تُعاني أمريكا اللاتينية والشرق الأوسط من تنامي التهديدات الأمنية لحدود دولها، وإن كان هناك تباين في طبيعة مسببات هذه التهديدات والأطراف الفاعلة. منذ نهاية الحرب الباردة، تميزت منطقة أمريكا اللاتينية بتراجع أهمية النزاعات الحدودية كمصدر للصراع بين دولها؛ ومنذ عام 1995، لم تشهد المنطقة صدامات مسلحة مباشرة أو حروب مفتوحة بسبب الحدود المشتركة. مع ذلك، عانت أمريكا اللاتينية، خلال السنوات الأخيرة، من تنامي التهديدات الأمنية العابرة للحدود، التي لا تقتصر على الجريمة المنظمة والإرهاب، وإنما تمتد أيضًا إلى الهجرة غير الشرعية، التي تنخرط فيها شبكات معقدة من العصابات الإجرامية العنيفة المحلية والدولية وحركات التمرد المسلح، الأمر الذي يعكس تحولًا كبيرًا في الأنماط والفاعلين المنخرطين في تهديد أمن الحدود في أمريكا اللاتينية.
وفي حين أن منطقة أمريكا اللاتينية تشهد غيابًا نسبيًا للتهديدات التقليدية لأمن الحدود مقابل الصعود الملحوظ للتهديدات الأمنية غير التقليدية، فإن دول الشرق الأوسط تُعاني من مزيج معقد من التهديدات الأمنية التقليدية وغير التقليدية لأمن حدودها. وبالإضافة إلى النزاعات الحدودية المتجددة، سواء بين بعض دول المنطقة أو بين دولها وبلدان أخرى من خارجها، هناك تهديدات مستجدة لأمن الحدود في الشرق الأوسط، تفاقمت خلال السنوات الماضية، مدفوعة بالأزمات السياسية والصراعات المسلحة وحالة الفوضى الأمنية التي شملت العديد من دول المنطقة بعد عام 2011. كما اتسع نطاق هذه التهديدات الحدودية وتأثيراتها، وكذلك عدد الفاعلين المنخرطين فيها.
وقد أشار الباحثون والممارسون في العلاقات الدولية بشكل متزايد إلى الروابط القائمة بين النزاعات المسلحة ومختلف أنواع الأنشطة الإجرامية والإرهابية العابرة للحدود في العديد من مناطق العالم. وكان المنطق الأساسي هو أن الأنشطة العابرة للحدود الوطنية غير المشروعة قد تزدهر في ظل ظروف الصراعات العنيفة والحروب كما هو الحال في منطقة الشرق الأوسط.
على النقيض من ذلك، فإن منطقة أمريكا اللاتينية، على الرغم مما تتمتع به من حدود سلمية من الناحية الأمنية التقليدية، في ظل غياب التهديدات العسكرية بين دول المنطقة، تشهد زيادة في التدفقات غير المشروعة العابرة للحدود الوطنية من قبل جهات فاعلة غير حكومية تشارك في الاتجار بالمخدرات والبشر والأسلحة وتهريبها. يمكن تفسير ذلك بالظروف الاقتصادية المتدهورة في بعض الدول، التي تخلق بيئة مواتية لانتشار التدفقات العابرة للحدود غير المشروعة، جنبًا إلى جنب مع ضعف سيادة القانون وتفشي الفساد.
علاوة على ذلك، ثمة تشابكات محتملة بين أمن الحدود في المنطقتين، تشمل استخدام دول شرق أوسطية كمراكز عبور للمخدرات من أمريكا اللاتينية، ووجود تحالفات محتملة بين التنظيمات المسلحة الشرق أوسطية والجماعات الإجرامية اللاتينية، بجانب تورط جماعات مسلحة شرق أوسطية في تنفيذ أنشطة إرهابية مزعومة في أمريكا اللاتينية، علاوة على استخدام بعض دول أمريكا اللاتينية كنقاط عبور للهجرة غير النظامية من الشرق الأوسط إلى الولايات المتحدة.
تتطلب مواجهة التهديدات الخطيرة لأمن الحدود، في أمريكا اللاتينية والشرق الأوسط، اتخاذ حزمة من التدابير المتكاملة والشاملة والمنسقة، التي تشمل: بناء شراكات دولية قوية، واتباع نهج وطني تشاركي، وتوظيف الابتكار التكنولوجي في مواجهة التهديدات العابرة للحدود الوطنية، وإضافة إلى استهداف الشبكات المالية والبنية التحتية الإجرامية والإرهابية، وتبني مقاربات متكاملة، مع معالجة الأسباب الجذرية للتهديدات العابرة للحدود، علاوة على تعزيز مبدأ المساءلة ومحاربة الفساد.