على الرغم من أن الحوثيين (جماعة أنصار الله) يسيطرون بشكل كلي أو جزئي على محافظات ما يُعرف تاريخيًا بـ «اليمن الشمالي» منذ عام 2014، إلا أن هناك ندرة حقيقية في الدراسات التي حاولت الإجابة عن السؤال: كيف يحكم الحوثيون شمال اليمن؟ وبناءً عليه، فإن الهدف من هذه الدراسة هو تحليل وتقييم طبيعة نظام الحكم الحوثي من حيث المنطلقات المذهبية، والتوجهات الأيديولوجية والسياسية، وتركيبة النخبة المركزية الحاكمة، والمؤسسات السياسية، وسياسات ممارسة الضبط والسيطرة على مستوى الدولة والمجتمع.
وقد خلصت الدراسة إلى أن نظام الحكم الحوثي يستند إلى رؤية مذهبية، يتبناها الحوثيون ويروجون لها، مفادها أن الهاشميين هم أصحاب الحق في ممارسة السلطة والحكم بحكم انتسابهم إلى آل بيت النبي محمد «آل البيت»، ما يعني –بحسب تصورهم- أن الحكم الحوثي يستند إلى شرعية دينية وحق إلهي. ويعتقد كثيرون أن في هذا توجه نحو إحياء حكم الإمامة الزيدية، حتى إن لم يعلن الحوثيون ذلك صراحة. كما تأثر الحوثيون بالنموذج الإيراني أيديولوجيًا وسياسيًا.
وتتمثل أبرز سمات نظام الحكم الحوثي في شخصانية السلطة، حيث إن عبد الملك الحوثي، قائد «جماعة أنصار الله» الحوثية، يتمتع بسلطات دينية وسياسية مطلقة رغم أنه لا يشغل أي منصب رسمي بمقتضي دستور أو قانون. كما قام الحوثيون بإعادة تشكيل النخبة المركزية الحاكمة، من خلال تعيين العديد من أفراد عائلة الحوثي والأسر الهاشمية في شغل المناصب السياسية والأمنية والعسكرية الرئيسية، الأمر الذي يضفي على الحكم طابعًا عائليًا سلاليًا. بالإضافة إلى ذلك، فقد أحكم الحوثيون سيطرتهم على أجهزة الدولة ومؤسساتها من خلال تأسيس نظام غير رسمي مواز للبيروقراطية الحكومية يُعرف بـ «نظام المشرفين».
ويعتمد الحوثيون بالأساس على الأساليب السلطوية والقمعية في ممارسة السلطة والحكم، ما ترتب عليه إهدار مبدأ الفصل بين السلطات، وإخضاع القبائل لسيطرتهم، وشيوع انتهاكات حقوق الإنسان. كما يتسم نظام الحكم الحوثي بنزعة شمولية، حيث يسعى الحوثيون إلى إعادة تشكيل هوية المجتمع اليمني على النحو الذي يتفق مع رؤيتهم المذهبية، وتوجهاتهم الأيديولوجية والسياسية، وذلك من خلال إعادة صياغة السياسات التعليمية والثقافية والإعلامية في مناطق سيطرتهم.
بصفة عامة، فقد أخفق نظام الحكم الحوثي في توفير الحد الأدنى من الاحتياجات الأساسية للمواطنين، بل ضاعف من معاناتهم بسبب التوقف عن صرف رواتب الموظفين، وفرض المزيد من الضرائب والجبايات على جميع الأنشطة، الأمر الذي أدى إلى تفاقم حدة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، بحيث بات قطاعًا كبيرًا من السكان يعتمد على المساعدات الإنسانية.