شارك مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية بالملتقى السنوي الثاني لمراكز الفكر في الدول العربية تحت شعار:  "نحو آلية عربية لمواجهة التهديدات الناتجة عن استخدام الذكاء الاصطناعي من قبل الجماعات الإرهابية" بمقر الأمانة العامة بالقاهرة يومي 23-24 ديسمبر 2024.

وشارك  الدكتور أيمن عبد الوهاب نائب مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية  بمداخلة في الجلسة الأولى تحت عنوان "نحو رؤية متجددة لمراكز الفكر في دراسة  العلاقة بين الإرهاب والذكاء الاصطناعي"، أعرب فيها عن الاحتياج الحقيقي للتعاون والتنسيق بين مراكز الفكر العربية لتحقيق غايات التكامل البحثي والمعرفي.

وعبر الدكتور أيمن عن أن الانتقال من المواجهة إلى المكافحة هي النقطة المهمة نظراً لتعدد أبعادها بين الفلسفي والثقافي والاجتماعي والقيمي، وأن هذه التحديات تتطلب بناء بيئة مجتمعية عربية قابلة لتصدي وعزل الأفكار المتطرفة. كما شدد على أهمية حسم قضية المرجعية؛ نظراً لطبيعة الثقافة العربية باعتبارها لا تزال ثقافة تقليدية في ظل تغيرات دولية تطرح حالة من حالات عدم اليقين خلال هذه المرحلة.

وأضاف أن طرح بناء الوعي المجتمعي العربي له أهميته حتى نتمكن من التصدى لهذه الظاهرة وغيرها من الظواهر التي تشكل تحدياً أمام الفرد والأسرة العربية، وتطرق الدكتور أيمن عبد الوهاب إلى فرص  توظيف الذكاء الاصطناعي بشكل إيجابي  وخاصة في الحافظ على هوية الإنسان وخصوصيته، ويدلل بذلك على مقارنة التجارب الآسيوية وطرق توظيفها للتقنية وفق منظومتها القيمية وبشكل مختلف عن النموذج الغربي، وتساءل  الدكتور أيمن عن موقفنا من حالة الاستقطاب الثقافي والقيمي وليس التكنولوجي فحسب.

وفيما يتعلق بالتطرف اللاديني، يتوقع الدكتور أيمن عبد الوهاب بأن التطرف اللاديني سيكون الصيغة المتنامية من قضايا التطرف خلال الفترات المقبلة؛ وهو انعكاس للفلسفة الغربية التي تحث على الذاتية، وهو ما ينعكس على تلك المجتمعات بتعميق قضايا الوحدة داخلها. وختم الدكتور أيمن عبد الوهاب مداخلته بطرح عدد من القضايا التي لا تزال تعاني منها المجتمعات العربية، وعلى رأسها القضايا الجيلية والقدرة على فهمها داخل المجتمع البحثي العربي، وكيفية مخاطبة الأجيال الجديدة المتأثرة بالرقمنة، بالإضافة إلى التحدي الأكبر للإنسانية المتعلق بالتهديد بتماهي الإنسان مع الآلة وفقدانه لإنسانيته.

من جانبه شارك الدكتور عادل عبد الصادق خبير بوحدة الدراسات الأمنية والعسكرية ومدير برنامج دراسات المجتمع الرقمي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية بمداخلة في الجلسة الثانية بعنوان "الذكاء الاصطناعي والظاهرة الإرهابية بين التوظف والمواجهة"، وتناول فيها طبيعة التحديات النظرية والفكرية للذكاء الاصطناعي إلى جانب التحديات العملية والتطبيقية. فعلى المستوى الفكري والنظري، تم استعراض تأثير الذكاء الاصطناعي  التوليدي على العلوم الإنسانية والاجتماعية ودور ذلك في مواجهة مراكز الفكر بتحديات جديدة تتعلق بدورها ووظيفيتا خاصة في ظل تصاعد دور الذكاء الاصطناعي التوليدي ليس فقط  في مجال تحليل البيانات أو المعلومات بل كذلك في مجال المعرفة وصنع القرار ودور ذلك في طرح تحديات تتعلق بإشكاليات تحيز تطبيقات الذكاء الاصطناعي والحفاظ على الملكية الفكرية.

ورصد الدكتور عادل عبد الصادق ثلاث فجوات رئيسية بحاجة إلى المعالجة من جراء تلك  المتغيرات الجديدة هي فجوة تحليل نظرية وأخرى إمبريقية وثالثة فجوة تحليل سياسية.

وذكر أيضاً أن هناك إشكالية تتعلق بتعريف الإرهاب والجماعات الإرهابية، وانه حتى  إطلاق تعريف الفاعلين من غير الدول على "الجماعات الإرهابية" أصبح يواجه بإشكاليات تتعلق بتمكن بعض تلك الجماعات من مفاصل الدولة وإنشاء كيانات حكومية موازية. فضلاً عن تحولهم لأذرع لتنفيذ السياسة الخارجية لدول ذات سيادة، ومن ثم فإن العمل على فهم طبيعة تعقد الظاهرة الإرهابية وتداخلاتها وتشابكاتها يساعد في تفسيرها ومن ثم مواجهتها، والتنبؤ بسلوكها.