د. إيمان مرعى

خبير ورئيس تحرير دورية رؤى مصرية - مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية

 

انطلاقًا من حرص الدولة على تحقيق التنمية الشاملة، برزت قضية تنمية المناطق الصحراوية  المصرية كضرورة تنموية تفرضها مقتضيات السلم الاجتماعي والأمن القومي، فلم يعد الاهتمام بتنمية المناطق الصحراوية يختزل في تقديم بعض الخدمات أو ربطها بشبكة من الطرق، أو حتى توزيع بعض عوائد التنمية، ولكن أصبح يرتبط برؤية واضحة للتنمية المجتمعية. وفي هذا السياق، تبرز أهمية تنمية المناطق الصحراوية فهي من ناحية تمثل مطلبًا لترسيخ مفهوم المواطنة، وتأكيدًا على الحق في التنمية، ومن ناحية ثانية، فهي تعطي دلالة مجتمعية لعدالة التوزيع، وتُعمق مفهوم السلم الاجتماعي بين مختلف شرائح وفئات المجتمع، ومن ناحية ثالثة، تعبِّر عن مضمون وفلسفة الدولة المصرية كدولة حديثة مرتكزة على رعايتها لمواطنيها وداعمة لقيمة العدالة المناطقية، عبر إيلاء الاهتمام الكامل لتنمية هذه المناطق  كمدخل لتحقيق الأمن والاستقرار والتماسك المجتمعي.

ومع جهود الدولة الملموسة لتحقيق التنمية الشاملة بمختلف أبعادها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والصحية والثقافية بالمناطق الصحراوية؛ فإن تنمية هذه المناطق تحتاج إلى بذل مزيد من الجهد، في ضوء مجموعة من الاعتبارات، سواء التي كشفت عنها التجارب الدولية الرائدة في تنمية المناطق الصحراوية، أو تلك المرتبطة بتحديات تنمية هذه المناطق في مصر، من خلال الاعتماد على سياسات الربط والتشبيك الاقتصادي بين المناطق المختلفة، خاصة فيما يتعلق بتنمية المناطق الحدودية والمهمشة.

أيضًا تبنِّي خطط مرحلية تتم بالتوازي، بحيث يتم إيلاء الاهتمام بتطوير البنية التحتية لهذه المناطق كمرحلة أولى، يتوازى معها توفير الخدمات الصحية والتعليمية والاجتماعية والثقافية لمواطني هذه المناطق، فضلا عن إشراك المواطنين في جهود التنمية، وأهمية دعم مشاركة المجتمع المدني والقطاع الخاص مع الدولة في تنمية هذه المناطق ليشكل الفاعلون الثلاثة أضلاع مثلث التنمية.