في الثالث عشر من يناير الجاري، رفض سيرجي ريابكوف نائب وزير الخارجية الروسي، تأكيد أو استبعاد إمكانية نشر بنية تحتية عسكرية روسية في دول خارج أوروبا، مثل كوبا أو فنزويلا. في الوقت نفسه، أكد المتحدث باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف في معرض تعليقه على هذا التصريح، إن "روسيا تفكر في كيفية ضمان أمنها في سياق الوضع الحالي". أثارت هذه التصريحات المتتالية للمسئولين الروس العديد من التساؤلات حول دوافع موسكو للقيام بهذه الخطوة، والعوامل المحددة لقدرتها على ذلك، إلى جانب التداعيات المحتملة على نفوذ الولايات المتحدة وأمنها القومي في نصف الكرة الغربي.
دوافع عديدة
يأتي التهديد الروسي غير المباشر بإمكانية نشر معداتها العسكرية في فنزويلا وكوبا، على لسان كبار مسئوليها، في هذا التوقيت بالتحديد، والذي أعقبه مكالمة هاتفية بين الرئيس الروسي فيلاديمير بوتين ونظيره الفنزويلي نيكولاس مادورو في الحادي والعشرين من يناير الجاري، ركزت على تعزيز التعاون الثنائي في مختلف المجالات الاستراتيجية، مدفوعًا بعدة عوامل، من بينها:
1- تكريس الردع المتبادل: لا يمكن النظر إلى التلويح الروسي بإمكانية نشر أصول عسكرية في فنزويلا وكوبا في هذا التوقيت بالتحديد بمعزل عن التوترات الروسية الأمريكية المتزايدة، على خلفية المخاوف الغربية من غزو روسيا لأوكرانيا مع احتشاد الآلاف من عناصر قواتها المسلحة على الحدود مع الأخيرة، وتهديدات الرئيس الأمريكي جو بايدن بأن هذه الخطوة، في حال حدوثها، ستكون "كارثية" على روسيا. في الوقت الذي تطالب موسكو بضمانات ملزمة قانونية بعدم توسيع عضوية حلف الناتو لتشمل جمهوريات سوفياتية سابقة، مثل أوكرانيا وجورجيا، باعتبار ذلك يُمثّل تهديدًا للأمن القومي الروسي.
بناءً على ذلك، فإن تصريحات المسئولين الروس الأخيرة، لها العديد من الدلالات الرمزية القوية، والتي تكمن في سعي موسكو إلى توجيه رسالة إلى الولايات المتحدة مفادها أنها قادرة على مضاهاة تهديد واشنطن العسكري لها في عمقها الاستراتيجي، من خلال تعزيز روسيا حضورها العسكري والأمني في الفناء الخلفي للولايات المتحدة، وهو ما يعني تهديد أمنها القومي وتحدي نفوذها التاريخي في أمريكا اللاتينية، مما يعكسرغبة روسيا في تشكيل ما يمكن وصفه بـ "التأثير الرادع المتبادل" على واشنطن، وذلك لمواجهة ما تُعده تدخلًا أمريكيًا في فنائها الخلفي، وتحديدًا في أوروبا الشرقية، خاصة في ظل التحركات الأمريكية الأخيرة الداعمة لأوكرانيا.
2- تحقيق المصالح القومية: ترتبط مساعي موسكو لتعزيز حضورها العسكري في نصف الكرة الغربي بمعطيات الجغرافيا السياسية بسبب الأهمية الجيواستراتيجية لمنطقة أمريكا اللاتينية بفعل قربها الجغرافي من الولايات المتحدة. ليس هذا فحسب، بل يتعلق الأمر أيضًا بمحورية مكانة المنطقة في إطار أجندة السياسة الخارجية الروسية. لذلك من الضروري النظر إلى التهديدات الروسية المتكررة بالانتشار العسكري في أمريكا اللاتينية في إطار رؤية أشمل لمساعي موسكو الدؤوبة لتحقيق مصالحها القومية، بما في ذلك فتح أسواق جديدة لمنتجاتها وسلعها وتحقيق مكاسب اقتصادية من مبيعاتها للأسلحة لدول أمريكا اللاتينية.
فخلال الفترة من عام 2006 إلى عام 2016، زادت تجارة روسيا مع أمريكا اللاتينية بنسبة 44٪ لتصل إلى 12 مليار دولار، يتجه ما يقرب من نصف الصفقات التجارية لموسكو إلى البرازيل والمكسيك، وتتركز الاستثمارات الروسية في أمريكا اللاتينية بشكل واضح في قطاع النفط والغاز. وفي الوقت نفسه، عملت روسيا على تعزيز شراكتها الأمنية ووجودها في أسواق الأسلحة بأمريكا اللاتينية، من خلال صفقات الأسلحة التي توجهت غالبيتها إلى فنزويلا.
3- تشكيل تحالف معادي للولايات المتحدة: في الآونة الأخيرة، سعت جهود موسكو إلى الاستفادة من التحولات السياسية الأمريكية التي خلقت توترات في علاقاتها ببعض بلدان المنطقة، وعملت على دعم المرشحين اليساريين المناهضين لواشنطن في الانتخابات في جميع أنحاء أمريكا اللاتينية، كما إنها تحاول توسيع فرص التجارة والاستثمار مع المنطقة.
من شأن انتشار عسكري محتمل لروسيا في بعض دول أمريكا اللاتينية أن يمثل قوة دفع إضافية لجهود بعض القوى المنافسة للولايات المتحدة الرامية إلى تقويض نفوذها في نصف الكرة الغربي، بالتحديد الصين وإيران؛ إذ شهدت السنوات الأخيرة تنسيقًا كبيرًا بين البلدان الثلاثة بشأن الأزمة في فنزويلا والعقوبات الأمريكية على حكومات بعض دول المنطقة، وتبنت هذه البلدان أيضًا نهجًا رافضًا للتدخلات الأمريكية في الشئون الداخلية لدول أمريكا اللاتينية.
محددات أساسية
هناك عدد من العوامل التي من شأنها تحديد مدى قدرة موسكو على نشر أصولها العسكرية في فنزويلا وكوبا، من أبرزها:
1- مآلات الأزمة الأوكرانية: في حال فشلت الولايات المتحدة وروسيا في التوصل لاتفاق بشأن التسوية السلمية لأزمة أوكرانيا، وقيام واشنطن بفرض عقوبات على موسكو إذا قامت بغزوها، فسيكون ذلك بمثابة مبرر قوي لروسيا للمضي قدمًا في تهديداتها بنشر معداتها العسكرية في بعض دول أمريكا اللاتينية. ما يعزز هذا الاحتمال، السوابق التاريخية الكثيرة لقيام موسكو بإرسال معداتها العسكرية إلى فنزويلا، حيث قامت في الأعوام 2008 و2013 و2018 و2019 بإرسال قاذفات القنابل ذات القدرة النووية من طرازTu-160 ، والسفن الحربية ومئة عسكري، إلى جانب بعض المتعاقدين العسكريين وشركات الأمن الخاص الروسية.
جاءت التحركات الروسية السابقة جميعًا تحت غطاء تعزيز التعاون العسكري وتنفيذ تدريبات مشتركة مع فنزويلا. لكنها في الحقيقة كانت محاولة من جانب موسكو لموازنة الضغوط الدولية ضد الممارسات الروسية في جورجيا عام 2008، وفي أوكرانيا في 2013-2014. وجاءت في بعض الأحيان كرد فعل على إعلان واشنطن نيتها الانسحاب من معاهدة القوى النووية متوسطة المدى في عام 2019. في ذات الوقت، استهدفت التحركات العسكرية الروسية في فنزويلا إبراز الدعم للنظام الاشتراكي الحاكم في مواجهة الضغوط الأمريكية المفروضة عليه.
إضافة إلى قيام روسيا بفتح منشآت في نيكاراجوا ظاهريًا للأنشطة المتعلقة بمكافحة المخدرات، وتحدث المسئولون الروس بشكل دوري عن احتمال إعادة فتح مرفق جمع المعلومات الاستخبارية في كوبا، والذي تم إغلاقه في عام 2001، وذلك عقب تفاقم التوترات مع الولايات المتحدة بسبب جورجيا عام 2008.
2- حدود القدرة الروسية: تُمثّل التحديات الاقتصادية التي تواجهها روسيا، قيدًا جوهريًا على قدرتها على الحفاظ على وجود عسكري ذي مغزى في نصف الكرة الغربي؛ إذ يبلغ ناتجها المحلي الإجمالي 1.48 تريليون دولار، ويعتمد اقتصادها القومي بصورة أساسية على عائدات صادرات النفط، والتي تخضع لتقلبات كبيرة في العرض والطلب. يعني هذا محدودية قدرة روسيا على توفير كميات كبيرة من المعدات العسكرية أو تمويل مشاريع استثمارية عن طريق الائتمان لشركاء في المنطقة لفترة طويلة.
يُضاف إلى ذلك أنه من المحتمل أن يكون لانتشار عسكري روسي واسع النطاق، نتائج عكسية على قدرتها العسكرية والاقتصادية والدبلوماسية على تحقيق أهداف عملية عسكرية في أوروبا، في سياق حشد القوات الروسية على نطاق واسع على حدودها مع أوكرانيا ودول أخرى، لأن ذلك سيُضاعف من الأعباء العسكرية والمالية الملقاة على كاهلها.
3- نمط الاستجابة الأمريكية: على الرغم من الصعوبات التي تواجهها الولايات المتحدة في علاقاتها مع المنطقة، فإنها ترتبط بعلاقات تاريخية وبشرية وجغرافية واقتصادية وثيقة معها، مما يمنحها بعض النفوذ والخبرة للتعامل مع تطورات الأوضاع في أمريكا اللاتينية، مع إدراك واشنطن لخطورة التهديدات الروسية فلم يكن مفاجئًا أن يُسارع وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين إلى إجراء اتصال هاتفي مع نظيره البرازيلي كارلوس فرانس، بحث خلاله الحاجة إلى استجابة قوية وموحدة ضد ما وصفه بـ"عدوان روسيا على أوكرانيا". في الوقت نفسه، يمكن للولايات المتحدة البحث عن سبل للرد على عمليات الانتشار العسكرية الروسية في المنطقة بنشر معزّز للقوات الأمريكية في المناطق المجاورة لروسيا وبتوفير أنظمة دفاعية وقدرات أخرى للدول المتضررة من التهديدات الروسية.
في حال فشلت الولايات المتحدة في مقاومة التهديدات العسكرية الروسية العلنية لها في المنطقة، فسيكون من الصعب عليها مستقبلًا الدفاع عن أمنها وأمن جيرانها في أمريكا اللاتينية، خاصة أن التهديدات الروسية بالانتشار العسكري في فنزويلا وكوبا، تصادف الذكرى الـ60 لنصب الصواريخ الباليستية السوفييتية في كوبا ردًا على نشر صواريخ أمريكية، في تركيا وإيطاليا، وهو ما جعل العالم وقتها على حافة حرب نووية مدمرة.
4- صعود اليسار اللاتيني: في حين شكّل وصول مرشحي تيار اليمين إلى السلطة في بعض دول أمريكا اللاتينية خلال السنوات الأخيرة، عقبة أمام التقارب الروسي مع تلك الدول، بالتحديد البرازيل، التي أعربت في عام 2017، عن اهتمامها بنظام الدفاع الصاروخي بانتسيرS-1 الروسي، لكن فوز جايير بولسونارو في انتخابات 2018 تسبب في تحول السياسة الخارجية البرازيلية بقوة في اتجاه موالٍ للولايات المتحدة.
من ناحية أخرى، من المرجح أن يكون وصول شخصيات محسوبة على تيار اليسار إلى سدة الحكم في أمريكا اللاتينية، بمثابة فرصة ثمينة لروسيا لتعزيز شراكاتها الأمنية والاقتصادية مع دول المنطقة، خاصة في هندوراس وتشيلي وبيرو. ليس هذا فحسب، بل إن التحول الحالي إلى اليسار في أمريكا اللاتينية قد يمهد الطريق أمام روسيا لإيجاد قاعدة أكثر تماسكًا لتنسيق المواقف المشتركة مع الدول المتعاونة معها في نصف الكرة الغربي داخل المحافل الدولية والمنتديات متعددة الأطراف، والتي يمكن أن توظفها واشنطن للضغط على روسيا، حال اجتاحت الأراضي الأوكرانية.
تداعيات محتملة
كجزء من استراتيجيتها العالمية، تلجأ روسيا إلى نهج استعراض القوة المسلحة في محاولة لتقويض القيادة الأمريكية وتحدي نفوذ واشنطن في نصف الكرة الغربي، ويمكن أن يكون لانتشارها العسكري هناك بعض التداعيات من بينها:
1- تهديد جزئي للأمن الأمريكي: تُعد عمليات الانتشار العسكري الدوري لروسيا في المنطقة منذ عام 2008 وتهديدها الحالي بنشر قوات عسكرية في كوبا أو فنزويلا، تهديدًا مباشرًا ومتعمدًا للولايات المتحدة، بالنظر إلى أن روسيا صاحبة ثاني أقوى جيش في العالم وهي قوة مسلحة نووية لديها القدرة على تشكيل تهديد استراتيجي حقيقي، وإن كان محدودًا، على الولايات المتحدة من خلال إرسال أصولها العسكرية إلى نصف الكرة الغربي؛ حيث من المحتمل أن يقتصر التهديد العسكري الروسي على جمع المعلومات الاستخباراتية، وتنفيذ عمليات تجسس سيبراني، على أقل تقدير.
مع ذلك، فإن التهديد العسكري الروسي للأمن القومي الأمريكي، انطلاقًا من أمريكا اللاتينية، سوف يحدث لا محالة في حال تضمنت الأصول العسكرية التي تنوي موسكو نشرها، صواريخ كروز التي تعمل بالطاقة النووية، أو في حال نجحت روسيا في إقامة وجود عسكري دائم لها في المنطقة.
إضافة إلى ما سبق، فإن العلاقات الروسية الوثيقة مع أمريكا اللاتينية - سواء كانت مبنية على مبيعات الأسلحة، أو التجارة، أو صفقات الطاقة، أو التوافق السياسي أو الدعاية الإعلامية- سوف تفرض على الأرجح تحديات أمام السياسة الخارجية الأمريكية، وستزيد من توتر علاقاتها بدول أمريكا اللاتينية. في الوقت ذاته، فإن التوترات المستمرة في العلاقات الأمريكية - اللاتينية توفر حافزًا إضافيًا لموسكو لمواصلة بناء الجسور مع دول المنطقة، في ظل تركيز وسائل الدعاية الروسية على تأجيج المشاعر المعادية للولايات المتحدة في أمريكا اللاتينية.
2- تقوية النفوذ الروسي: انخرطت روسيا خلال السنوات الماضية في حملة واسعة لإظهار مكانتها كقوة عالمية على الساحة الدولية، والترويج لمصالح اقتصادية وتجارية وعسكرية روسية محددة في أمريكا اللاتينية. ونجحت في تعزيز علاقات الشراكة والتعاون الأمني والاقتصادي مع بعض دولها. تفرض القدرات الروسية في مجالات مختارة نفوذًا لتعزيز مشاركتها على نطاق أوسع فيالتفاعلات العسكرية والسياسية الروسية في المنطقة، مستفيدة في ذلك من خبرة التعامل والمعرفة السابقة بمنطقة أمريكا اللاتينية خلال حقبة الحرب الباردة.
يشمل هذا بعض كبار الضباط والقادة السياسيين في أمريكا اللاتينية الذين تدربوا في روسيا أو تلقوا تعليمهم في المؤسسات الروسية. تشمل الأسس التاريخية التي تبني عليها روسيا في المنطقة أيضًا المعدات العسكرية الروسية القديمة في بلدان مثل كوبا ونيكاراجوا وبيرو وفنزويلا، والتي يمكن القول إنها تنشئ قاعدة للمشاركة العسكرية الروسية في الوقت الراهن، بما في ذلك عقود صيانة وتجديد تلك المعدات وبيع معدات جديدة لجيوش دول المنطقة.
شجعت هذه المقومات روسيا على الإعلان في عام 2018 عن عزمها إقامة قاعدة جوية في "لا أورتشيلا" إحدى جزر بحر الكاريبى التابعة لفنزويلا، مما يمهد الطريق أمامها لإقامة وجود عسكري دائم لها في أمريكا اللاتينية، وهو ما سيمثل نقطة تحول جوهرية في الحضور الروسي في نصف الكرة الغربي، وسيدشن لمرحلة جديدة من التعاون العسكري مع بعض الدول اللاتينية، وفي مقدمتها كوبا ونيكاراجوا وفنزويلا، غير أن هذه البلدان لا توفر بمفردها كتلة حرجة كافية للسماح لموسكو بتشكيل اتجاه عام مؤيد لسياستها في المنطقة.
3- انعكاسات مزدوجة على دول المنطقة: من المحتمل أن يؤدي تلويح روسيا بنشر معداتها العسكرية في فنزويلا وكوبا، إلى تهديد أمن بعض الدول الأخرى، بالتحديد كولومبيا، التي تربطها علاقات تحالف مع الولايات المتحدة، ولديها حدود مشتركة مع فنزويلا، حيث كثيرًا ما تحدث مناوشات بين جيشي البلدين، مع تكثيف التواجد الأمني من الجانبين على الحدود بين البلدين، بدعوى محاربة عصابات الجريمة المنظمة.
تأتي التهديدات الروسية الأخيرةفي ظل سوابق قيام موسكو بتوظيف قدرتها المعلوماتية والاستخباراتية لإثارة عدم الاستقرار وتقويض الأنظمة المتحالفة مع الولايات المتحدة في القارة اللاتينية. في هذا الإطار، اتهمت الحكومتان الكولومبية والتشيلية، نشطاء وسائل التواصل الاجتماعي الروسية بالمساهمة في تأجيج الاحتجاجات في بلادهم.
على الجانب الآخر، قد تنظر بعض دول أمريكا اللاتينية، التي لديها توجهات معادية للولايات المتحدة لمساعي روسيا لتعزيز حضورها العسكري في نصف الكرة الغربي، باعتباره "نافذة فرصة"، تمكنها من تنويع علاقاتها الدولية وتقوية علاقاتها مع قوة كبرى عالمية، يمكن أن تكون بمثابة "ثقل موازن" للحضور الأمريكي هناك. يمكن أن يُسهم التعاون العسكري المتزايد بين روسيا وفنزويلا وكوبا في تخفيف الضغوط الأمريكية المفروضة عليها.
من جملة ما سبق يمكن القول إن السعى الروسي للحصول على موطئ قدم في أمريكا اللاتينية يعكس استراتيجية تقليدية من جانب موسكو، كما أن التلويح بنشر أصولها العسكرية هناك ليس بالأمر بالجديد، وهو ما يُنذر بعودة واضحة إلى تكتيكات الحرب الباردة. وفي الوقت الراهن، تواجه الولايات المتحدة تحديات عسكرية واستخباراتية محتملة إذا كانت موسكو قادرة على إقامة وجود عسكري مادي أكبر لها في المنطقة.
ومع استمرار المساعي الروسية لتعزيز حضورها العسكري في أمريكا اللاتينية، والذي يأتي مقترنًا بالنفوذ الاقتصادي الصيني المتنامي هناك، فإن القيادة الأمريكية وهيمنتها معرضة للخطر لصالح قوى أخرى غير غربية. وإذا لم تسارع واشنطن باتخاذ خطوات حاسمة ومحددة تمكنها من الظهور كشريك موثوق في مواجهة التحديات المشتركة التي تواجهها دول المنطقة، فسوف يتعرض أمنها وأمن حلفائها في نصف الكرة الغربي لتهديدات خطيرة في المستقبل.