د. إيمان مرعى

خبير ورئيس تحرير دورية رؤى مصرية - مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية

 

يمثل التراث إرثاً يعكس مسيرة وتطور الحضارة الإنسانية عبر التاريخ، وقد تعرضت المناطق التراثية فى كثير من البلدان إلى تغيرات حضارية واجتماعية أدت إلى تدهورها، بيد أنه اعتبارًا من القرن الماضى ظهرت تيارات فكرية تنادى بأهمية الحفاظ على المناطق التراثية، وذلك لما تمثله هذه المناطق من ثروة قومية، وما تحمله من قيم تاريخية، وثقافية، واقتصادية، واجتماعية.

وعلى الرغم من تنوع الموروث الثقافى والعمرانى فى العالم إلا أنه لا يتم توظيفه بصورة تحقق الاستدامة، مما يهدر من فرص التنمية الاقتصادية، وزيادة الدخل القومى، حيث تشابهت العديد من المناطق العمرانية السياحية وافتقدت الطابع العمرانى المميز لها والانتماء للمنطقة. وتتمثل المشكلة الرئيسة فى صعوبة تحقيق التوازن بين الحفاظ على التراث العمرانى، وبين التنمية السياحية المستدامة. ومن ثم فالأهمية التاريخية للتراث تستوجب وضع استراتيجيات وخطط تهدف إلى تحقيق تنمية سياحية متكاملة ومستدامة بيئياً تحافظ على المناطق التراثية، وتراعى الظروف الاجتماعية للسكان، ومتطلبات المجتمعات؛ وذلك بهدف الاستفادة والمحافظة على هذا المورد المهم.

وفى هذا السياق يحاول هذا العدد من رؤى مصرية إلقاء الضوء على أهمية مناطق التراث باعتبارها أحد أهم روافد التنمية المستدامة، وسياسات دعم وتطوير التراث الثقافى بالمناطق التاريخية وتحديداً مدينة القاهرة، والتعرف على ملامح السياسات العامة للحرف التقليدية فى جمهورية مصر العربية، وتطورها عبر العقود وأبرز الفاعلين لتعزيز التنافسية والإنتاجية، ودور الموروثات الشعبية فى تعميق الهوية، والآليات التى انتهجتها الدول فى مجال حماية التراث، وكذلك التحديات المختلفة ومحاولة إيجاد الحلول المناسبة من خلال إدارة فعالة لمناطق التراث، والحفاظ على محتواها العمرانى والتاريخى.