تعد قضية التغير المناخي إحدى القضايا الحيوية في مختلف المحادثات العالمية خلال العقدين الماضيين، ذلك لما لها من تأثير فى النواحي الاقتصادية والاجتماعية، بل والسياسية أيضًا. ولعل أهم ما يميز قضية التغير المناخي هي أنها قضية عالمية، أي أن تأثيراتها تطال جميع دول العالم، وليست دولة أو مجموعة من الدول فقط. وأضحى الكثير من صناع ومتخذي القرار في العديد من دول العالم يضعون التغير المناخي ضمن أجنداتهم، خاصة في ظل الدور المتنامي للمجموعات المطالبة بالحفاظ على البيئة والتنوع البيولوجي، بل وازدياد تداخل البيئة مع السياسة، مما أدى إلى ظهور أحزاب الخضر في عدد من دول العالم، بل وإسهاماتها خلال العقدين الأخيرين في تشكيل بعض الحكومات.

ونظرًا لعالمية القضية، فقد أضحى لها اعتبارًا وثيقًا في ملفات السياسة الخارجية، فقد تقاس جودة العلاقة بين دولتين أو سياسة دولة نحو إقليمٍ ما بكمية ما تنتجه من انبعاثات أو غازات دفيئة، تلك الغازات التي تؤدي في النهاية إلى تأثير واضح فى الدولة الأخرى أو الإقليم المتأثر، مثلما نجد في حالات الجفاف والفيضانات والكوارث الطبيعية التي تعرضت لها منطقة الكاريبي وجزر المحيط الهادى وأخيرًا شرق أفريقيا.

وازدادت خطورة الأزمة بشدة خلال العامين 2021 و2022، حيث ازدادت الكوارث الطبيعية في وسط وشرقي أفريقيا، وهددت دول أو مدن بالغرق، كما وضعت قضايا المناخ على أولويات قادة دول كبرى أو دول قائدة في نطاقات إقليمية، مثل تأكيد الرئيس الأمريكي «جو بايدن» على أهمية التكاتف ضد التغير المناخي، وكذلك وضعها ضمن استراتيجية الاتحاد الأوروبي ومناداة دول أخرى بها، مثل كينيا والبرازيل. وقد ذهب الباحث «روبرت ميلاي»، رئيس ومؤسس مؤسسة مجموعة الأزمة إلى إن قضية التغير المناخي هي واحد من ضمن عشر أهم موضوعات يمكن متابعتها خلال عام 2021 فيما يتعلق بالنزاعات الدولية.

وفي ظل استضافة مصر لمؤتمر الأطراف في الاتفاقية الأممية الإطارية لتغير المناخ في نسخته السابعة والعشرين، يوجد العديد من القضايا المترابطة والمتكاملة التي يتم مناقشتها عالميًا، لاسيما عقب الحديث عن التعافي الأخضر بعد أزمة جائحة «كوفيد- 19»، فما قامت به مصر في استضافة المؤتمر أعاده مرة أخرى إلى قارة أفريقيا، أقل قارات العالم تسببًا في انبعاثات الغازات الدفيئة، بما يعكس أهمية الحديث عن العدالة المناخية من منظورات مختلفة.