تلاحقت الضربات الإسرائيلية ضد حزب الله لتشمل نطاقاً جغرافياً واسعاً من الأراضي اللبنانية، فيما يبدو أنه توسيع قياسي لدائرة العدوان الإسرائيلي ضد لبنان. فبعد الأيام الدامية التي تسبب بها تلاحق تفجيرات أجهزة الاتصالات - الپايـﭼرز واللاسلكي الووكي توكي- يومي 17 و18 سبتمبر 2024، قامت إسرائيل بتنفيذ قصف دقيق أدى إلى انهيار مبنيين في الضاحية الجنوبية لبيروت يوم 20 سبتمبر. وتبين لاحقاً أن المستهدف بالقصف كان قادة فرقة الرضوان المناط بها تنفيذ عمليات هجومية في الجليل في حال نشوب أي حرب شاملة بين الطرفين، وكانوا مجتمعين في قبو تحت الأرض بطابقين بين المبنيين المستهدفين. أسفرت تفجيرات أجهزة الاتصالات عن قتل 37 من اللبنانيين وإصابة نحو 3000 آلاف، فيما أعلن حزب الله عن مقتل 25 فقط من عناصره ضمن هذه الحصيلة. أما الغارة الدقيقة على الضاحية الجنوبية فقد أسفرت عن قتل 31 لبنانياً وإصابة نحو 68 آخرين، نعى منهم حزب الله 16 من بينهم قياديين عسكريين بارزين هما إبراهيم عقيل قائد فرقة الرضوان وأحمد وهبي القائد السابق للفرقة نفسها. وما كاد حزب الله أن يستعيد توازنه بعد هذه الضربات الموجعة ويبدأ بتسديد ضربات "الحساب العسير" التي توعد بها أمينه العام حسن نصرالله في خطاب بُث يوم 19 سبتمبر، حتى عاودت إسرائيل هجماتها الموسعة على الجنوب وصولاً إلى صور والبقاع الغربي طيلة يوم 23 سبتمبر مما أسفر عن مقتل 274 لبنانياً بينهم 21 طفلاً وجرح 1024 آخرين في حصيلة متزايدة للضحايا المدنيين، قبل أن تنهي إسرائيل اليوم بتوجيه غارة دقيقة للضاحية الجنوبية قالت أنها تستهدف علي الكركي القائد العسكري لقطاع الجنوب في حزب الله.
وكانت إسرائيل قد وجهت صبيحة يوم 23 سبتمبر اتصالات إلى الآلاف من الهواتف اللبنانية تدعو أصحابها للإجلاء والابتعاد عن مناطق تخزين حزب الله لأسلحته، قبل أن تتوسع في ضرب البلدات الجنوبية في عمقها السكني وليس مجرد مساحات الغابات المفتوحة التي كانت تستهدفها فيما سبق. كما رُصد أيضاً استهداف سيارات الإسعاف والدفاع المدني في الجنوب كما صرح وزير الصحة اللبناني فراس الأبيض. وكان صباح يوم 23 سبتمبر عنواناً للغارات الإسرائيلية الموسعة ضد جنوب لبنان بالكامل في منطقة جنوب وشمال نهر الليطاني، حتى بدا أن إسرائيل تتعمد فرض حزام ناري لإفراغ المنطقة من أي وجود. بينما تأخر رد حزب الله إلى نهاية اليوم حيث سدد في البداية رشقات صاروخية إلى عدة نقاط في الشمال الإسرائيلي منها المخازن الرئيسية لفيلق الشمال في قاعدة نيمرا، والكتيبة الصاروخية والمدفعية بثكنة يوآف، فضلاً عن قصف مجمع الصناعات العسكرية رفائيل شرق حيفا مرة أخرى[1]. ثم بعد توسع القصف الإسرائيلي بشكل غير مسبوق امتد القصف الذي وجهه حزب الله تباعاً حتى عمق 120 كم شرق حيفا، حيث دوّت صفارات الإنذار للقبة الحديدية في مناطق تمتد من شرق حيفا إلى شرق تل أبيب، على بعد كيلومترات قليلة من مطار بن جوريون. فيما يبدو أن المواجهة بين الجانبين قد تخطت قواعد الاشتباك المحسوبة، مروراً بـ"الحساب العسير" كما وصفها نصرالله، ثم "الرد المفتوح" كما وصفها نائب الأمين العام نعيم قاسم في تشييع قادة فرقة الرضوان، قبل أن تـُفتح جبهة الحرب بين الجانبين على مصراعيها دون حسابات ودون سقوف واضحة.
رد أوّلي لحزب الله يلاحق الضربات السريعة لإسرائيل
كان حزب الله قد بدأ فجر 22 سبتمبر في تنفيذ ضربات تصاعدية أراد من ورائها إيصال رسالة لإسرائيل بإمكانية نفاذ ضرباته حتى عمق غير مسبوق، ولكن إسرائيل لم تنشغل باستلام الرد، بل بالتخطيط لهجوم موسع في صباح اليوم التالي، حيث وجه حزب الله ضربات صاروخية لكل من قاعدة رامات ديفيد الجوية[2] وهي القاعدة الجوية الشمالية الرئيسية، بالإضافة إلى مجمع الصناعات العسكرية رفائيل[3] الواقع شمال حيفا. وكلاهما من بنك الأهداف العسكرية التي رصدتها مقاطع "الهدهد" المصورة والتي سبق أن بثها حزب الله على سبيل التهديد بالردع في شهر يونيو الماضي[4]. ورغم أن حزب الله كان قد باشر ضرباته المعتادة إسناداً لجبهة غزة منذ اليوم التالي لتفجيرات أجهزة الاتصالات كي يثبت استمرار عمله بكفاءة رغم هذه الضربات القاسية إنسانياً وأمنياً - كما وصفها نصرالله-، إلا أنه قد اهتم أيضاً بتوجيه رد نوعي بعد ثلاثة أيام عبر استخدام صواريخ فادي 1 و2 متوسطة المدى في ضرب قاعدة ومطار رامات ديفيد ومجمع رفائيل الصناعي.
وجه حزب الله رده "الأوّلي" كما وصفه إلى أهداف عسكرية تقع على مسافة نحو 50 كيلومتر من الحدود المشتركة. كما أنه قد استخدم في هذا الاستهداف مزيجاً من الصواريخ والمسيّرات، ولكن الأبرز بينهم كان إطلاق العشرات من صاروخ فادي 1 و2 وهو الاستخدام الأول له من بداية الحرب ويُصنف باعتباره صاروخاً متوسط المدى (من 70 إلى 120 كيلومتر) موجه بدقة ولكنه ليس من الصواريخ الذكية التي تعتمد خاصية الملاحة الذاتية، بما يعني أن الحزب قد صعّد ضرباته ولكنه لا يزال يدخر الصواريخ الذكية لمرحلة لاحقة. كما أنها المرة الأولى منذ حرب عام 2006 التي تدوي فيها صافرات الإنذار في شمال إسرائيل بعمق يقترب من حيفا غرباً والناصرة شرقاً مروراً بشواطئ بحيرة طبرية، بما يعني أن الحزب قد قام بتوسيع دائرة عملياته في الشمال شرقاً وغرباً وعمقاً بما يشمل منطقة أوسع من ذي قبل تماشياً مع استهدافات الضاحية الجنوبية الأخيرة.
وبالفعل، لم تكن أجزاء من هذه المناطق مشمولة بتعليمات الجبهة الداخلية الإسرائيلية، أي أنها لم تكن ضمن توقعات المدى الذي سيبلغه رد حزب الله. بينما طال القصف أيضاً مستوطنة كريات بياليك حيث تضررت بعض المباني والممتلكات عقب سقوط قذيفة في منطقة سكنية دون وقوع قتلى. ولكن آثار الدمار في الحي السكني توحي بأن الحزب قد دخل مرحلة جديدة من الرد تشمل نطاقاً أوسع من المستوطنات ربما بهدف إثارة موجة أوسع من ترحيل المستوطنين من الشمال في تحدٍ واضح لهدف إعادتهم الذي أعلنته الحكومة الإسرائيلية. ويذكر أن الرقابة العسكرية الإسرائيلية تتحكم بشكل كبير في بث صور ومقاطع فيديو المناطق التي تضررت من قصف حزب الله، ولكن صور الدمار في حي سكني في كريات بياليك قد بـُثت على نطاق واسع. وقد استخدمت هذه المقاطع المصورة في اليوم التالي لتبرير القصف الموسع الذي شنته إسرائيل على سائر الجنوب والبقاع.
اللافت في تنفيذ هذا الرد الأوّلي أن حزب الله كان قد باشر منذ منتصف ليلة الاستهداف إطلاق سلسلة من الرشقات الصاروخية والمسيّرات التي اخترقت الشمال الإسرائيلي وأدت إلى انطلاق صافرات الإنذار في نطاق جغرافي واسع، مما أدى بطبيعة الحال إلى انطلاق الدفاعات الجوية الإسرائيلية لتعقب وترصد هذه الصواريخ والأجسام الطائرة. وبعد ساعات من إشغال الدفاعات الجوية الإسرائيلية، وجه حزب الله ضربته الدقيقة لكلٍ من قاعدة رامات ديفيد ومجمع الصناعات رافائيل. وفي ذلك إعادة استنساخ للضربة التي وجهها حزب الله منذ شهر تقريباً لمجمع جاليلوت شمال تل أبيب، حيث قام بإلهاء الدفاعات الجوية الإسرائيلية شمالاً وضرب قاعد عين شيمر على مشارف تل أبيب، لإفساح المجال لمسيّراته كي تضرب وحدة المخابرات العسكرية 8200 في مجمع جاليلوت. ويعد هذا الأسلوب المركب في الاستهداف من أهم نقاط قوة عمليات القصف التي ينفذها حزب الله على أهداف دقيقة، بما يقلل من كفاءة القبة الحديدية ويجعلها تستنزف مخزونها من الصواريخ الاعتراضية قبل أن يوجه ضربته الرئيسية على الهدف المقصود بالعملية. ولكن ومع ذلك لم يتم رصد خسائر واسعة في الجانب الإسرائيلي، وعادة ما يعزو حزب الله ذلك إلى تكتم إسرائيل على الخسائر. ولكن ذلك لم يحدث عندما استهدف حزب الله بمسيّرات انقضاضية مقر القيادة المستحدث للواء الغربي في يعرا في الجليل الغربي يوم 18 سبتمبر حيث تم الإعلان عن مقتل ضابط وجندي وإصابة 11 جندياً آخرين[5].
رد متأخر وهجوم عكسي متسارع
يبدو من طبيعة وعمق "الرد الأوّلي" لحزب الله أنه كان يعتمد نمط التصعيد التدريجي مفترضاً أن يكون في الأيام التالية فسحة من الوقت والظروف لردود أخرى تصاعدية، ولكن إسرائيل باغتته بشكل متعجل وغير متوقع بهجوم موسع فاق قواعد الاشتباك بل نسفها بشكل كلي. ومن الواضح أن حزب الله لم يكن جاهزاً بالكامل لمثل هذا التصعيد، حيث كان يرمم ما طاله من خسائر عقب الاستهدافات المتلاحقة طيلة أيام ما بعد تفجيرات 17 سبتمبر. إذ كان نصرالله حريصاً في خطابه على نفي تأثر بنية اتصالات الحزب بهذه التفجيرات مؤكداً أن أجهزة الاتصالات التي انفجرت لم تكن تستخدم على المستوى القيادي داخل الحزب. كما قلل نصرالله من جدية التهديدات الإسرائيلية بشأن فرض حزام أمني جنوب لبنان لإبعاد الحزب عن الحدود إلى شمال نهر الليطاني ولإعادة سكان شمال إسرائيل إلى منازلهم. بل إن نصرالله قد تحدى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يؤاف غالانت بأن يتمكنوا من إعادة سكان الشمال دون وقف الحرب في غزة[6]. فيما سخر من فكرة الحزام الأمني معتبراً أن حزب الله ينتظر هذه اللحظة ليكثف ضرباته ضد الجنود الإسرائيليين ويخلق لهم فخاً مُحكماً في الجنوب. بينما تكتم نصرالله على طبيعة الرد الذي سيوجهه لإسرائيل معتبراً أنه لن يحدد المكان ولا الوقت ولن يتم تداول هذا الرد إلا في أضيق الحدود داخل دوائر حزب الله، وهو ما يعني بشكل حاسم أن حزب الله لا يزال يبحث عن مصدر الخرق الاستخباراتي داخل صفوفه. ولكن لم يمر على خطاب نصرالله 24 ساعة حتى باغتت إسرائيل الحزب بضربة جديدة في استهداف صاروخي لمبنيين في الضاحية الجنوبية قُتل على إثره قادة وعناصر من فرقة الرضوان. ثم لم تكد تمر 24 ساعة على توجيه "الرد الأوّلي" حتى وسّعت إسرائيل من عدوانها الجوي على سائر الجنوب والبقاع قبل أن تنفذ غارة دقيقة جديدة في الضاحية الجنوبية.
يُبين تلاحق الأحداث أن حزب الله كان لا يزال في طور توجيه التهديدات اللفظية لكسب الوقت كي يتمكن من لملمة خسائره المتلاحقة وتقييم حجم الاختراق الذي تعرض له. بينما كانت إسرائيل تعد العدة لسلسلة هجمات جوية كثيفة في عمق الجنوب والبقاع شملت أكثر من 800 نقطة تابعة لحزب الله بحسب الجيش الإسرائيلي بما أدى إلى موجة نزوج كبيرة لسكان هذه المناطق باتجاه العاصمة بيروت[7]. واللافت في تلاحق الأحداث أن حزب الله لا يزال مستغرقاً في تقييم الاختراق الذي أصابه مما عطّل عملياته وراكم ردوده الموعودة لإسرائيل على كل هجوم تنفذه. ويبدو أن التشاور السياسي بين قيادة حزب الله وإيران قد عرقل الحزب عن الظهور بمظهر المُبادِر في ساحة الميدان. فإيران حريصة كل الحرص على عدم الاستدراج في حرب قبل أسابيع من الانتخابات الأمريكية، بل إنها قد واكبت الهجوم الجوي الكبير الذي وجهته إسرائيل إلى لبنان بالحديث على إعادة إحياء محادثات الملف النووي الإيراني[8]. بينما يبدو أن حجم الاختراق الذي أصاب حزب الله يجعله يتحفظ عن توجيه ردود سريعة خشية أن يتم تعقب أماكن تخزين صواريخه الدقيقة والتي تعطي له أفضلية كبيرة بين كافة جبهات وحدة الساحات. فطيلة عام من المواجهات لم يستخدم حزب الله الصواريخ الدقيقة التي بحوزته واكتفى باستخدام الكاتيوشا إلا باستثناءات قليلة. ولكن توجب الرد بمدى أطول وعمق أكبر يعني أن يتوجه عناصر حزب الله إلى مخازن الصواريخ الدقيقة ليتمكن الحزب من إطلاق صواريخ تصل إلى حيفا والناصرة وصفد وطبرية وأيضاً شرق تل أبيب، مما يستوجب أيضاً مجموعة من الإجراءات الاحترازية التي تضمن سلامة مخازن الصواريخ والمسيّرات وعدم تعقبها من جانب إسرائيل، الأمر الذي استغرق بعض الوقت وجعل حزب الله يبدو كـ"اللاهث" الذي لا يستطيع أن يواكب سرعة الضربات الإسرائيلية.
فتح جبهة لبنان على مصراعيها
رغم انخراط حزب الله في مساندة جبهة غزة طوال عام عبر التراشق الصاروخي بين جنوب لبنان وشمال إسرائيل، إلا أن الهجوم الإسرائيلي الموسع قد بدا مفاجئاً للحزب. ويبدو من ثِقل الحصيلة الإنسانية لليوم الأول التي وصلت إلى 274 قتيلاً ونحو 1024 من الجرحى أن العدوان الإسرائيلي يستهدف توجيه رسالة قاسية ضد الجبهة الداخلية اللبنانية بما يضغط على حزب الله بشكل مكثف لوقف مساندة جبهة غزة. وفيما كان حزب الله متمسكاً خلال الأيام الماضية بإثبات استمرار وكفاءة عملياته لمساندة غزة، فإنه وبعد الهجوم الشامل على الجنوب والبقاع سيكون مصراً على استكمال قصفه للشمال ليس لإسناد غزة بل للدفاع عن لبنان. وفي ذلك تتكشف معادلة جديدة بين الطرفين ليست لقواعد اشتباك محسوبة بل للضغط والاستهداف المتبادل للجبهات الداخلية يحاول كل طرف من خلالها إرغام الطرف الآخر على الخضوع والانصياع. فإسرائيل التي روجت إلى أنها تريد هدوءاً على الجبهة الشمالية بما يُعيد السكان للشمال، قامت فعلياً بضرباتها الجوية على الجنوب بتهجير الآلاف من اللبنانيين نحو العاصمة على نحو مباغت. وما كان حزب الله يرفضه من عودة سكان المستوطنات الشمالية إلا عبر وقف الحرب في غزة، أصبح الآن يواجهه على أرضه عبر نزوح أوسع لأهالي الجنوب وبات ملزماً باستمرار ضرباته ليس فقط من أجل غزة، بل بهدف إثبات قدراته العسكرية التي تسعى إسرائيل لتدميرها.
ولعل صيغة التصاعد التدريجي التي أتقنها الطرفان خلال عام من المواجهات قد نسفت بالكامل خلال الأسبوع الماضي. بل إن خطوات التصعيد من قصف الجنوب والبقاع ثم استهداف الضاحية الجنوبية باغتيال جديد توحى بأن إسرائيل متعجلة لحرق كل المراحل وصولاً للحرب المفتوحة. وكان حزب الله قد حذر مراراً من محاولة إسرائيل لاستدراجه لحرب مفتوحة مؤكداً أنه لا يريد الحرب ولن يسعى إليها ولكن إذا أقدمت إسرائيل على افتتاحها فهو قادر على ردعها وتكبيدها خسائر ثقيلة. ولكن الحرب التي يقصدها حزب الله تعني بالأساس الهجوم البري الذي يكون للحزب فيه تفوقاً نسبياً بحكم سيطرته على ميدان الجنوب ومعرفته بالأرض وقدرته على تفخيخها تحت أقدام الجنود الإسرائيليين. ولكن الهجمات الجوية الكثيفة التي سددتها إسرائيل طوال يوم كامل في كافة أرجاء الجنوب شرقاً وغرباً وصولاً لصور والبقاع ثم أعقبتها بغارة دقيقة على الضاحية الجنوبية لاستهداف أهم القادة العسكريين لحزب الله علي الكركي، تعني أن إسرائيل تسعى لتحقيق أهداف متعددة موجعة لحزب الله قبل أن تضطر للوصول لمرحلة الهجوم البري.
وفيما يبدو، فإن حزب الله قد تلقى ضربات موجعة أصابت بنيته القيادية العسكرية خلال أيام قليلة، بما يعني أن قدرته على استعادة التوازن والانتقال من التعافي إلى الدفاع ثم الهجوم تتطلب إمكانيات عسكرية عالية وانضباطاً تنظيمياً قوياً بما يمكنه من تخطي تردي الروح المعنوية الناتج عن الخسائر المتتالية. ولعل الحزب قد أثبت فعلياً أنه قادر على استيعاب القصف المكثف دون أن تتأثر قدراته بشكل كبير، بل إنه تمكن من الرد خلال اليوم نفسه باستهداف قواعد عسكرية في الشمال بمحاذاة حيفا على عمق 50 كيلومتر ومستوطنات الضفة الغربية بمحاذاة شرق تل أبيب على عمق يصل إلى 110 كيلومتر. وقد يعد مجرد استمرار القصف الصاروخي نجاحاً لبقاء حزب الله واستيعابه الصدمة، ولكن الفيصل في المعركة الطويلة التي بدأت للتو يكمن في كيفية تنفيذه لخطط استهداف القدرات الإسرائيلية الهجومية التي تطال الجنوب والبقاع. بينما تكمن نجاته في قدرته على الكشف عن الخرق العميق الذي أصاب جسمه التنظيمي وأدى إلى الاستهداف السهل والمتتالي للصف الأول من قادته العسكريين في غضون أيام قليلة.
[2] "حزب الله: استهداف قاعدة ومطار رامات ديفيد بعشرات الصواريخ من نوع فادي 1 وفادي2" موقع النشرة، 22-9-2024، t.ly/ij2TK
[3] "حزب الله قصفنا مجمع الصناعات العسكرية لشركة رفائيل"، موقع النشرة، 22-9-2024، t.ly/f_47f
[4] "اخترقت إسرائيل وأحدثت صدمة ماهي طائرة الهدهد وما أهم مميزاتها"، موقع تلفزيون العربي، 19-6-2024، t.ly/C29sE
[6] "حزب الله يتحدى إسرائيل أن تعيد السكان إلى الشمال وغالانت يقول أن حزب الله سيدفع ثمناً متزايداً"، موقع بي بي سي عربي، 19-9-2024، t.ly/Krm_Y
[7] موقع النشرة، "بدء حركة النزوح في قضاء صور باتجاه الشمال"، 23-9-2024، t.ly/cci0b
[8] الخليج، "عراقجي يعلن استعداد إيران لبدء محادثات نووية"، 23-9-2024، t.ly/5DO9G