أعلن الزعيم الشيعى مقتدى الصدر فى 12 يونيو 2022، استقالة نواب تياره السياسى البالغ عددهم 73 نائباً من البرلمان الجديد، فى خطوة أضافت مزيداً من التعقيد والتأزم على مجريات العملية السياسية فى العراق، الذى عانى منذ الانتخابات التشريعية الأخيرة (أكتوبر 2021)، حالة من الانسداد السياسى الكامل نتيجة استمرار المواقف المتصلبة من قبل القوى السياسية تجاه عملية انتخاب الرئيس، وتشكيل الحكومة؛ فتحالف "إنقاذ وطن" بزعامة رجل الدين الشيعى مقتدى الصدر، يرغب فى تشكيل حكومة "أغلبية وطنية" من القوى الفائزة فى الانتخابات الأخيرة، بينما يرغب "الإطار التنسيقى" -الذى يضم كتلاً شيعية موالية لإيران- فى تشكيل حكومة "توافقية" تضم كل أطراف القوى السياسية على أساس من المحاصصة الطائفية وليس انطلاقاً من الأوزان الانتخابية، على أن تتوحد القوى الشيعية كلها بما فيها التيار الصدرى فى تحالف حاكم واحد على غرار الحكومات الشيعية السابقة، من منطلق أن مسعى التيار الصدرى بشأن تشكيل حكومة "أغلبية وطنية" سيؤدى إلى "انقسام" القوى الشيعية ولأول مرة منذ انتخابات عام 2006، إلى قوى ممثلة فى الحكومة وقوى أخرى فى المعارضة، الأمر الذى يتعارض مع رغبة القوى الإقليمية الأكثر تأثيراً فى المشهد السياسى العراقى وهى إيران، حيث يوفر لها بقاء الكتلة السياسية العراقية الشيعية "موحدة وواحدة" تنفيذاً فعالاً لمتطلبات مشروعها الإقليمى فى حلقته العراقية.
وعلى مدار الثمانية أشهر الماضية، تبادل الطرفان "إنقاذ وطن" (155 عضواً برلمانياً) و"الإطار التنسيقى" (83 عضواً برلمانياً) الاتهامات بشأن مسئولية كل طرف عن تعميق الأزمة السياسية باعتباره الطرف المعطل لعملية انتخاب الرئيس وتشكيل الحكومة، نتيجة لعدم اكتمال النصاب القانونى المطلوب برلمانياً لانتخاب الرئيس (220 من إجمالى 329 صوتاً برلمانياً) عبر ثلاثة محاولات فاشلة تخطت كافة المدد الدستورية، لعبت خلالها قوى "الإطار التنسيقى" – التى نجحت فى استمالة عدد من النواب المستقلين مما مكنها من تشكيل تكتل قوامه 110 صوتاً برلمانياً- دور "الثُلث المُعطِّل" فعلياً لعملية انتخاب الرئيس، وهى الخطوة الرئيسية فى مسار تسمية الكتلة البرلمانية الأكبر -165 نائباً- التى يحق لها تشكيل الحكومة.
وما بين الاعتكاف تارة، والتهديد بالبقاء فى المعارضة تارة أخرى، وقرار الاستقالة والانسحاب من مجمل العملية السياسية تارة ثالثة، جاء تحرك الصدر الأخير بسحب تياره السياسى الممثل برلمانيا بـ 73 مقعداً، عاكساً للعديد من الدلالات، ومخلفاً العديد من التداعيات التى ستكون لها تأثيراتها الحادة على طبيعة التجاذبات السياسية بين القوى والتكتلات الحزبية المختلفة خلال المرحلة المقبلة، ما يطرح تساؤلات عدة حول مستقبل العملية السياسية فى العراق بعد "خلو" الساحة من الصدريين، فهل تنجح قوى "الإطار التنسيقى" فى تشكيل الحكومة منفردة، خاصة وأن استقالة تيار الصدر تخرجه من موقع المعارضة البرلمانية؟ أم سيظل العراق حبيس أزمته السياسية على مدار السنوات الأربعة المقبلة؟.
مغزى ودلالات
تحمل استقالة تيار الصدر من البرلمان عدة دلالات متباينة، وتدفع كذلك إلى عدة سيناريوهات "قاسية" شديدة الوطأة على الحياة السياسية فى العراق. أولى هذه الدلالات تشير إلى رغبة الصدر في تضييق الخناق على خصومه من قوى الإطار التنسيقى بدفعهم إلى أحد ثلاثة خيارات:
الأول، تشكيل الحكومة بدون التيار الصدرى، وما يعنيه ذلك من بقاء الصدر فى المعارضة خارج الأطر المؤسسية وهى المعارضة الشعبية؛ فتيار الصدر هو الأكثر قدرة وتحكم فى تجييش الجماهير وتعبئتها لما يمتلكه من قاعدة شعبية شيعية وسنية واسعة، وهو ما يعنى أن الحكومة الجديدة التى سيشكلها الإطار ستُراقب من خارج البرلمان من خلال المعارضة الجماهيرية فى الشارع، بما يحمله ذلك من إشكاليات على صعيد الاستقرار السياسى والأمنى وتعطيل مسار الحياة السياسية، ويعيد للأذهان حالة الحراك الشعبى فى أكتوبر 2019، التى تزعمها التيار الصدرى، ونتج عنها – آنذاك - استقالة حكومة عادل عبدالمهدى، وتشكيل حكومة تكنوقراط برئاسة مصطفى الكاظمى رئيس الوزراء الحالى المنتهية فترة ولايته.
والثانى، حل البرلمان والذهاب إلى انتخابات مبكرة، وهو ما ترفضه قوى الإطار نفسها لأنها ترغب فى تغيير قانون الانتخابات المعدل فى عام 2020، الذى على أساسه أجريت انتخابات أكتوبر 2021، وتعتبره سبباً مباشراً فى تراجع نتائجها الانتخابية، وهذا يعنى فى مجمله اتجاه المشهد السياسى العراقى مستقبلاً نحو مزيد من التصعيد.
والثالث، استمرار بقاء حكومة مصطفى الكاظمى، باعتبارها حكومة تصريف أعمال، لمدة ليست بالقليلة، وهى لا تحظى بقبول قوى "الإطار التنسيقى" لما اتخذته على مدار العامين الماضيين من سياسات هدفت تحقيق قدر من التوازن فى علاقات العراق بالقوى الإقليمية والدولية خارجياً، وتحديداً النأى عن الصراعات التى تنخرط فيها إيران إقليمياً. بخلاف ما اتخذته من سياسات داخلية استهدفت ضبط إيقاع الحياة السياسية بمحاربة الفساد المالى والإدارى، الذى تورطت فيه بعض الشخصيات السياسية المنتمية لقوى الإطار التنسيقى. ويلاحظ هنا ارتفاع نبرة الانتقاد الذى وجهته قوى الإطار التنسيقى للكاظمى رداً على تحركاته الإقليمية مؤخراً، مذكرة إياه بأن حكومته لتسيير الأعمال، وليس من مهامها إبرام اتفاقات أو معاهدات باعتبارها دستورياً منتهية فترة الولاية.
وتنصرف الدلالة الثانية، إلى تأكيد الصدر على عدم تنازله عن خياراته بشأن تشكيل حكومة "أغلبية وطنية"، وتصدير ذلك للمواطنين، باعتباره يحمل "مشروعاً وطنياً" صرفاً، بينما خصومه يعطلون هذا المشروع عمداً، برغبتهم في تشكيل "حكومة توافقية". هذه الدلالة نفسها قد تكون سلاحاً ذا حدين، لأنها وإن كانت تبرئ الصدر من فكرة "تعطيل" الحياة السياسية بإصراره على عدم التوافق مع قوى الإطار الأكثر ارتباطاً بإيران، وتصحيحه ذلك بالانسحاب من الحياة السياسية، إلا أنها فى الوقت نفسه تحمل ملامح فشل الصدر فى ترجمة تقدمه فى الانتخابات على أرض الواقع، تماماً كما حدث فى انتخابات عام 2018، ما يدفع إلى التساؤل بشأن ما يجيده الصدر فى الحياة السياسية باستثناء التصعيد وتعبئة الجماهير؟ وبشأن تحالفاته البرلمانية فى تيار "إنقاذ وطن"، التى تركها فى مهب الريح فكل من تيار "السيادة" السنى والحزب الديمقراطى الكردستانى بات قى موقف غاية فى الصعوبة؛ وتحديداً تيار السيادة السنى؛ الذى تقلصت خياراته؛ فلا سبيل له سوى القبول بنمط من التفاعل مع قوى الإطار بحيث يضمن نوعاً من الثمثيل فى الحكومة الجديدة. أما الحزب الديمقراطى الكردستانى، فحتى وإن رفض المشاركة فى حكومة توافقية مع الإطار التنسيقى؛ نظراً للعديد من الإشكاليات التى خلقتها ممارسات الميليشيات المسلحة التابعة لقوى الإطار على مدى العامين الماضيين ضد حكومة الإقليم، واستهدفت مؤسساتها أمنياً، إلا أن مكانته السياسة لم تتهدد فعلياً لكونه حاكماً لإقليم كردستان.
وتشير الدلالة الثالثة، إلى نجاح إيران فى العودة مجدداً إلى التحكم فى مسار العملية السياسية فى العراق، والضرب بنتائج الانتخابات العراقية الأخيرة عرض الحائط، وهى الانتخابات التى عكست تراجع شعبية أنصارها من القوى السياسية العراقية الموالية لها، فبعد فترة انتظار مارس خلالها أنصارها من قوى الإطار التنسيقى تعطيلاً كاملاً للحياة السياسية بإجهاضهم محاولات التيار الصدرى تشكيل حكومة أغلبية وطنية، نجحت إيران أخيراً في دفع الصدر، وعبر سياسة الصبر الاستراتيجى، إلى الخروج من الحياة السياسية، وإفساح المجال أمام أنصارها للاستحواذ مجدداً على مفاعيلها، وتوجيهها بما يخدم بوصلة المصالح الاستراتيجية الإيرانية داخل العراق. ففشل قوى الإطار التنسيقى فى تحقيق مكاسب انتخابية لم يعد ذا أهمية، حيث عادت تلك القوى إلى تصدر المشهد، والبدء فى مشاورات التشكيل الحكومى الجديد، وهى الفرصة الثمنية التى أتاحها لها انسحاب تيار الصدر من العملية السياسية.
تداعيات وتعقيدات
استقالة تيار الصدر من البرلمان وانسحابه من الحياة السياسية، وفقاً للدلالات السابقة، تضفى المزيد من التداعيات على مسار العملية السياسية فى العراق، التى ظلت طوال الثمانية أشهر الماضية رهينة حالة الانسداد السياسى، ما يدفع إلى التساؤل بشأن ارتدادات هذه الخطوة، وهل تحقق أهدافاً إيجابية، أم أنها ستعمق من حدة الأزمة السياسية العراقية؟ فثمة آراء متباينة بعضها يشير إلى كون الخطوة تعد تحريكاً لحالة الجمود والانسداد التى عانت منها العملية السياسية، والبعض الأخر يرى فيها مدخلاً لمزيد من التعقيد والتأزم فى المشهد السياسى العراقى.
فأنصار الرأى الأول، يرون أن خروج التيار الصدرى من البرلمان سيوفر تصعيداً لآخرين من قوى الإطار التنسيقى ممن لم يفوزوا فى دوائرهم الانتخابية أمام الصدريين ليحلوا محل المقاعد البرلمانية الصدرية، بما يزيد من حصة مقاعد الإطار التنسيقى، بخلاف أن المستقلين الذين تأرجحت حركتهم ما بين التيار الصدرى وخصومه من قوى الإطار التنسيقى، لم يبق أمامهم سوى الانضمام للإطار، فى هذه الحالة سيستطيع الإطار توفير النصاب القانونى لانتخاب الرئيس وهو 220 نائباً، ويستطيع كذلك تكوين الكتلة البرلمانية الأكبر التى تمكنه من اختيار رئيس الحكومة.
أما أنصار الرأى المقابل، فيرون أن قرار الصدر بالانسحاب من البرلمان سيضفى مزيداً من التعقيد والتأزم، لاسيما وأن الصدر يتسم باتخاذ قرارات مفاجئة وغير ثابتة، بما يؤدى إلى وجود حالة من القلق السياسى تقترن بحقيقية واقعية وهى تحكم الصدر فى قاعدة جماهيرية تعد بالملايين، ويعنى هذا أن الصدر سيتجاوز المعارضة السياسية - باستقالته الكاملة من البرلمان - إلى المعارضة الشعبية فى مواجهة الحكومة المتوقع تشكيلها من قوى الإطار التنسيقى، وهى المعارضة الأقوى والأخطر على الأرض، لأنها تعنى إعادة حشد قوى الحراك الجماهيرية مجدداً، بما يخلق حالة من عدم الاستقرار السياسى والأمنى على حد سواء، لأن الاحتجاجات وقتها ستكون أقوى وأعنف بكثير عن حراك أكتوبر 2019. وهذا يعنى أن الحكومة المقبلة فى العراق بدون التيار الصدرى ستكون هشة وضعيفة، لاسيما مع قدرة الصدر على تجييش المعارضة الشعبية ضدها.
سيناريوهات محتملة
يطرح المهتمون بالشأن العراقى عدة سيناريوهات "محتملة " لمسار الأزمة البرلمانية التى أحدثها انسحاب التيار الصدرى من البرلمان، يمكن بلورتها فيما يلى :
السيناريو الأول، يشير إلى احتمالية عدول مقتدى الصدر عن قراره بالخروج من البرلمان والعملية السياسية فى إطارها المؤسسى؛ فى حالة وجود نشاط سياسى مكثف لإقناع الصدر بتغيير موقفه. هذا السيناريو بُنى على أساس أن استقالة أعضاء البرلمان على الرغم من كونها تصبح سارية المفعول منذ موافقة رئيس البرلمان عليها، إلا أنها تظل عالقة حتى يتم التصويت والتصديق عليها من قبل البرلمان، خلال 30 يوماً، وتصبح سارية المفعول بالموافقة عليها بالأغلبية المطلقة، شريطة أن لا يقل مدة عضوية الأعضاء المستقيلين عن عام.
ووفقاً لذلك، يرى البعض أن الاستقالة غير قانونية لأنها لم تمر بتلك المراحل من ناحية، ولأن البرلمان فى فترة عطلته البرلمانية من ناحية ثانية. بينما يرى آخرون أن شرط مرور عام على عضوية البرلمان لقبول استقالته تم تعديله فى قانون الانتخابات الجديد عام 2020. وفى حالة تصديق البرلمان على قرار استقالة نواب التيار الصدرى – بعد عودة البرلمان من عطلته البرلمانية فى 9 يوليو المقبل - سيكون لزاماً على مفوضية الانتخابات تصعيد "النواب الاحتياط" وهم أعلى الخاسرين أصواتاً فى الدائرة نفسها دون الاعتبار للكتلة الحزبية التى ينتمى إليها، وهذا يعنى اكتساب عدد من التحالفات البرلمانية مزيداً من المقاعد وتحديداً ائتلاف دولة القانون لنورى المالكى (37 مقعداً) حيث من المحتمل حصوله على 10 مقاعد إضافية، وتيار الفتح لهادى العمرى (17 مقعداً) من المحتمل حصوله على 15 مقعداً إضافياً. وهذا يعنى أن مقاعد التيار الصدرى ستتوزع على مختلف الكتل السياسية، خاصة القوى الشيعية التى كانت المنافس المقابل للصدريين فى المحافظات ذات الغالبية الشيعية، بمعنى أن مقاعد الإطار التنسيقى سترتفع من 83 مقعداً إلى أكثر من 100 مقعد، بالنظر إلى المقاعد التى ستحصل عليها باقى قوى الإطار التنسيقى، كما من المتوقع أن يحصل المستقلون على 20 مقعداً إضافياً.
السيناريو الثانى، يتمثل في احتمالية اتجاه قوى "الإطار التنسيقى" إلى التهدئة مع تيار الصدر – خلال فترة العطلة البرلمانبة - عبر تقديم مبادرة سياسية جديدة تدفعه إلى العدول عن سحب تياره السياسى من البرلمان، مؤداها القبول بحل وسط يتضمن تشكيل حكومة تجمع بين الأغلبية والتوافقية فى آن واحد. ويعود هذا السيناريو إلى وجود خلافات داخل الإطار التنسيقى نتيجة لانسحاب الصدر من البرلمان، حيث ثمة تيار ينظر إلى الانسحاب باعتباره تفكيكاً للمكون السياسى الشيعى العراقى من جهة، كما يتخوف من اتجاه الصدر إلى تأجيج الاحتجاجات الشعبية عبر تحريك قواعده الجماهيرية من جهة ثانية.
السيناريو الثالث، يتعلق باحتمالية أن تتوسع دائرة انسحاب عدد من القوى السياسية الممثلة فى البرلمان على غرار انسحاب التيار الصدرى؛ فثمة من يرى إمكانية انسحاب نواب الحزب الديمقراطى الكردستانى، ونواب تحالف "السيادة" السنى، وهى القوى التى كانت متحالفة مع تيار الصدر فى تحالف "إنقاذ وطن" البرلمانى. وهذا السيناريو إن حدث فسيؤدى إلى السيناريو الرابع وهو حل البرلمان.
السيناريو الرابع، ينصرف إلى احتمالية حل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة، لكن هذا فى حالة أن يشهد البرلمان مزيداً من الانسحابات من قبل عدد من القوى السياسية التى كانت متحالفة مع التيار الصدرى، لأن انسحاب نواب الصدر فقط لا يؤدى إلى حل البرلمان، حيث يخضع الحل لنص المادى 64 من الدستور، إما بطلب من رئيس الحكومة وموافقة رئيس البرلمان، وإما بحل البرلمان نفسه بالأغلبية المطلقة من عدد أعضاؤه الإجمالى البالغ 329، وبطلب موقع من ثلث الأعضاء على الأقل (110 عضواً)، على أن تجرى الانتخابات خلال 60 يوماً وفقاً لمرسوم يصدره رئيس الجمهورية. كما يصطدم خيار حل البرلمان باشتراط قوى الإطار التنسيقى تعديل قانون الانتخابات الجديد الصادر فى عام 2020، حيث تراه سبباً مباشراً فى تراجع نتائجها الانتخابية الأخيرة. والواقع أن السبب الأدعى لحل البرلمان كان هو تجاوز كافة المدد الدستورية لاستكمال نتائج الاستحقاقات بانتخاب رئيس الدولة، ثم تسمية الكتلة البرلمانية الأكبر، واختيار رئيس الوزراء.
يتضح مما سبق، أن استقالة الصدر قد أحدثت ردود فعل متباينة التأثير على المشهد السياسى العراقى، وعكست مسعى أيران لتعويض فشل أنصارها العراقيين من القوى السياسية المنضوية فى "الإطار التنسيقى"، انتخابياً وشعبياً، بنجاح برلمانى يعود فى جزء منه إلى انسحاب تيار الصدر من الحياة السياسية، وهو ما يعنى وفى حالة نجاح قوى الإطار فى تحقيق النصاب البرلمانى لانتخاب رئيس الدولة والبدء فى إجراءات تشكيل الحكومة، أن إيران استطاعت إعادة بوصلة الداخل السياسى العراقى إلى ما كانت عليه قبل عامين، بعودة العراق إلى فلك التبعية السياسية لمصالح المشروع الإيرانى الإقليمى، ليس عبر نجاح أنصارها انتخابياً وشعبياً، ولكن عبر سياسة التعطيل الممنهج لمخرجات العملية الانتخابية الأخيرة، والتى دفعت العراق إلى حالة من الاستعصاء السياسى الحاد.