صافيناز محمد أحمد

خبيرة متخصصة فى الشئون السياسية العربية ورئيس تحرير دورية بدائل - مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية

 

يستعد العراق لواحدة من أهم الاستحقاقات الانتخابية فى الحادى عشر من نوفمبر المقبل، حيث تجرى انتخابات تشريعية جديدة تكتسب مزيدا من الأهمية والزخم لكونها ستسهم إلى حد كبير فى تحديد ملامح المشهد السياسى الداخلى فى العراق خلال الأعوام الأربعة القادمة، كما أن نتائجها ستحدد طبيعة العلاقات السياسية بين العراق وإيران التى تمثل الداعم الإقليمى الرئيسى للتحالف الشيعى الحكم وهو الإطار التنسيقى، فضلا عما يمثله العراق من ساحة نفوذ سياسية واقتصادية لها. وتعد هذه الانتخابات المرتقبة هى الأولى من نوعها بعد أن تعرض الدور الإقليمى لإيران لهزات إقليمية عميقة التأثير نتج عنها تراجع ملموس فى النفوذ الإقليمى لها، لاسيما بعد الخسائر التى تعرض لها حليفها الرئيسى فى محور المقاومة الإقليمى حزب الله اللبنانى على وقع العدوان الإسرائيلى على لبنان فى أكتوبر 2024، بخلاف خروج سوريا من المحور نفسه بسقوط نظام الأسد فى 8 ديسمبر 2024. ومن ثم تراجع النفوذ الإقليمى الإيرانى فى كل من لبنان وسوريا، ناهيك عما أحدثته حرب الـ 12 يوما التى خاضتها إيران فى مواجهة العدوان الإسرائيلى على أراضيها، فى 13 يونيو 2025، من نتائج وتداعيات على قدراتها العسكرية الأمنية.

وقد ألقت كل هذه التطورات بتأثيراتها السلبية على النفوذ الإيرانى فى منطقة المشرق العربى، ما يدفع طهران إلى محاولة الحفاظ على ما تبقى لها من نفوذ فى المنطقة عبر العراق، الذى لايزال حتى اللحظة يمثل مرتكزا إقليميا لها، فضلا عن كونه رئة اقتصادية يتنفس عبرها الاقتصاد الإيرانى المنهك بفعل العقوبات الأمريكية والأوروبية على حد سواء.

هذه المعطيات تجعل من تفاعلات القوى السياسية داخل العراق مع العملية الانتخابية المقبلة، لاسيما المكون السياسى الشيعى عامة والإطار التنسيقى على وجه الخصوص، عاملا مهما لدى النظام الإيرانى؛ لأن هذه التفاعلات نفسها تفرض على إيران ضرورة "ضبط" مساراتها بما يخدم مصالحها فى العراق، وتفرض عليها كذلك ضرورة منع تيارات شيعية أخرى – تحديدا تيار مقتدى الصدر- من العودة إلى المشاركة فى المشهد الانتخابى حيث تتعارض رؤية الصدر وأنصاره رسميا مع حالة الهيمنة الإيرانية على القرار العراقى، وإن شهدت هذه الهيمنة تراجعا نسبيا خلال رئاسة شياع السودانى للحكومة العراقية خلال السنوات الثلاثة الماضية.

تفكك "تكتيكى" لتحالف الإطار التنسيقى

تبدو التحالفات والأحزاب التى ستخوض الانتخابات البرلمانية المرتقبة لشغل 329 مقعدا، متعددة ومتنوعة، فوفقا لإعلان المفوضية العليا للانتخابات، فإن أكثر من 30 تحالف وحوالى 38 حزبا سياسيا فضلا عن عدد من القوائم التى تضم مرشحين مستقلين، باتت مرشحة لخوض غمار العملية الانتخابية. وثمة اتجاه داخل الإطار التنسيقى الحاكم يشيرإلى تفكيك الإطار نفسه بفعل حالة التنافس الشديدة والخلافات فى وجهات النظر بين القوى السياسية الرئيسية فيه حيال بعض القضايا المتعلقة بالانتخابات، فضلا عن ارتدادات التغيرات الإقليمية الحادة فى المنطقة - التى كانت إيران عاملا رئيسيا فيها - على حلفائها داخل الإطار وعلى محاولات إعادة صياغة موقفها حيال تلك التطورات داخل المشهد السياسى الداخلى، مع الأخذ فى الحسبان أن تفكك التحالف الحاكم يعد تكتيكا انتخابيا معتادا سرعان ما تعود القوى الممثلة له إلى ترتيب تحالفات برلمانية جديدة بعد نتائج الانتخابات، وبالتالى لا يعد التفكك تعبيرا عن حالة من التباين السياسى "الحاد" بين القوى المكونة له بقدر ما يمثل أحد التكتيكات الهادفة إلى الحصول على أكبر قدر من أصوات الناخبين داخل الدائرة الانتخابية الواحدة. ويدخل رئيس الوزراء شياع السودانى الانتخابات بقائمة منفردة بعيدة عن التحالفات القائمة، حيث شكل السودانى فى مايو 2025 تحالفا برلمانيا / انتخابيا تحت اسم "تحالف الإعمار والتنمية"، وأعلن أنه سيخوض به الانتخابات المرتقبة، وأبرز القوى المكونة له هى: ائتلاف "الفراتين" برئاسته، والائتلاف الوطنى لإياد علاوى، وحركة عطاء لفالح الفياض (التيار السياسى للحشد الشعبى)، ويبدو أن السودانى يخطط للحصول على ولاية ثانية معتمدا على رصيده الذى أساسه عبر نشاط حكومته الخدمى فى مجالات البنية التحتية والمشروعات الخدمية التى تهم المواطنين بالدرجة الأولى.

من أبرز التحالفات الانتخابية الشيعية الأخرى التى جرى الإعلان عنها: تحالف يضم القوى التقليدية التى لها ميليشيات مسلحة بقيادة ائتلاف دولة القانون لنورى المالكى ويضم معه كتائب سيد الشهداء، وكتائب الإمام على، وتحالف "قوى الدولة" ويمثل تيار الاعتدال فى الإطار التنسيقى ويضم تيار الحكمة لعمار الحكيم وتيار النصر لحيدر العبادى، وتحالف "القرار" ويضم منظمة بدر لهادى العمرى، وعدد من التيارات السياسية التى تمثل الظهير السياسى لبعض المليشيات المسلحة الأخرى منها حركة حقوق (كتائب حزب الله العراقى)، و(أنصار الله الأوفياء). أما عصائب أهل الحق لقيس الخزعلى، فتدخل الانتخابات بقائمة منفردة. ولوحظ على التحالفات الانتخابية الشيعية السابقة وجود عدد كبير من الفصائل المسلحة التى ستدخل غمار الانتخابات ومنها فصائل صنفتها الولايات المتحدة مؤخرا – سبتمبر 2025 - بأنها إرهابية وهى: حركة أنصار الله الأوفياء، وكتائب الإمام على، بخلاف تصنيف قديم لكتائب سيد الشهداء، وحزب الله النجباء. وهذا يعنى أن القوى الشيعية ترغب فى توجيه رسالة مباشرة للولايات المتحدة بأن مخاض الحكومة الجديدة ومنصب رئيسها لن يكون مخاضا يسيرا، وأن جدول إنهاء وجودها – مقرر له نهاية 2026 – لن يخضع لرؤية السودانى التى تقوم على تغيير صيغة الوجود الأمريكى من صيغة "الاحتلال" إلى صيغة "التعاون الثنائى"، وإنما سيخضع لصيغة أكثر تشددا حال نجاح القوى التقليدية (تحالف المالكى) أو التيارات السياسية للفصائل المسلحة فى الفوز بنتائج الانتخابات.

تيارات تقليدية سنية وكردية

أما بالنسبة للتيار السنى فيخوض الانتخابات بأربعة تحالفات انتخابية هى: تحالف "عزم" لمثنى السامرائى، تحالف"تقدم" للحلبوسى، تحالف "السيادة" لخميس خنجر، تحالف" متحدون" لأسامة النجيفى. وتحاول تلك القوى إعادة ترتيب أوراقها لاسيما بعد اهتزاز شعبيتها فى عدد من القرى السنية التابعة لمحافظات كانت خاضعة لسيطرة تنظيم الدولة "داعش"، فضلا عن التحديات التى تواجهها مع جيل سياسى جديد داخلها يرى ضرورة إعادة صياغة الأدوار السياسية للأحزاب السنية فى المشهد السياسى العراقى، ويرى هذا الجيل ضرورة اعتماد الخطاب السياسى للأحزاب السنية على الخطاب التنموى والخدمى. وبالنسبة للمكون السياسى الكردى فيدخل الانتخابات بأحزابه التقليدية وهى: الحزب الديموقراطي لمسعود بارازانى، حزب الاتحاد الوطنى برئاسة بافل طالبانى، بالإضافة إلى حزب الجيل وعدد أخر من الأحزاب الصغيرة. وتشهد تفاعلات الأحزاب الكردية خلافات تجاه قضايا العلاقة الفيدرالية بين بغداد وأربيل من ناحية، وبين الحزبين الكرديين ذاتهما من ناحية ثانية .

جدلية مشاركة تيار الصدر

فى هذا السياق تتحسب إيران من عودة "مفاجئة" أو "غير متوقعة" لمقتدى الصدر إلى المشهد الانتخابى فى اللحظات الأخيرة، لاسيما بعد توارد أنباء بشأن مطالبته لتياره السياسى بتحديث سجلاته الانتخابية؛ لأن دخول الصدر الانتخابات يمثل خصما كبيرا من الرصيد الانتخابى لقوى الإطار التنسيقى المدعومة منها من ناحية، ويشتت من الكتلة التصويتية الشيعية ككل من ناحية ثانية بالنظر إلى القاعدة الشعبية العريضة التى يمثلها التيار الصدرى. وتخشى إيران ليس فقط من مجرد عودة مقتدى الصدر للمشهد الانتخابى، وإنما أيضا من اتخاذه قرارا محتملا بدعوة تياره إلى المشاركة فى الانتخابات عبر التصويت بما قد يرجح من فوز قوى شيعية تأتى فى مرتبة تالية من حيث الأهمية بالنسبة لإيران.

وتمثل التطورات الإقليمية التى نتج عنها تراجع النفوذ الإيرانى فى المنطقة، سببا من الأسباب التى قد تدفع الصدر إلى التفكير فى العودة مجددا، نظرا لما قد تؤدى إليه تلك التطورات من تأثيرات محتملة على الداخل العراقى بما يسهم في إحداث تغيير فى التوازنات الداخلية القائمة بين القوى السياسية، لاسيما فى ظل الخلاف الحاد الذى بدأ يظهر للعلن بين السودانى وقوى وازنة فى الإطار التنسيقى – مثل الحاضنة السياسية للسودانى عام 2022 – خاصة الفصائل المسلحة منها على إثر استجابة حكومة السودانى لضغوط أمريكية طالبته بسحب "قانون تنظيم الحشد الشعبى" من البرلمان، مما سبب غضبا إيرانيا كبيرا، الأمر الذى دفع الفصائل إلى تصعيد لهجة انتقادها للسودانى، بل ووجهت دعوة إلى قوى الإطار لتشكيل لجنة داخله لمراجعة ومراقبة قراراته كرئيس للحكومة .

وتؤشر التباينات بين القوى السياسية الشيعية بشأن مسار الانتخابات وطبيعة التحالفات الانتخابية التى تم تشكيلها بأن عملية اختيار رئيس الوزراء المقبل، وإدارة الدولة خلال المرحلة المقبلة فى ظل التطورات الإقليمية ستكون عملية شديدة التعقيد، مع ملاحظة أن عملية تشكيل الحكومة العراقية انبثاقا من نتائج الانتخابات المقبلة، واختيار رئيس الوزراء المقبل لا تُحسم فقط بنتائج الانتخابات، وإنما توجد عوامل أخرى تتمثل فى التوافقات الدولية والإقليمية بالدرجة الأولى، فضلا عن طبيعة التحالفات البرلمانية الجديدة وطبيعة التفاهمات والمواءمات والصفقات بين القوى الشيعية المختلفة من ناحية، وبينها وبين غيرها من القوى السياسية السنية والكردية من ناحية ثانية. وهنا ربما يعاد سيناريو انتخابات عام 2021، الذى شهد تأخر تسمية رئيس الحكومة حتى أكتوبر 2022، بعد أن تم اللجوء لآلية "المرشح التوافقى" التى جاءت بالسودانى فى منصب رئيس الحكومة.

إيران والمشهد الانتخابى العراقى

يبدو أن إيران المنهكة إقليميا لن تتنازل عن نفوذها السياسى والاقتصادى فى العراق، حيث يشكل تراجع هذا النفوذ فى ساحات أخرى كسوريا ولبنان سببا مباشرا للتمسك بالحلقة الرئيسية المتبقية ويمثلها العراق؛ وقد ألقت تداعيات التطورات الإقليمية بتأثيراتها على الداخل العراقى، لاسيما ما يتعلق منها بدور بعض فصائل الحشد الشعبى فى محور المقاومة الإقليمى، وهو الدور الذى نجح رئيس الوزراء العراقى شياع السودانى فى تحجيمه بصورة كبيرة، بهدف النأى بالعراق عن تداعيات التحولات الإقليمية الناتجة عن الحرب الإسرائيلية على غزة منذ أكتوبر 2023، وقد تلاقت رغبة السودانى تلك مع رغبة إيران فى الحفاظ على الفصائل العراقية بعيدا عن المصير الذى يواجه حزب الله اللبنانى؛ حيث لعبت دورا ضاغطا بدورها على الفصائل لتحجيم عملياتها ضمن محور المقاومة، وإن كانت هناك عدة عوامل أخرى -  لايتسع المجال هنا لذكرها - تداخلت وفرضت على إيران هذا النهج تجاه العراق .

من هنا رغبت إيران فى العودة إلى "مراقبة" تفاعلات المشهد السياسى العراقى الداخلى من بوابة التحالفات التى تجريها القوى السياسية الشيعية المختلفة لاسيما التحالف الحاكم من قوى الإطار التنسيقى، خاصة بعد تفككه التكتيكى إلى أكثر من أربعة تحالفات مختلفة، وهى تحالفات غير متباعدة سياسيا عن الهدف الرئيسى المتمثل فى الحفاظ على المكون الشيعى فى الحكم، لكنها متباينة المواقف حيال عدد من الإشكاليات الداخلية والخارجية. ومن ثم يمكن القول إن مراقبة إيران لتفاعلات حلفائها من الأحزاب الشيعية فى العراق، خلال مسار الاستعداد للانتخابات البرلمانية، تستهدف بالأساس التحسب لنتائج قد تأتى بتوازنات سياسية جديدة تؤثر على موقف العراق الإقليمى من إيران فى ظل التوازنات السياسية والأمنية التى تتشكل فى الإقليم حاليا.

المعطيات السابقة ربما تفسر زيارتين مهمتين تبادلها مسئولون عراقيون وإيرانيون خلال شهر نوفمبر الجارى (2025) : الأولى، هى الزيارة التى قام بها مستشار الأمن القومى العراقى قاسم الأعرجى إلى إيران فى 18 أكتوبر 2025، أما الزيارة الثانية فقام بها قائد فيلق القدس بالحرس الثورى إسماعيل قاآنى لبغداد فى 21 أكتوبر الجارى (2025). فبالنسبة لزيارة الأعرجى رغم غلبة الطابع الأمنى العسكرى عليها؛ حيث اجتمع الأعرجى ورئيس المجلس الأعلى للأمن القومى الإيرانى على لاريجانى لبحث موقف العراق حال نشوب حرب جديدة بين إيران وإسرائيل، إلا أن حديث الانتخابات العراقية وما قد ينتج عنها من نتائج تترقبها إيران شغل حيزا كبيرا من مباحثات الطرفين؛ لكون هذه النتائج ستؤثر بصورة أو باخرى على وضع العراق ضمن توازنات القوى الإقليمية السياسية والأمنية فى المنطقة خلال المرحلة المقبلة من ناحية، هذا فضلا عن كون الأعرجى من الشخصيات التى تحظى بقبول لدى السلطات الإيرانية كمرشح محتمل لمنصب رئيس الوزراء من ناحية ثانية، بخلاف رغبة طهران في استباق الانتخابات بنسج مزيد من العلاقات مع القوى السياسية الشيعية المتحالفة انتخابيا من ناحية ثالثة، وتحجيم مستوى الخلافات بينها تمهيدا لمراقبة تحالفاتها البرلمانية بعد الانتخابات من ناحية رابعة، وهى النقطة الأهم لدى طهران بهدف ضمان حالة من "التوافق" العام على مرشح منصب رئيس الحكومة المقبل.

تكمن معضلة العراق حال نشوب حرب إيرانية-إسرائيلية جديدة فى تعمد إسرائيل استخدام الأجواء العراقية فى ضرب إيران بحماية توفرها لها القواعد الأمريكية فى العراق. ومن ثم فإن زيارة الأعرجى لطهران استهدفت توجيه رسالة محددة بأن العراق سيظل على حالة الحياد والنأى بالنفس بعيدا عن إى صراع إيرانى-إسرائيلى جديد أو محتمل، وهو ما يعنى إبقاء المليشيات العراقية بعيدا عن أى مشاركة فى هذه الحرب، مع وجود استثناءات متمثلة فى وجود بعض الفصائل المسلحة التى لا تخضع لسيطرة الحكومة العراقية، ولا توافق على حالة حيادها إزاء أى صراع بين إيران وإسرائيل.     

أما بالنسبة لزيارة قاآنى لبغداد فى 21 أكتوبر الجارى (2025) أى بعد 4 أيام فقط من زيارة الأعرجى لطهران؛ فكان هدفها بالأساس الوقوف على الصورة النهائية لطبيعة التحالفات الانتخابية الشيعية القائمة من ناحية، بعد الرسائل التى حملها الاعرجى إليهم، واحتواء الخلافات بين البيت الشيعى حول مناطق النفوذ فى المحافظات والموارد المالية والاقتصادية من ناحية ثانية، خاصة وأن هذه الخلافات انعكست بوضوح فى طبيعة وشكل تلك التحالفات الانتخابية القائمة، فضلا عن رغبة طهران فى عدم تفتت التحالفات مجددا من ناحية ثالثة، يضاف إلى ذلك نقطة مهمة وهى أن نتائج الانتخابات وما سيليها وطبيعة تعامل طهران معها سيعبر أولا عن مدى قدرة إيران على الاحتفاظ بالعراق ضمن محورها باعتباره عمقها الجغرافى والسياسى والاقتصادى بعد سلسلة التطورات الإقليمية الحادة فى المنطقة، ويعبر ثانيا عن محاولة طهران سد الثغرات الخلافية بين القوى السياسية الشيعية الحليفة لها بما يمنع فرص عودة تيار الصدر لخوض الانتخابات مجددا.

ختاما، يمكن القول إن الانتخابات البرلمانية المرتقبة فى العراق تحظى بأهمية خاصة كونها جاءت بعد تراجع نفوذ الراعى الإقليمى الإيرانى على مستوى المنطقة، وفقدانه ساحات التأثير الإقليمية فى كل من لبنان وسوريا، ومن ثم فإن إيران تسعى جاهدة لهندسة الانتخابات العراقية بما يخدم مصالحها السياسية والاقتصادية فيه، عبر ضمان "وحدة البيت السياسى الشيعى" مع الاعتراف بوجود هامش من التباينات فى المصالح والتوجهات بين القوى السياسية المكونة له. لكنه هامش لن يمنع عودة تلك القوى، المتباينة الرؤى والمواقف، إلى آلية الحوار البرلمانى لعقد تحالفاتها البرلمانية داخل البرلمان الجديد، بهدف واحد فقط هو ضمان "تقاسم السلطة" فيما بينها من خلال توزيع الحصص والحقائب الوزارية؛ أى الإبقاء على آلية "المحاصصة  الوزارية " عند توزيع السلطة، مع الإبقاء كذلك على آلية "التوافق السياسى" عند اختيار رئيس الحكومة إذا ما استدعت نتائج الانتخابات ذلك.