السيد صدقي عابدين

باحث في العلوم السياسية - متخصص في الشئون الآسيوية

 

واجهت الصين دونالد ترامب من قبل لمدة أربع سنوات كان فيها على رأس السلطة التنفيذية في الولايات المتحدة الأمريكية. وها هو ترامب يعود لولاية جديدة بذات أفكاره التي عبر عنها وطبقها في ولايته الأولى تقريباً. بل إن المؤشرات تقول إنه قد يكون أكثر حدة عما كان عليه الحال في الولاية الأولى. ولم يكن نصيب الصين هيناً من الأقوال والأفعال الأمريكية في ظل إدارة ترامب الأولى، وعلى الأغلب سيكون نصيبها وافراً في ظل الإداراة الترامبية الجديدة. فكيف ستتعامل الصين مع سياسات الإدارة الأمريكية الجديدة؟، وهل سيختلف الحال عما كان عليه طوال سنوات إدارة ترامب الأولى؟، وهل الاختلاف سيكون في الأدوات فقط أم في مجمل النهج؟، وهل ستبقى الصين في إطار رد الفعل على السياسات الأمريكية أم ستبادر هي بسياسات تجعل واشنطن هي التي تقوم برد الفعل؟

من بايدن إلى ترامب..هل من سياسة جديدة تجاه الصين؟

عندما جاءت إدارة الرئيس جو بايدن منذ أربع سنوات لم يحدث تغير ذا بال في السياسة الأمريكية تجاه الصين. فالصين ظلت مصدر تهديد من وجهة نظر واشنطن. بل إنها عدت التهديد الأكبر لما تسميه واشنطن النظام الدولي القائم على القواعد. ومن ثم، فإن إدارة بايدن ظلت تعمل بنفس الأدوات التي اتبعتها إدارة ترامب الأولى. وإن كانت في بعض الأحيان قد استخدمت لغة أقل حدة، وأكثر مراوغة من وجهة نظر الصين كما حدث تحديداً في قضية تايوان. فإذا كان ترامب قد تحدث صراحة عن جدوى الاستمرار في الاعتراف بكون تايوان جزءاً من الصين في ظل استمرار الأخيرة في سياسات يراها مضرة ببلاده، فإن إدارة بايدن وعلى الرغم من استمرار تأكيدها على الاعتراف بتايوان جزءاً من الصين، إلا أنها أتت بما لم يحدث في ظل إدارة ترامب. وكان ذلك ممثلاً في زيارة رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي إلى تايوان في أغسطس 2022 رغم كل الاحتجاجات الصينية. كما أنها استمرت ككل الإدارات السابقة في تزويد تايوان بالسلاح، وغيرها من الإجراءات التي تغضب الصين كثيراً. والغضب الصيني لم يعد يقف عند مجرد الشجب والإدانة والتحذير، وإنما باتت هناك إجراءات عقابية ضد شركات ومسئولين ورجال أعمال أمريكيين على خلفية كل ما تراه تجاوزات في حق أمنها القومي ومصالحها الاستراتيجية.

بالنسبة لإدارة ترامب الجديدة، بدءاً من الرئيس مروراً بكبار المسئولين وعلى رأسهم وزيري الدفاع والخارجية، فإن الصين كما هي عنصر تهديد، والتهديد الصيني لابد من التشدد في التصدي له، وأدوات هذا التصدي لم تختلف كثيراً، وعلى رأس تلك الأدوات زيادة القوة العسكرية الأمريكية كعامل ردع أولاً، وثانياً استخدام أداة فرض العقوبات الرسوم والجمارك العالية ضد الشركات والمنتجات الصينية. ويشار هنا إلى أن هذه الأداة ليست فقط ستستخدم حيال الصين، وإنما ستستخدم حتى قبل الحلفاء، بما فيهم الحلفاء الأوروبيين الذين بات كبار مسئوليهم يتحدثون صراحة عن الاستعداد لرسوم جمركية أمريكية إضافية على حد قول كريستين لاجارد رئيسة البنك المركزي الأوروبي.

ولقد كان ترامب واضحاً في هذه المسألة عندما قال ودون مواربة: "بدلاً من فرض ضرائب على مواطنينا لإثراء الدول الأخرى، سنفرض رسوماً جمركية وضرائب على الدول الأجنبية لإثراء مواطنينا. ولهذا الغرض، سننشئ دائرة الإيرادات الخارجية لتحصيل جميع التعريفات والرسوم والعائدات. وسوف تتدفق مبالغ هائلة من الأموال إلى خزينتنا من مصادر أجنبية". ولقد كان الاستخدام الأمريكي لهذه الأداة في ظل إدارة ترامب الأولى كثيفاً، وهو أمر تذهب الصين إلى أنه لم يتغير كثيراً في ظل إدارة بايدن.

بايدن وبفضل سياساته الهادئة تجاه الحلفاء، بما فيهم الحلفاء في شرقي آسيا، استطاع التغلب على الهزة التي أحدثتها سياسات ترامب. ولم يعد الأمر قاصراً على التحالفات الثنائية القائمة، والعمل على تمتينها، وإنما باتت هناك سياسة أمريكية واضحة في الجمع بين الحلفاء الفرادى في تعاون أمني أشمل كما حدث على صعيد العلاقات مع كل من اليابان وكوريا الجنوبية. إذ حدثت تطورات غير مسبوقة على هذا الصعيد. وهذا أمر يزعج الصين كثيراً، خاصة وأن الأمر لا يقتصر على مجرد تلك العلاقة الثلاثية، وإنما باتت اليابان تتشعب في علاقاتها العسكرية مع أطراف محيطة بالصين، وبعضها على خلاف معها. كما هو الحال مع الفلبين وأستراليا وغيرهما. كما أن إدارة بايدن خطت بالتعاون الأمني الرباعي (كواد) بين واشنطن والهند واليابان وأستراليا خطوات كبيرة. ومن ثم كان التحول الكبير في السماح لأستراليا بامتلاك غواصات تقليدية تعمل بالطاقة النووية في إطار صفقة ضخمة تضم بريطانيا. وهذا أيضاً يزعج الصين كثيراً. على الأغلب، لن يتراجع ترامب عن تلك الخطوات التي خطتها إدارة بايدن. وإنما قد يطالب بأثمان أكبر لما يراه خدمات أمريكية تقدم لتلك الدول. وعلى الأغلب، ستستجيب تلك الدول وإن بامتعاض كما حدث في ظل إدارته الأولى عندما أعاد صياغة اتفاقية التجارة الحرة مع كوريا الجنوبية ورفع كثيراً قيمة مساهمتها في تكاليف وجود القوات الأمريكية على أراضيها.

إدارة بايدن ذهبت أبعد بكثير من إدارة ترامب الأولى في الضغط على الصين في ملف حقوق الإنسان. ولا يعني ذلك أن ترامب ينوي التراجع عن هذا النهج. كل ما في الأمر أنه قد يكون أكثر برجماتية من بايدن على هذا الصعيد. وهذه البرجماتية لا تعني فقط أنه من الممكن أن يغض الطرف أو يقلل من حدة الانتقادات سواء على المستوى الثنائي أو في المحافل الدولية في حال حصل من الصين على الكثير مما يريد، وإنما أيضاً تعني أنه قد يرفع سقف الانتقادات أكثر، وقد يرتب على ذلك عقوبات أشد من تلك التي كانت توقعها إدارة بايدن على خلفية قضايا هذا الملف في حال وجد عدم استجابة من بكين فيما يريد بالقدر الذي يرضيه.

المنطق الصيني مقابل منطق ترامب

المنطق الصيني في التعامل مع الولايات المتحدة أياً كانت الإدارة الموجودة بسيط جداً، ومفاده أن التعاون سيكون مفيداً للجانبين، ووجود الخلافات أمر طبيعي، والتعامل مع هذه الخلافات بطرق تجنب التصعيد والخسائر ممكن. وإذا لم يقتنع الجانب الأمريكي بذلك واتبع نهجاً قسرياً فإن القسر بالقسر. وقد كانت بكين واضحة عندما فرض ترامب في ظل إدارته الأولى رسوماً عالية على الكثير من المنتجات الصينية. إذ أكدت أنها لا تريد حرباً تجارية، لكنها على أتم الاستعداد لخوضها حتى النهاية. وقد فعلت، ولم تكتف بالأقوال. وعندما شرعت إدارة ترامب في استهداف الشركات الأمريكية، وفي طليعتها شركة هواوي العملاقة، قامت بكين بوضع منظومة كاملة يمكن من خلالها اصطياد الشركات الأمريكية كما تفعل واشنطن. فبذات المبررات من حيث الإضرار بالأمن القومي، وعدم الالتزام بقواعد المعاملة العادلة، والإخلال بالعقود، استهدفت بكين الكثير من الشركات الأمريكية، بما في ذلك الشركات التي تزود تايوان بأسلحة وعتاد عسكري. والاستهداف لا يقف عند الشركات فقط، وإنما كبار مسئوليها، بحيث تلغى تصاريح دخولهم إلى الصين، ويحرموا من الحصول على التأشيرات، وغيرها من العقوبات.

عقب فوز ترامب في انتخابات الرئاسة الأمريكية في نوفمبر 2024، كانت الصين واضحة في التأكيد على أن سياستها تجاه الولايات المتحدة لم تتغير، مكررة حديثها عن التعاون المثمر للجانبين وللعالم والاحترام المتبادل، وغيرها من القضايا التي كررها الرئيس شي حين بينج في حديثه الهاتفي مع دونالد ترامب قبل ثلاثة أيام من تنصيبه في ولايته الجديدة. وقد كان لافتاً ذكر الرئيس الصيني لترامب استعداده لتوفير قوة دفع كبيرة للعلاقات مع واشنطن من نقطة بداية جديدة. إذن فالصين على مبادئها ثابتة، وتنتظر ما سوف يقوم به ترامب وإدارته. وقبل الخوض في تفاصيل حول بعض المؤشرات على التعامل الصيني مع سياسات إدارة ترامب الجديدة، سواء تعلق الأمر بالعلاقات المباشرة معها أو بسياسات الإدارة الأمريكية الجديد تجاه بعض القضايا العالمية، تجدر الإشارة إلى أن الرئيس الصيني في حديثه مع الرئيس الأمريكي الجديد تحدث عن بلاده والولايات المتحدة باعتبارهما بلدين عظيمين. وهذا الوصف لا يخل من دلالة خاصة إذا ما علمنا أن شي جين بينج عندما هنأ ترامب على فوزه بالولاية الأولى في العام 2017 وصف بلاده بأنها أكبر دولة نامية والولايات المتحدة بأنها أكبر دولة متقدمة.

الصين قالتها صريحة للإدارة الأمريكية الجديدة بأنه ينبغي التعامل مع الخلافات القائمة بعقلانية، وأنها "مستعدة لإدارة الخلافات مع الإدارة الأمريكية الجديدة بطريقة مناسبة". طبعاً كلمة مناسبة هنا يفهم منها كل المعاني. والعقلانية يفهم منها أن خلاف ذلك قد يفرض تداعيات سلبية للطرف الآخر. وقد جاء وصف العقلانية تحديداً بعدما أصدر ترامب أوامره باستئناف عمل تطبيق تيك توك الصيني في الولايات المتحدة إلى حين. وزادت على مطلب العقلانية مطالبة واشنطن بأن "توفر بيئة أعمال مفتوحة ونزيهة ومنصفة وغير تمييزية لكيانات السوق من مختلف الدول". ورداً على تصريحات للرئيس الأمريكي الجديد حول فرض رسوم على الوردات من الصين قريباً، ردت بكين بتكرار منطقها حول عدم جدوى مثل هذه الإجراءات، مع التأكيد على ثبات موقفها في حماية المصالح الوطنية. أي أنها تقول لترامب إنها لن تتورع عن اتخاذ إجراءات مضادة في حالة عودته إلى ذلك. لكن يبقى السؤال: هل ستردع مثل هذه التصريحات ترامب؟.

الصين في علاقاتها مع الولايات المتحدة في ظل الإدارة الجديدة لديها معضلة تتمثل في أن وزير الخارجية الجديد ماركو روبيو كان من بين من فرضت عليهم بكين عقوبات في العام 2020 عندما كان عضواً في مجلس الشيوخ الأمريكي على خلفية دعمه للاحتجاجات في منطقة هونج كونج. وليست المعضلة فقط في أن تقدم على رفع العقوبات، وإنما أيضاً في قناعاته التي لم تتغير على الأرجح في ظل تصريحاته المتشددة في جلسات الاستماع لتثبيت تعيينه حول الصين وما تمثله من تهديد. هذه الإشكالية كانت موجودة بشكل معاكس وهذه المرة مع وزير الدفاع الصيني السابق لي شانج فو، حيث كانت إدارة ترامب الأولى قد فرضت عليه عقوبات في العام 2018، عندما كان رئيساً لإدارة التدريب والتموين بالمجلس العسكري المركزي الصيني. وكانت هذه المسألة من بين عوامل تعطل اجتماعات وزيري دفاع البلدين.

في ظل مواقف ترامب من اتفاق باريس ومنظمة الصحة العالمية، فإن الصين وإن لم تنتقد القرارات بشكل مباشر، إلا أنها أعربت عن شعورها بالقلق من الانسحاب الأمريكي من اتفاق باريس، ومؤكدة في ذات الوقت على خطورة قضايا المناخ، واستمرارها في القيام بكل ما من شأنه التصدي لقضايا المناخ. ومما يجدر ذكره هنا أنه بعدما انسحب ترامب من اتفاق باريس في الولاية الأولى، فإن كثيراً من الآراء ذهبت إلى أن واشنطن بتصرفها هذا قد سلمت بكين زمام القيادة في قضايا المناخ. وبخصوص الانسحاب الأمريكي من منظمة الصحة العالمية، فإن الصين أكدت على أن المنظمة في حاجة إلى أن تكون قوية وليس إضعافها، مؤكدة على الاستمرار في دعم المنظمة. كما أن الصين لم تسكت على تصريحات ترامب بخصوص قناة بنما، حيث ذهبت إلى التأكيد على أن القناة ممر مائي دولي محايد، وأن القناة خاضعة لسيادة بنما، وأنها ستظل تحترم هذه السيادة البنمية، مع التأكيد على أنها لم تتدخل في شئون القناة، وأنها لم تشارك في إدارتها أو تشغيلها. وقد كان ترامب قد اتهم الصين بأنها من تدير قناة بنما.

بطبيعة الحال، لا يقف أمر التعامل مع سياسات الإدارة الأمريكية الجديدة من قبل الصين عند تلك المذكورة. إذ توجد قضايا أخرى كثيرة من بينها الأمن البحري وخلافات الصين مع جيرانها، والمواقف من الصراعات المشتعلة في شرقي أوروبا والشرق الأوسط وغيرها من القضايا. ومن بينها كيفية تعامل إدارة ترامب مع كوريا الشمالية. وتجدر الإشارة هنا إلى أن ترامب ووزيري خارجيته ودفاعه باتا يصفان كوريا الشمالية علناً بـ"القوة النووية"، وهو ما لم تفعله أي من الصين وروسيا. وقد يكون هذا ثمناً أمريكياً لإعادة التواصل بين ترامب وكيم. لكن هناك في الأوساط الأمريكية من ينظر إلى مسألة تقارب ترامب من كوريا الشمالية من زاوية العلاقات مع الصين تحديداً، بحيث يمكن استقطاب كوريا الشمالية بعيداً عن الصين، ومن ثم دفع الصين إلى الانشغال بكيفية الحفاظ على علاقاتها مع بيونج يانج. قد يرد على ذلك بأن هذا المنطق يسهل تفنيده خاصة على ضوء خبرة التقارب الماضية بين كوريا الشمالية والولايات المتحدة وما استنتجته بيونج يانج من تلك التجربة بعدم وجود تغيير في السياسة العدائية الأمريكية تجاهها، ومن ثم صعوبة القفز بالاستنتاج إلى أن بيونج يانج يمكن أن تضحي ببكين مقابل تطبيع علاقاتها مع واشنطن.

تبقى الصين في انتظار سياسة ترامب تجاه روسيا، وموقفه من الحرب في أوكرانيا، وما يمكن أن يقوم به على هذا الصعيد. إذ كانت الصين منذ بدء الحرب تحت ضغط اتهامات إدارة بايدن بوقوفها داعمة لروسيا في حربها. وكانت الصين ترد بتفنيد ما هو مطروح حتى بالنسبة للتكنولوجيا والمكونات الأجنبية في الأسلحة الروسية، مؤكدة على أن ما هو غربي فيها أكثر بكثير مما هو صيني، ومتهمة واشنطن بأن سلوكها المستند إلى الهيمنة وعدم مراعاة اعتبارات الأمن القومي للدول الأخرى كان من الأسباب الرئيسية لاندلاع الحرب، وأنها وحلفائها يزيدون الأمر اشتعالاً عبر شحنات الأسلحة المتواصلة بينما يوجهون الاتهامات لها ولغيرها. فكيف ستكون لهجة إدارة ترامب الجديدة تجاه الصين في هذا الملف على ضوء إشاراته المغايرة كثيراً لمكونات سياسة إدارة بايدن تجاه هذا الملف؟، وكيف ستتعامل الصين مع النهج الأمريكي الجديد في حال تبلوره في إجراءات عملية؟

في الختام، من الواضح أن الصين تتعامل بهدوء مع إدارة ترامب الجديدة. والهدوء الصيني، وإن لم يكن جديداً، إلا أنه هدوء الواثق مما يمتلكه من أدوات تأثير على الطرف الآخر. تلك الأدوات جاهزة للتفعيل بحيث يطال الطرف الآخر إيذاء موازٍ لما يريد إيقاعه من إيذاء بها. في المقابل، فإن إدارة ترامب وعلى ضوء الخبرة السابقة، وفي ظل المؤشرات الأولية، لن تغير كثيراً في نهجها. لكن لا يجب إغفال أن من صفات ترامب أنه قد يقوم بتحول فجائي في بعض السياسات تجاه بعض القضايا الخارجية حتى وإن كان ذلك يبدو مخالفاً لتوصيات مؤسسية داخلية. وقد حدث ذلك في ولايته الأولى تجاه كل من كوريا الشمالية وروسيا. فهل يمكن أن يحدث مثل ذلك مع الصين في ولاية ترامب الثانية؟. على الأغلب، فإن الصين لا تتوقع مثل هذا التحول، لكنها ستكون مرحبة بها وجاهزة للتعامل معه. كما أن الصين يمكنها أن تعطي لترامب بعضاً مما يريد لكن ليس بذات الصيغ التي يطرحها.

من الواضح تماماً أن العلاقات الأمريكية-الصينية باتت المحرك الرئيسي لتطورات كثيرة على الصعيد الدولي. ومن الواضح أن مسار هذه العلاقات سيتحكم إلى حد بعيد فيما سيؤول إليه حال النظام الدولي، الذي ما زال في مرحلة عدم اليقين بعدما ظنت واشنطن أنها ستظل القطب الأوحد لعقود كثيرة، وأن القرن الحادي والعشرين سيكون أمريكياً كما كان القرن العشرين. ومن هنا، يمكن قراءة كل رسائل ترامب وأركان إدارته الجديدة حول مسألة "عظمة" الولايات المتحدة  وقوتها والتي يراها ترامب "أكثر استثنائية من أي وقت مضى". بطبيعة الحال، ليست الولايات المتحدة وحدها من تسعى لتكون قوية، وليست وحدها من لديها الأدوات. فالقوة هدف صيني أيضاً. وهنا تبرز جدلية كبرى في العلاقات الصينية-الأمريكية حول مفهوم القوة وتوظيفها.