تنامى، خلال السنوات الماضية، اعتماد الدول والمنظمات، الدولية والإقليمية، على العقوبات كوسيلة لحماية المصالح القومية ومواجهة انتهاكات قواعد القانون الدولي. وشملت العقوبات الدولية العديد من الدول والأفراد والكيانات، وإن تباينت من حيث درجة الشدة والشمول.
وقد كانت إيران، وكوريا الشمالية، وكوبا، وسوريا من بين البلدان التي فرضت عليها الولايات المتحدة عقوبات اقتصادية شاملة، فضلًا عن خضوع بعضها للعقوبات المفروضة من قبل الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي. استهدفت هذه العقوبات تعديل السلوك غير المرغوب دوليًا، بما في ذلك الحد من انتشار أسلحة الدمار الشامل والصواريخ الباليستية، وتعزيز حقوق الإنسان، ووقف دعم الإرهاب.
كان للعقوبات الدولية المفروضة على هذه البلدان تداعيات خطيرة على الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ إذ أدت إلى تفاقم مشكلات المرض والفقر والأمية، وهددت بشدة أمنها الغذائي، كما أضرت اقتصاداتها القومية وقوضت جهود التنمية فيها. لذلك، تبنت حكومات تلك البلدان، مجموعة من الآليات للحد من التأثيرات السلبية للعقوبات من أجل ضمان بقائها في الحكم، وللتخفيف من حدة الاحتقان والغضب الشعبي.
كان من بين هذه الآليات الاتجاه لتعزيز الاستقلال الاقتصادي والاعتماد على الذات، وإدخال بعض الإصلاحات الاقتصادية، والحصول على الدعم الخارجي من الحلفاء الاستراتيجيين، فضلًا عن تطويرها لمجموعة من الآليات للالتفاف على العقوبات والتكيف معها، إلى جانب توظيف العقوبات كأداة للدعاية ضد الولايات المتحدة الأمريكية.
أسهمت هذه الآليات في تقويض فاعلية العقوبات الدولية، بشكل ملحوظ، في تحقيق الأهداف المرجوة منها، وأدت إلى التقليل من تداعياتها السلبية على النخب الحاكمة، وإن تحمل المواطنون العاديون العبء الأكبر لهذه العقوبات، خاصة مع استمرار النظم السلطوية وبقائها في الحكم، وديمومة ممارساتها التي تنتهك حقوق الإنسان، فضلًا عن استمرار تطور البرامج النووية لدى بعض الدول، كإيران وكوريا الشمالية، برغم خضوعها لعقوبات مشددة.
من بين العوامل الأخرى التي أسهمت في الحد من فاعلية العقوبات الدولية ضعف التزام بعض القوى الدولية الفاعلة بتنفيذ العقوبات، ومحدودية اندماج بعض الدول المستهدفة في النظامين التجاري والمالي العالميين.
لذلك، فإن العقوبات تميل إلى العمل بشكل أفضل عندما يكون هناك إجماع سياسي دولي، ويتم تعويض الدول غير المستهدفة التي يجب أن تتحمل تكلفة اقتصادية نتيجة للعقوبات، وحينما تكون أهدافها ضيقة ومحددة بوضوح، وأن يتم ربط زيادة العقوبات أو تخفيضها بناءً على سلوك الدولة المستهدفة.