الاقترابات النظرية هى عادة وليدة الواقع التي أفرزها، ففي عالم تسوده الأزمات المتلاحقة، كان من الطبيعى أن يزداد الاهتمام بمنظور الصمود/المرونة كاقتراب لتأطير التفكير حول كيفية مواجهة الصدمات والأزمات، والتعافى منها، بل وبناء القدرة على الوقاية ضد احتمالات الأزمات المستقبلية.
فقد تصاعد اهتمام المؤسسات البحثية والمنظمات الدولية بمنظور الصمود/المرونة على مدار السنوات الماضية، خاصة مع تلاحق الأزمات المحلية والدولية، واتساع تأثيراتها، كما مثلت جائحة كوفيد-19 دفعة قوية لاستعانة الجهات الحكومية بالمفهوم، وتطبيق مقولاته، واختبار صلاحيتها.
وفى إطار الاشتباك مع هذا التوجه في أبعاده النظرية والتطبيقية، ناقش السيمنار العلمى للمركز، في 23 يونيو الماضى (2022)، تحت عنوان: "بناء الصمود/ المرونة في عالم تسوده الأزمات"، مداخلة رئيسية قدمتها الدكتورة/إيمان رجب، رئيس وحدة الدراسات الأمنية والعسكرية بالمركز، حول تعريف المفهوم وتطوره، واتجاهات المنظمات الدولية المختلفة في التعامل معه، وآفاق وتحديات الإفادة منه نظريا وعمليا، أعقب ذلك مناقشات بمشاركة الهيئة العلمية للمركز.
إشكاليات التعريف
هناك إشكالية تتعلق بالترجمة العربية لمصطلح “Resilience” والترجمة الدارجة هي الصمود/المرونة أو أيهما. ومع تصاعد الاهتمام النظرى بالمفهوم، وتعدد مجالات تطبيقه، يصبح من الضرورى معالجة إشكالية الترجمة العربية للمصطلح. والسائد في معظم الأدبيات هو تعريف "المرونة" بمضادها من حيث المدلول، بحيث تقابل الدولة المرنة الدولة الفاشلة، ويقابل المجتمع المرن المجتمع المنكشف Vulnerable. ولفتت د. إيمان رجب إلى وجود تعريف عام بدأ في التبلور والاستقرار مؤخراً مفاده أن المرونة هي مفهوم مركب يعني "قدرة الفرد أو المجتمع أو الدولة على الصمود في مواجهة المخاطر والضغوط، والتكيف معها، والتعافي منها". هذا المعنى قد استخدمته العديد من الأدبيات في عدة مجالات علمية منذ السبعينيات مثل الفيزياء، والجيولوجيا، والجغرافيا، وعلم النفس، ولكنه امتد مؤخرًا إلى عدة مجالات مثل التنمية، والسياسات الأمنية، والدراسات البيئية، والحوكمة، وإدارة الأزمات، والمخاطر. فيما تعتبر مجالات علم النفس والدراسات البيئية وإدارة الأزمات والمخاطر هي الحقول الأكثر استخدامًا للمفهوم.
عوامل تزايد أهمية المرونة كمنظور لمواجهة الأزمات
شهد مفهوم الصمود/المرونة “Resilience” توسعًا كبيرًا في تطبيقاته فى المجالات المعرفية المختلفة، حيث يجري التعامل معه بوصفه دليلاً أو مرشدًا لـ"حوكمة إدارة شئون الدولة"، كما يتم اعتباره متطلبًا رئيسيًا لتحقيق التنمية المستدامة. وبالتالى أصبح مفهومًا إطاريًا لتحقيق هذين الهدفين، ليس فقط خلال أوقات الأزمات بل في الأوضاع المستقرة أيضًا.
ويرجع هذا التطور في الاهتمام بالمفهوم وتوسع تطبيقاته لعدة أسباب أبرزها تعاقب الأزمات العالمية، مثل الأزمة الاقتصادية 1997، والأزمة المالية 2008، وأخيرًا جائحة كوفيد-19 التي أثرت على مختلف المجالات الصحية، والاقتصادية والانتقالات والسفر وغيرها. وفي هذا السياق، نظرت الدول إلى "المرونة" كضرورة للتعامل أزمات متعددة المجالات، وتعزيز الحصانة في مواجهة ما قد يحمله المستقبل من أزمات جديدة أو مركبة. كذلك، فإن تزايد قناعة الدول بضعف قدرة العامل الخارجي على احتواء الأزمات أو التغلب على المخاطر والتحديات التي تواجهها المجتمعات، عزز من التفكير في ضرورة وجود عملية مستمرة لبناء منظومة للصمود على مختلف الأصعدة لرفع مناعة المجتمعات ضد الأزمات وتقوية صمودها الداخلى.
على هذه الخلفية، أصبح مفهوم الصمود/المرونة إطارًا حاكمًا لسياسات الدول والمنظمات الدولية، ومرشدًا لسياسات الحكومات في العديد من المجالات داخليا، كما أنه أصبح معيارًا متعدد الأبعاد لتقييم جهودها على مؤشرات الصمود/المناعة من قبل المنظمات الدولية.
الدعائم الثلاث الأساسية للمرونة/الصمود
على سبيل التبسيط التحليلى، تنقسم قدرة أي منظومة في مواجهة الأزمات إلى ثلاث أبعاد رئيسية هي: أولاً: القدرة على امتصاص تأثير الموقف، واتخاذ إجراءات عاجلة من أجل العودة للوضع الطبيعي، ثانيًا: القدرة على التكيف واتخاذ إجراءات لتقليل الأضرار المستقبلية للموقف الطارئ حال تكراره، ثالثًا وأخيرًا: القدرة على تغيير نظام الاستجابة للموقف للحيلولة دون تكرار المشكلة.
وفي ضوء أن المرونة يتم بناؤها محليًا، فإن ذلك يستدعي قدرًا متزايدًا من التشاركية بين الأطراف الحكومية وغير الحكومية. وتحتاج الدول من أجل بناء القدرات الثلاث إلى توافر رأس المال بمختلف أنواعه الاجتماعي والاقتصادي والبشري والسياسي والبنية التحتية والموارد الطبيعية.
من مفهوم نظرى إلى إطار حاكم لسياسات المنظمات الحكومية الدولية
لفتت المداخلة إلى تحول المفهوم من إطار نظري، إلى سياق حاكم لسياسات العديد من المنظمات الدولية. وبالنظر لطرح المنظمات المختلفة للمفهوم من حيث تعريفه، وأهدافه، ومؤشرات قياسه، يتضح تأثر التطبيق بحسب طبيعة كل منظمة، ونطاق اهتمامها. ويمكن اعتبار عام 2011 بداية طرح منظمة الأمم المتحدة للمفهوم بشكل ممنهج وواضح عبر "تقرير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي"، وذلك في ظل موجة الثورات العربية، وما صاحبها من هزة في الأوضاع القائمة، وتوقعات بارتفاع محتمل في معدلات الفقر، ومحاولة الحيلولة دون انكشاف الدول والمجتمعات.
ورغم أن التقرير لم يطرح سياسات واضحة لتحصين المجتمعات والدول ضد الانكشاف، في هذا الطرح الأولى، إلا أنه ركز على بناء المرونة للقطاعات الاكثر عرضة للتأثر السلبي للأزمات الاقتصادية والمالية، من خلال معالجة أسباب قابلية هذه القطاعات أكثر من غيرها للتأثر بشكل سلبي.
أما "حلف الناتو" فقد منح المفهوم بعدًا أمنيًا قويًا، وحدد مؤشرات لقياس مرونة الدول الأعضاء والشريكة عند التعرض لتهديدات محتملة، باعتبار أن تعزيز المرونة والصلابة من مهام الحلف الرئيسية. ووفقًا لهذا الطرح، فإن الأبعاد الأساسية للصمود أثناء التعرض لأزمة أو صدمة هي: استمرار الحكومات في القيام بمهامها خاصة اتخاذ القرار وتنفيذه، ووجود منظومة لتوفير خدمات الطاقة والكهرباء، والقدرة على التعامل بفعالية مع التحركات غير المنضبطة للسكان، والقدرة على تأمين موارد المياه والطاقة، ووجود منظومة صحية ذات كفاءة وفعالية في التعامل مع الأزمات الصحية، ووجود منظومة اتصالات فعالة في وقت الأزمات، فضلاً عن وجود منظومة نقل وطرق ومواصلات ذات كفاءة عالية. وقد عمل الحلف على تضمين تعزيز منظومة المرونة في مبادراته مثل "مبادرة تعزيز الاستقرار في جنوب المتوسط".
أما النموذج الثالث فهو النموذج الأوروبي، حيث يمكن اعتبار وثيقة الاتحاد الأوروبي الصادرة عام 2016 تحت عنوان "رؤية مشتركة، فعل جماعي: أوروبا أكثر قوة" بمثابة بداية لطرح المفهوم كإطار حاكم للسياسات التمويلية والتنموية للاتحاد الأوروبي، إذ اعتبر أن المرونة هي الأولوية الاستراتيجية في العلاقات الأوروبية مع دول الجوار، وذلك لمواجهة المشكلات التي تشغل اهتمام بروكسل إزاء جوارها مثل الهشاشة، والفشل، واندلاع النزاعات. ورأى الاتحاد الأوروبي أن "المرونة /الصلابة" هي الحل للفشل/الضعف الذي يتسبب في نشوب صراعات مسلحة يمتد تأثيرها السلبي إلى الدول الأوروبية، خاصة مع تفاقم موجات المهاجرين غير النظاميين واللاجئين إلى أوروبا عام 2015.
ووفقًا للمنظور الأوروبي، فإن نظم الحكم خاصة الديمقراطى تقع في صلب تعريف المرونة، فالمجتمع الذي يتمتع بالمرونة يمتاز بالديمقراطية، والثقة في المؤسسات، والتنمية المستدامة، معتبرًا أن الدولة المرنة في هذا الإطار هي الدولة الآمنة. ومن ثم يرى الاتحاد الأوروبي أن العلاقة تبادلية بين الأمن والديمقراطية، فالأمن مدخل رئيسي لتحقيق الازدهار والديمقراطية، والازدهار والديمقراطية مدخلان رئيسيان لتحقيق الأمن، وبالتالي فإن تحقيق الأمن المستدام مرتبط بالمرونة على مستوى الدولة والمجتمع والأفراد.
ورغم قناعة الاتحاد الأوروبى بعدم وجود مسار واحد لتعزيز مرونة الدولة والمجتمع في دول الجوار، لكنه حدد عددًا من المتطلبات العامة لتحقيق المرونة، ومنها: الإصلاح السياسي، وسيادة القانون، والتقارب الاقتصادي، وحماية حقوق الإنسان، ودعم الحوار بين القوى المختلفة في المجتمع، وإصلاح المؤسسات الأمنية والدفاعية، وبناء قدرات الدولة في المجال السيبراني، ووجود حكومات تخضع للمساءلة وقادرة على محاربة الإرهاب والجريمة المنظمة والفساد، وتعزيز شبكات الحماية الاجتماعية. وأضحت تلك المتطلبات إطارًا موجهًا لأية اتفاقيات تمويلية يعقدها الاتحاد.
وقد وضع الاتحاد الأوروبي بالتعاون مع مراكز بحثية إطارًا لتحليل المرونة في الدول يقوم على تحديد المخاطر والأزمات التي تواجهها الدولة والمجتمع في المديات القصيرة والمتوسطة والطويلة، وتحديد تأثير تلك الأزمات على المؤسسات الرسمية وقطاعات المجتمع المتنوعة، وتحديد الفئات والقطاعات الأكثر تضررًا من المخاطر والأزمات. فضلاً عن تحديد القدرات الخاصة بالمرونة والصلابة للدولة والمجتمع، ويرتبط بذلك تحديد حجم رأس المال الداعم لتلك القدرات. ويهتم الاتحاد في تلك الخطوة بتحديد مستوى مشاركة الأطراف الحكومية وغير الحكومية في تنفيذها، وتقييم التأثير على تعزيز أو إضعاف المرونة، ومدى مساعدة الاستراتيجيات للفئات الأكثر تضررًا.
على مستوى الدول: كيف يتم تحليل المرونة؟
إن مفهوم المرونة لا يشترط أن تمتلك الدولة درجة واحدة من قدرات الصمود في مختلف الأزمات والمجالات. إذ يمكن أن تتميز الدولة بدرجة عالية من المرونة والصلابة في ملفٍ ما دون غيره. وتختلف قدرات الدول في بناء منظومات المرونة وفقًا لتاريخها من الأزمات وقدراتها المؤسسية، والموارد المتاحة لمواجهة أزمات حالية والوقاية من أزمات مستقبلية. وفيما يخص بناء وتعزيز المرونة في دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المرحلة الراهنة، هناك العديد من التحديات نظرًا لوجود تاريخ طويل من الأزمات الممتدة في المنطقة، وضعف القدرات المؤسسية والقدرة على التنبؤ.
ومع ذلك، فإن ثمة عددًا من الفرص والعوامل الداعمة لبناء وتعزيز المرونة في تلك الدول على رأسها: دمج تكنولوجيا المعلومات في أسلوب إدارة الدولة، وتعزيز الشراكات مع القطاع الخاص والمجتمع المدني والأفراد والمؤسسات التعليمية والبحثية، ومشاركتهم فى مسؤولية التصدي للمخاطر والأزمات.
اتجاهات النقاش
اشتبكت المناقشات مع الطرح النظرى والتطبيقى من خلال عدة محاور أهمها:
1- الجدل حول أصالة المفهوم وجدته وتماسكه النظرى: في كل مرة يطرح منظور جديد لتحليل قضايا وظواهر قديمة، يثور الجدل حول مدى جدة الطرح الجديد وما إذا كان بالفعل يمثل إضافة أو اختلافًا، أم أنه مجرد إعادة صياغة لمفاهيم وأدوات تحليل قديمة ومتداولة ولكن في شكل جديد.
وحول مدى جدة المفهوم، أشارت المناقشات إلى نقاط التداخل بين المفهوم ومنظور الحوكمة والحكم الرشيد، وما إذا كان مفهوم الصمود/المرونة إعادة صياغة لنفس محتوى فكر الحوكمة مع نزع المكون السياسى منه أو تخفيفه، حيث يحمل المفهوم درجة "التواضع" في طموح الهندسة السياسية للمجتمعات، ووصف أوضاعها ومواقعها، ويجعل من مجاله قضية "فنية" Technical وليست حكمًا قيميًا أوتصنيفًا في هيراركية دولية كسابقيه.
وفى هذا السياق، ثمة تشكك فيما إذا كان المفهوم يقدم عدسة تحليلية جديدة، خاصة مع ملاحظة أن عددًا كبيرًا من مؤشرات المفهوم، خاصة في طرحه الأوروبى، ما زال يخص الديمقراطية وحكم القانون. ويرتبط بذلك أيضًا التساؤل حول قدرة المفهوم على التطبيق على مختلف الدول، ما يطرح بدوره تساؤلات حول محاذير تحويل الظواهر المركبة إلى مؤشرات كمية من ناحية، ومدى ملاءمة المؤشرات الدولية للتطبيق في الظروف والسياقات المختلفة من ناحية أخرى، وهو ما يفتح الباب للحديث عن دور مراكز الأبحاث الوطنية، وما إذا كان من المفترض أن تكتفي بالمؤشرات الدولية وتتعامل على أساسها، أم البناء عليها لتطوير مؤشرات محلية أكثر مراعاة لتعقيدات الواقع المحلي.
من ناحية أخرى، ثار النقاش حول ما إذا كان مفهوم المرونة شديد الاتساع للدرجة التي تجعله يعنى أمورًا عدة في سياقات مختلفة، بالشكل الذي يحرمه من التماسك المنهجى ومن تبلور نواة صلبة له تحدد معناه بالحد الكافى من الاتساق والوضوح، وتميزه عن غيره من المفاهيم.
كذلك، فإن عمومية المفهوم تطرح تساؤلات عما إذا كان مفهومًا وصفيًا أم دليلاً عمليًا يطرح سياسات ومهام، وهى التساؤلات التي ردت عليها المتحدثة الرئيسية بتوضيح أن مفهوم "Resilience" يمكن اعتباره مفهوم سياسات وليس مفهومًا نظريًا بالمعنى الصارم، أى أنه لم ينشأ نشأة أكاديمية بقدر ما نشأ من بوتقة السياسات العامة، بوصفه مدخلاً لتعزيز سياسات بناء الصلابة والفعالية للدول، ولذلك اهتم بوضع سياسات ومؤشرات وعمليات لتعزيز حالة الصلابة بدرجة أكبر من اهتمامه بالجوانب المنهاجية والاتساق والتماسك الأكاديمى.
وعلى صعيد وحدة التحليل، طرحت المناقشات ملاحظة تركيز الأدبيات السائدة للمفهوم على الدولة كوحدة للتحليل في إطار دراسات الصمود/المرونة. وطرحت المناقشات ملاحظة تتعلق بأهمية مد التحليل على مستوى الفرد والمجتمع، وإيلاء الاهتمام للأبعاد النفسية في تعزيز الأمن المجتمعي وصلابة المجتمعات ومرونتها، وأهمية قياس درجة الصمود عند الأفراد ومدى تأثرهم بالأزمات الكبرى.
من ناحية أخرى، ففى مقابل تصدير المفهوم على اعتبار أنه يهتم بالدول وصلابتها ومرونتها، وطرحه من قبل المنظمات الدولية كآلية لمعالجة الخلل في الدول، والتنبؤ بمساراتها المستقبلية، ومحاولة الحد من احتمالات تفجر أزمات تعجز هذه الدول عن التصدي لها بما يتسبب في انتقال التأثيرات السلبية إلى دول الجوار والمجتمع الدولي بشكل عام، فإن المفهوم كما تتبناه بعض المنظمات الدولية في استراتيجياتها يتجاهل واقع أن هذه المنظمات نفسها تحتاج إلى تعزيز درجة المرونة والصلابة الخاصة بها، في ظل ما كشفته بعض الأزمات من عدم كفاءة تفاعل تلك المنظمات مع المخاطر الطارئة، مثلما هو الحال فيما يتعلق بمنظمة الصحة العالمية وجائحة كوفيد-19.
وأخيرًا، ثمة انتقادات وُجهت للمفهوم بأنه مفهوم محافظ، يتجنب التغييرات الجذرية، وينحاز للأمر الواقع، ويسعى إلى استعادة وضع ما قبل الأزمة الذي قد لا يكون بالضرورة الوضع الأمثل.
وهناك اتجاه يرى أن مفهوم الصمود "Resilience" يعترف بدرجة ما بالظروف المختلفة للمجتمعات وخياراتها السياسية، حيث يركز بشكل أكبر على الكفاءة في مواجهة الأزمات بغض النظر عن طبيعة النظام السياسى. بعبارة أخرى، يولى المفهوم أهمية ثانوية لخيارات الحكومات في طريقة الإدارة والحكم، شريطة أن تكون إدارة فعالة في مواجهة الأزمات والمخاطر. بينما طُرحت وجهة نظر مقابلة أشارت إلى أن اتساع المفهوم وتضمينه مؤشرات عديدة قد أدخل في طيه بعض الانحياز إلى المؤشرات الغربية خاصةً من المنظور الأوروبي الذي ركز على الانحياز إلى البعد الأيديولوجي الليبرالي والديمقراطي، رغم وجود حالات أخرى تطرح نموذجًا مغايرًا من الصلابة، مثل الحالة الصينية.
2- طرح نماذج عربية مختلفة للصلابة والمرونة: أشارت المناقشات إلى التجربة المغربية بوصفها نموذجًا فعالًا للمرونة في مواجهة الأزمات السياسية، باعتبارها تمثل حالة لسلطة تقليدية تستجيب لتحديثات ديمقراطية، والتغلب على معضلة الموارد بتوطين الصناعات. فيما تمثل الحالة التونسية رغم اتخاذها لإجراءات ديمقراطية كبيرة نموذجًا لضعف الصلابة الذي قد يؤدي إلى أزمة سياسية.
وأخيرًا، أشارت المناقشات إلى أن اتساع مفهوم "Resilience" يطرح آفاقًا وفرصًا واسعة تسمح بتضمين المفهوم في الأجندات البحثية في موضوعات متنوعة، بحيث يستفيد منه الباحثون، على تنوع اهتماماتهم البحثية ومجالات عملهم، ويختبرون ويطورون معاييره وآلياته.