د. إيمان مرعى

خبير ورئيس تحرير دورية رؤى مصرية - مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية

 

يعد الاقتصاد السلوكى جزء من علم الاقتصاد، حيث يركز على دراسة البعد السلوكى للأفراد عند تحديد اختياراتهم، ومن ثم فإنه يسعى فى كثير من الأحيان إلى التدخل غير المباشر لتوجيه السلوك البشرى نحو الخيارات الأفضل، حيث يتم ذلك من خلال التحكم فى بيئة الاختيار ذاتها عبر مفهوم إعادة هندسة الاختيار، والذى يعنى تصميم طرق مختلفة يمكن من خلالها عرض الخيارات الأكثر رشادة على المستهلكين، وتأثير هذا العرض على عملية صنع القرار لدى المستهلك.

رغم حداثة مجال الاقتصاد السلوكى، إلا أنه لفت الأنظار إلى إمكانية استخدامه لدعم السياسات العامة وفى عملية التنمية المجتمعية من خلال صياغة برامج تنموية تخاطب الفرد بناء على احتياجاته وثقافته، ودراسة سلوكياته، ولا يقتصر الأمد على صعيد الحكومات، وإنما باتت هناك إمكانية كذلك لاستفادة قطاع الشركات من تطبيقات الاقتصاد السلوكى. ومن ثم يسعى الاقتصاد السلوكى إلى تحديد وتوضيح الطريقة التى يتخذ بها الأفراد قراراتهم، فالاقتصاد السلوكى يأخذ فى الاعتبار المعارف والمعلومات المستمرة من علم النفس، وعلم الاجتماع فى دراسة السلوك الاقتصادى للبشر.

إن استخدام أفكار وتطبيقات الاقتصاد السلوكى فى تنظيم التفضيلات والقرارات الخاصة بالأفراد أصبح توجهاً عالمياً ولا يزال يتنامى بشكل مستمر.

وتشير الدلائل الدولية إلى الأثر الإيجابى لاستخدام الاقتصاد السلوكى فى زيادة الدخل القومى، والامتثال الضريبى، والالتزام بسداد القروض المصرفية، وترشيد الإنفاق، وهو الأمر الذى انعكس فى التوجه الجديد لدى بعض الدول العربية نحو تبنى السياسات السلوكية وجعلها جزءاً من عملية تصميم السياسات العامة، وإنشاء وحدات ومراكز للتنبيه والحث السلوكى.
وفى هذا السياق يتناول العدد ماهية الاقتصاد السلوكى، وإسهامات العلماء فى تطويره، ودور العلوم السلوكية فى دعم السياسات الحكومية ومجالات تطبيقات الاقتصاد السلوكى بهدف تصميم سياسات أكثر رشادة وعقلانية.