د. إيمان مرعى

خبير ورئيس تحرير دورية رؤى مصرية - مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية

 

تعتبر الصناعات الثقافية والإبداعية من أسرع الصناعات نمواً فى العالم، وقد ثبت أنها خيار إنمائى مستدام يعتمد على مورد فريد ومتجدد هو الإبداع البشرى.

وقد أولت استراتيجية التنمية المستدامة (رؤية مصر 2030) اهتماماً واضحاً بالصناعات الثقافية، فقد نص الهدف الأول فى محور الثقافة على: «دعم الصناعات الثقافية كمصدر قوة للاقتصاد»، وجاء فى تعريف الهدف أن المقصود به «تمكين الصناعات الثقافية لتصبح مصدر قوة لتحقيق التنمية، والقيمة المضافة للاقتصاد المصرى، بما يجعلها أساساً لقوة مصر الناعمة إقليمياً ودولياً»، وتشمل الصناعات الثقافية السينما والمسرح، والموسيقى، والفن التشكيلى، والإذاعة والتليفزيون، والنشر، والكتب، والحرف التراثية.

تعكس الثقافة ذاتنا، وترسم ملامح هويتنا وهى السبيل إلى تعزيز الاحترام، والتسامح، ووسيلة لإيجاد فرص العمل وتحسين حياة الإنسان، ومن ثم تتجاوز الصناعات الثقافية والإبداعية مجرد الرؤية التقليدية التى تنظر إلى الفنون والمنتجات الثقافية على أنها مجرد منتجات تقدم من أجل الترفيه والتسلية، إلى اعتبارها صناعة ووسيلة للربح، وخلق الوظائف، وبناء المجتمعات.

وبالتالى تعد الصناعات الإبداعية والثقافية المصدر الرئيس لإنتاج القوى الناعمة لبلد ما وهى تعتمد من حيث المبدأ على توفر رأس مال بشرى مُبدع قادر على التطوير والتحديث والابتكار، فهى تنتج سلعاً وخدمات رمزية، مثل الأفكار، والرؤى، والتجارب، والصور، والموسيقى، والفنون بأنواعها. وفى هذا السياق يناقش هذا العدد اقتصاديات الصناعات الثقافية والإبداعية، والتجارة الدولية فى الخدمات الثقافية، ودور التعليم فى دعم ورعاية العقول الإبداعية، والفنون وتعزيزالصحة النفسية. خاصة وأن اقتصاد اليوم فى جوهره اقتصاد إبداعى يشهد نمواً مستمراً ويلعب دوراً حاسماً فى مستقبل الثقافة.