رغم عدم توقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة حتى الآن، لكن هذا لم يمنع بدء نقاش واسع داخل المؤسسات الغربية، والأوساط الأكاديمية والبحثية، حول السيناريوهات المحتملة لليوم التالي لانتهاء الحرب في غزة، والتي بدأت بعملية "طوفان الأقصي" في 7 أكتوبر 2023.

ومع ظهور ملامح هذه السيناريوهات، فقد اكتسبت زخماً ارتبط بالسعي لإيجاد إجابات للتساؤلات الكبرى المرتبطة بمستقبل الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، ومسارات التسوية السياسية الممكنة في ضوء المعطيات الجديدة التي فرضتها عملية "طوفان الأقصى"، وما استتبعها من تطورات للتصعيد الإسرائيلي، على النحو الذي تُثار معه الشكوك والاستفهامات بشأن مستقبل قطاع غزة، خاصة في ظل استمرار آلة الحرب الإسرائيلية في قصف القطاع وحصد أرواح الآلاف من المدنيين الفلسطينيين، بالإضافة إلى تهجير الآلاف من أهالي شمال القطاع إلى جنوبه، إلى جانب التدمير الواسع للبنية التحتية هناك، على نحو تجاوز هدف القضاء على حركة حماس، الذي تأسست عليه ركائز هذه السيناريوهات، وهو ما يُثير بدوره حالة من الجدل بشأن هذه السيناريوهات وما تقدمه من تصورات لا تتوافر لديها ممكنات التطبيق وتتناقض في جوهرها مع معطيات الواقع الراهن. ومن ثم، تستهدف هذه الورقة بحث وتفنيد أهم التصورات المطروحة حول مستقبل قطاع غزة، وما تثيره من إشكاليات وتناقضات عديدة.

أولاً: الرؤى الغربية والإسرائيلية حول مستقبل قطاع غزة

1- الرؤية الأمريكية... إدارة مؤقتة للقطاع وتمكين مستقبلي للسلطة الفلسطينية

يأتي في مقدمة السيناريوهات الأمريكية المطروحة حول مستقبل قطاع غزة ما طرحه معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، تحت عنوان "أهداف الحرب الإسرائيلية ومبادئ الإدارة في غزة في مرحلة ما بعد حماس"([1])، انطلاقاً من افترض مسبق أن إسرائيل ستنجح في تحييد حركة "حماس". وقد ارتكز هذا التصور على شقين إجرائيين: الأول، يقوم على تشكيل "إدارة مؤقتة" في غزة، والثاني، يقوم على إصلاح السلطة الفلسطينية وتمكينها من إدارة القطاع لاحقاً.

وفيما يتعلق بمسألة تشكيل إدارة مؤقتة للقطاع، فقد فقد جاء التصور المطروح بهذا الشأن على النحو التالي:

أ- تشكيل إدارة مدنية، يتولاها مجموعة من التكنوقراط من غزة والضفة الغربية والشتات الفلسطيني، بالإضافة إلى شخصيات محلية مهمة من بلدات قطاع غزة وعشائره، تقوم بإدارة إدارات الحكومة المحلية العاملة بكامل طاقتها (الصحة، التعليم، النقل، القضاء، الرعاية الاجتماعية... إلخ) تحت قيادة "رئيس الشئون الإدارية" الفلسطيني. وخلال هذه الفترة الانتقالية تستطيع "وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين" التابعة للأمم المتحدة" (الأونروا) الاستمرار في تقديم الخدمات الغذائية والصحية والتعليمية الحالية، "ليس أكثر وليس أقل مما كانت تقدمه في الماضي".

ب- تشكيل جهاز للسلامة العامة/ إنفاذ القانون، يتولاه اتحاد من الدول العربية الخمس التي أبرمت اتفاقات سلام مع إسرائيل (مصر، الأردن، الإمارات العربية المتحدة، البحرين، المغرب). واستهدف المخطط هذه الدول العربية باعتبارها الدول الوحيدة التي ستحظى بثقة إسرائيل.

ج- تشكيل تحالف دولي لإعادة الإعمار والتنمية، حيث حدد التصور قيام الجهات المانحة الدولية والأمم المتحدة وغيرها من وكالات المعونة الدولية والمنظمات غير الحكومية الدولية بالعمل مع الإدارة المدنية الجديدة في غزة تحت مظلة وكالة جديدة مسئولة عن الإصلاح وإعادة الإعمار والتنمية. وأشارت الدراسة إلى أن يتولى هذا الجهد الدول العربية على أن تترأسه دولة الإمارات، باعتبارها -حسب الدراسة- "شريك سلام مع إسرائيل، وتمتلك الموارد المالية الكافية لتكون جهة مانحة كبيرة"، بالإضافة إلى المشاركة السعودية في جهود الإصلاح/ إعادة الإعمار، حيث "يمكن تأطيرها كجزء من التزام الرياض بإعادة فتح مسار نحو صنع السلام الإسرائيلي الفلسطيني"، حسبما أشارت الدراسة، حيث يستهدف التصور هنا الحفاظ على فرص مشروع تطبيع العلاقات بين الرياض وتل أبيب بعد انتهاء الحرب.

وفيما يتعلق بالشق الثاني الخاص بإصلاح السلطة الفلسطينية، فقد ذهب التصور المطروح إلى أنه يجب أن يكون "للإدارة المؤقتة في غزة" ارتباط طبيعي بالسلطة الفلسطينية، رغم أنها ستعمل بشكل مستقل. ويمكن أن يكون "للإدارة المؤقتة في غزة" فترة زمنية محدودة -ثلاث سنوات على سبيل المثال- وبعد ذلك يجب أن تكون عملياتها متاحة للتجديد ومرتبطة مباشرةً بعملية إصلاح السلطة الفلسطينية. وفيما يتعلق بمسألة إصلاح السلطة، فقد أشار المقترح إلى أن المطلوب تحقيقه من عملية الإصلاح هو تعزيز ثقة الفلسطينيين المحليين، والجهات المانحة الدولية، في قدرة "السلطة الفلسطينية" على بسط سلطتها على غزة، بالإضافة إلى تعزيز شرعيتها في الضفة الغربية، وذلك انطلاقاً من أن السلطة الفلسطينية تعاني من العديد من أوجه الضعف والقصور –وفقاً للتصور المقترح– على نحو لا يؤهلها لتحمل مسئوليات إضافية في غزة، وذلك دون أن يحدد التصور المقترح المقصود بعملية الإصلاح؟ وكيف ستتم؟.

وقد بدأ مسئولو الإدارة الأمريكية في الترويج لهذا التصور من خلال الجولات التي أجراها وزير الخارجية الأمريكي انتوني بلينكن، حيث افصح عن ملامح هذا التصور خلال جلسة استماع له داخل مجلس الشيوخ، قبل رحلته إلى منطقة الشرق الأوسط في 31 أكتوبر 2023، بشأن طلب للبيت الأبيض بتمويل الأمن القومي بقيمة 106 مليارات دولار، منها 14.3 مليار دولار لدعم الجهود العسكرية الإسرائيلية ضد حماس([2])، وأكد بلينكن أن إدارة بايدن تبحث في "مجموعة متنوعة من البدائل المحتملة" لكيفية إدارة غزة عندما تنتهي الحرب، وأن ذلك يشمل تشكيل حكومة مؤقتة محتملة تديرها الدول العربية أو الأمم المتحدة قبل أن تتولى "سلطة فلسطينية فعالة ومتجددة" حكم القطاع([3]).

2- الرؤى الأوروبية... تدويل الإدارة الأمنية للقطاع والحرب على حماس ضمن تحالف دولي

غلب على الرؤية الأوروبية التي عبرت عنها الدول الرئيسية في الاتحاد الأوروبي، خاصة ألمانيا وفرنسا، الاتجاه إلى خيار "تدويل الإدارة الأمنية للقطاع" وضمان القضاء على حماس، وذلك من خلال الإجراءات التالية:

أ- تشكيل تحالف دولي لتأمين غزة بعد الحرب؛ إذ اقترحت ألمانيا من خلال الوثيقة التي أعدتها ووزعتها على عدد من الدول الأوروبية، تولي تحالف دولي تأمين غزة بعد الحرب، وتفكيك أنظمة الأنفاق وتهريب الأسلحة إلى القطاع، وتجفيف منابع الدعم المالي والسياسي لحركة حماس([4]). ويتقاطع ذلك مع ما اقترحته المفوضية الأوروبية ضمن المبادئ الاسترشادية لمرحلة ما بعد الحرب، والتي اقترحت إنشاء "قوة سلام دولية بتفويض أممي" من أجل ضمان القضاء على حماس وعدم عودتها لبناء ترسانتها العسكرية([5]). ووفقاً لتقرير نشرته وكالة "بلومبيرج" في 16 نوفمبر 2023، نقلاً عن عدد من المسئولين الأمريكيين والأوروبيين، فإن كلاً من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يدعمان وضع خطة لنشر "قوة حفظ سلام أممية" في قطاع غزة بعد الحرب([6]).

ب- التأكيد على خيار حل الدولتين؛ فقد أكدت المفوضية الأوروبية ضرورة التأسيس لوجود سلطة فلسطينية واحدة فقط ودولة فلسطينية واحدة، تكون غزة جزء أساسياً منها، مع  ضمان تقليص الوجود الأمني الإسرائيلي بالقطاع بحيث لا يكون وجوداً طويل الأمد، بالإضافة إلى رفض التهجير القسري للفلسطينيين من غزة، وكذلك رفض سياسة الحصار المستمر على القطاع، مع ضمان توفر المقومات الاقتصادية لدولة فلسطينية مستقبلية قادرة على البقاء.

ج- محاربة حماس في إطار تحالف دولي؛ فقد اقترح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال زيارته إسرائيل في 24 أكتوبر 2023، توسيع التحالف الدولي ضد تنظيم داعش ليشمل محاربة حماس([7]).

3- الرؤية الإسرائيلية... سيطرة أمنية شاملة لتل أبيب وإدارة عربية أو محلية للقطاع

بدأت إسرائيل حربها ضد قطاع غزة دون أن يكون لديها رؤية محددة بشأن اليوم التالي للحرب، وهو ما كان محل انتقاد وضغط من حلفائها الغربيين. ورغم عدم إصدار الجانب الإسرائيلي رؤية رسمية بشأن مستقبل غزة، لكن خرجت من وقت إلى آخر تصريحات رسمية، وبعض الوثائق، التي عكست الرؤية الإسرائيلية بشأن مستقبل القطاع، والتي مالت إلى إعادة احتلاله وفقاً لنموذج حكم المنطقة "ب" بالضفة الغربية، مع استبدال السلطة الفلسطينية بإدارة مدنية عربية أو إدارة مدنية محلية من بلديات قطاع غزة وعشائره، وسيطرة أمنية إسرائيلية، وذلك عبر الإجراءات التالية:

أ- القضاء على حركة حماس بقطاع غزة: شكل هذا الهدف قاسماً مشتركاً بين معظم الرؤى الإسرائيلية المطروحة، بما في ذلك أعضاء حكومة الحرب من الائتلاف الحكومي والمعارضة، وانعكس ذلك في تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو، وكذلك زعيم حزب المعارضة بيني غانتس.

ب- السيطرة الأمنية الشاملة على القطاع عقب الحرب وإعادة احتلاله: يعد هذا الهدف أحد مسارات الجدل المطروحة في اللحظة الراهنة، والتي عبر عنها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، خلال تصريحات له لشبكة "إيه بي سي نيوز" في 6 نوفمبر 2023، مؤكداً أن غزة يجب أن يحكمها "أولئك الذين لا يريدون الاستمرار في طريق حماس"، مضيفاً: "أعتقد أن إسرائيل ستتحمل لفترة غير محددة المسئولية الأمنية الشاملة في القطاع لأننا رأينا ما يحدث عندما لا يكون لدينا تواجد هناك"([8]).

وتجدر الإشارة هنا إلى تصاعد هذا التوجه بين أعضاء الائتلاف الحكومي المتطرف([9])، وكذلك أعضاء الكنيست عن حزب الليكود الذي يتزعمه نتنياهو، حيث عبر عدد من الوزراء عن رغبتهم في إعادة بناء المستوطنات التي تم إخلاؤها في غزة عام 2005، وهو الانسحاب الذي شمل أيضاً إزالة جميع المستوطنين الإسرائيليين البالغ عددهم 8000 مستوطن في القطاع كجزء من خطة فك الارتباط الإسرائيلي بالقطاع([10]). من ذلك على سبيل المثال، ما قاله وزير التراث الإسرائيلي أميخاي إلياهو، الذي تحدث عن خيار إسقاط قنبلة نووية على غزة، في عدة مناسبات في الأسابيع الأخيرة، مؤكداً: "إن المستوطنات الإسرائيلية في غزة لابد من إعادة بنائها بعد انتهاء الحرب"([11]).

هذا بالإضافة إلى مشروع القانون الذي قدمه أعضاء الكنيست عن حزب الليكود، لتعديل قانون فك الارتباط لمنح الإسرائيليين حرية الحركة في غزة بعد الحرب. في هذا السياق، قال عضو الكنيست أميت هاليفي، أحد رعاة مشروع القانون، لصحيفة "يسرائيل هيوم": إن على الكنيست "إلغاء القانون الذي يمنع اليهود من دخول قطاع غزة"([12]). من ذلك أيضاً ما كانت قد قالته وزيرة البعثات الوطنية الإسرائيلية "أوريت شتروك" في مقابلة معها في مارس 2023 حول هذه المسألة: "هناك لا شك أن قطاع غزة جزء من أرض إسرائيل وسيأتي يوم نعود فيه"([13]). ويتقاطع هذا التوجه مع التحركات التي قامت بها الجماعات اليمينية نفسها، في 13 مارس 2023، ونجحت عبر الضغوط التي مارستها في إلغاء إمكانية تطبيق قانون فك الارتباط على المستوطنات الأربع في الضفة الغربية (حومش وغانم وكاديم وسانور)([14])، والتي تم إخلاؤها في نفس وقت الانسحاب من غزة عام 2005. وتسعى هذه المجموعات في اللحظة الراهنة إلى إعادة بناء المستوطنات الأربع في شمال الضفة الغربية التي تم إخلاؤها بموجب هذا القانون.

وعلى المستوى المجتمعي، تم إطلاق حملة بعنوان "كلها لنا .. من الفرات إلى العريش"، والتي تستهدف العودة إلى مستوطنات "غوش قطيف" (الاسم العبري الذي تطلقه إسرائيل على الكتلة الاستيطانية السابقة في غزة)، وقد تصاعدت تلك الحملة، داخل وخارج الجيش الإسرائيلي؛ حيث بدأ فنانون وحاخامات يروجون في عروضهم أمام الجنود إلى إعادة السيطرة على القطاع، هذا بالإضافة إلى كشف السياسية الإسرائيلية دانييلا فايس، إحدى أولى قادة مستوطنات "غوش إيمونيم"، خلال مقابلة مع القناة 14 الإسرائيلية، خريطة باسم "سيغال" تكشف كل مستوطنات اليهود بالأراضي العربية المحتلة، مؤكدة: "ليس غزة وحدها لنا، بل كامل الأرض التوراتية الموعودة، من الفرات في الشمال إلى العريش". في حين أكدت مراسلة القناة التليفزيونية "شيرال للوم" أنه سيتم في غضون أسبوعين تنظيم مؤتمر لنواة نشطاء الاستيطان بهدف العمل من أجل الاستيطان في غزة وغيرها([15]).

لم يقف الدعم لهذا التوجه عند المستوى السياسي والمجتمعي، لكنه انسحب أيضاً إلى المستوى العسكري، حيث عبرّت بعض الشخصيات العسكرية عن تأييد هذا التوجه المتطرف. على سبيل المثال، قال الحاخام العسكري للقاعدة العسكرية للواء ناحال عوز، أميحاي فريدمان، خلال لقائه بحشد من الجنود في 4 نوفمبر 2023، إن الشهر المنقضي من الحرب كان "أسعد شهر في حياتي"، "لأننا وصلنا إلى نقطة ارتقى فيها شعب إسرائيل". وأضاف: "لقد فهمنا أخيراً من نحن"، مشيراً إلى أنه "بعد 75 عاماً، تمت الإجابة على الأسئلة حول هوية البلاد"، مستطردًا: "هذه الأرض لنا كلها بما في ذلك غزة. بما في ذلك لبنان. الأرض الموعودة بأكملها"، وهو ما قوبل بتهليل وتصفيق من جانب الجنود –بحسب الفيديو المتداول بمنصات التواصل الاجتماعي– وكذلك الدعوة لغزو غزة([16]). كما كشف تقرير لصحيفة "تايمز أوف إسرائيل" احتفال جنود في قاعدة عسكرية وترديدهم كلمات على غرار "نعود إلى غوش قطيف، وسننشئ شاطئ نوفا على شاطئ غزة"([17])، في إشارة إلى إعادة احتلال القطاع، وإعادته إلى ما قبل عام 2005، حينما كانت تحتله إسرائيل.  

أيضاً، أشار تقرير لصحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، إلى قيام الجيش الإسرائيلي بإعداد سيناريو لليوم التالي للحرب، حيث من المقرر -وفق هذا التصور- أن يتولى الجيش الشئون الأمنية والمدنية في غزة بعد الحرب، وبدء التخطيط الفعلي لكيفية نقل بعض موظفي تنسيق الأنشطة الحكومية في المناطق التي تتعامل مع الشئون المدنية في الضفة الغربية، إلى أدوار مؤقتة في غزة([18]).  

ج- تنفيذ مخططات النزوح والتهجير القسري لمواطني القطاع إلى دول الجوار: يعد هذا الهدف بمثابة الركيزة الثالثة في الرؤية الإسرائيلية حول مستقبل القطاع وإعادة احتلاله وإعادته لوضع ما قبل عام 2005. ويركز هذا الهدف بحسب وثيقة وزارة الاستخبارات الإسرائيلية التي تم تسريبها في 13 أكتوبر 2023([19]) على نقل السكان المدنيين من غزة إلى مدن من الخيام في شمال سيناء، ثم بناء مدن دائمة وممر إنساني غير محدد، بالإضافة إلى إنشاء منطقة أمنية لمنع النازحين الفلسطينيين من العودة إلى قطاع غزة. ووفقاً للمخطط، فقد تم تحديد وجهات أخرى للنازحين الفلسطينيين؛ مثل تركيا وقطر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، حيث اقترحت الوثيقة أن توفر هذه الدول الدعم للخطة إما مالياً، أو من خلال استقبال سكان غزة المهجرين كلاجئين، وعلى المدى الطويل كمواطنين. كما أشارت الوثيقة إلى بعض الوجهات الغربية التي تتمتع بممارسات هجرة "متساهلة"، مثل كندا باعتبارها هدفاً محتملاً أيضاً لإعادة توطين النازحين الفلسطينيين. وحول مستقبل الحكم في غزة أكدت الوثيقة رفض خيار إعادة السلطة الفلسطينية إلى غزة أو دعم النظام المحلي([20]).

ورغم تقليل مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي من أهمية الوثيقة باعتبارها "ورقة مفاهيمية"، يتم إعداد أمثالها على جميع مستويات الحكومة وأجهزتها الأمنية، إلا أن هناك عدداً من التقارير الغربية أكدت قيام إسرائيل سراً بحشد الدعم الدولي لإعادة توطين مئات الآلاف من سكان قطاع غزة في بعض الوجهات التي تم الإشارة إليها في المخطط السابق([21]). هذا بالإضافة إلى دعوة وزير الطاقة الإسرائيلي، المقرر أن يصبح وزيراً للخارجية اعتبارًا من يناير 2024، يسرائيل كاتس، خلال لقائه بصحيفة "بيلد" الألمانية، في 23 أكتوبر 2023، إلى "إدخال سكان القطاع إلى سيناء وتسكينهم"([22]).

إجمالاً، عكست هذه الأهداف الثلاث السابقة رؤية الحكومة الإسرائيلية التي تستهدف من خلالها مراعاة اعتبارات الداخل الإسرائيلي، خاصة كتلة اليمين المتطرف، التي تنادي بضرورة استعادة السيطرة الشاملة على القطاع. فمن ناحية، سيحاول أعضاء الائتلاف الحكومي المتطرف عبر هذا المخطط ترميم صورتهم أمام قاعدة ناخبيهم من اليمين المتطرف، وتخفيف وطأة المسئولية عن الفشل في توقع هجوم 7 أكتوبر والتعامل معه. من ناحية أخرى، تؤمن هذه الصيغة ألا تقترن المسئولية الأمنية لإسرائيل في القطاع كسلطة احتلال بأية التزامات اقتصادية أو مدنية تفرضها قواعد القانون الدولي وفقاً لاتفاقية جنيف الرابعة تجاه سكان القطاع، بحيث يتحمل ذلك الإدارة المدنية العربية المقترحة للقطاع. كما أن هذا من شأنه أيضاً أن يجنب تل أبيب تولي السلطة الفلسطينية إدارة القطاع، وبالتالي فإنه يقطع الطريق على المسار السياسي بحل الدولتين، وهو المسار الذي لا ترغبه تل أبيب وخاصة التيار اليميني المتطرف.

ثانياً: مظاهر الخلل ومعوقات التطبيق

إن قراءة دقيقة للسيناريوهات والرؤى السابقة تشير إلى أنها تتسم بالتباين والتناقض فيما بينها من ناحية، وعدم الواقعية من ناحية أخرى، الأمر الذي يعني صعوبة تحولها إلى واقع على الأرض.

1- تعارض الرؤى الإسرائيلية والغربية

اتسمت السيناريوهات الغربية (الأمريكية، والأوروبية) بدرجة ملحوظة من التعارض والتباين مع الرؤية الإسرائيلية، خاصة فيما يتعلق بمسألة السيطرة الأمنية على القطاع التي تتمسك بها إسرائيل، حيث أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو خلال اجتماعه مع رؤساء بلديات البلدات المتاخمة لقطاع غزة أن "قوات الجيش ستظل مسيطرة على القطاع، ولن نسلمه إلى قوات دولية"([23]). كما انتقد سفير إسرائيل في واشنطن مايكل هيرزوغ، خلال مقابلة مع صحيفة "بوليتيكو" في 16 نوفمبر 2023، اقتراح ألمانيا بنقل قطاع غزة إلى سيطرة الأمم المتحدة بعد انتهاء النزاع هناك، وبرر ذلك بعدم وجود تجربة إيجابية لدى بلاده في هذا المجال([24])، وهو ما ترفضه الرؤى الأمريكية والأوروبية، وإن كانا قد أبدياً مؤخراً مرونة نسبية من خلال القبول بفكرة سيطرة أمنية إسرائيلية مؤقتة وليست دائمة، حيث أوضح وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، على هامش اجتماع وزراء خارجية مجموعة السبع في 8 نوفمبر 2023، أن إسرائيل لا تستطيع إدارة قطاع غزة، لكن قد تكون هناك فترة انتقالية بعد انتهاء الصراع الحالي([25]).

هذا فضلاً عن تصاعد اتجاه بين أعضاء الائتلاف الحكومي الإسرائيلي يطالب بالعودة إلى وضع ما قبل عام 2005 فيما يتعلق بإعادة بناء المستوطنات داخل القطاع، ارتباطاً بالرؤية التوراتية التي يزعمها أعضاء الائتلاف المتطرفون حول "الأرض الموعودة". وفي سبيل ذلك، تقدم أعضاء الكنيست عن حزب الليكود خلال الفترة الماضية، بمشروع قانون لتعديل قانون فك الارتباط لمنح الإسرائيليين حرية الحركة في غزة بعد الحرب([26])، وهو ما أكده أيضاً وزير التعليم الإسرائيلي يوآف كيش، في مقابلة له مع راديو الجيش الإسرائيلي في 8 نوفمبر 2023، حيث أوضح أن إسرائيل يمكنها "بالتأكيد إعادة المستوطنات وإعادة رسم الخطوط"، مؤكداً أنه "لا يوجد وضع قائم ولا شيء مقدس"([27]). ومن شأن هذه التحركات أن تؤثر بدورها على خيار حل الدولتين الذي أكدت عليها السيناريوهات الغربية السابقة.

2- انقسام الداخل الإسرائيلي حول السيناريوهات المطروحة

يشهد الداخل الإسرائيلي حالة من الانقسام حول مستقبل قطاع غزة، خاصة بين أعضاء حكومة الطوارئ الإسرائيلية التي تشكلت في 11 أكتوبر 2023، وأعضاء مجلس الحرب المصغر. فمن ناحية، يسعى أعضاء الائتلاف اليميني المتطرف إلى رفع سقف طموحات قاعدة ناخبيهم من اليمين الديني المتطرف، بربط بنك أهداف العملية العسكرية التي تقوم بها إسرائيل ضد القطاع بإعادة احتلاله وإعادته إلى وضع ما قبل عام 2005 واستئناف بناء المستوطنات، وهو ما ترفضه المؤسسات الأمنية، وبعض أعضاء مجلس الحرب، حيث بدا وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف جالانت وكأنه يقترح العكس تمامًا فيما يتصل بالإدارة المستقبلية لغزة، حيث أشار إلى أنه يتعين على إسرائيل، بعد انتهاء القتال في غزة، أن تنهي مشاركتها في المسئولية عن الحياة في القطاع([28])، وهو ما يجعله أقرب للرؤى الغربية منه إلى الرؤية الإسرائيلية فيما يتعلق بالوجود الإسرائيلي الأمني المباشر داخل القطاع.

وعلى مستوى الرأي العام الإسرائيلي، تبرز أيضاً هذه الحالة من الانقسام حول سيناريوهات الحكم في غزة، حيث أفرزت نتائج استطلاع الرأي الذي أجراه معهد لازار للأبحاث لصالح صحيفة "معاريف" الإسرائيلية، أن أغلبية قدرها 44% من المستطلعين يريدون أن تظل إسرائيل مسيطرة على غزة بعد الحرب ضد حماس، منهم 22% يريدون أن يقتصر ذلك على السيطرة الأمنية، بينما أيد 22% إعادة إنشاء مجتمعات مدنية يهودية في غزة. في حين ذهب 41% من المستطلع آراؤهم إلى تأييد الخروج من القطاع بعد الحرب، حيث اشترط معظمهم تحقق ذلك من خلال نقل السلطة إلى إطار دولي (33%)، بينما أيد 8% فقط نقل السيطرة على غزة إلى السلطة الفلسطينية([29]).

3- الرفض الإسرائيلي لعودة السلطة الفلسطينية لحكم القطاع كجزء من إطار حل الدولتين

وفقاً للاستراتيجية الإسرائيلية في التعامل مع قطاع غزة منذ عام 2009، فإن تل أبيب كانت تفضل الإبقاء على حكم حماس في القطاع من أجل استمرار حالة الانقسام الفلسطيني، حيث يساعد ذلك على ألا يكون هناك "شريك سلام" في أية عملية سلام محتملة، وبالتالي عدم إلزام إسرائيل باتخاذ قرارات صعبة و/أو تقديم تنازلات إقليمية([30]). ووفقاً لعدد من التقديرات الإسرائيلية، فإن "الكابوس الأكبر" لليمين الإسرائيلي كان يتمثل في انهيار حركة "حماس" وعودة السلطة الفلسطينية لتسيطر على قطاع غزة([31]). وانعكس ذلك في تصريح وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش – بحسب أحد التقارير الإسرائيلية – خلال العام 2015، في مقابلة مع قناة الكنيست الإسرائيلي، أكد فيه أن "السلطة الفلسطينية عبء، وحماس ذُخر"([32]). هذا بالإضافة إلى تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو في لقاء مغلق أجراه في 11 مارس 2019 مع أعضاء حزبه "الليكود"، حيث أوضح أن "نقل المال إلى قطاع غزة يعد جزء من الاستراتيجية للفصل بين الفلسطينيين في غزة والضفة"، مضيفاً: "كل من يعارض إقامة دولة فلسطينية يجب أن يؤيد نقل الأموال من قطر إلى حماس، هكذا نحبط إقامة دولة فلسطينية"([33]).

ومع تطور الأحداث وتغير المعطيات في ضوء عملية "طوفان الأقصى"، فإن الموقف الإسرائيلي، وخاصة موقف اليمين المتطرف، قد يكون تغير فيما يتعلق بحركة حماس، إلا أنه لم يتغير فيما يتعلق بمسألة رفضه لمسار حل الدولتين، وهو ما يتبناه جميع أعضاء حكومة الطوارئ الحالية، بمن فيهم زعيم حزب المعارضة بيني غانتس الذي ترشحه غالبية استطلاعات الرأي لأن يكون خلفاً لنتنياهو. هذا فضلاً عن تأكيد وثيقة الاستخبارات الإسرائيلية، التي تم تسريبها، على أن إدخال السلطة الفلسطينية إلى غزة هو البديل الأخطر من بين البدائل المطروحة، معللة ذلك بأنه قد يؤدي إلى قيام دولة فلسطينية([34]). وبالتالي، ليس من المتوقع أن تقبل إسرائيل أية سيناريوهات تضم خيارات من شأنها تعزيز الوحدة بين القطاع والضفة باعتبار ذلك تمهيد لتفعيل مسار حل الدولتين.   

4- معارضة السلطة الفلسطينية لمعادلات ترسيخ الانقسام بين الضفة وقطاع غزة

أكدت السلطة الفلسطينية رفضها قبول السيطرة على الحكم في قطاع غزة إلا في إطار تسوية سياسية شاملة تشمل كلاً من الضفة والقطاع والقدس الشرقية، وهو ما انعكس في تصريحات الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الذي أكد أن "قطاع غزة هو جزء لا يتجزأ من دولة فلسطين"، مضيفاً: "سنتحمل مسئولياتنا كاملة في إطار حل سياسي شامل على كل من الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية وقطاع غزة"([35]). وتدرك السلطة أن العودة دون هذا الإطار السياسي من شأنه أن يزيد من حالة ضعفها وتراجع شرعيتها في الشارع الفلسطيني الذي سينظر إليها على أنها جاءت "على ظهر دبابة إسرائيلية". هذا الموقف الفلسطيني يتعارض مع الرؤية الإسرائيلية الرافضة لمسار حل الدولتين، والرافضة كذلك لعودة السلطة الفلسطينية لحكم القطاع، وهو ما يشكل عائقاً أمام السيناريو الأمريكي المتضمن في بنوده عودة السلطة الفلسطينية كبديل لحكم حماس.

5- رفض الدول العربية الرئيسية

ترفض كل من مصر والأردن الرؤية الإسرائيلية المتعلقة بدفع سكان القطاع للنزوح والتهجير القسري إلى دول الجوار الجغرافي. وسرعان ما أصبح هذا الموقف المصري، والأردني، مدخلاً مهماً في تطور الموقف الدولي الذي أصبح أكثر قبولاً لرفض فكرة التهجير القسري للفلسطينيين، خاصة بعد أن لقى الموقفان المصري والأردني دعماً عربياً واضحاً كما عبر عن ذلك البيان الختامي للقمة العربية- الإسلامية في ١١ نوفمبر ٢٠٢٣.

أيضاً، تنسحب الممانعة العربية إلى العديد من بنود السيناريوهات الغربية، خاصة فيما يتعلق بمسألة تولي "إدارة عربية" للقطاع أو تشكيل قوة أمنية عربية، حيث من المتوقع أن ترفض الدول العربية أن يُنظر إليها على أنها "قوة احتلال"، وهو ما قد يرفضه أيضاً الفلسطينيون المحليون. وقد عبر عن هذا الموقف بوضوح رئيس وزراء الأردن، بشر الخصاونة، الذي أكد أن "الأردن لن يُرسل أي قوات عسكرية لغزة، ولن يقبل استبدال الجندي الإسرائيلي بجندي أردني"([36]). أضف إلى ذلك ما ينطوي عليه هذا المسار من تأثيرات سلبية محتملة على معاهدات السلام الموقعة مع إسرائيل.

6- البناء على افتراض غير واقعي

لقد بنيت السيناريوهات السابقة على افتراض القضاء على حركة حماس، وهو افتراض غير عملي. فرغم مرور أكثر من أربعين يوماً على بدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، ورغم التوغل الإسرائيلي البري في شمال القطاع، لكن لم تستطع إسرائيل حتى الآن الحديث عن تحقيق هدفها الرئيسي المعلن وهو القضاء على حركة حماس، وهو ما أكده رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو في تصريحات له لقناة "فوكس نيوز"، حيث أوضح أن الهجوم الجوي والبري الإسرائيلي المستمر أكثر من شهر ضد "حماس"، استغرق وقتاً أطول مما كان يأمل، مضيفاً: "آمل تحقيق ذلك بسرعة لكننا نواجه ظروفاً على الأرض وسلامة قواتنا والرهائن لدى حماس"([37]). وفي أحسن الأحوال، قد تنجح العمليات العسكرية الإسرائيلية في إضعاف حماس أو إنهاء حكمها في القطاع، لكنها لن تؤدي يقيناً إلى القضاء عليها كحركة أو كأيديولوجيا.

7- صعوبة بناء توافق دولي داخل مجلس الأمن

نظراً لتضمن بعض السيناريوهات لخيارات تشكيل بعثة سياسية أو قوة دولية لحفظ السلام كمسار بديل للتواجد الأمني الإسرائيلي أو الفلسطيني، فإن ذلك قد يصطدم بصعوبة بناء الإجماع أو التوافق اللازم داخل مجلس الأمن، والذي يعاني بالفعل من انقسام عميق بشأن العديد من القضايا العالمية والإقليمية. وازدادت حدة هذا الانقسام بشأن الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة. مثل هذا الانقسام سيحول دون تمرير أية صيغ دولية بشأن مستقبل قطاع غزة.

***

ختاماً، كشفت السيناريوهات الغربية/ الإسرائيلية لليوم التالي للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة عن جملة من التحديات والمعوقات التي تحول دون تنفيذها عملياً، هذا بالإضافة إلى تعقيدات وتشابك الحسابات الخاصة بالأطراف المعنية على النحو المبين سلفاً، وهو ما يزيد من صعوبة تطبيق هذه السيناريوهات على أرض الواقع، خاصة أنها قد بنيت جميعها على افتراض مسبق غير واقعي، وهو القضاء على حركة حماس. وقد تأكد عدم واقعية هذا الافتراض بعد دخول الحرب شهرها الثاني. أضف إلى ذلك ارتفاع كلفة الدعم الغربي المقدم إلى تل أبيب، خاصة في ظل الانتهاكات الجسيمة التي يرتكبها جيش الاحتلال أثناء العمليات العسكرية، وأدت إلى الخسائر البشرية الكارثية للمدنيين الفلسطينيين، وهو ما سيكون له أثره السلبي في المستقبل القريب على تآكل وتراجع هيمنة النموذج الغربي ومنظومة القيم الخاصة به التي شهدت حالة من الازدواجية في التعامل مع هذه الانتهاكات.

وتجدر الإشارة هنا أن انتقال الغرب مبكراً، وتحديداً الولايات المتحدة، إلى طرح سيناريوهات حول اليوم التالي للحرب، يأتي في إطار محاولتها في اللحظة الراهنة تخفيف ضغوط الرأي العام العالمي بسبب الدعم الغربي اللامحدود للعمليات العسكرية الإسرائيلية ضد قطاع غزة، حيث أصبح يتعزز لدى الإدراك الغربي، في ظل اتساع حركة الاحتجاج العالمي ضد الانتهاكات الإسرائيلية، أن غياب أهداف عملية قابلة للتطبيق للعمليات العسكرية الإسرائيلية ضد القطاع يقوّض شرعية هذه العمليات، وكذلك شرعية الدعم الغربي المقدم لها، وهو ما تحاول أن تتلافاه وتخفف من آثاره عبر طرح تصورات وسيناريوهات مفترضة لليوم التالي للحرب، فضلاً عن إمكانية استكمال العمل على هدف "القضاء على حماس" من خلال حشد دعم إقليمي ودولي حوله.

وفي ظل استمرار آلة الحرب المرتبطة بسعي نتنياهو وائتلافه الحكومي المتطرف لتحقيق انتصار يحافظ على مكانته السياسية التي اهتزت نتيجة عملية "طوفان الأقصى"، ومحاولة إعادة ترميم معادلة الردع التي نالت منها عملية "طوفان الأقصى"، فإن ذلك من شأنه أن يزيد من تكلفة الدعم الغربي لهذه العمليات التي ينتج عنها انتهاكات وجرائم حرب تتعارض مع قواعد القانون الدولي الإنساني، على نحو كان له تأثيره في تراجع مصداقية السرديات الغربية في حشد الرأي العام العالمي بشأن التصعيد، وهو ما أكده الكاتب الأمريكي توماس فريدمان الذي أوضح أن "الطريقة العنيفة التي اختارتها إسرائيل للرد على هجوم حماس في 7 أكتوبر 2023 حوّل تركيز العالم من هجوم حماس إلى الهجوم على القصف الهائل الذي تمطر به إسرائيل المدنيين في غزة"([38]).  

وبالتالي قد تفضي التحولات المحتملة في المعركة الدائرة، وكذلك التحولات الحادثة على المستويين الإقليمي والدولي، من ناحية اتساع دوائر المعارضة على مستوى الحكومات وكذلك الرأي العام، إلى واقع مختلف بمعطيات جديدة قد لا تكون هذه السيناريوهات صالحة له.


[1] Robert Satloff, Dennis Ross and David Makovsky, Israel’s War Aims and the Principles of a Post-Hamas Administration in Gaza, The Washington Institute for Near East Policy, October 17, 2023. Accessed Date: November 1, 2023. Retrieved From:

https://www.washingtoninstitute.org/policy-analysis/israels-war-aims-and-principles-post-hamas-administration-gaza

[2] Opening Remarks by Secretary Antony J. Blinken Before the Senate Appropriations Committee On “A Review of the National Security Supplemental Request”, U.S. Department of state, October 31, 2023. Retrieved From:

https://www.state.gov/opening-remarks-by-secretary-antony-j-blinken-before-the-senate-appropriations-committee-on-a-review-of-the-national-security-supplemental-request/

[3] Felicia Schwartz and James Shotter, US shifts focus on Gaza to what follows an end to the war, The Financial Times, November 4, 2023. Retrieved From:

https://www.ft.com/content/2bc594a3-84b9-4311-ab78-383900059a0d

[4] من سيحكم غزة.. وثيقة تكشف مخططات أوروبية!، العربية نت، بتاريخ 31 اكتوبر 2023. انظر:

https://shorturl.at/iAPUY

[5] Speech by President von der Leyen at the EU Ambassadors Conference 2023, European Commission, November 6, 2023. Retrieved From:

https://ec.europa.eu/commission/presscorner/detail/en/speech_23_5581

[6] Simon Marks, US and EU Back UN Force in Postwar Gaza, Adding Pressure on Israel, Bloomberg, November 16, 2023. Retrieved From:

https://www.bloomberg.com/news/articles/2023-11-16/us-eu-back-un-force-in-postwar-gaza-adding-pressure-on-israel?srnd=premium-europe

[7] Patrick Wintour, France proposes widening anti-Islamic State coalition to fight Hamas, The Guardian, October 24, 2023. Accessed Date: November 2, 2023. Retrieved From:

https://www.theguardian.com/world/2023/oct/24/france-proposes-widening-anti-islamic-state-coalition-to-fight-hamas

[8] NAJIB JOBAIN and SAMY MAGDY, Fighting Hamas deep in Gaza City, Israel foresees control of the enclave’s security after the war, ABC News, November 7, 2023. Retrieved From:

https://abcnews.go.com/International/wireStory/month-war-netanyahu-israel-security-role-gaza-indefinitely-104682310

[9] LAZAR BERMAN, Israel to retain ‘security responsibility’ in Gaza after war, says Israeli official, Times of Israel, October 31, 2023. Retrieved From:

https://www.timesofisrael.com/israel-to-retain-security-responsibility-in-gaza-after-war-says-israeli-official/

[10] Amir Tibon, Talk of Re-establishing Jewish Settlements in Gaza Strip Damages Israeli Legitimacy, Western Diplomats Warn, Haaretz, November 8, 2023. Retrieved From:

https://www.haaretz.com/israel-news/2023-11-08/ty-article/.premium/western-diplomats-warn-talk-of-returning-settlements-in-gaza-damages-israeli-legitimacy/0000018b-abaa-da30-a38b-ffaf56170000?v=1699449453284 

[11] Minister Amichai Eliyahu: 'Rules of the game have changed, Gaza will not rise again', Israel National News, October 25, 2023. Retrieved From:

https://www.israelnationalnews.com/news/379124  

[12] Talk of Re-establishing Jewish Settlements in Gaza Strip Damages Israeli Legitimacy, Western Diplomats Warn, Ibid.

[13] Anshel Pfeffer, What Is Israel’s Endgame in Gaza? These Are the Three Key Dilemmas, Haaretz, October 30, 2023. Retrieved From:

https://www.haaretz.com/israel-news/2023-10-30/ty-article-magazine/.premium/what-is-israels-endgame-in-gaza-these-are-the-three-key-dilemmas/0000018b-8080-d4ba-a3ab-9a8d90aa0000

[14] JEREMY SHARON, Disengagement repeal law for northern West Bank approved in first reading, Times of Israel, March 14, 2023.  Accessed Date: November 2, 2023. Retrieved From:

https://www.timesofisrael.com/disengagement-repeal-law-for-northern-west-bank-approved-in-first-reading/

[15] Avner Hofstein and Tal Schneider, The campaign to return to Gush Katif penetrates deeply into the army:  Swim in the waters of Gaza, Zman, November 10, 2023. Retrieved From:

https://www.zman.co.il/436738/popup/

See also:

Beaz Gaon, We have run out of capacity to contain lunatics, ynet, November 13, 2023. Retrieved From:

https://www.ynet.co.il/news/article/sklmvmam6

[16] MICHAEL HOROVITZ, IDF disavows comments by military rabbi calling for conquering Gaza and Lebanon, Times of Israel, November 5, 2023. Retrieved From:

https://www.timesofisrael.com/idf-disavows-comments-by-military-rabbi-calling-for-conquering-gaza-and-lebanon/

[17] DAPHNE ROUSSEAU, Some Israelis dream of return to Gaza settlements as IDF readies to go back in, Times of Israel, October 26, 2023. Accessed Date: November 10, 2023. Retrieved From:

https://www.timesofisrael.com/some-israelis-dream-of-return-to-gaza-settlements-as-idf-readies-to-go-back-in/

[18] What Is Israel’s Endgame in Gaza? These Are the Three Key Dilemmas, Ibid.

[19] محمد وتد، تفاصيل وثيقة إسرائيلية مسربة أوصت باحتلال غزة، الجزيرة نت، بتاريخ 31 أكتوبر 2023. انظر:

https://shorturl.at/ekoW8

[20] AMY TEIBEL, Intelligence Ministry ‘concept paper’ proposes transferring Gazans to Egypt’s Sinai, Times of Israel, October 31, 2023. Retrieved From:

https://www.timesofisrael.com/intelligence-ministry-concept-paper-proposes-transferring-gazans-to-egypts-sinai/

[21] Patrick Kingsley, Israel Quietly Pushed for Egypt to Admit Large Numbers of Gazans, The New York Times, November 5, 2023. Retrieved From:

https://www.nytimes.com/2023/11/05/world/middleeast/israel-egypt-gaza.html

[22] PAUL RONZHEIMER, Israel's Energy Minister in an interview with BILD “We are in World War III”, Bild Newspaper, October 23, 2023. Accessed Date: November 5, 2023. Retrieved From:

https://www.bild.de/politik/ausland/politik-ausland/israels-energie-minister-im-bild-interview-sind-im-dritten-weltkrieg-gegen-radik-85846766.bild.html

[23] TOI STAFF and JACOB MAGID, Netanyahu says IDF will control Gaza after war, rejects notion of international force, Times of Israel, November 9, 2023. Retrieved From:

https://www.timesofisrael.com/netanyahu-says-idf-will-control-gaza-after-war-rejects-notion-of-international-force/

[24] LAURA HÜLSEMANN AND ANNE MCELVOY, Israel’s ambassador to US pans Germany’s idea of a UN-controlled Gaza, politico, November 16, 2023. Retrieved From:

https://www.politico.eu/article/israel-herzog-ambassador-us-critical-un-controlled-gaza/

[25] Blinken says Israel cannot run Gaza after war, ynaet, November 8, 2023. Retrieved From:

https://www.ynetnews.com/article/sj9f001tma

[26] Talk of Re-establishing Jewish Settlements in Gaza Strip Damages Israeli Legitimacy, Western Diplomats Warn, Ibid.

[28] Peter Beaumont, Netanyahu’s vague vision for Gaza after war may open up new chapter of violence, The Guardian, November 7, 2023. Retrieved From:

https://www.theguardian.com/world/2023/nov/07/netanyahus-vague-vision-for-gaza-after-war-may-open-up-new-chapter-of-violence

[29] Poll: 44% of Israelis want Israel to remain in control of Gaza after war, Israel National News, November 10, 2023. Retrieved From:

https://www.israelnationalnews.com/news/380064

[31] Haim Ramon, The entire political system supports the same strategy: to preserve the secret alliance with Hamas, Maariv newspaper, May 19, 2023. Retrieved From:

https://www.maariv.co.il/journalists/opinions/Article-1008080

[32] Ibid.

[33] LAHAV HARKOV, Netanyahu: Money to Hamas part of strategy to keep Palestinians divided, The Jerusalem Post, MARCH 12, 2019. Accessed date: November 8, 2023. Retrieved From:

https://www.jpost.com/arab-israeli-conflict/netanyahu-money-to-hamas-part-of-strategy-to-keep-palestinians-divided-583082

[34] تفاصيل وثيقة إسرائيلية مسربة أوصت باحتلال غزة، مرجع سابق.

[35] عباس يؤكد استعداد السلطة الفلسطينية لتسلم مسئولية قطاع غزة.. كيف؟، فرانس 24، بتاريخ 10 نوفمبر 2023. انظر:

https://tinyurl.com/3wrfyk2c

[36]  الخصاونة: لن نقبل استبدال الجندي الإسرائيلي بجندي أردني في غزة بعد الحرب، روسيا اليوم، بتاريخ 8 نوفمبر 2023. انظر:

https://ar.rt.com/wdq6

[37] نقلاً عن: "نتنياهو: الهجوم ضد حماس استغرق وقتا أطول مما كنت آمل"، RT، ١٠ نوفمبر ٢٠٢٣. متاح على الرابط التالي:

https://cutt.us/k0Bef

[38] THOMAS L. FRIEDMAN, The Israeli Officials I Speak With Tell Me They Know Two Things for Sure, The New york Times, October 29, 2023. Retrieved From:

https://www.nytimes.com/2023/10/29/opinion/israel-hamas-ceasefire.html