د. إيمان مرعى

خبير ورئيس تحرير دورية رؤى مصرية - مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية

 

تعد فلسفة البناء الإنسانى أحد أعمدة عملية التنمية المستدامة. ولما كانت عملية التنمية المستدامة شأنها شأن أى نشاط بشرى يهدف إلى مصلحة المجتمعات؛ فإن ذلك النشاط البشرى لا يتم إلا بوجود الإنسان، ولما كان نجاح ذلك النشاط مرهونًا بمهارة العنصر البشرى وكفاءته وقدراته المعرفية، فإن ذلك يتطلب تطوير تلك المهارات والقـدرات بما يتناسب مع متطلبات عملية التنمية. 

أصبح مفهوم رأس المال البشرى جزءًا لا يتجزأ من استراتيجيات النمو الاقتصادى. فى هذا السياق، يرى الاقتصادى «شولتز» أن مفتاح النمو الاقتصادى يعتمد على نوعية البشر، وأن رأس المال البشرى يختلف عن كل من رأس المال الطبيعى ورأس المال الآلى باعتباره مصدرًا قابلاً للتجديد والتطوير، وانتهى إلى فكرة الاستثمار فى رأس المال البشرى، أى الاستثمار فى تعليمهم وصحتهم وتدريبهم وتنمية مهاراتهم التنظيمية والإدارية. بذلك يمكن القول بوجود ارتباط وثيق بين بناء الإنسان وإعداده وبين التنمية المستدامة كونها تمثل أهم متطلباتها. بالتالى، فإن جودة المخرجات تعتمد على جودة المدخلات، بمعنى أن كفاءة رأس المال البشرى تظهر من خلال الكفاءة السلوكية فى التعامل مع متطلبات الحياة، بما يحقق أهداف التنمية المستدامة، تلك الكفاءة السلوكية التى تعبر عن الشخصية والتى بدورها تتوقف على ما يتمتع به العنصر البشرى من معارف وسمات ثقافية.

إن بناء الإنسان هو بناء الدولة، لذلك، وضعت الدولة رؤية استراتيجية متكاملة لبناء الإنسان المصرى، خاصة أنه المحور الرئيسى للتنمية الشاملة، حيث تضافرت جهود مؤسسات الدولة من أجل النهوض وتطوير قطاعات الصحة، والتعليم، وتحقيق الحماية والرعاية المجتمعية للطبقات الفقيرة، وبناء المؤسسات التى تقوم بعملية تطوير القدرات، ووضع سياسات تستهدف بناء أجيال جديدة واعية، ولديها أفكار متطورة من أجل مجتمع صحى مستدام.