صافيناز محمد أحمد

خبيرة متخصصة فى الشئون السياسية العربية ورئيس تحرير دورية بدائل - مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية

 

وأخيراً، عاد ولائيو إيران من قوى الإطار التنسيقى إلى تصدر رئاسة الحكومة العراقية مجدداً، بعد عامين من "الإقصاء الجماهيرى" للأحزاب التقليدية الولائية من قمة هرم السلطة التنفيذية استجابة للمطالب الشعبية لحراك تشرين 2019، ونتج عنه تولى رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمى – مستقل - الحكومة فى مايو 2020، والذى نجح فى انتهاج سياسة داخلية وخارجية تقوم على "التوازن" فى إدارة شئون الدولة.

 وبالرغم من معضلات الأزمة العراقية بأبعادها السياسية والأمنية استطاعت حكومته الوفاء بالاستحقاق الانتخابى فى أكتوبر 2021، وهو الاستحقاق الذى أدت نتائجه إلى دخول العراق ولمدة عام كامل مرحلة من الانسداد السياسى جراء التجاذبات السياسية بين تيار الصدر وبين قوى الإطار التنسيقى على وقع تشكيل الحكومة واختيار رئيس الدولة، والتى دخلت مرحلة صعبة باعتزال الصدر وتياره الحياة السياسية، وما أدت إليه تلك الخطوة من احتجاجات واعتصامات وصولاً إلى مرحلة من الصدام "شبه المسلح" بين أنصار الفريقين، ومكنت فى الوقت نفسه قوى الإطار التنسيقى الموالية لإيران من العودة للسلطة عبر نجاحها فى توظيف اعتزال الصدر الحياة السياسية، وانسحاب تياره من البرلمان، وتفكك تحالفه مع القوى السياسية السنية والكردية، فى صالح مطالبها التى تركزت فى التمسك بمرشحها محمد شياع السودانى - المحسوب على ائتلاف دولة القانون لرئيس الوزراء الأسبق نورى المالكى - والتمسك كذلك بتشكيل حكومة توافقية بصلاحيات كاملة، وهو ما يعنى فى النهاية نجاح القوى الشيعية المحسوبة على إيران فى الحفاظ على نفوذها السياسى، وما يرتبط به من نفوذ اقتصادى كاد أن يتهدد حال نجاح الصدر فى تشكيل حكومة وطنية غير توافقية.

فك عثرة اختيار الرئاسات

فك عثرة اختيار الرئاسات –رئاسة الدولة ورئاسة الحكومة– بصورة مفاجئة بعد ثلاثة شهور متتالية من التجاذبات الحادة بين القوى السياسية، وبعد عام كامل من الانتخابات البرلمانية الأخيرة، طرح تساؤلات حول "احتمالية" توصل الإطار التنسيقى إلى تسوية سياسية مع مقتدى الصدر ربما تحمل ملامح "صفقة" غير معلنة بشأن مطالبات الأخير إجراء انتخابات برلمانية مبكرة، مقابل أن تكون حكومة السودانى حكومة ذات صلاحيات كاملة، وليست حكومة انتقالية محددة المدة، وهى تسوية قيل عنها أن إيران كانت حاضرة فيها وبقوة، وهذا يعنى أن حكومة السودانى ستستمر مدتها الدستورية وهى أربعة سنوات، على العكس مما كان يطالب به الصدر، بأن تكون حكومة "انتقالية مؤقتة" لمدة عام تتمثل مهمتها الرئيسية فى الإعداد لانتخابات برلمانية مبكرة.

وتدعم تصريحات قيادات فى التيار الصدرى التصور القائل بوجود تسوية أو صفقة ما؛ حيث أشارت بعض هذه التصريحات إلى اعتبار "الانفراجة" السريعة فى اختيار الرئاسات "أفضل ما بيد الجميع" فى الوقت الراهن، وأن "مشروع التيار الصدرى الوطنى لم يصادف ظروفاً وعوامل لنجاحه".

ففى 13 أكتوبر 2022، استطاع البرلمان العراقى إتمام عملية التصويت على اختيار عبداللطيف رشيد رئيساً للدولة، الذى كلف مباشرة شياع السودانى بتشكيل الحكومة الجديدة خلال 30 يوماً من تاريخ التكليف بالمهمة.

 اختيار رشيد عكس أحد أبعاد الدور القوى الذى سيلعبه نورى المالكى رئيس الوزراء الأسبق ورئيس ائتلاف دولة القانون – الحاضنة الحزبية لرئيس الوزراء الجديد – في عملية اتخاذ القرار السياسى للسلطة خلال المرحلة المقبلة، وإن كان من وراء الستار؛ حيث مارس المالكى ضغوطاً شديدة داخل الإطار التنسيقى لحث أحزابه وتكتلاته السياسية على سحب دعمها لبرهم صالح - الرئيس السابق - ومرشح حزب الاتحاد الوطني الكردستانى، ودعم القيادى الكردى المستقل عبداللطيف رشيد بدلاً منه – والمحسوب أيضاً على حزب الاتحاد نفسه حيث كان قيادياً به – لكنه رشح نفسه لرئاسة الدولة كسياسى مستقل.

وهذه الخطوة جاءت بعد أن نجح المالكى وبدعم إيرانى قوى فى التوصل لتسوية "نوعية" وغير مسبوقة مع كل من زعيم الحزب الديمقراطى الكردستانى مسعود برزانى، وزعيم حزب الاتحاد نفسه بافل طالبانى، المعروف بكونه "صانع الصفقات". وعلل المالكى رؤيته تلك بأن معارك "كسر الإرادة" بين الحزبين الكرديين – الديمقراطى والاتحاد -  من شأنها أن تجعل الإطار "رهينة لهذه المعارك"، فى الوقت الذى نجح فيه الإطار في إزاحة منافسه القوى- التيار الصدرى - من المشهد السياسى برمته، وهذا من وجهة نظر المالكى يقلل من فرص الإطار فى الإسراع بعملية "تثبيت" مرشحه لرئاسة الحكومة، ويعطى مزيداً من الوقت للصدريين لإعادة ترتيب أوراقهم السياسية مجدداً.

لكن ثمة رأياً يقول أن تسوية المالكى مع الحزبين الكرديين فى هذا الشأن تمت بناءً على صفقة تضمن "تقاسم" كوادر الحزبين الكرديين للمناصب الإدارية والوزارية داخل إقليم كردستان من ناحية، وفى مؤسسات الدولة من ناحية ثانية.

فى هذا السياق، ثمة عدة عوامل دفعت فى الحقيقة إلى "فك عثرة" اختيار رئيس الدولة ورئيس الحكومة العراقية فى هذا التوقيت منها:

1- الحصار السياسى القوى الذى ظلت إيران تحاصر به تيار مقتدى الصدر عبر ضمان تماسك الإطار التنسيقى ككتلة واحدة فى مواجهة التيار، بالرغم من وجود خلافات نوعية وحادة بين كتله وأحزابه السياسية بشأن الصيغة المثلى للتعامل مع الصدر باعتباره أحد أعمدة البيت السياسى الشيعى من ناحية، وبشأن تمرير رؤية الإطار فى اختيار رئيس الحكومة من ناحية ثانية. وكانت أهم هذه الصيغ على الإطلاق – من وجهة نظر الإطار ومن ورائه إيران- هى عدم التراجع أمام مطالب الصدر الملحة بعدم ترشيح السودانى، فتمسك الإطار بمرشحه وعدم تقديم تنازلات للصدر، بالرغم من نزول أنصار الأخير للشارع، كانت هى الخطوة الأكثر فعالية فى مواجهة تعنت الصدر، وفقاً لرؤية الإطار. وبذلك تكون إيران قد ضمنت أخيراً وبعد ماراثون طويل من الصراع عودة أحزابها الولائية لتصدر رئاسة الوزراء فى العراق بالرغم من فشل هذه الأحزاب انتخابياً، ومكمن القوة هنا أن هذه العودة تتم دون تقديم تنازلات "حادة"، بل يبدو أنها نجحت فى تمرير رؤيتها بالاتجاه إلى تشكيل حكومة بصلاحيات كاملة ولدورة كاملة، وهذا يعنى تجاوز شروط الصدر بشأن طرح إجراء انتخابات مبكرة.

2- تزايد مخاوف قوى الإطار التنسيقى من عودة تأثير الحراك الجماهيرى كما كان عليه الوضع قبل ثلاثة أعوام، مع استمرار حالة الانسداد السياسى، وتجدر الإشارة هنا إلى مخاوف قوى الإطار من استغلال تيار الصدر الحراك الشعبى، غير المؤطر سياسياً، باعتباره هو الأكثر تأثيراً من وجهة نظر الإطار على المكتسبات والنفوذ الذى راكمته أحزابه وتكتلاته السياسية على مدى السنوات الماضية، خاصة وأن هذا النوع من الحراك غير المؤطر سياسياً يدرك تماماً أن الصراع بين القوى السياسية لا يبدو صراعاً من أجل خدمة الدولة، بقدر ما هو صراع على كيفية ضمان تلك القوى بما فيها التيار الصدرى نفسه للنفوذ السياسى والسلطوى.

3-  ازدياد حالة "الإنهاك السياسى" لدى كافة القوى السياسية؛ سواء تيار الصدر، أو قوى الإطار التنسيقى، أو القوى السنية والكردية. وتمثلت أبرز حالات انعكاس هذا الانهاك فى عدم وجود رؤية سياسية واضحة لدى أي من تلك القوى حول شكل ومضمون التسوية "الممكنة" من وجهة نظر كل طرف وفقاً لحساباته السياسية. بل ازدادت التأثيرات السلبية المتمخضة عن غياب تلك التسوية نتيجة لارتباط الصراع السياسى بين الكتل والأحزاب بقدر كبير من "العداوة الشخصية" بين قياداتها كان أبرزها حالة العداء بين نورى المالكى والصدر، وبين الأخير وقيس الخزعلى..إلخ. 

4- ضغط العامل الخارجى خلال الأسبوعين السابقين مباشرة على جلسة البرلمان لاختيار الرئاسات فى 13 أكتوبر الجارى، حيث جاء الموقف الدولى الضاغط فى اتجاه ضرورة انتشال العراق من مرحلة البقاء دون حكومة تتولى إدارة شئونه بصلاحيات كاملة، لأن حكومة الكاظمى ولكونها حكومة تسيير أعمال وبحكم الدستور، باتت فاقدة لبعض صلاحياتها وأبرزها التوقيع على الاتفاقات وإقرار الموازنة وعقد المعاهدات. فقبل أيام من جلسة اختيار الرئاسات حذرت بعثة الأمم المتحدة الخاصة بالعراق من مغبة بقاء "العراق عالق" دون حكومة، ما قد يزيد من حدة عدم الاستقرار، ودعت البعثة إلى ضرورة لجوء القوى السياسية إلى طاولة الحوار دون شروط مسبقة، محذرة من أن الاستمرار فى التعطيل المتعمد للدولة قد يدفع إلى "تدويل الأزمة". وربما هذا التحذير تحديداً التقطته القوى السياسية الشيعية كلها بما فيها الإطار والتيار، وأدركت أن عاماً من الخلافات بشأن مصير الحكومة العراقية بات ضاغطاً فى اتجاه لا يقبله الطرفان وهو اتجاه "التدويل"، كما أشارت البعثة إلى دعمها الطرح القائل بتشكيل حكومة "ذات صلاحيات كاملة" وليس حكومة "انتقالية مؤقتة"، لكنها فى الوقت نفسه حذرت من أن يكون ذلك قائماً على "سياسة إقصائية" للآخرين. ويأتى كذلك الموقف الأمريكى الذى رحب بترشيح السودانى بعد فترة صمت ونأى عن مجمل التطورات التى شهدتها الحياة السياسية فى العراق على مدى العام الماضى، ولكن يظل الوجود الأمريكى فى العراق والارتباطات الأمنية معه بمقتضى الاتفاقات المتمخضة عن جولات الحوار الاستراتيجى التى أفضت إلى نوع من التعاون والشراكة بين الجانبين، هو المعضلة الرئيسية التى تواجهها أى حكومة مقبلة فى العراق فى ضوء ارتباطات تلك الحكومة بالسياسات الإيرانية، حيث تدعم إيران مطالب عدد من القوى الرافضة للوجود الأمريكى، بالإضافة إلى رفض الميليشيات المسلحة المدعومة من إيران لهذا الوجود، والذى لا تتوانى عن استهدافه عسكرياً بصورة متكررة على مدار السنوات الثلاثة الماضية.

تحديات متعددة

هذه التطورات اللافتة تقود إلى تساؤلات أخرى حول مدى قدرة حكومة السودانى الجديدة على مواجهة التحديات الداخلية وأبرزها تشكيل الحكومة وتوزيع الحقائب الوزارية؛ لاسيما وأن قوى الإطار نفسها ليست على خط واحد فى هذا الشأن، فثمة تجاذبات بشأن حصص القوى السياسية من الوزرات ونوعيتها وتوازن النفوذ بينها، وثمة تخوفات من أن تصبح مهمة السودانى - بحكم كونه مرشح الإطار - تمرير الصفقات وترضية قيادات قوى الإطار، خاصة وأن الخلافات الكامنة بين تلك القوى قد تصبح ظاهرة مع مسار تشكيل الحكومة فى سياق الصراع على وزارات ومناصب محددة بعينها، ناهيك عن تحدى الانتهاء من التشكيل الحكومى خلال 30 يوماً من تاريخ تسمية رئيس الوزراء. فالبعض يرى أن السودانى بإمكانه توظيف حالة الدعم البرلمانى – نظراً لغياب معارضة يعتد بها بعد انسحاب التيار الصدرى – فى انتهاج سياسات داخلية قادرة على توظيف أمثل لبرامج حكومته باعتبارها "حكومة خدمات" كما يسوق لها. بينما يرى آخرون أن هذه الفرصة نفسها قد تكون عائقاً فعلياً أمام تنفيذ الحكومة الجديدة إصلاحات فعلية يعتد بها، نظراً للفساد المنتشر فى كافة مؤسسات الدولة بصورة غير مسبوقة والمتراكم على مدار السنوات الماضية، والذى يطال قوى سياسية وجماعات مسلحة وقيادات مهمة تنتمى معظمها إلى القوى السياسية المكونة للإطار التنسيقى الداعم للسودانى، وبالتالى لن يكون فى مقدوره "فك الارتباط" بينه وبين من ساهموا فى وصوله للسلطة، وتعريضهم للمحاسبة السياسية والجنائية على جرائم الفساد المتعددة.

فضلاً عن مهمة إرضاء الزعيم الشيعى مقتدى الصدر خاصة بعد إعلان قيادى فى التيار الصدرى ومقرب من زعيمه عدم مشاركة كوادر التيار فى الحكومة الجديدة باعتبارها حكومة "ائتلافية تبعية مليشياوية مجربة" على حد وصفه، وهو ما يعنى أن حكومة السودانى ستكون "مراقبة"من قبل زعيم التيار، الذى بمقدوره تحريك أنصاره فى الشارع حال عدم اتخاذ الحكومة إجراءات ملموسة على الأرض من شأنها تحسين أوضاع المواطنين، على غرار ما حدث مع حكومة عادل عبدالمهدى عام 2019. وإن كان هذا التصور بات مرهوناً بعملية "القبول الضمنية" التى أبداها الصدر حيال تكليف شياع السودانى مرشح الإطار الذى كان سبق وأن رفضه بصورة قاطعة، مع الأخذ فى الاعتبار دور "الحراكيين" والمقصود بهم قوى حراك أكتوبر 2019، والذين استطاعوا تكوين عدد من المكونات السياسية صغيرة العدد والتأثير، وإن كانت أهميتها ترجع إلى تبنيها مطالب المواطنين، واقترابها من تطلعاتهم فى محاربة المحاصصة الطائفية والحزبية ومحاربة الفساد بكافة أنواعه.

بخلاف جملة التحديات الاقتصادية والخدمية الرئيسية المتمثلة فى الأزمة الاقتصادية وإقرار الموازنة الاتحادية التى كانت تنتظر الحكومة الجديدة، وقضايا الفساد الإدارى والمالى، وتردى أوضاع البنية التحتية ويأتى فى مقدمتها أزمة الكهرباء، وهو ما يتطلب من حكومة السودانى العمل على إعادة ثقة المواطنين فى حكومة قادرة على تلبية احتياجاتهم اليومية والمعيشية، وليست احتياجات أصحاب النفوذ والسلطة، خاصة بعد ارتفاع دخل العراق جراء ارتفاع أسعار النفط فى السوق العالمية، ويذكر لحكومة الكاظمى السابقة أنها استطاعت وضع برنامج للإصلاح الاقتصادى مكن الدولة من تحقيق إيرادات مالية قدرتها بعض المصادر بحوالى 11 مليار دولار شهرياً، كما أنها – أى حكومة الكاظمى – سلمت خزينة الدولة مدعومة باحتياطيات مالية غير مسبوقة فى تاريخ الحكومات العراقية قدرت بحوالى 84 مليار دولار، وهو ما يضع حكومة السودانى المزمعة أمام تحدى مهم وصعب فى الوقت نفسه؛ وهو كيفية توظيف العائد النفطى والإيرادات الاقتصادية الضخمة – التى حققتها الحكومة السابقة -  فى خدمة المواطنين وتحسين مستوى معيشتهم.

هذا إلى جانب إشكاليات إدارة السياسة الخارجية العراقية فى ضوء "احتمالية"عودة التأثير الإيرانى وبقوة على القرار السياسى العراقى مجدداً بعد فترة "انقطاع نسبى" دامت ثلاثة أعوام هى عمر حكومة رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمى. وهنا تحديداً تكمن إشكاليات إدارة المصالح العراقية فى المحيط الإقليمى والدولى خلال السنوات الأربعة المقبلة، لأنه من المحتمل، ولكون السودانى مرشح الإطار المدعوم من قبل إيران، أن تتأثر "الاستقلالية النسبية" التى تمتع بها القرار السياسى الخارجى للعراق خلال العامين الماضيين، ومن ثم تصبح عودة العراق إلى محيطه الإقليمى العربى مرهونة بمدى ما تمثله هذه العودة من فرص أو ما تشكله من تحديات للمصالح الإيرانية فى الإقليم خلال المرحلة المقبلة.

وفى الأخير، تبدو قوى الإطار التنسيقى وكأنها تعيش مرحلة الانتصار الفعلى على التيار الصدرى، لكن هذا لا ينفى حقيقة كون الحكومة العراقية الجديدة المكلف بتشكيلها مرشح الإطار التنسيقى شياع السودانى تواجه تحديات ضخمة ستضعها فى اختبارات شديدة الصعوبة؛ وستكون تلك الحكومة مطالبة بضروة معالجة تلك التحديات عبر خطط واستراتيجيات متعددة تتنوع آلياتها؛ إما بحسم بعضها بقوة كالتحديات الاقتصادية والأمنية والخدمية، وإما بالتغاضى عن بعضها وتركها رهينة لحالة التوافقات السياسية بين كافة القوى المكونة للمشهد السياسى كمستقبل الوجود الأمريكى العسكرى فى نمطه الاستشارى والاستخباراتى والتدريبى، وفى ضوء عودة قوى حزبية وسياسية ولائية لإيران إلى السلطة مرة أخرى. أما فيما يتصل بالعلاقة مع التيار الصدرى مستقبلاً، وفى ضوء الغموض الذى اكتنف الموقف الرسمى لزعيمه من تكليف السودانى بتشكيل الحكومة، سيحتاج مرشح الإطار إلى شرعية من نوع خاص تعتمد على ما يمكن تسميته بـ "شرعية الإنجاز" التى تمكنه من تجاوز الاختبارات الصعبة التى سيواجهها على مدار السنوات المقبلة، والتى سيراقبها بقوة كل من التيار الصدرى من ناحية وقوى التغيير من ناحية أخرى.