عقد مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية ورشة عمل لمناقشة قانون اللجوء المصري الجديد، بالشراكة مع مؤسسة كونراد أديناور، وذلك يوم الخميس الموافق 19 يونيو 2025، بمقر مؤسسة كونراد أديناور، تحدثت بها الأستاذة أمل مختار، الخبيرة بالمركز ورئيس تحرير مجلة أحوال مصرية، والدكتور إيهاب رمزي، عضو اللجنة الدستورية والتشريعية بمجلس النواب، والدكتور نائل نبيل، مسئول الإدارة الاجتماعية بمؤسسة مرسال الخيرية، والأستاذة ندى المهدى مديرة البرامج بمؤسسة كونراد أديناور، وأدارت الورشة الأستاذة رابحة سيف علام، الخبيرة بالمركز ورئيس تحرير مجلة المشهد، وبحضور عدد من الخبراء والباحثين والمهتمين بشئون اللاجئين.
بداية عرضت الأستاذة أمل مختار، عرضًا تقديميًا عن المرحلة الانتقالية بعد صدور القانون الجديد، إذ يُعد القانون الجديد تحولًا كبيرًا عن النظام القائم لتحديد وضع اللاجئين، والذي كان يعتمد على التعاون بين المفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين والحكومة المصرية، استنادًا إلى الاتفاقيات الدولية والإقليمية الموقعة من قِبَل مصر، خاصة اتفاقية 1951 وبروتوكولها المكمل لعام 1967.
ثم تحدث الدكتور إيهاب رمزي، عضو اللجنة الدستورية والتشريعية بمجلس النواب وأحد المشاركين في صياغة القانون الجديد، وعرض المشكلات التي كانت تواجهها الحكومة المصرية والتي تناولها القانون بالتنظيم، وأهمها ضرورة وجود قواعد لبيانات اللاجئين لدى الحكومة المصرية، لحصر أعدادهم وأماكن إقامتهم وتوزيعهم الجغرافي، الأمر الذي يساهم في التخطيط الرشيد لتوزيع الموارد وتحديد أولويات الدعم. ولعل السبق الذي حققه القانون كان في إنشاء اللجنة الدائمة لشئون اللاجئين، وهي لجنة مستقلة تابعة لمجلس الوزراء وتضم وزارات العدل، والداخلية، والخارجية، والمالية، تكون هي الجهة الرسمية المنوط بها التعامل مع اللاجئ، ولها الحق في مخاطبة أي وزارة أو هيئة حكومية.
كما أشار إلى أن هذا القانون يخدم اللاجئ بدرجة كبيرة، وبالتحديد في مسألة حق التقاضي وحق الطعن على قرار اللجنة الدائمة، ومقاضاة أي مواطن مصري أو أجنبي داخل حدود الدولة المصرية، فضلًا عن الحقوق الإنسانية والاقتصادية كالحق في العمل وممارسة المهن الحرة، والحق في الرعاية الصحية والتعليم مثل المواطن المصري، حتى في التعليم المجاني، وحقه في الاعتراف بشهادته التعليمية في النظام التعليمي المصري.
وأضاف إلى أن صدور القانون بالأساس دليل على اهتمام الدولة المصرية بشئون اللاجئين، ورغبتها في تطوير هذا الملف، ولعل واحدة من أبرز الدلائل على ذلك هو نص القانون في المادة 13 على ألا يكون إبعاد اللاجئ للبلد التي جاء منها إذ تمثل خطرًا على حياته.
ومن جانبه، أشار الدكتور نائل نبيل، إلى أن طول مدة تسجيل اللاجئين تمثل العقبة الأكبر في سبيل تقديم الخدمات الصحية الأولية والثانوية بشكل عاجل، فضلًا عن خدمات التعليم والتمكين الاقتصادي. وعلى غرار نجاحه في تنسيق العمل الأهلي الوطني في مصر، اقترح أن يقود التحالف الوطني للعمل الأهلي تنسيق الخدمات الاجتماعية المقدمة للاجئين وأن يولي اهتمام خاص لطالبي اللجوء نظرًا لأن القانون الجديد لم يشر في نصه إلى حقوق طالبي اللجوء، وهي المرحلة التي تسبق التسجيل الرسمي والتي يمكن أن تأخذ فترة قد تصل إلى عام كامل.
وتحدثت الأستاذة ندى المهدى عن تجربة الحكومة الألمانية مع اللاجئين، حيث شهدت ألمانيا تدفقا بشكل غير معتاد في أعداد اللاجئين عام ٢٠١٥، على أثر الحرب الأهلية في سوريا وكذلك عقب اندلاع حرب أوكرانيا. ولأن حق اللجوء السياسي يكفله الدستور الالماني، بالإضافة للحماية الأساسية وفقا للاتفاقيات الدولية والأوربية. مما فرض عبء إداري ضخم على أجهزة الدولة المعنية بالبت في طلبات اللجوء والتي قد تمتد لأعوام.
ونظام إدارة اللاجئين في ألمانيا يبدأ على الاستقبال الأولي في مراكز مخصصة للاجئين بحيث يتم توفير مسكن وملبس ومأكل ورعاية صحية أساسية وكذلك دور رعاية للأطفال. المرحلة التالية عند الموافقة على طلب اللجوء يتم تحويل من حصل على صفة اللجوء للمدينة المحددة من قبل الحكومة التي تقوم بالتوزيع الجغرافي للاجئين على الولايات والمدن وفقا لمعايير سكانية واقتصادية.
وأضافت الأستاذة رابحة علام، أن القانون تعامل مع المشكلات التي ظهرت أثناء التعامل مع هذا الملف، كما أن الإطار التشريعي لابد أن يكون مصحوب بإطار إداري ذو كوادر بشرية على درجة من الكفاءة لتسهيل مهمة اللجنة وأن تكون على مستوى المهام الملقاة عليها، واقترح آخرون أن يتم توزيع مهمة التسجيل وتجديد التصاريح على فروع إدارة الجوازات والهجرة بالمحافظات المختلفة لتخفيف الضغط على الفرع الرئيسي في العباسية، بالإضافة إلى السماح للجنة الدائمة بأن تؤسس فروع لها خاصة في المحافظات الحدودية، حيث تدخل موجات الهجرة.
وبفتح باب المناقشة، أثنى الحضور على القانون المصري الجديد في كونه يساعد الحكومة في حصر التكلفة الاقتصادية التي تتحملها الدولة المصرية، من خلال حصر دقيق بأعداد اللاجئين، وتسهيل إدارة هذا العدد وتوزيعه جغرافيا. كما أشار الحضور إلى تجربة تركيا، والتي استغرقت خمس سنوات في الانتقال من نظام المفوضية إلى نظام الحكومة، ورغم أن العديد من الدول لها سوابق في إصدار قوانين تنظيم اللجوء إلا أنها لازالت تواجه بعض المشكلات في التطبيق حين تواجه موجات عالية من اللجوء. بالإضافة لضرورة أن تنص اللائحة التنفيذية على آلية لتنظيم حصول طالبي اللجوء على الخدمات الصحية للاجئين، بالإضافة لضرورة السماح بفتح حسابات بنكية للاجئين لتسهيل استقبالهم للأموال بعيد عن السوق السوداء.