مثلت عملية "طوفان الأقصى" التي قادتها حركة المقاومة الإسلامية حماس فى 7 أكتوبر 2023 مفاجأة لم تتوقف تأثيراتها عند حدود القضية الفلسطينية وما تتضمنه من صراع ممتد بين إسرائيل والفلسطينين حول الأرض والتاريخ والمقدسات، بل تجاوزته لتربك الحسابات الإقليمية وتضع التقديرات الدولية للصراع الفلسطيني - الإسرائيلي في دائرة التقييم على المستويين الرسمي والشعبي وخاصة في الدول الداعمة للحقوق الفلسطينية . فقد كشفت عملية طوفان الأقصى عن خلل في المنظومة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية، وسوء تقدير لقدرات حماس والفصائل الفلسطينية، مما أدى إلى فقدان إسرائيل لقوة الردع.
وفى طريقها لاستعادة قوة الردع انتهكت إسرائيل كل الأعراف والمواثيق القانونية الدولية في العدوان على قطاع غزة تحت ذريعة القضاء على حركة حماس، مخلفة الألاف من الضحايا، في ظل دعم أمريكي وغربي كبيرين، واتهامات لدول إقليمية بمساندة حماس، ومحاولات لوقف اطلاق النار في القطاع، إلى أن تم التوصل إلى هدنة إنسانية مقابل تبادل للأسرى بين حماس وإسرائيل، حيث برزت مجموعة من التصورات حول مستقبل قطاع غزة بعد انتهاء الحرب.
وأمام هذه الجولة الجديدة من الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، وما أسفرت عنه من نتائج كانت الكارثة الإنسانية الملمح الأبرز لها، إلا أن هذه الجولة أعادت القضية الفلسطينية إلى واجهة الأحداث الدولية مرة أخرى بعد أن أبعدت العديد من الأحداث الدولية، ومنها الحرب الروسية الأوكرانية، هذه القضية وممارسات الاحتلال الإسرائيلي عن دائرة الاهتمام الدولي خلال السنوات الأخيرة.
ويسعى هذا الملف إلى تقديم مجموعة من الرؤى التحليلية حول الآثار التي أسفرت عنها عملية طوفان الأقصى، سواء على الداخل الفلسطيني وقضيته العادلة، أو على الداخل الإسرائيلي، وكذلك الأبعاد الاقليمية التي طرحتها الحرب على غزة، ففضلا عن المواقف الإقليمية من الحرب برزت العديد من جبهات التهديد لإسرائيل والولايات المتحدة في إقليم الشرق الأوسط، وصولًا إلى تطور المواقف الدولية من الحرب وتأثيراتها على الرأي العام الغربي.