تقدم أجندة الأمم المتحدة الخاصة بالمرأة والأمن والسلم، التي تبناها مجلس الأمن في عام 2000، عددًا من الأطر الاسترشادية للدول حول كيفية إمكان دمج المرأة في تحقيق الأمن والسلم على المستوي الوطني. تخاطب الأجندة الأممية ثلاث فئات من الدول بمختلف مستويات التنمية المتحققة فيها ومستوى الأمن والسلم الذي تنعم به. تتمثل الفئة الأولى في الدول التي تمر بصراعات مسلحة، وفي هذه الحالة تعطي أولوية كبرى لمجالات الحماية والتعافي. وتتعلق الفئة الثانية بالدول المستقرة التي تغيب فيها أي صراعات مسلحة، ولكنها بحاجة لتعزيز جهودها الخاصة بحماية المرأة من العنف الجنسي بكل أشكاله من التطرف والإرهاب وتعزيز مشاركة المرأة، بما يضمن حماية المجتمع من أي صراعات مستقبلية.

وتشمل الفئة الثالثة والأخيرة الدول التي تساهم في مهام حفظ السلام الأممية المنفذة في مناطق ودول تمر بصراعات مسلحة، حيث تحث تلك الدول على تعزيز مشاركة المرأة في تلك المهام على مستوى صنع القرار، وعلى المستوى التكتيكي في الوحدات العسكرية أو الشرطية، أو المكون المدني في تلك المهام، فضلا عن رفع مستوى قدرات الوحدات المشاركة في تلك المهام من رجال ونساء ووعيهم بمراعاة الاحتياجات الخاصة بالمرأة في مناطق عملها، سواء تعلق الأمر بتقديم الدعم الطبي، أو برامج نزع السلاح والدمج وإعادة التأهيل DDR.

في هذا السياق، تهدف هذه الدراسة لمناقشة حالة التقدم في تنفيذ الأجندة الأممية للمرأة والأمن والسلم في المنطقة العربية، خلال الفترة من عام 2018 حتى عام 2023، عبر التركيز على الدول العربية التي تنعم بالاستقرار، أي الدول التي تنتمي للفئة الأولى، حيث يتم تحليل حالة دولتين عربيتين تنتميان لهذه الفئة من الدول، هما الأردن والإمارات. وتم في أثناء إعداد الدراسة عمل مقابلات مع عدة أطراف معنية بتنفيذ الأجندة الأممية من داخل هيئة الأمم المتحدة للمرأة، ومن جهات ساهمت في إعداد أو تنفيذ خطط العمل الوطنية في المنطقة العربية بهدف التعرف من قبل تلك الأطراف على ما تحقق من تقدم في تنفيذ الأجندة الأممية، وعلى التحديات الخاصة بتنفيذها في المنطقة العربية.

تنقسم الدراسة إلى أربعة أجزاء رئيسية. يهتم الجزء الأول بتعريف الأجندة الأممية للمرأة والأمن والسلام والركائز التي ترتكن إليها وما طرأ عليها من تطور طوال الأعوام الثلاثة والعشرين التالية لتبنيها عام 2000. وينصرف الجزء الثاني لمناقشة مستوى التقدم المتحقق في تنفيذ الأجندة على مستوى العالم، مع الاهتمام بالفترة الزمنية الخاصة بالدراسة من عام 2018 حتى 2023، من خلال توضيح عدد الدول التي تبنت خطط عمل وطنية تترجم من خلالها الأجندة الأممية وفق أولوياتها وظروفها، وتحليل مستوى التحسن في أوضاع المرأة، ومستوى مساهمتها في الأمن والسلم، الذي هو نتاج لتنفيذ الأجندة الأممية من خلال خطط العمل الوطنية.

ويتطرق القسم الثالث لتحليل حالة دولتين عربيتين تتمتعان بالاستقرار -حسب تصنيف الأجندة الأممية-، وهما الأردن والإمارات من حيث الأولويات المتضمنة في خطة العمل الوطنية الخاصة بالمرأة والسلام والأمن، ومستوى التقدم المتحقق في تنفيذ خطط العمل الوطنية.

ويحلل الجزء الرابع والأخير من الدراسة التحديات الخاصة بتنفيذ الأجندة الأممية في الدول العربية التي تنعم بالسلام وتغيب فيها الصراعات المسلحة. بصفة عامة يلاحظ أن التحديات الخاصة بتنفيذ الأجندة في الدول التي تعاني صراعات مسلحة تعد مألوفة، لا سيما أنها تتصدر اهتمام الخبراء والباحثين وتقارير الأمين العام للأمم المتحدة، فيما تعد التحديات الخاصة بالدول التي تنعم بالاستقرار والسلام وتغيب فيها الصراعات المسلحة، والتي تهتم بها هذه الدراسة هي الأقل من حيث حجم ما يوليه الخبراء والباحثون وتقارير الأمين العام للأمم المتحدة من اهتمام بتحليلها ومعالجتها.

تتنوع التحديات التي يناقشها هذا الجزء من الدراسة لتشمل ستة تحديات، منها تحدي التصورات السائدة في مؤسسات صنع القرار حول قابلية الأجندة الأممية للتطبيق، حيث يوجد انطباع وتصور في دوائر صنع القرار في دول عربية عدة بأن الأجندة الأممية تتعلق بشكل رئيسي بالدول التي تمر بصراعات مسلحة، وبالتالي قابليتها للتنفيذ في الدول التي تتمتع بقدر كبير من السلم وتغيب فيها الصراعات المسلحة المحدودة وربما الهامشية، إلى جانب تحدي الوعي بجدوى الأجندة الأممية الخاصة بالمرأة والأمن والسلام، سواء على مستوى مؤسسات صنع القرار في الدول أو على مستوى المجتمع بشكل عام.

كما تشمل التحديات التداخل بين الأجندة الأممية للمرأة والأمن والسلم والأجندة الأممية للتنمية المستدامة 2030، بالإضافة إلى التداخل بين الأجندة الأممية للمرأة والأمن والسلم واستراتيجية تمكين المرأة، وتحدي التمويل والميزانيات، فضلًا عن تحدي عدم مشاركة المجتمع المدني في تنفيذ الخطة الوطنية للمرأة والسلام والأمن.
كما تناقش الدراسة تحدي عدم وجود نظام أممي لمتابعة التقدم في تنفيذ الأجندة الخاصة بالمرأة والأمن والسلم، إذ لم تطور الأمم المتحدة قاعدة بيانات موحدة حول ما تحقق من تقدم في تنفيذ الأجندة بمختلف مجالاتها وأولوياتها.