عبد الفتاح الجبالي

الخبير الاقتصادي، رئيس مجلس إدارة مؤسسة الأهرام الأسبق، ورئيس مجلس إدارة مدينة الإنتاج الإعلامي

 

مقدمة

"اليوم أصبحت النقود الورقية تواجه ما يشبه الأيلولة التامة الي الزوال، فمن الواضح الآن أن النقود الورقية شأنها في ذلك شأن خطوط الإنتاج والمصانع ذات المداخن، لا تمثل سوي رمزاً للعصر الصناعي المحتضر، وما عدا بالنسبة للأقطار المتخلفة اقتصادياً وبعض الاستخدامات الثانوية تماماً، فان النقود الورقية سوف تلاقي المصير الذي لاقته عملات الصدار السابقة". بهذه العبارة لخص لنا الفن توفلر في كتابه الهام "تحول السلطة"[1] مستقبل النقود الورقية وطبيعة النظام الاقتصادي الجديد.

وقد أظهرت جائحة كورونا والتى فرضت الإغلاق الكبير على الاقتصاد العالمى ككل والتباعد الاجتماعى للأفراد مدى أهمية المعاملات الرقمية والتى أصبحت شريان الحياة لمعظم المجتمعات والأفراد بل وتمكنت الحكومات من استخدامها في الوصول إلى بعض الأسر والعمالة غير المنتظمة وغيرها من المتغيرات التى أكدت بما لا يدع مجالاً للشك أهمية تعزيز الشمول المالي ليشمل معظم أفراد المجتمع، خاصة وأن الدراسات أكدت على أن التقدم في الشمول المالي يعزز النمو الاقتصادى والكفاءة المالية وتحسين الحالة المعيشية للأفراد خاصة الفقراء.

ففى ظل انتشار فيروس كورونا المستجد، يتيح الشمول المالي إمكانية الاستغناء عن العملات الورقية والتى قد تكون سبباً في نقل الفيروس من شخص لآخر. كما يمكن البنوك من تقديم الخدمات المصرفية إليكترونياً دون التواجد الشخصى والتزاحم مما يحد من انتشار الفيروس.[2]

وقد ظهر مصطلح الشمول المالي لأول مرة عام 1993 في دراسة لـ ـleshyon & Thrift  والتى تناولت أثر إغلاق فرع أحد البنوك في جنوب شرق انجلترا على قدرة السكان على الوصول إلى الخدمات المصرفية[3].

لذلك اهتم العالم أجمع بهذه الظاهرة، خاصة منذ بدايات القرن الحالى واحتلت مكانة عالية في أولويات العديد من البلدان وعلى جدول أعمال السياسة الدولية مثل خطة عمل الشمول المالي التى اعتمدتها قمة العشرين في سول عام 2010، خاصة مع التوسع في استخدام التكنولوجيا الرقمية وزيادة التمكين التكنولوجى للأفراد بعد زيادة استخدام الهواتف المحمولة وازدياد مقدمى الخدمات عبر وسائل التواصل الاجتماعى وازدياد القدرة على جمع المعلومات والبيانات والوصول إلى المستخدمين بأقل تكفة ممكنة[4]. وبوجه خاص، تساعد حسابات الهواتف المحمولة في منطقة أفريقيا جنوب الصحراء على توسيع وزيادة نطاق الحصول على الخدمات المالية بوتيرة سريعة. وإلى جانب هذه المكاسب، تُظهر البيانات أيضاً وجود فرص كبيرة لتعزيز تعميم الخدمات المالية بين النساء والفقراء، ففي عام 2011، أطلق البنك الدولي، وبالمشاركة مع مؤسسة جالوب، "المؤشر العالمي لتعميم الخدمات المالية" في أكثر من 140 بلداً لدراسة كيف يقوم الأشخاص البالغون بالادخار والاقتراض وسداد المدفوعات وإدارة المخاطر المالية. ويقوم هذا المؤشر بتتبع التقدُّم المحرز على صعيد تعميم الخدمات المالية عالمياً بمرور الوقت، بما في ذلك الفجوة بين الجنسين. وهو المقياس الأشمل عالمياً للتقدُّم المحرز على صعيد تعميم الخدمات المالية. وأشار إلى أنه خلال الفترة بين عامي 2011 و2017، أصبح هناك 2100 مليون شخص لديهم حسابات في البنوك أو المؤسسات المالية الأخرى أو مؤسسات تقديم الخدمات المالية عبر الهاتف المحمول، وتراجع عدد الأفراد الذين "لا يمتلكون حسابات مصرفية" بنسبة 20 في المائة ليصل إلى ملياري بالغ"، مشيراً إلى "إن إتاحة سبل الحصول على الخدمات المالية يمكن أن تكون جسراً للخروج من براثن الفقر".[5]

وخلال الفترة بين عامي 2011 و2017، زادت النسبة المئوية للبالغين الذين يمتلكون حسابات مصرفية من 51 في المائة إلى 69 في المائة، ففي البلدان المتقدمة يمتلك 94% من البالغين حسابات مصرفية مقابل 63% في البلدان النامية وارتفع عدد أصحاب الحسابات بواقع 13 نقطة مئوية في البلدان النامية. وخلُص المؤشر إلى أنه مازال هناك الكثير مما ينبغي عمله لتوسيع نطاق تعميم الخدمات المالية فيما بين النساء والأسر الأشد فقراً. فلم يزل أكثر من نصف البالغين، ضمن أفقر 40 في المائة من الأسر المعيشية في البلدان النامية، بلا حسابات مصرفية. كما أن الفجوة بين الجنسين في امتلاك الحسابات المصرفية لا تضيق بالسرعة الكافية: ففي عام 2011، كان لدى 47 في المائة من النساء و54 في المائة من الرجال حسابات مصرفية. وأما في عام 2014، فأصبح لدى 58 في المائة من النساء حسابات مصرفية مقابل 65 في المائة من الرجال، بينما في عام 2017 أصبح هناك 72% من الرجال يمتلكون حسابات مصرفية مقابل 62% من النساء. وعلى مستوى المناطق، تصل الفجوة بين الجنسين إلى أقصى اتساع لها في منطقة جنوب آسيا، حيث يمتلك 37 في المائة من النساء حسابات مصرفية مقابل 55 في المائة من الرجال (بفارق مقداره 18 نقطة مئوية)[6].

وهكذا لم تضيق الفجوة بين الاغنياء والفقراء، فمن بين المنتمين لأغنى 60% من الأسر في العالم يمتلك 74% من البالغين حسابات مصرفية لكن ممن ينتمون لأفقر 40% من الأسر لا يمتلك سوى 61% من البالغين حسابات مصرفية مما أوجد فجوة عالمية بنحو 13%.[7]

وعلى الجانب الآخر، تشير الإحصاءات إلى قيام الهند بإلغاء 86% من أوراقها النقدية كما قررت كوريا الجنوبية وقف سك العملة المعدنية بحلول عام 2022 كما قفز عدد مستخدمي وسائل الدفع الإليكتروني بدلاً من النقد إلى نحو 65% من مستخدمي الإنترنت البالغين في الصين۔ وفي هولندا زاد عدد المعاملات بالبطاقات الائتمانية عن النقد المصدر منذ عام 2015۔ بينما على الجانب الآخر، مازال النقد يلعب دوراً هاماً وأساسياً في بلدان عديدة مثل ألمانيا والنمسا واليابان وسويسرا، إذ مازالت نسبة المدفوعات ببطاقات الائتمان لاتتجاوز 10% من الناتج الاجمالى في سويسرا مقابل 25% في السويد و34% في المملكة المتحدة. وعلي الصعيد العالمي ككل، مازالت نحو 85% من جميع المدفوعات تتم نقداً۔ وهناك أسباب عديدة تدفع هؤلاء لتفضيل التعامل النقودي يأتي علي رأسها أنها أداة دفع مرنة وسهلة ولا تحتاج إلى بنية أساسية كالكهرباء أو الاتصالات اللاسلكية أو الإشارات الخلوية كما أنها تتميز بالبساطة فما علي المواطن إلا دفع النقود والحصول علي الخدمة أو السلعة دون السؤال عن الاسم والعنوان أو رقم الهاتف وغيرها من الأسئلة التي يراها هؤلاء أنها تدخل في شئونهم الخاصة، ناهيك عن بعض الأسباب الخاصة بالقيم لدى بعض مواطني هذه البلدان، ففي ألمانيا تأتي مسالة كراهية الديون علي رأس الأسباب التي تدفعهم لرفض التعامل بالبطاقات الائتمانية، والسبب الآخر هو التخوف من ذكريات التضخم المفرط۔ وهكذا فالموضوع يختلف من دولة لأخرى وفقاً للقيم والأوضاع الاجتماعية والاقتصادية السائدة.

مفهوم الشمول المالي وأهدافه

تشير الدراسات إلى أن الشمول المالي هو إتاحة واستخدام كافة الخدمات المالية لمختلف فئات المجتمع من خلال القنوات الرسمية بما في ذلك الحسابات المصرفية والتوفير وخدمات الدفع والتحويل وخدمات التأمين والائتمان وتفادى لجوء البعض إلى القنوات والوسائل غير الرسمية التي لا تخضع لحد أدنى من الرقابة والإشراف ومرتفعة الأسعار نسبياً مما يؤدى إلى سوء استغلال احتياجات هؤلاء من الخدمات المالية والمصرفية[8].

ووفقاً لتعريف البنك الدولي، فإنه يعبر عن تمتع الأفراد والشركات بإمكانية النفاذ إلى المنتجات والخدمات المالية التى تلبى احتياجاتهم مثل المعاملات والمدخرات والمدفوعات والائتمان بأسعار معقولة بحيث تقدم لهم تلك الخدمات بطريقة تتسم بالمسئولية والاستدامة[9].

أما الشراكة العالمية للشمول المالي فتعرفه بأنه قدرة البالغين (أكثر من 15 عاماً) على الوصول والاستفادة الفعالة من الخدمات المالية ذات النوعية الجيدة المقدمة من قبل المؤسسات المالية الرسمية واستخدامها بتكلفة ملائمة لكل من المستهلك ومقدم الخدمة.[10]

وتشير الأمم المتحدة إلى أنه توفير الخدمات المالية للطبقات الفقيرة بشكل دائم وبتكلفة يمكن تحملها بهدف دمج هذه الشريحة من المجتمع في الاقتصاد الرسمي.[11]

ويرى البنك المركزي المصري أن الشمول المالي "يهدف إلى إتاحة مختلف الخدمات المالية للاستخدام من قبل جميع فئات المجتمع، من خلال القنوات الرسمية بجودة وتكلفة مناسبة مع حماية حقوق المستفيدين من تلك الخدمات بما يمكنهم من إدارة أموالهم بشكل سليم"[12]۔ وهكذا يسعى النظام إلى توسيع نطاق العمل المصرفي ليشمل كافة الفئات والسكان مثل سكان الريف والفقراء والمشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر ودمج القطاع غير الرسمي في الاقتصاد الرسمي، الأمر الذي يؤثر بالإيجاب على معدلات التضخم وأسعار الفائدة وغيرها من الأمور الاقتصادية الهامة.

وتحتل هذه المسالة أهمية بالغة على الصعيد الدولي نظراً لأهميتها في الحد من الفقر في العالم. إذ يعنى الشمول المالي فتح الباب أمام الفقراء لاستخدام الخدمات المالية أكثر مما يتعلق بتوفير التمويل بأسعار معقولة. إذ تُظهر الدراسات أن توسيع نطاق الحصول على خدمات النظام المالي والمشاركة فيه يمكن أن يؤدياً إلى تعزيز خلق الوظائف وزيادة الاستثمارات في قطاع التعليم ومساعدة الفقراء بشكل مباشر على إدارة المخاطر واستيعاب الصدمات المالية ويعزز الاستقرار المالي كما يسهم في النمو الاقتصادي والكفاءة المالية، وعلى الجانب الاجتماعي يسهم في تحسين مستوى معيشة الأفراد خاصة الفقراء. وهنا يشير خبراء البنك الدولي إلى أنه "عندما تمتلك إحدى النساء حساباً ومكاناً آمناً للادخار خارج المنزل، فإنها تمتلك كذلك قدرة أكبر على التحكم في مواردها المالية ودخل أسرتها. ومع توفير إمكانية الحصول على خدمات الادخار والائتمان الرسمية، تستطيع النساء المشاركة بدرجة أكبر في الاقتصاد. ويمكنهن تجنيب أموال لحالات الطوارئ أو لتعليم أطفالهن في المدارس أو لبدء مشاريع خاصة بهن. ويُعد هذا نقطة انطلاق مهمة للخروج من براثن الفقر ولتحقيق مزيد من المساواة". وأكدوا على "إن امتلاك مصدر لأموال الطوارئ عند وقوع فاجعة، كوفاة أحد أفراد الأسرة أو التعرُّض لحالة طبية طارئة أو وقوع كارثة طبيعية، يمكن أن يحول دون وقوع الناس في براثن الفقر المدقع، كما أن سهولة الوصول إلى أدوات الادخار الرسمية وتوفير مكان آمن للادخار بصورة أيسر وأقل إرهاقاً تساعد الفقراء، إذ تشير الإحصاءات إلى أن نصف البالغين في أنحاء العالم، أو نحو 2.5 مليار نسمة، لا يحصلون على خدمات مالية رسمية، و75 في المائة من الفقراء لا يتعاملون مع البنوك بسبب ارتفاع التكاليف، وبُعد المسافات، والمتطلبات المرهقة في غالب الأحيان لفتح حساب مالي. ولا يدخر سوى نحو 25 في المائة من البالغين في العالم الذين يكسبون أقل من دولارين للفرد في اليوم أموالهم في مؤسسات مالية رسمية. 

ويرتبط "عدم التعامل مع البنوك" بالتفاوت في مستويات الدخل، فاحتمال أن يكون لأغنى 20 في المائة من البالغين في البلدان النامية حساباتٌ بنكية رسمية يزيد بأكثر من الضعفين عن أفقر 20 في المائة. ومع أن الفقراء لا تتاح لهم إمكانية الحصول على الخدمات المالية بالقدر نفسه الذي يتاح للأشخاص الأكثر ثراء، فإن حاجتهم إلى الخدمات المالية قد تكون أكبر. وتظهر البحوث أن الحصول على منتجات الادخار، ولاسيما حسابات الادخار "التعاقدية" التي لا يحق فيها للعملاء السحب من أموالهم حتى يصلون إلى هدف حددوه هم بأنفسهم، قد تكون له منافع ملموسة غير مجرد زيادة مدخرات العملاء، فقد تساعد أيضاً على تمكين النساء من أسباب القوة الاقتصادية، وزيادة الاستثمارات المنتجة والاستهلاك، ورفع الإنتاجية والدخول، وزيادة الإنفاق لأغراض الصحة الوقائية. 

وعلى مدى العقود القليلة الماضية، ظهرت أنماط مختلفة من مُقدِّمي الخدمات المالية تتيح إمكانيات جديدة للفقراء غير المتعاملين مع البنوك. وتشتمل هذه الجهات على منظمات غير حكومية، وجمعيات تعاونية، ومؤسسات لتنمية المجتمعات المحلية، وبنوك تجارية وحكومية، وشركات تأمين وشركات بطاقات الائتمان، ومقدمي الخدمات السلكية واللاسلكية والتحويل البرقي، ومكاتب البريد، وغيرها من الأنشطة التي تتيح الوصول إلى منافذ البيع. وفي كثير من الحالات، أصبحت نماذج الأعمال ومُقدِّمي الخدمات الجديدة حيوية وفاعلة بفضل الابتكارات التقنية، ومنها انتشار استخدام الهواتف المحمولة في أرجاء العالم. 

ويمكن أن يكون فتح حساب جارٍ أو إيداع نقطة انطلاق نحو تعميم الخدمات المالية بشكل كامل، إذ سيتيح ذلك مساراً إلى مجموعة أوسع نطاقاً من الخدمات المالية المسئولة المقدمة من خلال مؤسسات مالية أكثر قوة وتنوعاً. وتشير الشواهد الجديدة إلى أن توفير سبل الحصول على الخدمات المالية من خلال الحسابات الرسمية من شأنه تمكين الأفراد والشركات من تحقيق سلاسة الاستهلاك، وإدارة المخاطر المالية التي يواجهونها، والاستثمار في التعليم والصحة ومشاريع الأعمال.

فعلى سبيل المثال، استطاعت كينيا من خلال التوسع في البنية التحتية وزيادة فروع البنوك في المناطق الريفية ونشر أجهزة الصرف الآلي ووكلاء البنوك في المناطق النائية، زيادة إمكانية حصول السكان على الخدمات البنكية من 15% عام 2006 إلى 43% عام 2016[13].

مؤشرات الشمول المالي في المجتمع المصري ودلالاتها

على الرغم من الجهود المبذولة من جانب البنك المركزى والحكومة المصرية لتعزيز الشمول المالي، إلا أن المؤشرات تشير إلى أننا ما زلنا بعيدين عن الشمول المالي الكامل، وهو ما أكدته كريستين لا جارد المدير التنفيذي لصندوق النقد الدولي، وذلك حين أشارت، في كلمتها الهامة أمام قمة مصر الاقتصادية بشرم الشيخ التي عقدت في مارس 2015، إلى أن عدد أصحاب الحسابات البنكية لدى الجهاز المصرفي لا يتجاوز 10% من عدد السكان، مدللة بذلك على ضآلة التعاملات المصرفية مقابل انتشار التعاملات النقودية بالمجتمع، وهي مسألة غاية في الأهمية والخطورة وتعتبر وبحق إحدى المعوقات الاساسية أمام انطلاق الاقتصاد المصري إلى الامام. فعلى الرغم من ارتفاع هذه النسبة إلى حوالى 30%، إلا أنها ترجع بالأساس إلى مجموعة الإجراءات التى قامت بها الحكومة المصرية مثل دفع الرواتب والأجور والمعاشات عن طريق البطاقات الائتمانية، الامر الذى تطلب فتح المزيد من الحسابات المصرفية لدى الجهاز المصرفى أو توفير البريد.

وتشير المؤشرات الإحصائية إلى العديد من الظواهر الهامة والتي تؤكد على تفضيل التعاملات النقودية داخل المجتمع على التعامل مع الجهاز المصرفى ومن أهمها:

- انخفاض عدد الشركات التي تتعامل مع البنوك، وهنا يشير تقرير البنك الدولي إلى أن أقل من 60% من الشركات تملك حساباً جارياً أو توفير بالبنوك وأن 6% فقط منها لديها قرض مصرفي أو خط اعتماد. ولهذا تمثل البنوك 2% فقط من تمويل هذه الشركات وهو ما يقل كثيراً عن المتوسط في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث يصل إلى 12%. وبعبارة أخرى، فإن 40% من شركات القطاع الخاص المنظم لا تملك حسابات في البنوك ولا تتعامل مع الجهاز المصرفي علي الاطلاق، وينطبق نفس القول على القطاع غير المنظم. اذ تشير بيانات التعداد الاقتصادي للمنشآت إلى أن عدد المنشآت الحاصلة على قروض من القطاع غير الرسمي بلغت 24944 منشأة من إجمالي 1983544 منشأة بنسبة 1.26% من الإجمالي، معظمها حصلت على قروض أقل من 50 ألف جنيه نحو 23411 منشأة ونحو 1157 منشأة حصلت على قروض تراوحت بين 50 ألف و100 ألف، والأهم من ذلك أنها لم تحصل على قروض من الجهاز المصرفي ولكنها حصلت عليها من الجمعيات والمؤسسات الأهلية والأقارب والأصدقاء[14].

- وفيما يتعلق بالمشروعات المتوسطات، فيشير التعداد الاقتصادي إلى أن 11.14% من إجمالي هذه المنشآت هي التي حصلت على قروض خلال السنوات الخمس (2013/2014 – 2017/2018) وبلغت هذه النسبة للمشروعات الصغيرة نحو 3.24% من الإجمالي وفى المشروعات متناهية الصغر 2.74%.[15]

- ارتفاع نسبة النقد المتداول خارج الجهاز المصرفي في هيكل السيولة المحلية، حيث ارتفع من 14.2% عام 2009 إلى 16.6% عام 2011 وإلى 17.9% عام 2014، وذلك قبل أن يهبط إلى 16.5% و14،4% خلال عامي 2015/2016 و2019/2020، جنباً إلى جنب مع انخفاض نصيب الودائع المصرفية مع الأخذ بالحسبان أن هذا التراجع يرجع إلى الزيادة في الودائع بالعملات الأجنبية نتيجة للتغير في سعر صرف الجنيه المصري منذ نوفمبر 2016 وهو ما أثر بدوره على التوزيع النسبي لمكونات السيولة المحلية۔ يضاف إلى ذلك قيام البنوك المصرية بطرح شهادات ادخارية ذات عائد مرتفع (20% و16% لأجل عام ونصف أو ثلاث سنوات على الترتيب).

- وعلى الجانب الآخر، تشير الإحصاءات إلى أن عدد الحسابات لدى الأوعية الادخارية الرئيسية قد وصل إلى 175.3 مليون حساب في نهاية يونيو 2019 استحوذت الأوعية المصرفية على 80.3% مقابل 12.1% لصناديق توفير البريد و5.7% للهيئات التأمينية و1.1% بشركات التأمين و0.7% ببنك ناصر الاجتماعي.

- انخفاض النقد المتداول من العملات فئات العشرين جنيها والفئات الأقل، مقابل الزيادة الكبيرة في العملات فئتي (مائة جنيه ومائتا جنيه) حيث ارتفعت الثانية من 31.5% نهاية يونيو 2010 إلى 52.2% عام 2016 وإلى 64.2% عام 2020۔  

وهنا تجدر الإشارة إلى أن معظم البلدان التي تبنت الشمول المالي منهجاً لها قامت بسحب الأوراق النقدية ذات الفئات الكبيرة من التداول، حيث قامت الهند بسحب الأوراق فئة 100 و500 روبية. ويعتزم البنك المركزي الأوروبي وقف طباعة الورقة النقدية فئة 500 يورو، وذلك بعد أن أثبتت الدراسات أن العملة ذات الفئات الكبيرة تلعب دوراً هاماً في انتشار الفساد والدخول غير المشروعة.

- ارتفاع معدل الاكتناز بالمجتمع والذي ظهر جلياً في الأموال التي توجهت إلى شركات توظيف الأموال في ثمانينات القرن الماضي، فضلاً عن تلك التى استثمرت في شهادات قناة السويس وغيرها الكثير.

الأسباب المؤدية لتفضيل التعاملات النقودية وضعف الشمول المالي

تمارس البنوك دوراً هاماً ومحورياً في جذب المدخرات المحلية مقارنة بالأجهزة الأخرى، وهنا تشير الإحصاءات إلى أنه من إجمالي الأوعية الادخارية التي بلغت في نهاية يونيو 2019 نحو 3584 مليار جنيه استحوذ القطاع المصرفي على 2941 مليار جنيه بنسبة 82%. بينما كانت الأوعية الادخارية لدى صندوق توفير البريد نحو 219 مليار بنسبة 6.1%۔

ويمكن تفسير تفضيل التعاملات النقودية وضعف الشمول المالي في مصر إلى مجموعة من العوامل والسمات التي يتسم بها المجتمع يأتي على رأسها:

1- أوضاع الجهاز المصرفي المصري: من المعروف أن الجهاز المصرفي يلعب دوراً مهماً في تعبئة المدخرات المحلية من ناحية وإتاحة التمويل للمشروعات الجادة والهادفة بالدرجة الأولى لدفع عجلة التنمية الاقتصادية وتوفير فرص العمل لطالبيها من ناحية أخرى. وتشير الإحصاءات إلى عدم نجاح الجهاز المصرفي حتى الآن في تقديم الخدمات المصرفية المطلوبة في الريف والقرى، ولا التواجد بالقرب منهم وفى أماكن يسهل الوصول اليها. فعلى الرغم من توسع البنوك في إنشاء العديد من الفروع والتي وصلت في نهاية يونيو 2019 إلى 2995 فرع (منها 1130 فرعاً لبنوك القطاع العام و1617 فرعاً لبنوك القطاع الخاص) يضاف إليها فروع البنك الزراعي لتصل إلى 4424 فرع، إلا أنها مازالت لا تتناسب مع عدد السكان من جهة، إذ وصلت الكثافة المصرفية إلى 33.3 لكل ألف مواطن بدون البنك الزراعي ونحو 22.6 لكل ألف مواطن بإضافة البنك الزراعي.

وأيضاً، تعاني من مشكلة التركز، إما في القاهرة الكبرى أو بعض المحافظات الحضرية وفى مدن هذه المحافظات، ولم تحقق الانتشار المصرفي المطلوب في كافة مدن وقرى مصر (تستحوذ القاهرة على نحو 33% من الفروع بينما عدد سكانها يمثلون 10.5% من إجمالي السكان، وكذلك الإسكندرية تستحوذ على 10% من الفروع مقابل 5.4% من السكان، والجيزة 14% من الفروع مقابل 8.6% من السكان، وعلى النقيض من ذلك تستحوذ محافظة قنا على 1.7% من الفروع بينما يسكن بها نحو3.5% من السكان، ونفس القول على سوهاج والتي يوجد بها 2.2% من الفروع مقابل 5.3% من السكان، والبحيرة 2.2% من الفروع مقابل 6.6% من السكان). وينطبق نفس القول على ماكينات الدفع الآلي حيث استحوذت القاهرة على 35.5% والجيزة على 12.4% والإسكندرية 9.5%. وبالتالي مازالت البنوك غير قادرة على خدمة المواطنين العاديين والفلاح البسيط، ولم تقم إلا بمبادرات محدودة للغاية لاجتذاب هذه الأموال.

كل هذه العوامل وغيرها أدت إلى هروب الأفراد من الجهاز المصرفي والذي فشل حتى الآن، على الأقل، في تغذية الروح الادخارية لدى المواطن العادي، وذلك نظراً لتعقيدات المعاملات البنكية أو لسيادة انطباع لدى البعض بسوء المعاملة وتكلفتها وهو ما عبر عنه أحد الأشخاص في أحد التحقيقات الصحفية حين سأله الصحفي حول ما إذا كان يقوم بتحويل الأموال التي يرغب إيصالها إلى والده، عن طريق البنوك، فأجاب بالنفي معللاً ذلك بأن والده رجل مسن ولا يتحمل تعقيدات البنوك والتي ترهق المستفيد من الحوالة للحصول على الأموال، إذ إنه يضطر إلى الذهاب عدة مرات حتى يحصل على أمواله.

2- تراجع دور صناديق توفير البريد: على الرغم من الإهمال الذي لحق بصناديق توفير البريد على مدار العقود الماضية، إلا أنها ما زالت تلعب دوراً هاماً في جذب مدخرات الشرائح الدنيا من الطبقة المتوسطة، وهنا نلحظ أن عدد مكاتب البريد وصل في نهاية يونيو 2020 إلى 4320 مكتب منتشرة في كافة قرى ونجوع المجتمع.

وبلغ عدد الحسابات بها نحو 21.4 مليون حساب نهايو يونيو 2019 مقابل 23.1 مليون عام 2014، ومازالت تسهم بدرجة معقولة في جذب جزء من المدخرات، اذ وصلت إجمالي الودائع لديها إلى 223.9 مليار جنيه في نهاية يونيو 2019، لتشكل نحو 11% من إجمالي الأوعية الادخارية وذلك بعد أن كانت 9% عام 2009. ولكنها بدأت تعاني من تراجع الإضافات الجديدة بحيث يمكننا القول دون أدنى تجاوز للحقيقة إن معظم هذه الزيادة تعود إلى الفائدة المدفوعة عليها وليس إلى تدفق أموال جديدة. ويرجع السبب في ذلك إلى التخفيضات المستمرة على العائد على هذه الأموال مقابل الأوعية الادخارية البديلة، إذ بينما ارتفع العائد على أذون الخزانة 91 يوماً من 11.8% عام 2015 إلى 18.46% عام 2019/2020 فقد ارتفع على ودائع توفير البريد من 8% إلى 10.25% خلال نفس الفترة.

لذلك نلاحظ أن عدد عمليات الإيداع بها قد انخفضت من 18.4 مليون عملية في نهاية يونيو 2010 إلى 15.3 مليون في نهاية يونيو 2019 وهى أعلى من نسبة عدد عمليات السحب التي انخفضت من 15.9 مليون إلى 14 مليون خلال نفس الفترة. وعلى الجانب الآخر، فقد أخذت الهيئة في التوسع في استثمار الأموال خارج بنك الاستثمار القومي ولذلك انخفضت نسبة الأموال المودعة لدى بنك الاستثمار من 74.2% من إجمالي الأموال لديها عام 2009 إلى 63.8% عام 2019.

وهذه النقطة محورية وهامة في هذا المجال، وتحتاج أيضاً إلى البحث والدراسة بحيث يتم تطوير هذه الأداة الهامة لتصبح إحدى الأدوات الرئيسية في تجميع هذه الأموال. إذ أن هذه الأداة تعانى مشكلات عديدة ومتنوعة خاصة وأنها أهملت على مدار العقود الماضية تماماً.

3- ضعف المدخرات المحلية: هنا نلحظ أن معدل الادخار المحلى في تراجع مستمر، إذ هبط من 14.3% عام 2009/2010 إلى 6.2% عام 2019/ 2020، وهو معدل منخفض للغاية لا يتناسب بأي حال من الأحوال مع معدلات الاستثمار المطلوبة لرفع معدل النمو بما يحقق الأهداف التنموية للبلاد، وامتصاص البطالة المرتفعة. وأدى ذلك إلى اتساع فجوة الموارد المحلية والتي وصلت إلى 7.6%.

ومع تسليمنا الكامل بأن تراجع الادخار المحلى يرجع في جانب كبير منه إلى عجز الموازنة العامة للدولة. إذ تشير الإحصاءات الختامية لمصفوفة الادخار والاستثمار إلى أن القطاع العائلي استطاع تعبئة مدخرات لا بأس بها خلال الفترة الماضية، إلا أنها استخدمت في معظمها لإقراض الحكومة وتمويل عجز الموازنة، وهنا تشير مصفوفة تمويل الاستثمارات عن عام 2019/2020 إلى أن المجتمع استطاع تجميع مدخرات بنحو 1166 مليار جنيه (معظمها من القطاع العائلي بنحو 795 مليار) استخدم منها 229 مليار لتمويل عجز الموازنة و239 مليار لتمويل الاستثمارات۔

 وبمعنى آخر، فإن الزيادة المستمرة في عجز الموازنة العامة للدولة تعد عنصراً أساسياً في ضعف المدخرات المحلية. هذا فضلاً عن تأثيرها على الائتمان المقدم للقطاع الخاص ومن ثم الحد من قدرات الجهاز المصرفي على توفير التمويل اللازم لهذا القطاع.

وعلى الرغم من ذلك، فإن المتتبع لمدخرات القطاع العائلي يجد أن معدلاتها في تناقص مستمر أيضاً، سواء داخل الجهاز المصرفي أو توفير البريد وشهادات الاستثمار، هذا فضلاً عن ارتفاع معدلات الاكتناز والاستمرار في تفضيل التعامل النقودى عن التعامل المصرفي. ويرجع البعض السبب في ذلك إلى ضعف دخول الافراد باعتباره عاملاً مهماً في تحديد نمط الاستهلاك، فإذا كان مستوى الدخل ضعيفاً، فإن حساسية الادخار الخاص لأسعار الفائدة ستقترب من الصفر، وهو ما يطبق على البلدان التي تتميز بسوء توزيع الدخول بين الأفراد.

4- انسداد شرايين الاستثمار في العديد من المناطق: لم تتمكن الحكومات المتعاقبة من إيجاد كيانات استثمارية مناسبة تتمكن من جذب هذه الأموال، فعلى الرغم من الحديث المعاد والمكرر حول تشجيع المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر، إلا أنها لم تتحول بعد إلى سياسات محددة، رغم صدور القانون رقم 152 لسنة 2020 بشأن المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر، خاصة فيما يتعلق بالمزايا الضريبية والجمركية، وكذلك قانون تنظيم وتشجيع عمل وحدات الطعام المتنقلة رقم 92 لسنة 2018. كما أنها، وهذا هو الأهم، لم تتجه إلى هذه المناطق ومازالت كافة السياسات والإجراءات المطبقة حتى الآن تركز على القاهرة الكبرى وبعض المدن الأخرى، وللأسف، فقد أسهم جهاز المشروعات الصغيرة والمتوسطة بشدة في هذه الظاهرة ويكفى إطلالة سريعة على التوزيع الجغرافي للمشروعات التي يقوم بتمويلها لنتحقق من ذلك.

إذ أن المسألة ببساطة تكمن في كيفية تنظيم وترشيد تدفق المدخرات المالية لدى القطاع العائلي وجذبها داخل دولاب الاقتصاد القومي، وهو ما يتطلب تحقيق مصلحتين: الأولى، مصلحة الأفراد في الحصول على العائد المناسب من استثمار هذه الأموال. والثانية، ضمان حسن استخدام هذه الموارد بما يعود بالنفع على المجتمع، حيث يسهم في توسيع القاعدة الإنتاجية، وهو الدور الذي كان يجب أن يقوم به الجهاز المصرفي من جانب وسوق المال وجهاز المشروعات الصغيرة والمتوسطة من جانب آخر، باعتبارهم الوسائل الأساسية لتحقيق الأهداف المشار إليها آنفاً، ولكنها لم تتحقق أو على الأقل لم تتحقق بالقدر الكافي.

5- ارتفاع نطاق القطاع غير الرسمي في الاقتصاد والمجتمع: يشير التعداد الاقتصادى إلى أن عدد المنشآت العاملة في القطاع غير الرسمى بلغت 2 مليون منشأة بنسبة 53% من إجمالى المنشآت العاملة في مصر عام 2017/2018 مع ملاحظة أن 59.4% منها تعمل في تجارة الجملة والتجزئة يليها الصناعات التحويلية بنسبة ١٤.١٪، وهى في معظمها منشآت صغيرة ومتناهية الصغر. إذ تصل نسبة المنشآت التى يبلغ رأسمالها المستثمر أقل من 100 ألف جنيه إلى نحو 81% من الإجمالى، يليها المنشآت أقل من 200 ألف جنيه وأكثر من 100 الف بنسبة 18%. ولذلك فإن نشبة المنشآت التى يعمل بها أقل من 5 أشخاص تصل إلى 96% من الإجمالى يليها المنشآت التى تستخدم من 5 إلى أقل من 10 أشخاص بنسبة 4%. ولذلك تأخذ نحو 95% منها شكل المنشأة الفردية من الناحية القانونية. كما يشير التعداد إلى أن نحو 72% من هذه المنشآت تم إنشائها بعد عام 2010[16]

بينما وعلى الجانب الآخر، يشير بحث القوى العاملة إلى أن نسبة المشتغلين خارج المنشآت تصل إلى 44% من إجمالى المشتغلين بالمجتمع عام 2020، مقابل نحو 35% لدى القطاع الخاص المنظم ونحو 21% في القطاع الحكومي والأعمال العام. وبعبارة أخرى فإنه يشكل النسبة الغالبة من المشتغلين في سوق العمل ككل وترتفع هذه النسبة بشدة داخل الريف الذي يستحوذ على 60% من المشتغلين.

مع ملاحظة أن القطاع غير الرسمى وفقاً للتعداد الاقتصادى يشمل الوحدات الإنتاجية التى تزاول نشاطاً اقتصادياً (صناعى – تجارى – خدمى الخ) وليس لها أى تسجيل إدارى أو التى تمارس عملها دون ترخيص من الجهات الرسمية ولا تحمل أى شكل قانونى من حيث الإجراءات اللازمة لممارسة النشاط.[17]

وذلك بعد أن اتسع هذا القطاع بشدة في المرحلة الراهنة وأصبح يضم شرائح عريضة من المجتمع مثل العاملين في الورش الصغيرة أو الأعمال اليدوية والحرفية، بالإضافة إلى الباعة الجائلين وعمال التراحيل الذين ليس لهم مكان عمل إلا بالشارع، مع ملاحظة أن 44% من هؤلاء يعملون بالقطاع الزراعي ونحو  26.4% يعملون بقطاع التشييد والبناء و16.2% في قطاع النقل والتخزين.

6-غياب استخدام الأدوات التكنولوجية لدى الأفراد: تشير الإحصاءات الرسمية إلى أنه وعلى الرغم من التوسع الشديد في التعامل بالأدوات التكنولوجية المختلفة، إلا أن نحو 71% من إجمالى السكان لا يستخدمون الإنترنت ولا الحاسب الآلى ونحو 35% لا يستخدمون التليفون المحمول مع ارتفاع هذه النسب داخل المحافظات الأكثر فقراً.

الإجراءات الحكومية لتعزيز الشمول المالي

أدركت الحكومة المصرية ضرورة وأهمية العمل على تعزيز الشمول المالي والحد من التعاملات النقودية، لذلك صدرت العديد من القوانين والقرارات الهامة. إذ صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 89 لسنة 2017 بإنشاء المجلس القومى للمدفوعات، برئاسته وعضوية عدد من الوزارات والجهات المعنية، وذلك بهدف خفض استخدام أوراق النقد خارج الجهاز المصرفى وتحفيز استخدام الوسائل والقنوات الإليكترونية في الدفع مما يسهم في دمج القطاع غير الرسمى وتحقيق أعلى قدر من الشمول المالي. كما صدر القانون رقم 18 لسنة 2019 لتنظيم استخدام وسائل الدفع غير النقدى والهادف إلى وضع إطار تنظيمى ملزم للمدفوعات غير النقدية وتقديم العديد من المزايا المشجعة على ذلك. كما صدر قانون البنك المركزى والجهاز المصرفى رقم 194 لسنة 2020 والذى تضمن باباً كاملاً يختص بنظم وخدمات الدفع والتكنولوجيا المالية[18].

وقام البنك المركزى بإلزام البنوك بإنشاء إدارة مستقلة للشمول المالي تتولى عملية التنسيق داخلياً بين إدارات البنك من ناحية ومع البنك المركزى من ناحية أخرى، فيما يتعلق بالشمول المالي. كما تم تحديد الحد الأدنى من المهام الموكلة إليها ومن ضمنها إعداد استراتيجية متوسطة الأجل لتحقيق الشمول المالي على أن تكون معتمدة من مجلس إدارة البنك أو من يحل محله بالنسبة لفروع البنوك الأجنبية[19].

كما قامت الحكومة بإصدار العديد من القرارات، وعلى الجانب الآخر قام البنك المركزي المصري وبعض البنوك التجارية بحملة واسعة لتشجيع التعاملات المصرفية بدلاً من التعاملات النقودية السائدة بالمجتمع.

على الجانب الآخر، بدأت الحكومة في التحرك تجاه تعميم حصول موظفي الجهاز الإداري للدولة على مرتباتهم عن طريق بطاقات الدفع الآلي، حيث وصل إجمالي من يحصلون على مرتباتهم عن هذا الطريق إلى نحو 3 مليون موظف ولكن هذه العملية مازالت تعاني من عدم وجود الشبكة الإلكترونية المطلوبة لخدمة هؤلاء خاصة في الريف المصري.

يضاف إلى ذلك صدور قرار وزير المالية رقم 117 لسنة 2015 والقاضي بأن يكون أداء الضريبة المستحقة على شركات الأموال والأشخاص الاعتبارية بإحدى وسائل الدفع الإلكترونية التي تتيحها البنوك، الأمر الذي ساهم كثيراً في تعزيز هذه المسألة، وتشير الإحصاءات إلى أنه تم تحصيل نحو 60% من الضرائب المستحقة حتى نهاية يناير الماضي إلكترونياً.

وعلى الجانب الآخر، زاد عدد بطاقات الائتمان من 1.7 مليون بطاقة بنهاية يونيو 2010 إلى 2.6 مليون بطاقة في نهاية يونيو 2015 ثم إلى 3.6 مليون في نهاية يونيو 2020 وارتفعت بطاقات الخصم من 16.2 مليون بطاقات نهاية يونيو 2015 إلى 17.8 مليون نهاية يونيو 2020 وبالمثل البطاقات المدفوعة مقدماً من 8.3 مليون إلى 18.3 مليون خلال نفس الفترة. وارتفع عدد ماكينات الصرف الآلي من 4507 ماكينة إلى 7855 و14152 ماكينة خلال نفس الفترة.

كما أصدر رئيس مجلس الوزراء ووزير المالية العديد من القرارات في هذا الصدد، منها وقف التعامل بالشيكات الحكومية لجميع أجهزة الدولة والصناديق والحسابات الخاصة، والتحول إلى نظام المدفوعات الإلكترونية والعمل بنظام الخزانة الموحد  (TSA)، الذي يشمل كافة الجهات الداخلة في الموازنة العامة للدولة، ويكون الصرف والتحكم فقط من خلال هذه المنظومة الإلكترونية الجديدة، إضافة إلى إغلاق ما يقرب من 61 ألف حساب لكل جهات الدولة لعدد 2650 وحدة حسابية في جميع أجهزة الدولة. هذا بالإضافة إلى تطبيق نظام ميكنة إدارة المالية الحكومية (GFMIS) وهو الخطوة الثانية للتحول إلى مجتمع إلكتروني، مع ربط النظامين فيما بينهما، بحيث لا تتم أي مدفوعة إلكترونية إلا من خلال نظام إدارة نظم المعلومات المالية العامة الحكومية، وهو ميكنة للموازنة العامة للدولة. بالإضافة إلى التحصيل الإلكتروني للضرائب والجمارك وأصبحت الحكومة تقوم بصرف الرواتب والمعاشات والاستثمارات وكافة بنود المصروفات في الموازنة إلكترونياً، وكلها خطوات هامة وضرورية لتعزيز هذه العملية.

آليات تعزيز الشمول المالي

اتضح لنا من العرض السابق أن تعزيز الشمول المالي وإدماج كافة فئات المجتمع وشرائحه المختلفة في النظام المالي الرسمي، خاصة المرأة والفقراء والمشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر، يحقق العديد من المزايا ويخدم الأهداف التنموية للبلاد خاصة زيادة المدخرات المحلية وإيجاد المزيد من فرص العمل والحد من الفقر الخ. كما يتيح للأفراد القدرة على إدارة الأموال بشكل سليم وآمن، ويساعدهم في تأسيس المشروعات الاستثمارية وغيرها من المزايا.

وهكذا، أصبح من الضروري العمل على تعزيز هذه المسألة وجنى منافع الابتكار المالي من أجل تعميم الشمول المالي مع الحد من المخاطر التي تهدد الاستقرار المالي وحماية المستهلك. وتتطلب المسالة تحديد تعريف قومي وموحد للشمول المالي على مستوى الدولة باعتباره حجر الزاوية لإيجاد رؤية شاملة وموحدة لدى صانع القرار، وتحديد طرق القياس للأداء ومعايير المنتجات التي تصنف كمنتجات شاملة. وهنا يتم تقسيم السوق إلى أربعة أقسام هي[20]:

- عملاء مدرجون بالقطاع المصرفي الرسمي.

- عملاء مدرجون بالقطاع المصرفي الرسمي ولكن لا يستخدمون الخدمة.

- عملاء خارج القطاع المصرفي الرسمي.

- عملاء لا يتعاملون مع القطاع المصرفي الرسمي لعدم قبولهم شروط التعامل.

وهذا التقسيم يساعد على تقديم الخدمات المناسبة لكل مجموعة من هذه المجموعات.

وهنا يشير خبراء صندوق النقد الدولي إلى أن هذه المسألة تتطلب توافر خمس مجموعات من السياسات، هي:[21]

- تأسيس بنى تحتية رقمية تسهل إجراء المدفوعات الرقمية الفورية بتكلفة منخفضة أو صفرية بين الأفراد والمؤسسات.

- تطبيق معايير موحدة لتعزيز المنافسة.

- تحديث سياسات المنافسة، حيث أن المقاييس التقليدية للمنافسة لا تصلح في هذه المسالة لذا يتطلب الأمر البحث عن طرق جديدة وأكثر تقدمية لإبقاء الأسواق قائمة على المنافسة وقادرة عليها.

- تعزيز خصوصية البيانات وتحديد قواعد استخدام البيانات التي تناسب المجتمع ككل.

- تنسيق الجهود بين كافة المؤسسات العاملة في هذا المجال مثل البنك المركزي والجهات التنظيمية الأخرى.

انطلاقا مما سبق، هناك مجموعة من الآليات المقترحة لتعزيز الشمول المالي، أبرزها ما يلي:

1- أهمية تحديث أدوات الجهاز المصرفي في الريف والقرى؛ فرغم الإجراءات العديدة التي يقوم بها الجهاز المصرفي، إلا أن الطريق مازال طويلاً وشاقاً لتحويل المجتمع إلى التعاملات المصرفية، ويحتاج إلى تضافر الجهود بغية تغيير العادات السائدة وكذلك قيام البنوك بتوسيع دائرة الاهتمام لتشمل كافة قرى ومدن مصر مع إزالة العقبات أمام تسهيل المعاملات، وعلى الحكومة العمل على إصدار التشريعات التي تحول دون انتشار المعاملات النقودية وتؤدى إلى تعزيز المعاملات المصرفية، مما يساعد على تعزيز الثقة في الجهاز المصرفي.

2- من الضروري قيام الجهاز المصرفي بدوره في تعبئة المدخرات، وتطويره بحيث يصبح أكثر قدرة على جذب المدخرات، خاصة في الريف المصري، وتوظيفها التوظيف الأمثل، وتشجيع التعاملات المصرفية وزيادة رقعة الجهاز المالي والمصرفي المنظم في الاقتصاد القومي مما يؤدى في النهاية إلى الحد من التعاملات النقدية غير المنظمة.

ويتطلب ذلك التوسع في إنشاء شبكة من مزودى الخدمات المالية بما في ذلك فروع البنوك وشركات الصرافة ومكاتب البريد بجانب زيادة عدد ماكينات الصرف الآلى على أن تمتد لتشمل المناطق الجغرافية المحرومة خاصة في الريف المصرى، والتوسع في الخدمات المالية الرقمية المقدمة عبر الهاتف المحمول والشبكة الإليكترونية.

3- تطوير وتحديث صناديق توفير البريد. وفي هذا السياق، يجب العمل علي تطوير وتحديث صناديق توفير البريد بحيث تصبح أداة لتعبئة المدخرات خاصة في القرى والنجوع المصرية. إذ من المأمول أن تقوم صناديق توفير البريد بسد هذه الفجوة، خاصة وأنها تمتلك العديد من المزايا التي تؤهلها لذلك، فهي تتواجد في كافة القرى والنجوع (حيث يوجد نحو 4449 مكتب بريد منتشرة في مختلف أنحاء الجمهورية). كما أنها تنسجم كثيراً مع القيم والأعراف السائدة في هذه المجتمعات، وهو ما صورته السينما المصرية منذ قديم الأزل، حيث كانت التوصية الدائمة لكل من يذهب إلى العمل بأن يضع نقوده في "البوستة" والتي تعتبر الملاذ الآمن لها. من هنا كانت هذه إحدى النصائح الأساسية التي تقدمها الأسرة لأى فرد من أفرادها ينتقل من القرية للعمل والعيش في المدينة أو القاهرة، وكانت الجائزة الكبرى للتلميذ المتفوق في المدرسة، علمياً أو رياضياً أو ثقافياً، هي الحصول على دفتر توفير بمبلغ رمزي هدية من إدارة المدرسة بل وكانت بعض العائلات تفتح دفتر توفير للطفل بمجرد ولادته وتضع فيه مبلغاً شهرياً يستكمله حين يكبر بعض الشيء، هذه الأمثلة وغيرها توضح لنا الدور الهام والحيوي الذى كان يلعبه دفتر توفير البريد في الأسرة والمجتمع المصري، باعتباره أداة ادخارية هامة، ويعكس مدى الثقة التي كانت تحظى بها هذه الأداة على مدار مائة وخمسين عاماً هي عمرها حتى الآن.

عموماً، ورغم كل ما سبق، فإن هناك فرصة هائلة لإعادة إحياء صندوق توفير البريد كأداة ادخارية هامة تسهم في تعزيز الاستثمارات ومن ثم النشاط الاقتصادي ورفع معدل الادخار من خلال الأفراد، والشركات الصغيرة والمتوسطة، والتوسع في هذا المجال إذا ما أحسن القائمون على إدارتها التعامل معها، وهو ما يتطلب العمل على تطوير الهيئة لتضطلع بدور أكبر في هذه العملية نظراً لما تحظى به من قبول شعبي لدى الغالبية العظمى من ساكني الريف والقرى، والشريحة الدنيا من الطبقة المتوسطة، كما تتميز بانتشار قوى وكبير في كافة قرى ونجوع المجتمع، فضلاً عما تتسم به من سهولة ويسر في التعاملات تختلف بشدة عن التعقيدات البنكية وتلائمها مع القيم المجتمعية السائدة، وبالتالي تعد إحدى الأدوات الجاذبة للأموال المكتنزة لدى القطاع العائلي وكذلك القطاع غير الرسمي، وهناك العديد من الخبرات الدولية في هذا المجال والتي تؤكد بما لا يدع مجالا للشك الإمكانيات الهائلة التي يمكن أن تسهم بها هذه الأداة في تعزيز النمو ورفع معدلات الادخار بالمجتمع.

وهكذا، يصبح من الضروري العمل علي تعزيز صندوق توفير البريد ليصبح بمثابة وعاء ادخاري شعبي يكون هدفه الأساسي هو تعبئة المدخرات من القطاعات العريضة من المجتمع، وهو ما لن يتأتى إلا عبر إعادة النظر في البناء المؤسسي للهيئة وإصلاح القانون 19 لسنة 1982 المنشئ لها بما يحررها من كافة القواعد واللوائح الحكومية، جنباً إلى جنب مع الاهتمام بتطوير وتدريب العاملين بها لمجابهة التقدم التكنولوجي الكبير في هذا المجال.

4- إيجاد المشروعات الاستثمارية التي تتناسب مع دخول متوسطي وصغار المواطنين: بدأت تلوح في الأفق بوادر إدراك الحكومة لهذه المشكلة والتحرك الإيجابي للتعامل معها، ففي إطار سعيها نحو التحرك لحل هذه المشكلات أعلنت الحكومة عن العديد من المشروعات الجديدة سواء فيما يتعلق بشركة "أيادي" أو "مشروعك" أو "جمعيتي"، اذ أعلنت أن هدف هذه المشروعات هو دعم المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر، وهو هدف نبيل يمكن أن يتحقق عبر تلافى الأخطاء السابقة، بحيث تذهب إلى المناطق البعيدة في الريف المصري، وتنشئ كيانات استثمارية تساعد على جذب المدخر أو المستثمر الصغير للدخول في شراكة معها. كما يجب العمل بالتنسيق التام بين هذه الكيانات والصندوق الاجتماعي للتنمية ومكاتب البريد المنتشرة في كافة ربوع الوطن حتى لو تطلب ذلك إدخال تعديلات تشريعية معينة تسمح لهم بالقيام بذلك، وهى كلها أمور تساعد على إيجاد كيانات استثمارية مناسبة للمدخر الصغير وملاءمة للبيئة التي يعيش فيها.

5- قيام البنك المركزي بتوجيه البنوك لتخصيص نسبة محددة من محافظ القروض لتمويل الأصول الرأسمالية ورأس المال العامل للشركات: وذلك مع تحديد البنوك للمستندات المطلوبة بالكامل للحصول على قرض (أصول رأسمالية أو رأسمال عامل) بمجرد تقدم الشركة الصناعية للبنك للحصول على القرض، أو الإعلان عن المستندات المطلوبة على الموقع الإلكتروني للبنك، على أن تقوم البنوك بتحديد مدة محددة تلتزم بها للانتهاء من الدراسات والاستعلامات والأعمال الإدارية الخاصة بها لإعطاء العميل قرار الموافقة أو الرفض على التمويل على ألا تزيد هذه المدة عن ثلاثة أشهر.

خاتمة

في ضوء الاعتبارات السابقة، نرى أن التعامل مع هذا الموضوع يجب أن يتم في إطار السياسة النقدية والائتمانية للبلاد ووضع أطر متكاملة منها ضرورة الالتزام بالشفافية والعلنية في نشر الإحصاءات والبيانات الأساسية. فعلى الرغم من كثرة البيانات والإحصاءات التى ينشرها البنك المركزي، إلا أن المتتبع لهذه التقارير يلحظ أنها فقدت الكثير من محتواها العلمي، الأمر الذى حد كثيراً من إمكانية الاستفادة منها. فعلى سبيل المثال، كان تقرير الأوضاع النقدية والائتمانية ينشر البيانات المصرفية مفرقاً بين البنوك العامة وغيرها بصورة تفصيلية، إلا أنه ينشر الآن مجرد بيانات إجمالية لا تساعد كثيراً في دراسة الأوضاع المصرفية الحقيقة. كما تكتسب الاستقلالية التامة للبنك المركزي أهمية خاصة، إذ أن الظروف الحالية في المجتمع المصري تحتاج إلى الفصل التام بين السياسة النقدية والمالية عن طريق تدعيم سلطات البنك المركزي وضمان استقلاليته عن السلطات الأخرى في الدولة، ووضع الآليات والوسائل التي تحقق الشفافية الكاملة في أعماله.


[1] الفن توفلر، تحول السلطة...بين العنف والثروة والمعرفة، ترجمة د. فنحى بن شنزان (ليبيا: الدار الجماهيرية للنشر والتوزيع، 1992).

[2] د. هبة الباز، "تداعيات أزمة فيروس كورونا المستجد ودور الشمول المالي في مواجهتها مع الإشارة الى الاقتصاد المصري"، المجلة المصرية للتنمية والتخطيط، المجلد 29، العدد الأول يونيو 2021.

[3] نقلا عن: ياسمين مجدي رجب، ومحمد أحمد صالح، "تأثير تطبيق الشمول المالي على الاستقرار المالي للقطاع المصرفي"، بحث مقدم إلى المؤتمر العلمي الثاني لقسم المحاسبة والمراجعة، جامعة الإسكندرية، كلية التجارة، 20 ديسمبر 2018.

[4] انظر: جون فروست، "من الابتكار الى الشمول المالي"، مجلة التمويل والتنمية، القاهرة، مارس 2021.

[5] البنك الدولى، قاعدة بيانات المؤشر العالمى للشمول المالي،  2017.

[6] المرجع السابق مباشرة.

[7] آلان ويتلى، "مات النقد ...عاش النقد" مجلة التمويل والتنمية، القاهرة، يونيو 2017.

[8] فريق العمل الإقليمي لتعزيز الشمول المالي في الدول العربية، "العلاقة المتداخلة بين الاستقرار المالي والشمول المالي"، صندوق النقد العربي، 2017

[9] د. هبة الباز، مرجع سبق ذكره.

[10] المرجع السابق مباشرة.

[11] ياسمين رجب، مرجع سيق ذكره

[12] هذا التعريف هو ما ذهب إليه قانون البنك المركزى والجهاز المصرفى رقم 194 لسنة 2020.

[13] انجوغونا اتدونغو، ارماندو مورليس، ليديا انديرانغو، "جنى ثمار الثورة الرقمية"، مجلة التمويل والتنمية، القاهرة، يونيو 2016.

[14] الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء، التعداد الاقتصادي عام 2017/2018، القاهرة، 2020.

[15] المرجع السابق مباشرة.

[16] الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء، التعداد الاقتصادى، مرجع سبق ذكره.

[17] الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، التعداد الاقتصادى 2017/2018، ورقة مفاهيم غير منشورة.

[18] البنك المركزى المصري، تقرير الاستقرار المالي للعام 2019.

[19] البنك المركزي المصري، تقرير عن الأوضاع النقدية والائتمانية عن العام المالي 2019/2020 (غير منشور).

[20] صندوق النقد العربي، مرجع سبق ذكره.

[21] جون فيروست، هيون سونج، "من الابتكار الى الشمول المالي"، مجلة التمويل والتنمية، القاهرة، مارس 2021