لعل أحد أهم الأمور التي بني عليها الدستور المصري، أن لم يكن أهمها قاطبة، هي سلطات الرئيس.

فمن خلال تقرير تلك السلطات تم بناء الهيكل العام للدستور المصري.

هنا تقرر منذ البداية أن يكون الدستور قائم على النظام المختلط.

لكن يبقى السؤال هنا أي نظام مختلط؟ المعروف أن النظم السياسية تتدرج بين النظامين البرلماني والرئاسي.

فإذا ما تخيلنا أن هناك مسطرة على أحد حافتيها النظام البرلماني ونموذجه المملكة المتحدة، و على الحافة الأخرى النظام الرئاسي ونموذجه الولايات المتحدة الأمريكية، فإن هناك عشرات النظم التي تسبح بين هذا وذاك مشكلة العديد من النظم التي يميل بعضها للأخذ بالنظام الرئاسي والأخرى التي تميل للأخذ بالنظام البرلماني.

وقد جرى تصنيف النظام الفرنسي في ظل الجمهورية الخامسة المنشأة وفق دستور سبتمبر 1958 على اعتبار أنه الحلقة الوسيطة التي تجمع بين النظامين بقدر شبة متساو.

على أنه على عكس النظامين التقليديين الأمريكي والإنجليزي وهما أساس النموذجين الرئاسي والبرلماني، فإن النظام المختلط لم يكن منشأه يومًا ما النظام الفرنسي.

فقد نشأ هذا النظام للمرة الأولى في فنلندا عام 1919 ثم ألمانيا عبر دستور فيمار في ذات العام، ثم النمسا في العام التالي، فإيرلندا عام 1937.

وعامة، فإنه في هذا النظام الذي سمي بهذا الاسم منذ عام 1970 على يد العالم الفرنسي موريس ديفرجية، تختلط سمات النظامين السابقين بشكل فريد، سعت إليه في السنوات القليلة الماضية العديد من النظم السياسية الخارجة من رحم المنظومة الاشتراكية لتطبيقه، وتسعى إليه الآن العديد من دول الربيع العربي، بما فيها مصر.

وبشكل عام، فإنه يعد الأساس الطبيعي لأي نظام مختلط هو تحقيق هدفين هما : - الهدف الأول، تساوي الشرعية بين جهات الحكم.

فالرئيس منتخب شعبيًا، والبرلمان منتخب شعبيًا، والحكومة حائزة على رضاء الشعب لأنها قادمة من البرلمان المنتخب.

أما الهدف الثاني، فهو تزويد جهات الحكم أيا كانت بسلطات تمكنها من التصرف بشكل سلبي من خلال سلطات المنع والرفض (سلطات دفاعية)، وكذا تصرفات إيجابية من خلال اتخاذ المواقف (سلطات المبادرة).

وعلى أية حال، فإن البعض يرى أن التحدى الرئيس أمام أي نظام مختلط هو أن انتخاب الرئيس بشكل مباشر قد ينجم عنه ظهور قادة مستقلين ومستبدين لديهم الشعور بسمو شرعيتهم.

من ناحية أخرى، قد ينتج عن وجود سلطتين تنفيذيتين إضفاء صفة المؤسسية على الصراع داخل مؤسسات الحكم خصوصًا خلال فترة التعايش أي حين يكون الرئيس والأغلبية البرلمانية يتبعان حزبين مختلفين.

من هذه الفقرة الأخيرة يمكن الانطلاق للسؤال التالي: هل ما سطره الدستور المصري الجديد من صلاحيات لرئيس الجمهورية يمكّن من بناء نظام حكم ديمقراطي على عكس ما كان عليه الحال بالنسبة لسلطات مبارك في دستور 1971؟ بداية تجب الإشارة إلى أن المواد الخاصة برئيس الجمهورية في الدستور هي بالمقارنة العملية من نظيرتها في العهد البائد تتسم بالقلة من حيث طبيعة تلك السلطات، فهي مقيدة بشكل أكبر.

لكن ما حدث في 21 نوفمبر 2012 من صدور إعلان دستوري استبدادي، جعل هناك تخوف عام من تغول الرئيس في استغلال منصبه للعصف بكل ما أمامه.

ففرعون مصر قائم ومستمر معنا لسنوات طويلة بحكم الثقافة السياسية، وإذا كان الله يرسل الأنبياء لهداية أقوام فقد أنزل نبيين لهداية شخص واحد هو فرعون مصر، ولم يفلحا في هدايته.

هنا يتوجب الحيطة، فإذا كان البعض يثق في الرئيس الحالي فإن دستورنا يوضع للكافة.

ولعلنا نتفق على مقولة أن الدستور الجيد هو الذي يكبح جماح الحاكم الشارد، بينما الدستور العاجز هو الذي يفشل في ضبط سلوك الحاكم ولو كان حسن النية.

هنا يتوجب التطرق إلى السلطات التي منحها الدستور للرئيس المصري، وهي كما سيرى سلطات تنفيذية وأخرى ذات طابع تشريعي وقضائي.

وسيرى أن تلك السلطات رغم قلتها مقارنة بما عليه الحال إبان نظام مبارك، إلا أنها لا زالت كبيرة ليس فقط بالنسبة لشعب خرج لتوه من ثورة ويريد التحرر من نير السلطات المستبدة للحكام، وليس فقط نتيجة التخوف من تغول الرئيس وتعسفه في استخدام السلطات الأقل شأنًا مقارنة بسلفه، بل قياسًا لسلطات الرئيس في النظام المختلط النموذج (فرنسا).

بعبارة أخرى، أن التجارب المريرة التي مر بها الشعب تجعله أكثر احتراسَا من النصوص والتطبيق على حد سواء.

فالدستور المصري ربما لو نقل إلى فرنسا سيحترم العمل به، وعلى العكس لو نقل الدستور الفرنسي إلى مصر ربما لا يحترم العمل به.

على أية حال، وقبل الخوض في التعقيب على سلطات الرئيس الذي ينتخب لأربعة سنوات تجدد لمرة واحدة (م133)، نشير إلى أبرز تلك السلطات: - طلب عقد جلسة استثنائية في الظروف الاستثنائية لغرفتي البرلمان في مكان آخر أي غير مدينة القاهرة (م92)، طلب عقد جلسة سرية لغرفتي البرلمان، وللبرلمان أن يقرر عند عقد الجلسة جعلها سرية أو علنية (م93)، دعوة البرلمان بغرفتيه لدورة انعقاد عادية بشرط عدم تجاوز الزمن المقرر وهو الخميس الأول من نوفمبر، وإلا عقد جبرًا في هذا اليوم دون حاجة لتلك الدعوة (م94)، ودعوته لدورة غير عادية لنظر أمر عاجل (م95)، وفض دورة البرلمان بشرط مضي 8 أشهر، وموافقة كل مجلس، وبالنسبة لمجلس النواب لا يجرى الفض قبل إقرار الموازنة (م94)، له اقتراح مشروعات القوانين وتقديمها لمجلس النواب، ولا يسري على تلك الاقتراحات ما يسري على اقتراحات الأعضاء من عرضها قبل ذلك على لجنة الاقتراحات أو عدم تقديمها ثانية بذات دور الانعقاد لو رفضها المجلس في ذات دور الانعقاد (م101)، إمكانية قيام الرئيس بحل مجلس النواب، بقرار مسبب، وعقب استفتاء خلال 20 يوم من وقف الرئيس لجلسات المجلس، ولا يجوز الحل في دور الانعقاد الأول، ولا لذات السبب الذي حل من أجله المجلس السابق، ويقدم الرئيس استقالته إذا لم يحصل قراره على أغلبية الأصوات الصحيحة، ويعود المجلس للانعقاد إذا لم يجرى الاستفتاء في موعده أو إذا لم تجرى الانتخابات التالية في الموعد المحدد لها وهو شهر من تاريخ صدور قراره بالحل (م127).

يعين رئيس الجمهورية وحده عُشر الأعضاء مجلس الشورى، وذلك دون أي قيد يتعلق بالسن أو الصفة أو غيرهما (م129).

قيام الرئيس عندما يطرأ ما يستوجب الإسراع في اتخاذ تدابير لا تحتمل التأخير عند غياب البرلمان بغرفتيه، بإصدار قرارات لها قوة القانون، تعرض على المجلسين بحسب الأحوال خلال 15 يوم من انعقادهما، لإقرارها، فإذا لم تعرض أو عرضت ورفضت زال أثرها بأثر رجعي، إلا إذا رأي تسوية ما ترتب عليها (م131).

يجمع رئيس الدولة بين كونه رئيسًا للدولة ورئيسَا للسلطة التنفيذية، وكونه يراعي الحدود بين السلطات (م132).

اختيار رئيس الجمهورية لرئيس الوزراء وفق ثلاثة احتمالات هي على الترتيب الاختيار العشوائي بلا ضابط، ثم اختياره من الحزب الحائز على الأكثرية، ثم تكلفة البرلمان باختيار شخص رئيس الوزراء، وهذه الاحتمالات تتوقف على مدى حصول الحكومة على ثقة مجلس النواب(م139).

يضع رئيس الجمهورية، بالاشتراك مع مجلس الوزراء، السياسة العامة للدولة، ويشرفان على تنفيذها، على النحو المبين فى الدستور.(م140).

يتولى رئيس الجمهورية سلطاته بواسطة رئيس مجلس الوزراء ونوابه والوزراء؛ عدا ما يتصل منها بالدفاع والأمن القومى والسياسة الخارجية، والسلطات المنصوص عليها بالمواد 139 و145 و146 و147 و148 و149 من الدستور، والتي سيتم الإشارة لفحواها (م141).

يجوز لرئيس الجمهورية أن يفوض بعض اختصاصاته لرئيس مجلس الوزراء أو لنوابه أو للوزراء أو للمحافظين؛ وذلك على النحو الذى ينظمه القانون(م142).

لرئيس الجمهورية دعوة الحكومة للاجتماع للتشاور فى الأمور المهمة؛ ويتولى رئاسة الاجتماع الذى يحضره، ويطلب من رئيس مجلس الوزراء ما يراه من تقارير فى الشأن العام (م143).

لرئيس الجمهورية أن يلقى بيانا حول السياسة العامة للدولة، فى جلسة مشتركة لمجلسى النواب والشورى عند افتتاح دور انعقادهما العادى السنوى، ويجوز له عند الاقتضاء إلقاء بيانات أخرى، أو توجيه رسائل إلى أى من المجلسين (م144).

يمثل رئيس الجمهورية الدولة فى علاقاتها الخارجية، ويبرم المعاهدات، ويصدق عليها بعد موافقة مجلسى النواب والشورى.

وتكون لها قوة القانون بعد التصديق عليها ونشرها؛ وفقًا للأوضاع المقررة.

وتجب موافقة المجلسين بأغلبية ثلثى أعضائهما على معاهدات الصلح والتحالف وجميع المعاهدات التى تتعلق بحقوق السيادة.

ولا يجوز إقرار أى معاهدة تخالف أحكام الدستور(م145).

رئيس الجمهورية هو القائد الأعلى للقوات المسلحة، ولا يعلن الحرب، ولا يرسل القوات المسلحة إلى خارج الدولة، إلا بعد أخذ رأى مجلس الدفاع الوطنى، وموافقة مجلس النواب بأغلبية عدد الأعضاء (م146).

يعين رئيس الجمهورية الموظفين المدنيين والعسكريين ويعزلهم، ويعين الممثلين السياسيين للدولة ويقيلهم، ويعتمد الممثلين السياسيين للدول والهيئات الأجنبية؛ على النحو الذى ينظمه القانون (م147).

يعلن رئيس الجمهورية، بعد أخذ رأى الحكومة، حالة الطوارئ؛ على النحو الذى ينظمه القانون؛ ويجب عرض هذا الإعلان على مجلس النواب خلال الأيام السبعة التالية.

وإذا حدث الإعلان فى غير دور الانعقاد وجبت دعوة المجلس للانعقاد فوراً للعرض عليه، وفى حالة حل المجلس يعرض الأمر على مجلس الشورى؛ وذلك كله بمراعاة المدة المنصوص عليها فى الفقرة السابقة.

وتجب موافقة أغلبية عدد أعضاء كل من المجلسين على إعلان حالة الطوارئ، ويكون إعلانها لمدة محددة لا تجاوز ستة أشهر، لا تمد إلا لمدة أخرى مماثلة بعد موافقة الشعب فى استفتاء عام.

ولا يجوز حل مجلس النواب أثناء سريان حالة الطوارئ (م148).

لرئيس الجمهورية العفو عن العقوبة أو تخفيفها.

ولا يكون العفو الشامل إلا بقانون (م149).

لرئيس الجمهورية أن يدعو الناخبين للاستفتاء فى المسائل المهمة التى تتصل بمصالح الدولة العليا (م150).

يؤدي رئيس الوزراء وأعضاء الحكومة اليمين أمام الرئيس (م157).

وله اتهام رئيس الوزراء، ويصدر قرار الاتهام بأغلبية ثلثي أعضاء مجلس النواب (م166).

ويعين النائب العام بعد ترشيح مجلس القضاء الأعلى (م173).

ويعين رئيس وأعضاء المحكمة الدستورية الذين ترشحهم جهاتهم (م176).

ويرأس مجلس الأمن القومي الذي يتولى اتخاذ القرارات الإستراتيجية المتصلة بتحقيق الأمن في البلاد (م193)، ويرأس مجلس الدفاع الوطني الذي يتولى تأمين سلامة البلاد وإقرار موازنة الجيش ومشروعات القوانين المتصلة به (م197).

ويرأس هيئة الشرطة (م199).

تعيين رؤساء الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية بعد موافقة مجلس الشورى، وتقدم له تقارير تلك الأجهزة (م201و202).

له طلب تعديل الدستور وفق شروط (م217).

وهكذا يتبين أن هناك سلطات كثيرة لرئيس الجمهورية، وأن تلك السلطات رغم قلتها مقارنة بنظيرتها في دستور 1971ـ لا زالت تحتاج إلى ضبط، وهنا يشار إلى أن مجال هذا الضبط يمكن أن يكون من خلال تعديل الدستور الذي من المرجح أن يتم في الجلسات الأولى لمجلس النواب القادم، هنا يشار لضرورة ما يلي: - 1- إلغاء تعيين الرئيس لنسبة من المعينين بمجلس الشورى تقدر بعُشر أعضاء المجلس، إذ طالما أن المجلس أصبح حقيقة واقعة وأصبح له سلطات تشريعية، فلا ينبغي أن يكون للسلطة التنفيذية أي تدخل في الشأن التشريعي، والمؤكد أن تعيين الأعضاء يعد أسمى درجات التدخل، في إطار الإدعاء بالالتزام بقاعدة الفصل بين السلطات.

أما إذا اعتبر التعيين كنوع من الخطوة المرحلية تمهيدًا لإلغائها بعد أن كان الدستور السابق يعطي لرئيس الجمهورية حق تعيين ثلث الأعضاء، هنا يتوجب على الأقل وضع آلية محايدة لاختيار هؤلاء، بدلا من استئثار الرئيس بتعيينهم بلا أية ضوابط، مما يخشى معه أن ينتهي أمر هذا التعيين لما انتهى له عصر مبارك من محاباة للبعض ومجاملة للبعض الأخر.

2- عدم الازدواج بين كون الرئيس هو رئيس السلطة التنفيذية، وكونه في ذات الوقت حكمًا بين السلطات، وهنا يقترح جعل تلك الحاكمية للمحكمة الدستورية العليا.

بعبارة أخرى، أنه لا يستقيم على الإطلاق أن يمتلك الرئيس المصري السلطة التنفيذية، ثم يصبح في ذات الوقت بمثابة الحكم بين السلطات التي هو يرأس واحدة منها.

3- ضرورة إشراك الأحزاب السياسية في الترشيح لانتخابات الرئاسة مثلما كان عليه الحال في الإعلان الدستوري الذي وضع في 30 مارس 2011، وذلك دعمًا للمنافسة وللأحزاب معًا باعتبارها الأداة الرئيسة للتنمية السياسية.

جدير بالذكر أن هذا الإعلان نص في م 27 منه على حق الترشيح بموجب ثلاثة وسائل وهي تزكية 30 ألف ناخب، أو 30 نائبًا من البرلمان، أو تسمية الأحزاب التي تملك مقعد واحد في البرلمان مرشحًا للرئاسة.

وقد جاءت المادة 135 من الدستور ليس فقط لتنزل بتلك الأعداد إلى تأييد 20 ألف ناخب أو تأييد 20 نائب، بل لتلغي حق الأحزاب في الترشيح.

4- إعادة ما شطب من المسودات السابقة للدستور، والتي نص خلالها في المادة 138 من الدستور على قيام أفراد أسرة الرئيس بكتابة إقرارات ذمة مالية وضمان عدم دخولهم مع الدولة في معاملات تجارية، وأن تأول الهدايا التي يحصلون عليها إلى الدولة.

كل ذلك بغرض تلافي تكرار فساد أسرة الرئيس السابق، والتي استطاعت من خلال عدم وجود أية قيود أن تتاجر مع الدولة وتشتري ديونها وتستأجر ممتلكاتها وغيرها.

5- اختيار الرئيس لرئيس الوزراء المسطور في المادة 139 من الدستور أمر يحتاج إلى إعادة ضبط من زاويتين: الزاوية الأولى، أن هذا الاختيار يحكمه 3 خيارات أولها الخيار العشوائي، وهو أمر ربما يفضي لعدم استقرار في مؤسسة مجلس الوزراء، وكذلك يؤدي إلى ارتباك وإضاعة لوقت مجلس النواب.

الزاوية الثانية، هي حتمية الإشارة إلى الخيار من حزب أو ائتلاف الأغلبية، بمعنى عدم قصور الخيار على حزب الأغلبية فقط كما تنص المادة المذكورة، إذ ربما تأتلف بعض الأحزاب تحت قبة مجلس النواب فيصبح من حقها تشكيل الحكومة إذا حازت على ثقة المجلس.

6- إلغاء سلطة الرئيس في تعيين الموظفين المدنيين، وإعادة تلك السلطة إلى رئيس الوزراء كما كانت الوضع في المسودات السابقة.

7- تقييد سلطة الرئيس في دعوة الشعب للاستفتاء العام، بدلا من إطلاقها.

هنا نشير إلى أن الدستور الفرنسي يحدد طبيعة المسائل المهمة التي يمكن للرئيس خلالها أن يستفتي الشعب.

بعبارة أخرى، فإن ترك الحرية للرئيس في استفتاء الشعب على أية أمور، ربما يجعله في وقت ما يستفتيه على أحكام المحاكم، وهو ما حدث بالفعل بالنسبة للرئيس الحالي، إذا أن الاستفتاء على الدستور تضمن بقاء مجلس الشورى في موقعه، رغم أن كافة أجهزة الدولة والمجتمع على يقين من أن ما يسري على مجلس الشعب من عدم دستورية قانون انتخاب هذا المجلس يسري على مجلس الشورى، وهو ما كان متوقع أن يصدر عن المحكمة الدستورية العليا لو حصارها من بعض أنصار التيار السلفي.

8- وضع مادة لمسألة الرئيس سياسيًا إلى جانب مسألته جنائيًا.

إذا أن رئيس الجمهورية طالما أنه يمتلك سلطات تنفيذية، فعلية المحاسبة من قبل البرلمان، وذلك وفق قاعدة لا سلطة ممنوحة إلا ومعها محاسبة، وإلا أصبحت مفسدة.

هنا نشير إلى أن الرئيس الأمريكي رغم أنه غير مقيد هو وأركان إدارته بمحاسبة من قبل الكونجرس الأمريكي وفق آليات المحاسبة التقليدية، إلا أنه من خلال تحكم الأخير في الموازنة والرقابية السابقة على صرفها، يستطيع أن يشل حركة الإدارة بأثرها، ويحول البيت الأبيض إلى سجن لرئيس الدولة.

9 – اتخاذ المزيد من التحوط إزاء صلاحيات الرئيس وقت الطوارئ، فتلك الصلاحيات كثيرًا ما تعسف الرئيسين السادات ومبارك في استخدامها مستغلين نصوص المواد 74 و108 و147 و148 من الدستور، ما مكنهما من اتخاذ قرارات مثل قرارات 5 سبتمبر1981، وعزل قيادات الكنيسة الأرثوزكسية في ذات العام، ونزول الجيش إلى الشارع عامي 1977 و1986، واستغلال التفويض المفتوح المدة من مجلس الشعب (رغم أن الدستور قيد مدته) في سن قوانين العادية وذات الطابع العسكري لتقييد الحريات وممارسة الفساد الاقتصادي.

هنا يصبح من الضروري إعادة النظر في السلطات الاستثنائية للرئيس أو الأوقات الاستثنائية التي تمر بها الدولة.

ففي حالة ما إذا شغر موقعه بشكل مؤقت يتولى هذا الموقع رئيس مجلس الشورى (الغرفة الثانية للبرلمان) وليس رئيس الوزراء، باعتبار أن رئيس الوزراء مكلف بمهام إدارة الحكومة، ولأن رئيس مجلس الشيوخ منتخب مرتين مرة من قبل الشعب مباشرة كنائب بالمجلس ومرة من قبل نواب المجلس بصفته رئيسًا للمجلس.

أما بالنسبة لسلطات الرئيس بشأن حل مجلس النواب، فيجب أن تقيد بقيود إضافية مثل عدم جواز الحل في الأوقات الاستثنائية.

كما يجب وضع قيود إضافية قبل إقدامه على اتخاذ قرارات لها قوة القانون في حالة الأوقات الاستثنائية –كما هو حادث في الدستور الفرنسي- وذلك بإضافة استشارة كل من رئيس الوزراء ورئيس غرفتي البرلمان والأهم من هذا وذاك استشارة رئيس المحكمة الدستورية العليا وأعضاء مجلس الدفاع الوطني.

10 – إلغاء سلطة الرئيس في حل مجلس النواب الواردة في م 139 الخاصة بصعوبة تشكيل الحكومة.

بعبارة أخرى، من المهم بقاء سلطة الرئيس في حل مجلس النواب وفق الشروط الواردة في المادة 127.

أما بالنسبة إلى المادة 139 فالحل من خلاله يمكن أن يفضي إلى نوع من التذرع.

بمعنى أنه إذا كان الرئيس من نفس حزب الأغلبية، من الممكن التواطؤ بين أعضاء الأغلبية والرئيس لقيام الأخير بحل مجلس النواب، والإفلات من شروط الحل الواردة في المادة 139.