادات المجتمعية.

أ‌.

مشكلات مؤسسية: واجهت الشرطة في السنوات الأخيرة من حكم الرئيس الأسبق مبارك الكثير من الانتقادات، سواء تلك التي تضمنتها وسائل الإعلام أو تلك التي تضمنتها تقارير منظمات المجتمع المدني.

وبطبيعة الحال لم تأت هذه الانتقادات من العدم، بل جاءت نتيجة تدهور أداء الشرطة وانحرافها عن المسار المحدد لها، وهو ما لم يأت من فراغ هو الآخر بل كان نتيجة حتمية لوجود مشكلات مؤسسية عانى ــ ومازال يعاني ــ منها جهاز الشرطة والعاملين فيه، ونعرض في السطور التالية أهم هذه المشكلات: 1.

الاعتياد علي العمل في ظل قانون الطوارئ تختص الشرطة وفق ما جاء في قانون هيئة الشرطة بالمحافظة علي النظام والأمن العام والآداب، وكذا بحماية الأرواح والأعراض والأموال وعلي الأخص منع الجرائم وضبطها، كما تختص بكفالة الطمأنينة والأمن للمواطنين في كافة المجالات، وتنفيذ ما تفرضه عليها القوانين واللوائح من واجبات.(1) والحقيقة أن هذه المهام والأهداف لا يمكن للشرطة أن تحققها دون إستراتيجية واضحة المعالم وخطط أمنية منضبطة وإمكانات وتدريب علي مستوى عالي، وهو ما لم تعره السلطات أي اهتمام خلال العقود المنصرمة.

حيث فضلت السلطات المصرية علي اختلاف أنماطها وتوجهاتها استخدام قانون الطوارئ، باعتباره الوسيلة الأسهل لتمكين الشرطة من تنفيذ مهامها.

إذ يمنح العمل بقانون الطوارئ رجال الشرطة فرص كبيرة في ضبط الأمور دون الحاجة إلي الالتزام بالإجراءات والتفاصيل القانونية العادية التي تحفظ لكل طرف حقه.(2) حيث تزداد سلطات رجال الشرطة بموجب هذا القانون الاستثنائي، فيكون من حقهم فرض السلطات الرقابية وحظر التظاهر، فضلاً عن الحق في التفتيش والقبض والاعتقال دون التقيد بأحكام قانون الإجراءات الجنائية، إلى غير ذلك من سلطات مطلقة.(3) ولعل ممارسة رجال الشرطة لمهام وظيفتهم في ظل هذا القانون الاستثنائي كان لها مساوئ عدة كان من أهمها: • تراجع قدرات رجال الشرطة مع اعتيادهم العمل في ظل قانون استثنائي يمنحهم سلطات مطلقة وحرية القفز علي الالتزام بالإجراءات التي حددتها القوانين الطبيعية.

• هيأت الصلاحيات والسلطات شبه المطلقة التي تمتع بها رجال الشرطة بنص قانون الطوارئ الظروف لصنع مراكز قوة من بعضهم، الأمر الذي ترتب عليه ارتكاب كثيرين منهم للتجاوزات ومن ثم ازدادت الصورة الذهنية لرجال الشرطة سوءاً.(4) 2.

إطلاق يد جهاز مباحث أمن الدولة تكمن أهمية وجود جهاز للأمن السياسي الداخلي في أي دولة، في الدور المنوط به هذا الجهاز من حفاظ علي كيان الدولة وهيكل حكمها، وحماية المعتقدات والقيم الوطنية وتأكيد مفهوم سيادة الدولة واستقلالها وتحقيق الاستقرار لشعبها، وهي أهداف لا يختلف أحد علي أهمية وضرورة تحقيقها.

إلا أن الوضع في مصر كان مختلفاً، حيث أضافت أنظمة الحكم المتعاقبة ــ مع تراجع شرعية بعضها وتشبث بعضها الآخر بالسلطة ــ هدفاً جديداً لأهداف جهاز الأمن السياسي الداخلي، وهو تحقيق أمنها الشخصي وضمان بقاءها في السلطة لأطول فترة ممكنة، الأمر الذي دفع هذه الأنظمة إلي إطلاق يد جهاز الأمن السياسي الداخلي (الذي تغير اسمه عدة مرات حتى أصبح قطاع الأمن الوطني)، فأصبح صاحب كلمة عليا في المجتمع، كما أصبح ضباط الجهاز يتمتعون بنفوذ كبير وسلطات شبه مطلقة، أدت في نهاية الأمر إلي انحراف الجهاز عن المسار المفروض.(5) وكانت سلطات هذا الجهاز قد تعززت في عصر الرئيس الأسبق مبارك، خاصة وأن الجهاز كان مطالبا بالتصدي للجماعات المتطرفة خلال عقدي الثمانينيات والتسعينيات.

وبوصول اللواء حبيب العادلي ــ أحد أبرز قيادات الجهاز ــ إلي منصب وزير الداخلية، ازدادت صلاحيات وسلطات الجهاز ليس داخل المجتمع فحسب، بل داخل الوزارة ذاتها.

وأصبح جهاز أمن الدولة هو المتحكم الأول في الشأن العام وفي أجهزة الدولة ومؤسساتها.

فباتت التعيينات في بعض أجهزة الدولة تتوقف علي تقرير الجهاز الذي قد يحمل الموافقة أو الممانعة الأمنية ــ حسبما أصطلح علي تسميتها.

ونفس الأمر في حالة الترقيات وفي بعض الأحيان الفصل أو الإحالة للمعاش.

أما علي صعيد وزارة الداخلية فقد جعل الوزير الأسبق حبيب العادلي من جهاز أمن الدولة جهازاً رقابياً داخليا علي كافة العاملين في هيئة الشرطة، كما أصبح الجهاز أحد الجهات التي يؤخذ برأيها فيما يتعلق بحركة الترقيات والتنقلات السنوية للضباط(6)، فضلاً عن تمييز الجهاز وإعفاءه ــ ودياً ــ من الرضوخ لرقابة قطاع التفتيش والرقابة باعتبارها الجهة المختصة بمراقبة العاملين بهيئة الشرطة، حيث أصبح مكتب الشئون الداخلية الذي يتبع رئيس جهاز أمن الدولة هو الجهة الرقابية المكلفة بمراقبة وعقاب ضباط الجهاز.(7) ولعل ما سبق عرضه بشكل مختصر كان له أثر سلبي عظيم علي جهاز أمن الدولة بشكل خاص وهيئة الشرطة بشكل عام، حيث تولدت مشاعر من الحقد والكراهية من جانب المواطنين تجاه الجهاز وضباطه.

وهي المشاعر ذاتها التي تولدت لدى قطاع كبير من ضباط الشرطة في القطاعات والإدارات الأخرى، أما الأخطر من ذلك فهو صنع مراكز قوى من ضباط أمن الدولة، وانحرافهم عن أداء دورهم الأساسي.

3.

تدني الأجور وتفاوتها تعد مشكلة الأجور أحد أبرز المشكلات المؤسسية التي يعاني منها ومن ثم يتأثر بها جهاز الشرطة، ولمشكلة الأجور هذه وجهان: الأول هو تدنى أجور السواد الأعظم من العاملين في وظائف الأمن (من ضباط وأمناء وأفراد..الخ)، أما الوجه الثاني فهو تفاوت الأجور من قطاع لآخر أو تفاوتها بين القاعدة العريضة للعاملين وبين القيادات.(8) وبالرغم من أن أجر العاملين في جهاز الشرطة أفضل من غالبية نظرائهم من فئات المجتمع المختلفة، إلا أن هذه الأجور لا تتناسب وطبيعة العمل الشرطي.

إذ لا تتناسب هذه الأجور مع حجم المجهود الذي يبذله رجال الشرطة، ولا مع عدد ساعات عملهم والتي تتراوح بين 12 و18 ساعة يومياً، وهو أمر اعتيادي بنص قانون هيئة الشرطة(9)، والذي يجيز أيضاً تكليف الضابط بالعمل في غير أوقات العمل الرسمية إذا ما اقتضت مصلحة العمل ذلك(10)، فضلاً عن أن هذه الأجور لا تتناسب مع حجم المخاطر التي يتعرضون لها أثناء تأدية وظيفتهم.

ويؤدي هذا في كثير من الأحيان إلي انشغال هؤلاء عن دورهم وواجبهم الأساسي سعياً وراء تأمين مستقبلهم بطرق آخري، فضلاً عن لجوء بعضهم إلي طرق غير قانونية للتربح من الوظيفة وعلي رأسها قبول الرشوة.

ويأخذ تفاوت الأجور داخل هذه المؤسسة شكلين: الأول هو تفاوت أجور العاملين بنفس الرتبة من إدارة إلي آخري ومن قطاع إلي آخر، فتجد أن العاملين بجهاز مباحث أمن الدولة والأمن المركزي ومباحث الكهرباء والحرس الجامعي والمطار..

الخ يتقاضون أجراً صافياً أكبر من هؤلاء الذين يعملون بإدارات كالنجدة والدفاع المدني والمرور والأمن العام ..الخ، والحقيقة أن هذه السياسة قد تتسبب في سعي الضباط والأمناء للعمل في إدارات بعينها دون الأخرى، ومن ثم تخلق الوزارة بانتهاج هذه السياسية إدارات وقطاعات جاذبة يسعى الجميع للعمل بها وإدارات وقطاعات آخري طاردة للعمل بها، الأمر الذي يؤدي لحدوث خلل في الأداء الوظيفي لتلك الإدارات الطاردة.

أما الشكل الثاني لتفاوت الأجور داخل جهاز الشرطة فهو التفاوت بين أجور القاعدة العريضة من العاملين من ناحية، والقيادات من ناحية آخري، وهو أمر له تداعيات سلبية علي نفسية وأداء صغار العاملين.(11) 4.

ارتفاع عدد ساعات العمل وقلة التدريب تحدد المواثيق الدولية وقانون العمل عدد ساعات العمل لأي فرد بـ 8 ساعات يومياً، مع الاحتفاظ بحق الفرد في الحصول علي الراحة الأسبوعية والأجازات الرسمية.

إلا أن هذه النصوص لا تعرف طريقها للعاملين بجهاز الشرطة الذي يعطي قانونهم الحق للوزير في إلغاء الأجازات وزيادة عدد ساعات العمل حسبما تقتضي الحالة الأمنية، مع تعويض الشرطي بكافة الحقوق المادية المستحقة علي الساعات والأيام الإضافية.(12) والحقيقة أن الإشكالية ليست في تعويض الشرطي مادياً علي الأوقات الإضافية من عدمه، بل في التداعيات السلبية التي تنتج عن هذه السياسية.

إذ تتدهور طاقة وقدرة الشرطي علي العطاء و تتراجع الكفاءة التي يؤدي بها عمله فيقع الخلل الأمني، خاصة مع ندرة حصول الضباط والأمناء علي التدريب، بالشكل الذي يجعلهم متخلفين عن منظومة الأمن العالمية سواء علي مستوى منع الجريمة أو ضبط الجاني بعد ارتكاب الجريمة.

أما عن قلة التدريب فترجع إلي النقص العددي في صفوف ضباط وأمناء الشرطة الأمر الذي يدفع الإدارات والقطاعات المختلفة ترفض إرسال رجالها لهذه الدورات، هذا بالإضافة إلي نقص الموارد المادية المخصصة للإنفاق علي الدورات التدريبية خارج البلاد، ومن ثم يتم انتظار المنح الخارجية لإرسال الضباط لدورات في الخارج.(13) 5.

انغلاق الجماعة الشرطية علي نفسها وتكوين ما يشبه الطبقة الاجتماعية استطاعت فئة ضباط الشرطة عبر العقود الأخيرة أن تكون من نفسها ما يشبه طبقة اجتماعية جديدة علي أساس الوظيفة، وهو أمر تبرزه عدة مؤشرات، من أهمها: • حرص هذه الفئة علي توريث وظيفتها للأبناء والأقارب حتى أضحت عائلات بعينها يعمل معظم أفرادها بجهاز الشرطة.

• انغلاق مجتمع ضباط الشرطة وعائلاتهم علي أنفسهم ومن ثم انعزالهم ــ حتى ولو بشكل نسبي ــ عن المجتمع.

وهو أمر يبدأ من سنوات الكلية التي يدرس فيها الطالب بنظام الإقامة الداخلية، حيث لا يخرج للإجازات إلا يومي الخميس والجمعة، ويمتد لسنوات عمله.

حيث ينخرط الضابط في مجتمع الضباط، حيث للضباط أنديتهم الخاصة ومساكنهم الخاصة والقرى السياحية المخصصة للمصايف والترفيه، ليصبح للضابط وعائلته جزء من مجتمع شرطي يكاد يكون مغلقاً عليهم.(14) • تمتع فئة الضباط بالوجاهة الاجتماعية، وحصولهم علي بعض الامتيازات، مثل استخدام سيارة العمل في الحياة الشخصية واستخدام عسكري المراسلة في أغراض الخدمة الشخصية والأسرية.

فضلاً عن التخفيضات والإعفاءات التي قد يحصل عليها الضابط أو أسرته بسبب انتماءه إلي جهاز الشرطة.

والحقيقة أن هذه الأمور لها تداعيات خطيرة قد يكون أهمها: عزل رجال الشرطة وأسرهم عن المجتمع المكلفين بتوفير الأمن له.

الأخطر من ذلك تراكم أحقاد مجتمعية تجاه الضباط، الأمر الذي يعيق ضباط الشرطة عن أداء مهمتهم، خاصة مع رفض بعض أفراد المجتمع التعاون معهم، فضلاً عن النظر إلى الانتماء للشرطة علي أنة ارتقاء طبقي وسعي نحو تحقيق وجاهة اجتماعية وليس على أنه أداء وظيفة مهمة من وظائف الدولة، الأمر الذي قد يكون له مردود سلبي علي أداء الضباط الجدد.

6.

تهميش مجموعات عرقية ودينية بعينها كان تهميش جماعات عرقية ودينية ومذهبية بعينها من أهم الانتقادات التي وجهت لجهاز الشرطة علي مدار العقود المنصرمة.

حيث كان الانضمام إلي جهاز الشرطة وبخاصة فئة الضباط أمراً محظوراً علي أبناء النوبة والبدو في المحافظات الحدودية والبهائيين واليهود والشيعة، فضلاً عن الأقلية المسيحية القبطية والتي تعتبر معاناتها من سياسة التهميش والإقصاء أقل من غيرها من الجماعات سابقة الذكر، حيث يسمح لأبنائهم بالالتحاق بكلية الشرطة بنسب تتراوح بين 0.5% و1.5% سنوياً، وهي نسب ضئيلة للغاية قياسا إلى وزنهم النسبي في المجتمع المصري، كما يدفع البعض بأنه لا يسمح لهم ضمنا بالانضمام إلي جهاز مباحث أمن الدولة، أو تقلدهم المناصب القيادية الحساسة في الوزارة.

وكانت هذه السياسة التمييزية قد بدأت مع بداية جهاز الشرطة في عام 1805 ، حيث ذهب محمد علي إلي تمييز الأقلية التركية الشركسية والأقلية المسيحية القبطية والتي زاد تميز وجودها ودورها داخل جهاز الأمن مع دخول الاحتلال الانجليزي إلي مصر في 1882.

حيث كان هذا التمييز أحد ركائز سياسة فرق تُسد التي انتهجها الاستعمار معتمداً على تمييز جماعة عرقية أو دينية بعينها ــ في الغالب تكون أقلية ــ عن باقي جماعات المجتمع، مع الحفاظ علي مثل هذه الجماعة في النخبة الحاكمة والمراتب العليا في أجهزة الأمن، وقد ظل هذا التمييز الايجابي للأقلية المسيحية إلي أن سقط النظام الملكي علي يد الضباط الأحرار في 1952.

إذ تمت إعادة هيكلة أجهزة الأمن بشكل كامل، فتم تنحية الضباط المرتبطون بالسلطات البريطانية، فضلاً عن النخبة التركية الشركسية وجزء كبير من الأقلية المسيحية، ليصبح السواد الأعظم من ضباط جهاز الشرطة منذ ذلك الحين ينتمون إلي الأغلبية المسلمة السنية.(15) وقد كان لسياسة التهميش والإقصاء تداعيات خطيرة تتمثل في: تعامل ضباط الشرطة مع أبناء هذه الجماعات علي أنهم أفراد أدنى منهم وناقصي الوطنية، ومن ثم مشكوك في وطنيتهم، وهو ما يعمل بدوره على تزايد مشاعر الحقد والكراهية لدى الجماعات المهمشة نحو جهاز الشرطة، فضلاً عن تراجع الشعور بالانتماء لدى كثيرين منهم.

وفي جميع الأحوال تشكل هذه التداعيات عبئاً علي الأمن القومي، وعائقا يعرقل جهاز الأمن عن أداء دوره.

7.

تراجع الاهتمام بالرأي العام لا يتصور بحال من الأحوال أن ينجح جهازاً أمنياً ــ مهما علا شأنه وبلغت إمكاناته ــ في تأدية وظيفته وتحقيق دوره دون دعم المجتمع، ومن ثم فإن وعي المجتمع بأهمية أجهزة الأمن واحترامه لها ورغبته الصادقة في مساعدتها تعد أمراً لا غنى عنه.

ومن هنا تأتي أهمية تواصل أجهزة الأمن مع الرأي العام، ويكون ذلك من خلال الإدارة العامة للعلاقات العامة والإعلام.

وقد لعبت هذه الإدارة دوراً مهماً إبان الحرب علي الإرهاب في تسعينيات القرن الماضي، حيث ساهمت بفعالية في القضاء علي الإرهاب، بعدما استطاعت تعبئة المجتمع المصري ضد الجماعات المتطرفة وحشده خلف الدولة مستخدمة في ذلك كافة وسائل الإعلام، إضافة إلى رفع الروح المعنوية لضباط وجنود الشرطة(16).

إلا أن دور هذه الإدارة تراجع بشكل ملحوظ عقب انتهاء المعركة بين الدولة والجماعات المتطرفة، بعدما أعلنت قيادات هذه الجماعات مبادرة وقف العنف وأعلنت قبولها بالمراجعات الفكرية، وقد ظهر تراجع هذه الإدارة في أمور عدة لعل أهمها: • التوقف عن إصدار البيانات الصحفية والتقارير الرسمية، إلا في حالات الضرورة القصوى، فعلي سبيل المثال: توقف إصدار تقرير الأمن العام السنوي أحد أهم التقارير الصادرة عن الوزارة والذي كان يتم توزيعه علي الصحفيين والإعلاميين.

• تميزت غالبية البيانات الصحفية والتقارير الرسمية الصادرة بالبعد عن الحقيقة وعدم احترام عقل المواطنين، الأمر الذي أفقد الوزارة مصداقيتها لدى جموع المواطنين.

• تقاعس الإدارة عن أداء دورها الخاص بإظهار انجازات الوزارة ورجالها، وتوعية المواطنين بأهمية التعاون معها.

وهي أمور أدت في نهاية الأمر إلي تشوه الصورة الذهنية لجهاز الشرطة لدى المواطنين، ومن ثم فقد جهاز الشرطة ورجاله ثقة المواطنين.

ب‌.

انتقادات مجتمعية يعد المجتمع هو الطرف المنوط بتلقي الخدمات من قبل مؤسسات الدولة ومن بينها جهاز الشرطة المعني بحفظ الأمن، وبالضرورة فإن المجتمع هو صاحب الحق الأصيل في تقييم أداء هذه المؤسسات وتوجيه الانتقادات لها.

ومن ثم فإننا لن نجد ثمة آلية أفضل من قراءة ملاحظات المجتمع وانتقاداته الموجهة للشرطة لمعرفة ورصد المشكلات الوظيفية والمهنية التي وقع فيها الجهاز وعانى منها المجتمع ..

وكان أهمها: 1.

استخدام القوة والقمع كانت السمة الأميز للشرطة المصرية خلال العقود الأخيرة هي التسلط واستخدام القوة والعنف مع المواطنين طالما كانت هناك فرصة لذلك.

فقد رأت الشرطة في استخدام القوة والعنف الآلية الأسهل لإحكام قبضتها علي المجتمع وتجفيف منابع الجريمة أو الوصول لمرتكبيها.

وقد كان لقانون الطوارئ دوراً مهماً في لجوء الشرطة إلي هذه الأساليب، بل والإفراط في استخدامها، الأمر الذي خلف عدداً كبيراً من الضحايا، خاصة مع استخدام قطاعات عديدة داخل جهاز الشرطة لهذه الآلية.

فقد استخدمت هذه الأساليب ضد المواطنين العاديين في أقسام الشرطة وإدارات المباحث، بينما استخدمت ضد معارضي النظام من قبل جهاز مباحث أمن الدولة وقطاع الأمن المركزي.

والحقيقة أن خطورة استخدام القوة والعنف لا تتوقف عند إهدار حق المواطن وكرامته وإصابته بالأذى الجسدي أو الوفاة، بل تمتد إلي تشوه الصورة الذهنية للشرطة، ومن ثم استعداء المواطنون علي جهاز الشرطة.

2.

التدخل في المجال العام والحياة السياسية كانت من أبرز الانتقادات المجتمعية التي وجهت للشرطة ممثلة في جهاز مباحث أمن الدولة، هو التدخل في المجال العام والسيطرة علي الحياة السياسية، وكان ذلك بغرض حماية بقاء النظام الحاكم في السلطة، أما التدخل فقد ظهر في: • تحكم الجهاز في التعيينات داخل السواد الأعظم من مصالح وأجهزة الدولة المهمة، وذلك بعد ربط التعيينات بالتقارير الأمنية.

• تحكم الجهاز في حركة الترقيات في أهم وأبرز مؤسسات الدولة، وذلك من خلال التقارير الأمنية المرفوعة لأصحاب القرار.

• سيطرة الجهاز علي أهم الملفات السياسية الحساسة وعلي رأسها الملف الطائفي.

• عمل الجهاز علي عرقلة أهم الأحزاب والتنظيمات والحركات السياسية ومحاربتها، سواء من خلال التضييق عليها في الشارع أو إثارة الخلافات والانشقاقات الداخلية فيها.

• فرض الجهاز لرقابة شديدة علي وسائل الإعلام وقطاعات الثقافة المختلفة، وإن كان هذا الأمر قد تراجع بشكل ملحوظ في الفترة من 2005 وحتى 25 يناير 2011.

3.

الرشوة والمحسوبية كان لبعض المشكلات المؤسسية كتدني الأجور (وخاصة أجور الأمناء والمندوبين والأفراد)، والمشكلات الوظيفية كتعامل رجال الشرطة مع المواطنين بشكل غير لائق، دور كبير في ظهور الرشوة والمحسوبية، خاصة في القطاعات الخدمية كأقسام الشرطة والمرور والأحوال الشخصية والجوازات.

فبات المواطن يبحث عن سبل تضمن له إنهاء مصالحه في أقصر وقت ممكن، متجاوزاً ما يمكن أن يتعرض له من سخافات وتجاوزات علي أيدي رجال الشرطة.

ثانياً : جهاز الشرطة ..

و رؤية لتحقيق الإصلاح تكشف المشكلات سابقة الذكر عن مدى احتياج جهاز الشرطة إلي عملية إصلاح حقيقية تعيده إلي المسار الذي يجب أن يكون عليه.

ولكن تُرى كيف يمكن تحقيق هذا الإصلاح؟ أو بعبارة آخري ما هي الآليات والسبل التي يمكن من خلالها تصحيح مسار الجهاز؟ تبدأ هذه الدراسة بإجابة هذا السؤال عبر إجراء قراءة نقدية دقيقة لبعض الأوراق البحثية والمبادرات التي دارت في هذا المضمار من قبل ـــ باحثه عن إجابة للسؤال ذاته ـــ وذلك بغرض تجنب نقاط الضعف التي تضمنتها التوصيات والاقتراحات التي قدمتها هذه المبادرات والأوراق البحثية.

أ‌.

قراءة نقدية في أهم مبادرات الإصلاح لقد شابت التوصيات والمقترحات التي قدمتها بعض الأوراق والمبادرات الخاصة بإصلاح جهاز الشرطة العديد من نقاط الضعف، وهو ما سنوضحه في السطور التالية: 1.

توصيات لا تتناسب مع الحالة المصرية أفرطت بعض الأوراق والمبادرات ــ في أعقاب 25 يناير ــ في الإطلاع علي التجارب الغربية في مجال إصلاح أجهزة الأمن والشرطة، بغرض نقل هذه التجارب إلي الواقع المصري، وذلك دون الالتفات لاختلاف السياق الزماني والمكاني والمجتمعي بين هذه الحالات وبين الحالة المصرية، ومن ثم قدم كاتبي هذه المبادرات والأوراق توصيات لا تناسب الحالة المصرية بحال من الأحوال، ولعل أبرز هذه التوصيات: • تسريح كافة القيادات الأمنية وضباط جهاز الأمن السياسي الداخلي (مباحث أمن الدولة) فضلاً عن أي ضابط يثبت تورطه في مخالفة القانون، وهو ما حدث في التجربة البولندية.

ولعل عدم ملائمة هذه التوصية للواقع المصري ينبثق من الخطر الذي يمكن أن يشكله هؤلاء علي النظام الذي حرمهم من كافة الامتيازات نتيجة للإطاحة بهم من وظائفهم، فضلاً عن صعوبة احتواء حالة الفراغ التي سيخلفونها وراءهم خاصة في ظل حالة الانفلات الأمني التي عانت منها مصر في أعقاب سقوط نظام الرئيس مبارك ومازالت تعاني منه في أعقاب سقوط نظام جماعة الأخوان المسلمين.

• إنشاء الشرطة المحلية في الأقاليم وفصلها إداريا عن الشرطة المركزية في العاصمة وقصر العلاقة بينهم علي التنسيق فقط، وهو نظام معمول به في الدول الفيدرالية، ومن ثم فهو لا يتناسب بحال من الأحوال مع الحالة المصرية والتي تتميز دولتها بمركزية السلطة وجهاز الدولة.

2.

توصيات تشكل خطورة علي جهاز الشرطة والمجتمع جاء جانب آخر من توصيات بعض الأوراق والمبادرات الخاصة بإصلاح الشرطة لا يشكل خطورة علي هيكل جهاز الشرطة فحسب، بل علي المجتمع أيضاً، ولعل أبرز هذه التوصيات كان: • ربط فترة رئاسة جهاز الأمن السياسي (قطاع الأمن الوطني) بفترة رئيس الجمهورية، الأمر الذي يشكل خطورة مباشرة علي مبدأ تداول السلطة، فقد يتجه بعض رؤساء هذا الجهاز إلي تسخير جهود جهازهم لصالح أنظمة بعينها، بغرض الحفاظ علي بقاء هذه الأنظمة في السلطة لأطول فترة ممكنة، ومن ثم ضمان بقاءهم في مناصبهم.

• إلغاء ما يسمي بالموافقات الأمنية في شأن تعيين أو ترقية العاملين في بعض أجهزة الدولة، ولعل تجاوزات جهاز مباحث أمن الدولة خلال العقود الأخيرة في هذا السياق، هي التي دفعت البعض للمطالبة بإلغاء هذا الإجراء.

والحقيقة أن هذا الإجراء شأنه شأن صحيفة الأحوال الجنائية، ومن ثم يمثل إلغاءه خطراً جسيماً علي المجتمع، فقد يستطيع بعض المنتمين لبعض التنظيمات أو الجهات التي تهدد الأمن القومي المصري من التسلل إلي جهاز الدولة والترقي فيه، ومن ثم فإن هذا الإجراء هو بمثابة إجراء دفاعي عن جهاز الدولة.

إلا أن هذا لا يعني بحال من الأحوال أن تأخذ هذه التقارير صبغة سياسية كما كان الأمر قبل 25 يناير، فتكون هذه التقارير بمثابة عائق لبعض أصحاب الكفاءات الذي يتم استبعادهم لمجرد انتماءهم لأحزاب أو تيارات مختلفة سياسيا مع نظام الحكم القائم.

• التوصية بتقليل عدد العاملين في الداخلية، وتكشف هذه التوصية القصور المعرفي للمطالبين بها، حيث أن جهاز الشرطة ــ كما سبق وأن ذكرنا ــ يعاني من النقص العددي في صفوف العاملين فيه، وكان بعض المطالبين بهذه التوصية قد أرجعوا سبب توصيتهم إلي حجم الإنفاق الضخم علي رواتب العاملين في قطاع الأمن، وهو ما يمكن التغلب عليه بطرق آخري كتقليل الفجوة بين رواتب القيادات ورواتب صغار الضباط والأمناء والأفراد، فضلاً عن وضع حد أقصى لأجور هذه القيادات.

• خفض أعداد قوات الأمن المركزي وإلغاء الاعتماد علي التجنيد، وهنا يجب أن نشير إلى أن أعداد قوات الأمن المركزي ازدادت بشكل ملحوظ في أعقاب توقيع اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل والتي حددت أعداد الجنود في القوات المسلحة من الجانبين، ومن ثم لم يكن أمام الجانب المصري إلا توجيه عدد من المجندين إلي قطاع الأمن المركزي بوزارة الداخلية، فضلاً عن أن اعتماد وزارة الداخلية علي هؤلاء المجندين يوفر لها وللدولة مبالغ هائلة كان يمكن إنفاقها علي أجور هؤلاء الجنود.

• تنظيم الضباط لأنفسهم في إطار نقابي، وهو أمر لا يتناسب مع طبيعة المؤسسات الأمنية.

وكانت بعض المبادرات قد أدعت أن الغرض من تأسيس نقابة للضباط، هو رفع توصيات إلي قيادات الوزارة بغرض تحسين ظروف العمل وتطوير الأداء المهني للشرطة، وهو هدف تعمل علي تحقيقه عدة جهات داخل وزارة الداخلية وعلي رأسها قطاع التخطيط والمتابعة.

أما تأسيس نقابة تجمع الضباط في مواجهة قياداتهم، فهو أمر لا يتناسب وطبيعة العمل الأمني الذي يقوم علي عاملي الانضباط والطاعة، فقد يتطور الأمر للحد الذي يقوم عنده الضباط بالإضراب عن العمل أو عدم الانصياع لأوامر قيادة بعينها، وهو أمور تشكل خطورة بالغة علي المجتمع.

3.

توصيات شكلية: لم تخلو المبادرات والأوراق من بعض التوصيات الشكلية، والتي لن يكون لها أي أثر إيجابي علي تحسين أداء الشرطة، ولعل أبرز هذه التوصيات كان: • تغيير زي رجال الشرطة، وهو أمر لن يكن له أي أثر إيجابي سواء صاحب تغيير الزي إصلاح حقيقي للشرطة أو لم يصاحبه، بل قد يكون له أثراً سلبياً علي نفوس العاملين في جهاز الشرطة الذين قد يعتبرون إجراء تغيير الزي إعلاناً لانكسارهم.

• استبدال الرتب العسكرية تحت دعاوى إلغاء عسكرة الوزارة، وهنا يجب أن نشير إلي استبدال مسميات الرتب العسكرية (ملازم أول ونقيب ورائد ..الخ)، بمسميات آخري مثل تلك التي اقترحتها بعض المبادرات (مفتش ومفتش أول ..الخ)، لن تلغي عسكرة الوزارة ومن ثم لن تحولها إلي وزارة مدنية، كما ترغب هذه المبادرات وينص علي ذلك الدستور والقانون.

خاصة وأن طبيعة حياة وعمل الشرطة تتشابه بشكل كبير مع طبيعة حياة وعمل القوات المسلحة، وهنا يجب الإشارة إلي أن هذه المبادرات نفسها، هي التي تعاملت مع وزارة الداخلية علي إنها وزارة عسكرية، وذلك عندما أوصى بعض منها بضرورة تولي وزير مدني من خارج الشرطة مسئولية الوزارة، وهو اعتراف ضمني بأن العاملين بالشرطة ليسوا مدنيين.

4.

توصيات معمول بها كان لتراجع الجانب المعرفي لبعض الباحثين في ملف إصلاح الشرطة دوراً في أن يوصي هؤلاء الباحثون ببعض الأمور المعمول بها فعلاً، والتي كان من أبرزها: • الاستعانة بالخبرات القانونية في قطاع التفتيش والرقابة، وهنا يجب الإشارة إلي أمرين: الأول هو أن قطاع التفتيش كان من أنشط القطاعات خلال العقود الأخيرة من عمر الوزارة، أما الأمر الثاني فهو استعانة وزارة الداخلية بالفعل بالخبرات القانونية، حيث تقوم الوزارة بانتداب قضاة من مجلس الدولة لعضوية مجالس التأديب التي تحال إليها مخالفات الضباط.(17) ب.

رؤية لتحقيق الإصلاح تؤكد المشكلات التي يعاني منها جهاز الشرطة احتياجه للإصلاح ــ كما سبق وأن ذكرنا ــ ، وهو ما ستحاول هذه الدراسة المساهمة في تحقيقه من خلال تقديم رؤية أو تصور مبدئي يتكون من عدة نقاط، نتناولها فيما يلي: 1.

تشكيل لجنة وزارية من كبار قيادات الوزارة والخبراء الأمنيين، وذلك بغرض رصد كافة المشكلات المؤسسية والوظيفية التي يعاني منها جهاز الشرطة، ثم تحديد الإجراءات والآليات المناسبة للتغلب علي هذه المشكلات (وهو ما سنقوم بتقديم بعض منها فيما يلي)، وأخيراً وليس آخرا الإشراف على تنفيذ هذه الإجراءات والآليات.

2.

إلغاء العمل بقانون الطوارئ في أقرب فرصة، مع إجراء تعديلات في القوانين العادية وثيقة الصلة بعمل جهاز الشرطة، بحيث يتم إزالة أي حواجز قد تعوق رجال الشرطة أثناء تأدية عملهم في تعقب الخارجين علي القانون أو المشتبه فيهم، وذلك دون المساس بحقوق المواطنين.

3.

تحجيم سلطات جهاز الأمن السياسي الداخلي (قطاع الأمن الوطني) ومن ثم جعله جهازاً لجمع المعلومات والتحري، علي أن تظل اختصاصاته كما هي، بحيث يكون مكلف بمكافحة الإرهاب والتجسس والحفاظ علي كيان الدولة وهيكل حكمها، وحماية المعتقدات والقيم الوطنية وتأكيد مفهوم سيادة الدولة واستقلالها وتحقيق الاستقرار لشعبها ومن ثم جعله جهازاً لجمع المعلومات والتحري دون الإخلال.

أما فيما يتعلق بتحجيم سلطات الجهاز.

4.

حل مشكلة الأجور بوجهيها، بحيث يتم التغلب علي مشكلة تفاوت الأجور بين القاعدة والقيادات من خلال وضع حد أقصى لأجور هذه القيادات، بينما يتم التغلب علي مشكلة تفاوت الأجور بين الإدارات وبعضها، من خلال التقريب بين شرائح أجور كافة الإدارات، بحيث لا يكن الفارق بين أجور العاملين في إدارة بعينها وأجور العاملين في إدارات أخري كبيراً، أما مشكلة تدني الأجور فيتم التغلب عليها من خلال الالتزام بحد أدنى للأجور داخل الشرطة، مع إعادة النظر في نسب وقيم البدلات التي يحصل عليها العاملين في مجال الأمن.

5.

تقدير نسب النقص العددي في صفوف العاملين في وظائف الأمن (ضباط وأمناء وأفراد)، ووضع إستراتيجية لتقليص هذا النقص خلال فترة زمنية محددة، الأمر الذي سيترتب عليه خفض ساعات عمل رجال الشرطة ومن ثم تقليص الأعباء الملقاة علي عاتقهم، وبالتالي رفع كفاءتهم.

6.

رفع كفاءة رجال الشرطة، وذلك من خلال إجراء مراجعة شاملة لأساليب تدريب ومناهج أكاديمية الشرطة، ومن ثم تطويرها، فضلاً عن وضع برامج تدريب وإعداد دورات تدريبية علي مستوى عالي، كما يمكن ربط حركة الترقيات باجتياز هذه الدورات التدريبية.

7.

تفعيل مبدأ المواطنة، بغرض دمج كافة الجماعات الدينية والمذهبية والاثنيه في النسيج الوطني، وذلك قبل بدء قبول انضمامهم بشكل طبيعي إلي أجهزة الأمن ومن بينها جهاز الشرطة.

8.

تفعيل دور الإدارة العامة للعلاقات العامة والإعلام، مع ضرورة وضع إستراتيجية قصيرة المدى تستهدف تحسين الصورة الذهنية لرجال الشرطة لدى المواطنين، وذلك باستخدام كافة الوسائل الدعائية والإعلامية من إذاعة وتليفزيون وصحافة وسينما، وفي هذا السياق يمكن الاستفادة من تجربة جهاز المخابرات العامة في منتصف السبعينيات وبداية الثمانينيات.