د. أميرة محمد عبد الحليم

خبيرة الشئون الأفريقية - مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية

 

تفترض كتابات كثيرة أن الصراع المسلح في أى بلد يقلل من ربحية الاستثمار. ومن دون شك، فإن هذا الافتراض يعتمد على مقاربة أساسية تتمثل في أن انتشار السلام، وغياب العنف، يعزز النشاط الاقتصادي، في حين أن الصراع يفرض آثاراً عكسية. ورغم أن القانون الدولي الإنساني يحمي الممتلكات من آثار العمليات العسكرية وسيطرة الدول المتحاربة، لكنه يفعل ذلك في المقام الأول لأسباب إنسانية، وليس لحماية القيم والأنشطة الاقتصادية.

ولم تحتل الصراعات المسلحة مكانة بارزة في قوانين الاستثمار وممارساته، إلا فى الآونة الأخيرة فقط، حيث بدأ هذا الاتجاه في التحول مع إصدار المحاكم في دول مختلفة لقرارات تتعلق بحماية الاستثمارات من الهجمات الإرهابية أو من أعمال الشغب والنهب.

 إلا أن هناك اتجاهاً جديداً يرى أن الصراع يمكن أن يساهم في توسيع نطاق الاستثمار، مع ظهور افتراض مقابل يقوم على أن النزاع المسلح يمكن أن يفرض تداعيات متباينة. ففي الوقت الذي يمكن أن تتعرض الشركات لهجمات تتسبب فى تعطيل الإنتاج، فإن الصراع ربما يشجع نمطاً آخر من الاستثمار من خلال إعاقة الرقابة الحكومية.

لكن الواقع يشير إلى أن هناك نقصاً شديداً فى الأبحاث الأكاديمية حول آثار الصراع المسلح على الاستثمار، ففي مثل هذه الأوساط، تصبح الشركات أهدافاً لعمليات الخطف والابتزاز، مما يزيد من تقويض أنشطة القطاع الخاص. إلا أن بعض التقارير والدراسات تشير إلى نتائج مغايرة حول أرباح بعض الجهات الأخرى من الاستثمار في مناطق الصراع.

ففضلاً عن الشركات التى تجنى أرباحاً من الاتجار بالأسلحة أو الموارد غير القانونية، والتهريب، أو التي تطيل أمد الحرب عبر دعم أحد الأطراف أو غيرها، هناك شركات وربما تجار أفراد يستقرون فى بلاد مزقتها الحروب، لأن الفوضى تتوافق مع مصالحهم، حيث تستفيد هذه الفئات مما تركته المعارك والاقتتال على الأرض من آثار إنسانية ومادية، فتستثمر من خلال العمالة الرخيصة أو عبر المقاولين من الباطن.

في هذا السياق، تسعى الدراسة الحالية إلى محاولة البحث فى قضية التربح من الصراع، فكيف يكون استمرار الصراع مربحاً لشركات وأفراد، بحيث تغذى أعمال وأنشطة هؤلاء المتربحين الصراع الذى بات يدور فى دائرة مفرغة على الرغم من أن بعضهم قد لا يرتبطون مباشرة بأطراف الصراع الحقيقيين. ويمكن مناقشة هذه المعضلة عبر المحاور التالية: 

تحديات الاستثمار فى مناطق الصراع 

تعمل حوالي 60 ألف شركة متعددة الجنسيات في جميع أنحاء العالم في أكثر من 70 منطقة صراع حسب بعض التقديرات، حيث تنشط في مناطق يتم فيها إيقاف الاضطرابات الاجتماعية بقسوة، ويدور قتال مباشر فيها، أو في مناطق انتهت الحرب الأهلية فيها مؤخراً. ومهما كان موقف الشركات متعددة الجنسيات ومهما كان مجال عملها، فإنها تؤثر على الصراعات أو تتأثر هي نفسها بالصراعات،على نحو يعني أنها دائماً ما تخاطر بالارتباط بهذه الصراعات[1].

ويمكن توضيح أهم التأثيرات المتبادلة بين الاستثمار والصراع فيما يلى:

1- تقليص الاستثمارات: يؤثر الصراع على الأنشطة التجارية التقليدية ويدفع الشركات إلى ترتيبات أقل شفافية وتنافسية. ومع وجود فرص أقل، يتم فرض قيود على نشاط القطاع الخاص. وعلى الصعيد العالمي، تميل الشركات إلى تجنب الاستثمار في مناطق الصراع، حيث يُنظر إلى المخاطر المادية والمالية على أنها تفوق الأرباح التي يمكن جنيها في مثل هذه المناطق عالية المخاطر.

وأثناء الصراع فى سوريا، اشتد هروب رأس المال مع نقل السوريين أصولهم إلى خارج البلاد - معظمها إلى تركيا ومصر ولبنان والإمارات العربية المتحدة والأردن. وبين عامي 2011 و2017، سجل المغتربون واللاجئون السوريون أكثر من ستة آلاف شركة جديدة في تركيا - معظمها شركات تجارية وصناعية صغيرة ومتوسطة الحجم تقع في غازي عنتاب واسطنبول وكيليس وهاتاي. وتستضيف مصر أيضاً في الغالب مؤسسات صغيرة ومتوسطة الحجم، وكثير منها يديرها مصنعون انتقلوا من المنطقة الصناعية التي مزقتها الحرب في حلب.

وقد تمكن جزء صغير من الحفاظ على أنشطته في سوريا، حتى لو تم تقليص حجمها. فعلى سبيل المثال، وجد استطلاع أجري في عام 2017 شمل 230 شركة سورية في تركيا، أن 10% من الشركات التي لديها أعمال في سوريا قد استمرت في العمل[2].

2- ضعف الاقتصاد مع تدهور البنية التحتية: يمكن أن تساهم حالات الصراع في ضعف الاقتصاد الكلي، مما يؤدي في نهاية المطاف إلى تقويض الأنشطة النقدية والمالية. وكذلك أيضاً، فإن جانبي العرض والطلب في الاقتصاد يتفاقمان بسبب الصراع. وفي الواقع، تقدر تكاليف الصراع عالمياً بنحو 100 مليار دولار سنوياً.

ونظراً لأن الصراع يتداخل مع أنظمة الدفع التقليدية والوسطاء الماليين، فإن الصفقات التجارية تحدث بشكل متزايد نقداً مع وصول محدود إلى أسواق الائتمان. ويعزز الصراع تدهور البنية التحتية، حيث يتم استهداف خطوط النقل ومرافق الطاقة والوقود والمرافق التجارية في كثير من الأحيان.

ويقوض الصراع أيضاً العمال وأسواق العمل مع تصاعد دور العمالة الأقل مهارة والأرخص. ومع تراجع قدرات الحوكمة والصناعة. كما يقلل بالمثل من رأس المال الاجتماعي، حيث يتم إحباط الثقة بين الأفراد والجماعات والمنظمات. كما تضعف البيئة التمكينية للأعمال التجارية في مناطق الصراع مع تفشي الهشاشة المؤسسية، مما يؤدي أيضاً إلى توسيع نطاق الفساد في بعض البلدان.

ويستطيع أمراء الحرب- المدعومون من قبل أطراف في السلطة السياسية- تجميع أعمال كبيرة وإنشاء أعمال احتكارية. لذلك، يجب على الشركات ألا تحاول مساعدة المسئولين الحكوميين الفاسدين أو المتمردين أو الإرهابيين، كما يحدث أحياناً مع بعض الصناعات الاستخراجية، مثل الصراع على الماس في أنجولا أو الأخشاب في تايلاند وكمبوديا[3].

فقد تضررت البنية التحتية كثيراً فى سوريا نتيجة الصراع. كما أدت أزمة الوقود المستمرة إلى تقويض النشاط الاقتصادي بشكل أكبر، وتقليص الحركة وزيادة أسعار السلع الأساسية. هذا فضلاً عن صعوبات الحصول على المواد الخام والآلات اللازمة لاستئناف الإنتاج نظراً للعقوبات الواسعة التى تتسبب فى تأخيرات كبيرة أو تجبر الشركات المصنعة على الاعتماد على قنوات السوق السوداء غير المشروعة لاستيراد السلع والمعدات بأسعار أعلى بكثير.

كما أن قلة الطلب في السوق نتيجة الهروب والفقر المدقع وانخفاض القوة الشرائية تقوض الأعمال التجارية في سوريا. يضاف إلى ذلك نقص العمالة الناجم عن النزوح، في أجزاء من البلاد، واتجاه قسم من السكان الذين يخشون من الاعتقال والاحتجاز والتجنيد الإجباري إلى وقف نشاطهم، على نحو يجعل من الصعب على الشركات توظيف العمال والاحتفاظ بهم حتى بعد "تسوية أوضاعهم".

ويوضح الشكل التالى كيف يستمر التراجع فى اقتصاديات الدول المتأثرة بالصراعات حتى عام 2024 (وفقاً لبيانات صندوق النقد الدولى)  

شكل رقم (1) استمرار التراجع فى اقتصاديات دول الصراعات

Source: Franck Bousquet, Fragile and conflict-affected economies are falling further behind, Feb 10, 2022, https://www.weforum.org/agenda/2022/02/fragile-conflict-economy-states-pandemic-covid19-debt

 

3- تفاقم الصراع: في بعض الحالات، قد تؤثر الشركات سلباً، حيث قد تؤدي أنشطتها إلى تفاقم الصراع أو عدم الاستقرار. وتتمثل إحدى المشاكل الشائعة في التوظيف أو التشاور مع مجموعة واحدة من أصحاب المصلحة المحليين مع تجاهل البقية، مما يفيد عن غير قصد مجموعة على أخرى، بشكل يمكن أن يعزز ظاهرة التمييز بين المجتمعات خاصة إذا كانت المكاسب التي تجنيها المجموعة التي اختيرت تصل في النهاية إلى أيدي أطراف في السلطة. وقد يقوض ذلك مشاريع الاستثمار الاجتماعي ودور الحكومة في تقديم الخدمات الأساسية، والتي يمكن أن تتجه في هذا السياق إلى الاعتماد على أدوار تلك الشركات. وقد تستخدم قوات الأمن سيئة التدريب- في هذه الحالة- القوة المفرطة لحماية أصول الشركة مما يؤدي إلى ارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان[4].

وخلال إحاطة لمجلس الأمن فى نوفمبر 2018، وصفت تيوزداي ريتانو، نائب مدير المبادرة العالمية لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية، المشكلة بأنها "ظاهرة عالمية ومتسارعة، وتهديد للسلم والأمن الدوليين"، وفي مناطق الصراع وحدها، فإنها تدر حوالي 31.5 مليار دولار من الأرباح غير المشروعة.

وحذرت ريتانو مجلس الأمن من أن التحليل الذي أجرته خلال هذه الفترة المنظمات الشريكة، بما في ذلك المبادرة العالمية لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية والإنتربول، يُظهر الروابط بين طرق الاتجار غير المشروع في مناطق الصراع - في أفريقيا وآسيا والشرق الأوسط والأمريكتين- والإرهاب الدولي. واختتمت بالقول إن منظومة الأمم المتحدة بحاجة إلى نهج متماسك ومبسط واستراتيجي للتصدي للجريمة المنظمة.

وفى اليمن، عزز الصراع الاقتصادي القتال على الجبهات وأعاق محاولات صنع السلام، إلا أن الدبلوماسيين العاملين على وقف الحرب غالباً ما تجاهلوا هذه القضية. وتعود جذور الصراع الاقتصادي إلى المرحلة الانتقالية بين عامى 2012 - 2014، والتى انتهت بإطلاق العنان لثمانى سنوات من الحرب الأهلية والتدخل الأجنبي. إلا أن الصراعان الاقتصادي والعسكري لم يتقدما بنفس الإيقاع. فقد تم تحديد بعض أوجه الصراع الاقتصادي خلال المراحل الأولى للحرب عبر التوصل إلى هدنة غير رسمية، قادها التكنوقراط وساعدت في حماية المؤسسات الاقتصادية وسمح الطرفان للمصرف المركزي بالاحتفاظ بمستوى من الحيادية.

ومنذ انهيار الهدنة الاقتصادية خلال عامي 2016 و2017، أصبح الصراع الاقتصادي أكثر حدة وأكثر ارتباطاً بالصراع العسكري. وتتمثل أكثر ملامحه وضوحاً في انقسام المصرف المركزي إلى سلطتين متنافستين في صنعاء وعدن، في صراع قوة للسيطرة على التدفقات التجارية والضرائب المترتبة على الوقود بشكل خاص، والانخفاض الحاد في قيمة الريال في المناطق الخاضعة للسيطرة الاسمية للحكومة. وقد دفع انخفاض قيمة الريال إلى ارتفاع أسعار الضروريات المستوردة مثل الأغذية والوقود إلى أن أصبحت تتجاوز قدرة كثير من المواطنين.

ونتيجة لذلك، تدور في اليمن رحى ما تقول الأمم المتحدة إنها إحدى أكبر الأزمات الإنسانية في العالم. فمع نهاية عام 2021، كان قد قتل في الحرب نحو 377 ألف يمني، طبقاً لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي[5].

المتربحون من مناطق الصراع

لا يمثل التربح من الصراعات نمطاً جديداً من أنماط الاستغلال غير الأخلاقى لمعاناة البشر فى مناطق حكم عليها بأن تصبح مركزاً للاضطرابات والتهديدات المتنوعة. إلا أن هذا التربح وفى ظل تصاعد الصراعات وخاصة الداخلية، أصبح اليوم يختلف من حيث سماته ومداخله وأدواته عن الأنماط السابقة، حيث بات ينقسم إلى أنماط أخرى غير تقليدية. ويمكن توضيح الأنماط المختلفة للتربح من الصراعات فيما يلى:

1- استغلال الثروات الطبيعية: يمثل التربح من الصراعات سمة رئيسية فى عدد من الدول الأفريقية التى تعانى من "لعنة الثروة"، حيث تعيش هذه الدول منذ عقود فى صراع ممتد تتصدر أسبابه النزاعات الإثنية أو المناطقية، إلا أن جوهره يكمن فى محاولات السيطرة على الموارد، حيث يصبح استمرار الصراع مفيداً للعديد من الشركات والفاعلين. وتقدم جمهورية الكونغو الديمقراطية وكذلك أنجولا وجمهورية أفريقيا الوسطى نماذج صارخة على الاستثمارات التى تحققها الشركات على أراضيها فى ظل تمتعها بثروات معدنية ثمينة مثل الكولتان الذهب والماس بسبب استمرار الصراع الداخلى لعقود.

وقد تسابقت الشركات في البلدان الصناعية على شراء معدن كولتان (الذى يستخدم فى تصنيع السلع الإلكترونية كالهواتف والكمبيوتر وتعد الكونغو الديمقراطية أكبر منتج للمعدن فى العالم حتى نهاية عام 2021)، على الرغم من الحرب وانعدام القانون في جمهورية الكونغو الديمقراطية، وأصبحت تجارة الكولتان مصدراً مربحاً للعملة الأجنبية للعديد من الجهات الفاعلة الحكومية وغير الحكومية، بما في ذلك القوات المتمردة وبعض الحكومات والشركات المرخصة والمجتمعات الفقيرة التي ليس لديها فرص عمل.

ويوجد في شمال كيفو (شرق الكونغو الديمقراطية ) ما بين 5000 و6000 متمرد كونغولي موزعين على ما يقرب من 30 جماعة مسلحة. وبالإضافة إلى العداوات الإثنية، فإنهم مدفوعون بالرغبة في السيطرة على المناطق الغنية بالمعادن، لأنها مصدر تمويلهم الذاتى وينخرطون في تنظيمات مثل المؤتمر من أجل الدفاع عن الشعب (CNDP) والقوات الديمقراطية لتحرير رواندا (FDLR). إذ يقوم المهربون باستخدام العمال البسطاء فى التنقيب عن المعادن الذين يتقاضون دولاراً واحداً مقابل 14 ساعة من العمل ومنها معدن الكولتان، ويبيعون المعدن بأثمان باهظة على الحدود مع رواندا أو أوغندا تحت جنح الظلام. وبحلول الوقت الذي يصل فيه الكولتان إلى مناطق التصنيع في شنغهاي أو سيوداد خواريز في المكسيك، كان سعره في السوق يتراوح بين 476 دولاراً و544 دولاراً للكيلو [6].

وفى عام 2002 اتهمت 30 منظمة غير حكومية رجل أعمال سويسرياً يدعى كريس هوبر بتمويل القوات المتمردة في جمهورية الكونغو الديمقراطية من خلال أرباح تجارته للمعادن عبر تعاونه مع الجيش الرواندي بصورة مباشرة، وأكدت أنه متورط في مشاريع تصدير تجارية لمعدن الكولتان، حيث يعد هوبر جزءاً من شبكة واسعة تعمد إلى تهريب المعادن الطبيعية من الكونغو بالنيابة عن دول أخرى، كرواندا، متورطة في الحرب الأهلية الدائرة هناك. والهدف من كل هذا هو استغلال أرباح تلك التجارة في تمويل جهود الحرب. كما اتهم أحد التقارير أكثر من 100 شركة غربية بتمويل الجماعات المتمردة والميليشيات وبالتالي تأجيج الصراع مما دفع العديد من الشركات العملاقة مثل Nokia وSamsung وMotorola إلى تبنى سياسات محددة ضد استخدام مادة الكولتان الكونغولية وهي تشتري اليوم، رسمياً على الأقل، من منتجين آخرين في أستراليا وكندا وعدد قليل من البلدان الأخرى [7].

كما تبنت وزارة الخارجية والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية استراتيجية "معادن الصراع" في عام 2011 لمحاولة وقف الاستغلال. ومع ذلك، لم تضع الوكالات طرقاً لقياس التقدم المحرز نحو أهداف مثل تعزيز التجارة المسئولة من خلال توعية الجمهور. وفى عام 2019 أبلغت 50% من الشركات ما إذا كانت المعادن التى تعتمد عليها تأتى من جمهورية الكونغو الديمقراطية (DRC) أو البلدان المجاورة (البلدان المشمولة) أو من الخردة أو المصادر المعاد تدويرها.

كما استفادت شركات صناعة الماس من الصراعات المسلحة في أنجولا. وخلقت الحروب فرصاً لبعض الشركات في صناعة الدفاع التي طورت قدرات أساسية للاستفادة من فرص التصدير. وذكرت منظمة حقوق الإنسان كوربوريت ووتش (Corporate Watch) (2006) أنه على الرغم من المخاطر الهائلة للاستثمار في منطقة الصراع، فقد حققت بعض الشركات البريطانية المعروفة أرباحاً كبيرة من الاستثمار في العراق، ومنذ غزو العراق للكويت في عام 1990 إلى الغزو اللاحق للعراق في عام 2003 من قبل الولايات المتحدة لطالما استفادت صناعة استخراج المعادن بشكل كبير من الاضطرابات السياسية العنيفة فى البلاد[8].

وبينما تكافح الكثير من العائلات فى جميع أنحاء العالم من أجل توفير الضروريات الأساسية وسط تضخم تاريخي، مدفوعاً بالوباء والحرب الروسية الأوكرانية، أعلنت أكبر شركات النفط متعددة الجنسيات في العالم عن أرباح قياسية خلال شهر أغسطس 2022، حيث كشفت شركات النفط العملاقة الست الكبرى متعددة الجنسيات - إكسون موبيل وشيفرون وشل وبي بي وتوتال إنرجي وإيني - عن أرباح مجمعة تجاوزت 64 مليار دولار في الربع الثاني وحده من العام، كما سجلت الشركات الأمريكية الأصغر Valero وPhillips 66 وHess أرباحاً ربع سنوية مجمعة ضخمة بلغت 8.62 مليار دولار، وسجلت هذه الشركات التسع أرباحاً تزيد عن 72 مليار دولار على مدار ثلاثة أشهر. ورفضت شركات النفط ، إلى حد كبير، زيادة الإنتاج، مما دفع أسعار الغاز إلى الارتفاع، وبدلاً من استخدام أرباحها الهائلة فى توظيف المزيد من العمال أو زيادة الأجور أو الاستثمار في تقنيات جديدة لتحسين السلامة ومكافحة تأثير تغير المناخ، أعلنت جميع شركات النفط عن جولة جديدة من عمليات إعادة شراء الأسهم[9].

2- التربح من ديناميات الصراع: تواجه الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم في سوريا مجموعة من المستغلين الجدد والقدامى الذين منحهم الصراع نفوذاً. فالميليشيات والفصائل العسكرية وعناصر الاستخبارات يفرضون على رجال وسيدات الأعمال دفع أموال عند نقاط تفتيش ثابتة ومتحركة تتركّز على الطرقات التجارية الأساسية وفي المناطق الصناعية. وعلى الرغم من أن التنقل بات سهلاً بعض الشيء في الأعوام القليلة الماضية، مع إعادة بسط النظام سيطرته على الأراضي، لا تزال نقاط التفتيش هذه تتسبب بعرقلة التنقلات، ما يثير غضب المستثمرين داخل البلاد وخارجها على السواء.

واتُّهِمت الميليشيات وجهات خاصة أيضاً بالسيطرة على الخدمات المحلية والحكومية وتعطيلها بغية إرغام السوريين على دفع الأموال مقابل حصولهم على الخدمات من أولئك المتربحين، إما بطريقة نظامية أو من خلال السوق السوداء. وقد عمدت الميليشيات إلى خطف أبناء رجال وسيدات الأعمال، وطالبت بفدية للإفراج عنهم، وحتى إنها بدأت بشراء شركات وعقارات لتبييض أرباحها، ما يتسبب بعرقلة وصول المستثمرين المحتملين إلى السوق. وهكذا فإن الجهات المنافِسة والشبكات الجديدة والقواعد غير النظامية في النشاط الاقتصادي المحلي تولد قدراً كبيراً من الالتباس ومنافسة شديدة لرجال وسيدات الأعمال الراغبين في الاستثمار من جديد.

يستفيد بعض أعضاء الكونجرس شخصياً من الحرب الروسية-الأوكرانية، حيث يمتلك ما لا يقل عن 20 مشرعاً فيدرالياً أو أزواجهم أسهماً في شركة Raytheon Technologies وLockheed Martin ، التي تصنع الأسلحة التي يرسلها الحلفاء الغربيون إلى أوكرانيا لمحاربة الروس، وفقاً لتحليل من الداخل للسجلات المالية الفيدرالية [10].

وفى أوائل شهر أغسطس 2022  دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى فرض ضريبة لمرة واحدة على الشركات التي استفادت من ارتفاع الأسعار بسبب الحرب في أوكرانيا، وقال غوتيريش للمرسلين: "من غير الأخلاقي أن تحقق شركات النفط والغاز أرباحاً قياسية من أزمة الطاقة هذه على حساب أفقر الناس والمجتمعات، بتكلفة باهظة على المناخ"، مضيفاً: "إنني أحث جميع الحكومات على فرض ضرائب على هذه الأرباح المفرطة، واستخدام الأموال لدعم الأشخاص الأكثر ضعفاً خلال هذه الأوقات الصعبة".

غوتيريش ليس وحده الذي يدعو لفرض ضريبة غير متوقعة[11]، فقد قامت العديد من الحكومات مثل إيطاليا وإسبانيا بالفعل بفرض مثل هذه الضريبة والعديد من الحكومات الأخرى مثل سويسرا لديها حملات سياسية تدعو إلى ما يسمى بضريبة الأرباح المفاجئة. وهذا من شأنه أن يملأ خزائن الحكومة المترنحة بديون حقبة الوباء ويساعد في التخفيف من وطأة ارتفاع أسعار الوقود والغذاء على الأسر[12].

وهذا الأمر ليس جديداً، فهناك العديد من الشركات الأمريكية التى استفادت من حروب الولايات المتحدة لمكافحة الإرهاب بعد أحداث الحادى عشر من سبتمبر، فوفقاً للتقديرات بلغ إجمالي إنفاق البنتاجون أكثر من 14 تريليون دولار منذ بداية الحرب في أفغانستان، حيث ذهب ثلث إلى نصف إجمالى هذا المبلغ إلى المتعاقدين العسكريين، فجزء كبير من هذه العقود - ربع إلى ثلث جميع عقود البنتاجون في السنوات الأخيرة - ذهبت إلى خمس شركات رئيسية فقط: لوكهيد مارتن، وبوينغ، وجنرال دايناميكس، ورايثيون، ونورثروب جرومان. وتبلغ قيمة عقود البنتاجون البالغة 75 مليار دولار التي تلقتها شركة لوكهيد مارتن في السنة المالية 2020 أكثر بكثير من مرة ونصف الميزانية الكاملة لوزارة الخارجية ووكالة التنمية الدولية لذلك العام، والتي بلغت 44 مليار دولار، كما أنفق صانعو الأسلحة 2.5 مليار دولار على ممارسة الضغط على مدى العقدين الماضيين، ووظفوا، في المتوسط، أكثر من 700 من جماعات الضغط سنوياً على مدى السنوات الخمس الماضية للتأثير على أعضاء في الكونجرس، كما استفادت العديد من الشركات من ظروف الحرب فى تخفيض الرقابة وممارسة الاحتيال الصريح وفي عام 2011، قدرت لجنة التعاقد في زمن الحرب في العراق وأفغانستان أن مجموع الهدر والاحتيال وسوء الاستخدام قد تراوح بين 31 مليار دولار و60 مليار دولار [13].

الاستثمار وصنع السلام

على الرغم من التصور العام الذى يحيط بالمستثمرين الذين يتمكنون من البقاء ومزاولة أنشطتهم التجارية فى ظل استمرار الصراع، حيث ينظر إليهم الكثيرون باعتبارهم متواطئين مع أحد أطراف الصراع أو يحاولون استثمار "الدمار" الذى حل بالبلاد عن طريق استغلال نقص السلع والخدمات والاتجار فى المبانى المهدمة أو التى تركها أصحابها هرباً من الصراع، إلا أن الواقع يقدم بعض النماذج الاستثنائية التى استمرت فيها الشركات فى العمل والاستثمار فى مناطق الصراع مما ساهم فى ترسيخ السلام. ويعيش أكثر من 800 مليون شخص في بلدان متأثرة (وفقاً للبنك الدولي) بالهشاشة والصراع والعنف، مما يهدد الجهود المبذولة لإنهاء الفقر المدقع.

فالمسئولية الأساسية عن السلام والأمن والتنمية تقع على عاتق الحكومات، ولكن يمكن للقطاع الخاص أن يقدم مساهمة ذات مغزى في الاستقرار والأمن في المناطق المتأثرة بالصراع والمناطق عالية المخاطر. والأنشطة التجارية لها تأثيرات إيجابية مباشرة وغير مباشرة من خلال خلق فرص عمل، وتوليد الإيرادات التي تعزز التنمية الاقتصادية والانتعاش، مما يؤدي إلى استثمارات مستدامة في المدن والبلدات، وتبني سياسات توظيف شاملة تؤسس علاقات جيدة بين الأعراق والمجتمعات، وتساهم في تعزيز أفضل الممارسات في مجالات حقوق الإنسان والعمل والبيئة ومكافحة الفساد. ويمكن أن تكون الأعمال أيضاً حافزاً قوياً للجمع بين الناس رغم التمايزات الوطنية والثقافية، وإنشاء علاقات قائمة على الإحساس المشترك بالهوية والهدف، والتغلب على الاختلافات التي يصعب مواجهتها في المجتمع الأوسع. ويمكن تقديم هذه المساهمات من قبل الشركات بجميع أشكالها: الصغيرة والكبيرة، العامة والخاصة، الدولية والمحلية[14].

ففي مدينة صناعية فى جمهورية جنوب السودان تدعى "نزارا" تقع بالقرب من الحدود مع جمهورية الكونغو الديمقراطية، تحدت بعض الشركات الحرب الأهلية لتحقيق الاستقرار والتعليم والرعاية الصحية والتوظيف في منطقة يمزقها الصراع، حيث تعمل هذه الشركات فى استثمار أشجار الساج، خاصة أن قيمة هذه الأشجار عند سكان الدولة لا يستهان بها، والساج خشب ثقيل معروف بقدرته على مقاومة عناصر الطبيعة مثل الماء وتغيرات الحرارة ويستخدم كثيراً في صنع أثاث الحدائق الراقي الثمين. ويصنف الخشب إلى درجات يصل سعر أعلاها ثمناً إلى 5500 دولار للمتر المكعب.

ونجحت وزارة الزراعة والغابات فى جنوب السودان في اجتذاب ثلاثة مستثمرين دوليين من الهند وأوغندا ومجموعة نرويجية بريطانية مشتركة بدأوا بالفعل في تقطيع أخشاب الساج وإعادة زرع شتلات الأشجار في الأرض وأتموا أول صفقة لبيع الخشب الثمين فى فبراير 2010، وأنشأت شركة ساج الاستوائية (Equatoria Teak Company-ETC) التي تملكها المجموعة النرويجية البريطانية مصنعاً لتقطيع الأخشاب في بلدة نزارا تشق فيه عشرات الجذوع يومياً باستخدام مناشير يعاد شحذها كل ساعتين.

وتقع الشركة المملوكة للأسهم الخاصة في مكان بعيد لا يمكن الوصول إليه إلا عن طريق الجو أو الطرق غير المعبدة التي تمر عبر جمهورية الكونغو الديمقراطية. وكانت حواجز الطرق والمضايقات وانعدام الطاقة هي تحديات يومية للسائقين. لكن الجماعات المتمردة كانت تمثل الخطر الأكبر، حيث أشعلت النار في الأشجار واقتلعت نباتات البن في المنطقة المجاورة، كما تعرضت أشجار الساج للسرقة وتم نقلها خارج منطقة الجنوب. كما أدى استمرار الصراع لعقود إلى قطع الجيوش والميليشيات أشجار الساج مما أسفر عن استنزاف جزء كبير من تلك الثروة. وأنشأت شركة (ETC) ثاني أكبر مزارع خشب الساج في أفريقيا مع 2200 هكتار من المزارع.

وفى ظل ما تعانيه دولة جنوب السودان من عوامل عدم استقرار وقتال مسلح شديد، حيث استمرت الحرب الأهلية لعقود، وكانت آخر جولاتها بين عامي 2013 و2018، خصصت الحكومة المحلية جنوداً لحماية موظفي الشركة. ولكن من خلال توظيف مقاتلين سابقين، بما في ذلك المتمردين، تمكنت الشركة من تأمين المنطقة وإحلال السلام في نزارا ومساعدة المنطقة في طريقها إلى الازدهار.

الآن ETC هي أكبر دافع ضرائب خاص في ولاية غرب الاستوائية ولديها حوالي 1000 موظف، 90٪ منهم من مجتمع نزارا المحلي. وتدير الشركة برنامج تمويل مجتمعياً يدعم خدمات الرعاية الصحية وتدريب موظفيها، ومدرسة ثانوية، ونالت الثناء عليها من كل من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية والحكومة المحلية.

ويقول تشارلى تريون المدير التنفيذى ومؤسس شركة (ETC): "لقد أوجدنا وظائف للأشخاص الذين كانوا مقاتلين سابقين، وقد جلبنا السلام والاستقرار إلى منطقة ما"، ويضيف: "الجنود الأطفال والشبان السابقين المرتبطين بالجماعات المتمردة ألقوا أسلحتهم والتقطوا منشار تقليم أو مجرفة"[15].

خاتمة

ترتبط قدرة الشركات والأفراد على التربح من مناطق الصراع، وكذلك تحديد الأدوار التى يمكن أن يقوم بها الاستثمار فى هذه المناطق، بالكثير من الأبعاد، فالشركات قد تختلف في قدرتها على الاستفادة من الاستثمار الأجنبي المباشر في مناطق الصراع اعتماداً على الخبرة والقدرات الخاصة بها، فضلاً عن طبيعة الصراع المسلح في بلد ما.

كما يحتاج تقييم الاستثمار الأجنبي المباشر في مواقع الصراع إلى تحليل قطاعي. فهناك بعض القطاعات أكثر استجابة للاستثمار في مناطق الصراع مقارنة بغيرها. وتاريخياً، كان استخراج المعادن والموارد الطبيعية أكثر انتشاراً وأسهل فى الاستثمار. إلا أن هناك محددات يتأثر بها الاستثمار مثل موقع الموارد الطبيعية، وطبيعة المستثمرين المنافسين (حكومات أم متمردين أم شركات أخرى). أيضاً المجتمعات المحلية ومدى قبولها للتعاون أو استقرار الشركة وموظفيها، وكذلك طبيعة الصراع والمرحلة التى يمر بها (هل اقترب من التسوية أم أن هناك تصاعداً فى التهديدات؟) يكون لها دور في عملية تقييم مستوى الاستثمارات.

وفى حالة تبنى شركات أو أفراد لاتجاهات صنع السلام، وما يرتبط بالمسئولية الاجتماعية لها، فإنه على هذه الجهات أن يكون لديها قدرة على إدارة الاختلافات الثقافية، وفهم احتياجات المجتمعات المحلية. فقد حظيت المسئولية الاجتماعية للشركات (CSR) وتحديداً الشركات متعددة الجنسيات (MNCs) في البلدان النامية فى السنوات الأخيرة بقدرٍ كبيرٍ من الاهتمام الأكاديمي. ومع ذلك، فقد ركزت الأدبيات على البلدان الناشئة الكبيرة والمستقرة في الغالب مثل المكسيك والبرازيل والصين والهند. وفى أفريقيا تركزت الدراسات على الدول المحورية مثل جنوب إفريقيا أو نيجيريا وعلى الصناعات الاستخراجية، مثل النفط والتعدين. ولم تخضع بلدان وسط إفريقيا والشركات غير العاملة في مجال التعدين للكثير من التدقيق الأكاديمي.

وأخيرًا، يمكن القول إنه لا يمكن للبلدان التي تعاني من الصراعات أن تتخلى عن النشاط الاقتصادي حتى ينحسر العنف. ومع ذلك، فإن العوائق التي تحول دون ممارسة الأعمال التجارية موجودة في مناطق الصراع أكثر من أي مكان آخر. وحتى في البلدان التي ينتشر فيها الصراع، ينشأ بعض النشاط الاقتصادي الإيجابي، ويرى البعض أن المستثمرين الأجانب يجب أن يبقوا حتى مع اندلاع الصراع على أن يقوموا بتوظيف الأهداف في أنشطة الوقاية من الصراع، ويبررون ذلك بالتأكيد على الفوائد التى ستعود على المجتمع المحلي، وعلى أن ذلك سيؤدي إلى التزام الشركة بالإجراءات المسئولة، كما أن تصور المخاطر فى مناطق الصراع قد يكون مبالغاً فيه. إلا أن تواجد هذه الشركات لا يكون مفيداً بالنسبة للمجتمع المحلى فى كافة الصراعات، فيمكن أن يكون الأمر خطيراً لأنه في جوهره يعزز تدخل الشركات متعددة الجنسيات في السياسة المحلية من أجل تعديلها بما يتوافق مع مصالحها. إلا أنه لا يوجد اهتمام حقيقى من القوى الدولية بالبحث عن  نتائج سلوك العمل في المناطق غير المستقرة في العالم.

وتبقى قضية التربح من الصراع تحتاج إلى دراسات أكاديمية أكبر تتضمن معلومات ميدانية عن طبيعة الأدوار التى يقوم بها المستثمرون فى كل صراع داخلى على حدة، للوصول إلى نتائج عامة يمكن بناءً عليها طرح أفكار لتطوير قواعد وقوانين للاستثمار والتجارة فى مناطق الصراع تشمل قواعد أخلاقية وإنسانية ورقابة من الهيئات الدولية والإقليمية فى حالة ضعف أو اختفاء الرقابة الحكومية. 


[1] Mijnd Huijser, Karolien Bai ,   The Profit of Peace

Corporate Responsibility in Conflict Regions(Descr iption ), 20th October 2017, https://www.booktopia.com.au/the-profit-of-peace-mijnd-huijser/ebook/9781351280662.html

[2] KATHERINE NAZEMI, ALEXANDER DECINA , No Business as Usual in Syria, June 20, 2019. https://carnegieendowment.org/sada/79351

[3] Dean C. Alexander ., Threats and Opportunities of Doing Business in Conflict Zones, May 8, 2013, https://www.securitymagazine.com/articles/84288-doing-business-in-conflict-zones-threats-and-opportunities

[4] Responsible business in conflict-affected and high-risk areas, OP.Cit.,

[5] التوسط في وقف إطلاق للنار في الصراع الاقتصادي في اليمن ، 20/1/2022، https://www.crisisgroup.org

[6] Conflict Minerals: Actions Needed to Assess Progress Addressing Armed Groups' Exploitation of Minerals , Sep 14, 2020, https://www.gao.gov/products/gao-20-595

The illegal exploitation of coltan in the Democratic Republic of Congo,  2013,  https://www.grin.com/document/275940

[7] Coltan and conflict in the DRC,  11 Feb 2009,  https://reliefweb.int/report/democratic-republic-congo/coltan-and-conflict-drc

[8] Stephen Chen,  Profiting from FDI in conflict zones, Journal of World Business, Volume 52, Issue 6, November 2017,  https://www.sciencedirect.com/science/article/abs/pii/S1090951617305023

[9] Jacob Crosse, Oil giants reap record profits from war, pandemic and skyrocketing prices, 2 August 2022, https://www.wsws.org/en/articles/2022/08/03/lfgc-a03.html

[10] Kimberly Leonard, 20 members of Congress personally invest in top weapons contractors that'll profit from the just-passed $40 billion Ukraine aid package, May 19, 2022, https://news.yahoo.com/american-made-javelin-stinger-missiles-151206774.html

[11] Jessica Davis Plüss , Should governments tax companies that profit from the war?, August 22, 2022, https://www.swissinfo.ch/eng/should-governments-tax-companies-that-profit-off-the-war-/47831988

[12] Jessica Davis Plüss , Should governments tax companies that profit from the war?, August 22, 2022, https://www.swissinfo.ch/eng/should-governments-tax-companies-that-profit-off-the-war-/47831988

[13] PROFITS OF WAR: CORPORATE BENEFICIARIES OF THE POST-9/11 PENTAGON SPENDING SURGE, https://watson.brown.edu/costsofwar/papers/2021/ProfitsOfWar

[14] Responsible business in conflict-affected and high-risk areas,  September 2013, https://www.unpri.org/sustainability-issues/environmental-social-and-governance-issues/social-issues/conflict-zones

[15] Virginia Furness , Investing in conflict zones: A case study from South Sudan, https://capitalmonitor.ai/institution/investment-managers/investing-in-conflict-zones-a-case-study-from-south-sudan/