تمثل التهديدات الهجين أحد أبرز التحديات الأمنية التي باتت تواجه الدول الأفريقية خلال السنوات الأخيرة، وتشكل تهديدًا لأمنها واستقرارها، خاصة أن أفريقيا باتت ساحة واسعة لاختبار العديد من التكتيكات الهجين التي تستهدف بالأساس مواطن الضعف في الدول المستهدفة ومؤسساتها، من أجل تحقيق أهداف ومصالح أطراف أخرى، سواء في الداخل أو فى الخارج.

تتضمن قائمة التهديدات الهجين العديد من الأدوات التي تعزز حالة عدم الاستقرار في المجتمعات الأفريقية، والتي من أبرزها، خلال الفترة الأخيرة، المعلومات المضللة، والهجمات الإلكترونية على البنية التحتية الحيوية في عدد من الدول الأفريقية، لما يشكلانه من تهديد لأمنها واستقرارها.

تجد هذه التهديدات سبيلها في الانتشار والتوسع في البيئات الأمنية المضطربة التي ينتشر بها عدم الاستقرار السياسي والاضطرابات الأمنية والصراعات المسلحة، وحتى بعض الدول التي تمر بفترات المراحل الانتقالية، وهو السياق العام الذي تشهده بعض المناطق الاستراتيجية الأفريقية، مثل الساحل والقرن الأفريقي، الأمر الذي تستغله بعض الجهات الفاعلة الحكومية وغير الحكومية لتنفيذ أهدافها الخبيثة التي باتت تشكل تهديدًا خطيرًا على المستوى الإقليمي.

كما أضحت التهديدات الهجين خيارًا تكتيكيًّا مناسبًا للاعبين الفاعلين، المحليين والدوليين، فقد أصبحت أداة جديدة ومهمة لبسط السيطرة والنفوذ في أفريقيا بين القوى الدولية المتنافسة، لا سيما روسيا وفرنسا والولايات المتحدة والصين. كما تستغلها بعض الحكومات الأفريقية في الترويج لرواياتها على حساب خصومها المحليين في أوقات الأزمات كما هو الحال في حرب تيجراي الأخيرة بإثيوبيا. ولا يقتصر انتهاج أساليب التهديدات الهجين على طرف بعينه، بل يتورط الفاعلون من غير الدول، مثل التنظيمات الإرهابية، في تبني أساليب التهديدات الهجين، بما في ذلك استخدام التكنولوجيا الحديثة في عملياتها الإرهابية، مثل الطائرات المسيرة، وهو ما يعزز نفوذها على المسرح الأفريقي.

يسلط انتشار التهديدات الهجين على الساحة الأفريقية بأشكالها المختلفة الضوء على تحمُّل الدول الأفريقية المزيد من الأعباء السياسية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية، إذ تدفع تلك التهديدات نحو مزيد من زعزعة الاستقرار في المشهد الأفريقي، وتسهم في تصاعد نشاط الإرهاب وإعطاء فرصة للتنظيمات الإرهابية لتوسيع نفوذها وبسط سيطرتها في المناطق الساخنة بالقارة، مثل الساحل وغرب أفريقيا.

أخيرًا، يبدو أن أفريقيا ستظل مختبرًا للتهديدات الهجين، التي ستظل تهديداتها مستمرة على الأقل حتى نهاية العقد الحادى والعشرين، وربما تشهد دخول تكتيكات متطورة وأدوات حديثة تشكل تهديدًا للقارة التي لا تزال معظم دولها تعاني قصورًا في تطوير التكنولوجيا الخاصة بحماية بنيتها التحتية الحيوية حتى لا تصبح هدفًا مستمرًا للهجمات السيبرانية وقراصنة الإنترنت على نحو ما شهدته بعض الدول خلال السنوات الأخيرة.