د. إيمان مرعى

خبير ورئيس تحرير دورية رؤى مصرية - مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية

 

يشهد العالم في إطار تكوين نظام عالمى اقتصادى جديد العديد من التقلبات التي ترجع إلى تعقد الحياة الاقتصادية في جميع دول العالم، نظراً لتوسع التعاملات التجارية بينها وتضاعفها مما أدى إلى نشأة تكتلات اقتصادية دولية تسعى لرفع الحواجز الجمركية والقيود على التبادل الدولى استنادًا لمبدأ التخصص الدولى وتخصيص العمل، فتم وضع قوانين تجارية لضمان تيسير هذه المبادلات التجارية. وبمرور الوقت تعاظمت أهمية العلاقات الاقتصادية الدولية بسبب ارتفاع نسبة ما يشكله قطاع التجارة الخارجية ضمن الناتج المحلى الإجمالى للدول واقتصادياتها. فأصبحت الحروب والمنافسات في العالم الآن حروب اقتصادية تجارية ومنافسة بين الدول العظمى والتكتلات الاقتصادية. وفى ظل هذا الاتجاه نحو التكامل، وزيادة الترابط، والتشابك بين مختلف الاقتصاديات احتلت هذه الظاهرة مكانة بارزة في الأدبيات الاقتصادية، حيث شهد العالم مؤخراً نشاطاً واسع النطاق على صعيد تكوين التكتلات الاقتصادية الإقليمية، سواء في إطار ثنائى أو شبه إقليمى.

وفى ضوء هذه المتغيرات يتطلب الأمر من الدول النامية مراجعة مسارها، حيث لا تخلو هذه المتغيرات العالمية من بعض المخاطر التى لا تستطيع دولة بمفردها تحملها، وهذا ما يدفع التوجه الدولى نحو التكامل الإقليمى الذى بات يزداد يوماً بعد آخر، خاصة وأن الدول الكبرى لجأت لمحيطها الإقليمى وتحاول أن توسعه، حيث أنشأت الولايات المتحدة منطقة التجارة الحرة لأمريكا الشمالية «النافتا»، وتدعو لإنشاء منطقة حرة للأمريكيتين، وتجعل من المحيط الباسفيكى امتداداً إقليمياً لها من أجل الدخول فى تكتل مع الدول الآسيوية واستراليا، وأوروبا بعد أن حققت الحلم الأوروبى الكبير وضمت دول أوروبا الشرقية لها، بدأت الحديث عن «مبادرة العمالقة» عبر الأطلسى بين القارة الأوروبية والأمريكية. ولم يقتصر هذا التوجه على أمريكا وأوروبا بل تعدى إلى آسيا وأفريقيا. ومن ثم فإن تنامى ظاهرة التكتلات الاقتصادية هو ما يدفع لبحثها فى محاولة لبيان فرص نجاحها والتحديات التى تواجهها.