برزت الحاجة إلى التعاون بين الدول بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية بما خلّفته من دمار تطلب التطلع إلى التعاون لبناء الاقتصادات المحلية والتكامل على كافة الصعد. ويمكن القول إن أول من وضع الأساس النظري لهذا المصطلح عام 1950 هو العالم الإقتصادي فينر بينما تبعه Bela Balassa عام 1961 الذي تناول المفهوم ضمن أطر أكثر شمولاً وشرح الأدوار التى من الممكن أن تلعبها حالة التكامل في دفع عجلات التنمية والتقدم في الدول بشكل عام.
وعلى المستوى الأفريقى، لعب عاملان أساسيان في إطار هذا الاتجاه دوراً في بلورة تكتلات إٍقتصادية في أفريقيا: الأول هو ضعف الدول الآفريقية، وعدم قدرتها على القيام منفردة بوظائفها الأمنية والسياسية والإجتماعية. أما العامل الثاني فهو الآثار الإيجابية لتجربة الإتحاد الأوربي وانعكاستها على دول الاتحاد ومواطنيه خصوصاً على المستوى الاقتصادي، بما جعله خبرة ملهمة على المستوى العالمي، فضلاً عن انعكاسات ظاهرة العولمة في السياقات الإقليمية.
ويمكن القول إن مشروعية التكامل الإقليمي الأفريقي قد اكتسبت زخماً كبيراً في ضوء العجز الأفريقي عن الاندماج الوطني الداخلي، نتيجة الانقسامات بكافة أنواعها داخل الدولة الأفريقية الواحدة، فأسفر تراجع دور الدولة الوطنية عن إعلاء قيمة العمل الجماعي في محاولة لحل مشكلة الاندماج الوطني من خلال التعاون مع دول الجوار، وهو الأمر الذي يرسخ علاقة التأثير والتأثر بين مسألتي الاستقرار الداخلي والاستقرار والتعاون الإقليمي، ويؤكد دور التكامل الإقليمي كعامل استقرار في أفريقيا.[1]
في هذا السياق، نهتم هنا بالتعريف بمنظمة إيجاد وأهدافها وكذلك البيئة الجيوسياسية المؤثرة على تفاعلاتها وصولاً إلى محاولة تقييم دورها في تحقيق أهدافها المعلنة.
أولاً: ظروف النشأة والتطور
ساهمت عوامل متنوعة في بلورة منظمة الإيجاد، حيث شكلت حالة عدم الاستقرار الشاملة لا سيما في منطقة القرن الأفريقي التي وصفها مستشار الأمن القومي الأمريكي الأسبق زبيجينيو بيريجنسكي بأنها "قوس التوتر الدائم"، أهم الدوافع نحو تشكيل المنظمة، خصوصاً مع التحديات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي بزغت في كل أنحاء العالم بعد انهيار الاتحاد السوفييتي واندلاع نزاعات إقليمية مترتبة على آخر فصول الحرب الباردة، هذا فضلاً عن ميلاد نظام إثيوبي جديد امتلك مشروعاً قومياً في منتصف تسعينيات القرن الماضي على يد ميلس زيناوي الذي كانت لديه طموحات في لعب أدوار إقليمية قائدة.
في هذا السياق، نشأت منظمة الإيجاد كهيئة للتنمية ومكافحة التصحر عام 1986، كمنظمة ذات هدف "غير سياسي" لمعالجة تحديات الجفاف وعواقبه، حيث أن حوالى 70 في المئة من منطقة إيجاد عبارة عن أراضى قاحلة، أو شبه قاحلة، وتتلقى أقل من 600 مليمتر من الأمطار سنوياً، ولكن نتيجة المتغيرات الدولية المرتبطة بانهيار الاتحاد السوفيتي تم إطلاق جديد للمنظمة ليضاف إلى هدفها الرئيسى في مكافحة التصحر هدف الحفاظ على الأمن والسلام، وباتت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (IGAD) منظمة فرعية شبه إقليمية تم اعتمادها خلال القمة الخامسة لجمعية رؤساء دول وحكومات الدول التي عقدت في الفترة من 25 إلى 26 نوفمبر 1996 في جيبوتي. وقد اتخذت الهيئة من جيبوتي مقراً لها، وذلك بأهداف تعزيز التعاون الإقليمي في مجالات ذات أولوية هي الأمن الغذائي وحماية البيئة، والتعاون الاقتصادي، والتكامل الإقليمي، والتنمية الاجتماعية، والسلام والأمن. وتضم المنظمة حالياً كلاً من: إثيوبيا، وكينيا، وأوغندا، والصومال، وجيبوتي، وإريتريا، والسودان، وجنوب السودان. وطبقاً لموقع المنظمة الرسمي فإنه قد تم إنشاء الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (IGAD) في شرق أفريقيا في عام 1996 لتحل محل الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالجفاف والتنمية (IGADD) التي تأسست عام 1986 للتخفيف من آثار الجفاف الشديد المتكرر والكوارث الطبيعية الأخرى التي أدت إلى انتشار المجاعة على نطاق واسع، وذلك فضلاً عن التدهور البيئي والصعوبات الاقتصادية في دول الإيجاد.
وربما يكون من المهم ذكره ملامح دول منطقة الإيجاد التي تضم مساحة تبلغ 5.2 مليون كيلومتر مربع، كما يبلغ عدد سكانها 230 مليون نسمة. وتملك حوالى 6960 كيلو متراً من السواحل مع المحيط الهندي وخليج عدن وخليج تاجورة والبحر الأحمر.
وفي الوقت الذي يشكل فيه الجفاف ظاهرة مؤثرة في كل من إثيوبيا والصومال وإرتيريا، فإنه يوجد في باقي المنطقة مجموعة كبيرة ومتنوعة من الأنظمة المناخية، والبيئات الطبيعية، بما في ذلك المرتفعات الباردة ومناطق المستنقعات والغابات الاستوائية المطيرة وغيرها من الميزات النموذجية للمنطقة الاستوائية.
وقد وضعت منظمة الإيجاد في عام 2003 استراتيجية جديدة تأخذ بعين الاعتبار الاحتياجات الضرورية لدولها الأعضاء وتم اعتماد هذه الاستراتيجية من 10 رؤساء دول وتهدف إلى توجيه برامج التنمية والمضي إلى الأمام باعتبارها منظمة اقتصادية إقليمية تسعى إلى زيادة التعاون وذلك طبقاً للمحاور التالية:
-
تعزيز التنمية المشتركة وتنسيق السياسات الاقتصادية والاجتماعية والتكنولوجية والعلمية.
-
مواءمة السياسات فيما يتعلق بالتجارة والجمارك، والنقل، والاتصالات، والزراعة، والموارد الطبيعية، وتعزيز حرية حركة السلع والخدمات وخلق بيئة مواتية للتجارة الخارجية.
-
تحقيق الأمن الغذائي الإقليمي وتشجيع ومساعدة الجهود التي تبذلها الدول الأعضاء لمكافحة الجفاف بصورة جماعية وغيرها من الكوارث الطبيعية والكوارث من صنع الإنسان وعواقبها الطبيعية.
-
بدء وتعزيز البرامج والمشاريع الإقليمية لتحقيق الأمن الغذائي والتنمية المستدامة للموارد الطبيعية وحماية البيئة، ومساعدة الجهود التي تبذلها الدول الأعضاء لمكافحة الجفاف بصورة جماعية وغيرها من الكوارث الطبيعية.
-
تطوير وتحسين البنية التحتية في مجالات الاتصالات والنقل والطاقة في المنطقة.
-
تعزيز السلام والاستقرار في المنطقة[2].
وفيما يتعلق بهياكل المنظمة فهي ثلاث قطاعات هي:
1- مجلس الرؤساء: وهو أعلى هيئة، ويتكون من رؤساء الدول والحكومات، ويشرف على اتخاذ القرارات ويرسم السياسات والتوجهات العامة، ويجتمع مرة في السنة، ويتم اختيار الرئيس بالتناوب من بين الدول الأعضاء.
2- مجلس الوزراء: ويتكون من وزراء الخارجية ووزير آخر للتنسيق تعينه كل دولة من الدول الأعضاء. ويصوغ المجلس السياسة المعتمدة من مجلس الرؤساء ويوافق على الميزانية السنوية العامة، ويجتمع مرتين في السنة.
3- لجنة السفراء: وتتكون من سفراء الدول الأعضاء في الايجاد أو البعثات المعتمدة، وتجتمع عند الحاجة، وتقدم التوجيهات للأمين التنفيذي.
4- الأمانة التنفيذية: وتتكون من الأمين التنفيذي وطاقمه، ويعين الأمين التنفيذي من قبل مؤتمر الرؤساء لولاية فترتها 4 سنوات، وبالإضافة للأمانة التنفيذية التي يقع مقرها الدائم في جيبوتي، يوجد عدد من الأجهزة التابعة للهيئة في الدول الأعضاء، مثل المركز الإقليمي المعني بمحاربة الإيدز، وبرنامج قطاع الأمن والسلام، ومعهد الأبحاث والتنبؤات، وغيرها من الأجهزة.
ثانياً: البيئة الجيوسياسية لدول منظمة الإيجاد
يعد مسرح دول الإيجاد من أكثر المناطق في القارة الأفريقية التي تواجه تحديات مركبة ومعقدة تاريخياً، حيث تراكمت هذه التحديات خصوصاً بعد انهيار دولة الصومال التي أنتجت تمدد تنظيم القاعدة الإرهابى وقرصنة بحرية كانت من عوامل تصاعد التهديدات الأمنية في البحر الأحمر.
وقد تميزت منطقة دول الإيجاد أيضاً بالعديد من الصراعات البينية بين الدول كالحرب الإثيوبية الإرتيرية التي صنفت أولاً كحرب تحرير ممتدة لثلاث عقود، بينما نشأت حرب أخرى مطلع الألفية بين البلدين بسبب ترسيم الحدود الذي كان أيضاً موضوعاً للنزاعات المسلحة بين إثيوبيا والسودان في الفترة من 2020-2022 فضلاً عن الحروب والنزاعات الداخلية في كل من إثيوبيا والسودان، وهي الصراعات الممتدة منذ عقود، وكذلك العنف المرتبط بالانتخابات المتنازع على نتائجها في أغلب الأحيان بين نظم الحكم والمعارضة السياسية لها.
ويمكن القول إن العامل الدولي في منطقة دول الإيجاد يعد عاملاً نشطاً في تفاعلات هذه المنطقة نظراً لارتباطها العضوي بالبحر الأحمر صاحب التأثير الكبير على التجارة الدولية والإقليمية، وهو الأمر الذي ساهم في عسكرة البحر الأحمر بقواعد عسكرية للقوى الكبرى في العالم، وكذلك للدول متوسطة القوة على المستوى الإقليمي وذلك على أراضى جيبوتي خصوصاً وهي إحدى دول مجموعة منظمة الإيجاد ودولة المقر للمنظمة.
وقد ساهم التداخل بين المصالح الإقليمية والدولية في منطقة دول الإيجاد في وجود شركاء دوليين للمنظمة في معظم المراحل وفي إطار أية مجهودات لحل الأزمات الإقليمية، وعلى رأسهم كل من الولايات المتحدة وبريطانيا ولحقت بهما كل من السويد واالنرويج خلال العقد الأخير، خصوصاً فيما يتعلق بالأزمات السودانية شمالاً وجنوباً.
وبطبيعة الحال، ساهمت كل هذه العوامل مجتمعة في بروز حالة تصاعد التهديدات الأمنية المؤثرة على استقرار دول الإيجاد، وتحجيم فرص التعاون البيني بينهم، حيث تم تصنيف بعض دول الإيجاد كدول هشة طبقاً للمؤشرات العالمية.
ثالثاً: دور الإيجاد في تحقيق السلم والأمن في الدول الأعضاء
هناك صراعان مركزيان في منطقة الإيجاد سعت المنظمة منذ إنشاءها لحلهما وهما الصراع في كل من الصومال والسودان، ونظراً لكون البلدين يملكان حدوداً مباشرة مع إثيوبيا، فإن الأخيرة قد سعت لتدشين نفوذ مؤثر لها، حيث احتكرت موقع الأمين العام للمنظمة لفترة طويلة ومارست من خلال المنظمة ضغوطاً على الأدوار الدبلوماسية المصرية في هذه المناطق المرتبطة بطبيعة المصالح المصرية بها.
وقد بدأت الإيجاد في الاهتمام بالأزمة السودانية المرتبطة بالحرب الممتدة بين شمال وجنوب السودان اعتباراً من عام 1993 بناء على طلب الرئيس السابق عمر البشير، وامتدت فعلياً هذه الوساطة حتى عام 2005، حيث تم توقيع اتفاقية نيفاشا للسلام التي ترتب عليها استقلال جنوب السودان في يوليو 2011. وإذا كان يذكر للإيجاد أنها قد وفرت منصات للحوار والتفاوض للأطراف السودانية، فإنه لا يمكن النظر إلى دورها كعامل قائد في تحقيق السلام بين شمال وجنوب السودان، وذلك نظراً للدور المركزي المباشر الذي لعبته الولايات المتحدة في هذه الأزمة وهندسة حلول لها في واشنطن عبر أحد مراكز الأبحاث الأمريكية الذي بلور منهج دولة واحدة بنظامين لفترة انتقالية يعقبها إجراء استفتاء لتقرير المصير، حيث مارست واشنطن دوراً في الضغط على البشير لقبول هذا الاتفاق، على اعتبار أنه حل مستدام لمشكلة تاريخية مؤسسة على الانقسام العرقي، وهو الموقف الذي ثبت لواشنطن أنه لا يتسامح مع المعطيات الموجودة على الأرض، حيث يشكل عدم الاستقرار في دولة جنوب السودان والحروب المندلعة فيها درساً مستفاداً للأمريكيين الذين يرفضون بموجبه حالياً الاتجاهات الانفصالية في الدول الأفريقية على أساس أنه آلية لمزيد من المشكلات وليس حلاً لها، وربما هذا ما يفسر لنا الموقف الأمريكي الرافض للاتفاق الإثيوبي مع صومالى لاند بشأن ميناء بربرة[3]، وهو الموقف الذي تبناه الاتحاد الأوروبي أيضاً.
وقد تدخلت منظمة الإيجاد مرة أخرى في الأزمة السودانية اعتباراً من عام 2019، حيث كانت جزءاً من ترويكا تضم كلاً من منظمتي الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي، وذلك بشأن الاستقرار على محددات الفترة الانتقالية وهياكلها الدستورية بعد ثورة ديسمبر 2018 التي أسقطت النظام السياسي السوداني برئاسة عمر البشير، على أن التفاعلات السياسية السودانية قد اتسمت بحالة صراعية قادت إلى حرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع اعتباراً من إبريل 2023، حيث حاولت الإيجاد حل هذا الصراع عبر تشكيل لجنة رباعية في يونيو من نفس العام لمتابعة أزمة السودان طبقاً لأولويات عمل المنظمة في منع الحروب والنزاعات، ولكن يبدو أن طرح الإيجاد فكرة أن يقود رئيس كينيا مبادرتها لحل الأزمة السودانية قوبلت بتحفظ من الخرطوم في ضوء وجود تسريبات بشأن دعم الحملة الانتخابية للرئيس وليام روتو من جانب قائد قوات الدعم السريع، واستقبال الأول للأخير في مرحلة تالية، ساهم في تعقيد الموقف وحجم من فرص الإيجاد في أن تكون طرفاً مستقلاً في الصراع السوداني وذلك إلى حد قيام السودان بتجميد عضويته في منظمة الإيجاد وذلك في مطلع 2024.
أما على صعيد الأزمة الصومالية، ففي مارس 1998 بدأت جهود الإيجاد في مساعي المصالحة الصومالية، ولكن اندلاع الصراع الإثيوبي الإرتيري دخل على خط هذه الجهود، مما أدى إلى تعقيدها، وذلك في ضوء إقامة إرتيريا تحالفاً مع أحد الفصائل الصومالية، والتدخل الإثيوبي المسلح عام 2006 في الصومال في أعقاب عقد اتفاقية المصالحة الصومالية عام 2004، ومع تعقد الموقف في الصومال لم يكن هناك خيارات بديلة لخيار قوات حفظ السلام في الصومال التي تم بلورتها أولاً في إطار منظمة الإيجاد عام 2006، ولكن مع توسع المعارك ضد اتحاد المحاكم الصومالية انتقلت ولاية البعثة إلى الاتحاد الأفريقي بقرار من مجلس السلم والأمن الأفريقي (قوات إميصوم) عام 2007.
وفيما يتعلق بالحرب الإرتيرية الإثيوبية، فلم تستطع الإيجاد القيام بأي دور في هذه الأزمة وذلك نظراً لطبيعة النفوذ الإثيوبي فيها إلى حد أن المنظمة قد مارست انحيازاً ضد مصر عام 2008 في إحدى قممها بسبب الجهود المصرية لحل الأزمة الصومالية وكذلك جهود الجامعة العربية ووصفتهما بالمبادرات المتنافسة [4].
وإجمالاً، نستطيع القول إن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية "الإيجاد" لم تستطع بمفردها القيام بأي إجراء لحل العديد من الصراعات الخطيرة التي اندلعت في دارفور وأوجادين ومقديشيو وكينيا وجنوب السودان ولكنها وفرت شرعية للآليات الدولية بشأن جهود إقرار السلام وسدت فجوات مهمة لتفعيل هذه الجهود بغض النظر عن مدى الاتفاق والاختلاف معها، كما عملت بشكل تعاوني مع الجهات المانحة لتطوير نظام في المنطقة اعتباراً من يناير 2000، وتم إنشاء آلية الإنذار المبكر والاستجابة للنزاعات (CEWARN).
ويمكن القول أيضاً إن ضعف اقتصادات دول الإيجاد يحول دون تنفيذ الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية لتدابير السلام والأمن، إذ تتميز هذه الدول بقدرتها المالية المحدودة، حيث تأتي الميزانية من تمويل الجهات المانحة في حين أن مساهمات الدول الأعضاء غير منتظمة.
وفي هذا السياق، تذهب بعض الأدبيات الغربية إلى التقدير بأن الفاعلية المطلوبة لمنظمة الإيجاد قد أعاقها التنافس بين الدول الأعضاء والصراع المسلح، والافتقار إلى قوة مهيمنة إقليمية لقيادة العمل الفعال؛ والافتقار إلى الإرادة السياسية الكافية، وهو الأمر الذي لم يسفر فقط عن تقويض التماسك السياسي الإقليمي فحسب بل أدى إلى تقليص النهج الجماعي لدعم قضايا السلام والأمن الإقليميين، كما أسفر عن تعقيد وساطة الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (الايجاد)، بشأن جهود المصالحة وبناء الثقة في عدد من الملفات وربما من أهمها الملف السوداني. وقد أدت هذه التحديات إلى تآكل فعالية الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (IGAD) في التدخل والتوسط في الصراعات الإقليمية، حيث تحتاج أولاً إلى أن تصبح أكثر تنظيماً وأن تأخذ في الاعتبار المجالات المتخصصة ذات المزايا.
إن وثيقة إنشاء الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية هي فرصة لاتخاذ قرار بشأن كيفية تطوير الأمانة العامة وتحقيق رؤية المنظمة الأكثر ملاءمة لقدراتها، وتعزيز القرارات الفعالة. كما تحتاج الهيئة إلى مستوى من الاستقلال عن الدول الأعضاء وكذلك عن القوى الخارجية حتى تتمكن من أن تعمل كهيئة محايدة[5].
[1] د. أماني الطويل، التكتلات الإقليمية الإفريقية، مجلة آراء حول الخليج، صعود الاقتصاد الإفريقي، العدد 180، متاح على : https://2u.pw/sdiRocJt